الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: تقرير الإجماع على النهي عن مشابهة الكافرين في أعيادهم وما وراء ذلك من آثار: وأما الإجماع والآثار فمن وجوه:
أحدها: أن اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية، يفعلون أعيادهم التي لهم والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السابقين من المسلمين، من يشركهم في شيء من ذلك، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة، كراهة ونهياً عن ذلك، وإلا لوقع ذلك كثيراً، إذ الفعل مع وجود مقتضيه، وعدم منافيه، واقع لا محالة، والمقتضي واقع، فعلم وجود المانع، والمانع هنا هو: الدين، فعلم أن الدين دين الإسلام هو المانع من الموافقة، وهو المطلوب.
الثاني: في شروط عمر رضي الله عنه ـ التي اتفقت عليها الصحابة، وسائر الفقهاء بعدهم ـ أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام، وسموا الشعانين والباعوث، فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ للمسلمين فعلها؟ أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها، مظهراً لها؟
وذلك: أنا إنما منعناهم من إظهارها لما فيه من الفساد: إما لأنها معصية أو شعار المعصية، وعلى التقديرين: فالمسلم ممنوع من المعصية، ومن شعار المعصية، ولو لم يكن في فعل المسلم لها من الشر إلا تجْرِئَة الكافر على إظهارها لقوة قلبه بالمسلم إذا فعلها.
الثالث: روى البيهقي بإسناد صحيح، في باب كراهة الدخول على أهل الذمة في كنائسهم، والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم: عن عطاء بن دينار، قال: قال عمر: «لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم» .
وروى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: «من بنى ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة» .
هذا عمر رضي الله عنه نهى عن تعلم لسانهم، وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم، فكيف بفعل بعض أفعالهم؟ أو فعل ما هو من مقتضيات دينهم؟ أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللغة؟ أو ليس عمل بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد