الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجلس حول فتنة الخليج
الشيخ: والآن نفتتح الجلسة بخطبة الحاجة ولو على الوجه المختصر منها فنقول: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فإن هذا الواقع المؤلم الذي يشكو منه كل مسلم حقاً يجب أن نتذكر بهذه المناسبة المؤسفة حقيقة شرعية، وهي قوله تبارك وتعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] هذا أولاً.
وثانياً: ما وقع من الاعتداء من دولة عربية إسلامية على جارها وهي أيضاً مثل الأولى دولة عربية إسلامية كان يمكن القضاء الذي نتج بعد هذا الاعتداء كان يمكن القضاء عليه بتحكيم آية في كتاب الله تبارك وتعالى وهي قوله عز وجل: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى
الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] ولكن مع الأسف الشديد ليس في هذه الدول العربية كلها أقول مع الأسف لأنه لا يوجد في هذه الدول العربية كلها من يطبق الأحكام الشرعية كلها، ولو كان فيها من يطبق هذه الأحكام كلها فليس فيها من تستطيع أن تحقق الحكم الشرعي المذكور في الآية السابقة، {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9].
من أجل هذا كان ما وقع من الفتنة الكبرى التي أظن أنا شخصياً أن العالم الإسلامي لم يصب بمثلها من ذوات أنفسهم، سبب ذلك أننا لا نقيم أحكام الإسلام على أرض الإسلام، وأنا لا أخص بهذا الكلام ولا أفرق فيه بين حاكم ومحكوم، فكلنا نشكل هذا الواقع السيء، وقديماً قيل وقد روي حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنه لا يصح إسناده وإن كان معناه صحيحاً في كثير أو في أكثر الأحيان، ألا وهو قولهم:«كما تكونوا يولى عليكم» وهذا المعنى هو الذي يتمثل في المثل العامي الذي يقول: دود الخل منه وفيه. ولذلك فأنا أعجب من بعض الشباب الذين يصبون كل جام غضبهم على حكامهم وينسون أنفسهم ولا يتذكرون أن هؤلاء الحكام هم منا وفينا، ونبعوا من عندنا، ولم يأتونا من عالم آخر غير عالم أرضنا، الغرض من هذا كله أن نلفت النظر إلى أننا نحن معشر المسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين نتحمل مسؤولية هذه الفتنة الكبرى التي وقعت في هذا الزمن وأصابت المسلمين في ديارهم لا يكاد ينجو منها من كانت داره قريبة من الفتنة أو بعيدة.
وأنتم اليوم تعيشون في الأردن بعيدين على ما يظن من المشكلة، ولكن المشكلة الآن كلما تأخر بنا الزمان كلما تضخمت بسبب هؤلاء السكان الذين هاجروا بأنفسهم من تلك البلاد وجعلوا بلاد الأردن ممراً لهم إن لم نقل مسكناً لهم ولو في وقت محدود، وهذه مشكلة لابد أنكم تقرؤون معنا في الجرائد وفي الإذاعة ما تتحمل الآن الدولة أو الحكومة الأردنية من المصاعب والمشاكل حتى اضطرت هي بدورها أن تستغيث بالعالم الغربي لإزالة هذه المشكلة التي عرضت لها، من هو المسؤول عن هذه المشكلة وهذه الفتنة الكبيرة؟ نحن المسلمين جميعاً، لا تفرقوا بين حاكم ومحكوم، بين صالح وطالح، فكلنا ذاك الرجل الطالح.
هذه مقدمة بين يدي الإجابة عن السؤال المطروح آنفاً، وأنا أقول هنا ثلاثة أمور، اثنتان منهما يتعلقان بدولتين كل منهما في رأيي وفي اجتهادي الجازم مخطئ شرعاً أشد الخطأ، والأمر الثالث يتعلق بالمسلمين بأفراد وشعوب وما الواجب بالنسبة لهؤلاء الشعوب أن يقفوا تجاه هذه الفتنة التي وقعت بين هاتين الدولتين، أما الخطأ الأول فكما ذكرت للسائل الذي وجه ذلك السؤال، هو أن دولة عربية اعتدت على دولة أخرى عربية، وكلتاهما مسلمتان، لا نستطيع شرعاً وليس نطقاً لا نستطيع شرعاً أن نقول: إنهما دولتان كافرتان مهما ذكر المتعصبون لكل منهما من مساوئ ومآخذ، فإن هذه المساوئ والمآخذ لا تسوغ لنا أن نصدر حكماً بتكفير كل من الدولتين، أما الدولة الأولى فباعتدائها على جارتها، وسمعتم مني آنفاً قول الله عز وجل: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] ففي صدر هذه الآية إشارة إلى أنه يمكن لطائفتين مسلمتين أن يتقاتلا، وتمام الآية تدلنا على العلاج، فقال عز وجل:{فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] قلنا: هذا هو العلاج، ولكن قلنا ما معناه إن الطبيب مفقود مع الأسف الشديد.
إذاً: هذا الاعتداء لا يجعل المعتدي كافراً وإنما يجعله باغياً، والباغي لا يخرجه بغيه من الدائرة الإسلامية، هذا موقف الدولة الأولى من حيث مخالفتها للشرع في الاعتداء على جارتها المسلمة، أما الدولة الأخرى والتي قابلت خطأ الأولى بخطأ مثله أو أفظع وأخطر منه ألا وهي الدولة السعودية حيث استجازت لنفسها أن نستعين بالكفار على درء الخطر المظنون، ألا وهو أن تهاجمها الدولة التي بغت على الكويت، فنحن نقول: القاعدة التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتي لا يمكن أن تكون بوجه من الوجوه قاعدة كبعض القواعد الفقهية التي يمكن أن تكون وضعت باجتهادات وآراء شخصية تحتمل الخطأ والصواب، القاعدة وضعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا شك أن ذلك كان وحياً من ربه لقول الله عز وجل في كتابه:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4] وكما جاء في الحديث الصحيح أن عبد الله بن عمر بن الخطاب أو ابن عمرو أشك أنا الآن، كان في مجلس من مجالس المشركين، الآن يغلب على ظني أنه ابن عمرو بن العاص، كان في مجلس من مجالس المشركين فقالوا له: إنك لتكتب عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما يقوله في الرضا والغضب، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقول له ما سمع من المشركين، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: اكتب، فوالذي نفس محمد بيده ما يخرج منه إلا حق،
وأشار عليه الصلاة والسلام إلى فمه الشريف» ..
«اكتب، فوالذي نفس محمد بيده ما يخرج منه إلا حق» هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى هو الذي وضع تلك القاعدة التي لا يمكن المساس بها ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام: «إنا لا نستعين بمشرك» كما في صحيح مسلم، هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا اللفظ:«إنا لا نستعين بمشرك» ورواه أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في كتابه المعروف بالمستدرك على الصحيحين بلفظ هو: «إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين» وسبب وروده أن جماعة من المشركين جاؤوا إليه صلى الله عليه وآله وسلم يعرضون عليه أن يقاتلوا معه عدواً من المشركين فقال عليه الصلاة والسلام: «إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين» ولذلك فاستعانة الدولة الثانية بالمشركين من كل الشعوب الأمريكيين أو البريطانيين وغيرهم مما سمعتم بأسمائهم هذا مخالفة صريحة لمثل هذا الحديث، ونحن لا يفوتنا ما يشاع عن بعض الناس أنهم اعتمدوا على بعض الحوادث الخاصة التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فركنوا إليها، وسوغوا بها استنجادهم واستعانتهم بهؤلاء الكفار.
نقول: كل الحوادث الجزئية التي يمكن الاستدلال بها ما كان صحيحاً منها إسناداً أو كان ضعيفاً كلها ليس فيها ما يشبه جزءاً من ألف بل وأكثر من الاستعانة بهؤلاء الكفار الذين وقعت المشكلة في السعودية اليوم، أشير بهذا إلى أن هناك فارقاً كبيراً بين استدلال بعضهم مثلاً باستعارة الرسول عليه السلام من صفوان بن أمية أسلحة أو دروعاً منه كان صفوان يومئذٍ في مكة لا يزال مشركاً، فطلب
منه عليه السلام ما كان عنده من دروع أو أسلحة، تأملوا معي الآن الفرق الجوهري بين تلك الاستعانة وهذه الاستعانة، لما طلب الرسول عليه السلام من صفوان ما طلب خشي أن يكون ذلك اعتداء منه عليه السلام على مال صفوان، فقال: أغصباً يا محمد أم عارية مؤداة؟ قال: بل عارية مؤداة.
الشاهد: في قول صفوان أولاً، خشي أن الرسول عليه السلام سيصادر هذا المال من صفوان، لماذا؟ لأنه كان في موقف القوة، وكان موقف الكافر المشرك في موقف الضعف، ولذلك قال: أتأخذ هذا مني مصادرة وغصب، أم هو عارية مؤداة؟ وما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يغصب مال أحد بغير حق ولذلك قال له: بل عارية مؤداة، أما الآن فالقضية مقلوبة تماماً، إن استعانة المسلمين بالكافرين اليوم غير تلك الاستعانة تماماً، المستعين في موقف الضعف، والمستعان به في موقف القوة، إذا لم يكن مثل هذه الاستعانة هي المقصودة مباشرة بالحديثين السابقين:(إنا لا نستعين بمشرك) أو: (إنا لا نستعين بالمشركين) فمعنى ذلك تعطيل هذه القاعدة التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأننا لا نتصور استعانة أنكر وأعرق في الضلال وفي الآثار السيئة التي ستنتج من وراء هذا الاستعانة، لا نتصور استعانة مثلها أبداً، فكيف تستساغ وكيف تستجاز بمثل تلك الجزئية، وما يشابهها حيث في كل الأجزاء المشار إليها قد كان الرسول عليه السلام في موقف القوة وكان أولئك الذين عرضوا على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في موقف الضعف، وأرادوا بإعانتهم للرسول عليه السلام أن يجعلوا لهم عنده يداً، ولذلك فشتان ما بين الاستعانتين، ولا شك أن الأمر كما قيل قديماً، ونقف هنا قليلاً أو كثيراً ما أدري
حتى نستجيب لدعوة الطعام، كما قيل قديماً:
سارت مشرقة وسرت مغرباً
…
شتان بين مشرق ومغرب
أين قوله عليه السلام: «إنا لا نستعين بمشرك» وأين استعانة الرسول في تلك الحوادث الجزئية التي كان موقفه موقف القوة وموقفنا اليوم موقف الضعف، وكما قيل أخيراً:
وحسبكم هذا التفاوت بيننا
…
وكل إناء بما فيه ينضح
أعود إلى ما كنا في صدده في مطلع كلمتنا، لأن هذا الواقع يتمثل في ثلاثة أمور: اثنان منهما تكلمنا عنهما بشيء من التفصيل، وهما اللذان يتعلقان بالدولتين السابقتين ذكراً، بقي علينا أن نتحدث عن الأمر الثالث وهو الذي يتعلق بالشعوب الإسلامية والأفراد المسلمين الذين يهتمون عادة بمعرفة الأحكام الشرعية ثم بتطبيقها على أنفسهم ثانياً، ذلك لأن العلم بالشيء لا يغني عن العمل به بل إن العلم بالشيء مع الإعراض عن العمل به قد يكون شراً على صاحبه أكثر من الجهل به وهذا موضوع طويل ولا يتسع الوقت للولوج فيه، لكن حسبنا من ذلك قول ربنا تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3] نضيف إلى ذلك الأثر السلفي المروي عن أبي الدرداء الصحابي الجليل حيث قال: ويل للجاهل مرة وويل للعالم سبع مرات. لذلك أتكلم عن هؤلاء الذين من اهتمامهم أن يعرفوا أحكام ربهم وأن يعملوا بها، فما هو واجب الفرد المسلم اليوم والشعوب المسلمة تجاه هذه الفتنة العارمة التي ألمت بالأمة المسلمة؟
جوابي على هذا أن أروي لكم حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينطبق على هذا الزمان تمام الانطباق، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي كافراً ويصبح مؤمناً، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل» وفي رواية يقول فيها عليه الصلاة والسلام، وأرى أن هذا القول ينطبق على كثير من الناس اليوم في هذا الزمان وهم الذين يعالجون الآن هذه المشكلة الطارئة بأهوائهم وليس باعتمادهم على شريعة ربهم، ذلك هو قوله عليه الصلاة والسلام:«الرجال في هذه الفتنة أو في هذه الفتن عقولهم كالهباء يحسبون أنهم على شيء وليسوا على شيء» تجد الناس اليوم أفراداً من الناس يتكلمون بأهوائهم لا يراعون في ذلك كتاباً ولا سنة، فهذا يتعصب لتلك الدولة المعتدية، وهذا يتعصب للدولة الجالبة للمصيبة إلى أرضها وبلادها، وهي مصيبة احتلال الكفار بطلب منا لبلاد الإسلام، يتكلمون بدون علم وبدون عقل يصدق فيهم الحديث السابق: عقولهم هباء، يحسبون أنهم على شيء وليسوا على شيء، في اعتقادي وما أظن أن أحداً يعارض هذا الذي سأقول: إن العالم الإسلامي لم يصب في نفسه بمثل هذه الفتنة التي حلت في ديار الإسلام في هذه الأونة الأخيرة، ولذلك فهذه الفتنة بالنسبة لما مضى من الزمان أول ما يصدق هي أول ما يصدق عليها الحديث السابق: إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم: يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً .. إلخ الحديث.
لا أحد يشك أن هذه المصيبة هي حتى الآن أكبر مصيبة وقعت وأصابت ديار
الإسلام، وعلى ذلك فبماذا يأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتباعه من المسلمين في زمن الفتن، هل يأمرهم أن يتعصبوا عصبية جاهلية فهؤلاء مع هذه الدولة، وهؤلاء مع تلك الدولة الأخرى، ليسوا على شيء من التمسك بالكتاب والسنة، بل تجد كثيراً من الذين يتعصبون كثيراً لهؤلاء أو هؤلاء لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، تجد كثيراً ممن يتعصبون لهذه الدولة أو لتلك لا يحافظون على كثير من الأركان الإسلامية وعلى رأسها الصلوات الخمس، مع ذلك يتحمسون فيرفعون من كان في الأمس القريب عندهم كافراً أو شبه كافر، ويضعون من كان في الأمس القريب عندهم هو المثال الصالح من بين حكام المسلمين فيضعونه في أسفل سافلين، كل هذا وذاك إنما هو اتباع منهم للأهواء وللمصالح الشخصية ليس إلا، عقولهم هباء يحسبون أنهم على شيء وليسوا على شيء، ما هو العلاج الذي وضعه الرسول عليه السلام لهذه الأمة فيما إذا ألمت بهم مثل هذه المصيبة، بل ودونها أيضاً؟
لقد جاء في حديث حذيفة المعروف في الصحيحين الذي أوله: قال رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه، فذكر في آخر هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بأن المسلمين سيتفرقون، وأمر حذيفة رضي الله عنه أن يكون مع الجماعة التي عليهم خليفة، قال: فإن لم يكن خليفة؟ قال: فدع تلك الفرق كلها ولو أن تعض على جذع شجرة، هذا لمجرد أنه وجدت فرق ودويلات ليس عليها حاكم مسلم يقودهم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: فإذا لم يكن لهم خليفة فدع
تلك الفرق كلها.
هذا ولو لم يقع مثل هذه الفتنة الكبيرة، فما بالنا ونحن الآن في مثل هذه المصيبة العظيمة، لقد جاء في بعض تلك الأحاديث أحاديث الفتن: إذا كان ذلك قال عليه السلام: «فكونوا أحلاس بيوتكم» ، أي: لا تنضموا إلى طائفة من الطائفتين المتقاتلتين، وهنا عبرة، وهي: أن من الحماقة بمكان أن يفكر بعض الأفراد من المسلمين أنهم بتحمسهم وانتمائهم إلى دولة من الدولتين المتنازعتين أنهم ينصرون دين الله وشريعة الله من الحماقة بمكان لأن الدول العربية أكثرها عدداً وقوة بالنسبة للدول الأخرى ما شعروا بأنفسهم أنهم يستطيعون أن يقطعوا دابر هذه الفتنة إلا بالاستعانة بالكفار، فهل يستطيع الأفراد من المسلمين أن يقضوا على هذه الفتنة بجهودهم الفردية الخاصة، لذلك كان العلاج هو التمسك بقول عليه الصلاة والسلام:«كونوا أحلاس بيوتكم» وأنا أذكر بأن الفتن تعمي بصائر أولي النهى، أولي الأحلام والنهى فضلاً عن عامة الناس، ومن أكبر الأمثلة على ذلك ما وقع في أول الإسلام بين طائفتين مسلمتين، طائفة شرعية وطائفة غير شرعية تظن نفسها أن الحق كان معها، أعني بذلك الطائفة الأولى علي بن أبي طالب الخليفة الراشد، والطائفة الأخرى معاوية بن أبي سفيان، تعلمون هذا الحادث الأليم الذي وقع في ذلك الزمان القديم، فكيف كان موقف الأصحاب الكرام أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام في تلك الفتنة، مع أن الحق مع الخليفة المبايع من المسلمين، وهنا العبرة التي نستطيع أن نستخلصها منها لنستفيد منها في زمننا هذا الذي ليس فيه خليفة مبايع، لقد انقسم أصحاب
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تجاه هذا النزاع الذي وقع بين المعسكرين معسكر علي ومعسكر معاوية، فطائفة من أصحاب الرسول كانوا مع علي، وطائفة مع معاوية، وطائفة كانوا حياديين لم ينضموا إلى علي وهو الأحق بالانضمام إليه فضلاً عن أنهم لم ينضموا إلى معاوية وهو كان والياً على الشام كما تعلمون، ولكنه بدا له أن له الحق
في أن يطالب بالثأر بدم عثمان.
الشاهد أن الطائفة الثالثة لم تنضم إلى الخليفة الراشد علي بن أبي طالب لماذا؟ حقناً لدماء المسلمين من جهة، ولأن الحق لم يكن قد اتضح لكثيرين منهم بخلاف بعضهم حينما اتضح له الأمر سارع فانضم إلى علي رضي الله تعالى عنه، ذلك أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يحضرني اسمه الآن، كان سمع من فم النبي عليه الصلاة والسلام قوله:«ويح عمار تقتله الفئة الباغية» وكان عمار مع الخليفة علي بن أبي طالب، يقاتل فقتله جماعة معاوية يوم وقع الرجل قتيلاً عرف ذلك الصحابي أن الحق مع علي ابن أبي طالب، فانضم إليه لأنه وجد الحديث انطبق على الواقع، أما نحن اليوم فأين معنا الدليل أن الحق مع المعتدي على الكويت أو مع الذي جلب الكفار إلى بلاد الإسلام؟
كل من يتكلم فيقول: الحق مع هذا أو الحق مع هذا فهو يتكلم بغير علم، والله عز وجل يقول:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] أنا أقول كما سمعتم: كل من الدولتين مخطئ ولذلك فلا ينبغي أن نتعصب لإحداهما على الأخرى، وإنما نتعصب على الدولتين كلتيهما، ونقول بحق أن كلاً منهما مخالف للشرع، فموقفنا هو
موقف الحياد التام وأن نلتزم البيوت، ولا نثير الخلافات بين بعضنا البعض، والتعصبات الجاهلية فقد كفانا ما لقينا من الفرقة في الظروف العادية الطبيعية، فما ينبغي لنا أن نزداد فرقة على فرقة، وخلافاً على خلاف، لنعيد سيرة الجاهلية الأولى وأن نقاتل حمية وجاهلية كما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فيما أخرجه الشيخان في صحيحيهما أن رجلاً قال: يا رسول الله! الرجل منا يقاتل شجاعة، هل هو في سبيل الله؟ قال: لا، قال: الرجل منا يقاتل حمية هل هو في سبيل الله؟ قال: لا، وهكذا تواردت الأسئلة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مثل ما سمعتم، وفي كل مرة يقول عليه الصلاة والسلام: لا لا، قالوا: فمن في سبيل الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» وأنتم تعلمون جميعاً مع الأسف الشديد أنه ليس هناك راية مرفوعة للجهاد في سبيل الله عز وجل ولو أن هذه الراية كانت مرفوعة ما كانت اليهود ودولة اليهود ما كانت لتسيطر على فلسطين ولكن لفقدان الجهاد في سبيل الله عز وجل حق علينا قول نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم» فالآن حينما نسمع أصواتاً من هذه الدولة أو تلك برفع راية الجهاد في سبيل الله هل جد في المسلمين ما يصدق عليهم قوله عليه
السلام في الحديث الأخير: «سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم» هل رجعنا إلى ديننا؟ الجواب عند كل واحد منا مع الأسف: لا، ما جد شيء حتى نتفاءل ونقول: العز أمامنا، لأن الله عز وجل ضرب الذل علينا بسبب
مخالفتنا لشريعة ربنا، إنه ضرب عليه الصلاة والسلام بعض الأمثلة في هذا الحديث الصحيح من المخالفات الشرعية وهي لا تزال قائمة ضاربة أطنابها بين المسلمين، ومع هذه المصائب التي وقعت فلا نجد رجوعاً من المسلمين إلى رب العالمين حتى يعزهم ويعيد إليهم مجدهم الغابر.
«إذا تبايعتم بالعينة» العينة ولا أريد تفصيل القول نوع من أنواع البيوع المحرمة الربوية، وهذا قد يختلف فيه أنظار بعض العلماء، ولكن أكل الربا المكشوف اليوم هذا أمر لا يختلف فيه اثنان، ولا ينتطح فيه عنزان، فهل تاب المسلمون من هذه المعصية الكبيرة؟ إذا كان الرسول عليه السلام يقول: إذا تبايعتم بالعينة. أليس هذا من باب أولى أن يقول لنا: إذا أكلتم الربا، وقد قال في الحديث الصحيح:«لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» فمن باب أولى أن يكون من أسباب ضرب الذل على المسلمين بتسليط اليهود عليهم وعدم استطاعة دولة من هذه الدولة التي تريد أو يريد أن يقاتل بعضهم بعضاً، أليس هذا بسب ارتكابنا لكثير من الموبقات والمعاصي هي أخطر من بيع العينة؟ لا شك ولا ريب، لذلك أقول: إن الرسول عليه السلام إذا ضرب مثلاً سهلاً فمن باب أولى أن المصيبة تحل بالمسلمين إذا ارتكبوا من المعاصي ما هي أكبر من بيع العينة.
فتابع الرسول عليه السلام قوله: «وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع» وكل من العبارتين كناية عن انكباب المسلمين على الدنيا ونسيانهم الآخرة وارتكابهم كل سبيل للوصول إلى حطام الدنيا لا يسألون أن هذا سبيل حرام أم حلال،
فيقول الرسول عليه السلام: إذا فعلتم هذه المعاصي وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم، الجهاد مع الأسف قد ترك منذ عشرات السنين، فلماذا الآن نؤخذ نحن بكلمات تعلن في بعض الجرائد أو الإذاعات أنه رفعت راية الجهاد، أين يا جماعة راية الجهاد؟ راية الجهاد تستلزم توبة المجاهدين إلى الله عز وجل عن هذه المعاصي فضلاً عن الكبائر، وأن يمضي عليهم زمن طويل يربون على طاعة الله على اتباع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بعد ذلك يمكن أن تتهيأ النفوس حقاً للجهاد في سبيل الله عز وجل، فمن العجب العجاب مما يؤكد لنا قوله عليه السلام السابق: عقولهم هباء، نجد ناساً لا يقومون بواجب الجهاد في نفوسهم في أهليهم، مع ذلك يريدون أن يجاهدوا مع العراق مع السعودية مع الكويت، الذين يريدون أن يجاهدوا ينبغي عليهم أن يتذكروا معنا قول عليه الصلاة والسلام:«المجاهد من جاهد هواه لله» ومجاهدة هوى النفس ليست هي مجرد دعوة أني أريد أقاتل وأريد أجاهد في سبيل الله، وإنما هي حياة يعيشها الإنسان في طاعة الله عز وجل، ويجاهد هوى النفس، سواء كان ضد نفسه أو ضد زوجه أو ضد ولده أو ضد ابنته، هذا هو الجهاد، ومن هنا قال بعض المعاصرين في هذا الزمان كلمة تعجبني وأكررها كثيراً وكثيراً جداً، لأنها كأنها من وحي السماء، وبهذه الكلمة أختم موعظتي هذه لتتأملوا فيها وفيما مضى من البيان والحقائق: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم.
فقبل أن يقيم المسلمون أحكام الإسلام في نفوسهم فلن يستطيعوا أن يقيموها على أرضهم، فإذا كنا صادقين
فعلاً حينما ندعي أو بعض الجماعات الإسلامية تدعي بأنهم يريدون أن يقيموا حكم الله في الأرض، فهؤلاء لن يستطيعوا أن يحققوا هذه الدعوى الجميلة، ولكنها يجب أن تكون متحققة قبل كل شيء في قلوبهم، فإذا صدقوا في ذلك مكنهم الله تبارك وتعالى من أن يقيموا دولة الإسلام على أرضهم، لهذا أنا أقول ناصحاً لجميع المسلمين في كل الدول التي أصابتها هذه الفتنة كأفراد: الزموا بيوتكم، كونوا أحلاس بيوتكم، ولا تقاتلوا، واحتفظوا بدمائكم ليوم تعلن كلمة الحق حقاً، كلمة الجهاد صدقاً، يومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله تبارك وتعالى، وبهذا القدر الكفاية.
(الهدى والنور /451/ 43: 00: 00)
(الهدى والنور /451/ 58: 53: 00)
السؤال: شيخي أنت تكلمت حول مسألة يعني: حول دخول الدولة الباغية على دولة آمنة، ووصفت الدولتين بأنهما مسلمتين، الضابط في الوصف هذا هو حال الحاكم أم حال الشعب عادة، وجزاكم الله خير؟
الشيخ: الجواب: نحن نحكم على البلاد بكونها إسلامية أو غير إسلامية ليس بالنظر إلى حكامها، وإنما بالنظر إلى شعوبها، فأي إقليم كانت الأغلبية فيها مسلمين فهذه دولة مسلمة ولو كانت هذه الأغلبية قد ابتلوا ببعض الحكام الذين يصدق عليهم قول الله عز وجل أنهم لا يحكمون بما أنزل الله، ولكن هذا النوع من الحكم كما نعلم جميعاً من واقع التاريخ الواقع اليوم الإسلامي أنه يختلف من دولة إلى أخرى، فهذه الدولة مثلاً تتمثل في نظام شيوعي، وهذه الدولة
يتمثل فيها النظام الإشتراكي (انقطاع).
لو أتيح لهم من يحكمهم بهذا الإسلام، على هذا قلت ما قلت بأن الاعتداء كان من دولة مسلمة على دولة مسلمة، لكني مع ذلك أريد أن أضيف بمناسبة هذا السؤال والجواب عليه شيئاً آخر: لا علينا سواء قيل كما قلت كما أعتقد أن دولة عربية مسلمة اعتدت على دولة عربية مسلمة لأن هؤلاء الحكام هم أولاً لن يتبرؤوا من الإسلام، وإن خالفوا الإسلام في كثير من تصرفاتهم، وثانياً: وهذا الذي أريد أن أقوله الآن: سواء قلنا هاتان الدولتان مسلمتان أو قلنا: كافرتان ولا أقول بهذا، هذا الاعتداء لا يتفق لا مع الإسلام ولا مع النظام الذي يحكم به الكفار أنفسهم، ففي كل حالة من الحالتين فيه اعتداء وبغي، أما حكم الإسلام فهو كما سمعتم في القرآن:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] هذا جوابي عما سألت.
(الهدى والنور /451/ 14: 57: 00)
السؤال: يسأل السائل فيقول وإن كان سبق شيء من الجواب لكن من قاتل تحت راية عمية فقتل .. إلخ الحديث، نرجو التعليق على ما يشتمل عليه هذا الحديث من فوائد وبخاصة في المسألة المذكورة.
الشيخ: هو ما فيه مجال الآن للتكلم طويلاً سبق كما قلت الإشارة إلى ذلك، بأن الإسلام يحارب العصبيات بكل معانيها، ويأمر المسلمين أنهم إذا قاتلوا أن يقاتلوا في سبيل الله عز وجل كما جاءت في ذلك الآيات الكريمة، وجاء حديث
أبي موسى صراحة ينفي أن يكون من يقاتل عصبية أو شجاعة أو نحو ذلك أن يكون قد قاتل في سبيل الله عز وجل، ولهذا فتصحيح النية في القتال هو أمر عظيم جداً كما جاء في بعض الآثار:(رب قتيل بين صفين الله أعلم بنيته).
(الهدى والنور /451/ 12: 01: 01)
السؤال: يكثر السؤال والكلام عن حديث اشتهر على الألسنة، وهو حديث:«يحكم الجزيرة أربعة منكم برجل واحد آخرهم اسمه على اسم وحش» فما مدى صحة الحديث؟
الشيخ: هذا أيضاً من المصائب التي وقعت في هذه الفتنة، أن الناس إما أن يختلقوا أحاديث لا أصل لها، وإما أن يفتشوا في بطون الكتب التي تروي ما هب ودب من الأحاديث التي وضعها الناس قديماً، فينشرونها بزعمهم أن هذه الأحاديث تطابق الواقع، لا يجوز لمؤمن بالله ورسوله حقاً أن يروي حديثاً ولو كان معناه مطابقاً للواقع أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كذب عليه وهو عليه الصلاة والسلام قد جاء في الأحاديث الكثيرة عنه: «من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» والآن تكثر مثل هذه الأحاديث من ناس مغرضين ليس لهم هدف إلا إثارة القلاقل والمشاكل والفتن بين المسلمين، ولذلك فنصيحتي لكم كلما سمعتم الآن وقبل الآن أيضاً، لكن بصورة خاصة في هذا الزمان حديثاً يظن أنه يطابق هذه الفتنة فلا تصدقوا به حتى تسألوا أهل العلم كما قال عز وجل:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
(الهدى والنور /451/ 16: 02: 01)
السؤال: تكلمت أنه لابد للإنسان أن يلازم بيته في هذا الوقت، وإذا حصلت حرب أن لا يهدر دمه في هذه الحرب، طيب إذا نشبت حرب بين المسلمين والكفار مثلاً أمريكا ضربت العراق
…
نلازم بيتنا لا نحارب وإن كانت النية أن تكون النية رفع راية الله سبحانه وتعالى؟
الشيخ: مع من تحارب؟
السائل: نعم.
الشيخ: إذا أردت أن تحارب مع من تحارب.
مداخلة: مع طارق يوحنا عزيز.
السائل:
…
فلان أو فلان.
الشيخ: أنا عارف، ولذلك أنا محتار في سؤالك مع من تحارب؟
السائل: مع الجيش.
الشيخ: مع من تحارب ما دام أنت لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء.
السائل: مثلاً أحارب مع العراق.
الشيخ: إذاً: أنت مع أحدهم.
السائل: أنا أحارب لست تحت رايتهم، إنما أحارب لقتل الكفار فقط لا غير.
الشيخ: الآن أنت كغيرك أو لعلي أخطأت فنسبت إليك ما ليس فيك والأحسن أن أقول: تمثل رأي بعض الناس اليوم، وليس هذا رأيك إن شاء الله، لا حول ولا
قوة إلا بالله، لو كان المسلمون المتحمسون للقتال مع العراق لمقاتلة الأمريكان، فالأمريكان أقرب إليكم هنا وهم في فلسطين، فلماذا لا نقاتل الأمريكان في فلسطين، هذا الكلام موجه إلى الذي يريد أن يقاتل الأمريكان في الخليج، ومن يريد أن يكون عوناً له في الخليج، لماذا لا نقاتل اليهود هنا وهم أقرب، وهم من السهولة بمكان أن نرميهم في البحر كما كان يقول بعض الرؤساء قديماً.
أقول: لو أن الهمة توجهت من دولة عربية مسلمة لقتال اليهود لكان هذا القتال قتال مسلم لدولة كافرة محضاً، أما الواقع الآن فليس كذلك، ولذلك هذه نقطة يجب أن نتنبه لها لنعرف خطورة الانضمام إلى طائفة أو أخرى.
أخي: لما تريد أن تقاتل الأمريكان لا تتصور أنك ستقاتل أولاً الأمريكان محضاً، مفهوم كلمة محضاً؟ وإنما ستقاتل الأمريكان زائد دول عربية مسلمة، إذاً: فهنا يجب أن نأخذ انتباه خاص عندما نريد أن نقاتل الأمريكان، لكن الصورة أشكل وأخطر من هذا التصور الأول، هناك تصور ثاني، حينما تريد أن تقاتل الأمريكان الأمريكان حقيقة وأظن هذا أمر لا يناقش فيه إنسان يفكر تفكيراً سليماً، الأمريكان لا يجودون بدم أمريكي واحد ما دام أنهم يستطيعون أن يسيلوا دماء المسلمين مع بعضهم البعض، بمعنى: الأمريكان سيقدم الجيوش المسلمة لمقاتلة الجيش المسلم العراقي، وهو سيكون متأخراً متفرج قد ينظم قد يدبر وليس متفرج بالمعنى المتبادر، لكن على كل حال لا يفادي بدماء الجيش الأمريكي أو البريطاني إلا في آخر لحظة ربما أو بوجه الإدبار لأن هذه طبيعة الكفار حينما يشعرون بأنهم مغلوبون على أنفسهم، لكن أول بدء المعركة
فستكون بين مسلمين ومسلمين، ولذلك فلا يجوز أن نتصور أننا سنقاتل الأمريكان، هذه نقطة حساسة جداً، وهي مما يؤكد لنا أن نقول كما قال عليه السلام:«كونوا أحلاس بيوتكم» نحن قلنا هذا الكلام للكويتيين الذين انضموا إلى المقاومة الكويتية لابد سمعتم بها، قلنا: أنتم لن تستطيعوا أن تردوا العراق، ولن تستطيع الدول العربية أن تردها إلا بالاستعانة بالأمريكان والبريطان .. إلخ، لذلك احفظوا دماءكم لليوم المطلوب والمنشود، هذا جواب ما قلت آنفاً.
السائل: ماهو اليوم المطلوب والمنشود بالنسبة ....
الشيخ: هذا سبق الكلام فيه، أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم، يعني: ذلك يحتاج إلى إعداد ونحن نقول هذا بمناسبات كثيرة: لابد من التصفية والتربية، لابد من تصفية الإسلام مما دخل فيه مقروناً بتربية المسلمين أعني بالمسلمين ليس هذه الملايين الكثيرة، النخبة الصالحة منهم الذين يفكرون فعلاً وبحزم وعزم أن يقيموا دولة الإسلام على أرض المسلمين.
(الهدى والنور /451/ 54: 05: 01)
(الهدى والنور /451/ 28: 11: 01)
السؤال: شيخ إذا أحد حكام العرب الموجودين حالياً أعلن الجهاد الإسلامي؟
الشيخ: لا تقول على الجهاد
…
لا تقل على الجهاد، الجهاد يحتاج إلى استعداد، قلنا آنفاً، فيه استعداد للجهاد؟
السائل: ما فيه.
الشيخ: بارك الله فيك.
(الهدى والنور /451/ 09: 12: 01)
السؤال: سؤال مكون من جزئين: الجزء الأول هل إرسال الجيوش العربية إلى السعودية أو إلى دول الخليج صحيح.
الشيخ: هذا السؤال أجبنا عنه.
السائل: طيب، ما هو واجب الجلوس في هذه الجيوش إذا أمروا بالقتال مثلاً؟
الشيخ: ألا يوجهوا سلاحهم وقتالهم لإخوانهم المسلمين، أما إذا كان أمامهم أمريكان فلا يقصروا.
(الهدى والنور /451/ 50: 12: 01)
السؤال: صحيح ما نسب إليك أن قول الشيخ عبد العزيز بن باز أنه مخالف
…
الشيخ: الله أعلم، نحن نحسن الظن به هكذا.
(الهدى والنور /451/ 07: 13: 01)