الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد شهدت غرناطة عناية كبيرة بالتعليم والمعلمين في عهد السلطان يوسف بن إسماعيل وابنه السلطان محمد حيث أجريا الجراية على العلماء والمعلمين
(1)
، وأسندا إليهم وظائف كثيرة، وأوكلا إليهم أعمالا يتقاضون منها جراية مع قيامهم بالتدريس
(2)
.
وإذا كان السلاطين قد اهتموا بالعلم والعلماء فإنّ وزراءهم وحجّابهم اهتموا بالعلم والعلماء كذلك، فقد قام الوزير لسان الدين ابن الخطيب بنقل الفقيه محمد بن محمد بن بيبش العبدري من سبتة إلى غرناطة، حيث قعد للإقراء إلى أن توفي سنة (753 هـ)
(3)
.
ومن العوامل التي ساعدت على نشاط الحركة العلمية في مملكة غرناطة سقوط المدن الأندلسية الكبرى مثل: قرطبة وبلنسيَة وأشبيلية ومرسيّة
وغيرها. وهجرة كثير من علمائها إلى غرناطة
(4)
.
كما كان لإنشاء الأربطة التي انتشرت في عهد المملكة النّصرية مساهمة في الحركة العلمية، وكان التعليم في هذه الأربطة يميل إلى الدراسات الشرعية عامة
(5)
.
كما كان يقصد إلى معاهدها العلمية المختلفة كثير من الطلاب الأوربيين من مختلف أنحاء أوربا
(6)
.
المبحث الرابع
مدى تأثر البلنسيّ بهذه الأحوال
وبعد هذه الدراسة السريعة التي استعرضت فيها العصر الذي عاش فيه
(1)
الإحاطة: 3/ 328، وتاريخ التعليم في الأندلس:401.
(2)
تاريخ التعليم في الأندلس: 185.
(3)
الإحاطة: 3/ 27.
(4)
تاريخ التعليم في الأندلس: 186.
(5)
المصدر السابق: ص: 279.
(6)
نهاية الأندلس: 73.
البلنسي رحمه الله، وأبنت فيها - بصورة موجزة - الوضع السياسي والعلمي والاجتماعي نخلص إلى أنّ البلنسيّ قد لحقه بعض ما جرى في ذلك العصر من نتائج وتأثيرات سياسية، ذلك أن السلطان محمد بن يوسف بن إسماعيل بن الأحمر النّصري، الذي تولى حكم غرناطة مرتين: الأولى من عام (755 - 760 هـ)، والثانية من (763 - 792 هـ).قد استعمل البلنسيّ في بعض رسائله إلى ملك المغرب، وكان يعمل في غرناطة مراقبا للسّوق من قبل السلطان.
وفي عام (761 هـ) تغلب على الدولة السلطان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل فقتل حاجب السلطان المخلوع محمد بن يوسف واعتقل وزيره لسان الدين ابن الخطيب، وغضب على البلنسيّ فأرصد له رجالا بعثهم من رندة - مدينة قريبة من غرناطة - فأسروه في طريقه وقدموا به سليبا، قدوم الشهرة والمثلة، موقنا بالقتل. ثم عطف عليه السلطان أبو عبد الله حنينا إلى حسن تلاوته في محبسه ليلا
(1)
.
ويبدو أن البلنسيّ رحمه الله كانت له مكانة مرموقة لدى السلطان محمد بن يوسف الذي كان قد فر إلى المغرب بعد أن تغلب محمد بن إسماعيل على الحكم في غرناطة. وبعد أن عاد السلطان المخلوع إلى ملكه أعاد البلنسي للإقراء
(2)
.
هذا عن تأثره رحمه الله بالوضع السياسي الذي كان يسود غرناطة في ذلك العصر. أما عن مشاركته في الحركة العلمية النشطة في عصره فقد كان البلنسي رحمه الله أحد العلماء البارزين الذين كان يشار إليهم في المجتمع الغرناطي، وكان يشارك في المجالس العلمية التي كانت تعقد بالمسجد الجامع بغرناطة بجانب مشاهير علماء عصره.
وقد نقل تلميذه الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشّاطبي في كتابه
(1)
الإحاطة: 3/ 39.
(2)
الإحاطة: 3/ 39.
«الإفادات والإنشادات»
(1)
بعض الفوائد التي كانت تبحث في تلك المجالس، فقد ذكر الشاطبي رحمه الله أنه حضر مجلسا ضم أبا عبد الله البلنسيّ وأبا عبد الله المقري والأستاذ أبا سعيد بن لب ولسان الدين ابن الخطيب والقاضي أبا القاسم الشريف، وذلك عام (757 هـ).
(1)
الإفادات والإنشادات: (126، 127).