الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
في مقبرة للمسلمين، وأهلُ الذمة يُدفَنون فيها، هل يَجبُ على ولي الأمرِ منعُهم أم لا؟
الجواب
الحمد لله،
ليس لأهل الذمة دَفْنُ موتاهم في شيء من مقابرٍ المسلمين
لا الشهداءِ ولا غيرِهم، بل لابدَّ أن تكون مقابرُهم متميزة عن مقابرِ المسلمين تميزًا ظاهرًا، بحيث لا يختلطون بهم ولا يشتبه قبورُ المسلمين بقبور الكفار، وهذا أوكدُ من التمييز بينهم حالَ الحياة بلُبْسِ الغِيار ونحوه، فإن مقابر المسلمين فيها الرحمةُ، ومقابر الكفار فيها العذابُ، بل ينبغي مباعدةُ مقابرِهم عن المسلمين، وكلَّما بَعُدَتْ عنها كان أصلحَ، والله أعلم.
مسألة
في الخلائقِ إذا حُشِروا يومَ القيامة هل يُحشَرون جميعُهم عَرَايَا، أو بعضُهم عُراةً وبعضُهم بأكفانِهم؟ وقول أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم:"بَالِغُوا في أكفانِ موتاكم، فإن أمتي تُحشَر بأكفانها، وسائرُ الأمم عراة" كما ذكره الغزالي. وهل يموتُ إدريسُ من الصَّعْقَة؟
الجواب
الذي في الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الميت يُبعَث في ثيابه التي قُبِض فيها". أخرجه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه
(1)
وغيرُه. وقد رُوِي أن أبا سعيد لما حضرتْه الوفاةُ دَعَا بثيابٍ جُدُدٍ، فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الميتُ يُبعَث في ثيابه التي يموتُ فيها"
(2)
.
فأبو سعيد على هذا حملَ الحديثَ على أن الثياب التي يموتُ
(1)
بر قم (2575 - موارد).
(2)
أخرجه أبو داود (3114) والحاكم في "المستدرك"(1/ 340) والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 384). وصححه الألباني في "الصحيحة"(1671).
فيها العبدُ يُبعَث فيها، ولم يقل: إنه يُبعَث في أكفانه، فإن الكفن غير الثياب التي يموتُ فيها، فإن عامة الموتى لا يُكفَّنون في ثيابهم التي يُقبَضون فيها، لا سيما والكفن الذي كُفِّن فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه مما يُمسى فيه، فإنها لم يكن فيها قميصٌ ولا عمامةٌ، فإنه إذا عُرِفَ أن الحديث المأثور إنما هو أنه يُبعَث في ثيابه التي قُبض فيها، فقيل: يُبعَث في نفس الثوب الطاهر.
وقال طوائف من أهل العلم - كأبي حاتم وغيرِه -: إن المراد بذلك أنه يُبعث على ما مات عليه من العمل، سواء كان صالحًا أو سيئًا، كما قال أكثر المفسرين في قوله تعالى:(وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4))
(1)
أن المراد به إصلاح العمل وتطهير النفس من الرذائل
(2)
. ومثل هذا كثير في كلامهم، كما قيل:
ثِيابُ بني عوفٍ طَهارَى نقية
(3)
ويقال: "فلانٌ طاهر الثياب". يؤيد هذا شيئان:
أحدهما: أن الذي جاء في الحديث أنه يُبعَث على ما مات عليه من خيرٍ وشرٍّ، كما جاء، فما خُتِم له به يُبعَث عليه، كما في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُبعَث كل عبدٍ على ما مات عليه".
(1)
سورة المدثر: 4.
(2)
انظر تفسير الطبري (29/ 91،92) وابن كثير (4/ 470).
(3)
عجزه: وأوجههُم عند المشاهدِ غُرَّانُ. والبيت لامرئ القيس في ديوانه: 83.
رواه أبو حاتم في صحيحه
(1)
.
الثاني: أن الأحاديث الصحيحة تُبين أنهم يُحشَرون عُراةً، كما في الصحيح
(2)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يُحشَر الناسُ يوم القيامة حُفاةً عُرَاةً غُرْلاً"، ثم قرأ:(كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)
(3)
. وفي لفظٍ في الصحيح
(4)
: "أوّلُ من يُكسَى إبراهيم الخليل". وفي الصحيح
(5)
أيضًا عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يُحشَر الناسُ يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرلاً"، قالت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعًا ينظر بعضُهم إلى بعض! قال: "يا عائشة! الأمرُ أشدُّ من أن يَنظُر بعضُهم إلى بعضٍ". فهذا وأمثالُه أحاديث صحيحة لا يجوز أن تُعَارَضَ بمثل ذلك اللفظ المجمل.
وأيضًا فإن بَعْثَه على ما مات عليه من خيرٍ وشرٍّ ظاهر، فإن الأعمال بالخواتيم، وقد ثبت في الصحيح
(6)
"أن العبد ليعملُ بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلاّ ذراع، فيَسبِق عليه الكتابُ، فيعملُ بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن العبد ليعملُ بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلاّ ذراع، فيَسبِق عليه الكتابُ،
(1)
9/ 210 (ط. الحوت). وأخرجه أيضًا مسلم (2878) وأحمد (3/ 314، 331،366).
(2)
البخاري (6527) ومسلم (2759) عن عائشة.
(3)
سورة الأنبياء: 104.
(4)
البخاري (6526) ومسلم (2860) عن ابن عباس.
(5)
هو الحديث الذي مضى آنفًا.
(6)
البخاري (3208 ومواضع أخرى) ومسلم (2643) عن ابن مسعود.