الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابن عمها يوسف النجار، ولم يقربها، وإنما تزوجها لمرافقتها إلى مصر، لما أرادت الذهاب إلى مصر بولدها عيسى عليه السلام وأقاموا بها اثنتي عشرة سنة، ثم عادت مريم وولدها إلى الشام، ونزلا الناصرة، واْخت موسى لم يُذكر أنها تزوجت. انتهى.
{قُصِّيهِ} ؛ أي: اتَّبعي أثر موسى وتتبعي خبره، وفتشي نبأه، وانظري أين وقع حتى تعرفي خبره. وقوله:{فَبَصُرَتْ بِهِ} معطوف على محذوف، تقديره: فاتَّبعته أخته، فبصرت به؛ أي: أبصرته.
{عَنْ جُنُبٍ} أي: عن بُعد، ولا توهم أنها تراه {وَهُمْ}؛ أي: والحال أن آل فرعون {لَا يَشْعُرُونَ} ؛ أي: لا يعلمون أنها تقصه، وتتعرف حاله، أو أنها أخته.
والمعنى: أي قالت أم موسى لأخته مريم: تتبعي أثره، وتسمعي خبره، وانظري أين وقع، وإلى من صار، فتتبعته فأبصرته من مكان بعيد اختفاء من الناس، والحال أنهم لا يشعرون أنها تقصه، وتتعرف حاله، وأنها أخته، وتطلبه وتبصره.
وقرأ الجمهور (1): {عَنْ جُنُبٍ} بضمتين، وقرأ قتادة والحسن والأعرج وزيد بن علي:{جنب} بفتح وسكون، وعن قتادة بفتحهما أيضًا، وعن الحسن بضم الجيم وإسكان النون، وقرأ النعمان بن سالم عن جانب، والجُنُب والجانب والجنابة والجناد بمعنى واحد، وقال قتادة: معنى عن جنب أنها تنظر إليه كأنها لا تريده، وقرأ الجمهور:{فَبَصُرَتْ} بفتح الباء وضم الصاد، وقرأ قتادة:{فبصَرت} بفتح الصاد، وعيسى: بكسرها.
12
- ثم شرع سبحانه يذكر أسباب رده إليها فقال: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} التحريم هنا بمعنى المنع، كما في قوله تعالى:{فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} لأنه لا معنى للتحريم على صبي غير مكلف؛ أي (2): منعنا موسى أن يرضع من
(1) البحر المحيط.
(2)
روح البيان.
المرضعات، ويشرب لبن غير أمه، بأن أحدثنا فيه كراهة ثدي النساء والنفار عنها، {مِنْ قَبْلُ} أي: من قبل تقصي أخته أثره، أو من قبل أن نرده على أمه، كما قال في "الجلالين"، أو من قبل مجيء أمه كما قاله أبو الليث، أو في القضاء السابق؛ لأنا أجرينا القضاء بأن نرده إلى أمه كما في "كشف الأسرار".
أي (1): منعنا موسى أن يرتضع من المرضعات التي أحضرها فرعون من قبل مجيء أمه، قال الضحاك: كانت أمه قد أرضعته ثلاثة أشهر حتى عرف ريحها، وروي (2) أن موسى مكث ثمان ليال لا يقبل ثديًا وهو يصيح، فقالوا لأخت موسى بعد نظرها له، وقربها منه: هل عندك مرضعة تدلينا عليها، لعله يقبل ثديها.
{فَقَالَتْ} ؛ أي: أخت موسى لآل فرعون، عند عدم قبوله ثدي أحد من المرضعات {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ} أي: يربونه {لَكُمْ} ويضمنون رضاعه، ويقومون بجميع مصالحه {وَهُمْ}؛ أي: والحال أن أهل ذلك البيت {لَهُ} أي: لهذا الغلام {نَاصِحُونَ} ؛ أي: حافظون يبذلون النصح في أمره، ولا يقصرون في إرضاعه وتربيته.
قال السدي: لما قالت مريم ذلك أخذوها، وقالوا: إنك قد عرفت هذا الغلام، فدلينا على أهله، فقالت: ما أعرفه، روي أنهم قالوا لها: من يكفل؟ قالت: أمي، قالوا: ألأمك لبن؟ قالت: نعم لبن هارون، وكان هارون وُلد في سنة لا يقتل فيها صبي، فقالوا صدقت.
روي (3): أن هامان لما سمعها قال: إنها لتعرفه وأهله، خذوها حتى تخبر من له؟ فقالت: إنما أردت وهم للملك ناصحون، تعني أرجعت الضمير إلى الملك، لا إلى موسى، تخلصًا من يده، فقال هامان: دعوها لقد صدقت، فأمرها فرعون بأن تأتي بمن يكفله، فأتت بأمه، وموسى على يد فرعون يبكي،
(1) المراح.
(2)
المراح.
(3)
روح البيان.