المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مجلس آخر حول فتنة الخليج - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ١١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌قضية حرب الخليج الثانية(العراق-الكويت)

- ‌مجالس حول فتنة الخليج

- ‌مجلس حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌كلمة حول إشاعة مفادها أن الشيخ زار العراقأثناء فتنة الخليج وحول فتنة الخليج بعامة

- ‌الجهاد في العراق

- ‌الجهاد في العراق

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌الجهاد في شمال العراق

- ‌حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌حول حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌حول كتاب يتكلم عنالاستعانة بالمشركين

- ‌حول حديث ثابت بن الحارث

- ‌حول حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌متفرقات حولفتنة الخليج

- ‌اجتياح العراق للكويت

- ‌هل صدام كافر

- ‌حكم قتل الجندي العراقي في الكويت

- ‌هل يصدق حديث (يغزو جيش الكعبة)على اعتداء الغرب على العراق

- ‌قتل الأمريكان في السعودية

- ‌هل هناك مانع أن يحتل العراقمدينة سعودية

- ‌التبرع بالدم للجيش العراقي

- ‌حكم قتل الجنود العراقيين وهم يُصَلُّون

- ‌دروس وعبر من أزمة الخليج

- ‌نصيحة لأهل السنة في العراق

- ‌بين الألباني وابن باز في فتنة الخليج

- ‌الجهاد في أريتيريا

- ‌الجهاد في أريتيريا

- ‌باب منه

- ‌السلفية في السودان

- ‌السلفية في السودان

- ‌ألبانيا

- ‌أحوال المسلمين في ألبانيا

- ‌ليبيا

- ‌أحوال السلفيين في ليبيا

- ‌حكم الهجرة من ليبيا لما تلاقيه الصحوةالإسلامية هناك من تضييق

- ‌تعليقاً على السؤال الماضي

- ‌سؤالات ليبية

- ‌لبنان

- ‌أحول أهل السنة في لبنان

- ‌تركيا

- ‌الإسلام في تركيا

- ‌الأردن

- ‌السلفيون والسياسة في الأردن

- ‌الفلبين

- ‌التحاكم للمحاكم في الفلبين

الفصل: ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

السؤال الأول: ما هو تعليق فضيلتكم وموقفكم من الغزو العراقي للكويت، وتدخل القوات الأمريكية أيضاً في الخليج العربي؟

الشيخ: السؤال الشطر الثاني منه ليس دقيقاً، والقصد مفهوم، وحسب المعنى المقصود قلباً وليس الملفوظ لفظاً نجيبه، واضح؟

مداخلة: واضح.

الشيخ: أما اعتداء العراق على الكويت فلا شك أنه بغي وظلم لا يجوز شرعاً بأي وجه من الوجوه مهما كانت المسوغات أو كما يقولون اليوم: المبررات لمثل هذا الاعتداء، ومعلوم لدى كافة المسلمين قول رب العالمين في القرآن الكريم:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9].

ومما يؤسف له أنه لا يوجد اليوم دولة مسلمة تقوم بتطبيق الأحكام الشرعية مائة في المائة، لا شك أن بعض الشر أهون من بعض، لكن بحثنا أنه لا يوجد مع الأسف دولة تطبق الأحكام الشرعية مائة في المائة، ولو كان موجودة اليوم فليست تلك الدولة التي تستطيع أن تنفذ هذا الحكم القرآني، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ

ص: 28

اللَّهِ} [الحجرات: 9].

كان المفروض أن الدولة التي يرجى أن تطبق هذا الحكم الشرعي من الناحية الشرعية أو من ناحية تمسك الدولة بتنفيذ الأحكام الشرعية كان المفروض أن تكون هي الدولة السعودية؛ لأنها خير الدول الإسلامية من حيث تطبيقها وتنفيذها لكثير من الأحكام الشرعية، كان هذا هو المظنون فيها، لكن الجانب الآخر الذي أشرت إليه في مطلع كلمتي هذه وهي أن تكون في موضع القوة التي تستطيع إذا ما أرادت أن تنفذ الحكم الشرعي المنصوص بالآية فتستطيع أن تقاتل الطائفة الباغية، فإن كانت هي تستطيع من حيث أنها تنفذ الأحكام الشرعية إلى حد بعيد كما أشرت آنفاً في بلادها فهي مع الأسف الشديد لا تستطيع أن تنفذ هذا الحكم الشرعي على غيرها، ولذلك مع الأسف الشديد في الوقت الذي لم تستطع أن تنفذ هذا الحكم الشرعي هي من جهتها خشيت أن يصيبها ما أصاب جارتها وهي بينها وبين المعتدي عليها حدوداً، وفي المثل السوري العامي: إذا حلق جارك بل أنت.

ولذلك مع الأسف الشديد الدولة السعودية في الوقت الذي لم تكن في موطن القوة من حيث أنها تحاول الإصلاح بين الطائفتين المؤمنتين المتقاتلتين فهي لو أرادت أن توقف الباغي عند حده ما تملك القوة لتنفيذ هذا الحكم الشرعي، وأكبر دليل على ذلك أنها لما خشيت أن يصل عدوى اعتداء العراق على الكويت إلى السعودية لم تقتصر على الاستعانة بالدول العربية فقط، وإنما استعانت بالدول الصليبية الكافرة.

ص: 29

وبعد هذا الكلام الذي هو جواب للشطر الأول من سؤالك يأتي الآن الجواب عن الشطر الثاني من سؤالك الذي تقصده بقلبك وليس بلفظك، لأنه ليس المهم دخول الكفار هؤلاء كما دخل اليهود لأنه معروف مثل هذا الحكم أنه لا يجوز شرعاً، ولذلك قلت ابتداء: إن السؤال ليس المقصود هذا المعنى به، وإنما المقصود به ما حكم الاستعانة بهؤلاء الكفار الصليبيين، أليس كذلك؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: وعلى ذلك فنحن نقول غير مرتابين ولا شاكين بأن هذه الاستعانة لا عهد للتاريخ الإسلامي كله بمثلها إطلاقاً، وهو شر فتنة تصيب الأمة الإسلامية في كل تاريخها من حيث أن سبب هذا الدخول دخول الصليبيين إلى البلاد الإسلامية ليست هي الحرب القائمة بين الكفار والمسلمين، وإنما السبب هو استجلاب المسلمين لهؤلاء الكفار استنصاراً بهم على الفئة الباغية أو الطائفة الباغية.

ولا شك أن هذا علاج للداء بداء أشد، وهذا لا يصح إلا على مذهب واحد وهو مذهب أبي نواس:

وداوني بالتي كانت هي الداء.

وأنا في الواقع أتعجب كل التعجب مما يبلغنا وأرجو أن يكون هذا الذي يبلغنا أن لا يكون صحيحاً من حيث الواقع؛ لأن الفقه الإسلامي بنصوص كتابه وسنة نبيه والاستنباط الصحيح لا يمكن أن يتقبل ما نسمعه من تبرير أو تسويغ

ص: 30

بعض المشايخ الأفاضل في تلك البلاد استعانة السعوديين بهؤلاء الكفار الصليبيين، ذلك لأن معنى كلامهم يعود إلى ما يقوله بعض الفقهاء في أصولهم وإن كانوا هم لم يشيروا إلى ذلك، لكن صنيعهم ينبهنا إلى أنهم يدندون حول ما ذكره علماء الأصول من قولهم بأن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أقلهما شراً، فهم يظنون أن لجوءهم إلى الاستعانة بالصليبيين أقل شراً ولا نقول: خيراً، من اعتداء العراقيين على السعوديين، ونحن نرى أن وجهة نظرهم هذه مردودة نصاً وفقهاً؛ لأن الاعتداء العراقي على السعودية لم يقع كما وقع على الكويت، ولذلك فلا يصح تطبيق القاعدة هذه التي تقول: إن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أيسرهما، فلم يقع الشر الأكبر في ظن المشايخ وهو اعتداء العراقيين على السعوديين، حتى يختاروا الشر الأصغر في ظنهم وهو استنصارهم بالكفار.

أما من حيث النص فالأمر واضح جداً، حيث أنه قد صح في غير ما حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:«إنا لا نستعين بمشرك» وسبب الحديث معروف في صحيح مسلم وغيره، وفي رواية أخرجها الحاكم في المستدرك أن قوماً من المشركين جاؤوا يريدون أن يقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم المشركين، فقال لهم: أأسلمتم؟ قالوا: لا، فقال عليه الصلاة والسلام: إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين.

فهذه قاعدة فقهية وضعها من لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وليست كبعض القواعد الفقهية التي يمكن أن تكون موضع أخذ ورد، فهناك قواعد يضعها الأحناف يخالفها الشافعية والعكس بالعكس، أما هذه القاعدة فقد وضعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنصه الصحيح الصريح:«إنا لا نستعين بمشرك» وعلى

ص: 31

ذلك فمعنى كون الشيء قاعدة أنه يجب التزامها دائماً وأبداً إلا لأمر عارض لا ينافي القاعدة من أصلها، وإنما يمكن أن يجرى عليها تخصيص ما.

والذين يصرحون بجواز الاستنصار بالأمريكيين والبريطانيين وغيرهم يرون أن هذا الاستنصار له أصل في بعض الحوادث الجزئية التي ثبتت في السنة المحمدية، فتكون هذه الجزئيات مستثناة من القاعدة، ونحن نقول جواباً عن هذه الدعوة:

أولاً: قاعدة أصولية أنه إذا اختلف القول مع الفعل، أي: قول الرسول عليه السلام مع فعله فإذا لم يمكن التوفيق بين قوله وفعله كان قوله هو المقدم على فعله، وإذا أمكن التوفيق فذلك خير وأبقى، تلك الجزئيات التي يستند إليها من جوزوا هذا الاستنصار البشع إنما هي جزئيات لا تذكر بالنسبة لهذه المصيبة التي حلت في البلاد السعودية بخاصة، والبلاد الإسلامية بعامة، ويكفي أن يقابل وأن يقايس كل مسلم حتى ولو كان غير عالم بين ما وقع من الرسول عليه السلام من الجزئيات وبين هذا الذي ألم من المصيبة الكبرى بالمسلمين اليوم.

انظروا مثلاً: من حججهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعان بدليل من المشركين حينما عزم على الهجرة من مكة إلى المدينة مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، استعان بذلك المشرك ليدلهما على الطريق، هذه صورة، الصورة الثانية التي يستدل بها البعض أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعار من صفوان بن أمية أدرعاً كانت له، ولما استعارها منه أو أراد أن يستعيرها منه ظن، وهذا من موقف ضعفه هو تجاه موقف النبي القوي، ظن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيأخذها رغم أنفه، ولذلك قال له: أغصباً

ص: 32

يا محمد أم عارية مؤداة؟ قال: لا، بل عارية مؤداة. فانظر الفرق بين مثل هاتين الحادثتين وغيرهما مما يستدلون بذلك، فالفرق كبير وكبير جداً، كل الحوادث وقد استحضرت لكم بعضها تدل دلالة صريحة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما استعان كان في موقف القوة والقدرة والتغلب على من استعان بهم لو أرادوا به عليه السلام مكراً كان هو الأقوى، فهو كان مع صاحبه أبي بكر لو أراد مثلاً ذلك الدليل المرشد على الطريق بين مكة والمدينة لو أراد بهما غدراً لاستطاع أن يتغلب عليه، صفوان بن أمية أيضاً شعر بضعفه ولذلك قال له: تغصبها مني غصب أم هي عارية مؤداة؟ قال له عليه السلام وهو كما قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]: بل عارية مؤداة.

كذلك لما حالف مثلاً في بعض الحوادث طائفة من اليهود حالفهم وهو القوي بدليل أنهم لما أرادوا الغدر به قاتلهم وانتصر عليهم كما هو معروف في السيرة النبوية، فأين هذه الجزئيات من هذه المصيبة الكبرى التي ألمت بنا في هذا العصر حيث أن الدول الإسلامية كلها بما فيها العراق نفسها التي يخشاها الدول الإسلامية كلها لو اجتمعت قاطبة لم تستطيع -إلا أن يعودوا إلى الإسلام-، لن تستطيع أن يخرجوا الأمريكان والبريطانيين من البلاد الإسلامية، كيف يقاس هذا الواقع الأليم بتلك الجزئيات، مع منافاة هذا الواقع لقاعدة ينبغي أن لا ننساها:«إنا لا نستعين بمشرك» هذه هي القاعدة، فإذا اختلفت حادثة عن القاعدة يجب ضربها بهذه القاعدة ولا يجوز العكس وهو ضرب القاعدة بهذا الواقع لنحاول أن نسلكها وأن نسوغها بجزئيات ليست منافية لأصل الاستعانة

ص: 33

المنفية بالقاعدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعان تحقيقاً لمصلحة وأرجو الانتباه لما أقول: لمصلحة لا مفسدة فيها إطلاقاً، وأما واقعنا اليوم فأولاً المصلحة غير متحققة، وثانياً المفسدة متجسمة متحققة، وأكبر دليل ما بدأت النذر تنذر بشر مستطير من جهة انتشار الفساد، وانكشاف النساء بالعورات في كثير من البلاد السعودية التي احتلها الأمريكان، وليس يهمني أن نحتج ببعض الروايات والجزئيات، لأني حقيقة لا أثق بهذه الروايات سواء كانت لنا أو علينا، وإنما علينا أن نتثبت من حيث روايات الجزئيات، لكننا نعلم بالمشاهدة اليهود مثلاً حينما احتلوا فلسطين أشاعوا فيها الفساد والخلاعة والفسق والفجور .. إلخ، والذين يذهبون إلى البلاد الأوربيين والأمريكيين أيضاً يرون هناك الفسق والفجور علناً، فما الذي يمنع هؤلاء الكفار من أن ينشروا فسادهم في بلاد الإسلام وهم قد استدعوا إلى بلاد الإسلام ولم يفرضوا أنفسهم على بلاد الإسلام كما كان الشأن في الحرب الصليبية الأولى.

وأخيراً نقول: من عاقبة هذا الاستنصار هل هناك طريق لإخراج هؤلاء الكفار من بلاد الإسلام؟ إن قيل: نعم، هناك اتفاق مثلاً بين السعوديين وبين الأمريكيين والبريطانيين أنه نحن أتينا بكم باختيارنا، فإذا ما أمرناكم بالخروج من ديارنا وجب عليكم أن تأتمروا بأمرنا، هل هذا كلام يعقله من يعرف قوة هؤلاء الكفار وغدرهم ونكثهم بعهودهم ومعاهدهم من جهة، ومن جهة أخرى يعرف ضعف المسلمين وضعف الدول كلها، لذلك لا أجد فيما نسمع اليوم من حجج يريدون بها تبرير هذه المصيبة ما يجعلها جائزة إطلاقاً، بل هذه مصيبة كما قلت في

ص: 34

تضاعيف كلامي، لم يصب العالم الإسلامي بمثلها أبداً، وأرجو الله تبارك وتعالى أن ينجينا منها بمعجزة من عنده، وإلا فالمسلمون أعجز من أن يصدوا اليهود من بلاد المسلمين وهم الذين كانوا يقال عنهم: شرذمة من اليهود الأذلة، فكيف نستطيع أن نرد الأمريكان والبريطان والفرنسيين وغيرهم ممن تكالبوا على المسلمين، وبطلب من دولة مسلمة، كنا نرجو أن تكون في مقدمة الدول الإسلامية التي ترفض الاستعانة بالمشركين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

(الهدى والنور / 452/ 44: 00: 00)

السؤال: في هذه الظروف، ما هو موقف المسلم في شتى أنحاء البلاد الإسلامية من طلب العراق مثلاً مجاهدة هؤلاء الكفار واعتبار أن هذا جهاداً إسلامياً كما نسمع بغض النظر عن حقيقة ما نسمع، إنما يقولون: جهاد إسلامي واستنفار إسلامي لقتال هؤلاء الكفار الذين يعتبرهم كثير من المسلمين محتلين وليسوا مساعدين أو مساندين لكف أذى العراق؟

الشيخ: نحن سئلنا هذا السؤال مراراً وتكراراً، وجوابنا باختصار كما يلي:

أولاً: ليس هناك راية تنادي بالجهاد في سبيل الله، وإنما هناك سياسة حكم جبري، يحب التسلط والتغلب، والعراق حينما استولى على الكويت ما استولى باسم الجهاد، فما بين عشية وضحاها بدأ يعلن الجهاد في سبيل الله، هذه كلمة سياسية يريد بها أيضاً من جانب آخر هو أن يستنصر بالبقية الباقية من المسلمين، وأكثرهم ضعفاء لا يعقلون، ولا يفكرون بعاقبة الأمور، فمجرد ما يسمع كثير من الناس كلمة الجهاد في سبيل الله خلاص نحن نريد نجاهد في سبيل الله، وهو في

ص: 35

الأمس القريب كان يسمع تكفير بعض الشيوخ لصدام ولحزبه، وإلى الآن نسمع تمجيداً بصدام وبدولته لأنها وقفت ضد السعودية وضد الأمريكان.

فنحن نرى أنه لا ينبغي للأفراد المسلمين أن يغتروا بإعلان الجهاد سواء من العراق أو من غير العراق، لأننا نقول: هلا كان هذا قبل هذا، ونزيد على ذلك ونقول: ليس المسلم فقط الذي إذا كان يريد أن يجاهد حقاً فعليه أن يستعد الاستعداد الكامل ليجاهد في سبيل الله، بل أولى منه الدول التي هي التي بإمكانها أن تستعد الاستعداد المادي السلاحي أكثر من الأفراد، وذلك بلا شك يستلزم تجنيد المسلمين وتهيئتهم للجهاد في سبيل الله قبل سنين طويلة، وليس في ليلة لا قمر فيها ينادى بالجهاد في سبيل الله فيثور الناس بعواطفهم ويريدون أن يجاهدوا في سبيل الله، ولو أرادوا الجهاد في سبيل الله لأعدوا له عدته.

ولذلك فنحن نعتقد جازمين أن العصر الآن عصر فتن بين الدول الإسلامية بعضها مع بعض من جهة، وبين بعضها وبعض الدول الكافرة من جهة أخرى، فليس زمن جهاد، وإنما هو زمن فتن، وحينئذٍ يرد هنا ما جاء في أكثر من حديث واحد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما تحدث عن بعض أشراط الساعة وذكر فيها أنه يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافراً .. إلخ الحديث، في بعضها يقول عليه السلام:(يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل) وفي بعضها: يأمر عليه الصلاة والسلام المسلمين أن يلزموا بيوتهم، وفي رواية عربية فصحى يقول: كونوا أحلاس بيوتكم.

لذلك نحن لا نرى اليوم أن ينضم مسلم لا إلى العراق ولا إلى من يعادي

ص: 36

العراق.

الكويتيين الآن الذين شكلوا مقاومة هناك فلا نرى أن ينضم المسلمون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء؛ لأن الجميع لا يقصدون الجهاد في سبيل الله، لكننا نقول شيئاً توضيحاً لإشكال عند بعض من الناس الذين لا يتصورون الواقع تصوراً كاملاً، فيقولون: إذاً: حينما تقول كما قال الرسول: كونوا أحلاس بيوتكم. إذاً: نخلي الأمريكان يقاتلوا إخواننا العراقيين ونحن ما نقاتل الأمريكان مع العراقيين؟

نقول لهم: يا إخواننا! لو كان الموضوع قتال يكون بين العراقيين والأمريكان فحينئذٍ يجب مساعدة العراقيين على الأمريكان وتصبح العراق في اعتقادي من حيث وجوب مساعدتها أفغان ثانية، لكن هذا فيما تصورنا إذا تصورنا أن القتال هو بين العراقيين والأمريكيين، أما والواقع ليس كذلك سيكون القتال أولاً نقول جملة عامة: سيكون بين العراق والأمريكيين ومعهم المسلمون، فليس القتال بين العراق والأمريكان فقط، بل بين العراق من جهة والأمريكيين والمسمين الذين معهم من جهة أخرى، هذا كلام مجمل، لكن إذا عرفنا سياسة الدول الكافرة وأنهم لا استعداد لهم أن يريقوا دم أحد من جنودهم ما دام أنهم يجدون جنوداً من المسلمين يقاتلون بهم المسلمين العراقيين، ولذلك فالواقع الذي يتصوره كل مسلم أن الكفار سيقودون كبش الفداء المسلمين من السعوديين والمصريين والدول الإسلامية الأخرى، وأي القسمين تغلب على الآخر فالأمريكان ومن معهم من الكفار هم فرحون، لأن المسلمين يقتل بعضهم بعضاً، فإذا لم يحصل

ص: 37

النصر من طريق تسليط الأمريكان للسعوديين والمصريين على العراقيين حينئذٍ يمكن أن يدخل الأمريكان فعلاً بالحرب تجاه العراق، في هذه الصورة فقط يمكن أن نقول يجب على المسلمين أن ينضموا إلى العراق، أما ما دام العراق سيقاتل المسلمين أيضاً مع الأمريكان فهنا نقول: اعتزلوا الفئتين والزموا بيوتكم، هذا جواب سؤالك هذا.

(الهدى والنور / 452/ 53: 24: 00)

السؤال: بعد الغزو العراقي للكويت فر كثير من سكان الكويت إلى السعودية هرباً من المعركة، فما حكم هذا الفرار هل يعتبر فرار من معركة أم ماذا؟

الشيخ: هذا لا يترتب وراءه شيء، لأنه ليس هناك جهاد في سبيل الله، فلو كان أعلن الجهاد في سبيل الله فلا يجوز الفرار، فحينئذٍ يكون من الكبائر، هذا فرار من القتل الذي ليس فراراً من الجهاد، واضح؟

مداخلة: واضح.

(الهدى والنور / 452/ 56: 33: 00)

السؤال: نسمع كثيراً من أهل السعودية وخطباء المساجد وبعض ممن نظن أنهم من أهل العلم يقولون بأنه لو حصل قتال من العراق التي ابتدأت القتال مع السعوديين، العراق يقولوا مع الأمريكيين هم يقولوا مع السعوديين طبعاً، لو أن العراق ابتدأ هذه المعركة فيكون القتال مع السعوديين على العراقيين هو جهاد في سبيل الله، ومن مات في هذه المعركة مات شهيداً، فما هو تعليقكم على مثل

ص: 38

هذا القول بارك الله فيك؟

الشيخ: نحن في اعتقادي سبق الجواب عن هذا، ليس الآن هناك جهاد، وليس دولة تعلن الجهاد في سبيل الله، وإنما هناك دولة تدافع عن أرضها، وهذا الدفاع جائز لكن دون ارتكاب مخالفات للشرع، أما أن يقال بأنه جهاد وأنه من مات في هذا الجهاد فهو شهيد لا نعتقد ذلك، فلو أن الكويتيين كانوا أهل شوكة وقوة ومنعة وعندهم استعداد للجهاد في سبيل الله فوقفوا وجهاً لوجه ولم يفر المسؤولون الكبار وتركوا الصغار تحت ضرب المدافع وو .. إلخ، لو أن الدولة الكويتية أو غيرها وقفوا أمام المعتدي وقصدوا بذلك الدفاع عن حقهم وبلادهم فحينئذٍ إذا مات أحدهم وهو حسن النية في هذه الظروف وفي هذه الشروط يمكن أن يقال: يموت شهيداً في سبيل الله، أما وسبيل الله الآن لا أحد ينشده ولا أحد يذكره وإنما سبيل الدفاع عن الوطن حتى السعوديين أصبحوا يرددوا كلمة الوطن كسائر البلاد العربية الأخرى التي تدعو إلى القومية العربية، أما الجهاد في سبيل الله أما القتال في سبيل الله فقد أصبح نسياً منسياً، ليس عملياً فقط بل وحتى لفظياً.

فإذاً: الجواب أنه لم يعلن الجهاد مع الأسف من أي جهة من الجهات، لكن إذا اعتدت دولة على أخرى ودافعت الدولة المظلومة فما قتل فيها يكون سبيلها الجنة ولا شك، لكن بقصد الانتصار لله عز وجل ولدينه.

(الهدى والنور / 452/ 40: 34: 00)

السؤال: حول الظروف الأخيرة الحالية، بالنسبة للعراق تكالب الناس والدول

ص: 39

العالمية والكافرة على العراق وقد مضى حديث في صحيح الإمام مسلم في باب من أشراط الساعة: «يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم دينار ولا قفيز، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من العجم يمنعون ذلك .. » إلخ الحديث، هل هذه الحادثة هذه أما وقد اجتمعت كل الدول تقريباً في العالم على ألا يجبى إلى العراق شيء، هل تكون الحادثة والله أعلم هذه كما حسب اطلاعاتك الكثيرة على مثل هذا؟

الشيخ: لا، ليس للحديث علاقة بواقعنا، هذه قضية مضى زمنها من زمان كثير، هي لها علاقة بموضوع أن العراق ستفتح كما كانت قبل الإسلام كانت بيد الفرس كما تعلمون جميعاً، ففي هذا الحديث بشارة إلى أن العراق ستفتح وإلى أن الشام أيضاً ستفتح، ثم بسبب سيطرة الإسلام عليها سيجبى إليها الجزية من البلاد الكافرة المحيطة بها، ثم يمنع هذا الشيء من الوصول إلى العراق وإلى الشام بحالة من حالتين: إما أن البلاد التي كانت تدفع الجزية للدولة المسلمة التي سيطرت على الشام وعلى العراق تصبح مسلمة وحينذاك فلا جزية على المسلمين، شأنها شأن العراق والشام بعد أن أسلمت، وإما أن تستعصي هذه الدول الكافرة التي كانت تدفع الجزية عن يد وهم صاغرون بسبب ضعف يلم بالدولة الإسلامية، وهذا فعلاً وقع منذ قديم من الزمان، واستمر إلى هذا الزمان، فالبلاد الأوروبية قسم كبير منها كانت تدفع الجزية للخلافة العباسية والخلافة الأموية وغيرها، والتفاصيل في بطون كتب التاريخ، ولكن كلما تأخر الزمن وضعفت شوكة المسلمين كلما استأسد الكفار ومنعوا ما كانوا يدفعونه من قبل من الجزية للمسلمين.

ص: 40

فهذا الأمر وقع وانتهى كما ذكر ذلك الإمام النووي في شرحه لمسلم، فليس له علاقة بما نحن فيه في هذا الزمان، ثم ما الفرق حينئذٍ لو أردنا أن نقول إن هذا الحديث هذا زمانه، فنحن نرى الفرق واضحاً جداً بين العراق التي حوصرت اقتصادياً من هؤلاء الكفار وبين سوريا، مع أن سوريا مثل العراق من حيث أن كلاً منهما يتعصب لحزب البعث، بينما ذكر في الحديث العراق والشام أيضاً، فما يجوز أن نطبق الحديث نصفه لأنه طابق الواقع الآن والنصف الثاني لم يطابق، مع أنه قد صح فيما سبق بالنسبة للشام وبالنسبة للعراق.

(الهدى والنور / 452/ 48: 37: 00)

السؤال: عن حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها) هل هو كذلك في هذا الزمان أم هو في شكل عام؟

الشيخ: لا، هو قبل هذا الزمان، لكن الآن تجلى بشكل أوضح، لأن الاستعمار الذي سيطر على البلاد الإسلامية هو التداعي المذكور في الحديث، أما الآن فهذه ثمرة لذاك التداعي، لأنه تداعي الكفار هو من أجل الاستعمار، أما الآن فمن أجل تحقيق طلب نصرة المسلمين مع الأسف الشديد.

(الهدى والنور / 452/ 11: 42: 00)

السؤال: تعلمون العراق وفكره المنزلق ومحاربته للدعوة الإسلامية وللدعاة كما أنا عايشته هناك، فالإخوة هناك بعضهم في السعودية يقولون: نحن ننتمي إلى السعوديين في مقاتلة العراقيين من أجل دفع الشر العريض الذي يتمثل به

ص: 41

العراقيين، ألا وهو حزب البعث ومناصرته لأهل الشرك من القبورية والشيعة وما أشبه ذلك، فلو قدر الله عز وجل أن حكم العراق هذه الجزيرة لانتشر الشرك في الحرمين وانتشر في كل مكان في الجزيرة، ثم هم أحد أصحاب المذاهب المنزلقة فكرياً جداً كما هو موجود في العراق أن تكون موجودة في المملكة، فيقولون: نحن ننتمي إلى السعوديين نحارب معهم من أجل دفع ذلك الشر، وإن كان فيه في المملكة شر إلا أنه أهون من شر العراق، ولعل لا أدري تتنزل القاعدة المذكورة القاعدة الأصولية: جلب أخف الضررين لدفع أعلاهما.

الشيخ: هذا سبق الكلام عليه.

السائل: يتنزل القاعدة.

الشيخ: ما سبق الكلام عليه دفع الشر الأكبر بالشر الأصغر، هذا هو.

السائل: لا، المغزى من ذلك يا شيخ هل ينتمي الواحد بهذا الاستدلال ينتمي للجيش السعودي؟

الشيخ: انظر أنا سأقول شيء، أما هذا فقد سبق الجواب عليه، لكن تصور الموضوع كما حكيت ولا أقول كما قلت ليس بصحيح، أولاً: حزب البعث في العراق أو في سوريا لا يمثل كلاً من الشعبين السوري أو العراقي، وأظنك معنا في هذا، إنما يمثل نفسه ومن معه من أهل الأهواء والأغراض الشخصية المادية، أما عامة المسلمين في كل من الدولتين فهم ضد الحكومتين البعثيتين، هذه حقيقة لا يناقش فيها أحد إطلاقاً، وإذا كان الأمر كذلك فهنا يجب أن نفرق بين

ص: 42

الاستعمارين لو وقع الآخر كما وقع الأول، الاستعمار الأول الذي وقع هو الاستعمار الصليبي كما شرحنا آنفاً، وبينا بطلان الأدلة أو الاستدلال بتلك الأدلة على تسويغ هذا الاستنصار بهؤلاء الكفار، حينما يستولي الأمريكان والبريطان على بعض البلاد العربية كالسعودية لا يعني أن الحكومة الأمريكية هي التي استولت، وإنما يعني أن الشعب الأمريكي بحكومته هو الذي استولى، وعلى ذلك فقس أي دولة أخرى، أما لو استولى لا سمح الله العراق على البلاد السعودية فلا يعني ذلك أن حزب البعث بشعب العراق استولى على السعودية، وإنما حزب البعث الذي لا يمثل الشعب العراقي هو الذي استولى.

ولذلك نحن لو أردنا أن نأخذ بأخف الشرين لا شك أن شر استيلاء حكومة البعث التي لا تمثل الشعب المسلم شرها أقل من شر استيلاء الحكومة الصليبية التي تمثل الكافر، وتمثل الكفر، وهذا واضح جداً، فالشعب الأمريكي مع دولته في صليبيته أما الشعب العراقي والسوري ليس مع دولته في بعثيته، افترق الأمران تماماً، هذا من جهة.

من جهة أخرى الأمريكان والبريطان أكثر عدداً وُعدداً من العراقيين ولا شك، فلو استولى العراق على السعوديين فمن الممكن يوماً ما أن يتقوى السعوديون ومن يناصرهم في دينهم وتوحديهم على الحكم البعثي لأنه لا يمثل الشعب العراقي، أما أن يستطيع يوماً ما أن يتغلب على الحكم الأمريكي والبريطاني الذي يمثل الشعبين في دينهم وفي شركهم وكفرهم فهذا أصعب بكثير من الانتصار الأول على دولة العراق البعثية التي لا تمثل الشعب العراقي المسلم.

ص: 43

لذلك فأنا أرى أن ما حكيته من ادعاء أننا ننضم إلى السعوديين كما عبرت أنا لدفع الشر الأكبر بالشر الأصغر هذا أولاً فيه أقل ما يقال عدم تفكير دقيق لتقدير المفسدتين، مفسدة احتلال الصليبيين للبلاد الإسلامية ومفسدة احتلال حزب البعث للبلاد الإسلامية، هذا شيء، وشيء آخر لابد من إعادة التفكير به، العراق ما اعتدى على السعوديين، فلو اعتدى ممكن أن يقال، وأنا أقول في كثير من الأحيان إن القاعدة التي ذكرت أنت أخيراً وذكرتها أنا من قبل وهي كلها تلتقي بدفع المفسدة الكبرى بالصغرى أو دفع الشر الأكبر بالشر الأصغر هو مأخوذ من قوله تعالى:{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، وذلك يعني حينما يقع الإنسان في المشكلة فلابد له من أن يرتكب أخف الضررين، وكل ما في الأمر بالنسبة للسعودية أنها خشيت أن يصيبها ما أصاب جارتها الكويت، فاستعانت، ما فيه مانع أن تستعين بالدول العربية، أما أن تستعين بالدول الكافرة والتي لا سبيل إلى إخراجها إلا أن يشاء الله بمعجزة من عنده تبارك وتعالى لأننا ما استطعنا أن نخرج اليهود وقد مضى عليهم هذه السنين، ونصيح من كل الدول العربية وأولها العراق أنه نحن نريد أن نخرج اليهود من فلسطين، ثم لا نسمع إلا كما قيل: أسمع جعجعة ولا أرى طحنا.

فلهذا أعتقد أن تسويغ الوقوف بجانب القتال مع السعوديين للعراقيين مع مخالفته لقوله عليه السلام في زمن الفتن: «كونوا أحلاس بيوتكم» لا نراه تسويغاً مقبولاً، ولعلنا جميعاً من الحاضرين نتذكر بأنه لما وقع القتال بين علي ومعاوية وشتان بين هذا القتال وبين ما قد يقع اليوم من حيث أن قصد من كل من الفئتين

ص: 44

يومئذٍ هو الانتصار لدين الله عز وجل، أما اليوم فلا شيء من ذلك سوى الحرص على المحافظة على ثروة البلاد وأراضيها، ومع ذلك فنعلم جميعاً بأنه قد وجد في زمن القتال بين علي ومعاوية ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتزلوا الفريقين، لماذا؟ لأنها معركة بين المسلمين يقاتل بعضهم بعضاً، وأحد هؤلاء الأصحاب كان معتزلاً وما انضم إلى جيش علي إلا حينما قتل عمار بن ياسر، لأن هذا الصحابي المعتزل للفريقين كان قد سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله:«ويح عمار تقتله الفئة الباغية» فلما وقع عمار قتيلاً من جيش معاوية حينئذٍ رأى البرهان الساطع فانضم إلى علي، أما من قبل كيف أنا أقاتل مسلمين مع علي؟

إلى هنا كان خوف السلف من أن يدخلوا في معارك تقع بين مسلمين، وخاصة إذا كان الأمر كما هو اليوم ليس قتالاً في سبيل الله، وإنما هو في سبيل الانتصار للمادة وليس للدين.

(الهدى والنور / 452/ 01: 43: 00)

السؤال: هناك بعض الإخوة ممن ينتمون إلى أهل الكتاب والسنة يرون في الأحداث الأخيرة هي فرصة لإنشاء دولة مسلمة ليس انتصاراً لحاكم الكويت، إنما إنشاء دولة مسلمة في الكويت، وهم ممن يحسن الظن بهم، فهنا هل يجوز قتال العراقيين لإخراجهم من الكويت ولإنشاء دولة إسلامية على منهج السلف الصالح، هل يجوز هذا مثلاً أو هل يجوز لهم ذلك؟

الشيخ: لا نزال نعيش في الأحلام، هل أعدو العدة؟

ص: 45

السائل: لا أدري.

الشيخ: ما تدري، الله المستعان! يا أخي هؤلاء الآن فكروا أم قبل الآن؟ هذا سؤال، ثانياً: قبل الآن كانوا يسطيعوا وما فعلوا والآن استطاعوا وأرادوا أن يفعلوا؟

السائل: الآن أقل استطاعة والله أعلم.

الشيخ: فإذاً: كيف يفكرون، الله المستعان يا أخي! يا أخي الدهر هذا أمر عجيب جداً! ! قد ذكرت لبعض إخواننا أنه في بعض الأحاديث أنه في زمن الفتن يكون رجال لا عقول لهم أو عقولهم هباء يحسبون أو يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء، وهذا نحن نعني من؟ أمثالنا نحن الملتزمين، أما الآخرين فحدث عنهم ولا حرج، مثلما يقول المثل السوري:«عصاي بتطرهم وعصاي تجمعهم» . أما أمثالنا نحن الملتزمين بالشرع بسبب أننا لا نحسن معالجة الأمور على ضوء الكتاب والسنة لجهلنا بهما أولاً وعلى ضوء معرفتنا للواقع ثانياً تأخذنا العواطف مرة مع هؤلاء ومرة مع هؤلاء، فهؤلاء الذين أشرت إليهم يا أخي من قبل أين كان هؤلاء؟ كانوا يعيشون في دول قد أخذت بخوانيقهم لا يستطيعون أن يميلوا يميناً ولا يساراً، ما الذي جد الآن حتى فكروا أن يقيموا دولة مسلمة؟

أمير في الكويت يدفع المليارات كما نقرأ في الأخبار أو الجرائد في سبيل أن يعود إلى عرشه إلى ملكه، ترى إذا ما سمع بأنه هناك شبيبة ناشئة متحمسة

ص: 46

للإسلام يريدون أن يقيموا دولة الإسلام مكان دولة الأمراء هؤلاء، هؤلاء سيكون هم أول من يحاربهم، ليس فقط الأمريكان والبريطان والعراق وكل الدول العربية سيكونوا عليهم، الآن والله أعلم وأتعجب الناس كيف يفكرون! الشلة هذه والثلة القليلة إذا أعلنوها صريحة ستكون دول المسلمين والكفار أجمعين ضدهم، فكيف يفكر هؤلاء بإقامة دولة مسلمة؟ هذا كله لأنهم ما عرفوا هدي الرسول في إقامة الدولة، ونحن نلخص هديه في كلمتين: التصفية والتربية.

وأخيراً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] فنسأل الله عز وجل أن يعصمنا من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.

(الهدى والنور / 452/ 03: 56: 00)

السؤال: هل تجوز طاعة ولي الأمر في قتال العراقيين -بالنسبة للسعوديين- أم ماذا يعمل الجندي، ما المطلوب؟

الشيخ: الجندي إما أن يكون متطوعاً وإما أن يكون مكرهاً، فإذا كان متطوعاً فظني أنكم أخذتم الجواب، أما إن كان مكرهاً فينبغي أن لا يوجه رصاصة إلى صدر مسلم وإنما إلى الكافرين.

هذا ما قبل الأخير، والأخير ما هو.

(الهدى والنور / 452/ 44: 00: 01)

السؤال: الأخير ما جاء في الصحيح صحيح الإمام مسلم، كنت قد قرأت

ص: 47

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: الفتنة هاهنا، وأشار حيث يطلع قرن الشيطان. وأظن أنها جهة المشرق.

الشيخ: أظن ماذا؟

السائل: جهة المشرق.

الشيخ: مكة تقول.

السائل: لا.

الشيخ: جدة.

السائل: من جهة المشرق.

الشيخ: المشرق نعم.

السائل: يعني: يقول الفتنة هاهنا وأشار إلى المشرق، يعني: هذه الأحداث نعيشها كأنها فتنة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، وهل الاستنتاج بدنو أقول: مجيء المهدي المنتظر وتكالب القوى الكافرة مع القوى العربية من السعودية والعراقية والإيرانية وحدث، وكلها تجتمع وتغزو الكعبة لوجود مثل هذا الرجل فيها، أم أن هناك أمور أخرى قد تحدث؟

الشيخ: لا، هذه ليس لها علاقة بما جاء، حديث:«ألا إن الفتة هاهنا .. إلخ» وأشار إلى المشرق، فلا شك أن المراد بها العراق، وهي أيضاً المراد بالحديث المعروف في صحيح البخاري: اللهم بارك في شامنا، اللهم بارك في يمننا،

ص: 48

وأعادها ثلاثاً، ثم قال قائل: وفي نجدنا يا رسول الله، قال: هناك الزلازل والفتن، وهناك يخرج قرن الشيطان. فنجد المذكورة في هذا الحديث يتوهم كثير من الناس أن المقصود بها هي البلاد النجدية السعودية، وهذا خطأ فاحش بالنسبة للروايات الحديثية التي تصرح بأن المقصود بها هي العراق، ذلك أنه يوجد هناك رواية أخرى في هذا الحديث الذي أوله: اللهم بارك لنا في شامنا .. قالوا: وفي عراقنا، رواية مفسرة للفظة الأولى وهي: وفي نجدنا. ذلك لأن نجداً في اللغة العربية هو كل مكان مرتفع بالنسبة للمكان المنخفض، فالعراق بالنسبة للمدينة هو نجد، يعني: مكان مرتفع، هذه الرواية الأولى التي لا تسمح لنا بأن نفسر قول السائل: وفي نجدنا بنجد المعروفة اليوم، وإنما النجد هنا هي العراق.

رواية أخرى في صحيح مسلم أن رجلاً سأل ابن عمر عن ذباب يقع على ثوبه، فهل يتنجس؟ فقال: يا معشر أهل العراق! ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:«ألا إن الفتنة هاهنا، ألا إن الفتنة هاهنا ألا إن الفتنة هاهنا يومئ بيده إلى العراق» فالصحيح أن هذه الأحاديث هي تنصب على العراق، ولكن ذلك لا يصدق عليها أبد الدهر، يعني: دائماً وأبداً، وإنما إذا قامت فتنة هناك فلا شك أنها من عموم هذا الحديث، ويمكن والحالة هذه أن ندخل فتنة اعتداء العراق على الكويت هو أو هي من الفتن التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الأحاديث الصحيحة، وختاماً هذا يذكرني بما كنت ذكرته في بعض أجوبتي أنني أقول: إن جلب السعوديين والحق أحق أن يقال: جلب السعوديين أو الحكومة السعودية للصليبيين إلى بلادهم وباختيارهم هو

ص: 49

شر أكبر من اعتداء العراقيين على الكويت، هذا قلته أكثر من مرة، والآن أختم هذه الجلسة بهذه الكلمة، فأقول: إن جلب السعوديين أو الحكومة السعودية؛ لأني سأقول كلمة مضطراً إليها مع الأسف بياناً للحقيقة، كما أن حزب البعث العراقي لا يمثل الشعب العراقي كذلك الدولة السعودية لا تمثل الشعب السعودي بمن فيهم من أهل العلم والفضل والصلاح والتقوى، فسياسة الدول أو الحكومات العربية اليوم لا تلتقي مع رغبات الشعوب المسلمة، وخذ مثالاً لا يختلف فيه مشايخ السعودية اليوم: انتشار التماثيل والصور في الدوائر الحكومية التي هذا الانتشار الذي ينافي دعوة التوحيد، وينافي ما كان يقوله ولا يزال يقوله رجال التوحيد، فهذا كله يمثل أن الدولة في كل الشعوب الإسلامية لا تمثل شعوبها، وعلى ذلك فأنا أقول: إن استجلاب الحكومة السعودية للحكومات الصليبية مع أنه لم يصدر من الشعب السعودي وإنما صدر من الدولة السعودية فهو شر من استيلاء العراق على الكويت وأيضاً هذا الاستيلاء لم يكن من الشعب وإنما

من الدولة التي لا تمثل الشعب، انظروا الآن كيف: الشعوب في ناحية والدول في ناحية أخرى، لكن مع هذا أقول: مع أن جلب الصليبيين إلى البلاد السعودية شر من اعتداء حزب البعث على الكويت فهذا الاعتداء من ثماره ذلك الجلب، أي: اعتداء الحكومة العراقية على الكويت هي السبب في جلب هذه المصيبة الكبرى، وهي الاستعانة بالكفار وجلبهم إلى بلاد الإسلام، وكنت أقرب هذه الحقيقة بمثل عربي قديم، قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني.

ص: 50

(الهدى والنور / 452/ 29: 01: 01)

السؤال: بالنسبة هل يجوز للسعودي أو من ينطوي مع السعودي من المنتمين معه أن في القتال أن يقتلوا الأمريكي أو يكون معاهد في منزلة المعاهد لا يجوز قتله؟

الشيخ: كيف لأن هذه ضيعت الموضع قليل، حدد كلامك.

السائل: هل يجوز للسعودي أو من ينضم معه من المسلمين المصري والسوري وغيره أن يشهروا سلاحهم لقتل الكفار من الأمريكان؟

الشيخ: غدراً أم إعلاناً؟

السائل: غدراً، لأن إعلاناً ما يمكن.

الشيخ: لا ما يجوز، ما يجوز.

السائل: لأنه معاهد على أساس يا شيخ؟

الشيخ: أي نعم.

السائل: حتى ولو كان أثناء المعركة

الشيخ: ما يجوز، لذلك أقول: غدراً أم إعلاناً.

السائل: بالنسبة

الشيخ: لا، لأن هذا ما يعطي نصر، يقتل خمسة عشرة عشرين مائة ألف ألوف هل هذا يخرجهم من بلاد الإسلام؟

ص: 51

بالعكس سوف يعيد التاريخ نفسه كما يقال الانتفاضة الفلسطينية يقتلون يهودياً فيقتل مقابلة خمسة، عشرة، من المسلمين، تقريباً، فهذا إن غدر بأمريكي واحد فسيقتل مسلمون بالعشرات وبالمئات، فلا يجوز.

(الهدى والنور / 452/ 58: 09: 01)

السؤال: بالنسبة هل يجوز لعالم بارز موجود في السعودية أن يلجأ إلى أن يفتي بخلاف ما يعتقد، خشية وقوع فتنة ما؛ لأنه لو أفتى بخلاف ما تبنته حكومة المملكة لوقعت فتنة بين الحكومة وبين أهل الدين، وقد ينطفئ نور الدعوة بسبب هذه الفتنة، فيلجأ إلى الفتوى بخلاف ما يعتقد.

الشيخ: الله أعلم، هو واجتهاده، هذه مسائل شخصية لا يمكن أن تنضبط بقواعد، لأنه كما تعلم قوله عليه السلام:«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده .. إلخ» حتى يقول: فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. كذلك كما فعلوا اليوم في ما كنا في صدده سوغوا وجوزوا هذه الفتنة الكبرى بظنهم دفعاً للمفسدة التي هي أكبر منها، فأنت عدت الآن إلى نفس السؤال، لكن مصغراً، البحث كان في دولة مع دولة، الآن فرد مع دولة، الجواب هو نفسه، وهو أنه تقديره بوقوع الفتنة الكبرى يا ترى مصيب أم مخطئ، نحن نقول: الرسول عليه السلام أن الرسول عليه السلام نهى عن الخروج على الحاكم المسلم لكنه أباح الخروج إذا رأوا كفراً صريحاً بواحاً، فإذا لم يكن ذلك لا يجوز الخروج، لكن هل معنى ذلك أنه لا يجوز طلب الحق، إذاً مات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وماذا نفعل حينذاك بقوله عليه السلام: أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر، فإذا قلنا: إن

ص: 52

فلان أفتى بخلاف ما يعتقد خشية أن تقع فتنة أكبر من هذه الفتنة هذا يعود بينه وبين ربه، يا ترى تصوره كان أولاً صحيحاً، وثانياً: لم يكن هناك للنفس هوى، فهذا بينه وبين ربه، أما أنا أقول: إن هذا التصور خيالي كما شرحناه آنفاً، بالنسبة لتصور الدولة السعودية أنه جلب الصليبيين إلى بلاد المسلمين والذين لا يمكن إخراجهم إلا بجهد أكبر مما لو استولى العراقيين عليهم، هذه هي، لكن أنت بارك الله فيك زورت المثال، وهو جزء مما سبق من الكلام، ولا يختلف الأمر أبداً.

(انقطاع)

الشيخ: أنه سيصبح الأمر هناك كما هو الشأن في الانتفاضة، يقتل كافر فيقتل مقابله عشرات المسلمين، سمعت هذا الكلام؟

مداخلة:

الشيخ: قلنا هذا، وقلت أنا بعبارة: يقتل يهودي فيقتل مقابله عشرة هو شو قال: مائة، شايف فأنا ما حبيت ذلك، قلت أنا: يقابل قتل المسلمين لرجل من اليهود يقتل من المسلمين عشرة، فهو ثنى علي وقال: لا، بل ومائة، أين كنت أنت؟ فالآن تصور أنك أنت في الجيش السعودي، هذا الذي يقاتل مع الأمريكان ضد المسلمين العراقيين .. إلخ، فأنت قتلت أمريكي أمامك، أما إذا كان وراءك فانكشفت، لكن أنت لن تنكشف فيما بعد؟

مداخلة: سأنكشف.

ص: 53

الشيخ: فستقتل أنت وناس معك آخرون، فلذلك الإنسان لابد يكون يفكر تفكير صحيح لمعاجلة الأمور التي هي غير طبيعية، لذلك قلت: غدراً أم علناً، علناً يجب الحقيقة لكن مع الأسف:

ولو ناديت أسمعت حياً

ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو ناراً نفخت بها أضاءت

ولكن أنت تنفخ في رماد

ينبغي على الشعوب المسلمة أنهم يثوروا على هؤلاء الأمريكيين والبريطانيين، لكن هل هناك شعوب تستطيع أن تثور:

ولو ناديت أسمعت حياً

ولكن لا حياة لمن تنادي

إخوة الإيمان والآن مع جلسة ثانية.

(الهدى والنور / 452/ 47: 11: 01)

السؤال: نأمل من شيخنا أن يتفضل علينا بالإجابة على سؤال يطرحه بعض إخوتنا من طلبة العلم، وهو: لو تصورتم أنكم تعيشون في هذه الأحوال في السعودية، وحالكم كحال ابن باز مثلاً، فهل ستتغير فتواكم عما هي عليه الآن بالنسبة لوجود الأجانب في أراضي الحجاز وجزاكم الله خير؟

الشيخ: لا يكون هذا السؤال من وحي الساعة، الأرض مسكونة يعني، الحقيقة أن مثل هذا السؤال ورد علي في بعض المجالس منذ بعض الأسابيع، لأننا كنا في جلسة وكان الحاضرون فيها مع الأسف إذا صح التعبير لغة متعرقين، وجرى نقاش كثير لنقنعهم من الناحية الشرعية أن استحلال صدام حسين

ص: 54

للكويت ليس مشروعاً، وجرى بحث طويل في هذا الصدد، وكان مما جاء في كلامي أنني قلت: إن هذا الاعتداء السيء والمخالف للشرع كان من آثاره فتن ومفاسد كثيرة وكثيرة جداً، أنا أقدم الآن الخلاصة:

منها: أن الحكومة السعودية استنصرت بالكفار، وأن هذا الاستنصار المخالف للشرع هو من آثار ذلك الاعتداء الباغي من صدام على الكويت، ونزعت في تلك الجلسة إلى مثل عربي قديم وجميل ومناسب للتمثيل به ألا وهو قولهم: قال الحائط للوتد لم تشقني؟ قال: سل من يدقني.

فاستغرب بعض الحاضرين تصريحي بأن الدولة السعودية أخطأت وخالفت الصريح القاعدة الإسلامية التي وضعها الرسول عليه السلام، الذي كما وصفه الله في القرآن بقوله:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4] وليست قاعدة فقهية يمكن أن تكون قاعدة مذهبية عند بعضهم، ومخالفة لآخرين من الفقهاء، هذه القاعدة إنما هي من وضع الرسول عليه السلام وتشريعاً عن الله عز وجل، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح مسلم:«إنا لا نستعين بمشرك» وفي الحديث الآخر الذي رواه الحاكم في المستدرك بلفظ: «إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين» الشاهد بعد أن أفضت في بيان خطأ كل من الدولتين الدولة الباغية والدولة المخالفة لنص الحديث، بدى لأحدهم وصارحته فقال: هذا السؤال الذي سمعتموه آنفاً، يعني: أنت يا شيخ لو كنت في السعودية كنت تقول هذا الكلام؟

كأن الناس اليوم مع الأسف الشديد لم يبق عندهم حسن ظن بأهل العلم

ص: 55

وأنهم قد يوجد فيهم من يصدع بالحق لم يبق فيهم مثل هذا الظن، ولذلك كان هذا السؤال صادراً من مثل انتفاء هذا الظن، قال: فلو أنك كنت في السعودية هل كنت تجيب بهذا الجواب؟

قلت بكل صراحة وبكل بساطة: أنا والله لا أملك إلا نفسي، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ونسأل الله عز وجل أن لا يبتلينا، وإذا ابتلانا أن يصبرنا، فأنا لا أدري ولا أحكم بالغيب، لكن ظني أني لا أجد في نفسي حالياً ولا فيما مضى من بعض التجارب والبلاوى التي وقعت فيها ما أجد لا فيما مضى ولا فيما أنا فيه الآن ما يجعلني أتردد في الإجابة عن سؤالك أنني نعم سأقول ما تسمعه تماماً، والآن عفواً قبل الآن ذكرت في ذلك المجلس بأنني قد بليت بنحو هذا الذي تفترضه أنت فيما إذا ابتليت فماذا يكون موقفي؟

فقلت: بأن البعثيين هناك في سوريا استدعونا مرات وكرات واستنطاقات واستجوابات، كان منها في بعض الأيام أنني سألوني: ماذا تقول بالحكام القائمين الآن على الحكم، يعني: البعثيين من الحاكم الرئيس والوزراء ومن دونهم، فقلت في الجواب: لا أعرفهم، قال: طيب ماذا تقول في الحكم القائم الآن يعني: حكم البعث هل تؤيده؟ قلت: لا، قال: لماذا؟ قلت: لأنه مخالف للإسلام، ومن هناك إلى سجن يضرب به المثل هناك في الشام؛ لأنه ليس في سجن القلعة في نفس العاصمة، وإنما في حدود العراق في المنطقة اسمها الحسكة، وكان هذا السجن مما بناه وهو من مناقب عبد الناصر هذا الذي عرفتم

ص: 56

نفاقه وضرره في العالم الإسلامي، سجن يمكن يكون ارتفاع السقف نحو عشرة أمتار، وفي الشتاء البارد لا فيه تدفئة ولا فيه أي شيء، والنور معلق هناك في السقف فوق، وفي قصة لا أعيد الآن ذكرها لنعود إلى تمام الجواب عن هذا السؤال، فأنا قلت للسائل المشار إليه آنفاً، وأعلق الآن على هذا السؤال، أنه في ظني أنني لو استدعيت بعد هذا الجواب الصريح الذي أدين الله به أن الاستعانة بالكفار خاصة الأمريكيين والرضا بدخولهم بلاد الإسلام استنصاراً بهم على الباغي هذا مخالف للشرع، إذا فرضنا أنهم استدعوني واستجوبوني في المخابرات السعودية فأنا هذه زيادة الآن بمناسبة السؤال، أقول: فأنا لا أظن في المخابرات السعوديين إلا إن لم يكونوا خيراً من المخابرات السوريين فلا أقل أنهم سوف لا يكونون شراً منهم، وإذا كان الأمر كذلك فمما أخشى خاصة وقد قلت في تلك الجلسة وقد بلغت من الكبر عتياً، إذا كنت وأنا في عز الشباب أجبت الجواب الذي يخالف الحزب الكافر، وقلت: أنا لا أؤيده لأنه يخالف الإسلام، أترى المخابرات ماذا سيعملوا مع الشيبة؟ سيسجنوه في أكثر من ذلك، ما فيه أكثر من ذلك، فظني أن الجواب سيكون هذا الذي تسمعونه دائماً أبداً.

بعض الناس يقولوا: أما تخشى أن يكون جوابك هذا سبباً لمنعك من الحج والعمرة؟ فأنا أقول: الحمد لله حججنا أولاً حجة الإسلام، وحججنا نحو ثلاثين حجة تقرباً إلى الله، واعتمرنا ما شاء الله من العمر، وربما ما أدري أستطيع أني لو فتحت لي أبواب الحج والعمرة أستطيع بما بقي من قوة أن أعيدها، فإذا منعوني من الحج والعمرة أقول بلسان الحال ولا أقول بلسان القال: أنت مسكر وأنا

ص: 57

مبطل.

أخذت الجواب؟

السائل: نعم، لكن عندي ملحق، أرجو أن تجيبونا عليه: هل يصح أن يقال من باب حسن الظن بالشيخ ابن باز أنه أفتى ما أفتاه سداً لباب الفتنة أو عن دليل قام عنده فاقتنع به، وبخاصة أنه معروف بالعلم والتقوى ولا نزكي على الله؟

الشيخ: لا يمكن أن نقول في مثل الشيخ وأمثاله من الذين نشهد لهم أولاً بالعلم النافع وثانياً بالعمل الصالح إلا أن يكون أحد الأمرين، لا يمكن إلا أن يكون أحد الأمرين، لكن: أنا أرى أنه لا يمكن أن يكون هناك دليل صواب يسوغ هذا الواقع المؤلم وهو السماح لدخول الصليبيين بمختلف أجناسهم على كثرة عددهم وعُددهم لبلاد الإسلام، لا أقول بأرخص الأثمان بل بدون أي ثمن، بل بثمن يدفع لهم بدل أن يدفعوه هم، لا يمكن أن يوجد هناك دليل، ونحن سمعنا فيما قرأنا وفيما نمى إلينا أدلة يتكئون عليها ويعتمدون عليها، أنا أستغرب أن تصدر من بعض هؤلاء المشايخ، فيغلب على ظني أنها مفروضة عليهم أو ملصقة بهم، وهم لا يدينون الله بها، لأنها في الحقيقة طالب العلم الذي رزق شيء من الفقه الذي أشار إليه الرسول عليه السلام في الحديث المعروف:«من يرد الله به خيراً يفقه في الدين» لا يمكن أن يقول مثل هذا الاستدلال، مثلاً: بعضهم يأتي بدليل على هذا الواقع الأسيف أن الرسول عليه السلام استعان بدليل خريت خبير حينما هاجر من مكة إلى المدينة، ليدل الرسول وصاحبه على الطرق التي تضل المشركين عنهما، هذا دليل الرسول استعان بمشرك ليدله على

ص: 58

الطريق، وقس على ذلك سائر الأدلة كلها، والجامع في أنها لا تصلح دليلاً هو ما يأتي، وهو قولي: إن الحوادث الجزئية التي يستدل المسوغون لجلب الكفار الصليبيين إلى البلاد الإسلامية هي جزئيات كلها تدور حول استنصار الرسول القوي بالمشرك الضعيف بالنسبة إليه عليه السلام قوة مادية، الرسول أقوى في هذه القوة فضلاً عن القوة الإيمانية التي هي معلومة عند الكفار الذين استعان بهم الرسول عليه السلام في تلك الحوادث الجزئية، أما الأمر الآن فيختلف كل الاختلاف، إن الاستعانة بالأمريكان وحدهم إنما هو من باب استعانة الضعيف بالقوي، والذي وقع في تلك الجزئيات هو من باب استعانة القوي بالضعيف، فاستعانة القوي بالضعيف فيه مصلحة لا تقابل

بمفسدة فضلاً عن أن تقابل بمفاسد هي أكثر من تلك المصلحة، أما استعانة الضعيف بالقوي فكلها مفاسد، ولا مصلحة فيها إطلاقاً. فشتان بين المقيس والمقيس عليه، استعار الرسول عليه السلام أدرعاً من صفوان بن أمية، آه .. استعان بمشرك، سبحان الله! الرسول هو رئيس الدولة، ومعه أسود الوغى أبطال الدنيا كلها، ينصرونه .. يفدونه بكل نفيس لديهم، يستعير أدرعاً من كافر مشرك، ويخشى لضعفه ولاعتقاده بقوة من يريد أن يستعير منه وهو الرسول عليه الصلاة والسلام يخشى أن يأخذها منه غصباً رغم أنفه، ولذلك يقول: أغصباً يا رسول الله أم عارية مؤداة؟ يقول: لا، عارية مؤداة.

إذاً: إذا استعان الرسول بأدرع هذا المشرك القميء الذي لا قوة له ولا صولة له كيف يقاس على ذلك استعانة الضعيف هذه الدولة السعودية الضعيفة بالدولة الأمريكية القوية، وكيف ومعها بريطانيا وفرنسا .. وو إلخ، ثم ومنذ أيام قريبة

ص: 59

سألني سائل في الهاتف، والغريب أن السائل امرأة، وامرأة أشباه الرجال، تدافع عن هذا الاستنصار بالكفار، وتقول: هل في قدرة الدولة السعودية أن تجابه العراق، وعدد الدولة السعودية كذا مليون والعراق كذا ملايين؟

فأنا أجبتها بجواب طويل وخلاصته الآن، قلت لها: أرأيت أنه ممكن أن يكون في هؤلاء الأمريكان من جنود الأمريكان يهود، ما رأيك؟ أجابت بجواب سياسي، حتى أوحى إلي لعلها من المخابرات، قالت: محتمل، قلت لها: فقط محتمل ما فيه يهود إطلاقاً في الجيش الأمريكي، أمريكيين؟ قالت: محتمل، قلنا: نمشي معك، مع هذا الاحتمال لو أن هؤلاء اليهود وصلوا إلى خيبر وحنو إلى بلدهم الذي أخرجوا منه رغم أنوفهم في عهد عمر بن الخطاب واستعصوا به، وأنزلوا جنودهم وطياراتهم ودباباتهم .. إلخ، هل في استطاعة الدولة السعودية أن تخرجهم رغم أنوفهم؟ كان جوابها أيضاً جواب سياسي لكنه هزيل بالمرة، قالت: لا يوجد في الاتفاقية بين الدولة السعودية والدولة الأمريكية أن يجوز لهم أن يتعدوا الأماكن التي اتفق على نزولهم فيها.

قلت لها: سبحان الله! وهل لهؤلاء الكفار والمشركين عهد وذمة، ونحن نعلم جميعاً نقض الاتفاقات التي اتخذت بسبب استيلاء اليهود وظلم اليهود لإخواننا المسلمين في فلسطين ووقوف الأمريكان مع اليهود طيلة هذه السنين، ما اعتبرنا بهذه الحوادث في فلسطين حتى لا نزال بعهودهم ومواثيقهم، ومن الطرائف أنني قلت لها: أنتي من أين تتكلمين؟ قالت: من الأردن، قلت: أفهم أنك تجيبينني بأجوبة سياسية، قالت: لماذا؟ قال: الأردن فيها عمان وفيها كذا وكذا من البلاد

ص: 60

تعرفينها، فهذه تعمية، وأنا أعرف أنه الجواب الصريح هو الذي يغني السائل من أن يعيد السؤال بطريقة أخرى، فأنتي الآن أجبتيني بجواب مطاط .. الأردن، الآن أنا أضطر أقول: في أي بلاد من الأردن؟ قالت: أنا ما أتكلم بلغة السياسيين، طيب، في أي البلاد أنت من الأردن تتكلمين؟ قالت: من العاصمة، قلت: لا تزالين تتكلمين بالسياسة، العاصمة أيضاً فيها جهات شرقية وغربية وشمالية وجنوبية جبل الفلاني والجبل العلاني .. إلخ، فمن أيها أنت تتكلمين؟

لأنه هي أولاً شكت أنه كانت من جملة ما سألتني: ما رأيك في اعتداء صدام على الكويت؟ قلت: لا شك هذا بغي وجبت لها بالآية، وحطيتها أيضا تحت مواقع، مع الأسف أن السعودية التي كنا نظن فيها وكان أملنا فيها أنها هي التي تستطيع أن تحقق قوله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9]، لكن مع الأسف الشديد أن الدولة السعودية لم تكن عند حسن ظننا، لأنها لو أرادت أن تطبق هذا الحكم الشرعي فهي لا تستطيع أن تطبقه، لأنه يجب عليها أن تكون أقوى من العراق، ولأمر ما هي استعانت بالكفار، من هنا دخلنا بالموضوع، وقالت هي: السعودية تستطيع أن تقف ولذلك بررت الاستعانة وجرى ذلك الحديث.

المهم فكانت من جملة ما قدمت شكوى أنه الآن الكويتيين شردوا شذر مذر وأصابهم الفقر بعد ذاك الغنى وو

إلخ، وكأنها تكاد تبكي، وأشعر بأنها تتصنع.

ص: 61

فلما قالت لي: أنا في عمان، قلت لها: في أي عمان أنت يا أختي؟ ولعلنا نهتدي إلى مكانك ونتصل بك بواسطة زوجتي أو غير زوجتي حتى نساعدك إما مادياً وإما معنوياً، قالت: أنا الحمد الله من الناحية المادية مكفي.

طيب على كل حال فليكن من الناحية المعنوية، ما أعطتني المكان، وقالت: أنا حديثة عهد هنا في عمان لا أدري المنطقة التي هي نزلت، تصدقوا .. واحدة تهاجر تنزل في بلد ما تعرف المحلة التي نزلت فيها، يا كويتية يا عراقية، اللهجة تختلف علي فعلاً، لكن هي تظاهرت بأنها مظلومة وأنها كويتية .. إلخ.

فالشاهد أنا أجبت بجوابين لا يرضي الطرفين، وقد قلت لبعض السعوديين لما سألوني: ما رأيك ما يكون موقفنا؟ قلت له: أنا أمري عجب، إن تكلمنا ضد العراقيين قالوا: هذا سعودي، وإن تكلمنا ضد السعوديين لأنهم خالفوا الشرع في القضية، قالوا: هذا عراقي، (ولكن نحن ما يهمنا إلا أن نصدع بالحق، وربنا عز وجل هو الذي يعيننا وينصرنا).

خلاص الجواب على ملحقك.

(الهدى والنور / 453/ 27: 01: 00)

السؤال: هل الجهاد جائز مع صدام حسين أم لا؛ لأنه يعلن الجهاد،

الوقت عمله في الجهاد.

الشيخ: خلاص سألت.

مداخلة: نعم.

ص: 62

الشيخ: هذا الذي يسأل ماذا يساوي؟

مداخلة: مستمع.

الشيخ: مستمع، يا ترى! المسؤول يحق له أن يسأل؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: أنا أسألك، صدام يجاهد؟

مداخلة: لا ما يجاهد هو.

الشيخ: إذاً: كيف تجاهد مع من لا يجاهد.

مداخلة: في الوقت الحاضر هو على انتظار ..

الشيخ: ما جاوبتني، اتفقنا مثل ما أنت يجوز أنك تسألني، أنا يجوز أسألك.

مداخلة: لا حول ولا قوة إلا بالله.

الشيخ: دائماً حوقل لأنه كنز من كنوز الجنة أن تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لكن هذا بينك وبين ربك، ليس بينك وبيننا، فأنا سألتك وشكرتك في نفسي أنك أجبتني عليه، وهو سألتك: أن صدام يجاهد؟ قلت: لا، لكن ما عاملت السؤال الثاني الذي صدر مني معاملتك لسؤالي الأول، كان جوابك عن سؤالي الأول صريح ما فيه التواء، أما جوابك عن السؤال الثاني ما سمعته بعد، ما هو؟

مداخلة: فيما إذا صار.

ص: 63

الشيخ: طول بالك، السؤال الثاني كان: فكيف تريد أن تجاهد مع من لا يجاهد؟ هات الجواب باختصار.

مداخلة: نعم ما بيجاهد، لكن إذا تظاهر بالجهاد، وإذا أمر بالمستقبل الجهاد.

الشيخ: هذا فيما إذا جاهد، أنا أسألك: كيف تريد أن تجاهد مع من لا يجاهد؟ هل يصح؟

مداخلة: لا يصح مع من لا يجاهد، لكن في المستقبل يجاهد مثلاً إذا جاهد

الشيخ: الآن أنت في الأخير لجأت فيما لو جاهد، أنا أجاوبك على هذا، لكن تكون ظلمتني إذا ألجأتني أني أجاوبك على هذا السؤال وأنا أنتظر منك الجواب عن سؤالي، وهو: إذا كنت تعتقد أنه لا يجاهد فهل يجوز أنت أن تجاهد مع من لا يجاهد؟

مداخلة: لا يجوز.

الشيخ: خلاص، الآن أنا أجاوبك عن سؤالك، انظر كيف الإنصاف مليح.

مداخلة: نعم.

الشيخ: أقول: يوم يستعد صدام أو غير صدام، ولا تفرق بين صدام والسعودية حتى السورية البعثية فيما إذا أعلنت الجهاد واستعدت للجهاد في سبيل الله سواء كان صدام أو كان حافظ أو كان فهد أو أي دول عربية أخرى، إذا أعلنت الجهاد واستعدت للجهاد الاستعداد الشرعي حينئذٍ يجب على المسلمين أن يجاهدوا

ص: 64

مع هؤلاء المجاهدين، ما رأيك هذا الجواب صح أم لا؟

مداخلة: جواب صح، بس فيه ..

الشيخ: لا لا، ما فيه بس، صح أم لا؟

مداخلة: نعم صح، الجهاد ماضي إلى يوم القيامة.

الشيخ: أحسن جداً، نأتي نقول لك الآن: ما رأيك لما قام الجهاد في أفغانستان، هل جاهد المسلمون مع أفغانستان؟

مداخلة: نعم جاهدوا.

الشيخ: أين هم؟

مداخلة: هلا مع السعوديين مع الأمريكان.

الشيخ: الآن أنت وأمثالك لماذا متحمسين للجهاد مع من لا يجاهد؟

مداخلة: عفواً يا شيخ عفواً لا تسيء الظن بي، أنا مجرد سؤال شرعي فقط.

الشيخ: بس، ها ها ها طيب جاوبناك.

مداخلة:

سؤال شرعي أسأل فقط،

الشيخ: جاوبناك جاوبناك.

(الهدى والنور / 453/ 02: 15: 00)

السؤال:

فيه قوات سعودية

وفيه قوات عربية

يعني: فيما

الهجوم

ص: 65

للعراق إلى السعودية وإلى الكويت، فيه قوات عربية هي المقدمة

ما أقصد أي شيء يعني، حكم الشرع

الشيخ: أنا ما فهمت هذا السؤال.

السائل: السؤال أنه فيه قوات إسلامية في داخل السعودية مصرية سعودية مشكلة يعني، فإذا بدأت العراق بالهجوم وايش يكون هنا الحكم الشرعي

الشيخ: الحكم الشرعي ما يجوز للمسلم يقاتل أخاه المسلم إلا من كان باغياً فيقاتل كما في الآية السابقة، وأنت عارف بها، فما الذي أشكل عليك؟ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] هذه الآية هي جواب سؤالك.

السائل:

الشيخ: ما جاوبتني، أنت ما ذكرت الكفار ذكرت المسلمين.

السائل:

الشيخ: ولو مغير الجواب،

السائل:

نحرر فلسطين، فيها اليهود

فلسطين

ها القوات

العراقية قوات سعودية وعربية مشتركة،

الشيخ: هذا كله أخي أجيب عنه مراراً وتكراراً، وخلاصة الجواب سمعته،

ص: 66

لكن أنت ما أنت مستجمع أفكارك أقل ما يقال.

كيف كان سؤالك، لما أجاك الجواب على خلاف ما كنت تتصور، قلت: أن فيه أمريكان.

السائل: ....

الشيخ: بس أنت قلت فيه أمريكان من بعد ما أخذت الجواب.

السائل:

الشيخ: خلي بالك، لكل سؤال جواب، ولذلك لما قلت أنت: أنا أغير السؤال، أنا قلت لك: أغير الجواب، لكن ما هكذا يكون البحث يا أخي، تقدم السؤال مجموع من كل النواحي حتى تأخذ الجواب كذلك، أما تسألني سؤال وأجاوبك، آه هذا الجواب ما وصلك إلى العلة التي تريدها، تطور السؤال وأنا أطور أيضاً الجواب، وإلى متى ..... نغير ونبدل، ما تجي.

(الهدى والنور / 453/ 20: 19: 00)

السؤال: بعض الإخوة يقولون: لماذا لا يجتمع الشيخ ناصر بأهل العلم والفضل ممن هم على منهجنا في هذا البلد، ويخرجون للناس ببيان أو فتوى واحدة حول الأوضاع الراهنة، يعتمدها الإخوة وغيرهم وتكون حجة على الناس جميعاً، بدل من أن تخرج على الناس آراء فردية وبيانات غير موقعة بأسماء أصحابها، تدعي أنها هي المعتمدة لدى السلفيين ولا رأي هناك سواها؟

الشيخ: نعم، أما السؤال هذا يوجه إلي فأنا أقول: أعكس تصب، وجهه إلى

ص: 67

من تقول عنهم: إنهم علماء، ما رأيكم يا معشر العلماء بالألباني، هل هو عالم، هل هو طالب علم، هل يستحق الاجتماع به أم لا؟ فإن أجابوا بالإيجاب كما تظن أنت ومن معكم من الدراويش حولي إذا أجابوا نعم تقول لهم نفس السؤال هذا، ما رأيك؟

السائل: على الأقل ممن هم من الإخوة.

الشيخ: هو الذي أشرت أنت لهم، لأنه أخي الاجتهادات تختلف، فيه إنسان منهجه في الحياة ما فيه عنده سياسة يسميها غيره هذه السياسة الشرعية، فهو يرى: اصدع بما تؤمر وأعرض عن الجاهلين، غيره يرى خلاف ذلك أنه سدد وقارب، وعلى التعبير الشامي:(دقة على الحافر ودقة على النافر)، فحينئذٍ الأسلوب في الدعوة في السياسة متخلفة، ولذلك أنا شخصياً لا أندفع إلى أن أطلب الاجتماع مع هؤلاء العلماء وبخاصة إذا كان فيهم كل يوم وهو في وجه، اليوم يرفع من شأن فلان الذي كان قبل أيام يكفره، وبالعكس الذي كان قبل أيام يرجو أن يكون هو ناصر الإسلام وإذا هو صار عنده من الكفار، هؤلاء لا يمكن أن أجلس معهم وأتفاهم معهم، هات المثل الأسوأ، والمثل الأقرب أعطيتك الجواب، واضح؟

السائل: واضح، لكن أنا أقول ما فيه على الأقل بعض الإخوة القلائل، ليس شرط أن نكون متفقين في كل شيء أستاذنا، لكن في هذه النقطة لابد نجتمع ونخرج للناس ببيان على الأقل يفهمه الناس أن هذا رأي السلفيين.

الشيخ: أنا يا أخي تعرف في دمشق فضلاً عن هنا مثلما أقول دائماً: إذا واحد

ص: 68

يدعيني ما ألقى مدح. تعرف أم لا؟

لكن أنا ما عندي استعداد أن أطوف على الناس والعلماء لأني لست متخصص في هذا المجال، لكن أحقق قول الرسول عليه السلام الذي قيل ولو بغير المناسبة:(من دعي فليجب) فإذا دعيت على طعام فأنا أستجيب فوراً، وإذا دعيت إلى طعام معنوي أيضاً أستجيب فوراً، أما أنا حسين دعانا جزاه الله خير، لكن أنا ما أدعوه وأنا مقصر في هذا المجال، كذلك أنت وغيرك دعوني وما دعوتهم، لماذا؟ (ما بلقى مزح) من دعاني فأستجيب له، لكن كذلك من الناحية المعنوية ما عندي استعداد أني أعمل دعوة، لكن إذا أحد دعاني فسرعان ما أستجيب له، وأخيراً أقول لك ولأمثالك من المتحمسين: كونوا أنتم صلة الوصل.

السائل: ممكن يا أستاذ توضح.

الشيخ: وأنا حاضر أنا أقول، أنا أقول

السائل: جزاك الله خير.

الشيخ: وإياك، غيره. ما شاء الله الساعة عشرة ونصف، عندك شيء؟

(الهدى والنور / 453/ 27: 22: 00)

السؤال: هل يجوز بيع الأسلحة للعراق أو الكويت في مثل هذه الظروف؟

الشيخ: إذا كان يجوز أن تحمل السلاح فبعه.

السائل: يعني: ونحن في ظروف هذه الفتنة؟

ص: 69

الشيخ: سامحك الله ما أخذت الجواب؟

السائل: إذاً لا يجوز أن نحمل السلاح إذاً لا يجوز أن نبيعه.

(الهدى والنور / 453/ 17: 56: 00)

ص: 70