الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجلس آخر حول فتنة الخليج
السؤال: أولاً أحبكم في الله يا شيخ، كما تعلمون أنه اعتداء العراق على دولة الكويت غير جائز، لكن في بعض الجماعات الإسلامية الموجودة هنا وغيرها من البلدان أيدوا ذلك الاعتداء، وأيدوا أنهم مع العراق ضد أمريكا، ولم يوضحوا هدفهم احتلاله للكويت، لم يبينوا هدفهم هل يجوز احتلال الكويت أم لا يجوز، لم يوضحوا هذا، بل أكثر خطبهم وشعاراتهم على أنهم ضد أمريكا، ونحن معهم ضد أمريكا بحجة مع أنهم هم حاكم العراق بعثي، أو عنده بعض الصفات يعني التي تخالف الإسلام وحجتهم أنه قد يهدي الله الحاكم العراقي في يوم وليلة، مع أن العراق أو حاكم العراق فعل في كثير من المسلمين وخاصة دولة الكويت من قتل وسفك للدماء، وخاصة لأهل اللحى، وأمر بحلق اللحى وقول الله تعالى {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7]، واستدلوا أيضاً من مقاسات.
الشيخ: عفواً إن تنصروا هذا استدلالهم؟
السائل: لا، استدلالي أنا، نعم استدلالي أنا {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7].
واستدلوا أيضاً أنه أثبتت بعض الأحاديث والآثار أنه في الواقع هذا تأييد
العراق ضد أمريكا وأنه سيحدث حرب وأنه سينتصر العراق على أمريكا، وأتوا بأحاديث الله أعلم بصحتها، وما رأيك فضيلة الشيخ في علماء السعودية الذين أفتوا وأجازوا بعضهم إلا من رحم الله بدخول أمريكا إلى دولة السعودية فما رأيكم؟
الشيخ: سؤالك هذا وقد كنت حاضراً المحاضرة التي ألقيناها أول ما جلسنا في هذا المكان، ولذلك فلا ينبغي أن نعيد الكلام جواباً عن السؤال؛ لأن رأيي كان وضحاً، حيث قلنا: إن اعتداء صدام على الكويت هذا لا يجوز، وأنه هو سبب هذه الفتنة العمياء الصماء البكماء التي يعيشها المسلمون اليوم، وأن من آثار هذا الاعتداء الغاشم أن تقع السعودية في مخالفة لا مثيل لها في التاريخ الإسلامي كله، وهي أن تستنصر بالكفار المقطوع بأنهم من ألد أعداء الإسلام والمسلمين، فهذا كله أنت سمعته، فكان ينبغي أن تحدد سؤالك.
السائل:
…
الشيخ: لذلك أقول لك يجب أن تحدد سؤالك ما هو.
السائل: أخطأت.
الشيخ: حدد سؤالك.
السائل: كيف نرد على الذي قال: إن الله يهدي العراق قد يهدي الله حاكم العراق بلحظة أو بطرفة عين، والأحاديث التي ..
الشيخ: هذا كما يقال: الغريق يتعلق ولو بخيوط القمر، وأنا أقول: قد يهديه،
ولكن نحن دائماً نقول لإخواننا السائلين لما يسألوا سؤال ويضمنوا السؤال هذا الحرف (قد) فأنا أقول: قد يهديه، ولكن هذه قد تقابل بقد أخرى، وقد لا يهديه، فنحن نريد الواقع، لا نريد أن نتعامى عن هذا الواقع، ويضرب مثال بالنعامة التي يقال فيها: أحمق من نعامة، لماذا لأنها ترى العدو الصياد فتدخل رأسها في الرمل فلا ترى الصياد، فمن حماقتها تقول: ما دام هي لاترى الصياد فالصياد لا يراها، مع أنه النعامة كما هو معلوم ما شاء الله من أعظم الطيور كالجمل، فقد يهدي، وقد لا يهدي، هل يستطيع أن يقول مسلم في شخص ما ضال أنه لا يمكن أن يهتدي؟ لا يمكن، لكن العكس أيضاً: أليس يقول: ممكن ألا يهتدي، إذاً: نحن يجب أن ننظر إلى الواقع لا نعالج الواقع بالاحتمالات التي تدور بين قد وقد، يعني: قد يهتدي وقد لا يهتدي، وكما يقول المثل العامي: عصفور في اليد ولا عشرة على الشجرة، وبخاصة وما أشرت أنت إلى أفاعيل صدام، ويكفي أنه لا يزال يتبنى رئاسة حزب البعث الاشتراكي الذي هو ليس من الإسلام في سبيل، أليس هذا تعامياً كالنعامة عن حزبه وعن انحرافه عن الإسلام وعما فعل بالمسلمين قديماً وحديثاً، ثم بعد ذلك نقول: قد يهديه الله، نعم قد يهديه الله وقد لا يهديه، فكيف نتعامل معه هل نتعامل على واقعه أم على الواقع الغيبي المجهول الذي لا نستطيع أن نقول سيكون حسناً أو إنه سيزداد سوءاً على سوء، حسبنا هذا الواقع السيء الذي شاهده المسلمون قديماً منذ أن صار رئيساً لهذه الدولة، وأخيراً حينما اعتدى على جاره الكويت.
لذلك هذه من البساطة والغفلة في مكان أن ندع الأمر الواقع لا نعالجه،
ونضع الاحتمالات أنه قد يهديه الله عز وجل، وقد لا يهديه، فكيف يكون التصرف معه؟
ثم هناك آية تقول: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] هذا أمر، هل نكون مع الكافرين، هل نكون مع الفاسقين؟ لا، ربنا يقول: كونوا مع المؤمنين الصادقين، ما قيل في صدام يقال ما قلته أنا الآن: هل نكون مع الكافرين؟ يا أخي! قد يهديهم، صح، وأنا لا أفرق أبداً بين من يقول إن ربنا قد يهدي صداماً وبين من يقول: قد يهدي خصمه بوشاً، ما فيه فرق بينهما، هل ممكن مسلم يقول: لا يمكن أن يهدي الله بوشاً؟ لا يمكن، وأنا مع هؤلاء، لا يمكن أن يقال: لا يهدي، ما الذي يدرينا، هذا غيب، لو نظر الناظر إلى تاريخ بعض الصحابة الكبار وما كانوا عليه قبل إسلامهم من العداء الشديد للإسلام ونبي الإسلام، كعمر بن الخطاب لو نظر إليه يومئذٍ وهو يحارب رسول الله والمؤمنين برسول الله أشد المحاربة حتى أقاربه يحاربهم، هل يدور في خلد الناظر يومئذٍ أن هذا ممكن أن يهتدي، ما يدور، ولكن لو سئل يمكن أن هذا يهتدي؟ ما نستطيع نقول: إلا أنه يمكن أن يهتدي، لكن يمكن ألا يهتدي لا تصبح حقيقة وهو لما يهتدي بعد، فأنا أقول: هذا مثل هذا تماماً يمكن ربنا يهدي صداماً، ويمكن ربنا يهدي بوشاً عدو صدام، لكن كيف نعامل هذين الرجلين على أساس أنه يمكن أن يهديهما، أم ننظر إلى واقعهما؟
أنا أقول: الذين يقولون في صدام يمكن هؤلاء إما أنهم مهابيل أو دجالين لا ثالث لهما أبداً، وإلا ما الفرق بين إنسان يقول: بوش يا أخي هذا عدو الإسلام
والمسلمين والذي يساعد اليهود ممكن الله يهديه ويصير قوة للإسلام والمسلمين، كل شيء وما ذلك على الله بعزيز، لكن لماذا نعيش الخيال؟ لماذا لا نعالج هذا الواقع، ما هو موقف المسلمين تجاه بوش موقف عداء أم مودة وصداقة؟
انظروا الآن الدول الإسلامية والشعوب الإسلامية ترى العجب العجاب! فهؤلاء ناس يقولون كما نقلت، صدام وقف أمام بوش وهذا موقف يجب أن يحترم، لماذا؟ لأنه بوش عدو الإسلام والمسلمين، قابلهم بكلمتين: يمكن الله يهديه، اضرب هذا بهذا ماذا تطلع النتيجة .. ؟ صفر على الشمال كما يقولون.
إذاً: أعود إلى ما قلت آنفاً: نحن عرفنا من صدام ما عرفنا من بوش، صدام يحكم بلاد إسلامية عربية، لكن ما حكمها بالإسلام إلى هذه اللحظة، فإذا طرقنا الاحتمال فهذا الاحتمال كذاك الاحتمال، بوش عدو الإسلام رقم واحد اليوم، فهو ضد المسلمين في كل بلاد الإسلام، وتجلت هذه الضدية بهذه اللعبة التي قام بها، وأوقع الخلاف بين المسلمين دولاً وأفراداً كما ترون، المسألة تصبح محلولة عند هؤلاء المهابيل أو الدجالين، بوش ممكن أن يصير حبيب الإسلام، ممكن .. هكذا تعالج القضايا، ومن الذين يريدون أن يقودوا المسلمين إلى النصر:
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
إذاً: لا يجوز أن نغض النظر عن الواقع المؤلم في احتمال أن هذا الواقع المؤلم يتغير، وإلا اتركوا كل شيء على ما هو عليه، قولوا عن حكام المسلمين
كلهم، عن المسلمين أفراد كل فرد منهم لا يطبقون الإسلام في ذوات أنفسهم لا تعملوا شيئاً، لا تدعوا إلى الإسلام لأن كل هؤلاء الذين تدعوهم إلى الإسلام وتأمرونهم بتطبيق الإسلام قد يطبقون الإسلام وحطوا رجل على رجل، وانتهت القضية، هذه مهزلة ما بعدها مهزلة، أظن ما بقى فيما طرحت من الكلام سؤال آخر تحدده ولا تعومه كما فعلت أولاً، فيه شيء ثاني؟
(الهدى والنور / 459/ 50: 00: 00)
(الهدى والنور / 459/ 55: 20: 00)
السائل: حصل في الكويت سرقات ونهب، وبعض الجيران المسلمين تكون في الشارع وجارك يسرق أمامك، فيه بعض طلبة العلم أجازوا قتلهم، إذا أدى الأمر أنك تقتلهم، هؤلاء الذين يسرقون حتى لو كان قريبك، فما رأيك في الفتوى هذه؟
الشيخ: بعض طلبة العلم أفتوا بقتل من؟
السائل: الذي يسرق.
الشيخ: الذي يسرق؟
السائل: نعم.
الشيخ: ولو كان مسلماً؟
السائل: لو كان مسلماً.
الشيخ: هؤلاء مسلمين هو اللي بده يخفيهم صدام، من أين أخذوا هذه الفتوى، هل السارق يستحق القتل في الإسلام؟ لا، يستحق قطع اليد، هذا أولاً، ثانياً: هل كل فرد من أفراد المسلمين له الحق في تنفيذ الحدود الشرعية؟ الجواب: لا، فكيف صار هذا طالب علم، هذا ما شم رائحة العلم، وهذا النوع من الطلاب من أسباب وقوع هذه المصيبة التي ألمت الكويت مباشرة ثم سرت عدواها إلى بلاد أخرى فاحتلت بلاد السعودية بالأمريكان بسبب أنا أقول فيه الآن لأول مرة، ما قلته سابقاً: بسبب الكويتيين، انتبه! ! احتلت البلاد السعودية بسبب الكويتيين، كيف ذلك؟
الكويتيين لولا أنهم طغوا وبغوا حكامهم وعامتهم فربنا ما كان سلط عليهم صدامهم، ثم لما ربنا سلط عليهم صدامهم سلط الكفار الأوروبيين الأمريكان وغيرهم على البلاد السعودية، من السبب؟ الكويت، لأنه ما اعتدي على الكويت بظلم من الله {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]، أبداً.
وسأقول: على هذا كل بلاد الإسلام التي تصاب بمصائب.
السائل: بما كسبت أيديهم.
الشيخ: أبداً ما فيه إشكال إطلاقاً، ونحن نخشى مثل ما يقول المثل العامي عندنا ما أدري هو عندكم أم لا: إذا حلق جارك بل أنت. هذا عندكم؟ المقصود نحن نخشى أن بقية من بلاد الإسلام يصيبها ما أصاب الكويت، وما أصاب فلسطين من قبل وسوريا من بعد ومصر و .. إلخ، هذه كلها مصائب يجب أن
تكون نذراً تنبه المسلمين إلى أن يعودوا إلى ربهم، وإلا فسنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً، فقصدي أن قولك: بعض طلاب العلم أفتوا، هذا من جملة مصائب المسلمين اليوم، أنه لا يكاد بعض إخواننا الطلاب يعرف شيئاً من الفقه شيئاً من الحديث إلا رمى رأسه إلى السماء، ولسان حال يقول: يا أرض اشتدي ما أحد عليك قدي، وهو جاهل لا يزال في الرقراق في الضحضاح من العلم، ومع ذلك هو يتصدر المجالس ويفتي ويحرم ما أحل الله، ويحلل ما حرم الله، وهذا هو المثال الآن بين أيديكم أن السارق يقتل.
الحاكم المسلم عمر بن الخطاب لا يجوز له أن يقتل مسلماً بغير حق، وإنما إن سرق تقطع يده ليس إلا، إن زنى ما يجوز رجمه إذا كان غير محصن غير متزوج وهكذا، فالأحكام الإسلامية كالشمس في رابعة النهار، لكن الجهل يفعل بأهله مثلما يفعل الكفر بأهله أيضاً.
(الهدى والنور / 459/ 32: 34: 00)
السؤال: ما هي نصيحتك لكل مسلم في هذه الفتنة يخوض في الكلام أم يصمت يعني: نصيحة منك إن شاء الله؟
الشيخ: سبقت هذه النصيحة أيضاً حينما جلسنا أول مجيئنا هنا، وبحثنا طويلاً، فقلنا: قال عليه السلام في زمن الفتن: «كونوا أحلاس بيوتكم» تعرفون لغتكم التي نسيتموها: «كونوا أحلاس بيوتكم» ما معنى الأحلاس؟ الأحلاس جمع حلس، والحلس هو البساط الذي توسخ واهترى من كثرة الاستعمال، فهو كناية: الزموا البسطة التي أنتم تجلسون عليها دائماً وأبداً، ولا تخرجوا لا لقتال
ولا لحرب ولا أقول جهاد؛ لأن من جملة الكلام الذي جرى قبل صلاة العشاء أنه سأل سائل: هل نجاهد؟ قلنا: اليوم لا جهاد، ما فيه راية رفعت للجهاد إلا في أفغانستان، وأفغانستان مع الأسف وقفت هذه الراية ما تقدمت لأسباب بعضها معلومة وبعضها مجهولة، والله عليم بما في الصدور، لكن إذا هوجم المسلمون في عقر دارهم كان السؤال من اليهود مثلاً فعلى كل من يستطيع أن يقاتل فعليه أن يقاتل اليهود، أما الجهاد جهاد بدون دولة ما يكون، بدون خلافة راشدة ما يكون، لكن الدفاع أمر لابد منه، أما إذا جاء الدور تقاتل المسلمون بعضهم مع بعض وليس تحت راية إسلامية فهنا يأتي الحديث السابق:«كونوا أحلاس بيوتكم» ، قلنا من جملة ما قلنا في الجلسة المشار إليها آنفاً وفي جلسات عديدة وأشرطة مسجلة: كنا نتمنى يوم اعتدى صدام على الكويت أنه تكون الدولة التي تقف بعقيدتها وشريعتها وقوتها أمام بغي صدام على الكويت هي السعودية، لكن مع الأسف خاب الرجاء، وطاح الأمل؛ لأن السعودية ما تفكر يوماً ما أن تجاهد في سبيل الله، لماذا؟ لأنكم تعلمون أن السعودية اليوم من النواحي الدنيوية الاقتصادية والاجتماعية والطبية ..
وما أدري ما أيش يقولوا كلمات عصرية اليوم كثيرة لا أحفظها أصبحت مثالاً يحتذى في العصر الحاضر من بين الدول العربية، لكن ما فكرت يوماً ما أبداً أن تمرن الشعب وتهيئه لمثل هذا الصدمة التي صدمت من صدام؛ لأنها استعانت بالكفار، وأي كفار؟ ألد أعداء الإسلام والمسلمين، والذين مكنوا لليهود أولاً البريطانيين وثانياً الأمريكان هؤلاء استعانت بهم، ضد من؟ قالوا: ضد البعث، وألفت رسائل مع الأسف من
بعض السعوديين في تجويز الاستعانة بالكافرين ضد الملحدين، والملحدين صاروا في عقر دارهم من نفس النوع والبضاعة التي كانوا يريدون أن يقاتلوها بالأمريكان، فالبعث السوري والبعث العراقي واحد، الكفر ملة واحدة، فالبعث السوري صار في السعودية، ما الفرق؟ فيه فرق أنتم ما تعرفوه، بلى تعرفوه مثل حكايتي.
البعث السوري مرضي عنه من الأمريكان والأمريكان أمر فأطيع ونفذ، صار البعث السوري وسط السعودية، ولو أن الأمريكان أمر بحضور البعث العراقي في السعودية أيضاً كان الأمر كذلك، مع الأسف الشديد صرنا عبيداً للكفار من الرئيس إلى المرؤوس، ودود الخل منه فيه. والله المستعان.
والعلاج: هو أن نعود إلى الله عز وجل أفراداً ثم تصير الجماعات وتتكون من أفراد، وذكرنا أيضاً قبل صلاة العشاء قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] أول ما وقعت الواقعة اتصل بي بعض الإخوان من الكويت أنه الآن يؤلف جبهة مقاومة للعراقيين في الكويت، قلت لهم: إياكم، خلينا ندافع عن أرضنا وبلادنا وأموالنا
…
إلخ، قلت لهم: لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً مع الجيش العراقي الذي ترككم وجهاً لوجه الجيش السوري والجيش السعودي والجيش المصري، فأنتم ماذا تفعلون مع الجيش العراقي، تهلكون أنفسكم بدون مقابل، كما هو الواقع الآن في فلسطين تماماً، التي يسموها الانتفاضة، الدول العربية نفسها تهلك الفلسطينيين بالكلام الفارغ، تمجد بهم وترفع من شأنهم وبطولات وأطفال الحجارة وما أدري
كلمات معسولة جداً، وكل يوم يموت منهم بالعشرات إن لم نقل بالمئات، وأخيراً الدول العربية تتفرج وتعينهم بالكلام فقط، أما رصاصة واحدة ما تمدهم، هكذا الشعوب اليوم غافلة تماماً، فماذا يستطيع أن يفعل هؤلاء الشباب الذين أرادوا أن يتكتلوا لمقابلة الجيش العراقي والجيش السعودي هرب منه، والجيوش الأخرى هربت، ومع الاستعانة بكل الجيوش ما هو واقع في الجيش، حتى اليوم ما وقف أي جيش تجاه الجيش العراقي، فالشعب الكويتي المسكين هذا ما عنده سلاح ما عنده عتاد ما عنده استعداد ماذا سيفعلون مع العراق.
أنا نصحتهم لله: لا تفعلوا شيئاً هكذا، ما أدري فعلوا ما فعلوا، أمرهم إلى الله تبارك وتعالى، لكني أنصح الآن المسلمين، لا يورطوا أنفسهم أن يدخلوا في معركة مع هؤلاء أو هؤلاء لأنه لا هؤلاء ولا هؤلاء يجاهدون في سبيل الله، وإنما يجاهدون في سبيل مصالح شخصية، وإن أردنا أن نكبرها قليلاً: مصالح حكومية، نكبرها قليلاً: مصالح شعبية، الإسلام ليس فيه إلا مصلحة الأمة المسلمة، ولذلك قلنا اليوم قبل صلاة العشاء: إن كانت السعودية، لماذا لم تستعن للقضاء على الجيش الروسي الذي احتل البلاد الأفغانية، لماذا لم تستعن بالأمريكان يومئذٍ؟ لأن هذه بلاد ليست سعودية، أهكذا الإسلام، الإسلام لا يفرق بين أرض وأرض ما دام أنها كلها بلاد إسلامية، لكن نحن لا نحكم بالإسلام اليوم مهما تظاهرنا، ومهما قلنا: الكتاب والسنة، أفراد نحن كأفراد في كثير من الأحيان بعضنا يغش نفسه، يقول: الكتاب والسنة، لكن هو لا يعمل بالكتاب والسنة، كذلك بعض الدول تعلن أنها تحكم بالكتاب والسنة، ولكنها
في كثير من الجوانب لا تحكم بالكتاب ولا بالسنة، ولا بمذهب من المذاهب الإسلامية، وهذا يذكرني بأن البعض اليوم يقولون: بجواز الاستعانة بالكفار، وأنا أقول: قد كان فيما مضى بعض العلماء يقولون بهذا الجواز، على الرغم من أن الرسول عليه السلام قال خلاف ذلك، قال: إنا لن نستعين بمشرك.
قال بعض العلماء بجواز الاستعانة بالكفار، لكن وضعوا شرطاً مهماً جداً لم يلتزمه هؤلاء الذين استعانوا بالكفار، فهم قالوا قولاً، وفعلوا فعلاً ما يقول به عالم من علماء المسلمين قاطبة، لأن العلماء انقسموا إلى قسمين في الاستعانة بالكفار، منهم من يقول أنه لا يجوز عملاً بالحديث السابق، ونحن مع هؤلاء لأن الحديث إذا صح فهو مذهبي، ومنهم من قال: يجوز الاستعانة ولكن بشرط أن تكون الغلبة للمسلمين، انظروا هذا القيد، أن تكون الغلبة للمسلمين، أي: إذا استعان الجيش المسلم الذي يشكل مثلاً عشرة آلاف بعشرة من الكفار، هؤلاء ليس لهم صولة، ليس لهم دولة، ليست لهم غلبة، أما إذا استعان الجيش المسلم المؤلف من ألف جندي بمائة ألف جندي كافر، من الذي يقول: هذا يجوز الاستعانة به، وهو سيحتل الأرض المسلمة التي يريد أهلها أن يدفعوا الشر عنهم وإذا بهم جلبوا الشر كله إلى وسط بلادهم، فالحقيقة أن هذه من أكبر فتنة نعرفها في التاريخ الإسلامي، أن دولة مسلمة تستعين بأكبر دولة كافرة وليتها دولة واحدة، بل ودول أخرى من أعظم دول الدنيا، فإلى الله المشتكى وإليه المصير.
(الهدى والنور / 459/ 18: 39: 00)