الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
في رجل ماتَ وتزوج أخوه امرأتَه ثم إنها ماتتْ، فهل يَحِلُّ أن تُدفَن مع زوجها الأولِ في قبرٍ واحد؟
الجواب
الحمد لله،
يُكرَه دفُن اثنين في قبرٍ واحدٍ إلاّ لحاجةٍ
، سواء كان أجنبيًا أو لم يكنْ، وإذا احْتِيْجَ إلى ذلك جُعِل بينهما حاجزٌ.
مسألة
في الصلاةِ على الجنازةِ قُدَّامَ الإمامِ.
الجواب
تنازع العلماء في الصلاة قُدَّامَ الإمام في الجنازة والجمعة وغير ذلك، فقيل: يصحُّ مطلقًا كقول مالك، وقيل: لا يصحُّ مطلقًا كقول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور عنه في مذهبه، وقيل: يَصحُّ عند العذر، فإذا كان زَحْمة وتَعذَّر معها الصلاةُ خلفَه صلَّى أمامَه، وذلك خير من أن يَدَعَ الصلاةَ، وإن أمكنَه الصلاةُ لم يُصَلِّ أمامَه، وهذا أعدلُ الأقوال.
مسألة
فيمن يُصلِّي على جنازةٍ قُدَّامَ الإمام وقُدَّامَ الجنازةِ، فهل تَصِحُّ أم لا؟ وهل تَصِحُّ صلاتُه لمن هو لابِسٌ مَدَاسَه؟
الجواب
أما صلاته قُدَّامَ الإمام في الجمعة والجنازة والصلوات الخمس وغيرِ ذلك فللعلماء فيه ثلاثة أقوال:
قيل: لا يجوز، وهو مذهبُ أبي حنيفة وهو المشهور من مذهب الشافعي وأحمد.
وقيل: يجوز، وهو قول مالك والشافعي في القديم.
وقيل: إن كان للحاجة جاز، وإلَاّ فلا، مثل أن يكون قُبَالَ وجهِه ولا يُمكِنُه الصلاةُ إلا قُدَّامَ الإمام، فالصلاةُ أمامَه خيرٌ من ترك الصلاة، وأما إذا أمكنَه الصلاةُ خلفَه فلا يُصلِّي إلاّ خلفَه. وهو أعدل الأقوال وأقواها، وهذا قولٌ في مذهب أحمد وغيرِه، والأحاديث هكذا وردت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مسألة
في رجل كلَّما ختمَ القرآنَ أو قرأ شيئًا منه يقول: اللهمَّ اجعلْ ثوابَ ما قرأتُه هديةً مني وَاصِلةً إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أو إلى جميعِ أهلِ الأرضِ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها.
فهل يجوز ذلك أو يُستحبُّ؟ وهل يَجبُ إنكارُ ذلك على فاعلِه؟ وهل فَعَلَه أحدٌ من علماء المسلمين؟
الجواب
الحمد لله، هذه المسألة مبنية على أصلِ، وهو أن إهداءَ ثواب العبادات إلى الموتى هل يَصِلُ إليهم أم لا؟
فأما العباداتُ المالية كالصدقة فلا نزاع بين المسلمين أنها تَصِلُ إلى الميت، إذ قد ثبتَ في الصحيح
(1)
أن سعدًا قال: يا رسول الله!
إني أمي افْتُلِتَتْ نفسَها، وأراها لو تكلَّمتْ لتصدقتْ، فهل يَنفعُها إن أتصدَّقْ عنها؟ قال: نعم.
وأما العباداتُ البدنية كالصوم والصلاة والقراءة ففيها قولان: أحدهما: يجوز إهداءُ ثوابها إلى الميت، وهو مذهب أبي
(1)
سبق تخريجه.
حنيفة وأحمد وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
والثاني: لا تَصِلُ، وهو المشهور عند أصحاب مالك والشافعي، وقد ثبتَ في الصحيح
(1)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن أمي نَذرتْ صيامَ شهرٍ، فقال:"صُومِي عن أمك".
فهذه الأحاديث الصحيحة تدلُّ على أن العبادات البدنية تُفعَلُ عن الميت كالعبادات المالية، وفي الترمذي
(2)
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يُضَحِّيْ عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدَ موته، ويَذكُر أنه أَمَرَه بذلك.
إذا عُرِفَ هذا فإهداءُ ثواب القرآنِ إليه صلى الله عليه وسلم أو إلى جميع أهل الأرض هو مثلُ إهداءِ ثوابَ الصيام التطوع والصلاة التطوع ونحوهما، ومثلُ إهداء ثواب الصدقة والعتق والحج على أحد القولين إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسائر المسلمين، ولم يَبلُغْنا أن أحدًا من السلف والصحابة والتابعين وتابعيهم كان يَفعلُ ذلك، وأقدمُ مَن بَلَغَنا أنه فعلَ شيئًا من ذلك عليُّ بن الموفَّق أحدُ الشيوخ من طبقةِ أحمد الكبار وشيوخِ الجنيد.
وبعضُ الناس يُنكِر هذا لأجل كون النبي صلى الله عليه وسلم أعلَى من أن أحدًا يُهدِي إليه شيئًا، وهذا الإنكارُ ليس بجيدٍ، فإنّا مأمورون أن نُصلِّيَ
(1)
البخاري (1953) ومسلم (1148) عن ابن عباس.
(2)
برقم (1495). قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلاّ من حديث شريك.
على النبي صلى الله عليه وسلم وأن نُسلِّم عليه وأن نسألَ له الوسيلةَ، وقد ثبتَ عنه أنه قال
(1)
: "إذا سمعتم المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقول، ثم سَلُوا الله لي الوسيلةَ، فإنها درجة في الجنة لا ينبغي إلاّ لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكونَ ذلك العبدَ، فمن سألَ اللهَ لي الوسيلةَ حَلَّتْ عليه شفاعتي يومَ القيامة".
والدعاء يكون من الأعلى للأدنى، ومن الأدنى للأعلى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر:"لا تنسَنا مِن دعائِك"
(2)
، ولما أخبره بأُوَيس القَرَنِيّ قال:"إن استطعتَ أن يَستغفِرَ لك فليستغفرْ لك"
(3)
.
وكذلك الصدقة عن الميت والصوم عنه يجوز، وإن كان الميتُ أفضلَ ممن يصوم عنه ويتصدقُ عنه، فكونُ الشخصِ الميتِ أفضلَ من الحيّ أو كونُه نبيًّا أو صِدِّيقًا لا يَمنَعُ أن يُشرَعَ للحيّ الدعاءُ له، كما أنه يُصلِّي على جنازته، ولا يُمنَع أيضًا أن يُهدِيَ إليه ما يُهدِيْ إلى الميت من ثواب الأعمال الصالحة، والله تعالى بفضلِه يرحم هذا وهذا، كما قال
(4)
: "من صلَّى عليَّ واحدةً صلى الله عليه عشرًا". و"من سألَ لي الوسيلةَ حلَّتْ عليه شفاعتي يوم القيامة"
(5)
.
(1)
أخرجه مسلم (384) عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
(2)
أخرجه أحمد (1/ 29) وأبو داود (1498) والترمذي (3562) وابن ماجه (2894) عن عمر بن الخطاب. وضعَّفه الألباني في تعليقه على "المشكاة"(2248).
(3)
أخرجه مسلم (2542) عن عمر بن الخطاب.
(4)
أخرجه مسلم (408) عن أبي هريرة.
(5)
سبق تخريجه.
لكن إهداء ثواب الأعمال إلى جميع الناس ما سمعتُ أحدًا فَعَلَه، ولا سمعتُ أن أحدًا كان يُهدِيْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إلَاّ ما بَلَغَني عن علي بن الموفَّق ونحوه. والاقتداءُ بالصحابة والتابعين وتابعيهم أولى، فينبغي للإنسان أن يفعلَ المشروعَ من الصلاة عليه والتسليم، فهذا هو الذي أمر الله به ورسولُه. وفي السنن
(1)
عنه: "أَكثِرُوا على من الصلاة يومَ الجمعة وليلةَ الجمعة، فإن صلاتكُم معروضة عليَّ"، قالوا: وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليك وقد أَرِمْتَ؟ فقال: "إن الله حَرَّمَ على الأرضِ أن تأكلَ لحومَ الأنبياءِ". وقال له رجل: أَجعلُ لك ثُلُثَ صلاتي، فقال:"إذًا يكفيك الله ثُلُثَ أمرِك"، قال: أجعلُ نصفَ صلاتي، فقال:"إذًا يكفيك الله نصفَ أمرك"، قال: أجعلُ ثُلُثَيْ صلاتي، قال:"إذًا يكفيك الله ثُلُثَيْ أمرِك"، فقال: أجعلُ صلاتي كلَّها عليك، قال:"إذا يكفيك الله ما أَهَمَّك من أمرِ دنياك وآخرتك"
(2)
.
وفي فضل الصلاة عليه - بأبي هو وأمي - من الآثار ما يَضِيْقُ هذا الموضع عن ذكره، وكذلك الدعاءُ للمؤمنين والمؤمنات والاستغفار لهم هو الذي جاء به الكتاب والسنة، قال تعالى:(وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)
(3)
، وفي السنن
(4)
عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
أخرجه أحمد (4/ 8) وأبو داود (1047،1531) والنسائي (3/ 91) وابن ماجه (1085،1636) عن أوس بن أوس.
(2)
أخرجه أحمد (5/ 136) والترمذي (2457) عن أبي بن كعب.
(3)
سورة محمد: 19.
(4)
لم أجده فيها.
مر بعلي وهو يدعو فقال: "يا عليُّ! عُمَّ فإن فضلَ العموم على الخصوصِ كفضلِ السماء على الأرض"، وفي السنن
(1)
: "أسرعُ الدعاءِ إجابةً دعوةُ غائب لغائبٍ". وفي الصحيح
(2)
: "ما من رجلٍ يدعو لأخيه بظهرِ الغيب بدعوةٍ إلاّ وكَّلَ اللهُ به ملكًا، كلَّما قال الملك الموكَّلُ به آمينَ قال: ولكَ بمِثْل". فالأفعال الشرعية هي التي ينبغي للمؤمن أن يتحرَّاها، والله أَعلم.
(1)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (623) وأبو داود (1535) والترمذي (1980) عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وضعَّفه الترمذي لأن في إسناده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي.
(2)
مسلم (2732) عن أبي الدرداء.