المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلمة حول إشاعة مفادها أن الشيخ زار العراقأثناء فتنة الخليج وحول فتنة الخليج بعامة - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ١١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌قضية حرب الخليج الثانية(العراق-الكويت)

- ‌مجالس حول فتنة الخليج

- ‌مجلس حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌مجلس آخر حول فتنة الخليج

- ‌كلمة حول إشاعة مفادها أن الشيخ زار العراقأثناء فتنة الخليج وحول فتنة الخليج بعامة

- ‌الجهاد في العراق

- ‌الجهاد في العراق

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌الجهاد في شمال العراق

- ‌حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌حول حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌حول كتاب يتكلم عنالاستعانة بالمشركين

- ‌حول حديث ثابت بن الحارث

- ‌حول حكم الاستعانة بالمشركين

- ‌متفرقات حولفتنة الخليج

- ‌اجتياح العراق للكويت

- ‌هل صدام كافر

- ‌حكم قتل الجندي العراقي في الكويت

- ‌هل يصدق حديث (يغزو جيش الكعبة)على اعتداء الغرب على العراق

- ‌قتل الأمريكان في السعودية

- ‌هل هناك مانع أن يحتل العراقمدينة سعودية

- ‌التبرع بالدم للجيش العراقي

- ‌حكم قتل الجنود العراقيين وهم يُصَلُّون

- ‌دروس وعبر من أزمة الخليج

- ‌نصيحة لأهل السنة في العراق

- ‌بين الألباني وابن باز في فتنة الخليج

- ‌الجهاد في أريتيريا

- ‌الجهاد في أريتيريا

- ‌باب منه

- ‌السلفية في السودان

- ‌السلفية في السودان

- ‌ألبانيا

- ‌أحوال المسلمين في ألبانيا

- ‌ليبيا

- ‌أحوال السلفيين في ليبيا

- ‌حكم الهجرة من ليبيا لما تلاقيه الصحوةالإسلامية هناك من تضييق

- ‌تعليقاً على السؤال الماضي

- ‌سؤالات ليبية

- ‌لبنان

- ‌أحول أهل السنة في لبنان

- ‌تركيا

- ‌الإسلام في تركيا

- ‌الأردن

- ‌السلفيون والسياسة في الأردن

- ‌الفلبين

- ‌التحاكم للمحاكم في الفلبين

الفصل: ‌كلمة حول إشاعة مفادها أن الشيخ زار العراقأثناء فتنة الخليج وحول فتنة الخليج بعامة

‌كلمة حول إشاعة مفادها أن الشيخ زار العراق

أثناء فتنة الخليج وحول فتنة الخليج بعامة

الملقي: أقول شيخنا ورد سؤال أو هاتف من بعض إخواننا في السعودية يقول فيه: إن جريدة عكاظ السعودية قد نشرت خبراً مفاده أن الشيخ ناصر الدين الألباني قد قام بزيارة العراق في الأيام الأخيرة قبل الحرب مشاركاً المؤتمر الإسلامي الذي أقيم هناك، دعماً للعراق بعامة، وصدام حسين بخاصة، وإن كنا نعرف بطلان هذا الكلام لصلتنا بكم وقربنا منكم واطلاعنا على كثير من الأحوال يعني حولكم، لكن نريد يعني -أيضاً- كلمة وتعليقاً طيباً لعلنا نستطيع أن ننشره هناك أو نرسل الشريط لبعض الأخوة هناك لندرأ هذه الفرية التي ألصقت بكم بغير حق، وجزاكم الله خيراً.

الشيخ: وقبل الإجابة عن هذا السؤال، كنت أود أن تضيف إلى كلامك فتقول: ومن جملة ما نعلم أنك لم تفارقنا كل هذه الأيام وما قبلها إلى هذه الساعة.

الملقي: جزاك الله خير.

الشيخ: هههه ههه

ص: 205

الملقي: قلتها عني يا شيخنا.

الشيخ: هههه ههه

الملقي: إلا إذا كنتُ من أهل الخطوة.

الشيخ: ههه هه ما

مداخلة: هههه هههه

الشيخ: لا نؤمن بها لغيرنا حتى نؤمن بها لأنفسنا.

الملقي: الله يجزيكم الخير يا أستاذ.

الشيخ: ههه ههه، جواباً عن هذا السؤال أقول:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يؤسفني جداً أن يقع الإعلام الإسلامي في تقليد للكفار حتى في الإعلام فإن الكفار لا يصدقون فيما ينشرونه من الأخبار، وبخاصة إذا كانت هذه الأخبار تحقق لهم مصلحة سياسية، يؤسفني هذا؛ لأن هدينا نحن معشر المسلمين يختلف عن هدي أعدائنا الكافرين، فهم كما قال رب العالمين في القرآن الكريم:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، الشاهد من هذه العبارة ليس هو لفت نظر الدول الإسلامية كلها إلى أنهم

ص: 206

مخالفون لهذه الآية في أهم مواضعها ....

وهي مقاتلة هؤلاء الكفار الذين لا يُحَرِّمون ما حرم الله ورسوله، فإن هذا النوع من القتال الذي تميز به المسلمون على الكفار وهو الجهاد في سبيل الله عز وجل أصبح نسياً منسياً عند حكام المسلمين قاطبة، فَرَبُّنا يقول:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: 29]، فنحن لا نقاتل هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، بل نحن نناصرهم وننتصر بهم ونقلدهم في كل ما يفعلون ومن ذلك ولا أريد أن أبعد كثيراً عن موضوع السؤال، فمما نقلدهم فيه عدم تتبع الأخبار الصادقة، وعدم التحري فيما يبلغنا من الأخبار؛ لأننا بعدنا عن ديننا في أحكامنا التي من أهمها الدقة في تحري الأخبار وقد ذكرت آنفاً من ذلك الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، ومن شرعنا قوله تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]، وأكد ذلك نبينا -صلوات الله وسلامه عليه- في بعض الأحاديث الصحيحة الواردة عنه، من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«كفى المرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع» ، كنت أود أن الناشر لذاك الخبر الكاذب أن يتحرى وأن يعرف حقيقة من نسب إليه ذلك الخبر، فأنا رجل قد من الله تبارك وتعالى علي أن أقول الحق الذي أدين الله به، غير مراع في ذلك صديقاً أو قريباً أو غير ذلك مما يراعيه الناس أو بعض الناس على الأقل، لو أن الدولة السعودية التي تجمعنا معهم على الأقل عقيدة التوحيد دعتني للحضور إلى ذاك المؤتمر الذي أقيم مقابل المؤتمر الذي أقامه العراقيون لو أن الدولة السعودية دعتني إلى

ص: 207

مؤتمرهم لما حضرته فضلاً عن أحضر مؤتمر العراقيين الذين لا نلتقي مع دولتهم في أعز العقيدة كما نحن نلتقي مع الدولة السعودية، فنحن نتأدب بأدب

القرآن الكريم، كما قال عز وجل:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، والذين نشروا ذاك الخبر الكاذب هم لا بد أنهم وصلتهم عديد من الأشرطة والتسجيلات التي أبديت رأيي في هذه الفتنة التي ألمت وأحاطت بالعالم الإسلامي في هذه الأيام الأخيرة، وفيها إنكاري الشديد قبل كل شيء على الحكومة العراقية التي بغت على الدولة الكويتية، وذكرت في ذلك ما شاء الله أن أذكر، ولا أريد أن أعيد الكلام الذي جاء متفرقاً في تلك الأشرطة، لكن حسبي أن أذكر أن في بعضها التصريح بأن الدولة العراقية هي الباغية والظالمة على الدولة الكويتية، وأن الدولة السعودية لو أرادت أن تقوم بالواجب الشرعي لحققت قول الله تبارك وتعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] ذكرت هذا، وقلت آسفاً: إن الدولة السعودية كان الأمل أن تكون هي الدولة التي تحقق هذا الأمر الإلهي {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9]، لكن خاب الأمل، وطاح الرجاء؛ لأن الدولة السعودية مع الأسف الشديد ما تهيأت ولا اتخذت الأسباب التي تمكنها يوماً ما من أن تقاتل الفئة الباغية، فهي كانت عاجزة باعترافها أن تصد عدوان الحكومة العراقية وعلى رأسها صدام، كانت عاجزة أن تحقق هذه الآية، ولذلك استعانت بالكفار،

ص: 208

وأحللتهم في ديارها، ومكنتهم من التصرف فيها كما يشاؤون، ورفعت الصليب في أرض التوحيد، واقترن الصليب مع راية لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فقلت والشاهد هنا في جملة ما قلت: إن هذه مخالفة خطيرة جداً من دولة التوحيد أن تدخل الصليبيين

إلى أرضها دون أن يراق من دماء الصليبيين ولا قطرة دم، هذه خطيرة وعظيمة جداً من دولة التوحيد، يكفي أن نفهم أنها أولاً خالفت نصاً صريحاً من قوله عليه السلام:«إنا لا نستعين» وفي رواية مسلم: «لن نستعين بمشرك» ، وثانياً خالفت الواقع الذي يشهده كل مسلم، لا فرق بين حاكم ومحكوم، ولا فرق بين عالم ومتعلم من حيث أن الدولتين اللتين استغاثت بهما من دون الله تبارك وتعالى، ألا وهي أمريكا وبريطانيا، يعرفون جيداً كل المسلمين حكاماً ومحكومين بأنهم أعدى الدول الكافرة للإسلام والمسلمين، وهما الدولتان الرئيستان في مساعدة اليهود والتمكين لهم في فلسطين، مع ذلك فلا تزال الدولة السعودية تقول وتصف هاتين الدولتين بأنها من الدول الصديقة، فإذا كانت أمريكا وبريطانيا هي دولتان صديقتان لبلاد التوحيد فما أدري كيف أمكن الإعلام السعودي أن يجمع بين النقيضين بين التوحيد وبين الشرك والكفر بالله عز وجل، الشاهد: قلت في كثير من تلك التساجيل التي وصلت إلى يد كثير من المسؤولين هنا ولا شك أن تلك الجريدة قد وصلت إليها كان منها قولي بأن هذه السيئة التي وقعت فيها الدولة السعودية دولة التوحيد هي سيئة من سيئات صدام حسين، وهنا الشاهد في الجواب على تلك الفرية، فأنا أعتقد أن كلاً من الدولتين مخطئتان أشد الخطأ مع الإسلام والمسلمين، وأن الخطيئة

ص: 209

الأولى صدرت من صدام كان من آثارها خطيئة الحكومة السعودية باستجلاب الكفار وإحلالهم في تلك الديار، فإذاً كيف يتصور هؤلاء ولا يفكرون في أن الألباني لا يمكنه عقيدة أن يتجاوب وأن يحضر مؤتمر العراق وهو يقول بأن من مساوئ العراق سيئة السعوديين التي أحضروا الكفار الصليبيين إلى بلادهم، كان يكفي أن يعرفوا هذه الحقيقة لتردعهم عن نشر تلك الفرية، هذا لو لم يكن عندهم وسائل أخرى ليتعرفوا بها أن الألباني بعد حجة السنة الماضية، وأرجوا الله أن يمكنني من الحج في السنة الآتية لم أخرج من عمان إلى بلد

آخر، إذا كان ليس من الحرص، أو كان الحرص عندهم من باب حسن الظن بهم ليس عندهم وسيلة تمكنهم من أن يعرفوا أن الألباني ما فارق هذا البلد منذ حج الحجة السابقة كان يكفيهم أن يقفوا على تلك الأشرطة والتسجيلات ليعلموا هذه الحقيقة التي صرحت بها آنفاً أن دولة التوحيد وهي أقرب الدول العربية الإسلامية إلينا عقيدة لو دعتي، لم أستجب لها؛ لأنها خالفت شريعة الله في إحلالها الكفار في بلاد هي عقر دار الإسلام فكيف أستجيب لدولة العراق وهي السبب في كل هذه الفتنة إضافة إلى ذلك أن نذكر السامعين جميعاً بأن بلاد العراق هي مذكورة في بعض الأحاديث الصحيحة بأنها مثار الفتن والقلاقل، وأنا حين أذكر هذا لست أن أعني أنه ينبغي أن تكون دائماً هي مثار القلاقل والفتن فقد يوجد فيها العلم، وقد كانت كما يقال سنين طويلة مثابة للعلم وطلاب العلم في عهد العباسيين، وبعض العصر الأمويين، ولكن الفتنة الآن قد ذرت قرنها حينما بدأ صدام بالاستيلاء على الكويت، ثم لم تستطع مع الأسف

ص: 210

الشديد دولة التوحيد فضلاً عن الدول الإسلامية الأخرى أن تردع هذا الظلم وأن ترفعه عن المظلومين الكويتيين إلا بالاستعانة بالكفار والمشركين، ثم كان من نتيجة ذلك مساوي ومساوي خطيرة وخطيرة جداً التي منها ما نشهده الآن من طغيان الكفار الأمريكيين والبريطانيين على المسلمين العراقيين بكل وسائل التدمير كما أصبح ذلك معلوماً لدى عامة البشر سواء كانوا مسلمين أو كفاراً، فالآن تشارك السعودية في ضرب المسلمين في العراق بالقنابل المدمرة تتعاون مع الأمريكان اليهود واليهود الذين استولوا على فلسطين بمساعدة البريطانيين والأمريكيين أصبح من آثار استجلاب الكفار إلى بلاد السعودية أن يقاتل السعوديون معهم المسلمين، وهذه يعني مصيبة الدهر لا يمكن أن يتصورها مسلم، علماً أننا كنا نسمع دائماً وأبداً قبل أن تحل هذه الفتنة في بلاد التوحيد نسمع منها تفكيراً ببعض الأحكام الإسلامية التي

ما اعتدنا أن نسمعها من إذاعات في بلاد إسلامية أخرى، فكنا نفرح لها فرحاً شديداً، ونعتقد أنه هذا من آثار دعوة التوحيد التي قام بها محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في تلك البلاد، كنا نسمع ذلك وإذا بنا نفاجأ بعكس ما كنا نسمع من قبل، بادعاء أن الضرورة هي التي أجازت للدولة السعودية بأن تستعين بالكفار على محاربة العراقيين، كنا قرأنا قديماً في رسالة لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز الذي نحن نذكره دائماً بالعلم والفضل، ومن فضله ما كنا قرأناه في رسالته: نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع، يقول بارك الله فيه وأطال عمره بالخير والعلم النافع والعمل الصالح قال: وليس للمسلمين أن يوالوا الكافرين أو أن يستعينوا

ص: 211

بهم على أعدائهم ليس للمسلمين أن يوالوا الكافرين أو أن يستعينوا بهم على أعدائهم، فإنهم من الأعداء ولا تؤمن غائلتهم. كلام حق عظيم.

وقد حرم الله موالاتهم ونهى عن اتخاذهم بطانة، وحكم على من تولاهم بأنه منهم، وأخبر أن الجميع من الظالمين كما سبق ذلك في الآيات المحكمات، وثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قِبَل بدرٍ فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول صلى الله عليه وآله وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«تؤمن بالله ورسوله؟ » ، قال: لا، قال:«فارجع فلن» لن «أستعين بمشرك» ، قالت: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قال أول مرة، فقال: لا، قال:«فارجع فلن أستعين بمشرك» ، فلن للتأبيد لن أستعين بمشرك، قالت: ثم رجع فأدركه في البيداء، فقال له كما أول مرة:«تؤمن بالله ورسوله؟ » ، قال: نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق.

قال الشيخ -بارك الله فيك- تعليقاً على هذا الحديث الصحيح: فهذا الحديث الجليل يرشدك إلى ترك الاستعانة بالمشركين، ويدل على أنه لا ينبغي للمسلمين أن يدخلوا في جيشهم غيرهم، لا من العرب ولا من غير العرب؛ لأن الكافر عدو لا يؤمن، وليعلم أعداء الله أن المسلمين ليسوا في حاجة إليهم، إذا اعتصموا بالله وصدقوا في معاملته؛ لأن النصر لأن النصر بيده سبحانه وتعالى لا بيد غيره، وقد وعد به المؤمنين، وإن قل عددهم وعدتهم كما سبق في الآيات، وكما جرى لأهل الإسلام في صدر الإسلام، ويدل

ص: 212

على ذلك -أيضاً- قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118]، فانظر أيها المؤمن إلى كتاب ربك وسنة نبيك عليه الصلاة والسلام كيف يحاربان موالاة الكفار والاستعانة بهم واتخاذهم بطانة، والله سبحانه أعلم بمصالح عباده وأرحم بهم من أنفسهم فلو كان في اتخاذ الكفار أولياء من العرب أو غيرهم والاستعانة بهم مصلحة راجحة لأذن الله فيه وأباحه لعباده، ولكن لما علم الله ما في ذلك من المفسدة الكبرى، والعواقب الوخيمة؛ نهى عنه وذم من يفعله، وأخبر في آيات أخرى أن طاعة الكفار وخروجهم في جيش المسلمين يضرهم، ولا يزيدهم ذلك إلا خبالاً، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ* بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران: 149 - 150]، وقال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ

عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47]، فكفى بهذه الآيات تحذيراً من طاعة الكفار، والاستعانة بهم، وتنفيراً منهم، وإيضاحاً لما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة، عافا الله المسلمين من ذلك، إلى آخر ما ذكر الشيخ -جزاه الله خيراً-. لقد كنت أود. انتهى كلام فضيلة الشيخ ابن باز. -جزاه الله خيراً- على هذه النصيحة.

لقد كنت أود أن يعمل حكام السعودية بهذه النصيحة الإسلامية التي قدمها الشيخ عبد العزيز بن باز رضي الله عنا وعنه، ووفقنا لاتباع ما كتب في هذه

ص: 213

القضية، وفي غيرها من الحق، الذي جاء في الكتاب والسنة، ولو أننا أمعنا النظر في كلمة الشيخ بارك الله فيه لخرجنا بنتيجة خطيرة جداً، وهي إما أن يكون الذين استعانوا، أنا الآن لا أقول شيئاً من عندي، وإنما أعيد كلام الشيخ ابن باز على أهل بلده وحكام بلده، إما أن يكون الذين استعانوا بالكفار ليسوا مسلمين، وإما أن يكون المستعان بهم هم من المسلمين، هذا خلاصة ما يمكن أن يؤخذ من هذا البيان القويم، وبهذا القدر كفاية ليعلم إخواننا الذين يريدون أن يعرفوا الحق في بلاد الـ

(انقطاع)

ما بين عشية وضحاها بسبب تورط بعض الحكام المسلمين واتباعهم لبعض السياسات التي أقل ما يقال فيها: إنها مخالفة للشرع، وأنا أعتقد وأقول بكل صراحة:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، والدائرة على الظالمين، لو أن الحكومة السعودية قبل أن تقدم على الاستعانة بهؤلاء الكفار إن كانوا استعانوا كما يصرحون، أما إن كان فرض ذلك عليهم، فهذه مصيبة أخرى، أن يكون الأمريكيون والبريطانيون فرضوا عليهم النزول في أرضهم شاؤوا أم أبوا، كما يشيع ذلك بعض الناس ونحن لا نعلم، ولا نتمكن أن نصل إلى قلوب الحكام هناك ومن فمهم ندينهم، هم يقولون إنهم استعانوا بهؤلاء أي كان في إرادتهم أن لا يستعينوا، ولم يفرض نزولهم في بلدهم رغم أنوفهم، وإنما هم استعانوا بهؤلاء الكفار بمحض اختيارهم وإرادتهم، فإذا كان الأمر كذلك فأنا أعتقد أن الحكام السعوديين لو كان عندهم مجلس شورى كما أمر الله عز وجل في غير ما آية في القرآن الكريم، منها {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159]، وخطاب

ص: 214

للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يغنيه صلته بالله عز وجل بوحي السماء أن يستشير أهل الأرض، ولكن كما يقول بعض العلماء والفقهاء إنما قال الله عز وجل لنبيه:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] ليتخذوه لتتخذه أمته من بعده أسوة يستشيرون أمثالهم، أما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا مثل له في البشرية قاطبةً، مع ذلك أمره ربنا تبارك وتعالى أن يستشير أصحابه ليتعلم الناس والحكام من بعده، أنه من باب أولى يجب عليهم أن يستشيروا أهل العلم، وأنا على مثل اليقين بأن الحكومة السعودية لو قامت بهذا الواجب القرآني استشارت أهل العلم قبل أن تتخذ قرار الاستعانة بالكفار الأمريكان والبريطان لما وجدتم أحداً من العلماء المخلصين وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز بن باز بارك الله فيه وفي حياته ما وجد واحداً من هؤلاء يوافق بعد استشارتهم أن

يستجلب هؤلاء الكفار إلى بلاد الإسلام، ولكن جعلوا تحت الأمر الواقع، فخالفت فتاواهم فتاواهم السابقة التي كانت نشرت وكانت في الإذاعات تنهى، أهل العلم ينهون المسلمين عن موالاة الكفار، فأين تبقى الموالاة المخالفة للشريعة التي نهى الله عز وجل عنها في هذه الآيات التي تلوناها على مسامعكم من كلام الشيخ ابن باز -جزاه الله خيراً-؟ ! أين الموالاة المنهي عنها، وأنهم إذا والوهم يكونون منهم؟ إذا لم تكن مثل هذه الموالاة التي أحلوا الكفار والصليبية والصلبان في بلاد الإسلام، ثم تعاونوا معهم في ضرب بلاد المسلمين، لا ينبغي أن يتورط أحد من طلاب العلم كما قد جاءني من بعضهم، ويدلسون عمداً أو سهواً لا أدري كل حسب نيته، يقولون ويزعمون أن الألباني حينما تكلم بما تكلم إنما تكلم بناءً على ما

ص: 215

بلغه من أخبار، فأنا أقول رداً لهذا الظن الخاطئ: أنا تكلمت قبل أن أرى المصيبة التي حلت في بلاد السعودية، بعد أن ذرت قرناها في مظاهر كثيرة وكثيرة جداً، يعالجها بعض المخلصين من إخواننا الدكاترة وأمثالهم من أهل العلم والفضل الآن في السعودية، منها تلك التظاهرة الفاجرة النسائية من المتبرجات اللآتي يطالبن بالحق المهضوم في زعمهن، واللآتي صرحن بأنهن يريدن علماء مبصرين ولا يريدون علماء عمي، هكذا يدلسون في كلامهم وفي طلباتهن، فالشاهد أنا حذرت ونبهت من أن هذه مخالفة قبل أن نرى آثار استجلاب الأمريكان في البلاد السعودية، فنحن نقول إذا لم يكن ما فعله السعوديون وأخيراً مقاتلتهم مع اليهود ضد المسلمين في العراق، إذا لم تكن هذه هو الموالاة المحرمة في كتاب الله عز وجل؛ فليس هناك موالاة محرمة، وإذا لم يكن هذا استعانة هي الاستعانة التي حذر منها الرسول عليه السلام في قوله:«لن أستعين بمشرك» ، فأي معاونة حينئذٍ تكون محرمة، هذا معناه تعطيل للأحكام الشرعية، وأنا أريد الآن أن ألفت نظر المخلصين من طلاب العلم وأهل العلم في أي زمن ومكان

كانوا أننا يجب أن لا ننسى أن التعطيل الذي يدندن حوله علماء السلف وأتباعهم من أمثالنا من الخلف حول التعطيل للآيات المتعلقة بصفات الله عز وجل، والأحاديث الصحيحة فهناك تعطيل آخر يقع فيه المعطلون بالتعطيل الأول ولكن يشاركهم في هذا التعطيل الثاني كثير من أهل العلم الذين هم من أمثالنا ممن ينكرون على الذين يعطلون آيات الصفات وأحاديث الصفات بإخراجها عن دلالتها وتعطيل معانيها الصريحة، ولذلك

ص: 216

سموا بالمعطلة، فنريد أن نذكر أن هناك تعطيل من نوع آخر وهو تعطيل دلالة الأحاديث في الأحكام الشرعية كمثل ما نحن الآن في صدده عطلنا بهذه الاستعانة بالكفار وإحلالهم في الديار المسلمة بشتى التأويلات والتعطيلات لمثل هذه الآيات، إن لم يكن هناك ما فعلته السعودية من الاستعانة بالكفار الأمريكان والبريطان وهم ألد أعداء الإسلام فليس هناك موالاة محرمة، وليس هناك استعانة محرمة، وهذا هو التعطيل لشريعة الله وأحاديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وقبل أن أنهي أريد أن أُذَكِّر بشيء آخر وهو أننا نعلم أن الحكومة السعودية في قوانينها وفي تصرفاتها عامة أحكامها مستنبطة من المذهب الحَنْبَلي مذهب إمام السنة الذين نتشرف نحن بالانتماء إلى مشربه ولا أقول مذهبه، إلى منهجه ولا أقول تقليده، هذا الإمام فقهه والذي زيد على فقهه أضعاف مضاعفة من بعده، والمسطر في كتب المذهب الحَنْبَلي، ومن ذلك كتاب المغني والشرح الكبير هذه الكتب هي عمدة الفتاوى والأحكام التي عليها قامت أحكام الدولة السعودية، فأنا لا أدري كيف تجرأت الدولة السعودية على استحلال الاستعانة بهؤلاء الكفار وقد عرفنا أنهم أخطر الدول اليوم على الإسلام والمسلمين مع أن مذهبهم في الشرح الكبير وفي المغني لابن قدامة المقدسي يصرحون أن الاستعانة بالكفار إن جازت فإنما تجوز بشرطٍ وهو أن تكون الغلبة للمسلمين على الكافرين، أن تكون الغلبة للمسلمين على الكافرين وهذا قيد ضروري جداً

جداً؛ ذلك لأنه إن كان كما فعلت السعودية أن يكون المستعان به أقوى وأكثر عدداً وعدةً فحينئذٍ فهذا لا يقول به مسلم على وجه الأرض أبداً، حتى المذهب

ص: 217

الحَنْبَلي الذي يحكمون به وضع هذا القيد وهذا الشرط أن يكون المستعين من المسلمين بالكفار أقوى وأغلب عليهم منهم، والآن قد قلت في بعض الأشرطة السابقة وأذكر: ما الذي يحول بين الأمريكان وفيهم الألوف المؤلفة يقيناً من اليهود وإن لم يكونوا يهود فهم مع اليهود، فلا فرق بين أمريكان ويهود، وهاهم نحن الآن نسمع كيف يمدونهم تباعاً بالصواريخ المدمرة ونحوها، لو أراد هؤلاء اليهود تقول اليهود أو الأمريكان ألفاظ متعددة تؤدي إلى حقيقة مرة واحدة وهي أنهم لا يريدون للإسلام إلا خبالاً كما جاء في الآيات التي ذكرها الشيخ ابن باز -جزاه الله خيراً-، لو أراد هؤلاء اليهود أو هؤلاء الأمريكان أن يحتلوا خيبر هل باستطاعة السعودية أن يصدوهم وأن يردوهم على أعقابهم خائبين؟ لا، هنا يظهر السر والحكمة البالغة التي وضعها علماء الفقه الحَنْبَلي الذي يستندون إليه في أحكامهم حين قالوا: بشرط أن تكون الغلبة للمسلمين، الآن الغلبة للكافرين، وأكبر دليل على ذلك ما كانت الإذاعات العالمية كلها أشاعت بأن السعودية اتفقت مع قائد الجيش الأمريكي أن تكون القيادة بيد قائد الجيش الأمريكي، فإذاً السعوديون الآن هم مأمورون من القيادة الأمريكية، إذا قيل للطيارين السعوديين: اضربوا العراق وهم يتفرجون فما عليهم إلا أن ينفذوا الأمر، أين هذا الواقع المؤلم من قول الله عز وجل:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يكشف هذا الهم، وهذا الغم، الذي أصاب المسلمين، ولن يكون ذلك أبداً؛ لأن سنة الله لن تتغير إلا إذا رجع المسلمون حكاماً ومحكومين إلى دينهم.

ص: 218

الشيخ: وذلك من معاني قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11]، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

الملقي: طبعاً أمريكا وبريطانيا وفرنسا نعرف من خلال الكتاب والسنة بعداوتهم.

الشيخ: نعم.

الملقي: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 105]، {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].

الشيخ:

الملقي: إلى غير الآيات التي جاءت فيهم، وهم هؤلاء، والآن هم يرمون بكل ما يملكون ليس من أجل تحرير الكويت كما يتبين الآن الحمولة التي ترمى على العراق

الشيخ: الله أكبر.

الملقي: وربما طبعاً نزلت على مساجد وعلى أناس يصلون ونقول بأن الحكم في العراق ليس حكم إسلامي لكن الدولة دولة إسلامية، فالذين يفعلونه الآن طبعاً من شعورنا ومن قلوبنا لا نرضى بما يفعلوه هذا، ونتمنى طبعاً أن الله سبحانه وتعالى يخزيهم وينصر شعب العراق وجيش العراق عليهم وإن كان

ص: 219

طبعاً الحكم ليس إسلامي، لكن هذا شعورنا، ذكرت علمي القليل لما كان المؤمنين يفرحوا بغلبة الروم على الفرس.

الشيخ: أي نعم.

الملقي: لأن الفرس أهل وثنية فكان المشركين يحبون أن يغلب الفرس والمؤمنون كانوا يحبون أن يغلب الروم؛ لأنهم أهل كتاب، فالآن يعني شعب العراق وجيش العراق وأطفال العراق ونساء العراق ما زالوا دولة إسلامية، وإن كان الحكم .. يعني ما هو عليه، لكن شعورنا من الداخل نتمنى أن ينهزم الكفار ويكون النصر لشعب العراق.

الشيخ: للشعب العراقي.

(الهدى والنور/461/ 14: 01: 00)

(الهدى والنور/461/ 58: 06: 00)

الملقي: نعم، وإذا دعونا في قنوتنا في الصلاة هذا بيكون من قلبنا فلا ندري هذا الشعور في الداخل، نؤاخذ عليه أما فيه إثم أم فيه انحراف عن العقيدة، فنورنا -بارك الله فيك-.

الشيخ: وبارك فيك، الانحراف عن العقيدة يكون على العكس من ذلك، هذا الشعور هو شعور كل مسلم بالنسبة لكل شعب مسلم، ولو كان الحاكم لهذا الشعب المسلم نقول كلمة حق وهو أو وهي أنه لا يحكم بما أنزل الله، ثم سواءً كان هؤلاء الذين لا يحكمون بما أنزل الله هم كفاراً كفراً اعتقادياً أو كفراً عملياً

ص: 220

فالمهم في هذه الآونة أن نعلم أن الحكم غير إسلامي لكننا يجب أن نفرق كما ألمحت في سؤالك -بارك الله فيك- أن نفرق بين هؤلاء الحكام الذين يدور أمرهم بين أن يكون كفرهم كفراً اعتقادياً أو في أحسن الأحوال أن يكون كفراً عملياً، سواء كان كفرهم من هذا النوع أو من ذاك يجب أن نفرق بين هؤلاء الحكام وبين المحكومين، فإن المحكومين شعب مسلم لا نستثني أي شعب من الشعوب الإسلامية التي ابتليت بحكام لا يحكمون بالإسلام، لا فرق عندي بين الشعب العراقي كشعب مسلم وإن كان في هذا الشعب شيعة، وإن كان في هذا الشعب سنية منحرفون كثيراً أو قليلاً عن السنة، كما هو الشأن في مصر في سوريا مثلاً، فلا فرق بين هذه الشعوب إطلاقاً، وأنه لا يجوز لعالم مسلم يعرف حقيقة هذه الشعوب أن يلحقهم بحكامهم، إلا إن كانوا من تلك الطائفة التي ابتليت الأمة الإسلامية بهم في هذه الآونة، وهي التي تقول بتكفير حكام المسلمين ومحكوميهم إلا من كان معهم في انحرافهم عن الإسلام السلفي الذي نحن على منهج السلف الصالح، فلا يمكن لعالم مسلم أن يلحق الشعوب المسلمة بالحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله؛ لأنه يكون قد خالف آيات كثيرة تدندن كلها حول قوله تبارك وتعالى:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، فهذه الحقيقة لا يمكن أن ينكرها إلا أولئك الخوارج الذين هم أذناب الخوارج القدامى، فهم

يغالون في تكفير المسلمين بالجملة، لا يفرقون بين حاكم ومحكومين وبين حاكم يؤمن بوجوب الرجوع إلى الله، ولكن تغلبه أهواؤه، وبين من تبنى غير الإسلام ديناً وقانوناً ونظاماً وقد يصرح أو يخرج ذلك على فلتات

ص: 221

لسانه؛ لأن هذا الإسلام لم يعد صالحاً لأن يكون حاكماً على الناس، هذا النوع بلا شك كافر مرتد عن دينه، لكن يجب التفريق بين من كان بهذه المثابة وبين من كان يعتقد ويظهر اعتقاده على بعض تصرفاته كمحافظة على الإسلام في صلاة في زكاة في صيام في الحج إلى بيت الله الحرام وما شابه ذلك، فهذا التفريق لا يمكن أن يتجاهله عالم له يعني قدم صدق في هذا العلم، إذ الأمر كذلك كما ذكرته آنفاً أن شعورنا وأن دعواتنا يجب أن تكون لأن ينصر الله عز وجل الشعب العراقي على هؤلاء الكفار البريطان والأمريكان والإفرنسيين وأمثالهم من المتعاونين، ممن يسمون بالحلفاء، وأن لا ننسى حقيقة مرة وهي أن مع هؤلاء الكفار بعض الدول الإسلامية الذي يجب أن يدعو أن ينصر الله عز وجل الشعب العراقي على الكفار والمنافقين، على الكفار والمنافقين، ولا يجوز لنا أن ندعو سوى ذلك، وكنا نتمنى وأنا قلتها صريحة وبعض إخواننا الحاضرين الآن يذكرون معي جيداً قبل أن تقع هذه المصيبة الكبرى من ضرب العراق من هؤلاء المسمون بالحلفاء قلت: إذا قامت الحرب بين العراق والأمريكان فيجب مقاتلة الأمريكان في صف العراقيين، أما إذا وقع القتال بين الأمريكان ومن معهم من المسلمين من جهة، والعراقيين من جهة أخرى، فنحن ننصح هنا بالاعتزال ونورد بهذه المناسبة قوله عليه السلام:«كونوا أحلاس بيوتكم» ، أما إذا استقل الأمريكان والبريطان ومن معهم من الكفار بمقاتلة العراقيين ففي هذه الحالة يجب علينا أن نناصر العراقيين وليس أن نصادر حكومة العراقيين؛ لأنه حكومة بعثية، وهنا أريد أن أُذَكِّر ببعض ما جاء في بعض الأشرطة مما يدل على

ص: 222

السياسة السعودية الآن منحرفة كلياً عن السياسة

الشرعية الإسلامية، وأنا أذكر بعض الفتاوى التي سمعتها صادرة من بعض العلماء الأفاضل هناك كيف ارتضيتم لأنفسكم أن تجيزوا الاستعانة بالكفار بدعوى أن خطر حزب البعث في العراق أخطر من الصليبيين، لو سلمنا بهذا جدلاً، والعراقيون أو البعث في العراق لا يزال بعيداً عن بلاد السعودية والواقع أن الخطر الصليبي حلّ في البلاد السعودية، لكني أتعجب كيف رضوا لأنفسهم أن يجمعوا بين ماذا يقولون؟ بين النقيضين في آنٍ واحد، بين تجويز الاستعانة بالكفار لدفع خطر حزب البعث أن يحل في البلاد السعودية، ورضوا من ناحية أخرى أن يحل في البلاد السعودية حزب البعث السوري، فما الفرق بين حزب البعث السوري والبعث العراقي، والعلماء يقولون: الكفر ملة واحدة، وحزب البعث -أيضاً- ملة واحدة، أليس في هذا أن هؤلاء الذين يسخرون الإعلام السعودي ليسوغوا ضلالتهم الكبرى ألا وهي الاستعانة بدول الكفر لرد الكفر الأكبر في زعمهم وهو البعث العراقي؟ فما بالهم استساغوا أن يحل في ديارهم البعث السوري، أنا أفهم من هذا أن الأمريكان قالت للسعودية: استعيني بكل دولة فلانية والدولة الفلانية ومنها البعث السوري، فقالت ووضعت كلمة لبيك في موضع الكفر، بدل أن يكون هناك في تلك البلاد: لبيك اللهم لبيك، هذا أمر عجيب وعجيب جداً، ما أدري كيف يغفل عن هذه الحقيقة المرة أولئك الأفاضل وبعض الطلاب والدكاترة الذين يقولون إن الشيخ ما يعرف الواقع هناك، طيب أنتم عرفتم الواقع، هل عرفتم أن البعث السوري نزل أرضكم أم لا؟ فإن قلتم لا؟ فمثلكم مثل النعامة،

ص: 223

وإن قلتم: بلى، فإذاً كيف تحاربون البعث بالبعث، والكفر بالكفر، حسبكم ما سمعتم آنفاً من كلمة الشيخ ابن باز -جزاه الله خيراً-، وثبتنا وإياه على كلمة الحق، فأنا أقول لك -بارك الله فيك-: لتبق على شعورك، وعلى عاطفتك التي تربطك بالمسلمين في كل بلاد الدنيا، وقد قلت أنا في بعض الأشرطة: هناك فرق من زاوية أخرى لا يفكر فيها، هؤلاء

الذين يزعمون بأن الضرورة هي التي اضطرتهم إلى الاستعانة بالكفار في سبيل محاربة البعث العراقي، أنا أقول: إن البعث سواءً كان في العراق أو في سوريا أو في أي بلد آخر يكون بلداً إسلامياً لا يمكن أن يكون حاكماً أبد الدهر؛ لأن الشعب المسلم لا بد أن يتغلب على الحاكم الكافر يوماً ما، لكن الأمريكان حكومة وشعباً هو كافر، فهو حينما يحتل بلداً ما صلحاً أو حرباً، فليست الحكومة فقط هي التي ستبث أفكارها وصليبيتها، بل والشعب معها كله؛ لأنه الشعب والدولة في ضلالة واحدة، بينما الحزب البعثي في سوريا أو في العراق فهو لا يمثل الشعب السعوري ولا يمثل الشعب العراقي، فمن الخطأ الفاحش جداً جداً أن يتصور هؤلاء المفتون بأن السعودين الآن يقاتلون شعباً كافراً، وليس شعباً كافراً فقط، بل هو أكفر من الصليبيين الذين استعانوا بهم، هذا تكفير للمسلمين وهم يعلمون خطر هذا التكفير ويجهرون بذلك في محاضراتهم، لكن مع الأسف الشديد إنهم يقولون ما لا يفعلون، أو أساؤوا تطبيق ما يقولون فلم يفرقوا بين الحاكم والمحكوم، نحن نعلم يقيناً أن الحاكم السعودي غير المحكومين، مهما قلنا إن الحاكم السعودي خير من حكام المسلمين، لكن مع ذلك له بعض الانحرافات لا يمكن

ص: 224

لأحد أن ينكرها، هل هناك مسلم موحد على وجه الأرض، وبخاصة أرض التوحيد هل فيهم من ينكر من أهل العلم والفضل أن انتشار الصور للملوك السعوديين ووضعها في صدور المجالس أنه هذا ينافي التوحيد؟ هل تتصورون وجود أحد يخالف في هذا هناك؟ نتصور وجود مثل هؤلاء المجيزين لتعليق الصور في بلاد السورية والمصرية ونحوها، أما علماء سعوديين نشؤوا على التوحيد وربوا على التوحيد هم ولا شك في قرارة نفوسهم ينكرون مظاهر شركية تبدأ السعودية الآن بنشرها بين الشعوب كلها، فضلاً عن الشعب السعودي، فهذه مخالفة، هذه مخالفة، لكنهم ينكرونها على الأقل بقلوبهم على المرتبة الثالثة التي لا ذرة إيمان بعدها كما هو في الحديث

الصحيح.

إخوة الإيمان تتمة الكلام في الشريط.

الشيخ: فإذا كما يوجد للدولة في الشعب السعودي أفراد ينكرون بعض تصرفات الحكام لمخالفتها لشريعة الإسلام فكذلك يوجد في الشعوب الأخرى، ينكرون تارة بالقلب، وتارة بالقول وتارة بالثورة على بعض الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، فكيف يجوز أن نلحقهم بحكوماتهم، ونطلق لفظة الكفر عليهم، وأن نورد

(الهدى والنور/461/ 25: 41: 00)

ص: 225