الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
فرض فيهن الحج أي أوجبه على نفسه، والرفث لغة قول الفحش، وشرعا قربان النساء، والفسوق لغة التنابز بالألقاب كما جاء في قوله تعالى «وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ» وشرعا الخروج عما حدده الشارع للمحرم إلى ما كان مباحا في الحل كالصيد والطيب والزينة باللباس المخيط. والجدال المراء والخصام، ويكثر عادة بين الرفقة والخدم في السفر، لأنه مشقة تضيق بها الصدور، والزاد هو الأعمال الصالحة وما يدّخر من الخير والبر، والتقوى هى ما يتقى به سخط الله وغضبه من أعمال الخير والتنزه عن المنكرات والمعاصي.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أعمال الحج وبين ما يجب على المحصر أن يفعله من ذبح الهدى وعدم الحلق حتى يبلغ الهدى محله، ثم ذكر حكم من لم يجد ذلك، أعقب هذا بذكر زمان الحج، وما يجب على من أوجب على نفسه الحج من ترك الرفث والفسوق والجدال، ثم ختم ذلك بطلب التمسك بالآداب الصالحة والتزود بها ليوم المعاد، فهى خير زاد، كما طلب خشيته تعالى والخوف من عقابه.
الإيضاح
(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) أي لأداء فريضة الحج أشهر معلومة لدى الناس، وهى شوال وذو القعدة وعشر ذى الحجة، وهذا هو المروي عن ابن عباس، وجرى عليه أبو حنيفة والشافعي وأحمد.
وفي قوله: معلومات، إقرار لما كان عليه العرب في الجاهلية من اعتبار هذه الأشهر أشهرا للحج، ونقل ذلك بالتواتر العملىّ من لدن إبراهيم وإسماعيل، وجاء الإسلام مقررا لما عرف ولم يغيره.
وفائدة توقيت الحج بهذه الأشهر معرفة أن أفعال الحج لا تصح إلا فيها، وإن كان الإحرام يصح في غيرها، لأنه شرط للحج فيجوز تقديمه على وقت أدائه كتقديم الطهارة على أداء الصلاة.
(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) أي فمن أوجبه على نفسه بالإحرام فيهن أو بالتلبية أو بسوق الهدى، لأن الحج عبادة لها تحريم وتحليل، فلا يكفى للشروع فيه مجرد النية بل لا بد من فعل به يشرع فيه.
(فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) أي لا يفعل الحاج شيئا من هذه الأفعال لأنه مقبل على الله قاصد لرضاه، فينبغى أن يتجرد عن عاداته وعن التمتع بنعيم الدنيا، وينسلخ عن مفاخره ومميزاته عن غيره بحيث يتساوى الغنى والفقير والصعلوك والأمير، وفي هذا تهذيب للنفس وإشعار لها بالعبودية لله تعالى.
وقد جاء في الصحيحين عن أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال «من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» .
إلى ما في ذلك من تعظيم شأن الحرم وتغليظ أمر الإثم فيه، لأن المرء في أوقات العبادة ومناجاة الله، يجب أن يكون على أكمل الآداب وأفضل الأحوال، وللمرء في المجتمع من الآداب ما ليس له حين الخلوة، وله في مجلس السلطان ما ليس له مع الإخوان.
(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا لتصفو نفوسكم وتتخلى عن الرذائل وتتحلى بالفضائل، وتكون أكثر استعدادا لعمل الخير، وأطوع لامتثال أوامر الشرع، والله يعلم ما تفعلون، فيجازيكم بأعمالكم ويثيبكم على أفعالكم.
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) أي واتخذوا التقوى زادكم لمعادكم، فإنها خير زاد.