الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[البخاري1189،مسلم1397]
وهذا النهي يعم السفر إلى المساجد والمشاهد، وكل مكان يقصد السفر إلى عينه للتقرب، بدليل أن بصرة بن أبي بصرة الغفاري، لما رأى أبا هريرة رضي الله عنه راجعاً من الطور الذي كلم الله عليه موسى قال: لو رأيتك قبل أن تأتيه لم تأته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» [رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح] فقد فهم الصحابي الذي روى الحديث، أن الطور وأمثاله من مقامات الأنبياء، مندرجة في العموم، وأنه لا يجوز السفر إليها، كما لا يجوز السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة. وأيضاً فإذا كان السفر إلى بيت من بيوت الله ـ غير الثلاثة ـ لا يجوز، مع أن قصده لأهل مَصره يجب تارة، ويستحب أخرى، وقد جاء في قصد المساجد من الفضل ما لا يُحْصى ـ فالسفر إلى بيوت الموتى من عباده أولى أن لا يجوز.
من المحدثات الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد والبناء عليها:
من المحدثات الصلاة عند القبور مطلقاً، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، فقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي
عن ذلك، والتغليظ فيه.
فأما بناء المساجد على القبور فقد صرح عامة علماء الطوائف بالنهي عنه، متابعة للأحاديث، وصرح أصحابنا وغيرهم، من أصحاب مالك والشافعي وغيرهما، بتحريمه، ولا ريب في القطع بتحريمه، لما روى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: «إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً، لاتخذتُ أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك» . [مسلم532]
وعن عائشة رضي الله عنها، وعبد الله بن عباس قالا:«لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتنم بها كشفها، فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ، يحذر ما صنعوا» [البخاري436، 435، مسلم531] وأخرجا جميعاً عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «
قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». [البخاري437، مسلم530] وفي رواية لمسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [مسلم530] فقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد في آخر حياته، ثم إنه لعن ـ وهو في السياق ـ مَن فعَل ذلك من أهل الكتاب، ليحذر أمته أن يفعلوا ذلك.
قالت عائشة رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً. [البخاري1330، مسلم529] وروى الإمام أحمد في مسنده بإسناد جيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن مِن شرار الناس مَن تدركهم الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد» [المسند4143وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسُرُج» . رواه أحمد. [المسند2030وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح] وفي الباب أحاديث وآثار كثيرة ليس هذا موضع استقصائها.