المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مجلس آخر حول فتنة الخليج - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ١١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌قضية حرب الخليج الثانية(العراق-الكويت)

- ‌مجالس حول فتنة الخليج

- ‌مجلس حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌كلمة حول إشاعة مفادها أن الشيخ زار العراقأثناء فتنة الخليج وحول فتنة الخليج بعامة

- ‌الجهاد في العراق

- ‌الجهاد في العراق

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌الجهاد في شمال العراق

- ‌حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌حول حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌حول كتاب يتكلم عنالاستعانة بالمشركين

- ‌حول حديث ثابت بن الحارث

- ‌حول حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌متفرقات حولفتنة الخليج

- ‌اجتياح العراق للكويت

- ‌هل صدام كافر

- ‌حكم قتل الجندي العراقي في الكويت

- ‌هل يصدق حديث (يغزو جيش الكعبة)على اعتداء الغرب على العراق

- ‌قتل الأمريكان في السعودية

- ‌هل هناك مانع أن يحتل العراقمدينة سعودية

- ‌التبرع بالدم للجيش العراقي

- ‌حكم قتل الجنود العراقيين وهم يُصَلُّون

- ‌دروس وعبر من أزمة الخليج

- ‌نصيحة لأهل السنة في العراق

- ‌بين الألباني وابن باز في فتنة الخليج

- ‌الجهاد في أريتيريا

- ‌الجهاد في أريتيريا

- ‌باب منه

- ‌السلفية في السودان

- ‌السلفية في السودان

- ‌ألبانيا

- ‌أحوال المسلمين في ألبانيا

- ‌ليبيا

- ‌أحوال السلفيين في ليبيا

- ‌حكم الهجرة من ليبيا لما تلاقيه الصحوةالإسلامية هناك من تضييق

- ‌تعليقاً على السؤال الماضي

- ‌سؤالات ليبية

- ‌لبنان

- ‌أحول أهل السنة في لبنان

- ‌تركيا

- ‌الإسلام في تركيا

- ‌الأردن

- ‌السلفيون والسياسة في الأردن

- ‌الفلبين

- ‌التحاكم للمحاكم في الفلبين

الفصل: ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

شقرة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ص: 183

لا أحسب إلا أن كل واحد منا نحن معاشر من يقول عن نفسه أو من يقولون عن أنفسهم نحن على منهج الكتاب والسنة سواء أكنا في عمان في الأردن أم في أي قطر من أقطار المسلمين الأخرى، إلا أن كل واحد منا يعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يغادر الدنيا ويلتحق بالرفيق الأعلى إلا وقد بين لنا بياناً شافياً وفصل لنا تفصيلاً كافياً، وأوقفنا على كل أمر من أمور الدنيا والآخرة، التي بها تكتب السعادة للمرء المسلم إن ألزم نفسه هذا السبيل، ويقصي بها عن نفسه الشقوة التي تحل أهلها عياذاً بالله أو تقودهم إلى مصير الجحيم، وهذه نعمة كبرى يجب علينا دائماً أن نشكر لله فضله علينا بها، وأن نكثر بها أيضاً من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو حق ألزمنا الله به في كتابه، أقول هذا ونحن الآن نعيش أحداثاً جساماً، وفتناً عظاماً، ومصائب جمة تطل علينا بقرونها الحادة المدببة من كل أقطارنا، وتكاد تتهددنا وتتوعدنا وكل منا في عقر داره وقعر بيته.

والسلامة من هذه الأحداث الجسام ومن هذه الفتن العظام لا يكون بالتصدي لها ليذود الإنسان أو ليذودها المرء منها عن نفسه بسلاح يحسب به أنه قادر على درئها وردها، ولا يكون أيضاً بالتطلع إليها من قريب أو من بعيد، وكأنه يقول لها أو لبعضها: أقبلي إلي قبل أن أقبل إليك، ولا تكون كذلك أيضاً بالخوض فيها على غير بينة وهدى، درء هذه الفتن لا يكون بشيء من مثل هذا أو ما يماثله ويشابهه ويحاكيه، إنما المخرج من هذه الفتن وهذه الأحداث ينبغي أن يكون على وفق ما نحن عليه، وقد ألزمنا أنفسنا منهج الكتاب والسنة أن نكون ملزمين أنفسنا كما نلزم أنفسنا بأدب الطعام والشراب، وبأحكام الصلاة والحج والزكاة

ص: 184

والصيام، ومعرفة الحلال والحرام، وكيف يكون كسب أحدنا صافياً خالصاً يجتنب به صريح الحرام والشبهات، كذلك أيضاً من باب أولى حتى يسلم لنا ذلك كله ونكون على بصيرة من أمرنا أن نتعلم كيف ننجو من هذه الفتن وبخاصة إذا خالطتنا، وفرضت نفسها علينا، وأصبحت تأوي إلينا في بيوتنا وتمشي معنا في طرقاتنا، وتجلس معنا في مساجدنا وتتحرك معنا أينما توجهنا، عندئذٍ يصبح لزاماً على كل واحد منا أن يتعرف كيف يدرأ هذه الفتن عنه إن لم يكن قد لامسته من قريب أو من بعيد أو أنها لازال يفصل بينه وبينها مسافة زمنية أو مكانية يمكن أن يحتاط لنفسه أو يأخذ الحيطة لنفسه فيعرف كيف ينجو من شررها وشرها.

وهنا أُذَكِّركم بحديث حذيفة رضي الله عنه الذي جاء في صحيح البخاري عندما قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، والحديث معروف لديكم، ولكن أردت أن أُبَيِّن أن كثيراً من الناس أصبح الخير عندهم شراً، والشر خيراً، حتى أصبحنا نسمع أو نقرأ من آثار هذه الفتن التي لم يعد يتبين الإنسان فيها مع الجاهلين ما يمكن أن يتبينه مع المتقين ومع أهل العلم وطلابه، أصبحنا نسمع أشياء غريبة عجيبة، أن يكون هناك مثلاً دعوة لاستنصار أو لاستنزال النصر أو استسقاء النصر، وأن تحيا ليلة من الليالي في مكان كذا أو في مسجد كذا وأن يكون ضيف الاعتكاف في هذه الليلة فلان من الناس، هذا بعض ما أنتجته هذه الفتن أو هذه المحن، ولو أن أهل العلم هم الذين استفتوا أو أخذ رأيهم أو استشيروا في هذه الأمور التي تحدث

ص: 185

وتجري على ساحتنا وفي أرضنا وتكاد شرورها أو شررها تتخطفنا من قريب أو من بعيد، لنجا منا الكثير الكثير، ولكن النجاة التي نريدها ما يكاد قد أصاب منها حظاً يسيراً أو وافراً إلا عدد قليل حتى من الذين يلزمون أنفسهم أو يقولون عن أنفسهم بأنهم أهل منهج الكتاب والسنة.

ولا يخفى على ذي بصيرة عاقل أنه لا يتأهل لبيان مداخل هذه الفتن ومخارجها وبيان مواطن الشدة والضعف فيها إلا قليل من الناس، ليس كل أحد أو ليس كل واحد يمكنه أن يقول في هذه الفتنة قولاً فصلاً إلا إن هو قد أحاط بشيء كثير جداً من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام، يتبين به كيف يمكنه أن يعرف مداخلها ومخارجها ليجتنب أن يصل إلى وسط الطريق فيها فلا يستطيع أن يرجع إلى مدخل من مداخلها أو أن يصل إلى مخرج من مخارجها، ومن هنا أصبحنا نرى ونسمع كثيراً من الناس يتكلمون كلاماً لا أصل له في دين الله، وينقلون من الكتب ما هب ودب، ويتحدثون عن أباطيل الكلام كما يتحدثون عن الحقائق الإسلامية، ويسوون بين هذه وتلك، فهذه والله العظيم طامة من الطامات التي ينبغي أن نحذرها وأن نحذر الناس منها، كثر العلماء وكثر الدعاة، وكثر المحرضون وكثر المشجعون وأصبحت ترى في كل ناد وواد جمهرة من الناس يقول فيهم واحد منهم: افعلوا فيفعلون، اتركوا فيتركون، حتى إذا جاء العاقل من أهل البصر وحبك الأمر ومعرفة مسائل العلم وتوخي الحق من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يجد لنفسه شيئاً كالصمت أن يلوذ به أو أن يتمسك بأهدابه.

ص: 186

ولا أحب هنا أن أطيل عليكم في هذه المقدمة، وقد أكرمني شيخنا جزاه الله خيراً أن أتحدث إليكم بمثل هذه المقدمة بين يدي ما ستسمعونه من شيخنا جزاه الله خيراً من العلم النفيس والمسائل المحكمة التي يتبصر الإنسان فينا بها أين يجب أن يكون وكيف يجب أن يكون مما آتاه الله عز وجل من علم الكتاب والسنة، ولما فتح الله عليه، ولو أن واحداً مثل الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في غير قومه في هذا البلد أو في سواه كان في بلد من البلاد التي تعرف حق العلماء لحج إليه الناس من كل أقطار الدنيا، ولكن هو بيننا ومقيم بين أظهرنا، والناس يتحدثون عن علمه وكتبه وتحقيقاته ومروياته وتخريجاته ومسائله المستنبطة التي ربما جاء فيها بالكثير ممن لم يسبقه أحد من العلماء، ومع ذلك نظن على أنفسنا أن نجلس إليه أو أن يأتي الناس إليه في هذا البلد هذه الجماهير الغفيرة التي تؤم الساحات والمساجد لتسمع كلاماً هائجاً لا يكاد الكلام أو لا يكاد المرء يمسك من نفع فيه إلا على أقل القليل وأيسر اليسير.

بعد هذا لا يسعني إلا أن أقول: جزى الله عنا شيخنا وبارك الله عليه وفيه، وأمد في عمره، ونفع به الأمة الإسلامية، وجزاه عما قدم لها خير الجزاء، وليسمح لي شيخي الآن أن نعود إلى المجلس بعد أن نصلي العصر إن شاء الله، والسلام عليكم.

(الهدى والنور/466/ 51: 00: 00)

السؤال: نسمع هذه الأيام كلمة الجهاد تتردد على ألسنة الكثيرين، سواء أكانوا قادة أم كانوا من عامة الناس، ولا شك أن الجهاد هو رأس سنام الإسلام، وهو

ص: 187

الطريق الذي يمهد لعقائد الإسلام وشرائعه وأحكامه أن تقود في الأرض، وهذا أمر لا يخفى على أحد في الناس قديماً وحديثاً، مسلماً كان أم غير مسلم، ولكن لا شك أن الأمر مع كونه ظاهراً في غايته وفي حقيقته إلا أنه يغيب عن كثير من الناس الشروط التي يجب توفرها حتى يكون هذا الجهاد هو الطريقة التي يسلكها المسلم أو جماعة المسلمين لإعلاء كلمة الله في الأرض، فكثير من هذه الأسئلة التي بين أيدينا تتناول هذا الموضوع، وأول سؤال نطرحه على شيخنا هو من أحد الإخوان: ما شروط الراية التي ترفع، ويكون من واجب المسلمين نصرها، وذلك حتى لا نقع في نص الحديث أو في المحذور الذي ذكره الحديث:«من قاتل تحت راية عمية يغضب لغصبية أو يدعو إلى عصبية فقتل فقتلته جاهلية» ، توضح لنا هذه المسألة جزاك الله خيراً، علماً يا إخوان أقول سلفاً: أرجو أن تنصتوا إلى إجابة شيخنا؛ لأن كثيراً من الأسئلة التي وردتنا معظمها أو جلها تدور حول هذا المعنى، ولذلك الذي أرجوه أن تلتفتوا إلى الإجابة المستفيضة لعل الجواب على هذا السؤال وحده يغني عن أسئلة كثيرة جداً تقدم بها الإخوان إلينا وبارك الله فيكم.

الشيخ: حمداً لله وصلاة وسلاماً على رسول الله وبعد:

فيجب على المسلمين جميعاً أن يعلموا أن الجهاد قسمان: جهاد دفع لاعتداء الكافر وجهاد نقل الدعوة إلى بلاد الكفر، الجهاد الأول لا يرد عليه مطلقاً الحديث السابق؛ لأنه في هذه الحالة أي: حالة يغزو الكافر بلداً من بلاد المسلمين فيجب على المسلمين جميعاً أن ينفروا كافة، وألا يفكروا في أي شيء

ص: 188

في أي شرط مما ينبغي أن يتوفر في الجهاد الذي هو جهاد لنقل الدعوة إلى بلاد الكفر والضلال، فرفع الراية الإسلامية التي دائماً ندندن حولها ونؤيدها كل التأييد إنما هو حينما يريد المسلمون أن يهيئوا أنفسهم وأن يقيموا دولتهم وذلك لا ينبغي أن يكون إلا تحت راية إسلامية، وألا يجاهدوا ذاك الجهاد إلا تحتها، أما في الحالة الأولى حالة يغزو الكافر بلداً من بلاد المسلمين ففي هذه الحالة لا نفكر في تحقق ذلك الشرط أو سواه، وإنما على المسلمين أن ينفروا كافة لدفع الخطر الأكبر ألا وهو هجوم الكفار على بلاد الإسلام، ولذلك فالناس اليوم تفكيرهم ضيق جداً حينما يفكرون بشرط رفع الراية الإسلامية لدفع مثلاً اعتداء هؤلاء الكفار الذين اجتمعوا من كل جانب وصوب للاعتداء على بلاد المسلمين وهي العراق، فهاهنا يجب على الدول الإسلامية أن ينصروا الشعب المعتدى عليه من الكفار وألا يفكروا أن هذا الشعب هل دولته ترفع راية الإسلام أم لا، لأننا في هذه الحالة نريد أن ننقذ الشعب المسلم من سيطرة ذاك الكافر أو أولئك الكفار، فهنا يجب على المسلمين جميعاً أن ينفروا كافة.

والحقيقة أن من آثار هذه الفتنة التي ألمت بالمسلمين في هذا العصر والتي لا نعلم لها مثيلاً في التاريخ الإسلامي كله إن من آثار هذه الفتنة أن المسلمين يختلط عليهم الحق بالباطل، ويختلط عليهم الواجب بما لا يجب، بل بما لا يجوز، سبب هذا يعود إلى أمرين اثنين، الأمر الأول: يتعلق بعامة المسلمين وذلك أنهم بعيدون كل البعد عن التفقه في الدين، والسبب الآخر يتعلق ليس بعامة المسلمين بل بخاصتهم، أولئك الخاصة المفروض أنهم يدرسون ما حل

ص: 189

بالمسلمين من الفتن على ضوء ما جاء في الكتاب والسنن وذلك هو الذي يساعدهم أن يتعرفوا على الحكم الشرعي فيما نزل في المسلمين.

ولا بأس من أن نذكركم بحديث وحكم شرعي، أما الحديث فهو قوله عليه الصلاة والسلام:«انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله! هذا ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ قال: أن تمنعه عن الظلم، فذاك نصره إياه» فمناصرة المسلمين بعضهم لبعض على هذا التفصيل المذكور في هذا الحديث الصحيح هو مع الأسف من الأمور التي أصبحت في العالم الإسلامي نسياً منسياً، وغلبت عليهم في كثير من الأحيان العصبية القبلية أو البلدية، وهذا ما أصاب كثيراً من المسلمين حينما وقعت الفتنة الأولى وهي اعتداء العراق على الكويت، فقد انقسم المسلمون على أنفسهم إلى فريقين فريق يحسن هذا الاعتداء وهو اعتداء ظاهر، وفريق يستنكره، وقد كنا ولا نزال مع هذا الفريق المستنكر لأنه يخالف نصوصاً من الشرع واضحة بينة، ومنها الآية الكريمة التي لا تخفى على أحد، ألا وهي قوله تبارك وتعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] كان الواجب على الدول الإسلامية، وكان ينبغي أن نقول: كان الواجب على الدولة المسلمة، لكن مع الأسف لم يكن وعسى أن يكون قريباً الدولة المسلمة، وإنما هناك دول إسلامية شعوبها مسلمة أما حكوماتها فقد تكون في واد والشعوب في واد آخر، ولكن ذلك لا يخرج هذه الشعوب المسلمة من دائرة الإسلام، فهي شعوب إسلامية.

ص: 190

أقول: كان الواجب على الدولة المسلمة أن تطبق نص هذه الآية الكريمة: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] لكن لم يكن هناك إلا دول، ودول مسلمة أكثر أحكامها أو على الأقل كثير من أحكامها مخالفة للإسلام، فكان أمراً طبيعياً جداً أن لا يتمكن أو ألا يقوم دولة من هذه الدول لتطبيق الآية السابقة، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] فإن لم يتحقق الصلح فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله.

لم يقم ولا دولة مسلمة بتطبيق هذه الآية الكريمة، ذلك لأنه لم يكن هناك دولة قد قامت بأحكام الإسلام كلياً ومنها قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] ....

وقعت الفتنة الثانية ألا وهي إحلال أكبر دولة كافرة وطاغية إحلالها في الديار الإسلامية العربية التي لم يسبق في التاريخ الإسلامي أن وطئتها مثل هذه الأقدام، فاستعانت الدولة السعودية بالدولة الأمريكية وأحلوهم باختيارهم كما يزعمون وليس لنا إلا أن نتمسك بما ينطقون، أحلوهم ديارهم برضاهم بل وبطلب منهم، كانت هذه هي الفتنة الثانية، وادعوا بأن هذه الاستعانة كانت للضرورة لدفع ما قد يقع من اعتداء ثان من المعتدي الأول على الدولة الكويتية، فتحفظاً لمنع مثل هذا الاعتداء الثاني وقعت الدولة السعودية في ما هو أخطر مما كانوا يتوهمون أنه سيقع، وهو إدخالهم للأمريكان والبريطان في بلاد الإسلام دون أن تراق من هؤلاء الكفار قطرة دم، ودون أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون كما هو

ص: 191

المفروض بالنسبة للدولة المسلمة التي تحكم بما أنزل الله، أن تفرض الجزية على الكفار أعداء الإسلام والمسلمين لكن مع الأسف الشديد كان الأمر على العكس من ذلك، فقد دفع السعوديون بدل أن يأخذوا، دفعوا الملايين الملايين كما تسمعون وتعلمون لإمداد هؤلاء الكفار في سبيل ماذا؟ في سبيل مقاتلة المسلمين في بلاد العراق، وكانت قديماً كما تعلمون دار الخلافة العباسية، واستمر الإسلام هناك يعمل عمله قروناً طويلة، فكنا نقول من قبل: لا يجوز مناصرة العراق لأنها اعتدت على الكويت، ولكن صدق الله العظيم حينما قال في هؤلاء الكفار المجرمين:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] حيث أنهم استطاعوا أن يجمعوا حولهم كثيراً من الدول الكافرة ولا غرابة في ذلك، فقديماً قيل: إن الطيور على أشكالها تقع، ولكن الغرابة كل الغرابة أنهم استطاعوا بمكرهم المشار إليه أن يضموا إليهم كثيراً من الدول الإسلامية ماذا كانت العلة التي ركنوا إليها واستطاعوا أن يقنعوا تلك الدول الإسلامية أو الحكومات الإسلامية استطاعوا أن يقنعوها بأن ينضموا إليهم في

سبيل مقاتلة العراق، زعموا أن المقصود من هذا الجمع الخطير هو إعادة العراق إلى حدودها وتسليم الكويت إلى أهلها.

كنا نظن أن هذه الدعوى هي دعوى صادقة، وأنها لو تحققت لتمنينا ذلك ولكن لا أن يكون من دول الكفر وإنما أن يكون من المسلمين أنفسهم تحقيقاً منهم للآية السابقة، (فأصلحوا بينهما) الخطاب بلا شك كما لا ريب فيه إنما هو للمسلمين:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]

ص: 192

لكن مع الأسف الذي تولوا فيما ادعوا وليس فيما فعلوا بعد، الذين حاولوا إعادة البلاد الكويتية لأصحابها وإرجاع المعتدي إلى أرضه هم هؤلاء الكفار والذين انضموا إليهم من الحكومات الإسلامية، فماذا كان نتيجة هذا المكر؟ ظهر ذلك وتبين لكل ذي عينين ولو كانت هاتان العينان لا بصيرة لهما، أعني بذلك حتى الكفار تبين لهم أن هذا التكتل وهذا التجمع لم يكن حقيقة لإخراج العراق من الكويت إنما لتحطيم العراق، وهذا أمر لا يحتاج إلى شرح؛ لأن الإذاعات الجرائد والمجلات وكل وسائل الإعلام قد أجمعت على هذه الحقيقة حتى الكفار أنفسهم.

في هذه الحالة الآن نقول: يجب على من بقي من الدول الإسلامية لم يتورطوا أن ينضموا إلى من يسموهم بالحلفاء وجب على هذه الدول الإسلامية الباقية على الحياد أن يقاتلوا الكفار الذين يحاربون الآن العراقيين وعلى هذه الدول ولا أقول الأفراد، على هذه الدول لا أقول أفراد لوحدهم وإنما على الدول بجيوشها النظامية المتمرنة والمتمرسة على القتال في الآلات الحديثة المناسبة لمثل هذا الغزو على هؤلاء الدول أن يبادروا إلى الانضمام إلى العراق لمقاتلة الكفار الذين تبينت نيتهم أنها تحطيم الشعب العراقي والقضاء عليه، هذا الحكم الذي انتهيت إليه الآن يتعلق بتلك المسألة الفقهية التي أشرت إليها في مطلع كلمتي هذه حين قلت: سأتحدث إليكم بحديث ومسألة فقهية، الحديث: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. الآن العراق مظلوم، كان من قبل ظالماً للكويتيين، أما الآن صار مظلوماً من دول الكفر ما أدري عددها عشرون أو أكثر وانضم

ص: 193

إليهم بعض الدول الإسلامية، فالعراق اليوم مظلوم، ويجب مناصرته وحينما أقول هذا الكلام فلا ينبغي أن يتبادر إلى ذهن أحد السامعين له أننا نعني مناصرة حزب البعث أو مناصرة شخص بعينه، لا، هذا لا يجوز إسلامياً، وإنما يجب أن نناصر الشعب العراقي وأن ندفع عنهم هذه الدول التي استعملت كل وسائل التدمير وصبتها على العراق والجيش العراقي لا يزال في الكويت، لو أنهم كانوا صادقين فيما أشاعوا في أول الأمر ورجع العراق إلى حدوده وعادت الدولة الكويتية إلى أصحابها لانتهت المشكلة، ولكن مع الأسف الشديد لقد استغلت هذه الدعوى الكافرة بأنهم يريدون مناصرة الشعب الكويتي على العراق، تبين أن قصدهم هو تحطيم الشعب العراقي، لذلك يجب مناصرتهم على أعدائهم المهاجمين لهم.

أما المسألة الفقهية، فهي تلفت النظر أن المسلم يجب أن يكون واقعياً، وألا يكون تفكيره جامداً، مثله كمثل بعض الأمور الفقهية، الخمر حينما يكون خمراً فنحن ننهى عنه لأن الشارع حرمه في آياته وفي أحاديث نبيه، ولكن الخمر هذه لو أنها تحولت وتخللت صارت خلاً لا يجوز للمسلم أن يظل عند قوله السابق أن هذا الشراب حرام شربه، ذلك لأنه تطور وصار شيئاً آخر غير الحقيقة السابقة، كان خمراً فصار خلاً كان محرماً فصار حلالاً، وعلى ذلك فقيسوا من عند أنفسكم مسائل كثيرة وكثيرة جداً، من أشهرها أن الماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام: مطهر وطاهر ونجس، ولكن قد يعرض لهذه الأنواع ما يخرجها عن حكمها، مثلاً: الماء المطهر وهو بواقعه طاهر، قد يخرج عن كونه مطهراً ويظل طاهراً، ثم

ص: 194

في بعض الأحيان قد يخرج عن كونه طاهراً فيصبح نجساً، هذا الماء الذي تنجس قد يتطور ويتحول بما يكثر عليه من الماء أي: بمكاثرته بالماء الطاهر، فينقلب إلى طاهر بعد أن كان نجساً، وهكذا يجب على الفقيه المسلم أن يعطي لكل حكم حكمه، وألا يظل عند الحكم الأول وقد دخل فيه ما يقضي أن يتغير.

قلت في جملة ما قلت آنفاً أنه يجب على الدول الإسلامية أن يناصروا الشعب العراقي وتحفظت وقلت وليس على الأفراد، أعني بذلك أن حماس الأفراد الذين شاهدناه في أول الفتنة وبخاصة الآن، هؤلاء لا ينبغي أن يفكروا بمناصرة العراق فردياً، وإنما عليهم أن يحملوا دولهم على أن يكونوا معهم في مناصرة العراق على أعدائهم الذين سموا بالحلفاء، والسبب في ذلك يعود إلى أمرين اثنين، الأمر الأول: شرعي، والأمر الثاني: الواقع هو الذي يفرضه، أما الشرع فنحن نعلم من السنة الصحيحة أن المسلمين الذين كانوا يقاتلون الكفار في العهود الأولى حتى في العصر النبوي كانت كل قبيلة تقاتل أفرادها مع قبيلتها، فالمهاجرون مع المهاجرين، والأنصار مع الأنصار، تجمعهم دائرة الإسلام، فلماذا كان هذا؟ لأن لكل قبيلة عاداتها وتقاليدها التي لا تختلف مع الإسلام، فالتفاهم واللغة ونحو ذلك كل هذا مما يتعلق بالتنظيم للجهاد الإسلامي، فإذا ذهبت دولة ما بشعبها للجهاد فتكون لهم رايتهم الخاصة بهم، وأفراد شعبهم يفهمون أساليبهم ويفهمون لغتهم ونحو ذلك، هذا هو السبب الأول وهو الشرعي.

أما الأمر الذي يقتضيه الواقع فالأفراد حينما يذهبون إلى هناك فسينضمون

ص: 195

إلى نظام أولاً لا عهد لهم به، ولا معرفة منهم به، وثانياً: قد يحول بينهم وبين القيام بكثير من الواجبات العينية الفردية لأنهم ما اعتاد ذلك النظام أن يعيش في نظام الإسلام الذي يلزم المسلمين أن يحافظوا على شريعة الإسلام، وعلى أحكام الدين، ولو في ساعة العسرة، ولوفي ساعة الحرب، من ذلك مثلاً لعلكم جميعاً تعلمون من كتب الفقه، ومن كتب الحديث صلاة تسمى بصلاة الخوف، صلاة الخوف هذه لها نوعية خاصة ولها صفة خاصة، وما أظن إلا أن أكثر أفراد المسلمين لا يعرفون حقيقة هذه الصلاة التي تسمى بصلاة الخوف، وفي ظني أن هؤلاء الأفراد إذا ما ذهبوا للقتال لتحقيق هذه المناصرة وهو الآن فرض عين على كل من يستطيع أن يحمل السلاح، ويستطيع أن يدافع عن تلك البلاد الإسلامية، هؤلاء الذين قد يذهبون بهذه النية إذا لم يكن هناك دولة تنظم شؤونهم فسيضيعون من الواجبات أكثر من تحقيق هذا الواجب الذي ذهبوا إليه، بمعنى: قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، ومن ذلك أن صلاة الخوف لا تسقط فرضية المحافظة على الوقت حتى في صلاة الخوف، حتى في الحرب في القتال، وفي ظني إذا كان هؤلاء الأفراد من المسلمين لا يجمعهم نظام إسلامي يحكمهم وينظم شؤونهم ستكون خسارة هؤلاء الأفراد فيما إذا ذهبوا هناك لتحقيق فرض أن يضيعوا مقابله فروضاً كثيرة وكثيرة جداً، ولعله مما يقرب إليكم هذه الصورة التي لا ينبغي أن تكون واقعة أن كثيراً ممن يذهبون إلى الحج لأداء فريضة الحج فريضة الإسلام، ما حج مطلقاً، فهو يريد أن يؤدي هذا الفرض العيني، وإذا به بسبب جهله وعدم معرفته بوجوب

ص: 196

المحافظة على أداء كل صلاة في وقتها فهو يضيع كثيراً من الصلوات في سبيل تحقيق هذا الواجب ألا وهو الحج إلى بيت الله الحرام، إذا كان المسلم يريد أن يؤدي ركناً كهذا الركن

الحج ولكن يُضَيِّع في سبيله أركاناً فهذا خير له أن يبقى في داره في بلده محافظاً على صلواته يؤدي كل صلاة منها في وقتها هذا خير له من أن يؤدي صلوات عديدة في سبيل أداء ركن من أركان الإسلام ألا وهو الحج إلى بيت الله الحرام.

لذلك ولريثما يتوفر للشعب العراقي من يناصر هذا الشعب من الحكومات الإسلامية فعليكم أنتم الآن أن تجاهدوا أنفسكم، ولا أن تستسلموا لعواطفكم وأن يذهب كل منكم لا يلوي على شيء سوى يريد أن يجاهد هناك وهو إذا وصل هناك ضاع وانماع وأضاع كثيراً من الأحكام الشرعية كما ألمحنا إلى ذلك آنفاً، فعلينا والحالة هذه أن نعنى بجهاد النفس الذي هو في الحقيقة لا يكون المسلم مجاهداً في سبيل الله إلا إذا جاهد هواه، وعليه أن يمرن نفسه على مجاهدة هواه وهو في عقر داره، كما قال عليه الصلاة والسلام:«المؤمن من جاهد هواه لله» ولينظر كل فرد منا هاهنا فسيجد نفسه مقصراً بالقيام بكثير من الواجبات العينية، ولذلك فليتدارك أمره وليحسن توبته وأوبته إلى الله عز وجل ليحقق نوعاً من الجهاد لعله بعد ذلك إذا جاء وقت الجهاد في سبيل مناصرة العراق على أولئك الكفار حينئذٍ يتمكن من التمرن على الجهاد في عقر داره أن يجاهد في سبيل الله عز وجل خارج بلده، ويبقى شيء لابد منه والحالة كما ذكرنا أن أُذَكِّر الحاضرين بقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما تنصرون وترزقون

ص: 197

بضعفائكم، بدعائهم وإخلاصهم» فإذا كنا ضعفاء الآن لا نستطيع كأفراد أن نناصر شعب العراق فعلى الأقل أن ندعو لهم ونخلص لهم في الدعاء، وبخاصة في القنوت في الصلوات الخمس كما يفعل كثير من أئمة المساجد اليوم، ولكن المهم أن نخلص في الدعاء إلى الله عز وجل، لعل الله عز وجل يعيد هؤلاء الكفار مهزومين، ويجعل الشعب العراقي منصورين كما نرجو ذلك من رب العالمين.

(الهدى والنور/466/ 28: 17: 00)

السؤال: جزاكم الله خيراً، يسأل السائل: يقول: هذه الحرب الدائرة الآن وهذا الوضع الذي يعيشه المسلمون، أهي فتنة يجب على المسلم فيها أن يلزم بيته ويكف لسانه عن الكلام فيها، أم أنه يجب عليه أن يشارك في هذه الحروب، أو هذه الحرب من جهة المسلمين ضد الكافرين من كلا الطرفين، نرجو توضيح الإجابة وجزاكم الله خيراً؟

الشيخ: أظن هذه سبق الجواب عليه، ما فيه شيء جديد، وخلاصة ما سبق قد ذكرنا لكم في كلمات مضت وأشرت إلى بعضها من قبل لما ثارت الفتنة كنا نذكركم بقوله عليه السلام: كونوا أحلاس بيوتكم) لأن الفتنة كانت بين فتنة اعتداء مسلم على مسلم، وفتنة أخرى جلبت الكفار إلى بلاد المسلمين، وكان يومئذٍ يخشى أن تقع الفتنة بين مسلمين أنفسهم فكنا نقدم إليكم قوله عليه السلام في بعض أحاديث الفتنة:(كونوا أحلاس بيوتكم) لأن كلاً من الطائفتين مخالف للشرع، الذي بغى على جاره والذي جلب الكفار إلى داره، فلا ينبغي أن نكون

ص: 198

لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، أما الآن وقد تطور الوضع الذي كان في أول الأمر وتألب الكفار كلهم على المسلمين في العراق هنا لا نقول: كونوا أحلاس بيوتكم إلا في حالة الأفراد كما قلنا، أما إذا تقدمت دولة إسلامية لتعين العراقيين على أعدائهم فحينئذٍ يجب أن نكون جميعاً كل من يستطيع أن يجاهد معهم، فهذا كان خلاصة ما تكلمت آنفاً، وهذا السؤال جوابه ما تقدم.

(الهدى والنور/466/ 03: 51: 00).

ص: 199