المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الحيض) وما يذكر معه من الاستحاضة والنفاس - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌(فَرْعٌ) دُخَانُ النَّجَاسَةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابٌ الْأَذَان]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي) مُقْتَضَى (سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) .فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ

الفصل: ‌(باب الحيض) وما يذكر معه من الاستحاضة والنفاس

ضَعِيفَةً لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهِ الدَّمُ الْكَثِيرُ كَمَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الِاسْتِنْجَاءِ عَنْهُ بِخِلَافِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى كَثِيرٍ جَاوَزَ مَحِلَّهُ أَوْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ الْأَصَحَّ عَدَمَ الْعَفْوِ أَخْذًا مِمَّا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ ثَمَّ مِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ ثَمَّ (وَيَجِبُ نَزْعُهُ) سَوَاءً أَوَضَعَهُ عَلَى حَدَثٍ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَمْ عَلَى طُهْرٍ (إنْ أَمِنَ) مَحْذُورًا مِمَّا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ.

، ‌

(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

، وَالْحَيْضُ لُغَةً: السَّيَلَانُ يُقَالُ: حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ، وَشَرْعًا: دَمُ جِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ، ثُمَّ الثَّانِي أَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُنَاكَ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ. الثَّالِثُ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ الْأَصَحَّ عَدَمَ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ مُطْلَقًا أَيْ فِيمَا هُنَا وَفِيمَا هُنَاكَ، سَوَاءٌ كَانَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ أَمْ لَا وَجَاوَزَ مَحَلَّهُ أَوْ لَا، فَالْبَابَانِ مُسْتَوِيَانِ عَلَى الْجَوَابَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَمُفْتَرِقَانِ عَلَى الْأَوَّلِ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهِ الدَّمُ الْكَثِيرُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ وَلَا جَاوَزَ مَحَلَّهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَخْ إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ) أَيْ فَمَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ الْكَثِيرِ مَحْمُولٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ دُونَ طَهَارَةِ التَّيَمُّمِ ح ل. (قَوْلُهُ عَلَى كَثِيرٍ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَهَذَا كَمَا تَرَى إنَّمَا يَأْتِي عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ تَقَدُّمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَلَى التَّيَمُّمِ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ يَجِبُ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لَا لِعَدَمِ الْعَفْوِ، فَإِنْ فُرِضَ طُرُوُّ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ بَعْدُ فَلَا بِنَاءَ ز ي. (قَوْلُهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ الْكَثِيرِ مِنْ الشَّخْصِ نَفْسِهِ إذْ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَحَلَّهُ أَوْ يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ، أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ فَالْأَجْوِبَةُ ثَلَاثَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ عَدَمُ الْعَفْوِ) أَيْ عَنْ الْكَثِيرِ مُطْلَقًا ح ل أَيْ هُنَا وَفِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَيَجِبُ نَزْعُهُ إلَخْ) وَهَذَا إذَا أَخَذَ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا وَكَانَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَإِنْ وُضِعَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَجَبَ نَزْعُهُ مُطْلَقًا أَيْ أَخَذَ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا أَوْ لَا، وُضِعَ عَلَى طُهْرٍ أَوْ لَا ح ل.

[بَابُ الْحَيْضِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ]

(بَابُ الْحَيْضِ) أَيْ بَابُ أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَبَيَانُ زَمَنِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ عَنْ الْغُسْلِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ قَبْلَهُ عِنْدَ ذِكْرِ مُوجِبَاتِهِ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَلِتَعَلُّقِهِ بِالنِّسَاءِ فَكَانَ مُؤَخَّرَ الرُّتْبَةِ.

وَلَهُ عَشْرَةُ أَسْمَاءٍ: حَيْضٌ وَنِفَاسٌ وَطَمْثٌ بِالْمُثَلَّثَةِ وَضِحْكٌ وَإِعْصَارٌ وَإِكْبَارٌ وَدِرَاسٌ وَعِرَاكٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفِرَاكٌ بِالْفَاءِ وَطَمْسٌ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

حَيْضٌ نِفَاسٌ دِرَاسٌ طَمْسٌ إعْصَارٌ

ضِحْكٌ عِرَاكٌ فِرَاكٌ طَمْثٌ إكْبَارٌ

. وَاَلَّذِي يَحِيضُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ ثَمَانِيَةٌ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:

ثَمَانِيَةٌ فِي جِنْسِهَا الْحَيْضُ يَثْبُتُ

وَلَكِنْ فِي غَيْرِ النَّسَا لَا يُؤَقَّتُ

نِسَاءٌ وَخُفَّاشٌ وَضَبُعٌ وَأَرْنَبٌ

كَذَا نَاقَةٌ وَزَغٌ وَحَجَرٌ وَكَلْبَةٌ

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ مَعْنَى حَيْضِ غَيْرِ الْمَرْأَةِ رُؤْيَةُ دَمِهَا وَلَيْسَ حَيْضًا حَقِيقَةً فَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ أَقَلُّ وَلَا أَكْثَرُ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ ق ل.

(قَوْلُهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالتَّرْجَمَةِ وَلَمْ يَقُلْ وَالنِّفَاسُ وَالِاسْتِحَاضَةُ لِأَصَالَتِهِ، أَمَّا الِاسْتِحَاضَةُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا النِّفَاسُ فَلِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِهِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ حَجّ، وَقَالَ م ر وَتَرْجَمَهُ بِالْحَيْضِ لِأَنَّ أَحْكَامَهُ أَغْلَبُ فَقَدْ تَرْجَمَ لِشَيْءٍ وَزَادَ عَلَيْهِ وَهَذَا لَا يُعَدُّ عَيْبًا. (قَوْلُهُ وَالْحَيْضُ لُغَةً السَّيَلَانُ) وَمِنْهُ الْحَوْضُ لِحَيْضِ الْمَاءِ أَيْ سَيَلَانِهِ فِيهِ، وَالْعَرَبُ تُبْدِلُ الْوَاوَ يَاءً وَبِالْعَكْسِ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْهَوَاءُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَالِاسْتِحَاضَةُ لُغَةً السَّيَلَانُ أَيْضًا. وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ، وَقِيلَ إنَّ التَّعْرِيفَ الَّذِي ذَكَرَهُ اتَّحَدَ فِيهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَالشَّرْعِيُّ إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ إذَا سَالَ) أَيْ سَالَ مَاؤُهُ (قَوْلُهُ دَمُ جِبِلَّةٍ) أَيْ سَيَلَانُ دَمِ جِبِلَّةٍ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ عِنْدَهُمْ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَقِيلَ الْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٌ فَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَالْجِبِلَّةُ الطَّبِيعَةُ وَإِضَافَةُ الدَّمِ إلَيْهَا مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ أَيْ دَمٍ مُسَبَّبٍ نَاشِئٍ عَنْ الطَّبِيعَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي دَمِ عِلَّةٍ. (قَوْلُهُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ) أَيْ مِنْ عِرْقِ فَمِهِ فِي أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ. وَالرَّحِمُ وِعَاءُ الْوَلَدِ وَهُوَ جِلْدَةٌ عَلَى صُورَةِ الْجَرَّةِ الْمَقْلُوبَةِ فَبَابُهُ الضَّيِّقُ مِنْ جِهَةِ الْفَرْجِ، وَوَاسِعُهُ أَعْلَاهُ وَيُسَمَّى بِأُمِّ الْأَوْلَادِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ) قَالَ ح ل أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ اهـ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَقْتٌ لَا أَوْقَاتٌ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ

ص: 130

، وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمُ عِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ عِرْقٍ فَمُهُ فِي أَدْنَى الرَّحِمِ يُسَمَّى الْعَاذِلُ بِالْمُعْجَمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، سَوَاءٌ أَخَرَجَ أَثَرُ حَيْضٍ أَمْ لَا.

وَالنِّفَاسُ: الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ. وَالْأَصْلُ فِي الْحَيْضِ آيَةُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] أَيْ: الْحَيْضِ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ:«هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»

(أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ (تَقْرِيبًا) فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا فَهُوَ حَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا، وَالتِّسْعُ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ ظَرْفًا، بَلْ خَبَرٌ فَمَا قِيلَ:

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْأَوْقَاتِ أَقَلُّهُ وَغَالِبُهُ وَأَكْثَرُهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الدَّمَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْبُلُوغُ لَا يُسَمَّى حَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ دَمُ جِبِلَّةٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ دَمٌ اقْتَضَتْهُ الْجِبِلَّةُ وَالطَّبِيعَةُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ شَيْخُنَا ح ف وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْأَوْقَاتِ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ سَنِّ الْحَيْضِ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الطُّهْرِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ الْعَادِلُ بِالْمُهْمَلَةِ وَبِإِعْجَامِ الذَّالِ وَإِبْدَالِ اللَّامِ رَاءٍ م ر فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ لِأَنَّهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ مَعَ اللَّامِ أَوْ الرَّاءِ وَمِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا كَوْنُهُ دَمَ حَيْضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ أَنْ تَأْخُذَ مَنْ قَامَ بِهَا مَا ذُكِرَ مَاسُورَةً مَثَلًا وَتَضَعُهَا فِي فَرْجِهَا فَإِنْ دَخَلَ الدَّمَ فِيهَا فَهُوَ حَيْضٌ وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى جَوَانِبهَا فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَهَذِهِ عَلَامَةٌ ظَنِّيَّةٌ لَا قَطْعِيَّةٌ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ لَنَا مُسْتَحَاضَةٌ ع ش.

(قَوْلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ) أَيْ وَقَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ الْوِلَادَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ نِفَاسًا كَمَا سَيَأْتِي ع ش. (قَوْلُهُ مِنْ الْحَمْلِ) وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً، قَالَ الْقَوَابِلُ: فِيهَا خَلْقُ آدَمِيٍّ فَمَا بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ حَيْضٌ فِي وَقْتِهِ وَدَمٌ فَسَادٌ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَا مَا يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ، فَلَيْسَ بِحَيْضٍ لِكَوْنِهِ مِنْ آثَارِ الْوِلَادَةِ وَلَا نِفَاسَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ، بَلْ هُوَ دَمٌ فَسَادٌ إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِحَيْضِهَا الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش، قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَحُكْمُ النِّفَاسِ مُطْلَقًا حُكْمُ الْحَيْضِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَيْضَ يُوجِبُ الْبُلُوغَ وَالنِّفَاسَ لَا يُوجِبُهُ لِثُبُوتِهِ قَبْلَهُ بِالْإِنْزَالِ الَّذِي حَبِلَتْ مِنْهُ.

وَالثَّانِي أَنَّ الْحَيْضَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ، وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي أَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ لَا تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغْرِقَ وَقْتَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِي الْأَثْنَاءِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وُجُوبَهَا، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْأَوَّلِ فَقَدْ لَزِمَتْ بِالِانْقِطَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي الْحَيْضِ) أَيْ فِي وُجُودِهِ وَبَعْضِ أَحْكَامِهِ فَالْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْحَيْضِ) فَسَّرَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَالِحًا لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] . (قَوْلُهُ كَتَبَهُ اللَّهُ) أَيْ قَدَّرَهُ أَيْ قَدَّرَ خُرُوجَهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا، فَتَدْخُلُ حَوَّاءُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ بِنْتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِهِ الْأَيْسَرِ بِأَنْ سُلَّ مِنْهُ ضِلْعُهُ الْأَيْسَرُ مِنْ غَيْرِ تَأَلُّمٍ وَخُلِقَتْ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْإِنْسَانُ نَاقِصًا ضِلْعًا مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ فَأَضْلَاعُ جِهَةِ الْيُمْنَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَأَضْلَاعُ جِهَةِ الْيَسَارِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا خُلِقَتْ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَقَلُّ سِنِّهِ) أَيْ سِنِّ صَاحِبَتِهِ أَيْ أَقَلُّ زَمَنٍ يُوجَدُ فِيهِ الْحَيْضُ. (قَوْلُهُ قَمَرِيَّةً) أَيْ هِلَالِيَّةً لِأَنَّ السَّنَةَ الْهِلَالِيَّةَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ بِخِلَافِ الْعَدَدِيَّةِ، فَإِنَّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَا تَنْقُصُ وَلَا تَزِيدُ وَالشَّمْسِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ ز ي ع ش. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ لَيْسَ بِحَيْضٍ بَلْ دَمٌ فَسَادٌ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا كَمَا قَالَ سم، وَعِبَارَتُهُ فَرْعٌ لَوْ رَأَتْ الدَّمَ أَيَّامًا بَعْضُهَا قَبْلَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَبَعْضُهَا فِيهِ، فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ جَعْلُ الْمُمْكِنِ حَيْضًا فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ مِنْ التَّاسِعَةِ فَالْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْعَشَرَةِ الْمَرْئِيَّةِ وَاقِعَةٌ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ لِأَنَّهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا لَا تَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا فَهِيَ حَيْضٌ، وَالْخَمْسَةُ الْأُوَلُ مِمَّا ذَكَرَ وَاقِعَةٌ قَبْلَ زَمَنِ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا تَسَعُ مَا ذَكَرَ فَلَيْسَتْ حَيْضًا، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بَعْضُهَا حَيْضٌ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ بِلَيْلَتِهِ نَاقِصًا شَيْئًا بِحَيْثُ يَكُونُ الْبَاقِي مَعَ مَا بَعْدَهُ لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا بِأَنْ يَنْقُصَ عَنْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ التَّرْكِيبِ الْمُتَقَدِّمِ. (قَوْلُهُ بَلْ خَبَرٌ) أَيْ لِانْدِفَاعِ الْإِيهَامِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ قَالَ سم: وَفِيهِ أَنَّ الْإِيهَامَ مَوْجُودٌ عَلَيْهَا أَيْضًا لِشُمُولِهِ أَوَّلَ التَّاسِعَةِ وَأَثْنَاءَهَا، غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ الْخَبَرِيَّةَ أَقَلُّ إيهَامًا اهـ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الظَّرْفِيَّةِ إلَى الْخَبَرِيَّةِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَمَالُ التِّسْعِ لَا كُلُّهَا الصَّادِقُ بِأَوَّلِهَا ع ش. (قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ) قَائِلُهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ

ص: 131

إنَّ قَائِلَ ذَلِكَ جَعَلَهَا كُلَّهَا ظَرْفًا لِلْحَيْضِ وَلَا قَائِلَ بِهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَتَقْرِيبًا مِنْ زِيَادَتِي

(وَأَقَلُّهُ) زَمَنًا (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ قَدْرُهُمَا مُتَّصِلًا وَهُوَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً (وَأَكْثَرُهُ) زَمَنًا (خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا) وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ وَغَالِبُهُ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ كُلُّ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه (كَأَقَلَّ) زَمَنِ (طُهْرٍ بَيْنَ) زَمَنَيْ (حَيْضَتَيْنِ) فَإِنَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِلَيَالِيِهَا لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرِ وَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ الطُّهْرُ بَيْنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ بِالْإِجْمَاعِ وَغَالِبُهُ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ بَعْدَ غَالِبِ الْحَيْضِ

(وَحَرُمَ بِهِ) أَيْ بِالْحَيْضِ (وَبِنِفَاسٍ مَا حَرُمَ بِجَنَابَةٍ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا (وَعُبُورِ مَسْجِدٍ) إنْ (خَافَتْ تَلْوِيثَهُ) بِمُثَلَّثَةٍ قَبْلَ الْهَاءِ بِالدَّمِ لِغَلَبَتِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ إنَّ قَائِلَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعِ سِنِينَ. (قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ) أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ الْقِيلُ بِشَيْءٍ إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْأَقَلِّ فِي تِسْعِ سِنِينَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَيْ لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَلَى ذَلِكَ إلَّا لَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَائِلَ نَطَقَ بِتِسْعٍ مَفْتُوحَةٍ أَوْ ضَبَطَهَا بِقَلَمِهِ بِذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ ح ل.

(قَوْلُهُ زَمَنًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ أَيْ أَقَلُّ زَمَنِهِ يَوْمٌ إلَخْ، وَدَفَعَ بِهِ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَقَلِّهِ رَاجِعٌ لِلدَّمِ، وَاسْمُ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَقَلُّ دَمِ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِاسْمِ الزَّمَانِ عَنْ الْجُثَّةِ، وَإِنَّمَا آثَرَ ذِكْرَ التَّمْيِيزِ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ وَعَدَمِ تَغْيِيرِ الْإِعْرَابِ لِأَنَّهُ إنْ قَدَّرَهُ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ فَقَالَ: وَأَقَلُّ زَمَنِهِ، غَيَّرَ صُورَةَ الْمَتْنِ بِتَصْيِيرِ الْهَاءِ مَكْسُورَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَضْمُومَةً، وَفَصَلَ بَيْنَ الْمُتَضَايِفَيْنِ، وَإِنْ أَخَّرَ الْبَيَانَ عَنْ الْمَتْنِ فَقَالَ: أَيْ أَقَلُّ زَمَنِهِ بَعْدُ. وَأَقَلُّهُ أَدَّى إلَى طُولٍ فَمَا ذَكَرَهُ أَخْصَرُ وَأَوْلَى ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْ قَدَّرَهُمَا) فَسَّرَهُ بِذَلِكَ لِيَشْمَلَ نَحْوَ مِنْ الظُّهْرِ لِمِثْلِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي سم. (قَوْلُهُ مُتَّصِلٌ) قَيْدٌ فِي تَحَقُّقِ الْأَقَلِّ فَقَطْ، أَيْ لَا يُتَصَوَّرُ الْأَقَلُّ فَقَطْ إلَّا إذَا رَأَتْهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَاعَةً عَلَى الِاتِّصَالِ وَإِلَّا لَوْ رَأَتْهُ مُتَفَرِّقًا فِي أَيَّامٍ لَا يَكُونُ أَقَلُّهُ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ النَّقَاءَ الْمُتَخَلِّلَ حِينَئِذٍ حَيْضٌ، وَهُوَ قَوْلُ السَّحْب وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ شَيْخِنَا مَتَى رَأَتْ دَمًا مُتَقَطِّعًا يَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا جُمِعَ بَلَغَ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَفَى فِي حُصُولِ أَقَلِّ الْحَيْضِ ح ل؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ لَهُ صُورَتَانِ أَقَلُّ فَقَطْ وَأَقَلُّ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْغَالِبِ وَالْأَكْثَرِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ) أَيْ وَكَانَتْ أَوْقَاتُ الدِّمَاءِ مَجْمُوعُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً ح ل، أَيْ فَيُقَالُ لِهَذَا أَقَلُّ الْحَيْضِ لِأَنَّهُ قَدْرُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَغَالِبُهُ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ) وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ فَلَوْ أَخَّرَ ذَلِكَ عَمَّا ذَكَرَ كَانَ أَوْلَى ح ل، وَذَكَرَ الشَّارِحُ الْغَالِبَ تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ، (قَوْلُهُ كُلُّ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ) إذْ لَا ضَابِطَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لُغَةً وَشَرْعًا فَرَجَعَ فِيهِ إلَى الْمُتَعَارَفِ بِالِاسْتِقْرَاءِ ز ي، وَالْمُرَادُ الِاسْتِقْرَاءُ النَّاقِصُ وَهُوَ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ فَيُفِيدُ الظَّنَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَتَبُّعٌ لِأَكْثَرَ الْجُزْئِيَّاتِ بَلْ يُكْتَفَى بِتَتَبُّعِ الْبَعْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ كَمَا هُنَا انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ. (قَوْلُهُ لَا يَخْلُو غَالِبًا) اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ لِهَذَا الْقَيْدِ، وَهَلَّا اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَجْتَمِعُ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْمَطْلُوبُ سم. أَقُولُ قَدْ يُقَالُ ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ الْمُطَابِقَ لِلْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ ثُبُوتُ الْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ ع ش. (قَوْلُهُ بَيْنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) وَكَذَا الطُّهْرُ بَيْنَ نِفَاسَيْنِ وَيُتَصَوَّرُ فِيمَا لَوْ وَلَدَتْ ثُمَّ وَطِئَهَا فِي نِفَاسِهَا وَعَلِقَتْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّفَاسَ لَا يَمْنَعُ الْعُلُوقَ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ النِّفَاسِ وَقَبْلَ مُضِيِّ أَقَلِّ الطُّهْرِ أَلْقَتْ عَلَقَةً كَمَا صَوَّرَهُ س ل. (قَوْلُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ) بَلْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا طُهْرٌ أَصْلًا، كَأَنْ يَتَّصِلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ع ش.

(قَوْلُهُ تَقَدَّمَ) أَيْ الطُّهْرُ عَلَى النِّفَاسِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْ النِّفَاسِ وَكَانَ طُرُوُّهُ بَعْدَ بُلُوغِ النِّفَاسِ أَكْثَرَهُ بِأَنْ رَأَتْ النِّفَاسَ سِتِّينَ يَوْمًا ثُمَّ انْقَطَعَ يَوْمًا وَعَادَ فَإِنَّهُ حَيْضٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَرَأَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ أَكْثَرَهُ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا إلَّا إذَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ح ل، وَيَصِحُّ رُجُوعُ ضَمِيرِ تَقَدَّمَ لِلْحَيْضِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر وَعِبَارَتُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْحَيْضُ مُتَقَدَّمًا عَلَى النِّفَاسِ أَمْ مُتَأَخِّرًا. لَكِنْ ح ل رَجَّعَهُ لِلطُّهْرِ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ. اهـ. حَجّ.

(قَوْله وَحَرُمَ بِهِ) أَيْ عَلَى الْحَائِضِ وَعَلَى غَيْرِهَا بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ حَرَامٌ عَلَى زَوْجِهَا لَا عَلَيْهَا، وَالْمُبَاشَرَةُ حَرَامٌ عَلَى الْمُبَاشِرِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُبَاشَرَةُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَعُبُورِ مَسْجِدٍ) أَيْ يَقِينًا، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الِاسْتِفَاضَةُ ع ش. وَدَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ الْمُشَاعُ كَمَا قَالَهُ ع ب وَخَرَجَ غَيْرُهُ كَالْمَدْرَسَةِ فَلَا يَحْرُمُ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا تَنْجِيسُهُ. (قَوْلُهُ إنْ خَافَتْ) قَدَّرَ أَدَّةَ الشَّرْطِ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ لَا خِلَافَ فِي الْعَمَلِ بِهِ بِخِلَافِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ فَإِنَّ الْعَمَلَ بِهِ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا تَقَدَّمَ ح ف. (قَوْلُهُ بِمُثَلَّثَةٍ قَبْلَ الْهَاءِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ قِرَاءَتِهِ بِالنُّونِ الْمُوهِمِ أَنَّهُ إذَا لَوَّثَتْهُ مِنْ غَيْرِ ظُهُورِ لَوْنٍ

ص: 132

أَوْ عَدَمِ إحْكَامِهَا الشَّدَّ صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ، فَإِنْ أَمِنَتْهُ جَازَ لَهَا الْعُبُورُ كَالْجُنُبِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ بِهِ نَجَاسَةٌ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ (وَطُهْرٍ عَنْ حَدَثٍ) أَوْ لِعِبَادَةٍ لِتَلَاعُبِهَا إلَّا أَغْسَالَ الْحَجِّ وَنَحْوِهَا فَتُنْدَبُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَصَوْمٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ:«أَلَيْسَ إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟»

(وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا؛ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ «عَائِشَةَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» وَلِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ فَيَشُقُّ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِهِ (وَمُبَاشَرَةِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا) بِوَطْءٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهِ كَحُمْرَةٍ لَمْ يَحْرُمْ ع ش.

(قَوْلُهُ جَازَ لَهَا الْعُبُورُ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَوْلُهُ كَالْجُنُبِ، وَهُوَ فِي حَقِّهِ خِلَافُ الْأَوْلَى ع ش أَيْ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ. (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا إلَخْ) كَمُسْتَحَاضَةٍ وَسَلَسِ بَوْلٍ وَمَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ أَيْ سَيَّالَةٌ، وَمَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ يُخْشَى سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ حُرْمَةَ الْعُبُورِ مِنْ حَيْثُ التَّنْجِيسِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحَيْضِ ح ل، (قَوْلُهُ أَوْ لِعِبَادَةٍ) كَغُسْلِ جُمُعَةٍ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهَا كَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ. (قَوْلُهُ أَلَيْسَ إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ بِمَا بَعْدَ النَّفْيِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالِ مَنْ قَالَتْ حِينَ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«النِّسَاءُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ» مَا مَعْنَاهُ أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَمُشَاهَدٌ وَأَمَّا نُقْصَانُ الدِّينِ فَمَا وَجْهُهُ؟ قَالَ حِينَئِذٍ ذَلِكَ ع ش. قَالَ ق ل: وَالْمُرَادُ بِالْعَقْلِ الدِّيَةُ لِأَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ. وَقِيلَ إنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقْلِ تَحَمُّلُ الدِّيَةِ عَنْ الْجَانِي. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّحَمُّلَ مُنْتَفٍ أَصْلًا لَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ وَنَاقِصٌ، وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى الْعَقْلِ الْغَرِيزِيُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامَ ذَمِّ النِّسَاءِ، وَانْظُرْ وَجْهَ كَوْنِ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ حَالَ الْحَيْضِ نَقْصًا مِنْ الدِّينِ مَعَ أَنَّ التَّرْكَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا فَتُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا آتِيَةٌ بِوَاجِبٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُنَّ نَاقِصَاتُ دِينٍ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ مِنْ حَيْثُ إنَّ هَذَا الْوَقْتَ لَا يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ فَأَطْلَقَ النَّقْصَ عَلَيْهِمْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. شَيْخُنَا قَالَ م ر وَهَلْ تُثَابُ عَلَى التَّرْكِ كَمَا يُثَابُ الْمَرِيضُ عَلَى النَّوَافِلِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فِي صِحَّتِهِ وَشَغَلَهُ الْمَرَضُ عَنْهَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا لِأَنَّ الْمَرِيضَ يَنْوِي أَنْ يَفْعَلَهُ لَوْ كَانَ سَلِيمًا مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ وَهِيَ غَيْرُ أَهْلٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَفْعَلَ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهَا اهـ. وَالْقِيَاسُ عَلَى تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ أَنَّهَا تُثَابُ هُنَا عَلَى التَّرْكِ إذَا قَصَدَتْ بِهِ امْتِثَالَ الشَّارِعِ، وَالْمُنَاسِبُ لِقِيَاسِهَا عَلَى الْمَرِيضِ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ تُثَابُ عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَيْنِ فِي حَالَ الْحَيْضِ إذَا كَانَتْ عَازِمَةً عَلَى فِعْلِهِمَا لَوْلَا الْحَيْضُ؟ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ عَلَى فِي كَلَامِ م ر بِمَعْنَى مَعَ كَأَنَّهُ قَالَ: وَهَلْ تُثَابُ مَعَ التَّرْكِ أَيْ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ لَوْلَا الْحَيْضُ؟ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ) أَيْ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاجِبًا حَالَ الْحَيْضِ ز ي، وَتَسْمِيَتُهُ قَضَاءً مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ لِفِعْلِهِ مُقْتَضٍ فِي الْوَقْتِ إنَّمَا بِالنَّظَرِ لِصُورَةِ فِعْلِهِ خَارِجَ الْوَقْتِ حَجّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا بَلْ يُكْرَهُ وَتَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ طَلَبِ الْعِبَادَةِ أَيْ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ عَدَمُ انْعِقَادِهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ ح ل، وَقَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ أَيْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَلَا تُثَابُ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا مَنْهِيًّا عَنْهَا لِذَاتِهَا، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ لِذَاتِهِ لَا ثَوَابَ فِيهِ ع ش. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عُهِدَ تَأْخِيرُهُ بِعُذْرٍ كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ ثُمَّ يَقْضِي وَالصَّلَاةُ لَمْ يُعْهَدْ تَأْخِيرُهَا بِعُذْرٍ ثُمَّ تَقْضِي ح ل. (قَوْلُهُ وَمُبَاشَرَةٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ بِحَائِلٍ، لَكِنْ قَالَ م ر: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ حُرْمَةُ وَطْئِهَا فِي فَرْجِهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَجَوَازُ النَّظَرِ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ إذْ لَيْسَ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ تَقْبِيلِهَا فِي وَجْهِهَا بِشَهْوَةٍ اهـ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْمُبَاشَرَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ وَطْءٍ وَإِنْ كَانَ بِوَطْءٍ حَرُمَ، قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَمُبَاشَرَةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ بِمَا مُنِعَ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ مُمْتَنِعَةٌ عَلَيْهَا عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا للإسنوي اهـ، فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا أَنْ تَمَسَّهُ بِمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَلَوْ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ.

(قَوْلُهُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ حُرْمَةَ مَسِّ الشَّعْرِ النَّابِتِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِنْ طَالَ وَهُوَ قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا حُرْمَةُ مَسِّ ذَلِكَ أَيْضًا بِظُفْرِهِ أَوْ سِنِّهِ أَوْ شَعْرِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ أَيْضًا، لَكِنَّ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ بِسِنِّهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ ظُفْرِهِ لَمْ يَحْرُمْ وَفِيهِ وَقْفَةٌ ع ش. (قَوْلُهُ بِوَطْءٍ) أَيْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِدَفْعِ الزِّنَا وَإِلَّا فَيَرْتَكِبُ أَخَفَّ الْمَفْسَدَتَيْنِ لِدَفْعِ أَشَدِّهِمَا بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ حِلُّ اسْتِمْنَاءٍ بِيَدِهِ تَعَيَّنَ لِذَلِكَ اهـ ابْنُ شَوْبَرِيٍّ، وَهَلْ قَوْلُهُ بِيَدِهِ قَيْدٌ فَيَحْرُمُ بِيَدِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ لَا فَيَجُوزُ بِنَحْوِ يَدِهَا لِمَا عَلَّلَ بِهِ شَوْبَرِيٌّ وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَالِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِهِ تَقْدِيمُ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهُ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَوْلَا الْحَيْضُ

ص: 133

أَوْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ، وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَلَفْظُ مُبَاشَرَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَطَلَاقٍ بِشَرْطِهِ) أَيْ: بِشَرْطِ تَحْرِيمِهِ الْآتِي فِي بَابِهِ مِنْ كَوْنِهَا مَوْطُوءَةً تَعْتَدُّ بِأَقْرَاءِ مُطَلَّقَةٍ بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ زَمَنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي

(وَإِذَا انْقَطَعَ) مَا ذُكِرَ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ (لَمْ يَحِلَّ) مِمَّا حَرُمَ بِهِ (قَبْلَ طُهْرٍ) غُسْلًا كَانَ أَوْ تَيَمُّمًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: قَبْلَ الْغُسْلِ (غَيْرُ صَوْمٍ وَطَلَاقٍ وَطُهْرٍ) فَتَحِلُّ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَتَحِلُّ الصَّلَاةُ أَيْضًا لِفَاقِدَةِ الطَّهُورَيْنِ بَلْ تَجِبُ، وَقَوْلِي: وَطُهْرٌ مِنْ زِيَادَتِي

(وَالِاسْتِحَاضَةُ كَسَلَسٍ) أَيْ: كَسَلَسِ بَوْلٍ أَوْ مَذْيٍ فِيمَا يَأْتِي (فَلَا تَمْنَعُ مَا يَمْنَعُهُ الْحَيْضُ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي (فَيَجِبُ أَنْ تَغْسِلَ مُسْتَحَاضَةٌ فَرْجَهَا فَتَحْشُوهُ) بِنَحْوِ قُطْنَةٍ (فَتَعْصِبُهُ) بِأَنْ تَشُدَّهُ بَعْدَ حَشْوِهِ بِذَلِكَ بِخِرْقَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تُخْرِجُ أَحَدَهُمَا أَمَامَهَا وَالْآخَرَ وَرَاءَهَا، وَتَرْبِطُهُمَا بِخِرْقَةٍ تَشُدُّ بِهَا وَسَطَهَا كَالتِّكَّةِ.

(بِشَرْطِهِمَا) أَيْ: الْحَشْوِ، وَالْعَصْبِ أَيْ: بِشَرْطِ وُجُوبِهِمَا بِأَنْ احْتَاجَتْهَا وَلَنْ تَتَأَذَّ بِهِمَا وَلَمْ تَكُنْ فِي الْحَشْوِ صَائِمَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِاسْتِمْنَاءُ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ، وَوَطْءُ الْحَائِضِ كَبِيرَةٌ كَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَعَيُّنُ وَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الزِّنَا كَأَنْ انْسَدَّ قُبُلُهَا ع ش.

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) وَلَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ح ل وَلَوْ أَخْبَرَتْهُ بِالْحَيْضِ فَكَذَّبَهَا لَمْ يَحْرُمْ الْوَطْءُ أَوْ صَدَّقَهَا حَرُمَ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهَا وَلَمْ يُكَذِّبْهَا فَالْأَوْجَهُ حِلُّهُ لِلشَّكِّ شَرْحُ م ر، وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى الْحَيْضِ فَادَّعَتْ بَقَاءَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ م ر، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا ع ش.

(قَوْلُهُ وَطَلَاقٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْحَكَمَيْنِ وَالْمَوْلَى بِخِلَافِهِ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ وَاجِبٌ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ غَيْرُ صَوْمٍ) لِأَنَّ الْحَيْضَ زَالَ وَصَارَتْ كَالْجُنُبِ، وَعُبُورُ مَسْجِدٍ لِأَنَّهَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ، وَطَلَاقٌ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ طُولُ الْمُدَّةِ ح ل، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُصَنِّفُ عُبُورَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ التَّلْوِيثِ وَهُوَ مُنْتَفٍ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَمْ يَكُنْ الْعُبُورُ حَرَامًا. (قَوْلُهُ وَطُهْرٍ) أَيْ لِغَيْرِ الْحَيْضِ كَالْوُضُوءِ وَغُسْلِ الْجُمُعَةِ، أَيْ فَيَحِلُّ مَا ذَكَرَ قَبْلَ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ ع ش، وَالْمُرَادُ بِالطُّهْرِ الْأَوَّلِ الطُّهْرُ الرَّافِعُ لِحَدَثِ الْحَيْضِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهَا حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطُّهْرُ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ لِلْعِبَادَةِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ حَلَّ الثَّانِي قَبْلَ الْغُسْلِ الرَّافِعِ لِحَدَثِ الْحَيْضِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الرَّافِعَ لِحَدَثِ الْحَيْضِ غَيْرُ نَحْوِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْوُضُوءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَهَافُتَ فِي كَلَامِهِ؛ إذْ ظَاهِرُهُ حِلُّ الشَّيْءِ قَبْلَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْكَلَامُ إلَى قَوْلِهِ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ طُهْرٍ غَيْرَ طُهْرٍ.

وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّهْرِ الْأَوَّلِ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ التَّطَهُّرُ، وَبِالثَّانِي الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَهُوَ الْفِعْلُ، لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْأَوَّلِ غُسْلًا كَانَ أَوْ تَيَمُّمًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ) وَهِيَ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ مُضَعِّفٌ وَخُرُوجُ الدَّمِ مُضَعِّفٌ، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا مُضَعِّفَانِ، وَالشَّارِعُ نَاظِرٌ لِحِفْظِ الْأَبْدَانِ وَفِي الطَّلَاقِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ، وَفِي الطُّهْرِ التَّلَاعُبُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّوْمِ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا التَّعْلِيلُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لِفَاقِدَةِ الطَّهُورَيْنِ) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فِي التَّيَمُّمِ وَعَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إلَخْ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَسْتَثْنِهَا فِي الْمَتْنِ هُنَا ع ش.

(قَوْلُهُ وَالِاسْتِحَاضَةُ كَسَلَسٍ) ، الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا فِي الْفَصْلِ الْآتِي الَّذِي فِيهِ أَقْسَامُ الْمُسْتَحَاضَةِ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ، وَالِاسْتِحَاضَةُ هُوَ الدَّمُ الَّذِي تَرَاهُ الْمَرْأَةُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ ز ي. وَيُشْتَرَطُ لِطُهْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى الْبَدَنِ كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ سم. وَاعْتَمَدَ ح ل عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ لِقُوَّةِ الْمَاءِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، وَشَبَّهَ الِاسْتِحَاضَةَ بِالسَّلَسِ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ شَيْخُنَا ح ف. فَقَوْلُهُ كَسَلَسٍ أَيْ سَلَسِ بَوْلٍ كَمَا فِي حَجّ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ بَوْلِ سَلِسٍ أَيْ مُتَتَابِعٍ. (فَائِدَةٌ)

الْمُسْتَحَاضَةُ اسْمٌ لِلْمَرْأَةِ، وَالِاسْتِحَاضَةُ اسْمٌ لِلدَّمِ، وَالسَّلِسُ بِكَسْرِ اللَّامِ لِلرَّجُلِ وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْبَوْلِ وَنَحْوِهِ عَبْدُ رَبِّهِ الدِّيوِيُّ. (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَإِنْ كَانَ دَمُهَا جَارِيًا فِي زَمَنٍ يُحْكَمُ لَهَا فِيهِ بِكَوْنِهَا طَاهِرَةً وَلَا كَرَاهَةَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَنْ تَغْسِلَ) أَيْ مَثَلًا، فَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ كَافٍ ز ي. (قَوْلُهُ فَتَحْشُوهُ) وَيَجِبُ فِي الْحَشْوِ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ لَا بَارِزًا عَنْهُ لِئَلَّا تَصِيرَ حَامِلَةً لِمُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ وَتَرْبِطُهُمَا) رَبْطًا شَدِيدًا وَبَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ مُخْتَارٌ، وَقَوْلُهُ كَالتِّكَّةِ بِالْكَسْرِ رِبَاطُ السَّرَاوِيلِ، وَالْجَمْعُ تِكَكٌ كَسِدْرَةٍ وَسِدَرٌ قَامُوسٌ ع ش. (قَوْلُهُ وَلَمْ تَتَأَذَّ بِهِمَا) قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَيُتَّجَهُ أَنْ يُكْتَفَى فِي التَّأَذِّي بِالْحَرَقَانِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ فِي الْحَشْوِ صَائِمَةً) وَلَوْ نَفْلًا، وَإِنَّمَا حَافَظُوا عَلَى صِحَّةِ الصَّوْمِ لَا عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَكْسُ مَا فَعَلُوهُ فِيمَنْ ابْتَلَعَ خَيْطًا قَبْلَ الْفَجْرِ وَطَلَعَ الْفَجْرُ وَطَرَفُهُ خَارِجٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ، فَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا فَلَوْ رَاعَيْنَا الصَّلَاةَ لَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ لِلْحَشْوِ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْذُورَ هُنَا لَا يَنْتَفِي بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّ الْحَشْوَ يَتَنَجَّسُ وَهِيَ حَامِلَةٌ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ ز ي، وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا حَافَظُوا إلَخْ أَيْ

ص: 134

وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ، بَلْ يَجِبُ عَلَى الصَّائِمَةِ تَرْكُ الْحَشْوِ نَهَارًا، وَلَوْ خَرَجَ الدَّمُ بَعْدَ الْعَصْبِ لِكَثْرَتِهِ لَمْ يَضُرَّ أَوْ لِتَقْصِيرِهَا فِيهِ ضَرَّ

(فَتَتَطَهَّرُ) بِأَنْ تَتَوَضَّأَ أَوْ تَتَيَمَّمَ وَتَفْعَلَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ (لِكُلِّ فَرْضٍ) ، وَإِنْ لَمْ تَزُلْ الْعِصَابَةُ عَنْ مَحَلِّهَا وَلَمْ يَظْهَرْ الدَّمُ عَلَى جَوَانِبِهَا كَالتَّيَمُّمِ فِي غَيْرِ دَوَامِ الْحَدَثِ فِي التَّطَهُّرِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي (وَقْتَهُ) لَا قَبْلَهُ كَالتَّيَمُّمِ وَذِكْرُ الْحَشْوِ وَالتَّرْتِيبِ مَعَ قَوْلِي بِشَرْطِهِمَا مِنْ زِيَادَتِي وَأَفَادَ تَعْبِيرِي بِالْفَاءِ مَا شَرَطَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ مِنْ تَعْقِيبِ الطُّهْرِ بِمَا قَبْلَهُ، وَتَعْبِيرِي بِالطُّهْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوُضُوءِ (وَ) إنْ (تَبَادَرَ بِهِ) أَيْ: بِالْفَرْضِ بَعْدَ التَّطَهُّرِ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ فِي غَيْرِ دَوَامِ الْحَدَثِ (وَلَا يَضُرُّ تَأْخِيرُهَا) الْفَرْضَ (لِمَصْلَحَةٍ كَسِتْرٍ وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ) وَإِجَابَةِ مُؤَذِّنٍ وَاجْتِهَادٍ فِي قِبْلَةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَصِّرَةٍ بِذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ وَالْعَصْبِ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَيْثُ أَمَرُوهَا بِتَرْكِ الْحَشْوِ؛ لِئَلَّا يَفْسُدَ صَوْمُهَا وَلَمْ يُرَاعُوا مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الْحَشْوِ خُرُوجُ الدَّمِ الْمُقْتَضِي لِإِفْسَادِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ فَإِنَّهُمْ أَوْجَبُوا إخْرَاجَهُ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُبْطِلُوا الصَّلَاةَ بِخُرُوجِ الدَّمِ كَمَا أَبْطَلُوهَا ثَمَّ بِبَقَاءِ الْخَيْطِ، بَلْ فِي الْحَقِيقَةِ رَاعُوا كُلًّا مِنْهُمَا حَيْثُ اغْتَفَرُوا مَا يُنَافِيهِ وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ) أَيْ مَا ذَكَرَ أَيْ مَجْمُوعُهُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ بَعْضِهِ كَحَشْوٍ احْتَاجَتْهُ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ بِأَنْ كَانَتْ تَتَأَذَّى بِالْحَشْوِ وَالْعَصَبِ مَعًا دُونَ الْحَشْوِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ عَلَى الصَّائِمَةِ) أَيْ فَرْضًا.

(قَوْلُهُ وَتَفْعَلُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ لِكُلِّ فَرْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وَقَوْلُهُ جَمِيعُ مَا ذَكَرَ، وَهُوَ غَسْلُ الْفَرْجِ وَالْحَشْوِ وَالْعَصَبِ لِكُلِّ فَرْضٍ، وَتُصَلِّي مَعَهُ مَا شَاءَتْ مِنْ النَّوَافِلِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ، بَلْ وَبَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ ح ل. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ الْعِصَابَةُ عَنْ مَحَلِّهَا) وَمَحَلُّ وُجُوبِ تَجْدِيدِ الْعِصَابَةِ عِنْدَ تَلْوِيثِهَا بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ فَإِنْ لَمْ تَتَلَوَّثْ أَصْلًا أَوْ تَلَوَّثَتْ بِمَا يُعْفَى عَنْهُ لِقِلَّتِهِ فَالْوَاجِبُ فِيمَا يَظْهَرُ تَجْدِيدُ رَبْطِهَا لِكُلِّ فَرْضٍ لَا تَغْيِيرُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ وَاسْتَثْنَاهُ مِنْ دَمِ الْمَنَافِذِ الَّتِي حَكَمُوا فِيهَا بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا خَرَجَ مِنْهَا شَرْحُ م ر. وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ سَلَسِ الْبَوْلِ فِي الثَّوْبِ وَالْعِصَابَةِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ لَا خَاصَّةً، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ. (قَوْلُهُ كَالتَّيَمُّمِ) ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَبْلَ طَهَارَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الطُّهْرَ بِالْمَاءِ رَافِعٌ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَكَانَ قَوِيًّا وَلَا كَذَلِكَ التَّيَمُّمُ شَيْخُنَا ح ف، قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: قَوْلُهُ كَالتَّيَمُّمِ أَيْ كَالتَّيَمُّمِ فِي التَّطَهُّرِ لِكُلِّ فَرْضٍ وَكَدَائِمِ الْحَدَثِ فِي الْبَاقِي أَيْ فِي الْعَصَبِ وَالْحَشْوِ وَنَحْوِهِمَا، فَفِي كَلَامِهِ قِيَاسَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى التَّيَمُّمِ أَيْ تَيَمُّمِ السَّلِيمِ، وَالثَّانِي عَلَى دَائِمِ الْحَدَثِ اهـ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ دَوَامِ الْحَدَثِ) أَيْ كَالتَّيَمُّمِ الْمَوْجُودِ فِي غَيْرِ دَوَامِ الْحَدَثِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ تَيَمُّمَ غَيْرِهِ أَصْلٌ لَهُمَا أَيْ لِتَيَمُّمِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَتَيَمُّمِ دَائِمِ الْحَدَثِ، فَهُوَ أَوْلَى بِقِيَاسِهَا عَلَيْهِ لَا عَلَيْهِ وَعَلَى تَيَمُّمِ دَائِمِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ لَاقْتَضَى ذَلِكَ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ قِيَاسُ طُهْرِ ذِي ضَرُورَةٍ عَلَى طُهْرِ ذِي ضَرُورَةٍ. فَإِنْ قُلْت قَدْ قَاسَ عَلَيْهِ بَعْدُ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي.

قُلْت الْقِيَاسُ بَعْدُ فِي مُلْحَقَاتِ الطُّهْرِ مِنْ الْحَشْوِ وَنَحْوِهِ؛ فَسُومِحَ فِي الْقِيَاسِ فِيهِ شَوْبَرِيٌّ؛ أَيْ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ شَيْخُنَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّمَا قَاسَهَا عَلَى دَائِمِ الْحَدَثِ فِي مُلْحَقَاتِ الطُّهْرِ لِثُبُوتِهَا بِالنَّصِّ فِيهِ بِخِلَافِ الطُّهْرِ لِكُلِّ فَرْضٍ، فَقِيسَتْ فِيهِ عَلَى تَيَمُّمِ السَّلِيمِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَصٍّ فِي طُهْرِهَا. (قَوْلُهُ فِي التَّطَهُّرِ) هَذَا حُكْمُ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَيْ كَهُوَ فِي التَّطَهُّرِ لِكُلِّ فَرْضٍ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى دَائِمِ الْحَدَثِ فِي الْبَاقِي وَهُوَ غَسْلُ الْفَرْجِ وَالْحَشْوِ وَالْعَصَبِ. فَإِنْ قِيلَ هَلَّا قَاسَ عَلَى دَائِمِ الْحَدَثِ حَتَّى فِي التَّطَهُّرِ لِكُلِّ فَرْضٍ. قُلْنَا دَائِمُ الْحَدَثِ مَقِيسٌ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ح ل، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ السَّلِيمَ أَصْلٌ فِي الطُّهْرِ لِلْمُسْتَحَاضَةِ وَدَائِمُ الْحَدَثِ غَيْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ أَصْلٌ لَهَا فِي مُلْحَقَاتِ الطُّهْرِ فَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ أُمُورًا أَرْبَعَةً، وَهِيَ: الْغُسْلُ وَالْحَشْوُ وَالْعَصَبُ وَالطُّهْرُ لِكُلِّ فَرْضٍ. فَقَاسَ الْأَخِيرَ عَلَى تَيَمُّمِ السَّلِيمِ وَالْبَقِيَّةَ عَلَى دَائِمِ الْحَدَثِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَيَمِّمًا أَوْ مُتَوَضِّئًا فَهُمَا قِيَاسَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقْتَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ شَوْبَرِيٌّ، أَيْ مِنْ الْغُسْلِ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ أَيْ بِالْفَرْضِ) فَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِالنَّفْلِ بَلْ يُنْدَبُ، فَلَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ فِعْلِهَا الْفَرْضَ حَدَثًا آخَرَ غَيْرَ الِاسْتِحَاضَةِ وَجَبَ أَنْ تُعِيدَ جَمِيعَ ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ لِمَصْلَحَتِهِ) أَيْ الْفَرْضِ. وَخَرَجَ بِمَصْلَحَةِ الْفَرْضِ التَّأْخِيرُ لِنَحْوِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَهَلْ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ وَلَوْ مُطْلَقَةً وَإِنْ طَالَ زَمَنُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ حَرِّرْ. قُلْت وَفِي الْإِيعَابِ وَلَهَا التَّأْخِيرُ لِلرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ فِعْلَهَا لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ مُضِرٌّ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ وَانْتِظَارُ جَمَاعَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْجَمَاعَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ طَالَ وَاسْتَغْرَقَ غَالِبَ الْوَقْتِ، بَلْ فِي كَلَامِ شَيْخِنَا م ر أَنَّ لَهَا جَمِيعَ مَا ذَكَرَ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ

ص: 135