الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لذلك فقد أفهمت طرفي النِّزاع بأَنَّ اتفاقهما علي بناء الدار موضع النزاع باطل غير منعقد، ولا تترتب عليه آثاره من المطالبة بإكمال العمل، وبذلك قضيتُ، وإذا كان لأحدهما على الآخر دعوى محاسبة للمنفذ فهو عليها، وبإعلان الحكم على الطرفين قرر المدعى عليه الاقتناع به، أَمَّا المدعي فقد قرر عدم الاقتناع به وطالب بتمييزه.
تدقيق الحكم بتمييزه:
بدراسة الحكم واللائحة الاعتراضية من قِبَل محكمة التمييز جرت الموافقة عليه.
الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:
مما تقرر في هذه الواقعة من ذلك ما يلي:
1 -
هذه الواقعة مثال للمجمل بالقوة من الوقائع، وهو أَنَّه قد تكون الدلالة ظاهرة في شيء ولكن عارضها دلالة أخرى جعلتها مجملة لتساوي الدلالتين من غير مرجح، فإنَّ اختلاف الخصمين فيما يحتسب من الأمتار أهو المسطحات حسب العرف- وهذا هو الظاهر عند الإطلاق- أَمْ هو المباني المغلقة حسب دفع المدعى عليه؟ والذي قَوَّاه الفارق الكبير في السعر، فعارض دلالة العرف، ولم يوجد ما يرجح أحدهما، ونَصُّ العقد يحتملهما، فكان مجملًا.
2 -
تَوْصِيف العقد بالبطلان وإظهار هذا التوْصِيف وأَنَّ مرجعه للقاضي لا إلى الخصوم.
3 -
أَنَّ الواقعة إذا كانت مجملة، وتعذر تفسيرها فتحمل على الجهالة؛ لأَنَّ من المقرر في قواعد تفسير الوقائع المجملة أَنَّ المجمل يجب التَّوَقُّف في تفسيره، وما لم يقم دليل يفسره فإنَّه يهمل (1).
4 -
أَنَّ العقد الباطل لا ينعقد، ولذلك لا يحتاج من الحاكم إلى الحكم ببطلانه، بل يكتفى بإعلام أَوْ إفهام الطرفين بأَنَّه لم ينعقد (2)، ويقضي القاضي بذلك، كأَنْ يقول بعد تسبيب الحكم: لذا فقد أفهمت طرفي النزاع بأَنَّ العقد باطل لم ينعقد، وبذلك قضيت.
5 -
أَنَّ للقاضي رد قرار الخبرة بتسبيب يقرره (3)، كما في هذه الواقعة؛ فقد جرى رد قرار المهندس وبيّن السبب.
* * *
(1) انظر ما سبق في المطلب الثالث من المبحث الثَّاني من الفصل الخامس من الباب الأول، والفقرة (ثانيًا) من المطلب الرابع من المبحث الأول من الفصل الثالث من الباب الثَّاني.
(2)
المدخل الفقهي للزرقا 2/ 669، قواعد ابن رجب 65، شرح عماد الرضا 1/ 281، شرح المنتهى 2/ 190، الكشاف 3/ 197.
(3)
انظر ما سبق في المطلب الرابع من المبحث الثالث من الفصل الثَّاني من الباب الثَّاني.