الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصاحب البهتان مذموم في الدنيا أشد الذم، ومعاقب في الآخرة أشد العقاب، فقوله:{بُهْتَانًا} إشارة إلى الذم العظيم في الدنيا، وقوله:{وَإِثْمًا مُبِينًا} إشارة إلى العقاب الشديد في الآخرة، ولما (1) كانت الذنوب لازمة لفاعلها .. كانت كالثقل الذي يحمل، فعبر عنه باحتمل، ومثله:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} .
وقد فشا هذا بين المسلمين في هذا الزمان، ولم يكن لهذا من سبب إلا ترك هداية الدين، وقلة الوازع النفسي والغفلة عن الأوامر والنواهي التي جاءت به الشريعة.
113
- وبعد أن ذكر المختانين أنفسهم، ومحاولتهم زحزحة الرسول صلوات الله وسلامه عليه عن الحق .. بيَّن فضله ونعمته عليه، فقال تعالى:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ} سبحانه وتعالى وإحسانه {عَلَيْكَ} يا محمد بالنبوة، والتأييد بالعصمة {وَرَحْمَتُهُ} لك ببيان حقيقة الواقع وما هم عليه بالوحي، {لَهَمَّتْ} وقصدت {طَائِفَةٌ}؛ أي: جماعة {مِنْهُمْ} ؛ أي: من الخائنين قوم طعمة {أنْ يُضِلُّوكَ} ؛ أي: أن يخطئوك عن الحكم العادل المنطبق على حقيقة القضية في نفسها، ويوقعوك في الحكم الباطل، وذلك لأن قوم طعمة قد عرفوا أنه سارق، ثم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يجادل عنه ويبرئه عن السرقة، وينسب تلك السرقة إلى اليهودي، ولكنه قبل أن يطمعوا في ذلك ويهموا به، جاءك الوحي ببيان الحق، وإقامة أركان العدل والمساواة فيه بين جميع الخلق {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}؛ أي: ما يضلون أحدًا إلا أنفسهم بسبب تعاونهم على الإثم والعدوان، وشهادتهم بالزور والبهتان؛ لأن وبال ذلك عائد عليهم {وَمَا يَضُرُّونَكَ} يا محمد {مِنْ شَيْءٍ} ؛ لأنه سبحانه وتعالى هو عاصمك من الناس، فإنهم وإن سعوا في إلقائك في الباطل .. فأنت ما وقعت فيه؛ لأنك عملت بالظاهر، ولا ضرر عليك في الحكم به قبل نزول الوحي، {وَأَنْزَلَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {عَلَيْكَ} يا محمد {الْكِتَابَ}؛ أي: القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، {و} أوحى إليك
(1) الشوكاني.
{الحكمة} ؛ أي: السنة؛ أي: فكيف يضلونك وقد أنزل الله تعالى إليك الكتاب والحكمة، وقيل: الحكمة فقه مقاصد الدين وأسراره، ووجه موافقتها للفطرة، وانطباقها على سنن الاجتماع البشري ومصالح الناس في كل زمان ومكان {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} من أمور الدين، وأسرار الكتاب والحكمة، وأخبار الأولين، وحيل المنافقين {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} إذ أرسلك للناس كافة، وجعلك خاتم النبيين، واختصك بنعم كثيرة، ومزايا لا تدخل تحت حصر، فيجب أن تكون أعظم الناس شكرًا له، كما يجب على أمتك مثل ذلك؛ ليكونوا خير أمة أخرجت للناس قدوة لغيرهم في جميع الخيرات. وهذا من أعظم الدلائل على أن العلم أشرف المناقب والفضائل، مع أن الله تعالى ما أعطى الخلق من العلم إلا القليل.
الإعراب
{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} .
{وَإِذَا} : {الواو} : استئنافية. {إذا} ظرف لما يستقبل من الزمان. {ضَرَبْتُمْ} : فعل وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إذا} ، على كونه فعل شرط لها، {فِي الْأَرْضِ}: جار ومجرور متعلق به، {فَلَيْسَ} {الفاء}: رابطة لجواب {إذا} وجوبًا، لكون الجواب جملة جامدية، {ليس}: فعل ماض ناقص، {عَلَيْكُمْ}: جار ومجرور خبر مقدم لـ {ليس} . {جُنَاحٌ} : اسم {ليس} مؤخر، وجملة {ليس} من اسمها وخبرها جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب وجملة {إذا} مستأنفة، {أَنْ تَقْصُرُوا}: ناصب وفعل وفاعل. {مِنَ} زائدة على مذهب الأخفش. {الصَّلَاةِ} : مفعول به، و {من}: تبعيضية على مذهب الجمهور من عدم زيادتها في الإثبات، متعلقة بـ {تَقْصُرُوا} ، وصفة لمحذوف عند سيبويه؛ أي شيئًا من الصلاة، وجملة {أَن} المصدرية مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، تقديره: فليس عليكم جناح في قصر الصلاة.
{إِنْ خِفْتُمْ} : حرف شرط وفعل وفاعل، في محل الجزم بـ {إن} على كونه فعل شرط لها، وجواب {إن} معلوم مما قبلها، تقديره: فليس عليكم جناح في قصر الصلاة، وجملة {إِنْ} الشرطية قيد لا مفهوم لها، ومستأنفة لا محل لها. {أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ} ناصب وفعل ومفعول وفاعل، وجملة {أَن} المصدرية في تأويل مصدر منصوب على المفعولية، تقديره: إن خفتم فتنة الذين كفروا إياكم، {كَفَرُوا}: فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول. {إِنَّ الْكَافِرِينَ} حرف نصب واسمها، {كَانُوا} خبرها. {لَكُمْ}: جار ومجرور متعلق بكان أو حال من {عَدُوًّا} وهو خبر كان، {مُبِينًا}: صفة {عَدُوًّا} ، وجملة كان في محل الرفع خبر {إِنَّ} ، وجملة {إِنَّ} مستأنفة استئنافًا بيانيًّا.
{وَإِذَا} {الواو} استئنافية، {وَإِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {كُنْتَ}: فعل ناقص واسمه، {فِيهِمْ}: خبره، وجملة كان في محل الخفض بإضافة {إِذَا} إليها، على كونها فعل شرط لها، {فَأَقَمْتَ}: عاطف وفعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة كان، {لَهُمُ}: متعلق بـ {أقمت} ، {الصَّلَاةَ}: مفعول به، {فَلْتَقُمْ}:{الفاء} : رابطة لجواب {إذا} وجوبًا، {لتقم طائفة}: جازم وفعل وفاعل، {مِنْهُمْ}: جار ومجرور صفة {طَائِفَةٌ} ، {مَعَكَ}: ظرف ومضاف إليه حال من {طَائِفَةٌ} لوصفه بالجار والمجرور، والجملة الفعلية جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} مستأنفة، {وَلْيَأخُذُوا}: جازم وفعل وفاعل، {أسْلِحَتَهُمْ}: مفعول به ومضاف إليه، والجملة معطوفة على جملة {فَلْتَقُمْ} على كونها جواب {إِذَا} ، {فَإِذَا}:{الفاء} : عاطفة، {إذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {سَجَدُوا}: فعل وفاعل، والجملة في محل الخفض بإضافة {إذا} ، {فَلْيَكُونُوا}: الفاء: رابطة لجواب {إِذَا} ، {يَكُونُوا}: فعل ناقص واسمه، {مِنْ وَرَائِكُمْ}: جار ومجرور ومضاف إليه، خبر كان، وجملة كان جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة
{إذا} معطوفة على جملة قوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} ، {وَلْتَأتِ طَائِفَةٌ}: جازم وفعل وفاعل، {أُخْرَى}: صفة لـ {طَائِفَةٌ} ، والجملة معطوفة على جملة {فَلْيَكُونُوا} ، {لَمْ يُصَلُّوا}: جازم وفعل وفاعل، والجملة صفة ثانية لـ {طَائِفَةٌ} أو حال منها؛ لأنها تخصصت بالصفة، {فَلْيُصَلُّوا}: عاطف وجازم، وفعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَلْتَأتِ} ، {مَعَكَ}: ظرف ومضاف إليه حال من فاعل {يُصَلُّوا} ، {وَلْيَأخُذُوا}: جازم وفعل وفاعل معطوف على {فَلْيُصَلُّوا} ، {حِذْرَهُمْ}: مفعول به ومضاف إليه، {وَأَسْلِحَتَهُمْ}: معطوف على {حِذْرَهُمْ} .
{وَدَّ الَّذِينَ} : فعل وفاعل والجملة مستأنفة، {كَفَرُوا}: فعل وفاعل صلة الموصول، {لَوْ}: حرف مصدر {تَغْفُلُونَ} : فعل وفاعل، {عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ} جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {تَغْفُلُونَ} ، {وَأَمْتِعَتِكُمْ}: معطوف على {أَسْلِحَتِكُمْ} ، والجملة الفعلية صلة {لَوْ} المصدرية، {لَوْ} مع صلتها في تأويل مصدر منصوب على المفعولية، تقديره: ود الذين كفروا غفلتكم عن أسلحتكم وأمتعتكم، {فَيَمِيلُونَ}: عاطف وفعل وفاعل، {عَلَيْكُمْ}: متعلق به، {مَيْلَةً}: مفعول مطلق، {وَاحِدَةً}: صفة لـ {مَيْلَةً} والجملة الفعلية معطوفة على جملة {تَغْفُلُونَ} على كونها صلة لـ {لَوْ} : المصدرية، والتقدير: ود الذين كفروا غفلتكم عن أسلحتكم فميلهم عليكم، {وَلَا}:{الواو} : استئنافية، {لا}: نافية، {جُنَاحَ}: في محل النصب اسمها، {عَلَيْكُمْ} ؛ خبرها، والجملة مستأنفة. {إِن}: حرف شرط، {كاَنَ}: فعل ناقص، {بِكُمْ}: جار ومجرور، خبر {كَانَ} مقدم على اسمها، {أَذًى}: اسم {كاَنَ} ، {مِنْ مَطَرٍ}: صفة لـ {أَذًى} ، والتقدير: إن كان أذى من مطر واقعًا بكم، وجملة {كان} في محل الجزم فعل شرط لـ {إن} ، وجوابها معلوم مما قبلها، تقديره: إن كان بكم أذى من مطر فلا جناح عليكم، وجملة {إِن} الشرطية مستأنفة، {أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} ،
فعل ناقص واسمه وخبره، معطوف على قوله:{إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ} ، {أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ}: ناصب وفعل وفاعل ومفعول ومضاف إليه، وجملة {أَن} المصدرية مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، تقديره: في وضعكم أسلحتكم، والجار المحذوف حال من الضمير المستكن في خبر {لا} ، أو خبر ثان لـ {لَا} ، والتقدير: لا جناح كائن هو عليكم حالة كونه في وضعكم أسلحتكم، {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ}: فعل وفاعل ومفعول ومضاف إليه، والجملة مستأنفة، {إِنَّ اللَّهَ}: ناصب واسمها، {أَعَدْ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {اَللهَ} ، {لِلْكَافِرِينَ}: متعلق بـ {أَعَدَّ} أو حال من {عَذَابًا} ، {عَذَابًا}: مفعول {أَعَدَّ} ، {مُهِينًا}: صفة له، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إِنَّ} مستأنفة.
{فَإذَا} {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم كيفية صلاة الخوف، وأردتم بيان ما هو أصلح لكم بعد الفراغ من الصلاة .. فأقول لكم، {إذا قضيتم}:{إذا} ظرف لما يستقبل من الزمان، {قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل الخفض بإضافة {إذا} إليها، {فَاذْكُرُوا} {الفاء}: رابطة لجواب {إذا} ، {اذكروا الله} فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {قِيَامًا} حال من فاعل {اذكروا} ، {وَقُعُودًا}: معطوف عليه، {وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}: متعلق بمحذوف معطوف على {قِيَامًا} على كونه حالًا من فاعل {ذكروا} تقديره: ومضطجعين على جنوبكم، {فَإِذَا} {الفاء}: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت على شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم ما تشتغلون بعد قضاء الصلاة وانتهائها، وأردتم بيان ما هو لازم لكم بعد الاطمئنان، وزوال الخوف عنكم .. فأقول لكم، {إذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {اطْمَأنَنْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة في
محل الخفض بإضافة {إذا} إليها، {فَأَقِيمُوا} {الفاء}: رابطة لجواب {إذا} ، {أقيموا}: فعل وفاعل، {الصَّلَاةَ}: مفعول به، والجملة جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {إِنَّ الصَّلَاةَ}: ناصب واسمه، {كَانَتْ}: فعل ناقص واسمها ضمير يعود على {الصَّلَاةَ} ، {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}: حال من {كِتَابًا} ، {كِتَابًا}: خبر كان، {مَوْقُوتًا}: صفة لـ {كتابا} وجملة كان في محل الرفع خبر {إنَّ} وجملة {إنَّ} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{وَلَا} {الواو} : استئنافية، {وَلَا تَهِنُوا}: جازم وفعل وفاعل والجملة مستأنفة، {فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {تَهِنُوا} ، {إن}: حرف شرط، {تَكُونُوا}: فعل ناقص واسمه: مجزوم بـ {إن} على كونه فعل شرط لها، {تَألَمُونَ}: فعل وفاعل، والجملة خبر كان، {فَإِنَّهُمْ}:{الفاء} : رابطة لجواب {إن} وجوبًا، {إنهم} ناصب واسمه، وجملة {يَألَمُونَ} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {إن} الشرطية معللة للنهي السابق قبلها، أعني قوله:{وَلَا تَهِنُوا} ، {كَمَا} {الكاف}: حرف جر، {ما}: مصدرية، {تَألَمُونَ}: فعل وفاعل، صلة {ما} المصدرية، {ما} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، تقديره: كإيلامكم، الجار والمجرور صفة لمصدر محذوف، تقديره: فإنهم يألمون، إيلامًا كائنًا كإيلامكم. {وَتَرْجُونَ}: فعل وفاعل {مِنَ اللَّهِ} : متعلق به، والجملة مستأنفة، أو حال من فاعل {كَمَا تَألَمُونَ} {مَا}: موصولة أو موصوفة في محل النصب مفعول {ترجون} ، {لَا يَرْجُونَ}: فعل وفاعل، صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف، تقديره: ما لا يرجونه، {وَكَانَ اللَّهُ}: فعل ناقص واسمه، {عَلِيمًا}: خبر أول لها، {حَكِيمًا}: خبر ثان لها، وجملة {كان} من اسمها وخبرها مستأنفة.
{إِنَّا} : ناصب واسمه، {أَنْزَلْنَا}: فعل وفاعل، {إِلَيْكَ}: متعلق به، {الْكِتَابَ}: مفعول به، {بِالْحَقِّ}: حال من الكتاب، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} مستأنفة، {لِتَحْكُمَ}:{اللام} : لام كي، {تحكم}: منصوب بأن مضمرة، وفاعله ضمير يعود على محمد، {بَيْنَ النَّاسِ}: ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {تحكم} ، {بِمَا}: جار ومجرور متعلق بـ {تحكم} أيضًا، وجملة {تحكم} صفة {أن} المصدرية، {أن} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، تقديره: لحكمك بين الناس، الجار والمجرور متعلق بـ {أَنْزَلْنَا} ، {أَرَاكَ اللَّهُ}: فعل ومفعول أول وفاعل، والمفعول الثاني محذوف، تقديره: أراكه الله، وهو العائد على {ما} الموصولة والجملة صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، {وَلَا تَكُن}: جازم وفعل ناقص، واسمه ضمير يعود على محمد، {لِلْخَائِنِينَ}: متعلق بـ {خَصِيمًا} ، {خَصِيمًا}: خبر {تَكُنْ} ، وجملة {تَكُنْ} مستأنفة. {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}: فعل ومفعول أول، والثاني محذوف، تقديره: ذنبك، وفاعله ضمير يعود على محمد، والجملة معطوفة على جملة {لا تكن} ، {إِنَّ اللَّهَ}: ناصب واسمه، {كَانَ}: فعل ناقص، واسمه ضمير يعود على {اللَّهَ} ، {غَفُورًا}: خبر أول لـ {كَانَ} ، {رَحِيمًا}: خبر ثان لها، وجملة {كَانَ} في محل الرفع خبر {إِنَّ} ، وجملة {إِنَّ} مستأنفة.
{وَلَا تُجَادِلْ} : جازم وفعل، وفاعله ضمير يعود على محمد، والجملة مستأنفة، {عَنِ الَّذِينَ}: متعلق به، {يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول ومضاف إليه، والجملة صلة الموصول، {إِنَّ اللَّهَ}: ناصب ومنصوب، {لَا}: نافية، {يُحِبُّ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهَ} ، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إِنَّ} ، وجملة {إِنَّ} في محل الجر معللة للنهي السابق
قبلها، {مَن}: اسم موصول في محل النصب مفعول به، {كاَنَ}: فعل ماض ناقص، واسمها ضمير يعود على {مَن} ، {خَوَّانًا}: خبر {كاَنَ} ، {أَثِيمًا}: صفة له، أو خبر ثان لها، وجملة {كَانَ} صلة الموصول.
{يَسْتَخْفُونَ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، {مِنَ النَّاسِ}: متعلق به، {وَلَا يَسْتَخْفُونَ}: ناف وفعل وفاعل، معطوف على {يَسْتَخْفُونَ} ، {مِنَ اللَّهِ}: متعلق به، {وَهُوَ}: مبتدأ، {مَعَهُمْ}: خبره، والجملة حال من لفظ الجلالة، {إِذ}: ظرف لما مضى متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر، {يُبيتُونَ}: فعل وفاعل، مضاف إليه لـ {إذ} {مَا}: اسم موصول في محل النصب مفعول لـ {يُبَيِّتُونَ} ، {لَا}: نافية، {يَرْضَى}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والمفعول محذوف، تقديره: يرضاه، وهو العائد على {مَا} الموصولة، والجملة صلة لـ {مَا} أو صفة لها، {مِنَ الْقَوْلِ}: حال من الضمير المحذوف، {وَكَانَ اللَّهُ}: فعل ناقص واسمه، {بِمَا يَعْمَلُونَ}: متعلق بـ {مُحِيطًا} وهو خبر {كَانَ} ، وجملة {كَانَ} هو مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{هَا أَنْتُمْ} : {ها} : حرف تنبيه، {أنتم}: مبتدأ، {هَؤُلَاءِ}: منادى نكرة مقصودة، حذف منه حرف النداء، وجملة النداء معترضة، لاعتراضها بين المبتدأ والخبر، {جَادَلْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الإسمية مستأنفة، {عَنْهُمْ}: متعلق بـ {جَادَلْتُمْ} ، {فِي الْحَيَاةِ}: متعلق بـ {جَادَلْتُمْ} أيضًا، {الدُّنْيَا} صفة للحياة، {فَمَن} {الفاء}: عاطفة، {من} اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ، {يُجَادِلُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {اللَّهَ}: مفعول به، {عَنْهُمْ}: متعلق بـ {يُجَادِلُ} ، والجملة الفعلية
خبر المبتدأ، والجملة الإسمية معطوفة على جملة قوله:{هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ} على كونها مستأنفة، {يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: ظرف ومضاف إليه، متعلق بـ {يُجَادِلُ} ، {أَم}: منقطعة تعطف جملة على جملة، {مَنْ}: اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ، {يَكُونُ}: فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير يعود على {مَنْ} ، {عَلَيْهِمْ}: متعلق بـ {وَكِيلًا} وهو خبر {يَكُونُ} ، وجملة {يَكُونُ} في محل الرفع خبر {مَنْ} ، والجملة الإسمية معطوفة على جملة قوله:{فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ} .
{وَمَن} : اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط أو الجواب أو هما، {يَعْمَلْ سُوءًا}: فعل ومفعول، مجزوم بـ {مَنْ} على كونه فعل شرط لها، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ}: فعل ومفعول، معطوف على {يَعْمَلْ} ، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ}: فعل ومفعول أول، معطوف على {يَظْلِمْ} أو على {يَعْمَلْ} ، والمفعول الثاني محذوف، تقديره: ذنبه، {يَجِدِ اللَّهَ}: فعل ومفعول أول، مجزوم بـ {من} على كونه جواب الشرط، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {غَفُورا}: مفعول ثان، {رَحِيمًا}: صفة لـ {غَفُورًا} ، وجملة {من} الشرطية مستأنفة.
{وَمَنْ} {الواو} : عاطفة، {من}: اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط أو الجواب، {يَكْسِبْ إِثْمًا}: فعل ومفعول، مجزوم بـ {من} على كونه فعل شرط لها، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {فَإِنَّمَا}:{الفاء} : رابطة لجواب {من} ، {إنما} أداة حصر، {يَكْسِبُهُ}: فعل ومفعول، {عَلَى نَفْسِهِ} جار ومجرور متعلق به، وفاعله ضمير يعود على {من} ، والجملة في محل الجزم بـ {من} على كونها جوابًا لها، وجملة {من} الشرطية معطوفة
على جملة {من} الأولى، {وَكَانَ اللَّهُ}: فعل ناقص واسمه، {عَلِيمًا}: خبر أول لها، {حَكِيمًا}: خبر ثان لها، وجملة {كان} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً} : جازم ومجزوم ومفعول به، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {أَوْ إِثْمًا}: معطوف على {خَطِيئَةً} ، {ثُمَّ يَرْمِ}: معطوف على {يَكْسِبْ} ، مجزوم بحذف حرف العلة، وفاعله ضمير يعود على {من} ، {بِهِ} متعلق بـ {يرم} ، {بَرِيئًا}: مفعول به، {فَقَدِ} {الفاء}: رابطة لجواب {من} وجوبًا، {قد}: حرف تحقيق، {احْتَمَلَ}: فعل ماض في محل الجزم بـ {مَنْ} على كونه جوابًا لها، وفاعله ضمير يعود على {من} {بُهْتَانًا}: مفعول به، {وَإِثْمًا}: معطوف عليه، {مُبِينًا}: صفة له، وجملة {من} الشرطية معطوفة على جملة {من} ، ولى.
{ولولا} {الواو} : استئنافية، {لولا}: حرف امتناع لوجود، {فَضْلُ اللَّهِ}: مبتدأ ومضاف إليه، {عَلَيْكَ}: متعلق به، {وَرَحْمَتُهُ}: معطوف على {فَضْلُ اللَّهِ} ، وخبر المبتدأ محذوف وجوبًا؛ لقيام جواب {لولا} مقامه، تقديره: موجودان، {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ}:{اللام} : رابطة لجواب {لولا} {همت طائفة} : فعل وفاعل، {مِنْهُمْ}: جار ومجرور صفة لـ {طَائِفَةٌ} ، والجملة الفعلية جواب {لولا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لولا} مع جوابها مستأنفة استئنافًا نحويًّا، والمعنى: انتفى ضلالك الذي هموا به لوجود فضل الله عليك بالعصمة والحفظ، {أَنْ يُضِلُّوكَ}: ناصب وفعل وفاعل ومفعول به، وجملة {أَن} المصدرية مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بالباء المحذوفة
المتعلقة بـ {همت} تقديره: لهمت طائفة منهم بإضلالهم إياك، {وَمَا}: الواو استئنافية، {ما}: نافية، {يُضِلُّونَ}: فعل وفاعل، {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ، {أَنْفُسَهُمْ}: مفعول به ومضاف إليه، {وَمَا} {الواو}: عاطفة، {ما}: نافية، {يَضُرُّونَكَ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَمَا يضلون} ، {مِن} زائدة، {شَيْءٍ}: منصوب على المفعولية، بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف جر زائد؛ أي: ما يضرونك شيئًا من الضرر لا قليلًا ولا كثيرًا، {وَأَنْزَلَ اللَّهُ}: فعل وفاعل، {عَلَيْكَ}: متعلق به، {الْكِتَابَ}: مفعول به، {وَالْحِكْمَةَ}: معطوف عليه، والجملة الفعلية مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها، {وَعَلَّمَكَ}: فعل ومفعول أول، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، والجملة معطوفة على جملة {أنزل} ، {مَا}: موصولة أو موصوفة في محل النصب مفعول ثان لـ {علم} ، {لَمْ}: حرف نفي وجزم، {تَكُن}: فعل ناقص مجزوم بـ {لَمْ} ، واسمه ضمير يعود على محمد، {تَعْلَمُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على محمد، ومفعوله محذوف، تقديره: ما لم تكن تعلمه، وهو بمعنى عرف يتعدى إلى مفعول واحد، وجملة {تَعْلَمُ} في محل النصب خبر {تَكُن} ، وجملة {تَكُن} صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط الضمير المحذوف، {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ}: فعل ناقص واسمه ومضاف إليه، {عَلَيْكَ}: متعلق بـ {فَضْلُ اللَّهِ} أو حال منه، {عَظِيمًا}: خبر {كان} ، وجملة {كان} مستأنفة.
التصريف ومفردات اللغة
{أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} : يقال قصرت الشيء من باب نصر، إذا جعلته قصيرًا بحذف بعض أجزائه، فمتعلق القصر جملة الشيء لا بعضه، فإن البعض متعلق الحذف، والقصير ضد الطويل، والقصر بالفتح من القصر - كعنب - ضد الطول، و {الجناح}: التضييق من جنح البعير إذا انكسرت جوانحه - أضلاعه - لثقل حمله، {عَدُوًّا مُبِينًا}: في "المصباح" قال في "مختصر العين" يقع العدو بلفظ واحد على الواحد المذكر والمؤنث والمجموع انتهى، {وَلْيَأخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}:
والأسلحة جمع سلاح، وهو كل ما يتحصن الإنسان ويدافع به عن نفسه في الحرب، ويقاتل به، من سيف وخنجر ورمح ومسدس وبندقية، ومن جميع أسلحة العصر الحاضر، وقال الليث: يقال للسيف وَحْدَه سلاح، وللعصا وَحْدَها سلاح، وقال ابن دريد: يقال سلاح على وزن حمار، وسلح على وزن ضلع، وسلح على وزن صرد، وسلحان على وزن سلطان، ويقال: رجل سالح إذا كان معه سلاح، والسلح نبت إذا رعته الإبل .. سمنت وغزر لبنها، وما يلقيه البعير من جوفه يقال له: سُلاح بوزن غُلام، ثم عبر به عن كل عذرة.
{وَلْيَأخُذُوا حِذْرَهُمْ} والحذر بفتحتين وبكسر فسكون التحرز والاحتياط، يقال: حذر حذرًا وحذرًا من باب تعب. {وَأَمْتِعَتِكُمْ} : جمع متاع، وجمع الجمع أماتع وأماتيع، والمتاع كل ما ينتفع به من عروض الدنيا كثيرها وقليلها، سوى الفضة والذهب، وكل ما يلبسه الإنسان ويبسطه، وما ينتفع به انتفاعًا قليلًا غير باق بل ينقضي عن قريب، يقال: إنما الحياة الدنيا متاع؛ أي: بلغة يتبلغ به لا بقاء له.
{أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} : جمع مريض، كقتلى جمع قتيل، وجرحى جمع جريح. {عَذَابًا مُهِينًا}: اسم فاعل من أهان يهين إهانة - نظير أعان - إذا أذله، فهو مهين وذاك مهان. {قِيَامًا وَقُعُودًا} جمع قائم وقاعد، {فَإِذَا اطْمَأنَنْتُمْ}: الهمزة فيه أصلية، ووزن الكلمة افعلل، والمصدر الطمأنينة كالقشعريرة، والاطمئنان كالاقشعرار، والطمأنينة سكون النفس من الخوف، وأما قولهم طامن رأسه فأصل آخر. {مَوْقُوتًا}: مفعول من وقت بالتخفيف، كمضروب من ضرب، ولم يقل موقوتة بالتاء مراعاة لكتابًا، فإنه في الأصل مصدر.
{وَلَا تَهِنُوا} : يقال وهن يهن من باب وعد، وهنا يقال وهنه إذا أضعفه، ووَهُنَ يَوْهُن وهنًا بإسكان العين، ووهنًا بالتحريك، من باب فعل المضموم، إذا ضعف في الأمر أو العمل أو البدن، ويقال: وَهِنَ يَهِن بكسر العين في الماضي والمضارع وَهْنًا ووَهَنًا، ووَهِنَ ويَوْهَن على وزن وَجِلَ يَوْجَل، وهنا بالتحريك بمعنى: وهن بضم العين. {إِنْ تَكُونُوا تَألَمُونَ} : ويقرأ {تيلمون} بكسر التاء وقلب
الهمزة ياء، وهي لغة تميم. {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}: الهمزة (1) ههنا معدية، والفعل من رأيت الشيء إذا ذهبت إليه، وهو من الرأي، وهو متعد إلى مفعول واحد، وبعد الهمزة يتعدى إلى مفعولين، أحدهما الكاف، والآخر محذوف؛ أي: أراكه، وقيل المعنى: علمك، وهو متعد إلى مفعولين، وهو قبل التشديد متعد إلى واحد، كقوله:{لَا تَعْلَمُونَهُمُ} ، {لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}: فعيل بمعنى مفاعل؛ أي: مخاصمًا لهم واللام على بابها؛ أي: لأجل الخائنين، وقيل: هي بمعنى عن وليس بشيء، لصحة المعنى بدون ذلك، ومفعول {خَصِيمًا} محذوف، تقديره: خصيمًا البرىء، {وَلَا تُجَادِلْ}: المجادلة أشد المخاصمة، {خَوَّانًا أَثِيمًا}: هما صيغتا مبالغة؛ أي: كثير الخيانة والإثم {وَكِيلًا} الوكيل هو الذي يوكل إليه الأمر في الحفظ والحماية {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} استفعل من الاستغفار، والاستغفار طلب المغفرة من الله تعالى، مع الشعور بقبح الذنب والتوبة منه، {وَمَنْ يَكْسِبْ}: الكسب هو ما يجر منفعة أو يدفع مضرة، {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ}: ولولا ضابطها هي كلمة موضوعة للدلالة على امتناع وجود مضمون الجواب لوجود مضمون الشرط.
البلاغة
وتضمنت هذه الآيات أنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع (2):
منها: الاستعارة في قوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} و {فَيَمِيلُونَ} استعار الميل للحرب.
ومنها: التكرار في قوله: {جُنَاحَ} {وَلَا جُنَاحَ} لاختلاف متعلقهما، وفي قوله:{فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ} {وَلْتَأتِ طَائِفَةٌ} وفي الحذر والأسلحة، و {الصَّلَاةَ} ، و {تَألَمُونَ} ، وفي اسم {اللَّهِ} .
ومنها: التجنيس المغاير في قوله: {فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً} وفي قوله: {كَفَرُوا
(1) العكبري.
(2)
البحر المحيط.
إِنَّ الْكَافِرِينَ} و {تختانون} و {خَوَّانًا} و {يَسْتَغْفِرِ} و {غَفُورًا} .
ومنها: التجنيس المماثل في قوله: {فَأَقَمْتَ} {فَلْتَقُمْ} ، وفي قوله:{لَمْ يُصَلُّوا} {فَلْيُصَلُّوا} ، وفي قوله:{يَسْتَخْفُونَ} {وَلَا يَسْتَخْفُونَ} ، وفي قوله:{جَادَلْتُمْ} {فَمَن يُجَادِل} ، وفي قوله:{يَكْسِبْ} و {يَكْسِبْ} ، وفي قوله:{يُضِلُّوكَ} {وَمَا يُضِلُّونَ} ، وفي قوله:{وَعَلَّمَكَ} و {تَعْلَمُ} .
ومنها: العام يراد به الخاص في قوله {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} ظاهره العموم، وأجمعوا على أن المراد بها صلاة الخوف خاصة؛ لأن السياق يدل على ذلك، ولذلك كانت أل فيه للعهد انتهى. وإذا كانت أن للعهد .. فليس من باب العام المراد به الخاص؛ لأن أن للعموم وأل للعهد، فهما قسيمان، فإذا استعمل لأحد القسيمين .. فليس موضوعًا للآخر.
ومنها: الإبهام في قوله: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} ، وفي قوله:{مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} .
ومنها: خطاب عين ويراد به غيره في قوله: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} فإنه صلى الله عليه وسلم محروس بالعصمة عن أن يخاصم عن المبطلين.
ومنها: التتميم في قوله: {وَهُوَ مَعَهُمْ} للإنكار عليهم، والتغليظ لقبح فعلهم؛ لأن حياء الإنسان ممن يصحبه أكثر من حيائه وحده، وأصل المعية في الإجرام، والله تعالى منزه عن ذلك، فهو مع عبده بالعلم والإحاطة.
ومنها: إطلاق وصف الإجرام على المعاني في قوله: {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا} .
ومنها: الحذف في مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
قال الله سبحانه جلَّ وعلا:
المناسبة
قوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها ظاهرة؛ لأنه لا يزال الحديث (1) في الذين يختانون أنفسهم، ويستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، وهم طعمة بن أبيرق ومن أراد مساعدته من بني جلدته.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ
…
} إلي قوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما
(1) المراغي.
أنزل قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} في شأن طعمة بن أبيرق سارق الدرع، ورميه اليهودي بسرقته، وأنزل أيضًا قوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ
…
} إلخ، في ارتداده عن الدين، ولحوقه بالمشركين .. ذكر هنا أنه لو لم يرتد لم يكن محرومًا من رحمة الله، ولكنه بارتداده صار بينه وبين رحمته حجاب أيما حجاب، فإن كل ذنب يجوز أن يغفره الله للناس إلا ذنب الشرك، فإن صاحبه مطرود من عفوه ورحمته.
قوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ
…
} هو الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى (1) لما بين في الآيات السالفة أن الشيطان يعدهم ويمنيهم، ويدخل في تلك الأماني ما كان يمنيه أهل الكتاب، من الغرور بدينهم، إذ كانوا يرون أنهم شعب الله الخاص، ويقولون إنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودات، وقد سرى لهم هذا الغرور من اتكالهم على الشفاعات، وزعمهم أن فضلهم على غيرهم من البشر بمن بعث فيهم من الأنبياء، فهم يدخلون الجنة بكرامتهم لا بأعمالهم .. حذرنا هنا في هذه الآيات الكريمات أن نكون مثلهم، وكانت هذه الأماني قد دبت إلى المسلمين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، كما دل على ذلك قوله تعالى: {أَلَمْ يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ
…
}
…
الآية، فلضعفاء الإيمان من المسلمين في الصدر الأول ولأمثالهم في كل زمن أنزلت هذه الموعظة، ولو تدبروها لما كان لهذه الأماني عليهم من سلطان.
أسباب النزول
قوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى
…
} الآية، روي في سبب نزولها (2): أن طعمة بن أبيرق لما رأى أن الله تعالى هتك ستره، وبرأ اليهودي عن تهمة السرقة .. ارتد وذهب إلى مكة، ونقب جدار إنسان لأجل السرقة، فتهدم الجدار عليه ومات، فنزلت هذه الآية.
(1) المراغي.
(2)
المراح.