الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حجرة الخليل صلوات الله عليه، وجعلت لها بابا، وأثر النقب ظاهر في الباب. فكان اتخاذ ذلك معبدا، مما أحدثته النصارى، ليس من عمل سلف الأمة وخيارها.
أصل دين المسلم: أنه لا تخص بقعة بقصد العبادة إلا المساجد
وأصل دين المسلمين، أنه لا تختص بقعة بقصد العبادة فيها إلا المساجد خاصة، وما عليه المشركون وأهل الكتاب، من تعظيم للعبادة غير المساجد ـ كما كانوا في الجاهلية يعظمون حراء، ونحوه من البقاع ـ فهو مما جاء الإسلام بمَحوه وإزالته ونسخه.
ثم المساجد جميعها تشترك في العبادات، فكل ما يفعل في مسجد يفعل في سائر المساجد، إلا ما خص به المسجد الحرام، من الطواف ونحوه، فإن خصائص المسجد الحرام لا يشاركه فيها شيء من المساجد. كما أنه لا يُصلى إلى غيره.
وأما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، فكل ما يشرع فيهما من العبادات، يشرع في سائر المساجد: كالصلاة والدعاء والذكر والقراءة والاعتكاف، ولا يشرع فيهما جنس لا يشرع في غيرهما لا تقبيل شيء ولا استلامه، ولا الطواف به، ونحو ذلك. لكنهما
أفضل من غيرهما، فالصلاة فيهما تضاعف على الصلاة في غيرهما.
ولهذا جاءت الشريعة بالاعتكاف الشرعي في المساجد، بدل ما كان يفعل قبل الإسلام من المجاورة بغار حراء، ونحوه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى قبضه الله.
والاعتكاف من العبادات المشروعة بالمساجد باتفاق الأئمة، كما قال تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} أي: في حال عكوفكم في المساجد لا تباشروهن، وإن كانت المباشرة خارج المسجد. ولهذا قال الفقهاء: إن ركن الاعتكاف، لزوم المسجد لعبادة الله. ومحظوره الذي يبطله، مباشرة النساء.
فأما العكوف والمجاورة عند شجرة أو حجر، تمثال أو غير تمثال، أو العكوف والمجاورة عند قبر نبي، أو غير نبي، أو مقام نبي أو غير نبي، فليس هذا من دين المسلمين. بل هو من جنس دين المشركين، الذين أخبر الله عنهم بما ذكره في كتابه، حيث قال:{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ} [البقرة:51 - 54]
وقال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأعراف138 - 140] فهذا عكوف المشركين، وذاك عكوف المسلمين فعكوف المؤمنين في المساجد لعبادة الله وحده لا شريك له، وعكوف المشركين على ما يرجونه، ويخافونه من دون الله، وما يتخذونهم شركاء وشفعاء، فإن المشركين لم يكن أحد منهم يقول: إن العالم له خالقان ولا أن الله له شريك يساويه في صفاته. هذا لم يقله أحد من المشركين، بل كانوا يُقِرُّون بأن خالق السماوات والأرض واحد كما أخبر الله عنهم بقوله:{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ الله} [لقمان:25]
وكانوا يتخذون آلهتهم وسائط تقربهم إلى الله زلفى، وتشفع لهم كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} [الزمر:3] وقال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلَا يَعْقِلُونَ* قُل لِلهِ الشَّفَاعَةُ