الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُبنَى عليه، فكيف بمن يَبني القبور كأنها قصور؟ فهذا من أعظم ما يُنكَر من الأمور، وهو باتفاق المسلمين لا يَنفع الميّتَ شيئًا، وإنما ينفعه العملُ الصالح، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الكيِّسُ من دَانَ نفسَه وعَمِلَ لما بعدَ الموتِ، والعاجزُ من أَتْبَعَ نفسَه هَواها وتَمنَّى على اللهِ الأماني"
(1)
.
ف
من ظنَّ أن إعداد القبر وبناءه وتعظيمَه وتحسينَه ينفعُه فقد تمنَّى على الله الأماني الكاذبةَ
، وإنما يكون في قبره بحسب ما في قلبه، وكلَّما كان الإيمانُ في قلبه أعظم كان في قبره أسرَّ وأنعمَ، قال الله تعالى:) أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11))
(2)
، فجمعَ سبحانَه بين ما في القبور وما في الصدور، وفي الصحيحين
(3)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للمشركين عامَ الخندق: "ملأَ الله قبورَهمِ وأجوافَهم نارًا كما شَغَلُونا عن الصلاةِ الوسطى صلاة العصر حتى غرَبتِ الشمسُ". وهذا باب واسعٌ لا يتسعُ له هذا الموضع، والله أعلم.
(1)
أخرجه أحمد (4/ 124) والترمذي (2459) وابن ماجه (4260) عن شداد بن أوس.
(2)
سورة العاديات: 9 - 11.
(3)
البخاري (2931، 4111، 4533،6396) ومسلم (627) عن علي.
مسألة
في أطفال المؤمنين الذين يموتون دون الثلاث، هل لهم صحائفُ أعمال يُكتَب فيها ما يُهدَى لهم من قرآنٍ وصدقة أم لا؟ وهل يُسأَلون في قبورهم ويُحاسَبون أم لا؟ وهل يَدُومون على حالتهم التي ماتوا عليها في القيامة أم يَكبرون ويتزوجون إذا دخلوا الجنة؟ والبنات اللاتي يُدفَنَّ أبكارًا هل يُزَوَّجْنَ في الجنة؟ وهل في الجنة حَبل وولادة في الناسِ كلِّهم أم ناس دون ناس؟ وهل ذلك صحيح؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، أما ما يُهدَى إلى الأطفال من صدقة ونحوها من العبادات المالية فتَصلُ إليه بلا نزاع، وفي العبادات البدنية قولان مشهوران، لكن مذهب أحمد وأصحاب أبي حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي أنها تَصِلُ أيضًا كما تصل المالية وهو الصحيح، والمُهدَى إلى الصغارِ والكبارِ سواء في باب كتابتِه، فلا يقال إنَ ما يُهدَى إلى الكبارِ يُكتَب دون ما يُهدَى إلى الصغارِ، بل حكمُ النوعين واحد.
وأما سؤالهم في القبر ففيه قولان مشهوران لأصحاب أحمد وغيرهم من أهل السنة:
أحدهما: أنهم لا يُسأَلون، وهذا قول القاضي وابن عقيل وغيرهما، قالوا: لأن السؤال في القبر إنما يكون لمن كان مكلفًا في الدنيا، والصبي والمجنون ليس بمكلف فلا يُسأَل.
والقول الثاني: وهو قول أبي حكيم النهرواني، وهو الذي نقله أبو الحسن علي بن عبدوس عن أصحاب أحمد أنهم يُسأَلون، لما في "الموطأ"
(1)
أن أبا هريرة صلَّى على صغير لم يعمل خطيئة قط فقال: اللهمَّ قِهِ عذابَ القبرِ وضيقةَ القبر. وهذا قد ينبني على امتحانِهم في عرصاتِ القيامة، وقد جاءت بذلك أحاديث
(2)
.
وأما حالهم في الآخرة فإنهم إذا دخلوا الجنةَ دخلوها كما يدخلها الكبارُ على صورةِ أبيهم آدمَ، طولُ أحدِهم ستونَ ذراعًا في عَرْضِ سبعةِ أَذرعُ، ويتزوجون كما يتزوج الكبار، ومن مات من النساء ولم تتزوجْ فإنها تتزوجُ في الآخرة، وكذلك من مات من الرجال فإنه يتزوج في الآخرة.
(1)
1/ 228.
(2)
سبق ذكرها في المجموعة الثالثة.