الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام في تركيا
شقرة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل لله ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد.
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
يا من جئتمونا من بلاد الإسلام التي حفظت الإسلام يوماً من الدهر ثمانية قرون رفعت رايته في الخافقين، وأطلت به على آفاق الدنيا، وحملته دعوة ورسالة وعلماً وفقهاً وسيرة أعادت فيه ذكريات الأولين، ومضت في طريق الحاضر والمستقبل حتى شاء الله عز وجل بما جنت الأمة من ذنوبها وبما اقترفت من آثامها، وبما جنت على نفسها من ذنوبها على وجه الأرض فأذن الله عز وجل من جديد لهذه البلاد أن تنهض مرة أخرى، وأن تبدو تباشير النور في آفاق الدنيا، وأن تذكر نفسها بما حفظت وما كانت عليه من قبل، وليس غريباً عليكم وعلى الأمة جميعاً أن هذا الفتح الذي كان لهذه البلاد والذي تم على يد الأولين السابقين، ثم ما كان من تجديد لهذا الفتح حتى الذي أنبأ به النبي عليه الصلاة
والسلام حين سأله واحد من أصحابه: أي المدينة تفتح أولاً يا رسول الله القسطنطينية أم رومية? فقال عليه الصلاة والسلام: القسطنطينية أولاً، وقد تم فتحها وأراد الماكرون بالإسلام وأهله أن يجعلوها بلداً علمانياً كافراً لا يَمُتُّ إلى الإسلام والمسلمين والعروبة بصلة، ولكن الله عز وجل يأبى إلا أن يتم نوره وأن يبعث الفتح من جديد فيها، وأن يذكر الحاضرين من أهلها بما أوتوا من ثقافة إسلامية، وبما فتح الله تبارك وتعالى عليهم من النور والهدى ليجددوا الماضي الذي انطوى، ويذكر الأمة بما يجب عليها أن تتصل بها من قريب ومن بعيد لتأتلف على قلب رجل واحد وتعيد مجد الإسلام من جديد إن شاء الله تعالى.
فمرحباً بكم أيها الأساتذة الكرام، مرحباً بكم في دار أخ من إخوانكم طال شوقه إلى أن يلقى أمثالكم، وقدر الله أن يكون هذا اللقاء لقاء طيباً إن شاء الله تعالى وبخاصة وأن الذي ينور هذه الجلسة محدث الإسلام في هذا العصر الذي والحمد لله من على المسلمين به ألا وهو أستاذنا وشيخا الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ولست أريد أن أعرفكم به فإن المعرف لا يعرف، ومن حقه علينا أن نذكره دائماً في نفوسنا، في صلواتنا في سجودنا، وندعو له بطول العمر والعطاء الجم الذي قدمه للأمة منذ نصف قرن من عمره المديد إن شاء الله، وهو يعطي ولا يأخذ، وقد فتح الله تبارك وتعالى على هذه الأمة بالدعوة التي حملها دعوة السلف الصالح، وبما قدم للأمة من مؤلفات كثيرة يصعب على الحصر أن يأتي عليها ولعلكم ولا أشك في ذلك قرأتم الكثير منها، وأفدتم أنتم أنفسكم وأفدتم طلابكم كذلك.
فهذه فرصة طيبة مباركة يلتقي فيها هؤلاء المثقفون من أمثالكم بشيخ الحديث وإمام السنة في هذا العصر، وهي فرصة ثمينة لا تفوت ولعلها تظل في جعبة ذكرياتكم إلى أن يشاء الله تبارك وتعالى، فأهلاً بكم جميعاً ومرحباً، وحياكم الله، وأدعكم وشيخنا لكي إن أردتم أن تعرضوا عليه ما يعن أو ما يجول في خواطركم من سؤالات علمية يعز عليكم أن تنالوا من أجوبتها إلا في حضوره، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم، وحياكم الله وبارك عليكم.
مداخلة: نحن من الجامعة السرسوخية في طونيا.
الشيخ: أهلاً مرحباً.
مداخلة: كلية الشريعة نسميها اللاهيات الأستاذ البروفيسور العميد كلية الشريعة مدرس الفقه أيضاً في نفس الوقت.
الشيخ: أهلاً مرحباً.
مداخلة: الشيخ علي عثمان
…
نائب العميد، وفي بروفيسور متخصص في علم الحديث.
الشيخ: ما شاء الله.
مداخلة: الأستاذ البروفيسور عصمت متخصص في التفسير.
الشيخ: ما شاء الله.
مداخلة: الأستاذ أحمد رونكل متخصص في التاريخ الإسلامي.
الشيخ: أهلاً مرحباً.
مداخلة: الأستاذ البروفيسور أساتذة بروفيسورية رؤساء أقسام.
الشيخ: أهلاً مرحباً.
مداخلة: عصمت خيا.
الشيخ: ما شاء الله.
مداخلة: في التفسير أيضاً .. الأستاذ سليمان فبرك.
الشيخ: أهلاً مرحباً.
مداخلة: مدرس الكلام في علم الكلام.
الشيخ: علم الكلام.
مداخلة: نعم، والأستاذ سعيد شمسك محمد سعيد شمسك أيضاً رئيس في قسم التفسير.
الشيخ: أهلاً أهلاً.
مداخلة: الأستاذ شرف الدين جلوجت، عنده دراسة أيضاً بروفيسور في علم الكلام.
الشيخ: أهلاً مرحباً.
مداخلة: والشيخ الأستاذ غني عن التعريف أنتم تعرفونه .. نعم ناصر الألباني من خلال كتبه، والله الأخوة ألحوا أن يلتقون بكم، وزادنا الشرف باللقاء.
الشيخ: شرفكم الله جميعاً، ونسأل الله عز وجل أن يجمعنا جميعاً على الهدى وعلى التقى، وعلى سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام تفضل.
المقدم: شيخنا الفاضل نحن جئنا إلى هنا لزيارة للجامعات الأردنية وخاصة كليات الشريعة في عمان وفي اليرموك وفي أهل البيت .. جامعة أهل البيت، وأيضاً جامعة مؤتة فالحمد لله زرنا هذه الجامعات بقيت جامعة اليرموك غداً إن شاء الله، هي زيارة وتبادل الآراء والأفكار بين المدرسين، وفي نفس الوقت تقوية الصلة بين الأتراك والعرب، كما دام انقطاع وانقطاع كبير صارت بين الدولتين.
الشيخ: مع الأسف.
المقدم: نعم.
الشيخ: بأقوى مما كانت.
المقدم: إن شاء الله.
الشيخ: ولعلها خطوات في سبيل عود المسلمون جسداً واحداً كما كانوا في الزمان الأول، وكما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
مداخلة: عفواً يا سيدي أستاذي أنا أتكلم بالتركي؛ لأن ..
المقدم: حول العربية فهو جيد جداً.
الشيخ: الثواب على قدر المشقة.
مداخلة: نحن نحب أن نسمع من تركي.
المقدم: أساتذتنا يتكلمون إن شاء الله فيما بعد، ندع الأستاذ العميد يقول كلمته إن شاء الله بالتركية.
الشيخ: نعم.
(كلمة العميد بالتركية)
مداخلة ترجمة: نحن هيئة التدريس في كلية الشريعة جامعة سنسوخ، جئنا إلى زيارة الجامعات وزيارة إخوتنا في الدين نزور للمسلمين أيضاً، ونحن مسرورين بهذه الزيارة.
(كلمة العميد بالتركية)
مداخلة ترجمة: ونشكر الله تعالى على إعطائه الفرصة لنا بأننا التقينا مع علماء شيوخ كنا نرى أسماءهم على الكتب، والتقينا بهم مباشرة هنا، نحمد الله تعالى على هذا الفضل.
(كلمة العميد بالتركية)
ترجمة مداخلة: وخاصة مع شخصكم الكريم أنا مشكور جداً أنا ممتن جداً.
الشيخ: بارك الله فيكم.
(كلمة العميد بالتركية)
ترجمة مداخلة: إذا تسمحون لنا نعرض لكم بعض الجهود المبذولة عندنا أو
بعض المعلومات التي تخص الإسلام والمسلمين أعرضها لكم.
الشيخ: نستفيدها إن شاء الله.
(كلمة العميد بالتركية)
ترجمة مداخلة: عندنا في تركيا ستة وخمسين جامعة فيها ثلاثة وعشرين كلية .. كلية الشريعة نسميها كلية اللاهيات يعني من ضمن ستة وخمسين إلى ثلاثة وعشرين كلية كلية الشريعة.
(كلمة العميد بالتركية)
ترجمة مداخلة: نحن ندرس التربية الإسلامية منذ الصغر عندنا.
(كلمة العميد بالتركية)
ترجمة مداخلة: حيث أن الطالب عندنا أول ما ينهي الدراسة الابتدائية يلتحق بدار القرآن ويجيد قراءة القرآن الكريم.
(كلمة العميد بالتركية)
ترجمة مداخلة: الآن في تركيا مسجل رسمياً في الدولة ثلاثة آلاف دار للقرآن الكريم للقراءة والحفظ.
(كلمة العميد بالتركية)
ترجمة مداخلة: كل سنة يتخرج خمسة آلاف طالب في جميع أنحاء تركيا كحافظ كاملاً القرآن الكريم.
ترجمة مداخلة: ومع الدور القرآن عندنا أربعمائة وخمسين ثانوية الأئمة والخطباء.
ترجمة مداخلة: والذين يدرسون في ثانوية الأئمة والخطباء التي فقط مخصصة بالدراسات الإسلامية عندنا خمسمائة ألف طالب.
ترجمة مداخلة: ونحن في كلية الشريعة بعد هذه الثانويات ندرس التعاليم الإسلامية والشرائع الإسلامية.
ترجمة مداخلة: كليتنا هي في الأصل أربع سنوات وفيها سنة زيادة أول سنة نعلم الطالب اللغة العربية أولاً.
ترجمة مداخلة: عندنا في الكلية الأساتذة هم الذين ينظمون البرامج والمناهج حسب السنوات حسب الدرجات يعني السنة الأولى والسنة الثانية والثالثة والرابعة.
ترجمة مداخلة: والمتخرجين من جامعتنا مباشرة يستطيع أن يتوظف كمدرس في المدارس المتوسطة والثانوية مدرس التربية الدينية.
ترجمة مداخلة: وأيضاً ممكن أن يتعين في رئاسة الشؤون الدينية في تركيا كواعظ أو كمفتي أو كإمام وكخطيب مفتوح له هذه الوظائف.
ترجمة مداخلة: والطالب المتخرج يستطيع أن يكمل دراسته العليا للماجستير والدكتوراه أيضاً.
ترجمة مداخلة: ونحن أيضاً بهذه الطريقة أكملنا الماجستير والدكتوراه حتى
وصلنا إلى البروفيسورية في نفس المدارس وفي نفس الكليات، والآن نعيد التدريس أصبحنا مدرسين لها.
ترجمة مداخلة: طبعاً لحد الآن نستفيد من الكتب القديمة التي كتبها المسلمين العثمانيين والعرب لحد الآن من هذه الآثار نستفيد، ولحد الآن متعطشين لهذه الكتب يعني نستفيد ونطبق هذه المعلومات عندنا.
ترجمة مداخلة: ودائماً بين حين وآخر تفتتح معارض في مصر والأردن وسوريا ولبنان نشارك هذه المعارض ونأخذ هذه الكتب الثمينة إلى تركيا ونستفيد منها.
ترجمة مداخلة: وعندنا الذين يقدمون الرسالات الدكتوراه الآن يقدم باللغة التركية عندنا، فقط حصرت في تركيا يعني الرسائل المؤلفات المطبوعات.
ترجمة مداخلة: مثل باقي الدول العربية يعني.
ترجمة مداخلة: عندنا ..
الشيخ: عفواً ما فهمت.
مداخلة: يعني مثلاً هنا يقدمون الأستاذ الدكتوراه الطلبة يقدمون اقتراحاتهم ويقدمون دراستهم، نحن أيضاً عندنا هم يقدمون باللغة العربية ونحن نقدم باللغة التركية.
ترجمة مداخلة: عندنا اطلاع تام ومعلومات تامة عن جهود الإخوة العرب، عن ما يقدمونه للإسلام، ولكن مع الأسف الذي نحن نقدمه غير معرف هنا وما
يعرفونه عن قرب، يعني هذا القطع الفراق الذي بيننا هو المانع.
ترجمة مداخلة: هذه الزيارة ليست الزيارة الأخيرة، لأنها سننتظر الأخوة ونلتقي بهم ونتبادل الآراء وتعاطي الأفكار فيما بيننا، هذه تفيدنا أيضاً في المستقبل.
ترجمة مداخلة: نحن بعد هذه الإيضاحات نرجو منكم ما تنصحون به وما توصون به لنا، ولو تعطونا بعض آخر أخبار المسلمين على الساحة الإسلامية والعربية.
ترجمة مداخلة: ونرجو أن نستفيد من تجاربكم.
ترجمة مداخلة: وأيضاً استفدنا من كتبكم نريد أن نستفيد منكم مباشرة بعض الأشياء إن شاء الله.
ترجمة مداخلة: أرجو من الله لكم التوفيق في أعمالكم، وأن يطيل أعماركم لما فيه الخير للإسلام والمسلمين.
ترجمة مداخلة: وإذا تفضلتم بأي أسئلة نحن إن شاء الله نجيبها لكم وربما عندنا الأصدقاء الأخوة الأساتذة عندهم أيضاً بعض الأسئلة يسألونها منكم.
الشيخ: ليس عندي كبير شيء أقترحه أو أقدمه بمناسبة هذه الكلمة سوى أنني ألفت نظركم إلى ما لا يخفى عليكم أن العلوم الشرعية التي (انقطاع) على اختلاف المدارس والكليات والمعاهد التي سميتم الكثير منها، هذه العلوم الشرعية لا يمكن الوصول إليها بطريقة صحيحة إلا باللغة العربية، لأنكم
تعلمون أن هذه اللغة هي لغة القرآن الكريم الذي هو دستور المسلمين كافة مهما اختلفت أجناسهم وتباينت لغاتهم هذا من جهة .. ومن جهة أخرى لقد انتبهت إلى اهتمامكم بزيارتكم للمعارض التي تعرض فيها مختلف الكتب من مختلف البلاد الإسلامية، وبخاصة منها البلاد العربية، وأنكم تستفيدون منها وتأخذون منها الشيء الكثير الطيب إلى بلادكم، لكني أرجو وعسى أن يكون ذلك قريباً أن تكونوا أنتم أنفسكم من الذين يغذون هذه المعارض بكتبكم وباللغة العربية التي سوف تنشرونها عندكم حتى تصبح مع الأيام هي لغة الشعب الرسمية كما يقولون في هذه الأيام .. أظن هذا مفهوم لدى الأستاذ الكريم، هذا ما عندي من اقتراح مما خطر في البال، وعندي سؤال ولعله هو السؤال الوحيد وهو: أحب أن أعرف هذه الكليات التي أشرتم إليها هل عهدكم بها من بعيد أم من قريب?
ترجمة مداخلة: هذه الكلية فتحت أول مرة في عام تسعة وأربعين وتسعمائة وألف.
الشيخ: عفواً أنا أريد أن تترجم هذا التاريخ بالهجري.
مداخلة: ألف وثلاثمائة وتسعة وستين.
مداخلة: ألف وستمائة وخمسين هجرية.
الشيخ: نعم?
مداخلة: ألف وستمائة وخمسين هجرية.
مداخلة: تسعة وستين .. ألف وثلاثمائة وتسعة وستين.
الشيخ: ثلاثمائة وتسعة وستين.
مداخلة: يعني قبل ستة وأربعين سنة.
مداخلة: قبل ست وأربعين سنة.
الشيخ: نحو أربعين يعني.
مداخلة: نعم.
مداخلة: ست وأربعين سنة.
الشيخ: فهمت أن البرامج التي توضع .. توضع بحرية من الأساتذة.
مداخلة: نعم.
الشيخ: هكذا يعني.
مداخلة: نعم.
الشيخ: هذا شيء طيب.
مداخلة: توضع من قبل الأساتذة وبعدها تذهب إلى رئاسة الجامعة فقط تصدق عليها الرئاسة لتكون رسمية.
الشيخ: نعم لكنها لا تتدخل في التغيير.
مداخلة: لا تتدخل نعم .. الأساتذة مثلاً هذه السنة وضعوا برنامج أو منهاج إذا ظهر فيها أي قصور أي نقطة أي شيء يستطيعوا أن يتغلبوا عليها في السنة القادمة، وهكذا إن شاء الله يذهبون إلى الطريق الصحيح.
الشيخ: الأمر طبيعي كل المناهج هكذا، يخطر الآن في البال سؤال ما هي كتب السنة التي تدرس على الطلبة?
مداخلة: نعم .. نعم.
ترجمة مداخلة: لا ندرس أي كتاب بتمامه، لكن عندنا مذكرات كل سنة مثلاً يخطر ببالي أننا درسنا في السنة الماضية التقريب للنووي مختصراً في الأصول، وكذا التدريب بعض المباحث منها، وتوجد بلغتنا كتب بأصول الحديث النبوي الذي كتب من مؤلفي الأتراك مثل أحمد (ناين) بيك
…
هوهاجر إلى إسطنبول في زمن العثمانيين كمدرس وعاش في إسطنبول، وكتب أصولاً باللغة التركية، ثم ترجم «التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح» في اثني عشر مجلداً، طُبعت الترجمة التركية قبل أربعة سنين، وكتب الأساتذة الذين درسوا في إسطنبول وفي قيصرية وفي أندروون كتباً مستقلاً في أصول الحديث مستنبطاً ومستعيناً بما كتب العلماء الذين نحن نطلب من الله لهم الرحمة والغفران، وندرس أيضاً بعض الأحاديث النووية للطلاب بعض العقائد الصلاة والزكاة وما أشبه ذلك، ثم نشرح لهم باللغة التركية وأحياناً في نصف الدرس خمس دقائق أو أكثر من ذلك ندرس إذا قدرنا باللغة العربية ما استطعنا على حسب استطاعتنا.
الشيخ: نعم.
مداخلة: فالمانع الوحيد عندنا أن الطلاب الذين درسوا أمامنا تدرسوا أمامنا، هم بدرجات متفاوتة في العلم باللغة العربية، وهم يتعلمون اللغة العربية في
الثانوية الدينية، في السنة الأولى تقريباً خمس ساعات، وفي السنة السابعة أربع ساعات لكن إذا لم يدرس عليهم الدروس
…
مداخلة: مكثفة .. مكثفة.
الشيخ: مكثف.
مداخلة: يحصل عند بعض الطلاب أشياء كثيرة من العلم باللغة العربية بعضهم بقي ضعيفاً جداً، والطلاب الذين يجيئون من الثانويات
…
غير الدينية لا يقدرون على التكلم ولا الكتابة باللغة العربية وهم يتدرسون اللغة العربية في السنة
…
عشرين ساعة في الأسبوع.
مداخلة: في الأسبوع نعم.
مداخلة: فقد نشرت كتب في بلدة باللغة العربية، وطبعت كتب أيضاً باللغة التركية في الحديث النبوي بفنونها، في السنة الماضية والآن.
الشيخ: أنا كان سؤالي بارك الله فيك عن كتب الحديث التي تدرسونها على الطلاب، ففهمت جوابكم أنكم لا تدرسون عليهم كتاباً معيناً.
مداخلة: نعم.
الشيخ: وإنما هي مختارات ومنتقيات، ثم ذكرتم بعض الكتب هي في الحقيقة كما تعلم جيداً .. هي في مصطلح الحديث في أصول الحديث، لكني أنا أردت أن أفهم في متون الحديث، ما هي هذه المراجع التي ترجعون إليها وتنتقون منها?
مداخلة: خطر في بالي أنني درست بعض الكتب الصغيرة الذي نشرتم أنتم من المحدثين هو وجدت في المطابع أربع رسائل أظن أنه كان اقتضاء العلم العمل للخطيب.
الشيخ: نعم.
مداخلة: البغدادي وكتاباً آخر في العقيدة لأبي عبيد القاسم بن سلام.
الشيخ: الإيمان.
مداخلة: الإيمان .. درسناهم، هذا الكتيب تم بعون الله في مدة السنة المعينة، لكن الطلاب كانوا يعرفون اللغة العربية في هذه السنة كثيراً من الذين يتدرسون عندنا الآن، كانت مدارسنا مؤهلاً للدراسات العليا قبل ثلاث وعشر سنين، يسمى بالمعهد الإسلامي العالي، كانت كثيراً من الدروس الشرعية في هذه السنة وساعتها أكثر من ذلك، لكن الآن يجي من الطلاب الثانوية من الثانويات الدينيه ويجيؤوا أيضاً من الثانويات غير الدينية.
الشيخ: وهل انتقاؤكم للأحاديث يبنى على أصول الحديث بمعنى تختارون الأحاديث الصحيحة ثم الحسنة وتعرضون عن الأحاديث الضعيفة المشتهرة بين الأمة?
مداخلة: كان تدريسنا هكذا، الطلاب يجيئون إلى الدرس، المدرس يقرأ حديثاً معيناً ويكتب أحياناً في اللوحة، ثم يترجم هذا الحديث إلى لغتنا التركية، ثم يشرح له شرحاً موجزاً ويبين بعض الأحكام، ثم يشرح حديثاً آخر مثلاً إنني
أظن أن زملائنا درسوا مختصر مسلم ودرسوا أيضاً الإحكام بأحاديث الأحكام في هذه السنة، إنني درست في السنة الماضية معضلات الحديث النبوي في عصرنا من المشائخ كدرس يدرس
…
محاضرة.
مداخلة: محاضرات.
مداخلة: كدرس المحاضرة الدكتور سعد، من الذين يتخرجون عندنا في الصف الرابع، وأدرس في السنوات الأخيرة أنا اللغة الفارسية
…
وتوجد في كليتنا أستاذ مساعد اسمه
…
هو يدرس الحديث النبوي، والأستاذ مساعد أيضاً
…
يدرسون على هذا النمط.
المقدم: يعني
…
الشيخ: أحسنت .. أحسنت.
مداخلة: يا شيخ التخريج عندنا ضعيف جداً، فعندنا ..
الشيخ: أنا لا أعني التخريج، أعني الانتقاء.
مداخلة:
…
مثلاً صحيح مثلاً ..
الشيخ: يعني أضرب لك مثلاً يا حضرة الأستاذ.
مداخلة: نعم.
الشيخ: بدل أن ننقل مثلاً من السنن الأربعة المعروفة لديكم طبعاً وفيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف، وقد يكون في بعضها الموضوع أيضاً
بدل ما أن ننقل من هذه السنن الأربعة ننقل من الصحيحين ما دام أن دراسة السنة عندكم ليست تدريساً لكتاب من أوله إلى آخره وإنما هو على طريقة الانتقاء كما ذكرتم، فإذاً الانتقاء معناه تقليل المادة ولكن هذا التقليل ينبغي أن يكون مختاراً، وأن يكون موثقاً، وهذا الانتقاء أقرب وسيلة أو طريقة هو الرجوع إلى الصحيحين اللذين اتفق علماء المسلمين على أنهما كما تعلمون أصح كتب الحديث، وأصح مرجع بعد كتاب الله عز وجل، هذا الذي قصدته.
مداخلة: نعم.
الشيخ: إذا كان ولا بد من الانتقاء فيكون الانتقاء محصوراً من الكتب التي تتقصد الصحيح، أو تتخصص في الصحيح نعم.
مداخلة: في السنة الماضية كنا درسنا أيضاً من كتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.
الشيخ: نعم.
مداخلة: ويمكن أننا انتخبنا بالخطأ يبدو، ليس عندنا مقياس معين.
الشيخ: ولم?
مداخلة: لقلة بضاعتنا في الحديث.
الشيخ: إن شاء الله تصبحون أو تمسون مرجعاً في الحديث.
مداخلة: إن شاء الله.
مداخلة: سؤالي ..
الشيخ: تفضل.
مداخلة: الأستاذ محمد آيدن رئيس قسم تاريخ الأديان.
الشيخ: أهلاً مرحباً.
مداخلة: يعني حضرتكم تشتغلون في كتب الحديث وأيضاً في هذا الموضوع، يعني أريد أن أتعلم في بداية الإسلام يوجد حضارتان: حضارة اليهود والنصارى في بيزنط، الحضارة الثانية حضارة الإيرانية مجوسية، يعني سؤالي هذا، هل
…
بالأحاديث النبوية من هذه الحضارتين، هل فكرت في هذا الموضوع في أثناء تكتب وتشترك في هذه المسألة.
الشيخ: أنا أعتقد كما يقال في بعض الأمثال العربية: ومن ورد البحر استقل السواقي، مفهوم هذا الكلام أظن لديكم?
مداخلة: نعم .. ومن ورد البحر?
الشيخ: استقل السواقي.
مداخلة: ومن ركب البحر استقل السواقي.
الشيخ: أريد من هذا أن المسلم حينما يعود إلى المصدرين الصافيين هذا لكم .. حينما يعود إلى المصدرين الصافيين كما تعلمون كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه، وآله وسلم الذي قال عليه الصلاة والسلام فيهما حديثين اثنين
يناسب مقامنا الآن أحدهما: تركت فيكم شيئين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، هذا أحد الحديثين، والحديث الآخر قوله عليه الصلاة والسلام: ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به .. ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه، لهذا نحن معشر المسلمين نجد أنفسنا ويجب على كل فرد من أفرادنا أن يكون غنياً بما قدم الله لنا من كتاب ربنا ومن سنة نبينا صلى الله عليه، وآله وسلم، والحضارات التي أنت أشرت إليها آنفاً هي حضارات لا تسعد أصحابها لا في الدنيا ولا في الأخرى، وإنما السعادة كل السعادة كما قال الله عز وجل في القرآن:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10] فهذه السعادة التي ينشدها كافة الناس: لا فرق بين مؤمنهم وكافرهم، لا فرق بين صالح المؤمنين وطالحهم .. هؤلاء كلهم ينشدون السعادة ولكن ما عرف طريقها إلا من تمسك بالأصلين: كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه، وآله وسلم، لذلك أنا لا أجد في نفسي حاجة مطلقاً إلى أن أخرج عن هذا الخط الذي وضعني الله عز وجل فيه فضلاً منه ورحمة، وهو الاشتغال بالكتاب والسنة نقلاً ثم دراية وفقهاً، لعلي أجبتك عن سؤالك.
(الهدى والنور /811/ 06: 01: 00)
(الهدى والنور /811/ 50: 37: 00)
مداخلة: ولكن يعني هذه المسألة هذا اليوم الأساتذة في العالم الإسلامي
يعني الأحاديث النبوية يدخلون في الكتب الستة ليس تماماً الحديث صحيحاً، يعني هذه المسألة مهمة جداً: هل يوجد الأحاديث النبوية في البخاري أو في مسلم كان ليس حديثاً صحيحاً يعني?
المقدم: قبل ثلاثة أسابيع في مدينتهم وسمعت من طلاب العلم عندهم شائعة تقول: إن في صحيح البخاري أحاديث موضوعة، وشائعة أخرى تقول: خذوا القرآن ودعوكم من السنة، يكفينا ما في القرآن فقط القرآن الكريم .. هاتان الشائعتان يروج إليهما الآن في تركيا، والشائعة الأولى حقيقة منتشرة بين طلاب كلية الإلهيات بطونيا يقولون صحيح البخاري ليس كله أحاديث صحيحة بل فيه موضوع وليس ضعيفاً موضوعاً، أرجو أن توضحوا هذا سيدي بارك الله فيكم?
الشيخ: أقول لكل علم ميزانه، واتفق علماء المسلمين كافة أن أحكام الشريعة الإسلامية مأخذها أولاً كتاب الله وما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه، وآله وسلم، ثم اتفقوا أيضاً أن هذه الأحكام الواردة في كتاب الله وفي صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه، وآله وسلم تنقسم إلى قسمين من حيث: كونها معقولة المعنى، أو غير معقولة المعنى، ما كان منها غير معقولة المعنى يطلقون عليها علماء الفقه بأنها أمور تعبدية مفهوم هذا الكلام يا أستاذ?
مداخلة: مفهوم.
الشيخ: ما كان منها غير معقولة المعنى يطلقون عليها علماء الفقه بأنها أمور تعبدية مفهوم هذا الكلام يا أستاذ .. مفهوم?
مداخلة: نعم.
الشيخ: أمور تعبدية لا مدخل لعقل البشر فيها، والأمثلة في ذلك كثيرة جداً، لكن على سبيل التقريب نضرب مثلاً بالصلوات الخمس فهي على ثلاثة أشكال: ثنائية وثلاثية ورباعية من جهة، من جهة أخرى سرية بعضها وبعضها جهرية وبعضها مفعم، هكذا سر وجهر إلى آخره .. ، لا يرد هنا سؤال لم هذه ركعتان وتلك ثلاث وإلى آخره .. ? هذه تعبدية لا مجال للعقل أن يلج وأن يدخل فيها، وأن يتوصل إلى معرفة لماذا شرع الله على عباده فرض الفجر ركعتين، إلى آخره هذه غير معقولة المعنى، هذه تعبدية، قسم آخر أي من الكتاب والسنة الثابتة الصحيحة من الناحية الفقهية معقولة المعنى، مثلاً نهى عن الغرر نهى عن النجش نهى عن الحسد إلى آخره هذا معقولة المعنى؛ لأن الغرر والنجش يترتب من ورائه مفاسد اجتماعية، ليس وراء هذا شيء آخر بالنسبة للمنهج الإسلامي، ما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة صار شريعة، ثم العقل يستطيع أن يحكم أحياناً أن هذا معقول وأحياناً يقول لا هذا تعبدي غير معقول، أما تصحيح الحديث فلا يكون بالعقل وإنما يكون بالعلم، وكما قلت آنفاً لكل علم أصوله ومنهجه، فعلم الحديث كما تعلمون مرده إلى علم الجرح والتعديل، لكن هنا نكتة أريد أن ألفت النظر إليها؛ لأن كتب المصطلح قد لا تتعرض لها فضلاً عن أن تدندن حولها هي: أن علماء الحديث علماء الجرح والتعديل حينما يوثقون رجلاً أو يضعفون آخر فذلك التوثيق أو التضعيف مرجع إما النقل مثلاً .. النقل عن الشيخ الذي عاشر الراوي وعرف عدالته وعرف حفظه وعرف صدقه أو إلى
النقل عن ذلك الشيخ، أو إلى النقل عن ذلك الشيخ ..
لكن هناك أسلوب آخر وهنا دقة علم الحديث ألا وهو: أن بعض علماء الحديث يدرسون أحاديث الراوي أي متون أحاديث الراوي يدرسونها، ويعرضونها على أحاديث الثقات الحفاظ الذين لا حاجة لمعرفة عدالتهم وثقتهم، لشهرة ذلك بين الحفاظ المحدثين لهم، لكن آخرين من هؤلاء الرواة ليسوا بتلك المثابة وليسوا بتلك المنزلة، ولا يعرفون عنهم هل هم من الثقات والعدول والحفاظ، فماذا يفعلون? يتتبعون أحاديثهم حديثاً حديثاً فرداً فرداً، ويقابلون هذه المجموعة من الأحاديث بأحاديث الثقات الحفاظ، فهناك يظهر شيء من البلبلة أو القلقلة في متون هذه الأحاديث التي رواها هذا الراوي الذي لم يكن مشهوراً بالعدالة والثقة، حينئذ يحكمون عليه تارة يقولون عنه إنه ثقة حافظ لماذا? لأن أحاديثه على الجادة موافقة لأحاديث الثقات، تارة يقولون عنه إنه صدوق؛ ذلك لأن مادة أحاديثه ليست بتلك الكثرة التي تحشره في زمرة الحفاظ الثقات، تارة يقولون إنه صدوق يهم، صدوق يخطئ أحياناً من أين هذا? لأنهم وجدوا في بعض تلك المتون ما يخالف متون الحفاظ الثقات، مثلاً قد يكون الحديث عند الحفاظ الثقات موقوفاً على الصحابي فيجدون هذا الراوي بالذات قد رفعه إلى الرسول عليه السلام، وحديثاً آخر أيضاً رفعه إلى الرسول عليه السلام، وهو عند الحفاظ موقوف على الصحابي .. مفهوم هذا الكلام فيما أظن.
مداخلة: نعم.
الشيخ: فإذاً هذا يحكمون عليه بأنه صدوق يهم، لكن إذا تكاثرت أوهامه ..
إذا تكاثرت أوهامه قالوا: هذا سيئ الحفظ يخطئ كثيراً، الفرق بين هذا والذي قبله هذا يسقطون حديثه لا يحتجون بحديثه، الأول الذي قبله والذي قالوا فيه مثلاً بأنه صدوق يهم أو يخطئ يقولون حديثه في مرتبة الحسن، لا هو بالصحيح ولا هو بالضعيف، ثم مع هذا البحث وهذا السبر في أحاديث هؤلاء الرواة قد يجدون هناك أحاديث يشهد العقل المسلم .. العقل المسلم وأعني ما أقوله؛ لأن عقل المسلم غير عقل الكافر كما لا يخفاكم، ثم لا أعني فقط العقل المسلم، بل عقل المسلم العالم، ثم لا أعني فقط العالم مطلقاً فقد يكون مفسراً وقد يكون فقيهاً وقد يكون نحوياً وقد يكون لغوياً .. ،
وإنما أعني عقل المسلم العالم المحدث الذي كما قال ابن قيم الجوزية رحمه الله في بعض كتاباته القيمة حينما سئل: هل يمكن للمسلم أن يعرف الحديث الموضوع على الرسول عليه السلام دون أن يرجع إلى الأسانيد، وحدثنا فلان وفلان وفلان? هذا لا يطيقه أكثر الناس، فأجاب بجواب يتضمن إيجاباً ويتضمن سلباً، وهذا من دقته في التعبير قال: نعم من جرى الحديث مجرى الدم في بدنه فهذا يمكنه أن يعرف الحديث الموضوع من الحديث الصحيح، لكن أين هذا? أين هذا العالم الذي جرى الحديث في حفظه كما يجرى الدم في بدنه? هذا في الواقع إنما يتميز به أفراد من علماء الحديث الحفاظ لا أعني كل الحفاظ، وإنما أفراداً منهم وهم الذين جمعوا بين معرفة الثقات العدول رواية ومعرفة الثقات هؤلاء دراية وفقهاً، نجد مثلاً على سبيل الأمثلة الحافظ الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال يورد حديثاً لرجل هو ليس كذاباً وليس وضاعاً لكنه مضعف، لكنه يقول: هذا حديث
باطل، لماذا? لأنه رجل بما عنده من علم وحفظ للشريعة وقواعدها المبثوثة في كتاب الله وفي حديث رسول الله الذي هو متشبع بهذا الحديث النبوي كل التشبع يمكنه أن يحكم على حديث إسناده ضعيف لكن متنه باطل، لكن هذا كم عددهم في حفاظ الأمة فضلاً عن أن يقال في علماء الأمة، فضلاً عن أن يقال في طلاب العلم، فضلاً عن أن يقال في أفراد الأمة وهم بالملايين بل البلايين إلى آخره ..
إذاً القاعد في نقد الأحاديث سواء من ناحية السند أو من ناحية المتن هي ليست إلا لأمة أو طائفة مختارة من هذه الأمة الإسلامية من بين كل علماء المسلمين ألا وهم علماء الحديث كالإمام البخاري ومسلم ونحو ذلك كالإمام أحمد وأبي حاتم الرازي وأمثالهم من الحفاظ النقاد، إذا عرف هذا، فالآن ما موقف طلاب العلم وما موقف الدارسون لعلم الحديث في هذا الزمان.
ما موقف هؤلاء الطلاب وهؤلاء الدارسين تجاه الأحاديث التي صححها علماء السنة وعلماء الحديث?
لا شك كما لا يخفى لدى الجميع أن لكل علم أهل اختصاص، وأن كل طائفة فيما تريد أن تعلم لا تسأل نفسها وإنما تسأل أهل الاختصاص فيما هو بحاجة إلى العلم به، أمر واضح جداً إذا أردت أن تعرف صحة الحديث ما تسأل سيبويه الحقيقي أو المشابه له في زماننا إن كان له شبه، والعكس بالعكس تماماً، فإذا أراد طلاب العلم في هذا الزمان أن يميزوا صحيح الحديث من ضعيفه فليس عليهم إلا أن يحققوا آية في القرآن الكريم ألا وهي قول رب العالمين: {فَاسْأَلُوا
أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] أهل الذكر هم أهل العلم، وهنا بخاصة أهل الذكر هنا هم أهل القرآن العارفون بالقرآن، وكلمة القرآن الآن تذكرني بسؤال الأخ هناك الذي نقل بعض النقول سمعها هناك أن هناك طائفة من المسلمين اليوم منتشرون في كثير من البلاد الإسلامية وهم الذين يسمون بالقرآنيين ..
وآنفاً قبل أن آتيكم كان عندي أخ من إخواننا إبراهيم هذا أبو عمر قال لي بأنه لقي شاباً جاء من أمريكا، فقال في أثناء الحديث بأنه لا يؤمن إلا بالقرآن، وهذا نعرفه أنا في دمشق قبل نحو عشرين سنة التقيت مع فرد شاب في حلب يدعي هذه الدعوى، قلت له: هل تصلي? قال: نعم أصلي، قلت له: إذاً صلي، صلى افتتح الصلاة بدعاء من عنده قلت له: من أين جئت بهذا الدعاء? ثم هذه الكيفية في الجملة هي لا هي في القرآن ولا هي في السنة التي أنت كفرت بها، وحقيقة الأمر أن ادعاء أن القرآن هو فقط المرجع الوحيد وليس للسنة دخل في بيان القرآن فهو كفر القرآن، الذي يقول بأني لا أؤمن إلا بالقرآن هو يكفر بالقرآن؛ ذلك لأن القرآن مما قال فيه رب الأنام:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ} [النحل: 44] ها نحن ذكرنا آنفاً الصلوات الخمس وكيف أنها تنقسم إلى أقسام، من أين أخذت هذه الأقسام? لا شيء منها بهذا التوضيح في القرآن الكريم، لكن هو بيان الرسول عليه السلام الذي أشار الله إليه في الآية السابقة {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] أي إن هذه الآية تعني أن بيان الرسول عليه السلام ينقسم إلى قسمين: بيان لفظي وهو تبليغ القرآن إلى الأمة .. تبليغ القرآن للأمة،
والبيان الآخر هو بيان بمعنى التفصيل .. ولذلك جاء حديث الرسول عليه السلام في الصحيح، وأنا بهذه المناسبة أقول: ينبغي انتقاء هذه الأحاديث، وتقديمها لطلابكم هناك حتى تستقيم العقيدة الصحيحة ويعرفون قدر السنة، وأهمية الرجوع إليها مع القرآن الكريم، ذكرت حديثاً وهو قوله عليه السلام: لا يقعدن أحدكم متكئاً على أريكته يقول هذا كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً حللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ..
ألا إن ما حرم رسول الله مثلما حرم الله؛ ذلك لأن الله يقول في القرآن الكريم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 1 - 4] إذاً السنة علم من العلوم يجب أن يؤخذ من أهل الاختصاص فيه، وكل من قال هذا صحيح وهذا ضعيف نقول له: هل أنت عالم بعلم الحديث? إن ادعى ذلك نقول: هات نشوف أثبت صحة هذا الحديث، بطريقة علماء الحديث، الأصل هو السند كما تعلمون .. الأصل في معرفة الأحاديث الصحيحة من الضعيفة إنما هو السند، المنزلة الثانية أو المرتبة الثانية في النقد ونقد المتن الذي يسمى في الاصطلاح العصري اليوم بالنقد الداخلي، يسمون نقد الأسانيد بالنقد الخارجي، ونقد المتون في الاصطلاح الحديثي بالنقد الداخلي .. هذا النقد الداخلي إذا ما سلط عليه عقول البشر أصبح القرآن الكريم محل انتقاد؛ لأن القرآن الكريم لا يؤمن به الكفار مثلاً فلو قيل للكافر قصة ضرب موسى للحجر وانبثق منه اثنا عشر عيناً، وضرب البحر فكان كل فرق كالطود العظيم .. هذه الأشياء لا يؤمن بها الكفار وسيكون هذا غير صحيح مع
أنه ثابت بالقرآن الكريم وبطريقة التواتر، القرآن الكريم لا يخضع لنقد مطلقاً، وإنما ينبغي على المسلمين أن يفهموه وهذه مناسبة نتعرض لذكرها أيضاً بطريقتين اثنتين سبقت الإشارة إليها وهي: الرجوع إلى بيان الرسول عليه السلام {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] أنتم تعلمون مثلاً مسطراً في كتب الفقه بعض الأحكام لا نجدها في القرآن الكريم مثلاً تحريم البنت من الرضاعة ..
تحريم البنت من الرضاعة، هذا ليس مذكوراً في القرآن الكريم لكنه مذكور في الحديث، بل الأحاديث الصحيحة، ومن أصحها قوله عليه السلام: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فهذا الحديث هو من بيان الرسول عليه السلام الذي ذكر في القرآن {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] ثم ضم الرسول عليه السلام إلى هذا التحريم المذكور في القرآن الكريم هذا التحريم المذكور في حديثه: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، هنا يظهر أهمية: إنما حرم رسول الله مثلما حرم الله، إذا رجعنا الآن وفهمنا أن الذين يدعون بأنهم لا يؤمنون بشيء من السنة إنما القرآن فهم كفروا بالقرآن؛ لأن القرآن يأمرنا بالرجوع إلى الرسول عليه السلام في عديد من الآيات الكريمة ذكرنا بعضها آنفاً، ومن ذلك:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
الشيخ: فإذاً كل من يزعم بأنه مسلم ولكنه لا يؤمن إلا بالقرآن فليس مسلماً؛ لأنه كفر بكثير من نصوص القرآن وعلماء المسلمين كما تعلمون جميعاً يقولون:
من أنكر حرفاً من القرآن فليس بمسلم، فكيف إذا أنكر كثيراً من الآيات التي تتضمن الرجوع إلى سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
نعود الآن إلى ما جاء في سؤال الأخ آنفاً أنه يزعم بعضهم أن في أحاديث البخاري أحاديث موضوعة، الحقيقة أن هذه المسألة هي دقة متناهية؛ لأننا نتساءل الآن: ما هو الحديث الموضوع في علم الحديث? الحديث الموضوع في علم الحديث ما رواه كذاب أو وضاع، هذا من حيث السند، ومن حيث المتن ما خالف نصاً في كتاب الله أو في حديث رسول الله صلى الله عليه، وآله وسلم، أنا شخصياً لا أعتقد أنه يوجد في صحيح البخاري حديث موضوع بهذا المعنى، لكن هذا لا يعني وهنا أرجو أن ينتبه لكلامي جيداً حتى ما نقع في إفراط أو تفريط، وإنما {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] أنا لا أعتقد أن في صحيح البخاري حديثاً موضوعاً أو بصورة خاصة على التعريف الحديثي أن فيه رجل كذاب وضاع .. ! هذا مستحيل لا وجود له، الإمام البخاري إمام نادر وجوده جداً من حيث علمه بالرجال ونقده أيضاً للأسانيد، وكذلك لا أعتقد أنه يوجد فيه حديث موضوع بالمعنى الآخر أي من ناحية المتن، لكن هذا لا يعني أن صحيح البخاري هو صنو للقرآن الكريم، مفهوم الصنو? يعني مثله؛ لأن القرآن الكريم هو وحي من الله وتلقي بالتواتر كما تعلمون عن رسول الله صلى الله عليه، وآله وسلم، أما البخاري أولاً .. صحيح البخاري هو تأليف بشر صحيح عالم ومن كبار علماء المسلمين ومن كبار أئمة المحدثين إلى آخره، لكنه ليس معصوماً فقد يقع فيه خطأ .. قد يقع في خطأ، وبخاصة أن النسخ التي رويت عن الإمام البخاري فيها شيء من الاختلاف، وهذا موجود في بعض الطبعات العثمانية التركية القديمة على الهامش حيث يذكر الخلاف بين نسخة وأخرى، لكن أريد أن أقول أكثر من هذا .. قد يورد البخاري حديثاً واحداً وعن صحابي
واحد ويكون وقع من أحد رواته في هذا الحديث خطأ في متنه .. خطأ في متنه، لكن المتن كله ليس موضوعاً ..
المتن أصله صحيح، أنا أذكر مثلاً من هذا القبيل حديث طويل في صحيح البخاري يذكر الرسول عليه السلام عن ربنا عز وجل أنه خلق الجنة وخلق لها أهلاً، وخلق جهنم وخلق لها أهلاً، وأن أهل الجنة حينما يدخلونها يبقى هناك مكان واسعاً جداً يقول الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح: فيخلق الله لها خلقاً آخر فيسكنهم إياها بفضله ورحمته، جاء في رواية في صحيح البخاري بدل الجنة جهنم، هذا خطأ، وهذا نبه عليه الشراح وبخاصة منهم أمير المؤمنين حقاً للحديث هو أحمد بن حجر العسقلاني بأن هذا وهم من بعض الرواة، لهذا أنا لا أتحمس كثيراً أن أقول كل ما في صحيح البخاري صحيح لأن هذه الكلية تشمل حتى اللفظة والواحدة، هذا غير صحيح؛ لأن هذا لا يصح إطلاقه إلا بالنسبة للقرآن الكريم الذي قال الله عز وجل في حقه بحق:{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42] لكن هذه الأخطاء القليلة الموجودة في بعض المتون في صحيح البخاري هذه لا يصح للمسلم أن يفتح باب الشك في صحيح البخاري من أصله، بل العكس هو الصواب، وأنا أضرب لهذا مثلاً فأقول: رجل غني عنده دنانير ذهبية كثيرة جداً، فقد يكون فيها دينار زائف مغشوش إلى آخره .. ، فهو لا يعرض عن هذه الدنانير كلها، لماذا? لأنه لعلها تكون كلها مغشوشة .. لا هذا يعني لأنه فاضح بقيمة بقيمة هذه الدنانير وهي مادة، فماذا نقول بحديث الرسول عليه السلام الذي لا يمكن تفسير القرآن الكريم إلا من طريقه عليه الصلاة والسلام ..
إذا هذا عرفناه جيداً فنتيجة ذلك أنه لا يجوز لكل أفراد المسلمين مهما اختلفوا في الاختصاصات إلا من كان من أهل العلم للحديث رواية ودراية، فهؤلاء قد يأخذون على البخاري شيئاً من الوهم كالمثال الذي ذكرته آنفاً لكن هذا لا يحط ولا يضع من قدر الإمام البخاري كرجل إمام نقاد وانتقى كما يقول المترجمون له هذا الكتاب الذي فيه
نحو ستة آلاف حديث انتقاهم من نحو مائتين ألف حديث صحيح، والمائتين الألف من ستة آلاف لا أدري عدد كبير جداً لعله ذهب عن بالي مع مرور الزمن، فهذا الإمام اختار هذه الكمية القليلة من الأحاديث الصحيحة وأودعها في كتابه المسمى بالمسند الصحيح، فلا جرم أن أئمة المسلمين كافة وبطبيعة الحال أعني أئمة السنة خلافاً لأهل البدعة كالشيعة والرافضة ونحو ذلك اتفقوا جميعاً أن أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل إنما هو صحيح البخاري، فإذا وجد فيه بعض الأوهام فذلك من طبيعة لإنسان.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
مداخلة: بارك الله فيك سيدنا الشيخ.
الشيخ: وفيكم بارك.
(الهدى والنور /811/ 40: 41: 00)
(الهدى والنور /811/ 45: 03: 01)