الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دروس وعبر من أزمة الخليج
السائل: الآن يا شيخي هذه أحاديث الحقيقة هي تخطيطات ويبدو أنها ستنفذ بعد الحرب العراقية الكافرة، قبل الحرب العراقية الإيرانية، الآن الحرب العراقية الكافرة ضد الكفار، هناك تخطيطات لعمل ترتيبات معينة لمنطقة ما يسمى بالشرق الأوسط التي هي المنطقة العربية الإسلامية، ومن ضمن الأطروحات التي صار الاتفاق أن توضع رقابة على الأسلحة التي يمكن أن تتملكها الدول العربية، فهل يجوز شرعاً قبول مبدأ أن تضع دول مهما كانت هذه الدول سواء كانت كافرة أو مسلمة الاتفاق مع دول عربية أخرى أو دول مسلمة، على الدول المسلمة الأخرى أن تحد من قابليتها وإمكانياتها للتسلح الذي يمكن أن تصد به عن نفسها، وإذا كان لا يجوز والأمر أمر اطرادي بمعنى: أنك لا تستطيع أنت أن تتملك هذه الأسلحة في المقام الأول أو تتملك مكوناتها، اثنين في المقام الثاني أن هذه الدول التي تريد أن تضع عليك هذا الحضر بالاشتراك مع الدول العربية الأخرى أو حتى بدون الاشتراك معها قادرة في أي لحظة أن تفعل معها كما فعلت مع العراق، بمعنى: أن العراق جُلَّ القضية ضربه كان لابد لأنه تملك جيشاً قوياً وتملك أسلحة فاعلة، فالآن يراد لهذه المنطقة أن لا تقوم قائمة لأي قوة عربية أو إسلامية حتى تستحوذ على هذه التقنية العالية، فما حكم الشرع في
هذا الأمر، هل يقاوم هل يشق عصا الطاعة أم ماذا؟
الشيخ: أنا أعتقد أن مثل هذا السؤال ما يخفى جوابه على كل مسلم، لا فرق بين عالم ومتعلم، وأعتقد أن هذا السؤال له نماذج كثيرة وكثيرة جداً، ومثل هذا الحكم هو نابع من عدم تطبيق الشريعة الإسلامية من كل الدول العربية تطبيقاً شرعياً كاملاً، الأمر الذي أوجد في المجتمعات الإسلامية طوائف متعددة الاتجاهات والأفكار، ومنها طائفة، الطائفة التي كانت تسمى في بعض السنوات الماضية بجماعة التكفير والهجرة وتسمي الآن نفسها بجماعة الجهاد، هؤلاء يعلنون أن هذه الدول التي تحكم بغير ما أنزل الله هي دول كافرة، ويجب الخروج عليها، ويجب مقاتلتها، وحينما نناقش هذا النوع من الناس نناقشهم من ناحيتين اثنتين:
الناحية الأولى: أن إطلاق الكلام بتكفير هؤلاء الحكام وإخراجهم من دار الإسلام هذا غلو من القول لا يجوز، لأن المسلم لا يجوز إخراجه من دائرة الإسلام إلا بما إذا أنكر شيئاً من أحكام الإسلام، وظهر ذلك الإنكار منه، وليس لمجرد مخالفته للإسلام عملياً، وليس البحث هنا الآن ولا الشاهد هنا وإنما الشاهد أننا نقول لهم وثانيا: هبو أن هذه الدول أو هؤلاء الحكام هم فعلاً كفار مرتدين عن الإسلام، فماذا يمكنكم أن تفعلوا معهم تريدون جهادهم وقتالهم، فأنتم ما استطعتم أن تقاتلوا اليهود الذين حلوا في دياركم واحتلوها رغم أنوفكم ورغم الدول العربية كلها.
يجب أن نعود يا أبا يحيى إلى السؤال الذي طرحته آنفاً: لعلكم تذكرون أن
أجوبتي في الفتنة التي قامت ولا نزال نعيش في آثارها السيئة بعض الناس لقلة إدراكهم وعدم فقههم قد يتصورون أنني تناقضت عن أجوبتي في أول الفتنة، وعن أجوبتي في أواخرها، أقول بعض الناس يعني، فنحن من قبل كنا ننصح المتحمسين من الفريقين المتعرقين منهم والمتسعدين إذا صح التعبير: الزموا، كونوا أحلاس بيوتكم، لكننا فيما بعد قلنا: يجب على الدول الإسلامية أن تقاتل مع العراق الدول الكافرة ومن معها من الحلفاء، لماذا هذا الاختلاف في الجواب؟
ما أدري وصلكم الشريط الذي فيه أن العالم الفقيه لا ينبغي أن يكون جامداً وإنما يتطور مع الحوادث، فيعطي كل حالة لبوسها وحكمها، وضربت على ذلك مثلين فقهيين، المثل الأول: خمر حرام لإسكاره تخلل، هذا الشراب ذاته بعد أن صار خلاً خرج عن الحرمة إلى الإباحة، جاءكم هذا الشريط؟
الشاهد، والمثال الثاني جاء ذكره في ذاك الشريط الماء، الماء الطهور، مطهر وطاهر، فتجري عليه الأحكام الثلاثة، قد يخرج عن طهوريته إلى طهارته، فهو طاهر إذا أصاب ثياباً لم ينجسها، لكن لا يُطَهِّر البدن ولا يصح الوضوء به، ثم قد يقع في نجاسة فتخرجه عن طاهريته، هكذا أصاب العراق بعد أن كان معتدياً على الكويت وكنا نقول: كونوا أحلاس بيوتكم، ولا تقاتلوا مع أحد الفريقين، والبحث هذا معروف لديكم تفصيل القول فيه، أما بعد أن تهجمت عليه تلك الدول الكافرة ومن معها من الحلفاء بدأ يظهر أنه ليس المقصود كما قيل في الإعلام السعودي أنهم استعانوا بالكفار الأصدقاء لأجل دفع خطر اعتداء العراق
على السعودية، تبين تماماً أن المقصود هو تحطيم الجيش العراقي والشعب العراقي، وعلى ذلك قلنا: لابد من دفع المعتدين والباغين وبخاصة إذا كانوا من الكافرين، وبصورة أخص إذا كانوا من أكبر الدول الكافرة، لكن مع الأسف ما كان مع العراق دولة إسلامية ولو اسماً بل كانت هناك دول كثيرة إسلامية مع المعتدين الباغين ألا وهم الكفار من الأمريكيين والبريطانيين وغيرهم، فكنا نرى أن المقصود من هذا تحطيم الجيش العراقي بسلامة اليهود، المحافظة على سلامة اليهود، ثم بدؤوا يعلنون أنه سيضعون نظاماً لهذا الشرق الأوسط، ثم بدؤوا يعلنون منع استيراد الأسلحة وو .. إلخ، فكان ذلك من دواعي قولي: لابد من مساعدة الجيش العراقي بالجيوش الإسلامية الأخرى، ولكن ما وقع شيء من ذلك، وما انتصر للجيش العراقي أحد إلا بالكلام «كما هي عادتنا في الانتصار لأهلنا في فلسطين» .
مداخلة:
…
حتى أول جلسة عند عدنان أن كثيراً من الأمور ليست بالواضحة، وبالتالي ما كان من الممكن استبيان الامر حتى
…
الشيخ: فيما بعد وضحت، لكن الذي أريد أن أصل إليه الحقيقة شيء أعتقد أنه من المهم أن نخرج بنتيجة من هذه المصيبة التي ألمت بالعالم الإسلامي، وليس بالعراق فقط، النتيجة والعبرة التي ينبغي أن نخرج منها هي أن كل الجماعات الإسلامية والأحزاب الإسلامية في مناهجها إلا الجماعة المسلمة التي تنهج منهج السلف الصالح كلهم إلا هذه الطائفة هم في انحراف عما يؤدي بهم إلى إقامة الدولة المسلمة، أنا تأكدت من هذه المصيبة بأن المنهج الذي
ندعو الناس إليه هو الذي ينبغي على المسلمين أن ينطلقوا فيه وأن يستمروا عليه، وذلك لأن الأحزاب والجماعات الإسلامية كلها لا تدندن حول ما نحن ندندن دائماً وأبداً مما نكني عنه بكلمتين خفيفتين: التصفية والتربية، لا تدندن حول هذا إطلاقاً، وإنما حول التكتل والتجمع والاستعداد المادي، فأنا أقول: مهما استعد هؤلاء ومهما طال بهم الزمن فإنهم بالكاد لن يصلوا إلى مثل القوة المادية العراقية التي كانت عليها، حينما تكالبت عليها هذه الأمم الكافرة ومن معها من الحلفاء، فماذا أفاد العراق مثل هذا الاستعداد المادي؟ ما أفاده شيئاً إطلاقاً، ذلك لأن الكفار هم أقوى منه، فإذا المسلمون لم يتسلحوا بسلاح لا يمكن للكفار أن يتسلحوا بمثله فسوف لا ينتصرون على الكفار، والتاريخ يعيد نفسه، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من الناحية المادية كانوا أضعف بكثير بكثير بالنسبة للدولتين العظيمتين المعروفتين عند الجميع وهي فارس والروم، ومع ذلك ربنا عز وجل نصرهم، ليس بالسلاح المادي فقط، لأنهم استعملوا السلاح ولا نستطيع نحن أن ننكر وبخاصة والله يقول كما تعلمون:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ} [الأنفال: 60] لذلك قلت: ليس بالسلاح المادي فقط، ولكن مقروناً بالسلاح المعنوي أو لنقل: الإيماني، فإذا لم تهتم الجماعات الإسلامية والأحزاب الإسلامية بهذا السلاح المعنوي الاهتمام الذي اهتمه الرسول عليه السلام نفسه وربى عليه أصحابه
فسوف لا يستطيعون أن يصيروا في القوة المادية مثل العراق إلا بعد عشرات السنين، ثم لا ينصرهم الله لأنهم لم ينصروا الله، وأنا أعتقد أن انهزام العراق بعد الأخبار التي كنا نسمعها ونكاد نطير بها فرحاً وإذا بها كسراب بقيعة يحسبه
الضمآن ماء.
ما الذي أصاب العراق بعد تلك الأخبار؟ أحد شيئين: إما تلك الأخبار مبالغ فيها ولا حقيقة لها، أو لها حقيقة ولعل هذا هو الأقرب، ولكن ما نصروا الله عز وجل إلا بالكلام، وبعد خراب البصرة كما يقولون، إلا بعد فوات الأوان، بدأنا نذكر الله ونكبر وندعو إلى الجهاد، والله عز وجل يقول:{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة: 46].
إذاً: لا فائدة من كل الاجتهادات ومن كل التكتلات سواء كانت دولية أو كانت فردية أو حزبية إلا بالعودة إلى الدعوة الإسلامية، وهنا يأتي بحثنا الطويل الطويل جداً أن تصفية الإسلام مما دخل فيه كم يحتاج من الزمان وكم يحتاج من الجهود، وتربية المسلمين حتى يكونوا كتلة واحدة، على هذا الإسلام المصفى كم يحتاج وكم يحتاج؟ إذاً: يجب علينا نحن أن نستمر في طريقنا وأن نمضي قدماً إلى الأمام وليس علينا أن تقوم الدولة الإسلامية التي ينشدها كل المسلمين على اختلاف مناهجهم، ولكن علينا أن نمشي في الطريق المستقيم كما قال رب العالمين:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] إذا كان الأمر كذلك وهو كذلك، لذلك بارك الله فيك لا فائدة من التساؤل أنه ماذا يكون موقفنا تجاه هذا التنظيم الجديد الذي سيفرض على الدول الإسلامية، منها تحديد الأسلحة، ماذا نستطيع أن نعمل، ما الذي استطعنا نحن كأفراد أن ننصر العراق سوى بالدعاء، والدعاء إذا لم يكن مقروناً بالعمل العمل المشروع لا يفيد، خاصة فيما إذا كان العمل واجباً، كيف وقد جاء
في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن رجلاً من أصحابه كان يخدمه وكانت خدمته ليلاً على الباب، لا شيء إلا لعل الرسول يستيقظ ليلاً ويريد حاجة وليس حوله من يخدمه، ومن يقوم بها، فهو نصب نفسه هناك، والرسول عليه السلام كما وصفه رب العالمين بحق:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] يقدر خدمة مثل هذا الصحابي الجليل، فقال له يوماً: يا غلام! اطلب، تمن، والرجل عاقل، قال: أمهلني يا رسول الله حتى أفكر، يريد أن يحسن الطلب، يطلب من كريم، ثم جاءه قال: يا رسول الله! لقد فكرت في الدنيا وفي الآخرة، فوجدت الناس فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير، فوجدتك في أعلى درجات الجنان، فأنا أطلب أن أكون معك في
الجنة، فماذا قال له الرسول عليه السلام؟ هنا الشاهد، قال:«لك ذلك، ولكن أعني على ذلك بكثرة السجود، فنحن ماذا أعنا العراق؟ فقط بالكلام الفارغ، بالدعاء بالقنوت بالكذا» .. إلخ، هل رأيتم أثراً لهذا القنوت؟ لا، وهذا له بحث سببه أن أكثر القانتين «وأكثر الداعين لا يرفع دعاؤهم من الأرض إلى السماء، لماذا؟ مأكله حرام ومشربه حرام، وغذي حرام، فأنى يستجاب لذلك» كما جاء في الحديث في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر مأكله حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذاك.
فأنا أقول: إن الدعاء ينفع ولكن إذا كان مقروناً بالإجابة لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن نسمع قول رب العالمين:{إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7] لا يوجد دولة اليوم تنصر الله، بل أنا قد أقول كلمة خطيرة الآن: لا يوجد حزب ينصر الله، حزب
إسلامي ينصر الله؛ لأن نصر الله إنما يكون بمعرفة شرع الله، ثم هذه المعرفة أن تكون مقرونة بالعمل بشريعة الله، ولا أجد على وجه الأرض حزباً يقوم بمعرفة الله كما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة، ثم يقرن القول مع العمل، كيف وفي أحسن الأحزاب وأوسعها دائرة وعدداً نسمع منهم كلمات لو أسأنا الظن بهم قلنا: هذا كلام الكفار، يا أخي دعونا من الخلافيات، هذا ليس وقته، يجب أن نتكتل وأن نتجمع .. إلخ، وعلى أي أساس يكون هذا التكتل والتجمع؟ لا أساس، كما تجمع العراقيون حزب البعث والمسلمين السنيين والشيعة، فماذا كان عاقبة أمرهم؟ الهزيمة الشنيعة، ولذلك فاجتهادات هذه الجماعات الإسلامية والأحزاب إذا لم تعد إلى التصفية والتربية فسيكون عملها هباء منثوراً.
مداخلة: هناك من قال: كان أحد المتحدثين رجل له خلفية تحريرية سلفية، تحدث كيف أن حقيقةً بعض الناس لا أدري بعض الناس بعد هذه الحرب قد وصلوا إلى مرحلة
…
، وأنهم قالوا: يا أخي نحن عاصين ونحن كنا كذا، ولكن الذي هزمونا الذي حاربونا هم أسوأ منا، فسؤالي أنا حقيقة ولعلي أنا أذكر أن هناك شيء أو هناك حديث أو شيء بهذا المعنى أن الله سبحانه وتعالى قد يهزم الأمة المسلمة لأمر واحد، لقد هزم المسلمين في أحد لمخالفة واحدة صغيرة
…
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان إلا ليهزمهم حتى لا يستهينوا بمخالفة أمر الرسول، فهل يعني الآن يحضرك أحاديث أو آيات تعطي هذا الدعم أنه ليس بالضرورة أن نكون نحن على شيء من الصلاح نكون أفضل، أو أنه حتماً على رب العالمين أن ينصرنا طالما نصرناه ولو بشيء بسيط مع أن هؤلاء كلهم مرابين و
…
وما
شابه ذلك.
الشيخ: لا شك أن الله عز وجل كما جعل في هذا الكون سنناً ونظاماً كذلك جعل لشريعته سنة ونظاماً، فهو يؤاخذ عباده المؤمنين بما لا يؤاخذ به الكافرين، ويكلف المؤمنين بما لا يكلف به الكافرين، لأنه كما يقول العلماء: ليس بعد الكفر ذنب، نحن إذا تركنا الآن الجواب عن هذا السؤال مؤقتاً جانباً، ونظرنا إلى دولتين كافرتين، لا نشك مطلقاً في كون أن الدولة التي هي أكثر عدة وأقوى عدداً ستنتصر على الدولة الكافرة الأخرى إذا كانت دونها في العدد وفي العدد، لا نشك في هذا إطلاقاً، لماذا؟ لأنه ليس هناك عامل للانتصار سوى لأمرين اثنين الذين ذكرناهما آنفاً.
ليس الأمر بهذا المقياس وبهذا النظام في انتصار المسلمين على الكافرين، ربنا عز وجل لا يشترط أن يكون الجيش المسلم أكثر عدداً فضلاً عن أنه لا يشترط أن يكون أكثر سلاحاً وقوة مادية من الجيش الكافر، والتاريخ يؤكد لنا هذا، أن الله لا يشترط، فضلاً عن الشرع بنصه، ففي القرآن الكريم الآية التي تقول:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 65 - 66] فإذاً: المسلم شرعاً يجب أن يصبر الشخص الواحد مقابل شخصين، فإن فر المسلم من شخصين من أعدائه يكون موالياً، ويكون قد ارتكب من أكبر الكبائر، الفرار يوم الزحف، لكن إذا
كان يقابل الفرد المسلم ثلاثة نفر فهو معذور، هذا حكم الله مصرحاً به القرآن الكريم، وخلاصة ذلك لا يشترط أن يكون الجيش المسلم مساوياً للجيش الكافر فضلاً عن أنه لا يشترط أن يكون أقوى منه، عدداً وعدة، لكن يشترط أن يكونوا مسلمين حقاً، وأن يكونوا مطيعين للقائد المسلم الذي يدير المعركة في حدود الشريعة الإسلامية، هذه التفاصيل التي توجد في شريعتنا لا توجد مفروضة على الكفار، فالكفار لا يشترط فيهم إلا من كان أكثر عدداً وعدة، فهو المنتصر على من كان دون ذلك في هذين الشرطين، لكن المسلم يشترط فيه أن يكون مؤمناً قبل كل شيء، ثم ولو كان أقل عدداً وعدة على التفصيل المذكور في الآية السابقة، حينئذٍ ربنا عز وجل ينصره ويمده بمدد السماء، هذا المدد قد فقده الكفار بسبب كفرهم، وهذا المدد
لا يقف أمامه أي قوة كافرة إطلاقاً، ولذلك فنحن يجب أن نأخذ العبرة من هذه الهزيمة التي أصابت الجيش العراقي، أن نعتقد أن النصر لا يكون إلا بتطبيق هذه الآية التي ممكن أن تعتبر من الإعجاز القرآني:{إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، فإذا لم نلتفت إلى هذه الآية وما جاء حولها من أحاديث تعتبر كأحاديث مبينة ومفسرة لهذه الآية فسنظل ضعفاء ومستعمرين إما الاستعمار المباشر كاستعمار اليهود لفلسطين، وإما استعمار فكري وسياسي واقتصادي كما نحن قادمين إليه رغم أنوفنا بسبب تغلب الكفار على هذه القوة الضاربة التي كانت في العراق، مع أنها لم تكن عند حسن الظن بها من الناحية الإيمانية.
ولذلك فأنا أعتقد أن ما أصاب المسلمين بعامة والعراق بخاصة يجب أن
نجعلها كما قال تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، يعني: أن نخرج بنتيجة: ما الذي هزم العراق؟ قبل كل شيء أنه ما كان يجاهد في سبيل الله، هذه قضية يجب أن لا نشك فيها، ما اعتدى على الكويت في سبيل الله، من يقول خلاف هذا يكون مكابراً ويكون مجادلاً أو قد لا يكون مسلماً من أصله.
فإذاً: علينا نحن أن نعود إلى التصفية والتربية، ولا سبيل إلا هذا السبيل الفريد الوحيد، ويكفينا أن المسلم الذي يعيش في حدود التصفية والتربية إذا مات ولو مات تحت دولة اليهود لكنه إلى الجنة، لأنه لا يستطيع أن يعمل شيئاً إلا أن يصلح نفسه ومن يلوذ به، أما الآخرون الذين يشتغلون بالمسائل العامة وينسون أنفسهم ثم هم لا يفعلون شيئاً إطلاقاً على النظام العسكري: مكانك راوح، فلا هم أصلحوا أنفسهم ولا هم أفادوا غيرهم، هذه العبرة التي أنا خرجت بها من هذه المصيبة التي ألمت بالعالم الإسلامي كله والله المستعان.
(الهدى والنور/470/ 41: 00: 00)
السؤال: شيخنا بالنسبة للكافرين ينصرون استدراجاً من الله تعالى، وبالنسبة للمسلمين يهزمون عقوبة لهم لأنهم لم ينصروا الله تبارك وتعالى، أليس كذلك؟
الشيخ: ممكن هذا يكون، الأخير يقيناً.
السؤال: كأني والله أعلم سمعت
…
الحديث ما معناه قد أكون مخطئاً ولكن هذا في ذهني وفي رأيي أن الله سبحانه وتعالى يسلط من هم أفضل منهم.
الشيخ: يعني: كما قال الشاعر:
وما من ظالم إلا سيبلى بأظلم
مداخلة:
…
يعني أن المسلمين بهذا المعنى، أو مثلاً إذا منعوا الزكاة لله سبحانه وتعالى يمنع عنهم القطر شيء بهذا المعنى، وكأن فيه حديث بهذا المعنى أن الله سبحانه وتعالى يسلط أو يهزم المسلمين لبعدهم عن دينهم أو شيء من هذا القبيل.
الشيخ: سيدي قضية أحد التي ذكرتها {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25] هذه ادلة واضحة جداً أن المسلمين مخالفتهم في مسألة واحدة قد ينهزمون أمام الكفار والأصل أنهم هم المنتصرون.
(الهدى والنور/470/ 50: 24: 00)