المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ملخَّص البحث لقد سرت مع هذا البحث في رحلة ممتعة، تناولت - توصيف الأقضية في الشريعة الإسلامية - جـ ٣

[عبد الله بن محمد الخنين]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع وقائع تطبيقية من الأقضية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول وقائع تطبيقية من أقضية الصَّحَابَة والتابعين

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول قضية الزبية

- ‌نَصُّ القضية:

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإِثبات في هذه القضية:

- ‌تقرير الحكم القضائي:

- ‌الأحكام والضوابط المستفادة من هذه القضية:

- ‌المبحث الثاني قضاء شريح في الشرط الجزائي

- ‌نَصُّ القضية:

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإِثبات في هذه القضية:

- ‌تقرير الحكم القضائي:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الثالث قضاء إياس في كُبَّة الغَزْل

- ‌نَصُّ القضية:

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الإِثبات والتحقيق في القضية:

- ‌تقرير الحكم القضائي:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌الفصل الثاني وقائع تطبيقية من بعد التابعين إلى العصر الحاضر

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول حكم القاضي شريك على من استولى على ضيعة الجريرية

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإثبات في هذه القضية:

- ‌تقرير الحكم القضائي:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الثاني حكم في وضع جائحة عن متقبلي أوقاف بقرطبة

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإثبات في هذه القضية:

- ‌تقرير الحكم القضائي:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الثالث حكم في تنازع شخصين لدار في الأندلس

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإثبات في هذه القضية:

- ‌تقرير الحكم القضائي:

- ‌طلب إعادة النظر في الحكم:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌الفصل الثالث وقائع تطبيقية في العصر الحاضر من محاكم المملكة العربية السعودية

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول قضية زوجية فيها المصالحة بين زوجين على أَلَّا يسافر الزوج بالزوجة من بلدها

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإثبات في هذه القضية:

- ‌تقرير الحكم القضائي:

- ‌التدقيق الوارد على الحكم:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الثاني قضية في منع إحداث مقهى أمام البيوت

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإثبات في هذه القضية:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌التدقيق الوارد على الحكم:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الثالث قضية فيها نقض الحكم للخطأ في توْصِيفه وتقرير حكمه الكلي الفقهي

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإثبات في هذه القضية:

- ‌تقرير الحكم القضائي:

- ‌التدقيق الوارد على الحكم:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في القرار المؤيد لقرار النقض في هذه القضية:

- ‌المبحث الرابع قضية في منازعة عقار لم يثبت لأيٍّ من الخصمين

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌الحكم:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الخامس قضية في المطالبة بتسليم ثمن مزرعة

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث السادس قضية في دعوى شراء جزء مشاع من عقار

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث السابع قضية في مطالبة أجير بأجرته على بناء عمارة ودفع المدعى عليه بالمطالبة بغرامة التأخير

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الثامن قضية فيها عقد باطل لجهالة المعقود عليه

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث التاسع قضية في المطالبة بأجرة ترميم دار والدفع بالشرط الجزائي

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإثبات في هذه القضية:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث العاشر قضية في المطالبة بسيَّارات كلٌّ يدَّعي أسبقية شرائه لها

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الحادي عشر قضية مطالبة زوجة بدين لها على زوجها المتوفى في مواجهة بقية ورثته

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الثَّاني عشر قضية في حضانة طفل تنازعه اثنان ودخل معهما ثالث

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الثالث عشر قضية مطالبة زوج باستعادة مهر من والد زوجته التي زوَّجها إيَّاه وهي معيبة

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الرابع عشر قضية امرأة ناشز تطلب فراقا زوجها

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإثبات في هذه القضية:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث الخامس عشر قضية دعوى رضاعة لم تثبت

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث السادس عشر قضية في المطالبة بأجرة حضانة

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌طرق الحكم والإِثبات في هذه القضية:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌المبحث السابع عشر قضية فيها دعوى على زوجة تقيم خارج المملكة

- ‌عرض لأحداث القضية مع الحكم فيها:

- ‌الوقائع:

- ‌الحكم وأسبابه:

- ‌تدقيق الحكم بتمييزه:

- ‌الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:

- ‌الخاتمة

- ‌ملخَّص البحث

- ‌أبرز نتائج البحث

- ‌التوصيات

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌ ‌ملخَّص البحث لقد سرت مع هذا البحث في رحلة ممتعة، تناولت

‌ملخَّص البحث

لقد سرت مع هذا البحث في رحلة ممتعة، تناولت خلالها تقرير أصول وفروع تنزيل الأحكام الكلية على الوقائع القضائية (تَوْصِيف الأَقْضِيَة)، وهأنذا ألخِّصُ لك هذا البحث في النقاط التالية:

1 -

المراد بتَوْصِيف الأَقْضِيَة شرعًا: تحلية الواقعة القضائية الثابتة بالأوصاف الشرعية المقررة في مُعَرِّفَات الحُكْم الكلي.

2 -

يطلق على تَوْصِيف الأَقْضِيَة عدة إطلاقات، هي:

تَوْصِيف الأَقْضِيَة، وتطبيق الأحكام الكلية على الوقائع القضائية، وتنزيل الأحكام الكلية على الوقائع القضائية، وتحقيق المناط بتعيين محل الحكم الشرعي، وإيقاع الحكم الشرعي على محله.

3 -

مشروعية تَوْصِيف الأَقْضِيَة ثابتة بالأَدِلة من الكتاب، والسنة، والإجماع، والمعنى، والمعقول، وجميعها مفصلة في الأصل.

4 -

ينقسم التَّوْصِيف بعامة أربعة أقسام، هي: تَوْصِيف تشريعي، وتَوْصِيف فقهي، وتَوْصِيف فتوي، وتَوْصِيف قضائي.

ص: 173

فالمراد بالتَّوْصِيف التشريعي: ما جاء من الأحكام مُنَزَّلًا على وقائع بأعيانها مباشرة بِنَصٍّ الكتاب والسنة، إفتاءً أَوْ قضاءً، وهذا شأن كل آية نزلت بسبب، أَوْ حديث ورد لسبب أَوْ فصلًا بين متخاصمين.

والمراد بالتَّوْصِيف الفقهي: أَنْ يكون هناك قاعدة كلية مقررة بنصٍّ كتاب، أَوْ سنة، أَوْ اتفاق، فيقوم المجتهد (الفقيه) بتنزيلها على الفرع في الأذهان على تلك الأوصاف في القاعدة.

والمراد بالتَّوْصِيف الفتوي: تحلية الواقعة الفتوية (واقعة معينة) بالأوصاف الشرعية المقررة في مُعَرِّفَات الحُكْم الكلي.

أَمَّا التَّوْصِيف القضائي (توصيف الأقضية) فقد سبق بيانه في الفقرة الأولى من هذا الملخص.

وهناك فروق بين تَوْصِيف الأَقْضِيَة وغيره من التقسيمات الأخرى سبق بيانها في الأصل.

وينقسم تَوْصِيف الأَقْضِيَة إلى إجرائي، وفرعيّ، وموضوعي:

فالمراد بالإجرائي: تحلية القاضي إجراءات الدعوى بالأوصاف الشرعية المقررة في الحكم الكلي الإجرائي من الاختصاص، وصِحَّة الدعوى، وتحديد المدعي من المدعى عليه، وغير ذلك من الإجراءات.

والمراد بالتوصيف الفرعيّ: تحلية واقعة فرعيّة متعلقة بالدعوى بمعرِّفات الحكم الكلي المقرَّر لها.

ص: 174

وأَمَّا التَّوْصِيف الموضوعي فالمراد به: تحلية القاضي للواقعة القضائية الثابتة بالأوصاف الشرعية المقررة في مُعَرِّفَات الحُكْم الكلي.

كما ينقسم التَّوْصِيف القضائي الموضوعي إلى ابتدائي، ونهائي:

فالمراد بالابتدائي: قيام القاضي بعد استجواب الخصمين وقبل سماع البينة بتَوْصيف الواقعة المتنازع فيها لتحديد الأوصاف المؤثرة في الحكم القضائي لينقحها ابتداءً، ويثبتها، وهو مُنَزَّل على صِحَّة أقوال الخصوم، كأنَّه فتوى؛ إذ الغرض منه تهيئة الواقعة للإثبات.

والمراد بالنهائي: تحلية الواقعة القضائية الثابتة بالأوصاف الشرعية في مُعَرِّفَات الحُكْم الكلي بعد استيفاء جميع أقوال الخصوم، ودفوعهم، وبيناتهم، مراعى فيه طلبات الخصوم، وأصول تَوْصِيف الأَقْضِيَة، وهو المراد بالتَّوْصِيف القضائي (توصيف الأقضية) عند الإطلاق.

كما ينقسم التَّوْصِيف القضائي إلى إيجابي، وسلبي:

فالمراد بالايجابي: تحلية الواقعة القضائية الثابتة بالأوصاف الشرعية المقررة في مُعَرِّفَات الحُكْم الكلي بعد ثبوت الوقائع المدعاة وتحققها، وهو التَّوْصِيف القضائي النهائي عينه.

ص: 175

أَمَّا السلبي فالمراد به: تقرير القاضي عدم استحقاق المدعي الحق المدعى به لعدم ثبوت الواقعة المتنازع فيها، لكنه لا يستغني عن التَّوْصِيف الابتدائي لتنقيح الوقائع وتهيئتها للإِثبات.

5 -

الحكم الكلي والواقعة القضائية هما قطبا التَّوْصِيف.

والمراد بالحكم الكلي: مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً، أَوْ تخييرًا، أَوْ صِحَّةً، أَوْ بطلانًا، أَوْ وضعًا.

والمراد بالواقعة القضائية: الحادثة يقع فيها التنازع لدى القاضي تقتضي فصلًا بحكم ملزِم أَوْ صلح عن تراض.

6 -

الثمرة العظمى لفنّ توصيف الأَقْضِيَة هي: العلم بصفة تنزيل الأحكام الكلية على الوقائع القضائية.

وثَمَّة فوائد أخرى من جهة كونه عملًا يؤديه القاضي هي: أَنّه يعين القاضي على تنقيح الوقائع المدعاة، ويهديه إلى الحكم القضائي الصَّحِيح، ويبعده عن الحدس والتخمين في الأحكام، وبه تتحول الأحكام الكلية من معانٍ مجردة في الأذهان إلى وقائع مُشَخَّصة على الوقائع والأعيان، ويتمكن المحكوم عليه من الطعن في الحكم عند الاعتراض عليه، كما يُسَهِّل على المحكمة المختصة أداء مهمتها بمراجعة الحكم وتدقيقه، وبالتَّوْصِيف تختصر الإجراءات، ويعجل الفصل في القضية.

7 -

الحكم الكلي ينقسم قسمين هما: الحكم التكليفي، والحكم الوضعي (مُعَرِّفَات الحُكْم).

ص: 176

فالمراد بالحكم التكليفي: مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً، أَوْ تخييرًا، أَوْ صِحَّةً، أَوْ بطلانًا.

والمراد بالحكم الوضعي (مُعَرِّفَات الحُكْم): مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين وضعًا بكون الشيء سببًا، أَوْ شرطًا، أَوْ مانعًا لشيء آخر.

والأصل في إطلاق الحكم أَنّه يراد به الحكم التكليفي، وتدخل معه مُعَرِّفَات الحُكْم (الحكم الوضعي) في هذا الإطلاق تبعًا؛ لأَنَّه لا يتم بدونها.

8 -

الحكم الكلي مكون من شطرين، هما: الحكم الوضعي، والحكم التكليفي.

فالحكم الوضعي هو أوصاف، وأعلام، ومعرفات للحكم التكليفي من سبب وشرط وعدم مانع، وفي الأصل بيان لهذه المُعَرِّفَات.

أَمَّا الحكم التكليفي فهو الحرمة، والوجوب، والندب، والكراهة، والإِباحة، والصِّحَّة، والبطلان، وفي الأصل بيان لهذه الأحكام.

والحكم الوضعي (مُعَرِّفَات الحُكْم) هو المؤثر، والحكم التكليفي هو الأثر، فكأَنَّه قيل: إذا حدث كذا وكذا (من السبب والشرط وانتفاء المانع) فسوف يحكم بكذا من الوجوب، والحرمة

إلخ.

ص: 177

وهذا التحليل للحكم من الأهمية بمكان عند التوْصِيف؛ لأَنَه يساعد على تحليل الحكم الكلي إلى عناصره الأساس (الأوصاف المؤثرة)، ومن ثَمَّ المطابقة بينه وبين الواقعة القضائية؛ إذ التَوْصِيف يعمل في مجال مُعَرفَات الحُكْم.

9 -

الحكم الكلي له صفتان، هما: أَنه عام، ومجرد.

والمراد بعمومه: شموله لكل الأشخاص والأزمان والوقائع التي تشترك معه في صفاته المؤثرة من غير تعلق بشخص أَوْ واقعة معينة، وعند التَّوْصِيف يخصق هذا العموم بواقعة وشخص معين.

والمراد بتجريده: أَنَّ الحكم الكلي مفترض في الأذهان على الأوصاف المجردة عن الأشخاص المعينين والأعيان المحددة، وعند التَّوْصِيف يتنزل على شخص وواقعة معينة تتمثل فيها صفات الحكم على الأعيان بدلًا من افتراضها في الأذهان.

10 -

يطلق على الحكم الكلي إطلاقان، هما: الحكم الكلي، والقاعدة الكلية الشرعية.

11 -

للحكم الكلي أَدِلَّة تَدُلُّ على شرعيته، وأَدِلَّة تَدُلُّ على وقوعه.

أَمَّا أَدِلَّة شرعية الحكم الكلي فهي الكتاب، والسنة، والإِجماع، والقياس، والاستصحاب، والاستحسان، وقول الصحابي، والمصلحة المرسلة، وسد الذرائع، وشرع من قبلنا.

ص: 178

وهذه الأَدِلَّة هي التي تَدُلُّ على شرعية الحكم الكلي من وجوب، وحرمة

إلخ، كما تدلُّ على شرعية مُعَرفَات الحُكْم من السبب، والشرط، وعدم المانع، فلا يعرف الوجوب والحرمة وغيرها من الأحكام التكليفية إلَّا بها، كما لا يعرف سببية السبب، وشرطية الشرط، ومانعية المانع إلَّا بها.

وهذه الأَدِلَّة مُتَوَقِّفَةٌ على نصب من الشرع، وهي محصورة مبينة على خلاف في بعضها.

وأَمَّا أَدِلَّة وقوع الأحكام فهي الأَدلة الحسية أَوْ العقلية ونحوها الدالة على حدوث مُعَرِّفَات الحُكْم من السبب، والشرط، وعدم المانع، وهي تدلُّ على وجود المُعَرفَات أَوْ انتفائها في المحل المحكوم فيه.

وأَدِلَّة وقوع الأحكام تنقسم قسمين؛ عامة، وقضائية:

فالعامة: ما دَلَّ على وقوع مُعَرفَات الأحكام بوجه عام.

وأصولها: العقل، والحس، والعادة، والتجربة، والخبر المتواتر، والعرف، والخبرة، والعد والحساب، والاستصحاب.

ويحتاجها كل مكلف من عامي، وشاهد، وفقيه، ومفت، وقاضٍ.

وأَمَّا القضائية فهي أدِلَّة وطرق الحكم المقررة لدى القضاة من

ص: 179

الإقرار، والشهادة، واليمين، والنكول، وغيرها، وعليها يعتمد القضاة.

وأَدِلَّة وقوع الأحكام عامةً أَوْ قضائية غيرُ محصورة، بل بكل طريق حصل العلم بوقوع مُعَرِّف الحكم اعتددنا به، ولا يَتَوَقَّفُ العمل بها على نصبها من قبل الشرع، وفي الأصل تفصيل لذلك، وبيان للفرق بين أَدِلَّة شرعية الأحكام، وأَدِلَّة وقوعها عامةً أَوْ خاصة.

12 -

يجب على القاضي إعداد الحكم الكلي المراد تطبيقه على الواقعة المعينة بتمييزه من بين أحكام أخرى قد تكون مشابهة أَوْ متداخلة، أَوْ باستنباطه بالاجتهاد من أصوله وقواعده.

ولإعداد الحكم الكلي وتهيئته للتطبيق طرق مقررة هي: الاجتهاد عند القدرة عليه، والاتباع عند تعذر الاجتهاد، ثم التقليد عند تعذر الاتباع، كما للقاضي التخريج عند مقتضيه من خلوّ النازلة عن حكم مقرر لمجتهد، فيخرج على الأصول العامة للشرع، أَوْ على الأصول والقواعد المذهبية أَوْ على الفروع المذهبية.

وإذا سلك القاضي مسلك التمذهب فيأخذ بما صَحَّ دليله إذا قدر على النظر في الأَدِلَّة، ثم بما جرى به العمل، ثم بما اشتهر وظهر في المذهب، وله الأخذ بالقول المرجوح لمقتض شرعي من حاجة أَوْ ضرورة وذلك بشروط مفصلة في الأصل.

13 -

إذا عرض للقاضي من الأقضية ما لا دليل عليه بجزئه

ص: 180

من كتاب أَوْ سنة، وما لا قول فيه للفقهاء إمَّا لتجدد الواقعة، أَوْ لتغير العرف أَوْ المصلحة الطارئة، أَوْ لتجدد التجارب والخبرات التي كشفت عن أوصاف جديدة للواقعة، أَوْ لتغير أحوال الناس- فإنَّ على القاضي الاجتهاد في تقرير الحكم الكلي لها من مصادره بالاجتهاد، أَوْ التخريج أَوْ السوابق القضائية.

14 -

تغيّر الحكم لتغير العرف أَوْ المصلحة لا يُعَدُّ تغييرًا في أصل الخطاب الشرعي، وإنَّما تغيرت الواقعة فاجتهد الفقيه أَوْ القاضي لتقرير الحكم المناسب لها والملاقي لأوصافها المؤثرة.

15 -

عند تنزيل الحكم الكلي على الواقعة القضائية وتَوْصِيفها به فلا بُدَّ من أَنْ يكون النَّصّ المتضمن للحكم الكلي مفهومًا مفسرًا، فما كان منه نَصًّا لا يحتمل التأويل لم يترك العمل به إلَّا بنسخ، وما كان مجملًا لم يعمل به إلَّا بعد البيان، وما كان ظاهرًا لم يُعدل عنه إلَّا بدليل يقتضي ذلك، ويحمل مطلق النُّصُوص على مقيدها، وعامها على خاصها، ومنطوقها على مفهومها، ويعمل بدلالة مفهومها موافقةً أَوْ مخالفة ما لم يعارض ذلك في الدلالة ما هو أقوى منها وذلك بشروط مقررة مذكورة في موضعها من هذا البحث.

ووقوف القاضي على أسباب النزول وأعراف العرب حال نزول القرآن وورود الحديث مما يعين على فهم النَصّ الشرعي وتفسيره.

ولمقاصد الشريعة وحكمة شرعية الحكم أثرٌ كبير في البيان

ص: 181

والتفسير، فهي تكشف ما غمض من الألفاظ والنُّصُوص، أَوْ ترجح دلالة أَوْ قولًا على آخر، أَوْ تعضد تعدية حكم أصل لفرع لكونها مناطًا له، وهناك تفصيلات في الترجيح عند التعارض يرجع لها في أصل البحث.

16 -

لِلنُّصُوص الفقهية طرق لتفسيرها، وهي في الجملة لا تخرج على قواعد تفسير النُّصُوص الشرعية من الكتاب والسنة، غير أَنه لا بُدَّ من مراعاة مصطلحات العلماء في تقريرها، ومراعاة العرف الجاري وقت تقرير النَّصّ الفقهي؛ لأَنَّه مما يعين على فهمه وتفسيره، أَوْ الانتقال عنه إلى غيره من الأصول عند موجب ذلك، وهكذا مراعاة قصد الفقيه في تقرير الحكم من سدّ ذريعة، أَوْ منع حيلة، ونحو ذلك مما لا بُدَّ منه لفهم الأحكام الفقهية المقررة بالاجتهاد بناءً على تلك الأصول.

وعند تعارض النُّصُوص الفقهية إذا أردنا استظهار قول الفقيه ومن في حكمه فإنَّه يجمع بينها ما أمكن بحمل عامها على خاصها، ومطلقها على مقيدها، أَوْ بحمل أحدهما على حال أَوْ زمن إن أمكن.

كما يرجح بينها بكون متأخرها ناسخًا لمتقدمها، وما ذكره الفقيه في مظنته وبابه مقدم على ماذكره استطرادًا في موضع آخر، وما كان أظهر في الدلالة مقدم على ضده، فيقدم المَنْصُوص على المخرَّج، والنَّص على الظاهر، والظاهر على المفهوم، ومفهوم

ص: 182

الموافقة على مفهوم المخالفة، ولكل مذهب طريقة في ترتيب الأقوال وترجيحها للعمل بها في الفتيا والقضاء وذلك عند تَعَدُّدها، وهي مذكورة في مظانها من هذا البحث.

17 -

الوقائع القضائية: هي تلك الحوادث التي يقع فيها التنازع لدى القاضي تستدعي فصلًا بحكم ملزم أَوْ صلح عن تراض.

وهي أحد قطبي التَّوْصِيف القضائي، فبدونها يبقي الحكم عامًّا مجردًا مُنَزَّلًا في الأذهان، فإذا لامسته هذه الوقائع تنزَّل على الأعيان والأشخاص، فصار واقعًا محسوسًا.

فالواقعة القضائية: هي المحل الذي يعمل فيه الحكم الكلي، ولذلك فلا بُدَّ لكل حكم قضائي من مقدمتين؛ الأولى: الحكم الكلي، والثانية: الواقعة القضائية، والأولى حاكمة على الثانية.

18 -

الوقائع القضائية منها ما هو مؤثر، ومنها ما هو طردي لا تأثير له في الأحكام، وإنَّما يرد ويتكرر على ألسنة الخصوم.

والمؤثر من هذه الوقائع: منه ما هو مؤثر مطلقًا في موضع النزاع وغيره، ومنه ما هو مؤثر في موضع النزاع فقط.

والمؤثر في موضع النزاع منه ما يكون أصليًّا، كدعوى شراء المدعي دار المدعى عليه، ومنه ما يكون تبعيًّا يؤدي ثبوته إلى ثبوت الواقعة المدعاة، وهذا هو شان القرائن القضائية القوية، كحيازة

ص: 183

المشتري العين مدة دالة على الملك، فهو يَدُلُّ على صِحَّة دعوى الشراء.

ومن الوقائع القضائية ما هو مفرد ولو تركب من عدة أوصاف، مثل: القتل العمد العدوان، ومنها ما هو مركب من أبواب مُتَعَدِّدَةٍ، مثل: دعوى زيد على عمرو بأَنَّه قد ضمن بكرًا بمائة ألف ريال، فهذه الدعوى في حقيقتها مركبة من دعوى الدَّيْن ودعوى الضمان.

ومن الوقائع القضائية ما كان محل الادّعاء الأصلي، ويمكن تسميته بالواقعة الأصلية، ومنها ما هو بديل للواقعة الأصلية، وهو ما صَحَّ بدلًا عنها عند عدم ثبوتها، وذلك كمن ادعى تأجير دار على زيد، ولم يثبت عقد الأجرة، ولكن ثبت أَنَّ زيدًا قد شغل الدار بمتاع موجب لأجرة المثل.

ومن الوقائع القضائية ما يكون طرديًّا في حال أَوْ عقد، ومؤثرًا في حال أَوْ عقد، وذلك مثل جهالة العمل المتعاقد عليه، فإنَّه طردي في دعوى عقد الجعالة، ومؤثر في دعوى عقد الإجارة، لأَنَّ الجعالة تَصحُّ مع جهالة العمل المتعاقد عليه، والعلم بذلك شرط في صِحَّة الإجارة.

19 -

للواقعة القضائية المؤثرة شروط مقررة، هي:

(أ) أَنْ تكون بحق مشروع للمدعي فيه مصلحة من جلب نفع أَوْ دفع ضر.

ص: 184

(ب) أَنْ تلزم أحد المتنازعين عند ثبوتها، فلا يُعْتَدُّ بهبة لم تقبض؛ لأَنَّها لا تلزم إلَّا بالقبض.

(ج) أَنْ تكون متعلقة بالدعوى أصلية أَوْ تبعية، فلا يُعْتَدُّ بواقعة مؤثرة في نزاع غير مثار لدى القاضي حالًا.

(د) أَنْ تكون الواقعة محررة بأَنْ تكون محددة ومعرفًا بها تعريفًا ينافي الجهالة، فمتى جهلت الواقعة المؤثرة ويُئِس من الوقوف عليها أَوْ شق اعتبارها كانت كالمعدومة ولم يعْتَدّ بها ولو كان الأصل بقاءها.

وقد استثنى العلماء بعض الصور في الدعوى تسمع مع الجهالة، كالوصية، وعوض الخلع، ونحوهما مما يَصِحُّ مجهولًا.

(هـ) أَنْ تكون الواقعة ممكنة الوقوع، فإن كانت الواقعة غير منفكة عما يُكَذِّبُها شرعًا أَوْ عقلًا أَوْ حسًّا أَوْ عرفًا، أَوْ متناقضة مع أمر سبق صدوره من المدعي لم يعْتَدّ بها.

20 -

لا بُدَّ من تنقيح الوقائع المدعاة بإثبات مؤثرها الذي يتعلق به التَّوْصِيف والحُكْم، وحذف وإلغاء طرديها مما لا تعلق له بذلك بحيث تصبح الواقعة المؤثرة بعد تنقحيها مهذبة مرتبة، كأَنَّه لم يذكر معها سواها من الوقائع مما ليس له تعلق بالحكم.

ويكون التنقيح ابتداءً بعد استجواب الطرفين، والغرض منه تهيئة الواقعة للإثبات بعد تَوْصِيفها ابتداءً، كما يكون التنقيح انتهاءً

ص: 185

بعد ختام المرافعة، تُنَقَّح فيه أقوال الخصوم وبيناتهم فيحذف طرديها ويبقي مؤثرها.

وتنقيح الوقائع يكون على أوصاف الحكم الكلي الملاقي للواقعة، والذي يقوم بتحديده القاضي، ثم بعد ذلك يجري القاضي عملية التنقيح بواسطة التحليل والمقابلة؛ فيحلل القاضي الحكم الكلي إلى عناصره، ويقابل بين هذه العناصر وبين الوقائع المختلطة؛ مؤثرة وطردية، وَصْفًا وَصْفًا، فما قابل الوصف المؤثر من الواقعة فهي المؤثرة التي تبقى، وما عداه فهي الواقعة الطردية التي تحذف وتلغى.

21 -

الواقعة المنقحة ابتداءَ لا بُدَّ من إثباتها عند تناكرها بالطرق والبينات المقررة شرعًا مستوفية لما يلزم لصحتها وقبولها.

ويشترط للواقعة التي يراد إثباتها عند التنازع لدى القاضي ما يلي:

(أ) أَنْ تكون مؤثرة في الحكم القضائي، سواء كان تأثيرها أصليًّا أَمْ تبعيًّا، وقد بينت الواقعة المؤثرة وشروطها فيما سبق.

(ب) أَلَّا تكون معترفًا بها إذا كان الإثبات بالشهادة، فالاعتراف بالواقعة مُغْني عن إثباتها بالشهادة في الجملة، وهناك صور مستثناة تُسمَع البينة عليها ولو مع الاعتراف بها.

(ج) ألَّا تكون الواقعة من الأمور الباطنة التي يتعذر الاطلاع

ص: 186

عليها إذا كان الإثبات بالشهادة، وذلك كنِيَّة الإنسان، فلا تسمع الشهادة عليها، لكن إذا ثبتت الأمور الباطنة بقرينة ظاهرة تَدُلُّ عليها كما في عقود التلجئة فهنا يتوجه الإثبات على الأمر الظاهر الدال على الباطن لا على الباطن نفسه.

(د) ألَّا تكون الواقعة متواترة وما في حكمها بحيث يشترك القاضي مع غيره من عموم الناس في العلم بها، كوجود عواصم الإسلام أَوْ غيرها من العواصم التي لا تخفى على عموم الناس، فهذه لا تحتاج إلى إثبات، وهكذا تعاقب الليل والنهار، والنتائج الرياضية الظاهرة لكل أحد، مثل معرفة أَنَّ الواحد زائدًا واحدًا يساوي اثنين.

(هـ) أَنْ تكون الواقعة في الجملة موجبة لا منفية إذا كان الإثبات بالشهادة، فلا يتوجه الإثبات بالشهادة على النفي المطلق، ويتوجه في نفي مقيد أَوْ محصور في مسائل مستثناة أشرنا إليها في الأصل.

22 -

كل ما أبان الحق وأظهره مما يثبت الواقعة المتنازع فيها مباشرة أَوْ تبعًا، نَضًا، أَوْ دلالة- فهو طريق شرعي للإثبات إقرارًا، أَمْ كتابة، أَمْ شهادة، أَمْ يمينًا، أَمْ نكولًا، أَمْ قرينة، أَمْ غيرها.

ولطرق إثبات الوقائع القضائية ضوابط في الجملة، وهي ما يلي:

(أ) أَنْ يتقدمها دعوى إذا كانت في الحقوق الخاصة.

ص: 187

(ب) أَنْ يكون سماعها عند ذي ولاية مختص.

(ج) أَنْ يكون سماعها بحضور طرفي النزاع.

(د) أَنْ تكون البينة موافقة للدعوى في المعنى.

(هـ) ألَّا يكذب البينةَ العقلُ أَوْ الحسُّ أَوْ ظاهرُ الحال.

(و) أَنْ تكون البينة منتجة.

(ز) أَنْ تعتمد البينة في تحملها على طريق مقرر شرعًا.

(ح) أَنْ تحرر البينة محل الإثبات.

(ط) أَنْ تكون البينة مشروعة في أصلها.

(ي) ألَّا يكون فيها تهمة للقاضي.

(ك) أَنْ تستوفي البينة أحكامها المقررة شرعًا.

23 -

الأصل وجوب إعمال القاضي البينة -طرق الإثبات- إذا استوفت ما يجب لها شرعًا، لكن له ردها عند الاقتضاء بتسبيب معتد به يبين فيه القاضي قوة ما أخذ به، ووهن ما عدل عنه، مراعيًا أصول إعمال البينات وردها، ودفع التعارض عند ظهوره.

24 -

لا بُدَّ للقاضي عند تَوْصِيف الواقعة من تفسيرها ببيان

معاني ودلالات الأقوال والأفعال والإشارة والسكوت وما يلحق بها

ص: 188

مما يَرِد في كلام الخصمين في مقام الدلالة على الإرادة في عقد ونحوه، وأذكر جملة من أحكام تفسير الوقائع فيما يلي:

(أ) أَنَّ الأصل إعمال أصول وقواعد تفسير النصوص الشرعية في الجملة عند تفسير الوقائع، لكن مع تقديم الدلالات العرفية على غيرها، وفي أصل هذا البحث بيان لمكانة العرف في تفسير الألفاظ، وتفصيل عن الواضح والمجمل، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، ومفهوم كلام المكلف مخالفةً أَوْ موافقةً، ودلالة كلامه؛ اقتضاءً أَوْ إشارة، أَوْ ايماءً أَوْ تعريضًا.

(ب) إعمال الكلام أولى من إهماله ما لم يكن مجملًا، أَوْ يتعذر إعماله عادة، أَوْ عقلًا، أَوْ شرعًا.

ويشترط في إعمال الكلام: أَنْ يكون المتكلم بالغًا، عاقلًا، مختارًا، قاصدًا كلامه، عالمًا لما تكلم به، وفي الأصل بيان لعدد من القواعد المنتظمة مع هذه القاعدة، وللكتابة أحكام تفسير اللفظ.

(ج) فعل المكلف في مقام الدلالة على الإرادة معتد به إذا كان وسيلة عرفية للدلالة على الإرادة، أَوْ اقتضى الحال إعماله، أَوْ كان في ترك إعماله تغرير أَوْ ضرر؛ فالبيان كما يكون بالصريح يكون بالدلالة.

وأصول تفسير الفعل منها ما يرجع إلى الشرع، ومنها ما يرجع إلى العرف أَوْ دلالة الحال.

ص: 189

(د) الإشارة هيئة فعلية تصدر عن المكلف، وتكون دالة على القصد والإرادة إذا كانت معهودة مفهومة من أخرس ونحوه أَوْ من ناطق وجرى العرف على دلالتها والتعامل بها كاللفظ.

(هـ) السكوت في مقام الدلالة على الإرادة معتد به في تفسيرها وبيانها، وذلك إذا كان وسيلة عرفية للدلالة على الإرادة، أَوْ كان السكوت في موطن يلزم فيه التكلم لدفع تغرير أَوْ ضرر.

وأصول تفسير السكوت ترجع إلى الشرع، والعرف، أَوْ دلالة الحال.

(و) للأسباب والدوافع الباعثة على التصرف والتعاقد ونحوها أثر في تفسير الوقائع لفظًا، أَوْ فعلًا، أَوْ سكوتًا، فهي ملحوظة في بيانه أَوْ صِحَّتِه وبطلانه.

(ز) للشاهد تفسير شهادته ببيان مجملها، وتخصيص عمومها، وتقييد مطلقها، ويعمل بذلك إذا كان قبل الحُكْم.

أَمَّا تفسير الشاهد شهادته بعد الحكم بالزيادة أَوْ النقص منها بما يغير معناها فله حكم الرجوع.

وإذا تعارضت الشهادات من شهود مختلفين فإنَّ العام يحمل على الخاص، والمطلق على المقيد، والمجمل على المبين.

(ح) عند تعارض كلام المكلف إن أمكن الجمع بينه صِير إلى ذلك، فيحمل العام على الخاص، والمطلق على المقيد بطرق

ص: 190

التخصيص والتقييد المقررة على ما مرَّ ذكره في الأصل، وقد يؤاخذ المكلف بأشد الكلامين عليه، كما لو اعترف لرجل بمائة ألف ريال، ثم عاد وقال: إنَّها خمسون ألف ريال؛ لأَنَّ هذا إقرار تعلق به حق الغير فلا يقبل رجوعه عنه، أَمَّا تعارض كلام المدعى عليه في الحدود فإن فسره على وجه يَصِحُّ، وإلَّا كان التعارض شبهة موجبة لدرء الحد عنه.

(ط) تقدم البينة من شهادة أَوْ كتابة ونحوهما على الأصل والظاهر.

فإذا لم يكن ثَمَّ بينةٌ أَوْ تعارضت البينات وأهدرناها رجحنا بالأصل والظاهر، فإن انفرد أحدهما أخذنا به، فإن حصل تعارض بينهما قدمنا ما دَلَّ النَّصّ الشرعي على الاعتداد به، كتقديم قول واصف اللُّقَطَة على منازعه الذي عجز عن وصفها، فإن لم يكن نَصٌّ كان الترجيح بحسب القرائن ومقتضيات الأحوال، فتارة يقدم الأصل، وأخرى يقدم الظاهر، وهكذا إذا تعارض أصلان أَوْ ظاهران قدم أقواهما دلالة، وفي أصل الكتاب توضيح وتمثيل لذلك.

(ي) عند تعارض البينات القضائية يقدم الأقوى فالأقوى، فيقدم الإِقرار على الشهادة، ثم الشهادة التامة على الشاهد واليمين، ثم الشاهد واليمين على القرائن واليمين، ثم القرائن واليمين على اليمين المجردة.

ص: 191

والكتابة في الجملة مقدمة على الشهادة، وقد يخرج عن ذلك لمقتضٍ شرعي، فقد حقق ابن القَيِّمِ (ت: 751 هـ) تقديم القرائن القوية عند الاقتضاء على الإِقرار والشهادة.

وإذا تعارضت الشهادتان من شهود مختلفين سلكنا طريق الجمع، فيحمل العام على الخاص، والمطلق على المقيد، كما يجمع بين الشهادتين باختلاف الحال، فإذا تعذر الجمع سلكنا طريق الترجيح بتقديم إحدى الشهادتين وإلغاء الأخرى، كتقديم الشهادة التي بينت سبب الملك على الشهادة التي أطلقته، وتقديم بينة الإِكراه على بينة الطواعية؛ لأَنَّ فيها زيادة علم.

وقد تهدر البينات إذا تعذر الجمع والترجيح، ويعود القاضي للترجيح بالأصل والظاهر.

ومما تجدر الإِشارة إليه أَنَّ طرق الترجيح لا حصر لها، بل القاضي يقرر الجمع والترجيح بتسبيب صَحِيح يبين وجهه، ويستفيد في الجملة من الطرق التي يقررها الأصوليون للترجيح بين الأَدِلَّة ولو لم يذكر هذا الوجه عند الفقهاء، وفي الأصل تمثيل لذلك.

25 -

استنباط الواقعة: هو استخراج ثبوت الواقعة المؤثرة من الوقائع المقدمة للقاضي والمرصودة في ضبطه، سواء من أقوال الخصوم، أَمْ من بيناتهم؛ وذلك لتهيئتها للتَّوْصِيف،

ص: 192

ولهذا الاستنباط شروط، هي:

(أ) أَنْ يشهد الشرع للمعنى المستنبَط.

(ب) أَنْ يكون المعنى المستنبط مؤثرًا في تَوْصِيف الواقعة المتنازع فيها، فلا يعْتَدّ باستنباط ثبوت وصف مؤثر شهد الشرع بالاعتداد به لكنه لا يتعلق بالنزاع.

(ج) ألَّا يعارض المعنى المستنبط ما هو أقوى منه من العلل والمعاني.

(د) أَنْ يكون الاستنباط كافيًا، مبينًا فيه المعنى المستنبط والأَدِلَّة والوقائع المستفاد منها، مراعى فيه طرق الاستنباط المقررة، مشتملًا على ردّ ما يخالفه أَوْ يعارضه.

(هـ) أَنْ يكون الاستنباط متسلسلًا متناسقًا ينتقل فيه مقرره من المقدمات إلى النتائج، ومن المعلوم إلى استنباط المجهول وتقريره، ومن الدليل إلى المدلول، ولا يعارض أَوْ يناقض بعضه بعضًا.

(و) أَنْ يكون مبنيًّا على ما تداعى فيه الخصوم وقدموه للقاضي، فلا يستدل القاضي أَوْ يستنبط من أقوال وأَدِلَّة لا سند له عليها.

ص: 193

26 -

تقرير التَّوْصِيف: هو قرار القاضي بانطباق الأوصاف المقررة في الحكم الكلي على الواقعة القضائية الثابتة المنقحة.

وهو النتيجة والثمرة من تقرير الحكم الكلي وتفسيره، ومن تقرير الواقعة القضائية وتفسيرها.

ومحله: هو الوقائع المنقحة المقررة بِأَدِلَّة الإِثبات والحكم المقررة والمستمدة من أقوال الخصوم ودفوعهم وبيناتهم، مراعى في ذلك طلبات الخصوم أَوْ آخر الطلبات عند تعديلها أَوْ العدول عنها، وأصول التَّوْصِيف.

ووقته: بعد استيفاء ما لدى الطرفين من دفوع وبينات والإِعذار فيها، وختام المرافعة.

وله ضوابط يجب مراعاتها عند تنزيل الأحكام الكلية على الوقائع القضائية، وحاصلها:

(أ) أَنْ يكون الحكم الكلي الفقهي المُوَصَّف به مبنيًّا على أصل شرعي.

(ب) أَنْ يكون الحكم الكلي مفسرًا.

(ج) أَنْ تكون الواقعة القضائية مؤثرة في الحكم القضائي.

(د) ثبوت الواقعة بطرق الحكم المقررة شرعًا.

(هـ) وضوح الواقعة وبيانها وتفسيرها.

ص: 194

(و) أَنْ يكون التَّوْصِيف ملاقيًا للدعوى والطلبات المستوفية لشروط صِحَّتِها.

(ز) مراعاة أصول التَّوْصِيف.

(ح) أَنْ يكون القاضي المُوَصِّف ذا ولاية.

(ط) اشتراك الواقعة القضائية مع الحكم الكلي في الأوصاف المؤثرة.

27 -

للتَّوْصِيف أصول يجب مراعاتها عند تقريره؛ لأَنَّها تعين على تحديد الحكم الكلي الملاقي للواقعة المراد توْصِيفها، كما تعين على ضبط التَّوْصِيف بإجراء الحكم القضائي على محله، وعلى تفسير الوقائع والأحكام الكلية، وهذه الأصول هي:

(أ) النظر في المآلات والوقائع عند تَوْصِيف الأَقْضِيَة، فتسد الذرائع، وتمنع الحيل، ويعمل بالاستحسان، فيعدل من تَوْصِيف لآخر لمقتض شرعي ويراعى الخلاف؛ حتى تتحقق المآلات، وتكون الأحكام مطابقة لمراد الله- عز وجل بإيصال الحقوق إلى أصحابها.

(ب) مراعاة مقصد الشرع وحكمة التشريع.

ومن هذه المقاصد والحِكَم: حفظ المال من الإِهدار ما أمكن، وثبات التعامل بين الناس واستقراره، ولذا تحمل العقود والشروط على الصِّحَّة ما أمكن، كما تُصَحَّحُ العقود والشروط إذا

ص: 195

ترتب على إبطالها ضرر، وتبقى الحال على ما وقعت عليه إذا ترتب على نقضها مفسدة أعظم.

وهكذا فإنَّ من المقاصد والحِكَم التي تراعى: أَنَّ عقود الأبدان مبنية على الألفة والاتفاق، وقطع الخصومة بين الناس وتقليلها ما أمكن.

(ج) مراعاة الضرورات والحاجات عند التَّوْصِيف.

(د) مراعاة الفروق الفردية بين الوقائع والأشخاص عند التَّوْصِيف، مثل مراعاة ذلك في موجبات التعزير والإِكراه.

(هـ) درء الحدود والقصاص بالشبهات، والعفو عن العقوبة مقدم على إثباتها عند مقتضيه.

28 -

لتقرير التَّوْصِيف بتنزيل الحكم الكلي على الواقعة القضائية طريقان، هما: الاجتهاد المباشر، والقياس القضائي.

أَمَّا الاجتهاد المباشر فهو قيام القاضي بتَوْصِيف الواقعة المؤثرة المنقحة بمُعَرِّفَات الحُكْم الكلي من غير التزام بشكل القياس القضائي.

وأَمَّا القياس القضائي فهو الاجتهاد في إدخال الواقعة القضائية بالحكم الكلي الفقهي بواسطة القياس المنطقي؛ لاشتراكهما في الأوصاف المؤثرة.

ومقدمته الكبرى: الحكم الكلي الفقهي مقررًا مفسرًا.

ص: 196

ومقدمته الصغرى: الواقعة القضائية المؤثرة مقررة مفسرة منقحة مهذبة مرتبة كأَنَّه لم يذكر معها سواها، خالية من الموانع.

وحده الأوسط: الأوصاف المؤثرة المشتركة بين الحكم الكلي الفقهي والواقعة القضائية.

ونتيجته: تَوْصِيف الوقائع القضائية المؤثرة بالحكم الكلي الفقهي الذي يوضحه ويبينه تسبيب الحكم.

29 -

التَّوْصِيف قد يكون مفردًا بأَنْ يضفي على الواقعة تَوْصِيفًا واحدًا، مثل تَوْصِيف التزام زيد بتسليم المال عن عمرو بأَنَّه ضمان، كما قد يكون التَوْصِيف مُجَزَّأً، وذلك بأنْ يضفي على الواقعة القضائية وَصْفَين مختلفين في آنٍ واحد، مثل دعوى رجل على زوجته بأَنَّه خلعها على مائة ألف ريال، وتنكر المخالعة وليس لديه بينة على ما يدعيه، فيثبت الخلع عليه باعترافه، فتطلق منه زوجته، ولا يستحق العوض؛ لأَنَّها مجرد دعوى لم تثبت.

كما أَنَّ التَّوْصِيف قد يَتَعَدَّدُ لِتَعَدُّد الوقائع المدعاة إذا صَحَّ جمع الطلبات في طلب واحد، مثل من يطالب بمائة ألف ريال؛ منها خمسون ألف ريال ثمن سيارة، وخمسون ألف ريال أجرة منزل، فالحكم هنا في القضية يستلزم تَوْصِيفين؛ أحدهما: ثمن السيارة، والآخر: أجرة الدار.

ص: 197

كما أَنَّ الواقعة المدعاة قد يكون لها تَوْصِيفان مختلفان، لكنهما متفقان في النتيجة.

كما أَنَّ من التَوْصِيف ما يضادّ غيره، كأَنْ يدعي شخص بيع سيارة على المدعى عليه، ويدفع المدعى عليه بالإِقالة منها، فإنَّ هذا التَّوْصِيف المضاد- وهو الدفع بالإِقالة- إذا ثبت أسقط التَّوْصِيف الأول بشراء السيارة، وهذه هي خصائص الدفوع؛ إذ هي تُضادّ الدعوى.

وفي الأصل بيان للفرق بين هذه التَّوْصِيفات.

30 -

للخصم، والبينة، والقاضي وظيفة في تَوْصِيف الأَقْضِيَة.

أَمَّا الخصم: فإنَّه يحدد مسار التَّوْصِيف بما يقدمه من الوقائع والطلبات، فالقاضي ملزم بتَوْصِيفها لا يتركها لغيرها في الحق الخاص، وقد يحدد الخصم تَوْصِيفًا لدعواه، لكن المعتد به تَوْصِيف القاضي.

أَمَّا الشاهد: فهو سفير الوقائع إلى القاضي يوصلها إليه كما حدثت، والقاضي هو الذي يُوَصِّفها، ولشهادته أثر مهم في تحديد مسار التَّوْصِيف وطريقه متى أعملت، وليس للشاهد تَوْصِيف الوقائع.

وأَمَّا القاضي فهو صاحب العمل الرئيس في التوصِيف،

ص: 198

وتقريره للتوصِيف هو المعتد به ما دام قائمًا على الأصول، ولا يعارضه تَوْصِيف الخصم إذا خالفه.

31 -

إنَّ القاضي بعد تهيئته الحكم الكلي سواء كان مقررًا مكتوبًا سبق تقريره في الكتاب، أَوْ السنة، أَوْ الإِجماع، أَوْ قول فقيه، أَمْ استنبطه القاضي من الأَدِلَّة الشرعية وأحكم صياغته في هيئة نَصٍّ فقهي مهذب مرتب، وبعد تهيئته للواقعة القضائية مقررة ومستنبطة من كلام الخصوم وطلباتهم وبيناتهم منقحة ومرتبة ومهذبة كأَنَّه لم يذكر معها سواها مما لا علاقة له بالتَّوْصِيف، وقد انتفت موانعها- فإنَّه يقوم بمطابقة أحدهما على الآخر بواسطة القياس القضائي، فإذا اشتركا في الأوصاف المؤثرة تَحَلَّت الواقعة بالحكم الكلي، وتوصفت به، وقد يصرح القاضي بهذا التَّوْصِيف، فيقول: إنَّ هذه الواقعة رهن لا بيع، أَوْ إنَّها جعالة لا إجارة، ويتعين ذلك عند اللبس، وقد لا يصرح بذلك- وهو الغالب- مكتفيًا بتسبيب الحكم وظهور التَّوْصِيف من التسبيب.

32 -

على القاضي فحص التَّوْصِيف بعد تقريره، وذلك بمراجعته قبل ترتيب الحكم القضائي عليه، ويكون بمراجعة الخطوات التي سلكها القاضي عند تقريره وفحصها خطوة خطوة، مستعينًا في ذلك بتقمّص شخصية المخالف، وافتراض الاعتراضات على ما قرره، والإِجابة عليها أَوْ العدول إليها عند الاقتضاء، كل ذلك

ص: 199

في محاورة ذهنية هادئة، فإذا استقر التَّوْصِيف على حال قُرِّر الحكم القضائي المترتب على هذا التَّوْصِيف.

33 -

المراد بتقرير الحكم القضائي: تبيين الأثر المترتب على الواقعة الموصفة، والإِلزام به، وهذا التقرير للحكم القضائي خطوة تالية للتَّوْصِيف، فإذا كان القاضي قد حدد الحكم الكلي الفقهي الملاقي للواقعة القضائية، وكان التَّوْصِيف يعمل في حدود الشطر الأول للحكم الكلي، وهي المُعَرِّفَات- فإنَّ الحكم القضائي يعمل في الشطر الثاني، وهو الحكم التكليفي من حرمة، ووجوب، وإباحة، وصِحَّة، وبطلان، وشطرا الحكم الكلي قرينان لا يفترقان في الحكم القضائي، فلا حكم تكليفي إلَّا وله مُعَرِّفَات، ولذا فإنَّه إذا اتصفت الوقائع القضائية بالمُعَرِّفَات نُزِّل الحكم التكليفي عليها تبعًا وألزم القاضي الخصم بذلك معلنًا له في حكم ظاهر جليَّ.

فإذا قيل بأَنَّ هذه الواقعة من قِبَل خيار العيب قد توفرت فيها الشروط وانتفت الموانع والمسقطات فإنَّ حكمها الكلي ثبوت الخيار للمشتري بين ردّ المبيع أَوْ أخذ الأرش، فإذا اختار أحدهما ألزم القاضي الطرف الآخر بذلك.

34 -

التسبيب القضائي هو ذكر القاضي ما بنى عليه حكمه من الحكم الكلي، والوقائع القضائية المؤثرة في الحكم، وصفة ثبوتها، وانطباقها على الحكم الكلي الفقهي، فهو ترجمة لاجتهاد

ص: 200

القاضي في تَوْصِيف الواقعة، وتقرير الحكم القضائي، ويبين طريق القاضي ومنهجه وخطته في حَلّ النزاع والفصل في القضية بحكم باتّ.

فالتَّوْصِيف عمل يسبق التسبيب، وهو المادة الأساس له، فلا تسبيب إلَّا بالتَّوْصِيف وبعده.

35 -

أَمَّا علاقة التَّوصِيف بنقض الأحكام القضائية فإنَّ الحكم إذا بان خطأً نُقِض ولو صَحَّ تَوْصِيف الواقعة، وهكذا إذا كان الخطأ في التَّوْصِيف والحكم وجب نقضه- أيضًا-، أَمَّا إذا صَحَّ الحكم القضائي مع الخطأ في تَوْصِيفه فإنَّ الحكم يكون مستوجبًا للنقض، لكن لمتعقب الحكم عند الاقتضاء إجازة ذلك الحكم وإمضاؤه بعد تَصْحِيح التَّوْصِيف، وتكون هذه الإِجازة والإِمضاء استئنافًا وإنشاءً وتَصْحِيحًا للحكم الأول من متعقبه.

36 -

ختمت الكتاب ببعض التطبيقات من الوقائع القضائية التي تبين كيف يتم تنزيل الأحكام الكلية على الوقائع القضائية.

* * *

ص: 201