الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
السائل: وله تتمة الحقيقة السؤال أو السؤالين الذي هو إذا حدث القتال ومعلوم بأن الكفار من دهائهم ومكرهم أنهم لا يواجهون العراقيين في القتال، وإنما يقدمون بين أيديهم المسلمين، يقدمون المصريين والباكستانيين والقطريين وغيرهم من المقاتلين الذين يشتركون معهم في هذه المعركة، فلا شك أن المعركة ستبدأ بين الفريقين بمقتلة من المسلمين من هؤلاء وهؤلاء، فهل يعد القتلى من الطرفين أو من طرف واحد، وأي الطرفين من الشهداء؟
الشيخ: أولاً: من هم الشهداء فنحن نقول: علمهم عند الله، لأن الشهادة لا تنطوي تحت مجرد القتال، ولو قتال المسلم للكفار، وإنما تتحقق الشهادة بأن تكون النية للجهاد في سبيل الله، وليس في سبيل دفاع عن أرض إلا لتكون أرضاً إسلامية يطبق فيها شرع الله تبارك وتعالى، فكما جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن فيها رجل من الرواة ضعيف الحفظ وهو عبد الله بن لهيعة القاضي، الشاهد جاء في حديث في إسناده عبد الله بن لهيعة المعنى جميل جداً، لكن ما نستطيع أن نقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه لم يرد من طريق ثقة حافظ ضامن، ما هو لفظ الحديث؟
«رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته» وهذا المعنى صحيح يشهد له ما جاء في
صحيح البخاري، من قصة ذلك الرجل أظن اسمه قزمان، الاسم ليس في صحيح البخاري، أما القصة فهي في صحيح البخاري، أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاتل قتالاً شديداً حتى عجب الصحابة من شدة قتاله، فسارعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقولوا له: فلان يقاتل كذا وكذا، فكان جوابه عليه السلام: هو في النار، وهكذا القصة فيها شيء من الطول، وخلاصتها ثلاث مرات، الصحابة يعودون إلى الرسول متعجبين من شدة قتاله واستبساله، وجواب الرسول لا يتغير: هو في النار. وأخيراً رجل من أصحابه عزم على أن يكون لهذا المقاتل ولا أقول الآن المجاهد أن يكون صاحبه ليراقبه، فكان عاقبة هذا المقاتل أن الجراحات كثرت عليه ولم يصبر عليها، فوضع رأس السيف على بطنه واتكأ عليه حتى خرج من ظهره ومات، فسارع الرجل الذي كان مصاحباً له إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقول له: يا رسول الله! فلان الذي قلت فيه كذا وكذا فعل كذا وكذا، فقال عليه الصلاة والسلام: الله أكبر، صدق الله ورسوله، «إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار» .
إذاً: صدق قول ابن لهيعة فيما رواه: «رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته» ولذلك نحن لا نستطيع أن نقول: لو رفعت راية الجهاد في سبيل الله وفي مقاتلة أعداء الله أن كل من وقع قتيلاً فهو شهيد، نحن نتمنى ذلك، ونعاملهم معامله الشهداء لا نصلي عليه ولا نغسله ولا نكفنه، وندفنه في ثيابه ودمائه، هذا حكمه الدنيوي، أما في الآخرة فالله يعلم بنيته، هذا لو كان هناك مجتمع إسلامي وجهاد
إسلامي، فكيف بنا اليوم وكثير من الناس لا يصلون ومع ذلك يزعمون أنهم يريدون أن يجاهدوا، إذا عرفنا هذه الحقيقة فنحن لا نقول: إن في الصف الذين يقاتلون الكفار من مات فهو شهيد، أو ليس بشهيد، كذلك من مات من المسلمين وهو يقاتل مع الكفار المسلمين أولى وأولى أن لا نقول إنه شهيد، ولكننا نقول: المسلمون الذين يقاتلون مع الكفار اليوم العراقيين فهؤلاء مخطئون أشد الخطأ، ثم الله أعلم بنياتهم، قد يكونوا مغرورين، قد يكون بعضهم مجتهداً اجتهاداً خاطئاً، أما الطرف الآخر الذي يدافع الآن عن بلاده المسلمة فهؤلاء على حق، كذلك نقول: الله أعلم بنيتهم، ولذلك فلا ينبغي أن نتعمق بمثل هذا السؤال، هل كل من الفريقين شهداء، نحن نقول: الفريق الذي الحق معه إذا كان يقصد الجهاد في سبيل الله فهو شهيد، أما إذا كان لا يقصد ذلك فهو قتيل وليس بشهيد.
(الهدى والنور/466/ 36: 53: 00)