الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسارة، وهي ابنة عمه، وكانت آمنت به، وكانت تحت نكاحه {إِنِّي مُهَاجِرٌ}؛ في: تارك لقومي وذاهب {إِلَى رَبِّي} أي إلى مكان أمرني روح بالتوجه إليه. قال قتادة: هاجر إبراهيم أو كوثي، وهي قرية أو سواد الكوفة إلى حران مع لوط وسارة زوجته، ثم منها إلى الشام فنزل فلسطين، ونزل لوط سذوم، وكان عمر إبراهيم إذ ذاك خمسًا وسبعين سنة، وهو أول أو هاجر من أرض الكفر.
وقال زاده (1): يجب الوقف على لوط؛ لأن قوله: {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ} من مقول إبراهيم، فلو وُصل لتوهم أن الفعل الثاني للوط فيفسد المعنى. اهـ وهذا على قتل الجمهور، إن الضمير في {قَالَ} لإبراهيم، وقيل: إنه للوط؛ أي: وقال لوط إني مهاجر إلى روح، إلخ، حكاه القرطبي، وعلى هذا فلا يتعين الوقف على لوط، بل يصح وصله بما بعده، اهـ. والأول أولى لرجوع الضمير في {وَوَهَبْنَا لَهُ} إلى إبراهيم.
{إِنَّهُ} سبحانه وتعالى {هُوَ الْعَزِيزُ} ؛ أي: الغالب على أمره فيمنعني أو أعدائي {الْحَكِيمُ} الذي لا يفعل إلا ما فيه حكمة ومصلحة، فلا يأمرني إلا بما فيه صلاحي، ومن لم يقدر في بلدة على طاعة الله، فليخرج إلى بلدة أخرى، وفي "التأويلات النجمية" {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ}؛ أي: من الله أعز أو أن يصل إليه أحد، إلا بعد مفارقته لغيره {الْحَكِيمُ} الذي لا يقبل بمقتضى حكمته إلا طيبًا من لوث أنانيته.
27
- {وَوَهَبْنَا لَهُ} ؛ أي: لإبراهيم أو عجوز عاقر، وهي سارة {إِسْحَاقَ} ولدًا لصلبه؛ أي: من بعدما وهبنا له إسماعيل أو هاجر بأربع عشرة سنة. {وَيَعْقُوبَ} نافلة، وهي ولد الولد حين أيس من الولادة، قال القاضي (2): ولذلك لم يذكر إسماعيل، يعني أن المقام مقام الامتنان، والامتنان بهما أكثر لما ذكر، روي أن الله تعالى وهب له أربعة أولاد، إسحاق أو سارة، وإسماعيل من هاجر، ومدين ومداين من غيرهما.
(1) الفتوحات.
(2)
روح البيان.
{وَجَعَلْنَا في ذُرِّيَّتِهِ} ؛ أي في ذرية إبراهيم ونسله، يعني: في بني إسماعيل وبني إسرائيل {النُّبُوَّةَ} والرسالة، فكثر منهم الأنبياء، يقال أخرج من ذريته ألف نبي، وكان شجرة الأنبياء {وَالْكِتَابَ}؛ أي: جنس الكتاب المتناول الكتب الأربعة، يعني التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، فلم ينزل بعده كتاب إلا على ذريته. {وَآتَيْنَاهُ}؛ أي: أتينا إبراهيم وأعطيناه {أَجْرَهُ} وجزاءه بمقابلة هجرته إلينا {في الدُّنْيَا} بإعطاء الولد في غير أوانه، والمال والذرية الطيبة، واستمرار النبوة فيهم، وانتماء أهل الملل إليه، والثناء الحسن، والصلاة عليه إلى آخر الدهر.
أي (1): فبدل الله سبحانه وحدته بكثرة الذرية، وبدل قومه الضالين بقوم مهتدين، وهم ذريته الذين جعل فيهم النبوة والكتاب، وكان لا مال له ولا جاء، وهما غاية اللذة في الدنيا، فأكثر ماله وعظم جاهه، فصارت تقرن الصلاة عليه بالصلاة على سائر الأنبياء، وصار معروفًا بأنه شيخ الأنبياء، بعد أو كان خاملَ الذكر حتى قال قائلهم:{سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} وهذا لا يقال إلا في المجهول بين الناس، إلى أنه تعالى اتخذه خليلًا وجعله للناس إمامًا، وقيل (2): أعطاه في الدنيا عملًا صالحًا وعاقبةً حسنةً.
{وَإِنَّهُ} أي: وإن إبراهيم {في الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} ؛ أي: لفي عداد الكاملين في الصلاح والتقوى، والمستحقين لتوفير الأجر، وكثرة العطاء، والفوز بالدرجات العلى أو لدن رب العلمين، وهم الأنبياء وأتباعهم صلوات الله وسلامه عليهم، وقصارى أمره أنه سبحانه جمع له بين سعادة الدارين، وآتاه الحسن في الحياتين.
ثم اعلم (3): بأن الله سبحانه وتعالى منَّ على إبراهيم عليه السلام بهبة الولد، والولد الصالح الذي يدعى لوالديه أو الأجور الباقية الغير المنقطعة،
(1) المراغي.
(2)
الشوكاني.
(3)
روح البيان.