الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَارِثِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ عِنْدَ مَنَامِي، قَالَ:«إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ مِنَ اللَّيْلِ فَاقْرَأْ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ» والله أعلم.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ عن معقل الزبيدي عن عبد البر أخضر أو أحمر أن رسول الله كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قَرَأَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ حَتَّى يَخْتِمَهَا.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة الكافرون (109) : الآيات 1 الى 6]
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنا عابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ (4)
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
هَذِهِ السُّورَةُ سُورَةُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي يَعْمَلُهُ الْمُشْرِكُونَ، وَهِيَ آمِرَةٌ بالإخلاص فيه فقوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ يشمل كُلَّ كَافِرٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَلَكِنَّ الْمُوَاجَهِينَ بِهَذَا الْخِطَابِ هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ، وَقِيلَ إِنَّهُمْ مِنْ جَهْلِهِمْ دَعَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عِبَادَةِ أَوْثَانِهِمْ سَنَةً، وَيَعْبُدُونَ مَعْبُودَهُ سَنَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ السُّورَةَ وَأَمَرَ رَسُولَهَ صلى الله عليه وسلم فِيهَا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ دِينِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ فَقَالَ: لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ يَعْنِي مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَهُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شريك له، فما هَاهُنَا بِمَعْنَى مَنْ، ثُمَّ قَالَ: وَلا أَنا عابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ أَيْ وَلَا أَعْبُدُ عِبَادَتَكُمْ أَيْ لَا أَسْلُكُهَا وَلَا أَقْتَدِي بِهَا وَإِنَّمَا أَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَلِهَذَا قَالَ: وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ أَيْ لَا تَقْتَدُونَ بِأَوَامِرَ اللَّهِ وَشَرْعِهِ فِي عِبَادَتِهِ، بَلْ قَدِ اخْتَرَعْتُمْ شَيْئًا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِكُمْ كَمَا قَالَ: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى [النَّجْمِ: 23] .
فَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ مَا هُمْ فِيهِ، فَإِنَّ الْعَابِدَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْبُودٍ يعبده وعبادة يسلكها إليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم وَأَتْبَاعُهُ يَعْبُدُونَ اللَّهَ بِمَا شَرَعَهُ، وَلِهَذَا كَانَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَيْ لَا مَعْبُودَ إِلَّا اللَّهُ ولا طريق إليه إلا مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وَالْمُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ عِبَادَةً لَمْ يَأْذَنْ بِهَا اللَّهُ، وَلِهَذَا قَالَ لَهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [يُونُسَ: 44] وَقَالَ: لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ [الشورى: 15] .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ «1»
يُقَالُ: لَكُمْ دِينُكُمْ الْكَفْرُ وَلِيَ دِينِ الْإِسْلَامُ وَلَمْ يَقُلْ دِينِي لِأَنَّ الْآيَاتِ بِالنُّونِ فَحُذِفَ الْيَاءُ كَمَا قَالَ: فَهُوَ يَهْدِينِ ويَشْفِينِ [الشُّعَرَاءِ: 80] وَقَالَ غَيْرُهُ:
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ الْآنَ وَلَا أُجِيبُكُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ: وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً [الْمَائِدَةِ: 64] انْتَهَى مَا ذكره.
(1) كتاب التفسير، تفسير سورة 109، في الترجمة. [.....]