الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا مربي ويا مالك أمري {إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ} ؛ أي: من القوم، وهم القبط {نَفْسًا} وهو فاتون خباز فرعون، الذي وكزه موسى فقضى عليه {فَأَخَافُ} منهم {أَنْ يَقْتُلُونِ} ـي بمقابلتها،
34
- {وَأَخِي هَارُونُ} بن عمران {هُوَ أَفْصَحُ} وأبين {مِنِّي لِسَانًا} ؛ أي: كلامًا، وكان في لسان موسى عقدة من قبل الجمرة التي تناولها، وأدخلها فاه، تمنعه عن إعطاء البيان حقه، ولذلك قال فرعون ولا يكاد يبين {فَأَرْسِلْهُ}؛ أي: فأرسل أخي هارون إلى فرعون وقومه {مَعِيَ} حال كونه {رِدْءًا} ؛ أي: معينًا {يُصَدِّقُنِي} بالرفع إما صفة لـ {رِدْءًا} ؛ أي (1): معينًا مصدقًا لي بتلخيص الحق، وتقرير الحجة وتوضيحها وتزييف الشبهة وإبطالها، لا بأن يقول له: صدقت، أو للقوم: صدِّقوه، يؤيد ذلك المعنى قوله:{هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} لأن ذلك يقدر عليه الفصيح وغيره، كما في "فتح الرحمن"، أو حال من مفعول {أرسله} ، أو مستأنف، وبالجزم على جواب الأمر.
وقرأ الجمهور (2): {رِدْءًا} بالهمز، وأبو جعفر ونافع والمدنيَّان بحذف الهمزة، ونقل حركتها إلى الدال، والمشهور عن أبي جعفر بالنقل، ولا همز ولا تنوين، ووجهه: أنه أجرى الوصل مجرى الوقف، وقرأ عاصم وحمزة:{يصدقني} بضم القال، فيحتمل الأوجه الثلاثة السابقة، وقرأ باقي السبعة: بالإسكان، وقرأ أُبيُّ وزيد بن علي:{يصدقوني} والضمير لفرعون وقومه، قال ابن خالويه: هذا شاهد لمن جزم، لأنه لو كان رفعًا لقال: يصدقونني. انتهى، والمعنى في يصدقوني: أرجو تصديقهم إياي.
{إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} ـي إذا لم يكن معي هارون، لعدم انطلاق لساني بالمحاجة؛ أي: أخاف أن يردوا كلامي، ولا يقبلوا مني دعوتي، ولساني لا يطاوعني عند المحاجة.
ومعنى الآية: أي قال موسى: يا رب إني قتلت من قوم فرعون نفسًا،
(1) روح البيان.
(2)
البحر المحيط.
فأخاف إن أتيتهم ولم أُبن عن نفسي بحجة أن يقتلوني، لأن ما في لساني من عقدة يحول بيني وبين ما أريد من الكلام، وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا، وأحسن بيانًا، فأرسله معي عونًا، يُلخِّص بلسانه الفصيح وجوه "الدلائل" ويجيب عن الشبهات، ويجادل هؤلاء الجاحدين المعاندين، وإني أخاف أن يكذبوني، ولساني لا يطاوعني حين المحاجة.
الإعراب
{وَجَاءَ رَجُلٌ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، أو معطوفة على محذوف معلوم من السياق، تقديره: فذهب القبطي الذي سمع ما قاله الإسرائيلي، وقد علم أن موسى هو قاتل القبطي الأول إلى فرعون، وأخبره بجلية الأمر، فغضب فرعون، فأمر بقتل موسى، وإلقاء القبض عليه، وجاء رجل إلى موسى بطريق أقرب من طريقهم. {مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {جَاءَ} ، أو صفة لـ {رَجُلٌ} ، وجملة {يَسْعَى} صفة لـ {رَجُلٌ} ، أو حال منه، إن قلنا إن الجار والمجرور فيما قبله صفة لـ {رَجُلٌ} ، لتخصصه بالصفة حينئذٍ {قَالَ}: فعل ماض وفاعل مستتر يعود على {رَجُلٌ} ، والجملة معطوفة بعاطف مقدر على جملة {جَاءَ} ، {يَا مُوسَى}: منادى مفرد العلم، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ} ، {إِنَّ الْمَلَأَ} ناصب واسمه، وجملة {يَأْتَمِرُونَ} خبر {إنَّ} ، و {بِكَ} متعلق بـ {يَأْتَمِرُونَ}؛ أي: يتشاورون فيك، من الائتمار بمعنى التشاور، وجملة {إنَّ} في محل النصب مقول {قَالَ} ، {لِيَقْتُلُوكَ} {اللام}: حرف جر وتعليل. {يقتلوك} : فعل وفاعل ومفعول به منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، والجملة الفعلية مع أن المضمرة في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لقتلهم إياك، الجار والمجرور متعلق بـ {يَأْتَمِرُونَ}. {فَاخْرُجْ} {الفاء}: فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت ما قلت لك، وأردت بيان ما
هو النصيحة لك فأقول لك: اخرج، {اخرج}: فعل أمر وفاعل مستتر، والجملة الفعلية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قَالَ} ، {إِنِّي}: ناصب واسمه، {لَكَ} جار ومجرور متعلق بـ {النَّاصِحِينَ} ، {مِنَ النَّاصِحِينَ}: خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قَالَ}. {فَخَرَجَ} {الفاء}: عاطفة على محذوف، تقديره: فقبل موسى نصيحته فخرج، {خرج}: فعل ماض وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة معطوفة على تلك المحذوفة، {مِنْهَا}: متعلق بـ {خرج} ، {خَائِفًا}: حال من فاعل {خرج} ، {يَتَرَقَّبُ}: فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، ومفعول يترقب محذوف؛ أي: الشر، أو لحوقهم به، وقيل: يترقب غوث الله، والأول أنسب بالسياق، وجملة {يَتَرَقَّبُ} في محل النصب حال ثانية من فاعل {خرج} ، {قَالَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة الفعلية في محل النصب حال ثالثة من فاعل {خرج} ، {رَبِّ}: منادى مضاف، حذف منه حرف النداء، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ} ، {نَجِّنِي}: فعل دعاء، ونون وقاية، ومفعول به، وفاعل مستتر يعود على {رَبِّ} ، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء، {مِنَ الْقَوْمِ} متعلق بـ {نَجِّنِي} {الظَّالِمِينَ} صفة لـ {الْقَوْمِ} .
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22)} .
{وَلَمَّا} {الواو} : استئنافية، {لمّا}: حرف شرط غير جازم، {تَوَجَّهَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة فعل شرط للما، لا محل لها من الإعراب، {تِلْقَاءَ مَدْيَنَ}: ظرف مكان ومضاف إليه متعلق بـ {تَوَجَّهَ} ، و {مَدْيَنَ}: ممنوع الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي. {قَالَ} : فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة جواب {لَمَّا} ، وجملة {لَمَّا} مستأنفة، {عَسَى}: فعل ماض جامد من أفعال الرجاء، {رَبِّي}: اسمها، {أَنْ}: حرف نصب ومصدر، {يَهْدِيَنِي}: فعل مضارع، وفاعل مستتر ونون وقاية، ومفعول به، {سَوَاءَ السَّبِيلِ}: منصوب بنزع الخافض، أو مفعول ثان على
التوسع، والجملة الفعلية مع {أَنْ} المصدرية في تأويل مصدر منصوب على كونه خبر {عَسَى} ، ولكنه على تأويل اسم الفاعل؛ أي: عسى ربي هاديًا لي إلى سواء السبيل، وجملة {عَسَى} في محل النصب مقول {قَالَ} .
{وَلَمَّا} {الواو} : عاطفة، {لَمَّا}: حرف شرط غير جازم، {وَرَدَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، {مَاءَ مَدْيَنَ}: مفعول به، ومضاف إليه، مجرور بالفتحة، لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف العلمية والتأنيث المعنوي، والجملة فعل شرط لـ {لما} لا محل لها من الإعراب، {وَجَدَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر، {عَلَيْهِ}: متعلق بـ {وَجَدَ} ؛ لأن وجد هنا بمعنى لقي، يتعدى لمفعول واحد، {أُمَّةً}: مفعول به لـ {وَجَدَ} ، {مِنَ النَّاسِ}: صفة لـ {أُمَّةً} ، وجملة {يَسْقُونَ} صفة ثانية لـ {أُمَّةً} ، وجملة {وَجَدَ} جواب {لَمَّا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لَمَّا} معطوفة على جملة {لَمَّا} الأولى. {وَوَجَدَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر، معطوف على جملة {وَجَدَ} الأولى، {مِنْ دُونِهِمُ}: جار ومجرور متعلق بـ {وَجَدَ} ؛ أي: في مكان أسفل منهم، {امْرَأَتَيْنِ} مفعول به، وجملة {تَذُودَانِ} صفة لـ {امْرَأَتَيْنِ} ، {قَالَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر، معطوف بعاطف مقدر على {وَجَدَ} الثاني؛ أي: فقال لهما، {مَا}: اسم استفهام للاستفهام الاستخباري، في محل الرفع مبتدأ، {خَطْبُكُمَا}: خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قَالَ} ، {قَالَتَا} {قال}: فعل ماض، و {التاء} علامة تأنيث الفاعل، وحركت بالفتح لمناسبة ألف التثنية، والألف فاعل، والجملة مستأنفة، {لَا}: نافية، {نَسْقِي}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، والجملة في محل النصب مقول {قَالَتَا} ، {حَتَّى}: حرف جر وغاية، {يُصْدِرَ}: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد {حَتَّى} ، بمعنى إلى، {الرِّعَاءُ}: فاعل مرفوع، والجملة في تأويل مصدر مجرور بـ {حَتَّى}
بمعنى إلى، والتقدير: إلى إصدار الرعاء عن الماء، الجار والمجرور متعلق بـ {نَسْقِي} ، {وَأَبُونَا}: مبتدأ، {شَيْخٌ}: خبر، {كَبِيرٌ}: صفة {شَيْخٌ} ، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {نَسْقِي} .
{فَسَقَى} {الفاء} : حرف عطف وتفريع، {سقى}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة معطوفة على جملة {قَالَتَا} ، {لَهُمَا}: جار ومجرور متعلق بـ {سقى} ، ومفعول السقي محذوف؛ أي: فسقى غنمهما لأجلهما، {ثُمَّ}: حرف عطف وترتيب، {تَوَلَّى}: فعل ماض، وفاعل مستتر، معطوف على {سقى} ، {إِلَى الظِّلِّ}: متعلق بـ {تَوَلَّى} . {فَقَالَ} {الفاء} عاطفة، {قال}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، معطوف على {تَوَلَّى} . {رَبِّ} منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ} ، {إِنِّي}: ناصب واسمه، {لِمَا} {اللام}: حرف جر، {ما}: اسم موصول، أو موصوفة في محل الجر باللام، الجار والمجرور متعلق بـ {فَقِيرٌ} ، {أَنْزَلْتَ}: فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد محذوف، تقديره: لما أنزلته، {إِلَيَّ}: جار ومجرور متعلق بـ {أَنْزَلْتَ} ، {مِنْ خَيْرٍ}: حال من {ما} ، أو من العائد المحذوف، {فَقِيرٌ}: خبر {إن} ، وعدي {فَقِيرٌ} باللام، لأنه ضمن معنى سائل، أو طالب، وإلا فهو يتعدى بإلى، و {أَنْزَلْتَ} بمعنى المضارع، والتقدير: يا رب إني فقير؛ أي: سائل وطالب لما تنزله إلى، حال كونه من خير ورزق.
{فَجَاءَتْهُ} {الفاء} عاطفة على محذوف يفهم من سياق الكلام، تقديره: فرجعتا إلى أبيهما، في زمن أقل مما يرجعان إليه في العادة، فسألهما عن سبب
ذلك، فأخبرتاه بقصة من سقى لهما، فقال لإحداهما: ادعيه لي، فجاءته، {جاءته إحداهما}: فعل وفاعل، ومفعول به وتاء تأنيث، والجملة معطوفة على تلك المحذوفة، {تَمْشِي}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، والجملة في محل النصب حال من {إِحْدَاهُمَا} ، {عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}: حال من فاعل {تَمْشِي} ؛ أي: حالة كونها مستحية خفرة، وقيل: واضعة كم درعها على وجهها حياء منه. {قَالَتْ} : فعل ماض، وفاعل مستتر، معطوف بعاطف مقدر على {جاءته} ، {إِنَّ أَبِي}: ناصب واسمه، {يَدْعُوكَ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، ومفعول به، والجملة في محل الرفع خبر {إِنَّ} ، وجملة {إِنَّ} في محل النصب مقول {قال} ، {لِيَجْزِيَكَ} {اللام} حرف جر وتعليل، {يجزيك}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، ومفعول به أول، منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، {أَجْرَ}: مفعول به ثان، والجملة الفعلية مع أن المضمرة في تأويل مصدر مجرور باللام، الجار والمجرور متعلق بـ {يَدْعُوكَ} ، {مَا}: مصدرية، {سَقَيْتَ}: فعل وفاعل، {لَنَا}: متعلق به، والجملة الفعلية مع {مَا} المصدرية في تأويل مصدر مجرور بإضافة {أَجْرَ} إليه؛ أي: ليجزيك جزاء سقيك إيانا. {فَلَمَّا} {الفاء} : عاطفة على محذوف، تقديره: فأجابها ، لا ليأخذ الأجر، ولكن لأجل التبرك بأبيهما، لما سمع منهما أنه شيخ كبير، {لَمَّا}: حرف شرط غير جازم. {جَاءَهُ} : فعل ماض، وفاعل، ومفعول به، والجملة فعل شرط لـ {لما} ، {وَقَصَّ}: فعل ماض، وفاعل مستتر، معطوف على {جاء} ، {عَلَيْهِ}: متعلق به، {الْقَصَصَ}: مفعول به، والجملة معطوفة على {جَاءَهُ} ، {قَالَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر، والجملة جواب {لما} ، وجملة {لما} معطوفة على تلك المحذوفة، {لَا}: ناهية جازمة، {تَخَفْ}: فعل مضارع مجزوم بـ {لَا} الناهية، وفاعله ضمير يعود على {مُوسَى} . والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} ، {نَجَوْتَ}: فعل وفاعل، {مِنَ الْقَوْمِ}: متعلق به، {الظَّالِمِينَ}: صفة للقوم، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها معللة للنهي عن الخوف.
{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، {يَا أَبَتِ} {يا}: حرف نداء، {أبت}: منادى مضاف منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة، المعوضة عنها تاء التأنيث، وياء المتكلم المحذوفة في محل الجر مضاف إليه، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَتْ} ، {اسْتَأْجِرْهُ}: فعل أمر، وفاعل مستتر، ومفعول به، والجملة في محل النصب مقول {قال}. {إِنَّ خَيْرَ}: ناصب واسمه، {خَيْرَ}: مضاف، و {مَنِ}: اسم موصول في محل الجر مضاف إليه، {اسْتَأْجَرْتَ}: فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف، تقديره: استأجرته، {الْقَوِيُّ}: خبر {إِنَّ} ، {الْأَمِينُ}: صفة لـ {الْقَوِيُّ} ، وجملة {إِنَّ} في محل النصب مقول {قال} ، مسوقة لتعليل الأمر بالاستئجار.
{قَالَ} : فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على شعيب، والجملة مستأنفة، {إِنِّي}: ناصب واسمه، {أُرِيدُ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قال} ، {أَنْ}: حرف نصب ومصدر، {أُنْكِحَكَ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، ومفعول أول، {إِحْدَى}: مفعول ثان، والجملة الفعلية مع {أَنْ} المصدرية في تأويل مصدر منصوب على المفعولية، والتقدير: إني أريد إنكاحي إياك إحدى ابنتي، {إِحْدَى} مضاف، {ابْنَتَيَّ}: مضاف إليه مجرور بالياء المدغمة في ياء المتكلم، لأنه من المثنى. {ابْنَتَيَّ} مضاف، وياء المتكلم في محل الجر مضاف إليه، {هَاتَيْنِ}: صفة لـ {ابْنَتَيَّ} ، والإشارة لتمييزهما من بين بقية أخواتهما، فقد كان له - كما يروى - سبع بنات، {عَلَى}: حرف جر، {أَنْ}: حرف نصب ومصدر، {تَأْجُرَنِي}: فعل مضارع منصوب بـ {أن} ، وفاعله ضمير يعود على {مُوسَى} ، والنون للوقاية، والياء ضمير المتكلم في محل النصب مفعول أول، والثاني محذوف، تقديره: نفسك، {ثَمَانِيَ حِجَجٍ}: منصوب على الظرفية الزمانية متعلق
بـ {تَأْجُرَنِي} ، والجملة الفعلية مع {أَنْ} المصدرية في تأويل مصدر مجرور بعلى، الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال، إما من الفاعل في {أُنْكِحَكَ} ، أو من المفعول؛ أي: مشروطًا عليَّ، أو عليك ذلك. {فَإِنْ} {الفاء}: فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت ما قلت لك، وأردت بيان حقيقة الأمر فأقول لك إن أتممت، {إن}: حرف شرط جازم، {أَتْمَمْتَ}: فعل وفاعل، في محل الجزم بـ {إن} الشرطية، على كونه فعل شرط لها، {عَشْرًا}: مفعول به، {فَمِنْ عِنْدِكَ} {الفاء}: رابطة لجواب إن الشرطية وجوبًا، لكون الجواب جملة اسمية، {من عندك}: جار ومجرور، متعلق بمحذوف، لكونه خبرًا لمبتدأ محذوف، تقديره: فالإتمام كائن من عندك، والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {إن} الشرطية، على كونها جوابًا لـ {إن} الشرطية، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قال} .
{وَمَا} {الواو} : عاطفة، {ما}: نافية، {أُرِيدُ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، والجملة معطوفة على جملة {إن} الشرطية، {أَنْ أَشُقَّ}: ناصب وفعل منصوب، وفاعل مستتر، في تأويل مصدر على المفعولية، والتقدير: وما أريد إدخال المشقة عليك، {عَلَيْكَ}: جار ومجرور متعلق بـ {أَشُقَّ} ، {سَتَجِدُنِي} {السين}: حرف استقبال لتأكيد الاستقبال، {تجدني} فعل مضارع، وفاعل مستتر، ونون وقاية، ومفعول به، معطوف على ما قبله، {إِنْ شَاءَ اللَّهُ}: فعل وفاعل في محل الجزم على كونه فعل شرط لها، والجواب محذوف، تقديره: إن شاء الله تجدني صالحًا، والجملة معترضة جيء بها للتبرك، {مِنَ الصَّالِحِينَ}: متعلق بـ {تجدني} ، أو حال من الياء في {تجدني} ، أو مفعول ثان لوجد. {قَالَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة مستأنفة، {ذَلِكَ}: مبتدأ، {بَيْنِي وَبَيْنَكَ}: ظرف متعلق بمحذوف، خبر المبتدأ، تقديره:
ذلك المشروط قائم وثابت بيننا لا نحيد عنه، كلانا فيه سواء، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قَالَ} ، {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ} {أي}: اسم شرط جازم يجزم فعلين، منصوب على المفعولية، مقدمًا على عامله وجوبًا. {ما}: زائدة لتأكيد الإبهام المستفاد من {أي} ، {الْأَجَلَيْنِ}: مضاف إليه، {قَضَيْتُ}: فعل وفاعل، في محل الجزم بـ {أي} على كون فعل شرط لها، {فَلَا} {الفاء}: رابطة الجواب وجوبًا، {لَا}: نافية تعمل عمل إن، {عُدْوَانَ}: في محل النصب اسمها، {عَلَيَّ}: خبرها، والجملة الاسمية في محل الجزم بـ {أي} على كونها جوابًا لها، وجملة {أي} الشرطية في محل النصب مقول {قَالَ} ، {وَاللَّهُ}: مبتدأ، {عَلَى مَا}: جار ومجرور متعلق بـ {وَكِيلٌ} ، وجملة {نَقُولُ} صلة لـ {ما} الموصولة، والعائد محذوف، تقديره: على ما نقوله، {وَكِيلٌ}: خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قَالَ} .
{فَلَمَّا} {الفاء} : عاطفة على محذوف معلوم من السياق، تقديره: فتم العقد على النكاح والإجارة، ومارس موسى العمل المشروط عليه في الأجل المضروب، {لما}: حرف شرط غير جازم، {قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة فعل شرط لـ {لما} لا محل لها من الإعراب، {وَسَارَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر، معطوف على {قَضَى} ، {بِأَهْلِهِ}: جار ومجرور متعلق بـ {سار} ، أو حال من فاعل {سار}؛ أي: متلبسًا بأهله، {آنَسَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة جواب {لما} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لما} معطوفة على تلك المحذوفة، {مِنْ جَانِبِ الطُّورِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {آنَسَ} ، أو حال من {نَارًا} ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها، {نَارًا}: مفعول به. {قَالَ} : فعل ماض، وفاعل مستتر، معطوف بعاطف مقدر على {آنَسَ} ، {لِأَهْلِهِ} جار ومجرور متعلق بـ {قال} ؛
{امْكُثُوا} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} ، {إِنِّي}: ناصب واسمه، {آنَسْتُ نَارًا}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إِنَّ} في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها معللة للأمر بالمكث، {لَعَلِّي}: ناصب واسمه، {آتِيكُمْ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر ومفعول به، {مِنْهَا}: حال من {خبر} ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها، {بِخَبَرٍ}: متعلق {آتِيكُمْ} ، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {لعل} ، وجملة {لعل} في محل النصب حال من فاعل {آنَسْتُ} ، {أَوْ جَذْوَةٍ}: معطوف على {خبر} ، {مِنَ النَّارِ}: صفة لـ {جَذْوَةٍ} ، {لَعَلَّكُمْ}: ناصب واسمه، وجلمة {تَصْطَلُونَ} خبر {لعل} ، وجملة {لعل} في محل النصب مقول {قَالَ} ، على كونها معللة للإتيان.
{فَلَمَّا} {الفاء} : عاطفة على محذوف يقتضيه المقام، تقديره: فسار إليها، {لما}: حرف شرط غير جازم، {أَتَاهَا}: فعل، وفاعل مستتر، ومفعول به، والجملة فعل شرط لـ {لما} ، {نُودِيَ}: فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة جواب {لما} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لما} معطوفة على تلك المحذوفة. {مِنْ شَاطِئِ}: جار ومجرور متعلق بـ {نُودِيَ} ، {شَاطِئِ}: مضاف، {الْوَادِ}: مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، وحُذفت في الخط تبعًا للفظ في الرسم العثماني، {الْأَيْمَنِ}: صفة لـ {شَاطِئِ} ، {فِي الْبُقْعَةِ}: حال من {شَاطِئِ} ، {الْمُبَارَكَةِ}: صفة لـ {الْبُقْعَةِ} ، {مِنَ الشَّجَرَةِ}: بدل من قوله: {مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ} بدل اشتمال، لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطىء؛ أي: أتاه النداء من شاطىء الوادي من قبل الشجرة، {أَنْ}: مفسرة بمعنى أي، لأن النداء قول، والتقدير: أي يا موسى، وأجاز أبو البقاء وغيره أن تكون مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف يفسره جملة النداء؛ أي: نودي بأنه؛ أي: الشأن، {يَا مُوسَى}: منادى
مفرد العلم، وجملة النداء مفسرة لجملة {نُودِيَ} لا محل لها من الإعراب. {إِنِّي}: ناصب واسمه، {أَنَا}: ضمير فصل، أو مبتدأ، {اللَّهُ}: خبر {إن} ، أو خبر {أَنَا} ، {رَبُّ الْعَالَمِينَ} صفة للجلالة، أو بدل منه، أو خبر ثان لـ {إن} ، وجملة {إن} جملة مفسرة للنداء لا محل لها من الإعراب.
{وَأَنْ} {الواو} عاطفة، و {أن}: مفسرة معطوفة على {أَنْ يَا مُوسَى} ، {أَلْقِ}: فعل أمر وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، {عَصَاكَ}: مفعول به، والجملة معطوفة على جملة قوله:{أَنْ يَا مُوسَى} على كونها مفسرة للنداء. {فَلَمَّا} {الفاء} : عاطفة على محذوف يقتضيه السياق، تقديره: فألقاها فصارت ثعبانًا، فلما رآها تهتز إلخ، {لما}: حرف شرط غير جازم، {رَآهَا}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ومفعول به، لأن رأى هنا بصرية، والجملة الفعلية فعل شرط لـ {لما} ، لا محل لها من الإعراب، {تَهْتَزُّ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على العصا، والجملة في محل النصب حال من مفعول {رَآهَا} ، {كَأَنَّهَا}: ناصب واسمه، {جَانٌّ}: خبره، وجملة {كأن} في محل النصب حال من فاعل {تَهْتَزُّ} ، {وَلَّى}: فعل ماض وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، {مُدْبِرًا}: حال من فاعل {وَلَّى} ، وجملة {وَلَّى}: جواب {لما} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لما} معطوفة على تلك الجملة المحذوفة. {وَلَمْ} {الواو}: عاطفة، {لم}: حرف جزم، {يُعَقِّبْ}: فعل مضارع مجزوم بـ {لم} ، وفاعله ضمير يعود على {مُوسَى} ، والجملة معطوفة على جملة {وَلَّى} ، {يَا مُوسَى}: منادى مفرد العلم، وجملة النداء معمول لمحذوف، تقديره: فنودي يا موسى، {أَقْبِلْ}: فعل أمر، وفاعل مستتر، والجملة الفعلية جواب النداء لا محل لها من الإعراب، {وَلَا} {الواو}: عاطفة، {لا}: ناهية جازمة، {تَخَفْ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر، مجزوم بـ {لا} الناهية، والجملة معطوفة على جملة {أَقْبِلْ} ، {إِنَّكَ}: ناصب واسمه، {مِنَ الْآمِنِينَ}: جار ومجرور خبر {إن} ،
وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل الأمر بالإقبال، والنهي عن الخوف.
{اسْلُكْ يَدَكَ} : فعل أمر، وفاعل مستتر، ومفعول به، معطوف على قوله:{أَلْقِ عَصَاكَ} بعاطف مقدر؛ لأنه من جملة ما نودي به، {فِي جَيْبِكَ}: جار ومجرور متعلق بـ {اسْلُكْ} ، {تَخْرُجْ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على اليد، مجزوم بالطلب السابق، {بَيْضَاءَ}: حال من فاعل {تَخْرُجْ} ، {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {بَيْضَاءَ} ، أو صفة له. {وَاضْمُمْ}: فعل أمر، وفاعل مستتر معطوف على {اسْلُكْ} ، {إِلَيْكَ}: متعلق به. {جَنَاحَكَ} : مفعول به، {مِنَ الرَّهْبِ}: متعلق بـ {اضمم} على سبيل التعليل له؛ أي: من أجل الرهب، وقيل: بـ {وَلَّى} ؛ أي: هرب من الفزع، وقيل: بـ {مُدْبِرًا} ، وقيل: بمحذوف؛ أي: يسكن من الرهب. {فَذَانِكَ} {الفاء} : فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره إذا امتثلت ما أمرناك به، وأردت بيان حكمته فأقول لك ذانك إلخ. {ذانك}: اسم إشارة، يشار به إلى المثنى المذكر القريب، في محل الرفع مبتدأ، مبني على الألف لكونه على صورة المثنى، أو مبني على الكسر، و {الكاف}: حرف دال على الخطاب، {بُرْهَانَانِ}: خبر مرفوع بالألف، {مِنْ رَبِّكَ}: جار ومجرور صفة لـ {بُرْهَانَانِ} ؛ أي: مرسلان من ربك، {إِلَى فِرْعَوْنَ}: متعلق بمرسلان، {وَمَلَئِهِ}: معطوف على {فِرْعَوْنَ} ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {إِنَّهُمْ}: ناصب واسمه، {كَانُوا قَوْمًا}: فعل ناقص واسمه وخبره، {فَاسِقِينَ} صفة {قَوْمًا} ، وجملة {كان} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل إرسال البرهانين.
{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33)} .
{قَالَ} : فعل ماض وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} ، والجملة مستأنفة،
{رَبِّ} منادى مضاف حذف منه حرف النداء، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ} ، {إِنِّي}: ناصب واسمه، {قَتَلْتُ}: فعل وفاعل، {مِنْهُمْ}: حال من {نَفْسًا} لأنه صفة نكرة قدمت عليها، {نَفْسًا} مفعول به، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر إن وجلمة إن في محل النصب مقول قال على كونها جواب النداء. {فَأَخَافُ} {الفاء}: عاطفة تفريعية لكون ما قبلها علة لما بعدها، وفاعله ضمير مستتر يعود على {مُوسَى} ، {أَنْ}: حرف نصب ومصدر، {يَقْتُلُونِ}: فعل وفاعل منصوب بـ {أن} المصدرية، وعلامة نصبه حذف النون، لأن أصله يقتلونني، والنون نون الوقاية، وياء المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بكسر نون الوقاية، أو لرعاية الفاصلة في محل النصب مفعول به، وجملة {يَقْتُلُونِ} مع {أَنْ} المصدرية في تأويل مصدر منصوب على المفعولية لـ {أخاف}؛ أي: فأخاف قتلهم إياي، وجملة {أخاف} في محل الرفع معطوفة على جملة {قَتَلْتُ} .
{وَأَخِي} {الواو} : عاطفة، {أخي}: مبتدأ ومضاف إليه، {هَارُونُ}: بدل عنه، أو عطف بيان له، {هُوَ}: مبتدأ ثان، {أَفْصَحُ}: خبر له، {مِنِّي}: متعلق بـ {أَفْصَحُ} ، {لِسَانًا}: تمييز محول عن المبتدأ، منصوب باسم التفضيل، وجملة المبتدأ الثاني مع خبره خبر للمبتدأ الأول. وجملة الأول معطوفة على جملة {إن}. {فَأَرْسِلْهُ} {الفاء}: عاطفة تفريعية، {أرسله}: فعل دعاء، وفاعل مستتر يعود على الله، ومفعول به، {مَعِيَ}: ظرف متعلق بـ {أرسله} ، والجملة الفعلية معطوفة مفرعة على جملة قوله:{وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} ، {رِدْءًا}: حال من مفعول {أرسله} ؛ أي: حالة كونه عونًا لي على تبليغ الرسالة، {يُصَدِّقُنِي}: فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم على قراءة الرفع، أو مجزوم بالطلب السابق على قراءة الجزم، وفاعله ضمير مستتر يعود على {أخي} ، والنون للوقاية، والياء مفعول به، والجملة الفعلية في محل النصب
صفة لـ {رِدْءًا} ، أو حال من مفعول {أرسله} ، أو مستأنفة على قراءة الرفع، {إِنِّي}: ناصب واسمه، {أَخَافُ}: فعل مضارع وفاعل مستتر، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل طلب الإرسال، {أَن}: حرف نصب ومصدر، {يُكَذِّبُونِ}: فعل مضارع منصوب بـ {أن} المصدرية، وعلامة نصبه حذف النون، لأن أصله أن يكذبونني، حذفت النون الأولى للناصب، والثانية للوقاية، و {الواو}: فاعل، والياء المحذوفة للفاصلة مفعول به، والجملة الفعلية مع {أَن} المصدرية في تأويل مصدر منصوب على المفعولية، والتقدير: إني أخاف تكذيبهم إياي في الرسالة.
التصريف ومفردات اللغة
{وَجَاءَ رَجُلٌ} اسمه حزقيل، وقيل: شمعون، وقيل: سمعان، وهو الذي ذكر في قوله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
…
} إلخ. {مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} ؛ أي: أبعدها مكانًا، يقال: قصوت عنه وأقصيت: أبعدت، والقصي البعيد، {يَسْعَى}؛ أي: يسرع في مشيه.
{إِنَّ الْمَلَأَ} الملأ أشرات الدولة ووجوهها، {يَأْتَمِرُونَ}؛ أي: يتشاورون من الائتمار، وهو التشاور، يقال: الرجلان يتآمران ويأتمران بمعنى واحد، لأن كل واحد فيهما يأمر صاحبه بشيء، أو يشير عليه بأمر. وقيل: معناه يأمر بعضهم بعضًا بقتلك، ولعل هذا أوضح. وقد أورد صاحب "التاج" المعنيين، قال:"ائتمروا وتآمروا: تشاوروا، وائتمروا بفلان هموا به، وأمر بعضهم بعضًا بقتله، وقال الأزهري: ائتمر القوم وتآمروا إذا أمر بعضهم بعضًا، كما قال: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} " وقال النمر بن تولب:
أرَى النَّاسَ قَدْ أَحْدَثُوْا شِيْمَةً
…
وَفِيْ كُلِّ حَادِثَةٍ يُؤْتَمَرْ
{يَتَرَقَّبُ} ؛ أي: يلتفت يمنة ويسرة، {تَوَجَّهَ} إلى الشيء إذا صرت وجهه إليه، {تِلْقَاءَ مَدْيَنَ}؛ أي: جهتها، والتلقاء تفعال من لقيت، وهو مصدر اتسع فيه فاستُعمل ظرفًا، يقال: جلس تلقاءه؛ أي: حذاءه ومقابلته {سَوَاءَ السَّبِيلِ} ؛
أي: مستقيمه، وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، والسبيل من الطرق ما هو معتاد السلوك، {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ}؛ أي: وصل والورود إتيان الماء، وضده الصدور، وهو الرجوع عنه، وفي "المفردات": الورود أصله قصد الماء ثم يستعمل في غيره، {أُمَّةً مِنَ النَّاسِ}؛ أي: جماعة كثيرة منهم.
{مَاءَ مَدْيَنَ} والمراد بماء مدين البئر التي كانوا يستقون منها، ومدين بلدة على بحر القلزم، محاذية لتبوك، فيها البئر التي استقى منها موسى عليه السلام، {تَذُودَانِ}؛ أي: تطردان أغنامهما عن الماء خوفًا من السقاة الأقوياء، ومنه قول الشاعر:
لَقَدْ سَلَبَتْ عَصَاكَ بَنُوْ تَمِيْمٍ
…
فَمَا تَدْرِيْ بِأَيِّ عَصَا تَذُوْدُ
{مَا خَطْبُكُمَا} ؛ أي: ما شأنكما، ولم لا تردان مع هؤلاء، قال الزمخشري: وحقيقته ما مخطوبكما؛ أي: ما مطلوبكما من الذياد، فسُمِّي المخطوب خطبًا، كما سُمي المشؤون شأنًا في قولك: ما شأنك، يقال: شأنت شأنه؛ أي: قصدت قصده، وفي "القاموس": وشرحه الخطب - مصدر - والشأن، يقال: ما خطبك؛ أي: ما شأنك، وما الذي حملك عليه، والخطب الأمر صغر أو عظم، وغلب استعماله للأمر العظيم المكروه، ولهذه المادة معان كثيرة يرجع إليها في المعاجم المطولة.
{حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} الصدر عن الشيء الرجوع عنه، يقال في فعله: صدر من باب ضرب ونصر ودخل، والصدر بفتحتين اسم مصدر منه، ويتعدى بنفسه، فيقال صدره غيره؛ أي: رجَّعه وردَّه، ويُستعمل رباعيًا، فيقال: أصدره غيره. اهـ. من "القاموس" و"المختار".
والرعاء جمع راع على غير قياس؛ لأن فاعلًا - الوصف المعتل اللام، كقاض - قياسه فُعَلَةٌ، كقضاة ورُماة، خلافًا للزمخشري في قوله: إنه جمع راع على فعال قياس، كصيام وقيام، قال ابن مالك:
فِيْ نحْوِ رَامٍ ذُوْ اطِّرَادِ فُعَلَهُ
أما جمع فعال فيطرد في ستة أنواع نوردها فيما يلي:
1 -
اسم أو صفة ليست عينهما ياء، على وزن فعل أو فعلة، فالاسم ككعب وكعاب، وثوب وثياب، ونار ونيار، وقصعة وقصاع، وجنة وجنان، والصفة كصعب وصعبة وصعاب، وضخم وضخمة وضخام، وندر مجيئه من معتل العين كضيعة وضياع، وضيف وضياف.
2 -
اسم صحيح اللام غير مضاعف، على وزن فعل أو فعلة، كجمل وجمال، وجبل وجبال، ورقبة ورقاب، وثمرة وثمار.
3 -
اسم على وزن فعل كذئب وذئاب، وظل وظلال، وبئر وبئار.
4 -
اسم على وزن فعل ليست عينه واوًا، ولا لامه ياءً، كرمح ورماح، ودهن ودهان، وأما الدِّهان في قوله تعالى:{فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} فسيأتي أنه اسم مفرد، ومعناه الجلد الأحمر.
5 -
صفة صحيحة اللام على وزن فعل أو فعيلة، ككريم وكريمة وكرام، ومريض ومريضة ومراض، وطويل وطويلة وطوال.
6 -
صفة على وزن فعلان، أو فعل أو فعلانة أو فُعلانة، كعطشان وعطشى وعطاش، وريان وريا ورواء، وندمان وندمى وندام، وخمصان وخمصانة وخماص.
وما جُمع على فعال من غير ما ذكر فهو على غير القياس، وذلك كراع وراعية ورعاء، وقائم وقائمة وقيام، وصائم وصائمة وصيام، وأعجف وعجفاء وعجاف، وخير وخيار، وجيد وجياد، وجواد وجياد، وأبطح وبطاح، وقلوص وقلاص، وأنثى وإناث، ونطفة ونطاف، وفصيل وفصال، وسبع وسباع، وضبع وضباع، ونُفَسَا ونفَاس، وعُشراء وعشار، هذا ولا ندري كيف ندَّ هذا عن الزمخشري، فقال في كشافه: وأما الرعاء بالكسر فقياس كصيام وقيام.
والرَّعْي - بالفتح - في الأصل: حفظ الحيوان، إما بغذائه الحافظ لحياته، أو بذبِّ العدو عنه، والرِعْيُ - بالكسر -: ما يرعاه، والمرعى: موضع الشرعي،
ويُسمى كل سائس لنفسه أو لغيره راعيًا، وفي الحديث:"كلكم راع ومسؤول عن رعيته"، وقيل: الرعاء هم الذين يرعون المواشي، والرعاة هم الذين يرعون الناس، وهم الولاة.
{مِنْ خَيْرٍ} والخير يكون بمعنى الطعام، كما في الآية، ويمعنى المال، كما في قوله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} وبمعنى القوة، كما في قوله:{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} ، وبمعنى العبادة، كما في قوله:{وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ} ، {ثُمَّ تَوَلَّى}؛ أي: جعل ظهره يلي ما كان يليه وجهه.
{عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} الاستحياء والحياء: الحشمة، والانقباض، والانزواء، قال في "المصباح": يقال: استحيت بياء واحدة وبياءين، ويتعدى بنفسه وبالحرف فيقال: استحييته واستحيت منه.
{وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ} القصص بفتحتين مصدر بمعنى المقصوص، وقد سُمِّي به فيما بعْدُ المقصوص، يقال: قصَّ عليه الخبر حدَّثه به، ومصدره قصص بفتحتين، أما القصص بكسر القاف فهو جمع قصة، {حِجَجٍ} جمع حجة بكسر الحاء، وهي السنة.
{أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} ؛ أي: أن أُدخل عليك مشقة، واشتقاق المشقة من الشق، فإن ما يصعب عليك يشق اعتقادك في إطاقته، ويوزع رأيك في مزاولته.
{الْأَجَلَيْنِ} ؛ أي: الأطول أو الأقرب، {مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} والطور اسم جبل مخصوص، والنار يقال: للَّهب الذي يبدو للحاسة، وللحرارة المجردة، ولنار جهنم، {امْكُثُوا} المكث ثبات مع انتظار؛ أي: قفوا مكانكم واثبتوا فيه، {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} والجذوة عود غليظ، مهواء كانت في رأسه نار أو لا، وفي "المفردات": الجذوة التي يبقى من الحطب بعد الالتهاب.
{مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ} والشاطىء الجانب، وهو شفير الوادي، وكذلك الشط والسيف والساحل، كلها بمعنى واحد. والوادي في الأصل الموضع الذي
يسيل فيه الماء، ومنه سمي المفرج بين الجبلين واديًا.
{فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} والبقعة قطعة من الأرض لا شجر فيها، وُصفت بكونها مباركة، لأنه حصل فيها ابتداء الرسالة وتكليم الله إياه.
{كَأَنَّهَا جَانٌّ} الجانُّ الحية الصغيرة التي توجد في كثير من الدور ولا تؤذي، {اسْلُكْ يَدَكَ} من سلك الشيء إذا أنفذه فيه، وفي "المصباح": السلك بالفتح والسلوك كل منهما مصدر لسلك الشيء في الشيء، إذا أنفذه فيه، فإنه من بابي قعد ونصر. اهـ. {فِي جَيْبِكَ} والجيب الفتحة في القميص ونحوه من حيث يخرج الرأس.
{جَنَاحَكَ} جناح الإنسان عضده، ويقال: اليد كلها جناح، {مِنَ الرَّهْبِ} الرهب مخافة مع تحزن واضطراب؛ أي: من أجل الرهب، {بُرْهَانَانِ} تثنية برهان، والبرهان فعلان، من قولهم: أبره الرجل إذا جاء بالبرهان، أو من قولهم: بره الرجل إذا ابيض، ويقال: برهاء وبرهة للمرأة البيضاء، ونظيره تسمية الحجة سلطانًا من السليط، وهو الزيت لإنارتها، وقيل: هو فعلال، لقولهم: برهن.
وقال الزمخشري: فإن قلت: لِمَ سُمِّيت الحجة برهانًا؟
قلت: لبياضها وإنارتها، من قولهم للمرأة البيضاء: برهرهة، بتكرير العين واللام معًا، وهذا تعليل لطيف لا يُحسِّن استنباطه غير هذا الإِمام، ومعنى ذلك أن النون في البرهان زائدة، يقولون: أَبْرَهَ الرجل إذا جاء بالبرهان، وفي معاجم اللغة: وأبره أتى بالبرهان، أو بالعجائب، وغلب الناس، وهذا هو قول الزمخشري، والمحققين، وزعم صاحب "القاموس" في أحد قوليه أن النون أصلية، قال: وبرهن عليه أقام البرهان، والبرهان بالضم الحجة فتدبر.
{هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} من الفصاحة، والفصاحة لغة الخلوص، يقال: فصح اللبن، وأفصح، فهو فصيح؛ أي: خلص من الرغوة، ومنه فصح الرجل جادت لغته، وأفصح تكلم بالعربية، وقيل: الفصيح الذي ينطق، والأعجم الذي
لا ينطق، وأما في اصطلاح أهل البيان: فالفصاحة خلوص الكلمة عن تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس، وفصاحة الكلام خلوصه من ضعف التأليف والتعقيد.
{رِدْءًا} والردء المعين من أردأته على عدوه إذا أعنته، يقال: فلان ردء فلان إذا كان ينصره ويشد ظهره، ومنه قول الشاعر:
ألم تر أن أصرم كان ردئي
…
وخير الناس في قل ومال
وفي "الفتوحات": والردء العون، وهو فعل بمعنى مفعول، كالدفء بمعنى المدفوء به، وردأته على عدوه أعنته عليه، وردأت الحائط دعمته بخشبة لئلا يسقط. وقال النحاس: يقال: ردأته وأردأته.
فائدة: قال بعضهم في قوله: {هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} مقام الفصاحة هو مقام الصحو والتمكين، الذي يقدر صاحبه على أن يُخبر عن الحق وأسراره بعبارة لا تكون ثقيلة في موازين العلم، وهذا حال نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال:"أنا أفصح العرب، وبُعثت بجوامع الكلم" اهـ "الروح".
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنوعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التأكيد بإن واللام في قوله إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك مطابقة لمقتضى الحال.
ومنها: إضافة الصفة إلى الموصوف في قوله: {سَوَاءَ السَّبِيلِ} ؛ أي: السبيل الوسط.
ومنها: تنكير أمة في قوله: {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ} للدلالة على الكثرة.
ومنها: كثرة الإيجاز في هذه الآيات، أعني قوله: {أُمَّةً مِنَ النَّاسِ
يَسْقُونَ} إلى قوله: {فَسَقَى لَهُمَا} فقد حذف المفعول به في أربعة أماكن، أحدها مفعول {يَسْقُونَ}؛ أي: مواشيهم، والثاني مفعول {تَذُودَان}؛ أي: مواشيهما، والثالث {لَا نَسْقِي}؛ أي: مواشينا، والرابع {فَسَقَى لَهُمَا}؛ أي: مواشيهما، وعلة الحذف أن الغرض هو أن يُعلم أنه كان من الناس سقي، ومن البنتين ذود، وأنهما قالتا: لا نسقي؛ أي: لا يكون منا سقي حتى يصدر الرعاء، وأنه كان من موسى سقي، فأما كون المسقي غنمًا أو إبلًا أو غير ذلك، فذلك أمر خارج عن نطاق الغرض.
ومنها: الكناية في قوله: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} فقد أرادتا أن تقولا له: إننا امرأتان ضعيفتان مستورتان، لا نقدر على مزاحمة الرجال، وما لنا رجل يقوم بذلك، وأبونا شيخ طاعن في السن، فقد أضعفه الكبر وأعياه، فلا مندوحة لنا عن ترك السقيا، وإرجائها إلى أن يقضي الناس أوطارهم من الماء، وبذلك طابق جوابهما سؤاله، لأنه سألهما عن علة الذود، فقالتا ما قالتاه.
ومنها: الاستعطاف والترحم في قوله: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير} وفيه أيضًا التعبير بالماضي عن المضارع في قوله: {لِمَا أَنْزَلْتَ} ؛ أي: إلى ما تنزله إلي.
ومنها: الإشارة في قوله: {عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} فقد أشار بلمح خاطف يشبه لمح الطرف، وبلغة هي لغة النظر إلى وصف جمالها الرائع الفتان باستحياء، لأن الخفر من صفات الحسان، ولأن التهادي في المشي من أبرز سماتهن.
قال الأعشى:
كَأنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جَارَتهَا
…
مَرُّ السَّحَابَةِ لَا رَيْثٌ وَلَا عَجَلُ
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ} .
ومنها: الإتيان بالكلام الجامع المانع الحكيم في قوله: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان في القائم بأمرك والمتعهد لشؤونك، وهما الكفاية والأمانة فقد فرغ بالك، وتم أمرك، وسهل
مرادك، ولأنه ذهب مذهب المثل المضروب ليذهب في مر العصور، وقادمات الدهور، وفيه التعميم الذي هو أجمل وأليق في مدح النساء للرجال من المدح الخاص، وأبقى للتحشم والتصوُّن، وخصوصًا بعد أن فهمت غرض أبيها، وهو تزويجها منه.
ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: {تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ} حذف وجه الشبه فأصبح مجملًا.
ومنها: الطباق بين {يُصَدِّقُنِي} و {يُكَذِّبُونِ} .
ومنها: الكناية في قوله: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} كنى عن اليد بالجناح، لأنها للإنسان كالجناح للطائر.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
المناسبة
قوله تعالى: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما قال لموسى: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} علم (1) أنه سيذهب بهذين البرهانين إلى فرعون وقومه، وحينئذٍ طلب منه أن يؤتيه ما يقوي به قلبه، ويزيل خوفه من فرعون، لأنه إنما خرج من ديار مصر فرارًا منه، وهربًا من سطوته، فيُرسل معه أخاه هارون وزيرًا .. فأجابه إلى ما طلب، وأرسله هو وهارون إلى فرعون وملئه، ومعهما المعجزات الباهرة، والأدلة الساطعة فلما عاينوا ذلك، وأيقنوا صدقه لجؤوا إلى العناد والمكابرة، فقالوا: ما هذا إلا سحر مفتعل، وما رأينا أحدًا من آبائنا على هذا الدين، فقال لهم موسى: ربي أعلم بالمهتدي منا ومنكم، وسيفصل بيني وبينكم، ويجعل النصر والتأييد للصالحين من عباده.
قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنه (2) لما رغب موسى فرعون وقومه في التوحيد، والنظر في الكون تارة، ورهَّبهم من عذاب الله، وشديد نكاله تارة أخرى .. أجابه فرعون بتلك المقالة التي تدل على الجهل المطبق، ونقصان العقل، وأنه بلغ غاية لا حد لها في الإنكار، وأنه لا مطمع في إيمانه لعتوه وطغيانه، واستكباره في الأرض، حتى قال ما قال. ومن ثم كانت عاقبته في الدنيا الهلاك بالغرق هو وجنوده، واللعن من الله والناس، وفي الآخرة الطرد من رحمة الله، ثم أخبر سبحانه أنه آتى موسى التوراة وجعلها نورًا للناس يهتدون بها، وتكون لهم تذكرة من عقاب الله وشديد عذابه.
قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بيَّن فيما سلف أنه أرسل موسى، بعد أن أهلك القرون الأولى، ودرست الشرائع، واحتيج إلى نبي يُرشد الناس إلى ما فيه صلاحهم، في معاشهم ومعادهم .. أردف ذلك ببيان الحاجة
(1) المراغي.
(2)
المراغي.
إلى إرسال رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، لمثل تلك الدواعي التي دعت إلى إرسال موسى عليه السلام لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، ولأن رحمته اقتضت أن لا يعذب أحدًا إلا إذا أرسل رسولًا، ويتضمن ذلك كون القرآن وحيًّا من عند الله سبحانه، لأن ما فُصل فيه من الأحوال لا يتسنى إلا بالمشاهدة أو التعلم ممن شاهدها، وقد انتفى كلاهما، فتبين أنه بوحي من علام الغيوب.
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما (1) بين فيما سلف أنه إنما أرسل رسوله قطعًا لمعذرتهم، حتى لا يقولوا حين نزول بأسنا بهم: هلا أرسلت إلينا رسولًا فنتبعه .. أردفه ببيان أنه حين مجيء الرسول، وإنزال القرآن عليه جحدوا به، وكذبوا رسالته، ولم يعتدوا بكتابه، وطلبوا مجيء معجزات كمعجزات موسى، من مجيء التوراة جملة، وقلب العصا، وإخراج اليد بيضاء من غير سوء، وقد كفر المعاندون من قبلهم بما جاء به موسى من المعجزات، وقالوا: ما هي إلا سحر مفترى، وما في إلا أساطير الأولين، وإن موسى ومحمد ساحران، تعاونا على الخداع والتضليل، وإنا لكافرون بكل منهما.
ثم أمر رسوله أن يقول لهم: إن إستطعتم أن تأتوا بكتاب خير من كتابيهما، موصل إلى الحق، هاد إلى سبيل الرشد فافعلوا، فإن لم تستطيعوا ذلك فأنتم متبعون للهوى، سالكون سبيل الضلال، ولا أضل من يسلك هذه السبيل، ثم ذكر أنه ما أنزل الكتاب منجمًا على هذا النهج إلا ليكون فيه عبرة وذكرى لهم، بين آن وآخر، لعلهم يرتدعون عن غيِّهم، ويثوبون إلى رشدهم.
قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه (2) لما أثبت أن القرآن وحي من عند الله، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. أكد هذا بأن أثبت أن أهل الكتاب آمنوا به حين رأوا الأدلة تتظاهر على صدقه، وموافقته لما في كتبهم من وصف، فأجدر بمن لا كتاب لهم من قبله أن يؤمنوا به.
(1) المراغي.
(2)
المراغي.
أسباب النزول
قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ
…
} الآية، سبب نزول هذه الآية (1): ما أخرجه ابن جرير والطبراني عن رفاعة القرظي قال: نزلت {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} في عشرة أنفار أنا أحدهم. وأخرج ابن جرير عن علي بن رفاعة قال: خرج عشرة رهط عن أهل الكتاب، منهم رفاعة - يعني أباه - إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا، فأوذوا فنزلت:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} الآية، وأخرج عن قتادة قال: كنا نحدث أنها نزلت في أناس من أهل الكتاب، كانوا على الحق حتى بعث الله سبحانه محمدًا فآمنوا، منهم عثمان، وعبد الله بن سلام.
قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ
…
} الآية، قال (2) سعيد بن جبير: نزلت هذه الآية في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدموا عليه قرأ عليهم {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} حتى ختمها، فجعلوا يبكون، وأسلموا.
وأخرج (3) الطبراني في "الأوسط" بسند فيه من لا يُعرف عن ابن عباس: أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فشهدوا معه أحدًا، فكانت فيهم جراحات، ولم يقتل منهم أحد، فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة، قالوا: يا رسول الله إنا أهل ميسرة، فأذن لنا نجيء بأموالنا، نواسي بها المسلمين، فأنزل الله فيهم {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ
…
} الآيات. فلما نزلت قالوا: يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران، ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم، فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ
…
} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: لما نزلت {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} فخرج مؤمنوا أهل الكتاب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لنا أجران،
(1) لباب النقول.
(2)
المراغي.
(3)
لباب النقول في سورة الحديد.