المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيع المسلمين للكفار في أعيادهم، ما يستعينون به على عيدهم: - تهذيب اقتضاء الصراط المستقيم

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التهذيب

- ‌كفر اليهود أصله عدم العمل بالعلم، وكفر النصارى أصله عملهم بلا علم

- ‌إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع سنن الأمم قبلها

- ‌الصراط المستقيم أمور باطنة في القلب، وأمور ظاهرة

- ‌لماذا الأمر بمخالفة اليهود والنصارى في الهدي الظاهر

- ‌أولاً: الاستدلال بالقرآن على النهي عن التشبه بالكافرين:

- ‌ثانياً: الاستدلال بالسنة على النهي عن التشبه بالكافرين:

- ‌ثالثاً: ذكر إجماع الصحابة والسلف على شرعية المخالفة للكفار

- ‌الأمر بمخالفة الشياطين:

- ‌أعمال الكفار والأعاجم ونحوهم تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

- ‌ موافقتهم في أعيادهم لا تجوز

- ‌الطريق الأول: هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس في ديننا

- ‌ الطريق الثاني ـ الخاص ـ في نفس أعياد الكفار: فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار

- ‌أولاً: الكتاب:

- ‌ثانيًا: السنة

- ‌ثالثًا: تقرير الإجماع على النهي عن مشابهة الكافرين في أعيادهم وما وراء ذلك من آثار: وأما الإجماع والآثار فمن وجوه:

- ‌كراهة السلف للرطانة وهي التشبه بالأعاجم في كلامهم:

- ‌رابعًا: وأما الاعتبار في مسألة العيد فمن وجوه:

- ‌مشابهتهم فيما ليس من شرعنا قسمان:

- ‌حريم العيد

- ‌هل يجب على المسلم أن يعرف أعياد الكفار

- ‌حكم إعانة المسلمين المتشبهين بالكفار في أعيادهم:

- ‌بيع المسلمين للكفار في أعيادهم، ما يستعينون به على عيدهم:

- ‌حكم قبول الهدية من أهل الذمة يوم عيدهم، وما ورد عن السلف في ذلك:

- ‌حكم ذبيحتهم يوم عيدهم:

- ‌صوم أعياد الكفار

- ‌هل في الإسلام بدعة حسنة

- ‌الوجه الثاني: في ذم المواسم والأعياد المحدثة: ما تشتمل عليه من الفساد في الدين

- ‌الأعياد الزمانية المبتدعة

- ‌اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً مضاهاة للنصارى في عيد ميلاد عيسى عليه السلام

- ‌ما أحدثه بعض الناس من البدع في شهر شعبان، خاصة ليلة النصف منه:

- ‌ما جاء في الصلاة الألفية المزعومة:

- ‌الأعياد المكانية المبتدعة

- ‌أقسام الأعياد المكانية

- ‌أسباب إجابة الدعاء عند القبور وغيرها:

- ‌حكم السفر لزيارة القبور

- ‌من المحدثات الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد والبناء عليها:

- ‌الأبنية المقامة على القبور تتعين إزالتها، لاشتمالها على أنواع من المحرمات:

- ‌سبب كراهية الصلاة في المقبرة:

- ‌حكم الصلاة في المقبرة:

- ‌حديث الاستعانة بأهل القبور كذب

- ‌سائر العبادات لا تجوز عند القبور:

- ‌حكم الذبح عند القبور:

- ‌العكوف عند القبور، والمجاورة عندها، وسدانتها، من المحرمات

- ‌أقوال العلماء في مقامات الأنبياء وحكم قصدها. وبيان القول الصحيح وأدلته:

- ‌شبهات والرد عليها:

- ‌خطأ أصحاب المناسك في ذكرهم للمزارات المبتدعة

- ‌المساجد التي تشد إليها الرحال هي المساجد الثلاثة فقط

- ‌بناء القبة عند الصخرة حدث في عهد عبد الملك بن مروان

- ‌الصلاة عند الصخرة بدعة:

- ‌أصل دين المسلم: أنه لا تخص بقعة بقصد العبادة إلا المساجد

- ‌أقوال الناس في الشفاعة:

- ‌تحقيق الشهادتين وما يتضمنه

الفصل: ‌بيع المسلمين للكفار في أعيادهم، ما يستعينون به على عيدهم:

عندنا، كما دل عليه حديث تجارة أبي بكر رضي الله عنه، في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الشام، وهي دار حرب، مع أنه لا بد أن تشتمل أسواقهم على بيع ما يستعان به على المعصية.

‌بيع المسلمين للكفار في أعيادهم، ما يستعينون به على عيدهم:

فأما بيع المسلمين لهم في أعيادهم، ما يستعينون به على عيدهم، من الطعام واللباس، والريحان ونحو ذلك، أو إهداء ذلك لهم، فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرم، وهو مبني على أصل. وهو: أن بيع الكفار عنباً أو عصيراً يتخذونه خمراً لا يجوز، وكذلك لا يجوز بيعهم سلاحاً يقاتلون به مسلماً.

وقد دل حديث عمر رضي الله عنه، في إهداء الحلة السيراء إلى أخ له بمكة مشرك. [المسند5797وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح]، على جواز بيعهم الحرير، لكن الحرير مباح في الجملة وإنما يحرم الكثير منه على بعض الآدميين، ولهذا جاز التداوي به في أصح الروايتين ولم يجز بالخمر بحال. وجازت صنعته في الأصل والتجارة فيه.

ص: 112

مسألة: سُئل ابن القاسم (1) عن النصراني يوصي بشيء يباع من ملكه للكنيسة هل يجوز لمسلم شراؤه؟ فقال: لا يحل ذلك له، لأنه تعظيم لشعائرهم وشرائعهم ومشتريه مسلم سوء. وقال ابن القاسم في أرض الكنيسة يبيع الأسقف منها شيئاً في مرمتها، وربما حبست تلك الأرض على الكنيسة لمصلحتها: إنه لا يجوز للمسلمين أن يشتروها من وجهين: الواحد: من العون على تعظيم الكنيسة.

والآخر: من جهة بيع الحبس، ولا يجوز لهم في أحباسهم إلا ما يجوز للمسلمين. ولا أرى لحاكم المسلمين أن يتعرض فيها بمنع ولا تنفيذ ولا بشيء.

مسألة: سُئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم. فكره ذلك مخافة نزول السخطة عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه.

مسألة: قال عبد الملك بن حبيب: كره ابن القاسم للمسلم يهدي للنصارى شيئاً في عيدهم مكافأة لهم، ورآه من تعظيم عيدهم وعوناً لهم على مصلحة كفرهم، ألا ترى أنه لا يحِلُّ للمسلمين أن

(1)(*) من كبار علماء المالكية.

ص: 113

يبيعوا من النصارى شيئاً من مصلحة عيدهم؟ لا لحماً، ولا إداماً، ولا ثوباً، ولا يعارون دابة، ولا يُعَاوَنون على شيء من عيدهم؛ لأن ذلك من تعظيم شركهم، ومن عونهم على كفرهم. وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك. وهو قول مالك وغيره، لم أعلمه اختُلِف فيه.

وقد ذكر ابن حبيب أنه قد اجتمع على كراهة مبايعتهم ومهاداتهم ما يستعينون به على أعيادهم، وقد صرح بأن مذهب مالك: أنه لا يحل ذلك.

قال إسحاق بن إبراهيم: سئل أبو عبد الله (1) عن نصارى، وقفوا ضيعة للبيعة: أيستأجرها الرجل المسلم منهم؟ قال: لا يأخذها بشيء، لا يعينهم على ما هم فيه.

وقال أيضاً: سمعت أبا عبد الله ـ وسأله رجل بنَّاء: أبْني للمجوس ناووساً (2)؟ قال: «لا تَبْنِ لهم، ولا تُعِنْهم على ما هم فيه» .

(1) الإمام أحمد بن حنبل

(2)

(*) الناووس: صندوق من خشب ونحوه يضعون فيه جثة الميت.

ص: 114

وقد نقل عنه محمد بن الحكم، وسأله عن الرجل المسلم يحفر لأهل الذمة قبراً بِكِراء (1) ـ قال:«لا بأس فيه» . والفرق بينهما: أن الناووس من خصائص دينهم الباطل كالكنيسة. بخلاف القبر المطلق فإنه ليس في نفسه معصية، ولا من خصائص دينهم.

وقال أيضاً في نصارى أوقفوا ضيعة لهم للبيعة: «لا يستأجرها الرجل المسلم منهم، يعينهم على ما هم فيه» .

ومثل هذا ما اشترى من المال الموقوف للكنيسة أو الموصى لها به، أو باع آلات يبنون بها كنيسة ونحو ذلك. والمنع هنا أشد؛ لأن نفس هذا المال الذي يبذله يصرف في المعصية، فهو كبيع العصير لمن يتخذه خمراً.

وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناووس ونحوه، فقال الآمدي: لا يجوز، رواية واحدة، لأن المنفعة المعقود عليها محرمة، وكذلك الإجارة لبناء كنيسة أو بيعة، أو صومعة، كالإجارة لكتبهم المحرفة.

فإذا عرف أصل أحمد في هذه المسائل، فمعلوم أن ما يبتاعونه

(1)(**) كراء: أجر.

ص: 115