الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[4/ 531] ما نَصُّه: "فصل: وتمنع التهمة قبول الشهادة، وهي ستة أنواع- حتَّى قال- النوع الخامس: من شهد بشهادة ترد في البعض ردت في الكل"، وأَمَّا الشاهد المدعو
…
فإنَّه لم يشهد بالمدعى به، ولا بما يَدُلُّ عليه، وكذلك الشاهد
…
فإنَّه لم يوضح المشهود به ومقداره، كما أَنَّ صورة سند البيع لا تقوم بها حجة ولم يثبت الأصل، والمدعى عليه ينكر ما تضمنته؛ لذلك جميعه فقد أعلمت المدعي بأَنَّ بينته غير موصلة، وأَنَّ له اليمين على المدعى عليه أصالة بنفي دعواه على البتات متى طلبها، فأبى تحليفه، فبناءً على جميع ما سلف فقد حكمت بصرف النظر عن دعوى المدعي هذه لعدم استحقاقه لما يدعيه وله يمين خصمه على نفي دعواه على البتات متى طلبها، وبإعلام الطرفين بالحكم لم يقنع المدعي به وطلب تمييزه.
تدقيق الحكم:
هذا الحكم دُرِس من قِبَل محكمة التمييز واعترضت عليه ونقضته، وبدارسته وأوراق القضية من قِبَل مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة قررت صِحَّة الحكم، وأَنَّ القضية منتهية بموجبه.
الأحكام والضوابط المقررة في هذه القضية:
مما تقرر في هذه الواقعة من ذلك ما يلي:
1 -
أَنَّ الوكيل في الخصومة لا يُقِرُّ عن موكله ما لم يُصَرَّح له في الوكالة بالإقرار.
2 -
أَنَّ العبرة بالمعاني وحقائق الأمور لا بالألفاظ والمباني وصور الأمور، وذلك جارٍ في العقود والتصرفات، كما يجري في تفسير الشهادات، فإنَّ شهادة الشاهد الأول في حقيقتها ادّعاء الحوالة أَوْ إقرار بحق للمدعي، وليست شهادة على المدعى عليه؛ لأَنَّ الشهادة في حقيقتها إخبار بحق للغير على الغير، والدعوى إخبار بحق لنفسه على الغير، والإقرار إخبار بما على نفسه لغيره (1).
3 -
أَنَّ المجهول ينزل منزلة المعدوم وإن كان الأصل بقاءه إذا شق اعتباره أَوْ يئس من الوقوف عليه.
4 -
ردّ شهادة الشاهد إذا كان يجرُّ لنفسه نفعًا بهذه الشهادة، أَوْ يدفع عنها ضررًا، وكذا إذا كان متهمًا بأن شهد لنفسه وغيره بحق، فمن شهد بشهادة ترد في البعض ردت في الكل.
5 -
عدم الاعتداد بصورة الكتابة إذا لم تثبت بطريق شرعي آخر.
6 -
عدم تحليف المدعى عليه في اليمين المتوجهة عليه عند عدم البينة حقيقة أَوْ حكمًا إلَّا بطلب خصمه المدعي (2).
(1) جاء في الاختيارات الفقهية ص 364: "والتحقيق أَنْ يقال: إنَّ المخبر إنْ أخبر بما على نفسه فهو مقر، وإن أخبر بما على غيره لنفسه فهو مدّع، وإن أخبر بما على غيره لغيره، فإن كان مؤتمنًا عليه فهو مخبر، وإلا فهو شاهد". وانظر في المعنى نفسه [تكملة فتح القدير 6/ 280].
(2)
معنى عدم البينة حقيقة: أَلَّا يكون للمدعي بينة، وعدم البينة حكمًا: أن يُحْضِر بينة ولكنها غير موصلة للحق، أَوْ مردودة للطعن فيها.
7 -
ما جرى به العمل من بيان أسباب الحكم شرعيّة أَوْ واقعيّة، ومن ذلك: بيان وجه رد الشهادة عند عدم إعمالها.
8 -
في هذه الواقعة مثال للتَّوصِيفِ الفرعي (1) الذي يستدعيه
الرد على الشهادات غير الموصلة، فقد وصَّف القاضي شهادة أحد الشهود عند ردها بأنَّها ادِّعاء للحوالة وليست شهادة.
* * *
(1) انظر بيان التوصيف الفرعي في: الموضوع الرابع من تمهيد الكتاب.