الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال السيوطي
(1)
: ليس في الآية ما يدل على أن جنسهم لا يعلم وإنّما المنفيّ علم أعيانهم، ولا ينافيه العلم بكونهم من قريظة أو من الجن، وهو نظير قوله في المنافقين:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}
(2)
، فإنّ المنفيّ علم أعيانهم. ثم القول في أولئك بأنهم بنو قريظة، أخرجه ابن أبي حاتم
(3)
عن مجاهد، والقول بأنهم من الجن، أخرجه ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن عريب عن أبيه مرفوعا عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلا جرأة.
المطلب الخامس: الكتب المؤلفة في هذا الفن:
كانت الآيات المبهمة وتفسيرها مبثوثة في كتب التفسير، ولم يكن لهذا العلم مصنّف خاص، وكان من السابقين إلى التأليف فيه:
1 -
الإمام أبو زيد وأبو القاسم أيضا عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعمي الأندلسي السهيلي
(4)
(508 - 581 هـ).صنف مؤلفات تدل على سعة علمه وقوة فهمه منها:
1 -
الروض الأنف في شرح السيرة النبوية.
2 -
نتائج الفكر في النحو.
3 -
كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية.
4 -
الأمالي في النحو.
وهذه المؤلفات الثلاثة الأخيرة طبعت بتحقيق الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم البنا.
(1)
الإتقان: (4/ 80، 81).
(2)
سورة التوبة: آية: 101.
(3)
انظر تخريج هذا الأثر والذي بعده عند تفسير هذه الآية في هذا الكتاب: ص: 527.
(4)
أخباره في: بغية الملتمس: 354، وإنباه الرواة:(2/ 162 - 164) ووفيات الأعيان: (3/ 143، 144)، والعبر للذهبي: 4/ 244، والديباج المذهب:(1/ 480، 483).
أما كتاب السهيليّ في المبهمات فاسمه التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام، أودع فيه رحمه الله مبهمات القرآن وذكرها بشيء من الإيجاز والإجمال، وقد وصف كتابه في مقدمته
(1)
بأنه مختصر وجيز، وبيّن في هذه المقدمة موضوع الكتاب، وأهمية علم المبهمات عند السلف، والفائدة من هذا العلم.
وذكر في نهاية الكتاب الباعث على تأليفه والمنهج الذي سار عليه في تأليفه فقال: (كان إملائي لهذا الكتاب على سائل سألني عن هذه الأسماء المبهمة في القرآن إملاء، ممّا حفظته قديما وحديثا، مطالعة ودرسا في كتب التفسير والأخبار، ومسندات الحديث والآثار، فمنه ما حفظت لفظه فأوردته كما حفظته، ومنه ما اختلف فيه ألفاظ الرواة فلم أتتبع جميعها ولكني لخصت المعنى متحريا، والصواب في تلك الأنحاء متوخيا، وأضربت عن الإسناد لما رويته من ذلك مختصرا، إذ كان الكتاب جوابا لسائل، وعجالة لمستفهم، ونبّهت في أكثره على المواضع التي منها أخذت والدواوين التي طالعت. وكذا ما أوردت فيه من الأسباب فهو موجود أيضا في كتب السير وأنساب العرب المشهورة عن أهل الأدب، فلم أحتج إلى الإشهاد على ما ذكرته بأكثر مما أوردته وأحلت عليه
…
).
أما ترتيب الكتاب فقد بدأ فيه السّهيليّ رحمه الله بتفسير سورة الفاتحة وانتهى بسورة الفلق، ولم يتناول مبهمات جميع سور القرآن بل أغفل مبهمات تسع وعشرين سورة وهي: سورة العنكبوت، فاطر، الشورى، الذاريات، الحديد، التغابن، الطلاق، الملك، الدهر، المرسلات، النبأ، النازعات، المطففين، الانشقاق، الأعلى، الغاشية، الضحى، الانشراح، القدر، البيّنة، الزلزلة، العاديات، القارعة، التكاثر، العصر، النصر، الإخلاص، الناس.
أما السور التي تعرض لها فقد بلغ مجموع آياتها (294) آية وهو يذكر اسم السورة ثم الآية المبهمة مرتبا ذلك - في الأعم الأغلب - حسب ورودها
(1)
التعريف والإعلام: 8.
في المصحف، وعند ما ينتهي من الآية يبدأ بذكر آية جديدة
…
وهكذا إلى آخر السورة.
أما منهجه في بيان المبهم فإنه يعتمد على ما يلي:
أولا:
يعتمد على القرآن نفسه، وقد تجلى ذلك في أول آية تناولها وهي:
{صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}
(1)
، قال
(2)
: هم الذين ذكرهم الله في سورة النساء
(3)
حين قال: {فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ
…
} وأيد ما استنبطه بدليل عقلي ملخّصه أن كل سائر في طريق يحتاج إلى رفيق، يؤنسه ويشد من أزره، ولعله إنما حمله على ذلك ما أورد من حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه عند احتضاره:«اللهم الرفيق الأعلى» ، واستأنس بحديث:«خير الرفقاء أربعة»
(4)
.ومثل ذلك يمكن أن يقال في بيانه لقوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ، حيث أورد قوله تعالى:{وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ}
(5)
.
ثانيا:
فإن لم يجد تفسير المبهم في القرآن ينتقل إلى السنة المطهرة ومن النماذج على ذلك:
1 -
لما ذكر قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا}
(6)
فقد بيّن
(1)
سورة الفاتحة: آية: 7.
(2)
التعريف والإعلام: 9.
(3)
آية: 69.
(4)
أورد المصنف رحمه الله هذا الحديث والذي قبله عند تفسير هذه الآية. انظر تخريجهما هناك.
(5)
سورة البقرة: آية: 61. وقد تكرر استشهاده بآيات القرآن في كشف الإبهام في الصفحات الآتية: (146، 313، 423، 564، 569).
(6)
سورة آل عمران: آية: 122.
الطائفتين بذكر الحديث الذي ورد في صحيح البخاري
(1)
عن جابر بن عبد الله أنه قال: «هم بنو سلمة وبنو حارثة» .
2 -
وفي سبب نزول قوله تعالى: {وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ}
(2)
أورد الحديث عن سنن الترمذي وتفسير الطبريّ وغيرهما
(3)
.
ثالثا:
إذا لم يجد في القرآن الكريم والسنة المطهرة ما يفسر المبهم ينتقل إلى أقوال الصحابة والتابعين في تفسير تلك الآيات المبهمة لكنه - غالبا - لا يصرح بأسمائهم عند ما ينقل عنهم
(4)
، وأكثر هذه الأقوال ترجع إلى عبد الله ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، والربيع بن أنس، ووهب بن منبه.
وفي بعض الأحيان يعزو القول إلى أحدهم مصرحا باسمه
(5)
.
(1)
انظر تخريج هذا الحديث: ص 306.
(2)
سورة النساء: آية: 107.
(3)
انظر: صلة الجمع: (356 - 359)، وقد تكرر استشهاده بالحديث في الصفحات الآتية:(370، 398، 418، 492، 502، 503، 518، 549، 557، 565).
(4)
انظر تفسير قوله تعالى: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ (البقرة: آية: 35)، ص: 143، وتفسير قوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (البقرة: آية: 40)، وتفسير قوله تعالى: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
…
(البقرة: آية: 49)، وتفسير قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ (آل عمران: آية: 23)، وتفسير قوله تعالى: وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ (آل عمران: آية: 72). وانظر الصفحات الآتية: (145، 147، 151، 157، 166، 171، 173، 261، 274، 289، 294، 306).
(5)
انظر ما صرح بنقله عن ابن عباس في الصفحات الآتية: (351، 353، 496)، وعن عكرمة: 353، وعن قتادة: 467، وعن مجاهد:496.
ويلاحظ على كتاب التعريف والإعلام للسهيلي ورود الأحاديث الضعيفة، مثل الحديث الذي مر ذكره قبل قليل «خير الرفقاء أربعة» وغيره، وقد بيّن الإمام السّهيليّ رحمه الله أنه لم يشترط في كتابه إيراد الصحيح فقط، وذلك عند تفسيره قوله تعالى:{لَها سَبْعَةُ أَبْاابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ}
(1)
قال
(2)
: «وقع في كتب الوعظ والرقائق أسماء هذه الأبواب على ترتيب لم يرد في أثر صحيح وإن كنا لم نشترط في هذا الكتاب على أن نقتصر على الصحيح دون غيره
…
».
كما يلاحظ على كتاب السّهيليّ - أيضا - ورود الأقوال الغريبة دون تعقيب عليها، مثال ذلك ما ذكره حول مواضع هبوط آدم عليه السلام وحواء، وإبليس والحية
(3)
.
كما يلاحظ أيضا استطراد المؤلف رحمه الله في ذكر أمور لا تتعلق بموضوع الكتاب، من ذلك محاولته بيان نوع الشجرة التي منع آدم عليه السلام أكلها، والحكمة من منعه منها ولو بعلة واهية
(4)
.
ومن ذلك أيضا ذكر أول من سجد من الملائكة لآدم
…
وغير ذلك من الأمور التي ليس هناك حاجة إلى معرفتها ولا يترتب عليها فائدة.
ولكن يبقى للإمام السهيلي رحمه الله فضل السبق إلى الكتابة في هذا العلم، والذي لا يعرف قبله من أفرده بمصنّف مستقل.
والكتاب مطبوع في مصر عام (1356 هـ، 1938 م) باعتناء الشيخ محمود ربيع.
كما طبع في بيروت عام (1407 هـ - 1987) بتحقيق الأستاذ عبد أ. مهنا.
هذا وقد ذكر صاحب هدية العارفين
(5)
، والأستاذ خير الدين
(1)
سورة الحجر: آية: 44.
(2)
التعريف والإعلام: 62.
(3)
التعريف والإعلام: 10، وانظر: صلة الجمع: 133.
(4)
المصدر نفسه.
(5)
هدية العارفين: 1/ 520.
الزركلي
(1)
، والأستاذ عادل نويهض
(2)
أن للإمام السّهيليّ رحمه الله كتابا آخر في مبهمات القرآن غير التعريف والإعلام واسمه: الإيضاح والتبيين لما أبهم من تفسير الكتاب المبين. لم أقف على من نسبه إلى السهيلي غير هؤلاء.
2 -
ثم جاء الإمام العلاّمة أبو عبد الله بن عسكر وهو: محمد بن علي بن خضر الغسّاني، الأندلسيّ، المالقي (؟ - 636 هـ).
صنّف كتبا كثيرة منها المشرع الروي في الزيادة على غريبي الهروي، ونزهة النّاظر في مناقب عمار بن ياسر، والإكمال والإتمام في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام
…
وغير ذلك
(3)
.
أما كتابه في المبهمات فاسمه «التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام»
(4)
، وواضح من عنوانه أنه ذيل على كتاب السّهيليّ (التعريف والإعلام)، وقد ذكر ابن عسكر رحمه الله أن الهدف من تصنيفه هذا الكتاب هو إتمام الفائدة بذكر المبهم الذي لم يذكره السهيلي فقال: (وأجد الشّيخ رضي الله عنه يعني السهيلي - قد أغفله ولم يحل قفله، ألحقه من كتابه في الطرر وأضيف جوهرة إلى تلك الدرر، حرصا على أن تعظم الفائدة لمن استفاد، وتبقى الفائدة بعد النفاد
…
).
وبيّن ابن عسكر رحمه الله فضل الإمام السّهيليّ عليه وفضل كتابه على كتابه هذا وقال - في أدب العالم المتواضع - يصف كتاب السّهيليّ:
(فهو وإن كان ضئيلا حجمه فقد أشرق في الإبداع نجمه وإني لم أزل منذ رأيت سناه وفهمت مقصده الشريف ومنحاه، أرتشف من حياضه وأقتطف من
(1)
الأعلام: 3/ 313.
(2)
معجم المفسرين: 1/ 267.
(3)
أخباره في: الذيل والتكملة: 6/ 450، وسير أعلام النبلاء:(23/ 65، 66)، والإحاطة:(2/ 172 - 175) والمرقبة العليا: 123، وبغية الوعاة: 1/ 179.
(4)
حققه الباحث حسين عبد الهادي بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض عام (1404 هـ) ونال به درجة الدكتوراة.
أزهار رياضه
…
) وذكر أنه لم يرد بتصنيف كتابه هذا نقض كتاب السّهيليّ فقال: (وأبرأ في ذلك من تعاطى المعارضة، أو بعسف المناقضة، وكيف وكل ما استفدته من شيوخي رضي الله عنهم الذين أعتمد عليهم، وأسند ما أورده إليهم إنّما هو قطرة من بحره الزاخر، ومعدود فيما له من الفضائل والمفاخر، فجميع ما أثبت من ذلك وأبديه إنّما هو في الحقيقة مصروف إليه وموقوف عليه
…
).
وبيّن في مقدمته أيضا أنه سيتناول الآيات التي لم يتعرض لها السهيلي في كتابه إلا أن يكون فيما ذكره تنبيه يحتاج إليه.
ثم شرع في بيان المبهم وابتدأ من أول القرآن إلى منتهاه مبتدئا بذكر سورة الفاتحة مختتما بسورة الناس مراعيا في ذلك ترتيب المصحف.
إلا أن كتابه هذا لم يشمل جميع سور القرآن، فلم يتعرض ابن عسكر لخمس عشرة سورة وهي: سورة الغاشية، البلد، الشمس، الليل، الشرح، البينة، الزلزلة، العاديات، القارعة، العصر، الفيل، قريش، المسد، الإخلاص، الفلق.
وقد بلغت الآيات المبهمة التي استدركها على السهيلي (479) آية
(1)
.
وهو في عرضه للآية المبهمة يورد الأقوال من غير إسناد جريا على عادة الإمام السّهيليّ في التعريف والإعلام، إلا في القليل النادر، وقد أشار ابن عسكر رحمه الله إلى ذلك في خاتمة الكتاب
(2)
، وذكر هناك أيضا أهم المصادر التي رجع إليها أثناء تصنيف هذا الكتاب.
أما منهجه في بيان المبهم فإنه يعتمد على ما يلي:
أولا:
على القرآن نفسه، مثال ذلك ما أورده عند تفسير قوله تعالى:{صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}
(3)
، في بيان المنعم عليهم، وذكر قول من قال إنهم
(1)
ذكره الباحث حسين عبد الهادي في تحقيقه للتكميل والإتمام: 50.
(2)
التكميل والإتمام: 100 ب.
(3)
سورة الفاتحة: 7.
مؤمنو أهل الكتاب، وأورد دليل هذا القول وهو قوله تعالى:{يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ}
(1)
.
وكذلك ما أورده من آيات في سبب تسمية اليهود والنّصارى، وذكر أن اليهود سمّوا بذلك لقولهم:{إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ}
(2)
، وأن النصارى سموا بذلك لقولهم:{نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ}
(3)
.
ثانيا:
وإذا لم يجد تفسير المبهم في القرآن الكريم ينتقل إلى السنة المطهرة، وهو أحيانا يسوق الحديث بسنده
(4)
، وغالبا ما يذكر الحديث دون إسناد لكنه يشير إلى مصدره
(5)
.
ثالثا:
ثم ينتقل إلى أقوال الصحابة ثم التابعين، وأبرز من ينقل عنهم من الصحابة عبد الله بن عباس
(6)
رضي الله عنهما، وأبو سعيد الخدري، ومن التابعين عكرمة، والحسن البصري
…
وغيرهم.
ويلاحظ أن ابن عسكر قد نحا نحو السّهيليّ في استطراداته اللّغوية والنحوية والفقيهة وغيرها. وربما أسهب في الحديث في بعض القضايا التي ليست من موضوع الكتاب، ومن ذلك استطراده في بيان الحجارة في قوله
(1)
سورة البقرة: آية: 40.
(2)
سورة الأعراف: آية: 156.
(3)
سورة آل عمران: آية: 52.ومن الأمثلة على ذلك ما أورده في الصفحات الآتية: (124، 149، 326، 343، 344، 409، 432، 433، 491، 498).
(4)
انظر الحديث: «فاتحة الكتاب شفاء من السم» ، وقد أورده بسنده، لكنه لم يبين درجته. انظر تخريجه: ص: 114.
(5)
انظر الصفحات الآتية: (111، 138، 139، 149، 201، 209، 282، 292، 312، 320، 327، 333، 337، 356، 367، 391، 412، 415، 426، 430).
(6)
انظر: صلة الجمع: (106، 121، 212، 275، 494).
تعالى: {وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ}
(1)
معللا اختياره لها ملتمسا الحكمة في ذلك ومثل هذا يمكن أن يقال في حديثه الطويل عن آدم أبي البشر، حيث أسهب في بيان متى خلق، وكم كان طوله، وكم أقام في الجنّة قبل أن يخلق وبعد أن خلق، ولم سمّيت حواء بهذا الاسم
(2)
.
وابن عسكر يذكر القراءات ويوجهها ويختار ويرجح، كما فعل عند قوله تعالى:{وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ}
(3)
، فذكر قراءة من قرأ بفتح اللام، وقراءة الحسن بكسرها، وذكر أنه على القراءة الأولى يكون المراد بهما هاروت وماروت. وعلى القراءة الثانية يكون المراد بهما: داود وسليمان عليهما السلام. وناقش هذا القول الأخير ورده.
3 -
وفي القرن السابع - أيضا - جاء ابن فرتون
(4)
، وهو أحمد بن يوسف بن أحمد السلمي:(؟ - 660 هـ) فصنّف كتاب الاستدراك والإتمام للتعريف والإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام وقد نسب هذا الكتاب له ابن القاضي
(5)
، ولم أقف على هذا الكتاب مطبوعا أو مخطوطا.
4 -
ثم جاء أبو عبد الله الشّاميّ: (671 - 715 هـ) وهو: محمّد بن علي بن يحيى بن علي الغرناطي، الأندلسيّ، المعروف ب «الشّاميّ» ، الإمام الفقيه، المفسّر، النّحوي، الأديب الشّاعر، من أهل غرناطة، وبها نشأ وتعلّم.
(1)
سورة البقرة: آية: 24.
(2)
صلة الجمع: (136، 137) ومن ذلك استطراده في ذكر أسماء القبائل التي ارتدت عند تفسير قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ المائدة: 54. واستطراده في ذكر أسماء خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ص: 518.
(3)
سورة البقرة: آية: 102.
(4)
ترجمته في جذوة الاقتباس: (1/ 117 - 119)، ونيل الابتهاج: 63، وشجرة النور الزكية: 200، وفهرس الفهارس: 2/ 910، والأعلام: 1/ 274، ومعجم المؤلفين: 2/ 208، ومعجم المفسرين: 2/ 765.
(5)
جذوة الاقتباس: 1/ 118، وكذلك الشيخ محمد بن مخلوف في شجرة النور الزكية: 200، والزركلي في الأعلام: 2/ 247 وعادل نويهض في معجم المفسرين: 2/ 765.
وحجّ، وأقام بمكة والمدينة مدة، ومات بالمدينة المنورة
(1)
.
وقد نسب إليه إسماعيل باشا البغدادي
(2)
كتابا في مبهمات القرآن وهو الاستدراك على التعريف والإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام.
5 -
ثم جاء الإمام بدر الدين ابن جماعة وهو: محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحمويّ: (639 - 733 هـ).
صنّف المنهل الرويّ في علوم الحديث النّبويّ، وتذكرة السّامع والمتكلّم في آداب العالم والمتعلم، ومختصر في السيرة النّبوية وغيرها
(3)
.
ألّف كتابين في مبهمات القرآن: أحدهما: التبيان لمبهمات القرآن، لم أقف عليه.
والثاني: غرر البيان لمبهمات القرآن، وقد أشار في مقدمة هذا الكتاب
(4)
إلى كتابه الأول فقال: (هذا كتاب اختصرت فحواه من كتاب سبق لي في معناه، أذكر فيه إن شاء الله تعالى اسم من ذكر في القرآن العظيم بصفته أو لقبه أو كنيته، وأنساب المشهورين من الأنبياء والمرسلين والملوك المذكورين، والمعنى بالنّاس والمؤمنين إذا ورد لقوم مخصوصين، وعدد ما أبهم عدده وأمد ما لم يبيّن أمده.
وذكرت ما وقع فيه من الخلاف، واقتصرت فيه على ذكر الأسماء دون تفاصيل القصص والأنباء، ورتبته على ترتيب سور القرآن وسمّيته: غرر البيان
(1)
أخباره في: غاية النهاية: 2/ 212، والدرر الكامنة: 4/ 214، والتحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة: 3/ 684، وبغية الوعاة: 1/ 193، ونفح الطيب:(2/ 661 - 662).
(2)
هدية العارفين: 2/ 143، وكذلك الأستاذ عادل نويهض في معجم المفسرين: 2/ 585.
(3)
أخباره في: فوات الوفيات: (3/ 297، 298)، وطبقات الشافعية للسبكي:(9/ 139 - 146)، والدرر الكامنة:(3/ 367 - 370)، وحسن المحاضرة: 1/ 245، وطبقات المفسرين للداودي:(2/ 53 - 55) وشذرات الذهب: 6/ 105.
(4)
غرر البيان: 89.
لمبهمات القرآن، وما تكرر من ذلك ذكرته في أول موضع ذكر فيه أو في أولى المواضع به
…
).
وقد بدأ الإمام بدر الدين ابن جماعة كتابه ببيان المبهم في سورة الفاتحة، واختتم بسورة الناس، تناول فيه جميع سور القرآن عدا سورة الإخلاص.
وقد حقق الطالب عبد الغفار البيني هذا الكتاب بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ونال به درجة الماجستير وذلك عام (1400 هـ).
6 -
ثم جاء الإمام البلنسيّ: (714 - 782 هـ) فصنّف كتاب صلة الجمع وعائد التذييل لموصول كتابي الإعلام والتكميل، وسيأتي الحديث عنه مفصلا في المبحث التالي إن شاء الله.
7 -
ثم جاء الإمام السيوطي، وهو: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي
(1)
: (849 - 911 هـ).
وقد صنّف الإمام السيوطي رحمه الله كتابا في مبهمات القرآن سماه «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن. بدأ فيه بمقدمة بيّن فيها أهمية علم المبهمات وضرورة الاعتناء به، وذكر كتب من سبقه في هذا الفن، فذكر كتاب السهيليّ وابن عسكر وابن جماعة، وأغفل ذكر كتاب البلنسيّ على رغم أنّه ذكر أنّ البلنسيّ صنّف الاستدراك على كتاب التعريف والإعلام للسّهيليّ، وذلك عند ما ترجم للبلنسيّ في كتابه بغية الوعاة
(2)
.
وقال في مقدمته
(3)
- بعد أن ذكر الكتب الثلاثة -: (وهذا كتاب يفوق الكتب الثلاثة بما حوى من الفوائد الزوائد، وحسن الإيجاز، وعز وكل قول إلى من قاله مخرجا من كتب الحديث والتفاسير المسندة، فإن ذلك أدعى لقبوله
(1)
أخباره في: حسن المحاضرة: 1/ 188، وشذرات الذهب: 8/ 51، والأعلام: 3/ 301، ومعجم المفسرين: 1/ 264.
(2)
بغية الوعاة: 1/ 191.
(3)
مفحمات الأقران: 7.
وأوقع في النّفس. فإن لم أقف عليه مسندا عزوته إلى قائله من المفسرين والعلماء).
وبعد هذه المقدمة شرع السيوطي في بيان المبهم مبتدئا بسورة الفاتحة مختتما بسورة النّاس، وقد تعرض خلاله لمبهمات إحدى وتسعين سورة من سور القرآن، أما بقية سور القرآن فلم يتعرض لها، وهي: الجاثية، الطور، والصف، التغابن، الطلاق، الملك، المزمل، الانفطار، المطففين، الانشقاق، الأعلى، الغاشية، والضحى، الشرح، البيّنة، الزلزلة، العاديات، القارعة، التكاثر، والعصر، الماعون، النّصر، الإخلاص.
وقد جاء كتابه هذا لطيف الحجم، مختصرا وجيزا، إلاّ أنّه لم يتعرض لبيان جميع الآيات المبهمة في القرآن، وقد طبع هذا الكتاب باعتناء الدكتور مصطفى ديب البغا عام (1403 هـ).
وطبع - أيضا - بتحقيق إياد خالد الطباع عام (1406 هـ)، وقدم له بدراسة موجزة.
8 -
ثم جاء الشيخ بحرق (869 - 930 هـ) وهو: محمد بن عمر بن مبارك بن الحضرمي المشهور ب «بحرق» ، الفقيه، الأديب، ولد بحضرموت وتلقى العلم بها وبزبيد ومكة والمدينة، ورحل إلى الهند وتوفي بها
(1)
.
له كتاب في مبهمات القرآن، وهو مختصر التعريف والإعلام للسّهيليّ، سمّاه:«تلخيص التعريف والإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام» ، وقد جاء في مقدمة كتابه:(هذه نبذة مخلّصة من التّعريف والإعلام لما أبهم في القرآن من أسماء الأعلام من نبيّ أو وليّ أو ملك أو جنّي أو بلد أو شجر أو كوكب، أو غير ذلك ممّا له اسم).
ثم بدأ ببيان مبهمات سورة البقرة بقوله تعالى: {اُسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}
(2)
، وانتهى بسورة المسد.
(1)
أخباره في: شذرات الذهب: (8/ 176، 177)، الضوء اللامع: 8/ 253، والأعلام: 6/ 315. وبحرق: بحاء مهملة بعد الموحدة، ثم راء مفتوحة بعدها قاف، عن الشذرات.
(2)
آية: 35.
والكتاب لا زال مخطوطا، وهو صغير جدا، يقع في ثلاثة عشر ورقة.
توجد نسخة منه بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى تحت رقم (953) مصورة عن مكتبة الأحقاف باليمن.
9 -
ثم جاء الأدكاوي: (1104 - 1184 هـ)، وهو: عبد الله بن عبد الله بن سلامة الأدكاوي
(1)
.
له كتاب في مبهمات القرآن سماه: «ترويح أولي الدماثة بمنتقى الكتب الثلاثة» ، وقد ضم فيه كتاب البلنسيّ إلى كتابي السهيلي وابن عسكر، وانتقى من فوائد هذه الكتب ما رآه مناسبا ولم يضف إليها شيئا.
وقد تبع الأدكاويّ البلنسيّ في إثبات الرموز والمصطلحات التي استخدمها في صلة الجمع، وذكر ذلك في مقدمته
(2)
فقال: (وقد جعل الإمام البلنسيّ لكل من الإمام السّهيليّ والإمام ابن عسكر علامة تميزه عن صاحبه، فجعل للإمام السّهيليّ (سه)، وللإمام ابن عسكر (عس)، وله هو (سي)، ثم زاد علامتين أيضا، فجعل للإمام ابن عطية (عط)، وللعلامة الزمخشرى (مخ)، وها أنا أسوق عباراتهم على الترتيب الذي رتبه، والتهذيب الذي هذبه
…
) ثم شرع في ذكر الآيات المبهمة وتفسيرها حسب ورودها في كتاب البلنسي.
والكتاب لا زال مخطوطا، توجد منه نسخة بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى تحت رقم (684) علوم القرآن. وهي بخط المؤلف.
10 -
وقد عثرت أثناء زيارتي إلى تركيا في صيف عام (1406 هـ) على مخطوط في المبهمات ضمن مجموع لم أقف على مؤلفه، وهو بعنوان:«أسامي الذين نزل فيهم القرآن الحكيم» ، وهو مرتب على حروف المعجم، بدأ فيه مؤلفه بذكر أبي بكر الصديق
(3)
رضي الله عنه موردا الآيات التي نزلت فيه من مختلف سور القرآن.
(1)
أخباره في: عجائب الآثار للجبرتي: 1/ 400 والأعلام: 4/ 99.
(2)
ترويح أولي الدماثة: 2 أ.
(3)
الورقة: 34 أ.
وهو قبل أن يذكر الآية التي نزلت فيمن يذكره يترجم له، فيذكر اسمه كاملا، ويبيّن حاله ويذكر وفاته، ثم يبدأ بذكر الآية أو الآيات التي نزلت فيه.
فعند ما ذكر أبا بكر الصديق رضي الله عنه ذكر اسمه فقال: اسمه عبد الله، وقيل: اسمه عتيق بن عثمان بن عامر. واسم أمه سلمى، وكنيتها أم الخير بنت صخر بن عامر
…
)، ثم قال: وهو الذي نزل فيه: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}
(1)
، وقوله:{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْاالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}
(2)
، وقوله:
{إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ}
(3)
، وقوله:{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}
(4)
.
ثم ذكر أبيّ بن كعب، فترجم له وبيّن حاله، وذكر وفاته والآيات التي نزلت فيه
…
وهكذا كان صنيعه في جميع حروف المعجم. وبعد انتهاء أسماء الأفراد الذين نزل فيهم القرآن بدأ بذكر القبائل
(5)
التي نزل فيها القرآن.
فبدأ بحرف الألف فذكر الأوس، فبني أسد، فبني أسلم. ثم حرف التاء فذكر تميم، وحرف الثاء ثقيف
…
الخ.
ثم يذكر أسماء الذين ذكروا في القرآن ولم يكونوا من أمة سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم، فذكر أسماء أصحاب الكهف
(6)
.
هذا الكتاب ضمن مجموع (2480) بمكتبة السليمانية باستانبول وبهذا الكتاب الأخير يبلغ عدد الكتب التي صنّفت في مبهمات القرآن أحد عشر كتابا، اثنان منها لبدر الدين ابن جماعة.
(1)
سورة البقرة: آية: 3.
(2)
سورة آل عمران: آية: 186.
(3)
سورة النساء: آية: 149.
(4)
سورة المائدة: آية: 56.
(5)
الورقة: 53 أ.
(6)
الورقة: 54 ب.