المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَ) أَنْ (يَعُمَّ) الْمَحَلَّ (كُلَّ مَرَّةٍ) لِيَصْدُقَ بِتَثْلِيثِ الْمَسْحِ وَإِنْ - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌(فَرْعٌ) دُخَانُ النَّجَاسَةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابٌ الْأَذَان]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي) مُقْتَضَى (سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) .فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ

الفصل: وَ) أَنْ (يَعُمَّ) الْمَحَلَّ (كُلَّ مَرَّةٍ) لِيَصْدُقَ بِتَثْلِيثِ الْمَسْحِ وَإِنْ

وَ) أَنْ (يَعُمَّ) الْمَحَلَّ (كُلَّ مَرَّةٍ) لِيَصْدُقَ بِتَثْلِيثِ الْمَسْحِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ سَنَّ ذَلِكَ (وَ) أَنْ (يُنَقِّيَ الْمَحَلَّ) فَإِنْ لَمْ يُنَقِّهِ بِالثَّلَاثِ وَجَبَ الْإِنْقَاءُ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ، أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ.

(وَسُنَّ إيتَارٌ) بِوَاحِدَةٍ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِوِتْرٍ «قَالَ صلى الله عليه وسلم إذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَ) سُنَّ (أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْ مُقَدَّمِ صَفْحَةٍ يُمْنَى) وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا إلَى أَنْ يَصِلَ (إلَيْهِ) أَيْ: إلَى مُقَدَّمِهَا الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ (ثُمَّ بِالثَّانِي مِنْ) مُقَدِّمَةِ صَحْفَةٍ (يُسْرَى كَذَلِكَ، ثُمَّ يُمِرُّ الثَّالِثَ عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ: عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ وَالْمَسْرَبَةِ جَمِيعًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) سُنَّ (اسْتِنْجَاءٌ بِيَسَارٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَرَوَى مُسْلِمٌ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ» (وَجَمْعُ مَاءٍ وَجَامِدٍ) بِأَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى الْمَاءِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْعَيْنَ تَزُولُ بِالْجَامِدِ وَالْأَثَرُ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى مُخَامَرَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْجَامِدِ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِدُونِ الثَّلَاثِ مَعَ الْإِنْقَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ

(بَابُ الْوُضُوءِ)

هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْأَثَرَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَا عَدَدٍ مِنْ الْمَرَّاتِ كَالْعِدَّةِ بِالْحَمْلِ شَرْحُ م ر د. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعُمَّ الْمَحَلَّ كُلَّ مَرَّةٍ) وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فِي الذَّكَرِ قَالَ الشَّيْخَانِ أَنْ يَمْسَحَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْحَجَرِ وَلَوْ أَمَرَّهُ عَلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوْلَى لِلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ أَنْ يُقَدِّمَ الْقُبُلَ وَبِالْحَجَرِ أَنْ يُقَدِّمَ الدُّبُرَ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ جَفَافًا حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُنْقِيَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَالْمَحَلَّ مَفْعُولٌ بِهِ وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ وَالْقَافِ وَالْمَحَلُّ فَاعِلٌ بِرْمَاوِيٌّ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يُنَقِّهِ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ، قَالَ م ر وَالْإِنْقَاءُ أَنْ يُزِيلَ الْعَيْنَ حَتَّى لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ اهـ وَلَوْ شَمَّ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ فِي يَدِهِ وَجَبَ غَسْلُهَا وَلَمْ يَجِبْ غَسْلُ الْمَحَلِّ لِأَنَّ الشَّارِعَ خَفَّفَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ حَيْثُ اكْتَفَى فِيهِ بِالْحَجَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ أَيْ وَاكْتَفَى فِيهِ بِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا إذَا شَمَّ الرَّائِحَةَ مِنْ مَحَلٍّ لَاقَى الْمَحَلَّ فَيَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ، وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ ز ي، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ شَمَّ رَائِحَةَ نَجَاسَةٍ فِي يَدِهِ بَعْدَ اسْتِنْجَائِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ، وَإِنْ حَكَمْنَا عَلَى يَدِهِ بِالنَّجَاسَةِ، لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ بَاطِنُ الْإِصْبَعِ الَّذِي كَانَ مُلَاصِقًا لِلْمَحَلِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي جَوَانِبِهِ فَلَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَخْ) هَلَّا قَالَ إلَى أَنْ يَبْقَى أَثَرٌ بِحَذْفِ لَا وَإِلَّا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ بَقَاءَ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ مَطْلُوبٌ إطْفِيحِيٌّ عَنْ الْبَابِلِيِّ أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ بَقَاءَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إزَالَةُ هَذَا الْأَثَرِ بِصِغَارِ الْخَزَفِ وَعِبَارَةُ حَجّ وَبَقَاءُ مَا لَا يُزِيلُهُ إلَّا صِغَارُ الْخَزَفِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَلَوْ خَرَجَ هَذَا الْقَدْرُ ابْتِدَاءً وَجَبَ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ وَفُرِّقَ مَا بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ وَلَا يَتَعَيَّنُ الِاسْتِنْجَاءُ بِصِغَارِ الْخَزَفِ الْمُزِيلَةِ بَلْ يَكْفِي إمْرَارٌ لِحَجَرٍ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَوَّثْ كَمَا اكْتَفَى بِهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ح ل.

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ إيتَارٌ) وَلَمْ يُنْزِلُوا هُنَا مُزِيلَ الْعَيْنِ مَنْزِلَةَ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِلتَّخْفِيفِ ح ل، وَعِبَارَةُ ع ش وَسُنَّ إيتَارٌ أَيْ لَا تَثْلِيثٌ بِخِلَافِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِيهِ التَّثْلِيثُ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ شَرْحُ م ر اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ مُقَدَّمِ إلَخْ) أَيْ مَعَ تَعْمِيمٍ بِأَنْ يُدِيرَ الْحَجَرَ مُلَاصِقًا لِحَلْقَةِ الدُّبُرِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِالثَّانِي إلَخْ) فَلَوْ انْتَقَلَتْ النَّجَاسَةُ بِوَاسِطَةِ إدَارَةِ هَذَا الْحَجَرِ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الِاسْتِنْجَاءِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ الْخَارِجُ، وَيَنْبَغِي أَيْ وُجُوبًا لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ الِاسْتِرْخَاءُ لِئَلَّا يَبْقَى أَثَرُ النَّجَاسَةِ فِي تَضَاعِيفِ شَرَجِ الْمَقْعَدَةِ وَكَذَا الْغَائِطُ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) ذَكَرَهُ بَعْدَ الِاتِّبَاعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْيَمِينِ مَكْرُوهٌ لَا خِلَافُ الْأَوْلَى ع ش. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ جَمَعَ. (قَوْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ ع ش، أَمَّا كَمَالُهَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ: اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ اهـ. شَرْحُ م ر.

[بَابُ الْوُضُوءِ]

الْوُضُوءُ اسْمُ مَصْدَرٍ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلُهُ تَوَضَّأَ، أَوْ وَضُوءَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَصْدَرُهُ التَّوَضُّؤُ وَالثَّانِي مَصْدَرُهُ الْوَضَاءَةُ، كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ

فَعُولَةٌ فَعَالَةٌ لِفَعُلَا

ح ف وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ أَيْ النَّضَارَةِ وَالْحُسْنِ وَالنَّظَافَةِ وَهِيَ مَعَانٍ لَهُ لُغَةً وَيُطْلَقُ لُغَةً أَيْضًا عَلَى غَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا ع ش وَفُرِضَ مَعَ الصَّلَاةِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَلَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْخَاصُّ بِهَا الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ اهـ.

ح ل وح ف. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوُضُوءُ شَرْعًا اسْتِعْمَالُ إلَخْ، وَهُوَ يَعُمُّ الْغُسْلَ وَالْمَسْحَ وَالنِّيَّةُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ

ص: 63

مُفْتَتَحًا بِنِيَّةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِفَتْحِهَا مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا، وَقِيلَ بِضَمِّهَا كَذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَا يَأْتِي وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ» . (فُرُوضُهُ) سِتَّةٌ: أَحَدُهَا (نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) عَلَى النَّاوِي أَيْ: رَفْعِ حُكْمِهِ كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُفْتَتَحًا بِجُزْئِهِ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِعْمَالِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْأَعْضَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ ق ل. فَإِنْ قُلْت هَذَا التَّعْرِيفُ لَا يَشْمَلُ التَّرْتِيبَ. قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ أَيْ وَهُوَ التَّرْتِيبُ شَوْبَرِيٌّ بِالْمَعْنَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ أَيْ ذَاتًا، أَوْ صِفَةً وَهِيَ تَقْدِيمُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَيَدْخُلُ التَّرْتِيبُ ح ف. (قَوْلُهُ: مُفْتَتَحًا) بِفَتْحِ التَّاءِ حَالٌ مِنْ اسْتِعْمَالُ، وَيَجُوزُ كَسْرُهَا حَالًا مِنْ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ، وَالتَّقْدِيرُ اسْتِعْمَالُ الْمُتَوَضِّئِ حَالَ كَوْنِهِ مُفْتَتِحًا إلَخْ، شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا) وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى فُرُوضٍ وَمَكْرُوهَاتٍ وَمُسْتَحَبَّاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ. وَشَرْطُهُ الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ، وَالْمَاءُ الْمُطْلَقُ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ، وَعَدَمُ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي، وَالْعِلْمُ بِكَيْفِيَّتِهِ وَدُخُولُ الْوَقْتِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، وَعَدَمُ تَعْلِيقِ النِّيَّةِ وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ، وَتَحَقُّقُ الْمُقْتَضَى، وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ أَيْضًا ع ش.

(قَوْلُهُ: مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ) أَيْ إذَا هُيِّئَ لِلْوُضُوءِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُهَيَّأْ؛ لِذَلِكَ فَلَا يُسَمَّى وُضُوءًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ) الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَإِلَّا، فَقَدْ تَكُونُ صَحِيحَةً وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ اج عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ طُهُورٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ اج وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَسْتَدِلَّ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الْمَقْصُودِ وَشُمُولُ الطَّهُورِ لِلتَّيَمُّمِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِذِكْرِهِ خِلَافًا لِلْبِرْمَاوِيِّ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَمْ يُذْكَرْ هُنَا. (قَوْلُهُ: فُرُوضُهُ سِتَّةٌ) فُرُوضٌ جَمْعٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَكُونُ مَعَ صِيَغِ الْعُمُومِ وَدَلَالَةُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى إلَى أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهِ سِتَّةٌ فَتَقْتَضِي الْعِبَارَةُ أَنَّ فُرُوضَ الْوُضُوءِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ، أَوْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجْمُوعِ شَرْحُ م ر وَعَبَّرَ بِالْفُرُوضِ لَا بِالْأَرْكَانِ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَلَمَّا جَازَ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَفْعَالِهِ لَمْ يَبْقَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ارْتِبَاطٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ نِيَّتِهَا عَلَى أَرْكَانِهَا صَارَتْ شَيْئًا وَاحِدًا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ فَسَدَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا كَأَنْ رَكَعَ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ غَسْلًا لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِمَا نَحْوُ شَمْعٍ فَإِنَّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْوُضُوءِ لَا يَبْطُلُ. فَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا امْتَنَعَ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَفْعَالِهَا كَانَتْ حَقِيقَةً وَاحِدَةً مُرَكَّبَةً مِنْ أَجْزَاءٍ فَنَاسَبَ عَدُّ أَجْزَائِهَا أَرْكَانًا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لَمَّا كَانَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ مُسْتَقِلًّا بِلَا تَرْكِيبٍ عَبَّرَ فِيهِ بِالْفَرْضِ اهـ.

إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ: رَفْعِ حَدَثٍ) الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا السَّبَبُ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ فِي قَوْلِهِ أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ وَلَوْ أَرَادَ الْمَعْنَيَيْنِ الْآخَرَيْنِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ وَإِنَّمَا حُمِلَ الْحَدَثُ عَلَى السَّبَبِ وَاحْتَاجَ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ لِأَنَّ قَوْلَهُ سَوَاءٌ أَنَوَى رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ: كَأَنْ بَالَ وَلَمْ يَنَمْ إلَخْ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا أَحَدُ الْأَسْبَابِ فَإِذَا قَالَ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ فَالْمُرَادُ رَفْعُ حُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ هَذَا الْمَعْنَى فَلَوْ أَرَادَ بِالْحَدَثِ نَفْسَ السَّبَبِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ اهـ.

ح ل بِالْمَعْنَى وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ لَا يَكْفِي لِلْمُجَدِّدِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ سم وَلَا يَكْفِي أَيْضًا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ وَتَكْفِي نِيَّةُ فَرْضِ الْوُضُوءِ، وَيُرَادُ مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ الْفَرْضِ ح ل. (قَوْلُهُ: عَلَى النَّاوِي) أَيْ كَائِنٌ عَلَى النَّاوِي، قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَلَوْ قَالَ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وَضَّأَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ وَالْغَاسِلُ الْمَيِّتَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ فَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَأَتَّى فِيهَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا مَا لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ رَفْعُ الْحُكْمِ هُوَ الْمُرَادَ لِأَنَّ إلَخْ، ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَاهُ) أَيْ

ص: 64

سَوَاءٌ أَنَوَى رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ أَمْ بَعْضِهَا وَإِنْ نَفَى بَعْضَهَا الْآخَرَ فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ كَأَنْ بَالَ وَلَمْ يَنَمْ فَنَوَى رَفْعَ حَدَثِ النَّوْمِ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا لَمْ يَصِحَّ أَوْ غَالِطًا صَحَّ هَذَا (لِغَيْرِ دَائِمِهِ) أَيْ: الْحَدَثِ أَمَّا دَائِمُهُ فَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ عَنْهُ لِبَقَاءِ حَدَثِهِ (أَوْ) نِيَّةِ (وُضُوءٍ) وَلَوْ بِدُونِ أَدَاءً وَفَرْضٍ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، أَوْ أَدَاءُ فَرْضِ الْوُضُوءِ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ) أَيْ: الْوُضُوءِ كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ بِخِلَافِ نِيَّةِ غَيْرِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ لِإِبَاحَتِهِ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ سَوَاءٌ أَسُنَّ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، أَوْ حَدِيثٍ أَمْ لَا كَدُخُولِ سُوقٍ وَسَلَامٍ عَلَى أَمِيرٍ. وَالنِّيَّةُ شَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

رَفْعَ الْحَدَثِ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَلَمَّا كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يُنْوَى هُوَ الْوُضُوءُ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْعِ لَا تَكْفِي دَفَعَ ذَلِكَ بِهَذَا التَّعْلِيلِ. وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْعِ تَشْتَمِلُ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْوُضُوءِ فَإِذَا نَوَى الرَّفْعَ، فَقَدْ نَوَى الْوُضُوءَ مِنْ حَيْثُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَنَوَى) أَيْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ رَفْعَ جَمِيعِ أَحْدَاثِهِ الَّتِي وُجِدَتْ مِنْهُ أَمْ بَعْضَهَا ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُتَقَدِّمًا أَمْ مُتَأَخِّرًا.

فَإِنْ قُلْت الْمُتَأَخِّرُ لَا يُسَمَّى حَدَثًا أُجِيبَ بِحَمْلِ الْأَحْدَاثِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَلَى مَا لَوْ وُجِدَتْ دَفْعَةً كَأَنْ مَسَّ وَلَمَسَ وَبَالَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُمْ إذَا نَوَى بَعْضَ أَحْدَاثِهِ بِذَلِكَ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ مُرَتَّبَةً فَنَوَى الْمُتَأَخِّرَ لَمْ يَصِحَّ وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ نِيَّةِ رَفْعِ الْبَعْضِ بَيْنَ وُجُودِهَا مَعًا، أَوْ مُتَرَتِّبَةً لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ نَاقِضًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَمْ بَعْضُهَا) لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ أَيْ إذَا ارْتَفَعَ مُضَافًا لِبَعْضِ أَسْبَابِهِ، فَقَدْ ارْتَفَعَ مُطْلَقًا، وَقَدْ يُعَارَضُ بِالْمِثْلِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي هِيَ الْأَحْدَاثُ لَا تَرْتَفِعُ وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهَا الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ التَّعَرُّضُ فِي نِيَّتِهِ لَهَا أَيْ لِشَيْءٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَيَلْغُو ذِكْرُهَا فَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْهَا كَعَدَمِ ذِكْرِهِ فَذِكْرُهُ وَعَدَمُهُ سِيَّانِ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ رَفْعُ الْحُكْمِ لَا نَفْسُ الْحَدَثِ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى النَّاوِي أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ كَمَا لَوْ نَوَى الرَّجُلُ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إنْ كَانَ غَالِطًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ بُرُلُّسِيٌّ وَشَوْبَرِيٌّ، وَقَدْ يُشْكِلُ تَصْوِيرُ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ؛ فَإِنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ مَا عَلَيْهِ يَظُنُّهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَظُنَّ حُصُولَ الْحَيْضِ لَهُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَصَوُّرِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ خُنْثَى اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ ثُمَّ خَرَجَ دَمٌ مِنْ فَرْجِهِ فَظَنَّهُ حَيْضًا فَنَوَاهُ، وَقَدْ أَجْنَبَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا اهـ.

ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ. (قَوْلُهُ: حَدَثُ النَّوْمِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ السَّبَبُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَالِطًا صَحَّ) أَيْ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَهِيَ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْحَدَثِ؛ لِصِحَّةِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، أَوْ جُمْلَةً لَا تَفْصِيلًا، فَإِنَّهُ يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، فَالْأَوَّلُ كَالْغَلَطِ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى الصَّوْمِ وَعَكْسِهِ، وَالثَّانِي كَالْغَلَطِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِيهِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ رَفْعُ حُكْمِهِ وَهُوَ يَرْتَفِعُ، وَإِنْ كَانَ رَفْعًا خَاصًّا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ رَفْعِ حُكْمِ الْحَدَثِ الرَّفْعُ الْعَامُّ لِأَنَّ حَمْلَهُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْخَاصِّ يَأْبَاهُ إذْ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّاتِ ح ل فَإِنْ أَرَادَ الرَّفْعَ الْخَاصَّ كَفَى قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُمْ إذَا نَوَى الرَّفْعَ الْخَاصَّ صَحَّتْ نِيَّتُهُ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ ذَلِكَ الْقَصْدِ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِبَاحَةَ الْخَاصَّةَ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا رَفَعَتْ جُزْءًا مِنْ حَدَثِهِ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ أَبَدًا مُبِيحَةً لَا رَافِعَةً فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يُعَضُّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ اهـ.

وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ أَيْ إنْ أَرَادَ بِالرَّفْعِ رَفْعَ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ أَوْ الْمَنْعِ الْعَامِّ أَوْ أَطْلَقَ الرَّفْعَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ فَيَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِوُضُوئِهِ إلَّا فَرْضًا وَنَوَافِلَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءُ فَرْضِ الْوُضُوءِ) وَتَدْخُلُ الْمَسْنُونَاتُ كَالدَّلْكِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ وَنَحْوِهَا تَبَعًا كَنَظِيرِهِ فِي نِيَّةِ فَرْضِ الظُّهْرِ مَثَلًا لِأَنَّ السُّنَنَ تَدْخُلُ تَبَعًا حَجّ بِإِيضَاحٍ وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ فَقَطْ اهـ.

خِضْرٌ بِخَطِّهِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ وَأَجَابَ م ر بِقَوْلِهِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ فِعْلُ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ) أَيْ؛ بِأَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مَثَلًا

ص: 65

مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ سُمِّيَ عَزْمًا وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَتَعْبِيرِي بِإِلَيْهِ أَيْ: الْوُضُوءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِلَى طُهْرٍ لِأَنَّهُ يُوهِمُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ الْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ مَثَلًا لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى طُهْرٍ وَهُوَ الْغُسْلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (مَقْرُونَةٍ بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَ الْوَجْهِ لِخُلُوِّ أَوَّلِ الْمَغْسُولِ وُجُوبًا عَنْهَا وَلَا بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ مَعَهُ بَعْضُ الْوَجْهِ كَفَى لَكِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِخُصُوصِهَا أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَا يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِشَيْءٍ مِنْ أَفْرَادِهِ ع ش وَعِبَارَةُ ح ل كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ كَأَنْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ، أَوْ مَسَّ الْمُصْحَفِ قَالَ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ أَجْزَأَ، وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لَهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ اهـ قَالَ م ر فِي الشَّرْحِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ مَا لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِعْلُهُ حَالًا كَالطَّوَافِ وَهُوَ بِمِصْرَ مَثَلًا وَصَلَاةِ الْعِيدِ فِي نَحْوِ رَجَبٍ وَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَلَا يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ رَفْعَ حَدَثٍ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.

وَقَوْلُهُ: كَالطَّوَافِ إلَخْ، مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ كَأَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْوَقْتِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخُطْوَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ) اعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي مَفْهُومِ النِّيَّةِ يُشْكِلُ بِتَحَقُّقِهَا بِدُونِهِ فِي الصَّوْمِ وَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي أَجْزَاءِ الْمَفْهُومِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِفِعْلِهِ) الضَّمِيرُ لِلشَّيْءِ وَهُوَ فِعْلٌ أَيْضًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَافُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَاخَى) أَيْ الْفِعْلُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْقَصْدِ وَعِبَارَةُ ح ل فَإِنْ تَرَاخَى أَيْ الْقَصْدُ عَنْهُ أَيْ الْفِعْلِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّعْرِيفِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: سُمِّيَ) أَيْ الْقَصْدُ عَزْمًا أَيْ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ يُقَالُ لَهُ عَزْمٌ وَنِيَّةٌ س ل. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ) ذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ أَنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ يَسْمَعُ بِهِمَا كَمَا أَنَّ فِي الرَّأْسِ أُذُنَيْنِ وَلِلْقَلْبِ عَيْنٌ كَمَا أَنَّ لِلْبَدَنِ عَيْنًا قَالَهُ الرَّاغِبُ. قَوْلُهُ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ إنَّمَا صِحَّةُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ وَالْحَنَفِيَّةُ يَمْنَعُونَ هَذَا وَيُقَدِّرُونَ إنَّمَا كَمَالُ الْأَعْمَالِ وَالْجَوَابُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ تَقْدِيرَ الصِّحَّةِ أَقْرَبُ إلَى نَفْيِ الذَّاتِ مِنْ نَفْيِ الْكَمَالِ لِأَنَّ مَا انْتَفَتْ صِحَّتُهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ مَا انْتَفَى كَمَالُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَكَأَنَّ ذَاتَه مَوْجُودَةٌ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُوهِمُ إلَخْ) هَذَا الْإِيهَامُ مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ اسْتِبَاحَةُ أُذُنَيْهِ اسْتِبَاحَةُ مَا ذُكِرَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَأَيْضًا، فَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ، أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ أَيْ، أَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةٍ فَلَا يَكْفِيهِ رَفْعُ الْحَدَثِ أَيْ مَعَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْغُسْلِ وَقَوْلُهُ: تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ أَيْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ حَدَثَهُ أَصْغَرُ وَهُوَ يَسْتَبِيحُ مَعَهُ الْمُكْثَ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ، فَلَفْظُ الِاسْتِبَاحَةِ يَدْفَعُ هَذَا الْإِبْهَامَ فَدَلَّ كَلَامُ الْأَصْلِ أَوَّلًا وَآخِرًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالطُّهْرِ فِي كَلَامِهِ الْوُضُوءُ، كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ حَجّ. (قَوْلُهُ: مَقْرُونَةً) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ عَلَى الْحَالِ مِنْ النِّيَّةِ، أَوْ صِفَةً لَهَا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَلَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الصَّلَاةِ غَافِلًا عَنْ الْفِعْلِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ يُتَّجَهُ مِثْلُهُ هُنَا عِنْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ وَنَحْوِهِمَا اهـ بِحُرُوفِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ) فَلَوْ قَامَتْ بِهِ عِلَّةٌ أَسْقَطَتْ غَسْلَهُ وَجَبَ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَوْ مَسْحُهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ بَعْدَهُ فَلَوْ سَقَطَ عَنْهُ غَسْلُ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ وَجَبَ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ غَسْلِهِمَا ز ي فَلَوْ عَمَّتْ الرِّجْلَيْنِ كَفَى تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جَبِيرَةٌ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ جَبِيرَةٌ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ ع ش وَمِثْلُ الْغُسْلِ الْمَسْحُ فِيمَا لَوْ كَانَ بِوَجْهِهِ جَبِيرَةٌ فَيَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ مَسْحِهَا قَبْلَ غَسْلِ صَحِيحِ الْوَجْهِ فَتَعْبِيرُهُمْ بِالْغَسْلِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ سم وَانْظُرْ لَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ كَشَعْرٍ فِيهِ فَأُزِيلَ هَلْ يَجِبُ إعَادَتُهَا عِنْدَ غَسْلِ مَا بَعْدَهُ، أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ عِنْدَهُ كَمَا لَا يَجِبُ غَسْلُ مَحَلِّهِ حَرِّرْ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش: إنَّهَا لَا تَجِبُ إعَادَتُهَا.

(قَوْلُهُ: كَفَى) أَيْ الْقَرْنُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) فِيهِ إشْكَالٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِدَادِ بِنِيَّةٍ لَمْ تُقَارِنْ غُسْلًا مَفْرُوضًا لِأَنَّ وُجُوبَ إعَادَتِهِ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَفْرُوضًا ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ نَازَعَ فِي وُجُوبِ إعَادَةِ غَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ الِاعْتِدَادِ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الِاعْتِدَادَ بِالْمَغْسُولِ قَالَ لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ وَإِجْزَاءِ الْمَغْسُولِ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ

ص: 66

إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَجْهَ وَجَبَ إعَادَتُهُ وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ دُونَ أَوَّلِهِ كَفَتْ وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْسُولِ مِنْهُ قَبْلَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَوُجُوبُ قَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ لِيُعْتَدَّ بِهِ وَقَوْلِي غَسْلُ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَهُ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ) أَيْ: الْوُضُوءِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَهَكَذَا كَمَا لَهُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ (وَ) لَهُ (نِيَّةُ تَبَرُّدٍ) أَوْ تَنْظِيفٍ (مَعَهَا) أَيْ: مَعَ نِيَّةِ شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. .

(وَ) ثَانِيهَا (غَسْلُ وَجْهِهِ) قَالَ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6](وَهُوَ) طُولًا (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ) أَيْ: الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَنْبُتَ فِيهَا شَعْرُهُ (وَتَحْتَ مُنْتَهَى لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ يَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى (وَ) عَرْضًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي الْبَحْرِ وَصَحَّحَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي صِحَّةَ الْوُضُوءِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَلَمْ يُوجِبَا إعَادَةَ شَيْءٍ وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ كَذَا بِخَطِّ الشَّوْبَرِيِّ وَفِي عَدَمِ وُجُوبِ إعَادَةِ الْجُزْءِ مَعَ قَصْدِ الْمَضْمَضَةِ نَظَرٌ لِوُجُودِ الصَّارِفِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَجْهَ) أَيْ وَحْدَهُ بِأَنْ نَوَى غَيْرَ الْوَجْهِ فَقَطْ، أَوْ نَوَاهُمَا، أَوْ أَطْلَقَ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَعَبْدِ الْبَرِّ وَعِ ش.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ هُنَا أَرْبَعَ صُوَرٍ: قَصْدُ الْوَجْهِ فَقَطْ، قَصْدُ الْمَضْمَضَةِ، قَصْدُهُمَا مَعًا أَطْلَقَ فَالنِّيَّةُ يَكْتَفِي بِهَا فِي الْجَمِيعِ وَسُنَّةُ الْمَضْمَضَةِ تَفُوتُ فِي الْجَمِيعِ، وَكَذَا سُنَّةُ الِاسْتِنْشَاقِ أَيْ لِتَقَدُّمِ غَسْلِ بَعْضِ الْوَجْهِ عَلَيْهِمَا وَتَقَدُّمُهَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ شَرْطٌ لِحُصُولِهِمَا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ إعَادَتِهِ فِيهَا فَمُقْتَضَاهُ حُصُولُ سُنَّتِهِمَا تَأَمَّلْ وَيَجِبُ إعَادَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ دُونَ الْأُولَى وَهَذَا حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ ع ش وم ر خِلَافًا لِمَا فِي الْحَوَاشِي وَإِنْ كَثُرَتْ شَيْخُنَا ح ف أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَرَنَ النِّيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ بِمَا قَبْلَ الْوَجْهِ فَعُلِمَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَأْلُوفَةِ مُسْتَحْضِرًا لِلنِّيَّةِ فَاتَتْهُ سُنَّتُهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحِلَّانِ إلَّا إنْ غَفَلَ عَنْ النِّيَّةِ عِنْدَهُمَا، أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ؛ بِأَنْ نَوَى الْمَضْمَضَةَ مَثَلًا وَحْدَهَا، أَوْ نَوَى سُنَنَ الْوُضُوءِ أَوْ أَدْخَلَ الْمَاءَ فِي مَحَلِّهِمَا مِنْ أُنْبُوبَةٍ حَتَّى لَا يَنْغَسِلَ مَعَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْوَجْهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِابْنِ حَجَرٍ ز ي. (قَوْلُهُ: لِيَعْتَدَّ بِهِ) أَيْ لَا لِيَعْتَدَّ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَفْرِيقُهَا) أَيْ النِّيَّةِ بِسَائِرِ صُوَرِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ ع ش عَلَى م ر كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت غَسْلَ الْوَجْهِ مَثَلًا عَنْ الْوُضُوءِ، أَوْ عَنْ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ح ل وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ التَّفْرِيقَ يَأْتِي فِي السُّنَنِ أَيْضًا اهـ قَالَ سم.

وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْمَسْنُونِ كَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَلَعَلَّ مِنْ صُوَرِهِ: نَوَيْت مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ عَنْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ اهـ.

وَفَائِدَةُ التَّفْرِيقِ عَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِإِدْخَالِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ قَبْلَ نِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِهَا شَوْبَرِيٌّ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا نِيَّةَ نَحْوِ تَبَرُّدٍ، أَوْ لَا. وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْفِيَ غَيْرَ ذَلِكَ الْعُضْوَ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ لَا عَنْ غَيْرِهِ، أَوْ لَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْهُمَا كَفَاهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْتَجْ لِلنِّيَّةِ عِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ رِجْلَيْهِ إذْ نِيَّتُهُ عِنْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ الْآنَ كَنِيَّتِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ)، أَوْ الْوُضُوءَ أَوْ الِاسْتِبَاحَةَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ز ي. (قَوْلُهُ: كَمَا لَهُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ سَلِيمًا أَمَّا السَّلِسُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ السَّلِيمِ وَالسَّلِسِ عَمِيرَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ نِيَّةُ تَبَرُّدٍ مَعَهَا) أَيْ مَعَ سَائِرِ صُوَرِ النِّيَّةِ وَحَيْثُ وَقَعَ تَشْرِيكٌ بَيْنَ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا كَمَا هُنَا فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الْآخِرَةِ أُثِيبَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ نَوَى قَطْعَ وُضُوئِهِ انْقَطَعَتْ نِيَّتُهُ فَيُعِيدُهَا لِلْبَاقِي وَحَيْثُ بَطَلَ وُضُوءُهُ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ، أَوْ غَيْرِهِ أُثِيبَ عَلَى مَا مَضَى إنْ بَطَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَإِلَّا فَلَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُ م ر انْقَطَعَتْ نِيَّتُهُ وَهَلْ مِنْ قَطْعِهَا مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْحَدَثِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِمُبْطِلٍ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ مَا غَسَلَهُ بَعْدَ الْعَزْمِ اهـ.

ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَعَهَا) ؛ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لَهَا فَإِنْ غَفَلَ عَنْهَا وَنَوَى التَّبَرُّدَ وَجَبَ إعَادَةُ مَا فَعَلَهُ مِنْ حِينِ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

. (قَوْلُهُ: غَسْلُ وَجْهِهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَوْ سَقَطَ غَسْلُ الْوَجْهِ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا لَا يَتِمَّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْمَتْبُوعُ سَقَطَ التَّابِعُ مِنْ خَطِّ ع ش. (فَرْعٌ)

لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِهَةِ صَدْرِهِ وَآخَرُ مِنْ جِهَةِ ظَهْرِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا م ر بِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ هُوَ الَّذِي مِنْ جِهَةِ صَدْرِهِ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ بِهِ دُونَ الَّذِي مِنْ جِهَةِ ظَهْرِهِ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّانِي هُوَ الَّذِي بِهِ الْإِحْسَاسُ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ فَقَطْ ع ش

ص: 67

مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ وَالْمُرَادُ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلَ الْعَيْنِ وَلَا يُسَنُّ وَزِدْت تَحْتَ لِيَدْخُلَ فِي الْوَجْهِ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ (فَمِنْهُ مَحَلُّ غَمَمٍ) وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ إذَا لَا عِبْرَةَ بِنَبَاتِهِ فِي غَيْرِ مَنْبَتِهِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِانْحِسَارِ شَعْرِ النَّاصِيَةِ (لَا) مَحَلِّ (تَحْذِيفٍ) بِمُعْجَمَةٍ وَهُوَ مَنْبَتُ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ يَعْتَادُ النِّسَاءُ وَالْأَشْرَافُ تَنْحِيَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ (وَ) لَا (نَزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّاي أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّلَاثَةِ لِدُخُولِهَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ (وَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرِهِ) أَيْ: الْوَجْهِ كَهُدْبٍ وَحَاجِبٍ وَسِبَالٍ وَعِذَارٍ هُوَ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَارِضِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِنْ كَثُفَ (لَا) غَسْلُ (بَاطِنِ كَثِيفٍ خَارِجٍ عَنْهُ) وَلَوْ غَيْرَ لِحْيَةٍ وَعَارِضٍ (وَ) لَا بَاطِنِ كَثِيفِ (لِحْيَةِ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (وَعَارِضٍ) وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا عَنْ الْوَجْهِ.

(وَ) لَا بَاطِنِ كَثِيفٍ (بَعْضُهَا) أَيْ: الثَّلَاثِ (وَ) قَدْ (تَمَيَّزَ) عَنْ بَعْضِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِتَحْدِيدِ الْوَجْهِ بِمَا ذُكِرَ وَيَجِبُ غَسْلُ مَوْقِ الْعَيْنِ وَهُوَ بِالْهَمْزِ أَوْ الْوَاوِ مُؤْخِرُ الْعَيْنِ مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ، وَمَا يَلِي الْخَدَّ يُقَالُ لَهُ لَحَاظٌ بِفَتْحِ اللَّامِ، لَكِنْ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْمَوْقَ وَالَمَاقَ لُغَتَانِ بِمَعْنَى الْمُؤْخِرِ وَهُوَ مَا يَلِي الصُّدْغِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ) ، بَلْ يُكْرَهُ لِضَرَرِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: لَا تَحْذِيفَ) مِنْ الْحَذْفِ وَهُوَ الْإِزَالَةُ وَالْعَامَّةُ تُبَدِّلُ الذَّالَ بِالْفَاءِ بِرْمَاوِيٌّ. وَالْمُرَادُ بَعْضُ مَحَلِّ التَّحْذِيفِ وَهُوَ أَعْلَاهُ وَإِلَّا فَبَعْضُهُ دَاخِلٌ فِي حَدِّ الْوَجْهِ عَلَى مَا حَدَّدَهُ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: الْعِذَارِ) بِذَالِ مُعْجَمَةٍ الشَّعْرِ النَّابِتِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ أَيْ لِبَعْضِهَا بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَرْضِ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ لِلْأَمْرَدِ غَالِبًا شَرْحُ م ر وَالْعَارِضُ مَا انْحَطَّ عَنْ الْأُذُنِ إلَى أَوَّلِ الْمُنْخَسِفِ مِنْ عَظْمِ اللِّحْيَةِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: يَعْتَادُ النِّسَاءُ) وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لِلشَّعْرِ الْمَذْكُورِ تَحْذِيفٌ لِحَذْفِهِ أَيْ إزَالَتِهِ وَحَدَّدَ الْإِمَامُ مَحَلَّ التَّحْذِيفِ بِأَنَّهُ مَا انْحَطَّ مِنْ خَيْطٍ يُوضَعُ طَرَفُهُ عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ وَطَرَفُهُ الثَّانِي عَلَى أَعْلَى الْجَبْهَةِ مُسْتَقِيمًا ح ل وَرَأْسُ الْأُذُنِ هُوَ الْجُزْءُ الْقَرِيبُ مِنْ الْوَتَدِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَعْلَاهَا ع ش بِالْمَعْنَى وَعِبَارَتُهُ بِالْحَرْفِ: وَالْمُرَادُ بِرَأْسِ الْأُذُنِ الْجُزْءُ الْمُحَاذِي لِأَعْلَى الْعَذَارِ قَرِيبًا مِنْ الْوَتَدِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَعْلَى الْأُذُنِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَاذِيًا لِمَبْدَأِ الْعَذَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَشْرَافُ) أَيْ الْأَكَابِرُ مِنْ النَّاسِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَنَزْعَتَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحَلُّ فَلِذَلِكَ رَفَعَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْسُهُمَا لَا مَحَلُّهَا. (قَوْلُهُ: الثَّلَاثَةُ) أَيْ مَحَلُّ التَّحْذِيفِ وَالنَّزْعَتَانِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَهُدْبٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ وَبِضَمِّهِمَا وَبِفَتْحِهِمَا مَعًا وَهُوَ جَمْعٌ وَالْمُفْرَدُ مِنْ كُلٍّ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى وَزْنِ جَمْعِهِ إلَّا أَنَّهُ بِزِيَادَةِ التَّاءِ وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَهْدَابٌ إسْنَوِيٌّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَحَاجِبٍ) مِنْ الْحَجْبِ وَهُوَ الْمَنْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَنْعِهِ الْأَذَى عَنْ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَسِبَالٍ) الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ ع ش وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ بِكَسْرِ السِّينِ وَحَكَى ضَمَّهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ س ل. (قَوْلُهُ: لَا بَاطِنٍ كَثِيفٍ إلَخْ) وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ شُعُورَ الْوَجْهِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ كَالْهُدْبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفَّتْ أَوْ كَثُفَتْ، أَوْ غَيْرَ نَادِرَةِ الْكَثَافَةِ وَهِيَ لِحْيَةُ الذَّكَرِ وَعَارِضَاهُ فَإِنْ خَفَّتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا وَإِنْ كَثُفَتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ فَإِنْ خَفَّ بَعْضُهَا وَكَثُفَ الْآخَرُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ إنْ تَمَيَّزَ فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَكَانَتْ كَثِيفَةً وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ، وَإِنْ خَفَّتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ ع ش وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: خَارِجٍ) الْمُرَادُ بِخُرُوجِهِ أَنْ يُجَاوِزَ حَدَّ الْوَجْهِ مِنْ جِهَةِ اسْتِرْسَالِهِ ق ل وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ اللِّحْيَةَ خَارِجَةٌ دَائِمًا مَعَ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْخَارِجِ وَغَيْرِهِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ سم وَقَرَّرَهُ الْمَشَايِخُ أَنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِهِ أَنْ يَلْتَوِيَ بِنَفْسِهِ إلَى غَيْرِ جِهَةِ نُزُولِهِ كَأَنْ يَلْتَوِيَ شَعْرُ الذَّقَنِ إلَى الشَّفَةِ، أَوْ إلَى الْحَلْقِ أَوْ يَلْتَوِيَ الْحَاجِبُ إلَى جِهَةِ الرَّأْسِ شَيْخُنَا وَعِ ش وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا يَلِي الصَّدْرَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَمَا بَيْنَ الشَّعْرِ ع ش عَلَى م ر وَقِيلَ إنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِهِ أَنْ يَخْرُجَ بِالْمَدِّ عَنْ حَدِّهِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: بَعْدُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ؛ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ بِالْمَدِّ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلِحْيَةٍ) تُجْمَعُ عَلَى لِحًى بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّهَا قَفَّالٌ ابْنُ مَالِكٍ:

. . . وَلِفِعْلَةٍ فَعَلٌ

وَقَدْ يَجِيءُ جَمْعُهُ عَلَى فَعَلٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا عَنْ الْوَجْهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ يَخْرُجَا عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ الْخَارِجِ مِنْ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ بَقِيَّةِ الشُّعُورِ الشَّامِلِ؛ لِذَلِكَ ح ل فَيَكُونُ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِحْيَةَ الذَّكَرِ وَعَارِضَيْهِ وَمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَلَوْ امْرَأَةً وَخُنْثَى إنْ كَثُفَتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَجِبُ غَسْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَوْ كَثُفَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي شُعُورِ الْوَجْهِ فَاتَّبِعْهُ ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ الثَّلَاثَةِ) وَهِيَ بَاطِنُ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ لِغَيْرِ الرَّجُلِ وَبَاطِنُ كَثِيفِ اللِّحْيَةِ وَبَاطِنُ كَثِيفِ الْعَارِضِ

ص: 68

الْآخَرِ إنْ كَانَتْ (مِنْ رَجُلٍ) فَلَا يَجِبُ لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَيَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ الْبَعْضُ الْكَثِيفُ عَنْ الْخَفِيفِ فَيَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي اللِّحْيَةِ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا وَإِنْ تَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ بَقِيَّةِ الشُّعُورِ الْكَثِيفَةِ لِنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبَةِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُوهِمُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا. وَاللِّحْيَةِ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الذَّقَنِ وَهِيَ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَالْعَارِضُ مَا يَنْحَطُّ عَنْ الْقَدْرِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ وَذِكْرُهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ أَوَّلًا لِنُدْرَتِهَا وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ نَتْفُهَا، أَوْ حَلْقُهَا لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ. وَالْخَفِيفُ مَا تُرَى بَشَرَتُهُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَالْكَثِيفُ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهَا فِيهِ، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا يُسَمَّى وَجْهًا وَفِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِ مَا يُسَمَّى رَأْسًا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا. .

(وَ) ثَالِثُهَا (غَسْلُ يَدَيْهِ) مِنْ كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ (بِكُلِّ مِرْفَقٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ الْعَكْسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُ يَدٍ وَجَبَ) غَسْلُ (مَا بَقِيَ) مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ (أَوْ مِنْ مِرْفَقِهِ) بِأَنْ سُلَّ عَظْمُ الذِّرَاعِ وَبَقِيَ الْعَظْمَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ (فَرَأْسُ) عَظْمِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَوْلُهُ: مِنْ رَجُلٍ قَيْدٌ فِي جَمِيعِ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بَاطِنٍ كَثِيفٍ إلَخْ، فَيُفِيدُ أَنَّ بَاطِنَ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ لِغَيْرِ الرَّجُلِ يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَيَكُونُ مِنْ رَجُلٍ قَيْدًا فِي غَيْرِ الْأُولَى عَلَى الصَّحِيحِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ بَاطِنَ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِ لِلرَّجُلِ وَلِلْمَرْأَةِ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ شُعُورِ الْوَجْهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إلَّا بَاطِنَ كَثِيفِ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ مِنْ الرَّجُلِ وَإِلَّا بَاطِنَ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ عَنْهُ مِنْ رَجُلٍ وَمِنْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ) أَيْ الثَّلَاثَةُ مِنْ رَجُلٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْأُنْثَى وَلَوْ صَبِيًّا وَلَا يُقَالُ إنَّ لِحْيَتَهُ نَادِرَةٌ كَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ فَتَنَبَّهْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ؛ بِأَنْ كَانَ الْكَثِيفُ مُتَفَرِّقًا فِي أَثْنَاءِ الْخَفِيفِ اهـ.

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ كَوْنُهُ فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ مَثَلًا تَأَمَّلْ سم ع ش وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ أَنْ يَسْهُلَ إفْرَادُ كُلٍّ بِالْغُسْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَقِيَّةِ الشُّعُورِ) أَيْ مَا عَدَا اللِّحْيَةَ وَالْعَارِضَ مِنْ الرَّجُلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الذَّقَنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا ب ر. (قَوْلُهُ: عَنْ الْقَدْرِ إلَخْ) وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْعِذَارِ م ر ح ف. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا غَسْلُ بَاطِنِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ وَلَوْ نَادِرَ الْكَثَافَةِ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ يَجِبُ غَسْلُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: غَسْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فِي بَاطِنِ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ مَا لَمْ يَأْمُرْهَا الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ أَكْلِ مَالَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ، أَوْ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ وَمِنْهُ إزَالَةُ نَحْوِ صُنَانٍ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُهُمَا) أَيْ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ أَمَّا إذَا تَمَيَّزَ الزَّائِدُ فَيَجِبُ غَسْلُ الْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ أَيْضًا وَيَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا ع ش عَلَى م ر وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الرَّأْسَيْنِ فَيُقَالُ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ اكْتَفَى بِمَسْحِ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ تَعَيَّنَ مَسْحُ بَعْضِ الْأَصْلِيِّ وَهَلْ يَكْفِي مَسْحُ بَعْضِ الزَّائِدِ فَقَطْ مَحَلُّ نَظَرٍ وَهَذَا كُلُّهُ بِحَسَبِ الْفَهْمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ ز ي قَالَ ع ش لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِيِّ.

. (قَوْلُهُ: مِنْ كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ) أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْيَدِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمَنْكِبِ فَدَفَعَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ كَفَّيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِكُلٍّ) أَيْ مَعَ كُلِّ مَرْفِقٍ، وَإِنْ نَبَتَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَسُمِّيَا مَرْفِقَيْنِ لِأَنَّهُ يُرْتَفَقُ بِهِمَا فِي الْإِتْكَاءِ عَلَيْهِمَا وَنَحْوِهِ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ:{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] الْأَيْدِي جَمْعُ الْيَدِ الَّتِي هِيَ الْجَارِحَةُ وَالْأَيَادِي جَمْعُ الْيَدِ الَّتِي هِيَ النِّعْمَةُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُمَا عَوَامُّ الْعُلَمَاءِ بِاللُّغَةِ عَنْ أَصْلِهِمَا فَاسْتَعْمَلُوا الْأَيَادِي فِي جَمْعِ الْيَدِ لِلْجَارِحَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَكْتُبُ إلَى صَاحِبِهِ الْمَمْلُوكُ يُقَبِّلُ الْأَيَادِيَ الْكَرِيمَةَ أَوْ الْكِرَامَ وَهُوَ لَحْنٌ وَالصَّوَابُ الْأَيْدِيَ الْكَرِيمَةَ قَالَهُ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ وَشَوْبَرِيٌّ وَفِي الْفَنَارِيِّ عَلَى الْمُطَوَّلِ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ وَالْأَيَادِي جَمْعُ الْأَيْدِي جَمْعُ الْيَدِ وَهِيَ الْجَارِحَةُ تُسْتَعْمَلُ فِي النِّعْمَةِ مَجَازًا مُرْسَلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْبَيَانِ، وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَمَا قِيلَ إنَّ الْيَدَ بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ يُجْمَعُ عَلَى أَيْدِي وَبِمَعْنَى النِّعْمَةِ عَلَى الْأَيَادِي يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ أَصْلَ يَدٍ يَدْيٌ وَمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعْلٍ لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفَاعِلَ اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَلِلِاتِّبَاعِ) أَيْ وَلِلْأَمْرِ بِالِاتِّبَاعِ فِي قَوْلِهِ {فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] لِأَنَّ الِاتِّبَاعَ وَصْفٌ لَنَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا، أَوْ الْمُرَادُ بِالِاتِّبَاعِ الْمُتَّبَعُ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ أَوْ فِعْلُهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ شَعْرٍ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَثُفَ قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ بَلْ، وَإِنْ طَالَ وَخَرَجَ عَنْ الْحَدِّ الْمُعْتَادِ

ص: 69

عَضُدِهِ) يَجِبُ غَسْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمِرْفَقِ إذْ الْمِرْفَق مَجْمُوعُ الْعِظَامِ الثَّلَاث (أَوْ) مِنْ (فَوْقِهِ سُنَّ) غَسْلُ (بَاقِي عَضُدِهِ) مُحَافَظَةً عَلَى التَّحْجِيلِ وَسَيَأْتِي وَلِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ.

(وَ) رَابِعُهَا (مَسْحُ بَعْضِ بَشَرِ رَأْسِهِ، أَوْ) بَعْضِ (شَعْرٍ) وَلَوْ وَاحِدَةً، أَوْ بَعْضَهَا (فِي حَدِّهِ) أَيْ: الرَّأْسَ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ بِالْمَدِّ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ فَلَوْ خَرَجَ بِهِ عَنْهُ مِنْهَا لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَى الْخَارِجِ قَالَ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ. لَا يُقَالُ لَوْ اكْتَفَى بِالْبَعْضِ لَاكْتَفَى بِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لِخَبَرِ «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» لِأَنَّا نُعَارِضُهُ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ لَوَجَبَ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ بِعَيْنِ مَا قُلْتُمْ. فَإِنْ قُلْت صِيغَةُ الْأَمْرِ بِمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَاحِدَةٌ فَهَلَّا أَوْجَبْتُمْ التَّعْمِيمَ أَيْضًا. قُلْنَا الْمَسْحُ ثَمَّ بَدَلٌ لِلضَّرُورَةِ وَهُنَا أَصْلٌ وَاحْتَرَزْنَا بِالضَّرُورَةِ عَنْ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ (وَلَهُ غَسْلُهُ) لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ (وَ) لَهُ (بَلُّهُ) كَوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِلَا مَدٍّ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ. .

(وَ) خَامِسُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَرْفِقُ إلَخْ) وَالْعَضُدُ مَا بَيْنَ الْمَرْفِقِ إلَى الْكَتِفِ ع ش. (قَوْلُهُ: الثَّلَاثِ) أَيْ الْعَظْمَانِ الْمُسَمَّيَانِ رَأْسَ الْعَضُدِ وَالْإِبْرَةُ الدَّاخِلَةُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى التَّحْجِيلِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ التَّابِعُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ كَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ أَيَّامَ الْجُنُونِ لِأَنَّ سُقُوطَ الْمَتْبُوعِ ثَمَّ رُخْصَةٌ فَالتَّابِعُ أَوْلَى بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلَيْسَ سُقُوطُهُ رُخْصَةً، بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فَحَسُنَ الْإِتْيَانُ بِالتَّابِعِ مُحَافَظَةً عَلَى الْفِعْلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَإِمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ الْمُحْرِمِ عِنْدَ عَدَمِ شَعْرِهِ وَلِأَنَّ التَّابِعَ شَرْعٌ، ثُمَّ تَكْمِلَةٌ لِنَقْصِ الْمَتْبُوعِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَتْبُوعٌ فَلَا تَكْمِلَةَ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ تَكْمِلَةٌ لِلْمَتْبُوعِ لِأَنَّهُ كَامِلُ الْمُشَاهَدَةِ أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَقْطُوعِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ مَنْكِبِهِ نُدِبَ غَسْلُ مَحَلِّ الْقَطْعِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ ع ش.

. (قَوْلُهُ: مَسْحُ بَعْضِ بَشَرِ رَأْسِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِمَّا وَجَبَ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ فَيَكْفِي مَسْحُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ، وَإِنْ سَبَقَ لَهُ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ لِأَنَّ غَسْلَهُ أَوَّلًا كَانَ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ لَا لِكَوْنِهِ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ اهـ.

ع ش عَلَى م ر وَبِهِ يُجَابُ عَنْ تَوَقُّفِ الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ وَلَوْ مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ أَوْ خِرْقَةٍ عَلَى رَأْسِهِ فَوَصَلَ الْبَلَلُ لِلرَّأْسِ فَالْوَجْهُ أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلَ الْجُرْمُوقِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ يَكْفِي مُطْلَقًا قَصَدَ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْجُرْمُوقِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُرْمُوقِ بِأَنَّ ثَمَّ صَارِفًا وَهُوَ مُمَاثَلَةُ غَيْرِ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهِ لَهُ فَاحْتِيجَ لِقَصْدٍ مُمَيَّزٍ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا بِرْمَاوِيٌّ وَعِ ش. (قَوْلُهُ: فِي حَدِّهِ) وَهُوَ مُذَكَّرٌ كَكُلِّ مَا لَمْ يُثَنَّ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ نَحْوِ الْأَنْفِ وَالْقَلْبِ بِخِلَافِ مَا ثُنِّيَ كَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَإِنَّهُ مُؤَنَّثٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ)، وَإِنْ كَانَ فِي حَدِّ الرَّأْسِ لِكَوْنِهِ مَعْقُوصًا أَوْ مُجَعَّدًا ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ؛ بِأَنْ كَانَ مَعْقُوصًا، أَوْ مُجَعَّدًا لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَى الْخَارِجِ أَيْ: لِأَنَّ الْمَاسِحَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَاسِحٍ عَلَى الرَّأْسِ وَالْمَأْمُورُ بِهِ فِي التَّقْصِيرِ فِي النُّسُكِ إنَّمَا هُوَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالنَّازِلِ فَلِهَذَا اكْتَفَى بِهِ هُنَاكَ لَا هُنَا. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْمَدِّ وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ: مِنْهَا أَيْ مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ.

(قَوْلُهُ: وَرَوَى مُسْلِمٌ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ إنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ تَطَرَّقَ إلَيْهَا احْتِمَالُ أَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ مَسْحُ النَّاصِيَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَالتَّكْمِيلُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا فَمِنْ أَيْنَ يَثْبُتُ الِاكْتِفَاءُ بِالْبَعْضِ مُطْلَقًا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الرَّاوِيَ فَهِمَ تَكَرُّرَ ذَلِكَ وَكَثْرَةَ وُقُوعِهِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم فَأَطْلَقَهُ فَأَخَذَ بِمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ مُتَكَرِّرًا حَتَّى كَانَتْ هَذِهِ عَادَتَهُ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا كَوْنُ الرَّاوِي ذَكَرَهُ فِي بَيَانِ وُضُوئِهِ صلى الله عليه وسلم بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ: فَدَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ إلَخْ، وَالِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ النَّاصِيَةِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ وَيَمْنَعُ وُجُوبَ التَّقْدِيرِ بِالرُّبُعِ، أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا دُونَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إلَخْ) إشَارَةٌ لِرَدِّ اعْتِرَاضٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ، وَجَوَابُنَا وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: بِعَيْنِ مَا قُلْتُمْ) فِيهِ الْتِفَاتٌ مِنْ الْغَيْبَةِ إلَى الْخِطَابِ. (قَوْلُهُ: الْمَسْحُ، ثَمَّ بُدِّلَ) أَيْ فَأُعْطِيَ حُكْمَ مُبْدَلِهِ وَهُنَا أَصْلٌ أَيْ فَعُمِلَ فِيهِ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَقِيلَ إنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدِّدٍ كَمَا فِي الْآيَةِ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] تَكُونُ لِلْإِلْصَاقِ قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ شَوْبَرِيٌّ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ خَرْمًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّهَا هُنَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدِّدٍ فِي قَوْلِهِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: 6] . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَدَّنَا عَنْ الْأَخْذِ بِالْقَاعِدَةِ أَنَّ الْمَسْحَ بَدَلٌ. (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الِاسْتِيعَابِ بِخِلَافِ مَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَإِنَّ فِيهِ مَانِعًا مِنْ الِاسْتِيعَابِ وَهُوَ تَعَيُّبُ الْخُفِّ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَانَ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسَ وَهُوَ الِاسْتِيعَابُ فِيمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَعَدَمُهُ فِيمَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ) أَيْ بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ بَدَلٌ، وَقِيلَ إنَّهُ أَصْلٌ وَأُجِيبَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الشَّارِعَ نَاظِرٌ لِحِفْظِ الْأَمْوَالِ وَفِي تَعْمِيمِ الْخُفِّ نَقْصٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ غَسْلُهُ) وَإِذَا غَسَلَهُ لَا نَدْبَ فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ شَوْبَرِيٌّ وَعِ ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ) إنْ قُلْت إنَّهُ مُغَايِرُهُ قَطْعًا فَكَيْفَ يَكُونُ نَفْسَهُ

ص: 70

(غَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكُلِّ كَعْبٍ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا كَعْبَانِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ قُرِئَ فِي السَّبْعِ {أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] بِالنَّصْبِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْوُجُوهِ لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ وَمَعْنًى فِي الثَّانِي لِجَرِّهِ عَلَى الْجِوَارِ وَفُصِلَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِينَ إشَارَةً إلَى التَّرْتِيبِ بِتَقْدِيمِ مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ وَغَسْلُهُمَا هُوَ الْأَصْلُ وَسَيَأْتِي جَوَازُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ بَدَلَهُ وَالْمُرَادُ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ انْغِسَالُهَا وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِانْغِسَالِ مُلَاقِيهَا مَعَهَا.

(وَ) سَادِسُهَا (تَرْتِيبُهُ هَكَذَا) أَيْ: كَمَا ذُكِرَ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ، ثُمَّ الرَّأْسِ، ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مَعَ خَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ «أَبْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» (وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ) بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قُلْت مُرَادُهُ بِهِ أَنَّهُ مُحَصِّلٌ لِمَقْصُودِ الْمَسْحِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ لِلرَّأْسِ لَا أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ مَسْحٌ وَغَسْلٌ فَسَقَطَ مَا قَدْ يُقَالُ الْمَسْحُ ضِدُّ الْغُسْلِ فَكَيْفَ يُحَصِّلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ اهـ.

ابْنُ حَجَرٍ بِالْمَعْنَى.

. (قَوْلُهُ: مَفْصِلِ السَّاقِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْمَفْصِلُ بِوَزْنِ الْمَجْلِسُ وَاحِدُ مَفَاصِلِ الْأَعْضَاءِ وَالْمِفْصَلُ بِوَزْنِ الْمِبْضَعُ اللِّسَانُ اهـ. وَالسَّاقُ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَا بَيْنَ الْقَدَمِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ مُؤَنَّثٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُجْمَعُ عَلَى أَسْوُقٍ وَسِيقَانٍ وَسُوقٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَوْقِهَا لِلْجَسَدِ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] لَمْ يَقُلْ إلَى الْكُعُوبِ كَمَا قَالَ فِي الْأَيْدِي إلَى الْمَرَافِقِ لِأَنَّ كُلَّ رِجْلٍ فِيهَا كَعْبَانِ وَجَمَعَ الْمَرَافِقَ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ فِيهَا مَرْفِقٌ وَمُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي الْقِسْمَةَ آحَادًا فَلَوْ جَمَعَ الْكَعْبَ لَأَوْهَمَ الْقِسْمَةَ آحَادًا فَتَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِ كَعْبٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ قُلْنَا صَدَّنَا عَنْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ م ر بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى فِي الثَّانِي) اُنْظُرْ وَجْهَ كَوْنِ الْعَطْفِ مَعْنَوِيًّا مَعَ عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَفْظًا أَيْضًا وَالْعَامِلُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَحَلَّ اشْتَغَلَ بِحَرَكَةِ الْجِوَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيَجُوزُ عَطْفُ قِرَاءَةِ الْجَرِّ عَلَى الرُّءُوسِ وَيُحْمَلُ الْمَسْحُ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ، أَوْ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ مَسْحًا وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْأَرْجُلِ طَلَبًا لِلِاقْتِصَادِ أَيْ التَّوَسُّطِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْإِسْرَافِ لِغَسْلِهَا بِالصَّبِّ عَلَيْهَا وَتُجْعَلُ الْبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ عَلَى هَذَا لِلْإِلْصَاقِ وَالْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ شَرْحُ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ لِلشَّارِحِ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: اُنْظُرْ وَجْهَ إلَخْ، أَقُولُ لَا تَنْظِيرَ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ أَيْ وَمَعْنًى وَقَوْلُهُ: وَمَعْنًى فِي الثَّانِي أَيْ وَلَفْظًا إلَّا أَنَّ الْحَرَكَةَ فِيهِ مُقَدَّرَةٌ فَحُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالِاحْتِبَاكِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ وأج وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَعْنَى التَّقْدِيرُ. (قَوْلُهُ: لِجَرِّهِ عَلَى الْجِوَارِ) نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ شَرْطَ الْجَرِّ عَلَى الْجِوَارِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى الْمَجْرُورِ حَرْفُ عَطْفٍ ع ش وَالْجِوَارُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَيْهِمَا) . (فَرْعٌ)

لَوْ دَخَلَتْ شَوْكَةٌ فِي أُصْبُعِهِ مَثَلًا وَصَارَ رَأْسُهَا ظَاهِرًا غَيْرَ مَسْتُورٍ فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ قُلِعَتْ بَقِيَ مَوْضِعُهَا مُجَوَّفًا وَجَبَ قَلْعُهَا وَلَا يَصِحُّ غَسْلُ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ قُلِعَتْ لَا يَبْقَى مَوْضِعُهَا مُجَوَّفًا، بَلْ يَلْتَحِمُ وَيَنْطَبِقُ لَمْ يَجِبْ قَلْعُهَا وَصَحَّ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَثَلًا م ر، لَكِنْ رَجَّحَ شَيْخُنَا وُجُوبَ الْقَلْعِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا غَوْرٌ فِي اللَّحْمِ أَمْ لَا تَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: انْغِسَالُهَا) أَيْ وَلَوْ بِغُسْلِ غَيْرِهِ لَهَا بِلَا إذْنِهِ، أَوْ سُقُوطِهِ فِي نَحْوِ نَهْرٍ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَا وَقَعَ بِفِعْلِهِ كَتَعَرُّضِهِ لِلْمَطَرِ وَمَشْيِهِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إمَّا فِعْلُهُ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ النِّيَّةَ، أَوْ لَا، أَوْ تَذَكَّرَ النِّيَّةَ عِنْدَ عَدَمِ فِعْلِهِ اهـ.

ح ل وزي. (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِانْغِسَالِ مُلَاقِيهَا مَعَهَا) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ وَمِنْ تَحْتِ الْحَنَكِ وَمِنْ الْأُذُنَيْنِ وَجُزْءٍ مِنْ فَوْقِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ تَيَمَّمَ لِأَجْلِهِ م ر بِرْمَاوِيٌّ بِاخْتِصَارٍ. (فَائِدَةٌ)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ شُرِعَ الِاسْتِنْجَاءُ لِوَطْءِ الْحُورِ الْعَيْنِ وَغَسْلُ الْكَفَّيْنِ لِلْأَكْلِ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ وَالْمَضْمَضَةُ لِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالِاسْتِنْشَاقُ لِرَوَائِحِ الْجَنَّةِ وَغَسْلُ الْوَجْهِ لِلنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِلسِّوَارِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ لِلتَّاجِ وَالْإِكْلِيلِ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ لِسَمَاعِ كَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ لِلْمَشْيِ فِي الْجَنَّةِ اهـ. .

. قَوْلُهُ: «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» أَيْ بُدَاءَةً حَقِيقِيَّةً، أَوْ نِسْبِيَّةً فَيَشْمَلُ تَقْدِيمَ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَالثَّالِثِ عَلَى الرَّابِعِ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ دَالًّا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ) وَلَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَيُوقِعُ النِّيَّةَ عِنْدَ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ

ص: 71

غَلَطًا، أَوْ الْحَدَثِ، أَوْ الطُّهْرِ عَنْهُ، أَوْ الْوُضُوءِ بَدَلَهُ (أَجْزَأَهُ) عَنْ الْوُضُوءِ وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ حِسًّا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى، وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ. .

(وَسُنَّ اسْتِيَاكٌ) مُطْلَقًا لِخَبَرِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (وَ) سُنَّ كَوْنُهُ (عَرْضًا) أَيْ: فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» وَيُجْزِئُ طُولًا لَكِنَّهُ يُكْرَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلْوَجْهِ لِتَكُونَ مُقْتَرِنَةً بِغَسْلِ أَوَّلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ سم، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِقَوْلِهِمْ لَوْ غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَيْ بِالصَّبِّ حَصَلَ الْوَجْهُ فَقَطْ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْمِيمِ الْبَدَنِ بِالْغَمْسِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ: وَلَوْ انْغَمَسَ إلَخْ، كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ وَتَرْتِيبُهُ قَالَ ع ش وَلَوْ انْغَمَسَ مُنَكَّسًا فِي مَاءٍ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَنَوَى عِنْدَ مُمَاسَّتِهِ لِلْوَجْهِ، ثُمَّ غَمَسَ بَقِيَّةَ أَعْضَائِهِ ارْتَفَعَ الْحَدَثُ عَنْ الْوَجْهِ فَقَطْ وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا لِبَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَكِنْ قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّ انْغِمَاسَهُ صَيَّرَهُ أَيْ الْمُنْغَمِسَ جُزْءًا وَاحِدًا وَالْجُزْءُ لَا يُحْكَمُ عَلَى مَائِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا فَكَأَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ عُضْوٌ وَاحِدٌ تَأَمَّلْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ مُقَدَّرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَدَلَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِانْغَمَسَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ إلَخْ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ هَذِهِ اللَّحَظَاتِ اللَّطِيفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا التَّعْلِيلُ الثَّانِي هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ غَسَلَ الْجُنُبُ أَسَافِلَهُ قَبْلَ أَعَالِيهِ بِالصَّبِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ هَذَا الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ وَلَا يَكْفِي لِلْأَصْغَرِ إذْ الْحَاصِلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَصْغَرِ غَسْلُ وَجْهِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْغُسْلِ بِالِانْغِمَاسِ لَا بِالصَّبِّ وَكَتَبَ أَيْضًا وَفِي التَّعْلِيلِ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ فَرْضِهِ وَتَقْدِيرُهُ فَرْضًا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ فَهُوَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْدِيرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا التَّرْتِيبِ الْحَقِيقِيِّ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ يَشْتَرِطُ زَمَنًا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ الْحَقِيقِيُّ لَوْ وُجِدَ وَالنَّوَوِيُّ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ ح ل. فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وَضَعَ النَّجَاسَةَ الْكَلْبِيَّةَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ حَيْثُ لَا يُقَدَّرُ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَيْهَا سَبْعًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيكِ مَحَلِّهَا سَبْعًا. قُلْت يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّرْتِيبَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَأَمَّا الْعَدَدُ فَهُوَ ذَوَاتٌ مَقْصُودَةٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الصِّفَةِ التَّابِعَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الذَّوَاتِ الْمَقْصُودَةِ م ر ع ش.

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ اسْتِيَاكٌ) هُوَ مَصْدَرُ اسْتَاكَ وَيُقَالُ سَاكَهُ سَوْكًا، فَسَوْكًا مَصْدَرُ الْمُجَرَّدِ الْمُعَدَّى قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى

مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ. .

قَالَ ح ل وَالسِّوَاكُ لُغَةً الدَّلْكُ وَآلَتُهُ. وَفِي الشَّرْعِ اسْتِعْمَالُ عُودٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا بِنِيَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ عِبَادَةٍ تَقَدَّمَتْهُ نِيَّتُهَا وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَنْوِيهِ أَيْ السِّوَاكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا فَنِيَّتُهُ تَشْمَلُهُ اهـ وَقَوْلُ ح ل فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا فِيهِ قُصُورٌ إذْ لَا يَشْمَلُ اللِّسَانَ وَلَا سَقْفَ الْحَنَكِ مَعَ أَنَّهُ يُطْلَبُ السِّوَاكُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِمَا حَوْلَهَا مَا يَقْرُبُ مِنْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر وَهُوَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ عِنْدَ حَجّ إذْ مَحَلُّهُ عِنْدَهُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَتَشْمَلُهُ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ مِنْ سُنَنِهِ الْفِعْلِيَّةِ الْخَارِجَةِ عِنْدَ م ر لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَهُ قَبْلَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَلَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ فَيَحْتَاجُ لِنِيَّتِهِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَبَدْؤُهُ بِالسِّوَاكِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ السُّنَنِ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهَا غَسْلُ الْكَفَّيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَعُمُّ الْأَزْمِنَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَكِنْ كُرِهَ لِصَائِمٍ إلَخْ، وَقَالَ ز ي قَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ طُولًا وَعَرْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَسُنَّ كَوْنُهُ عَرْضًا اهـ قَالَ ع ش فَالِاسْتِيَاكُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَكَوْنُهُ عَرْضًا سُنَّةٌ أُخْرَى وَأَمَّا طُولًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةِ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ سُنَّةً. (قَوْلُهُ: السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا صِيغَةَ أَمْرٍ فِيهِ أَنَّ مَدْحَهُ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ طَلَبًا مُرَغَّبًا فِيهِ فَثَبَتَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ لُزُومًا وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ «فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» فَهُوَ هَيْئَةٌ خَاصَّةٌ بِرْمَاوِيٌّ وَيُجْمَعُ السِّوَاكُ عَلَى سُوُكٍ بِضَمَّتَيْنِ كَكِتَابِ وَكُتُبٍ، لَكِنْ يَجِبُ هُنَا إسْكَانُ الْوَاوِ كَمَا فِي الْأُشْمُونِيِّ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ السِّوَاكُ يُجْمَعُ عَلَى سُوكٍ بِالسُّكُونِ وَالْأَصْلِ بِضَمَّتَيْنِ اهـ وَمَطْهَرَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا أَيْ وَالْفَتْحُ أَوْلَى وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ مَعَ أَنَّهُ اسْمُ آلَةٍ وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْفَتْحُ بِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ التَّطْهِيرِ بِرْمَاوِيٌّ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالِاسْتِيَاكِ بِالْمُتَنَجِّسِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِقَوْلِهِ مَطْهَرَةٌ وَهَذَا مَنْجَسَةٌ خِلَافًا

ص: 72

ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَعَمْ يُسَنُّ الِاسْتِيَاكُ فِي اللِّسَانِ طُولًا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِخَبَرٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَقَوْلِي وَسُنَّ إلَخْ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَنُهُ السِّوَاكُ عَرْضًا (بِخَشِنٍ) كَعُودٍ وَأُشْنَانٍ لِأَنَّهُ الْمُحَصِّلُ لِلْمَقْصُودِ بِالِاسْتِيَاكِ وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ (لَا أُصْبُعِهِ) الْمُتَّصِلَةِ بِهِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا بِخِلَافِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلْحَلَبِيِّ حَيْثُ حَمَلَ الْمَطْهَرَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ التَّنْظِيفُ قَالَ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالْمُتَنَجِّسِ اهـ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا فِي اللِّسَانِ اهـ.

ع ش وَأَقَلُّهُ مُرَّةٌ قَالَ حَجّ إلَّا إنْ كَانَ لِلتَّغَيُّرِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا فِيهِ لِأَنَّهَا مُخَفَّفَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد) فَإِنْ قُلْت حَيْثُ كَانَ الْخَبَرُ فِي السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي نِسْبَتِهِ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهَلَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ابْتِدَاءً عَنْ أَبِي دَاوُد قُلْت لَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ نَصًّا فِيمَا ذُكِرَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْإِيعَابِ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ وَهُوَ أَفْضَلُ فِي اللِّسَانِ لِحَدِيثٍ فِيهِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَتَبِعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالْحَدِيثُ الْمُشَارُ إلَيْهِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْته يَسْتَاكُ وَطَرْفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ يَسْتَنُّ أَيْ يَرْتَفِعُ إلَى فَوْقٍ؟ قَالَ الرَّاوِي كَأَنَّهُ يَسْتَنُّ طُولًا» ع ش إطْفِيحِيٌّ وَمُقْتَضَى تَخْصِيصِ الْعَرْضِ بِالْأَسْنَانِ وَالطُّولِ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيمَا عَدَاهُمَا مِمَّا يَمُرُّ عَلَيْهِ السِّوَاكُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طُولًا كَاللِّسَانِ فِي غَيْرِ اللِّثَةِ أَمَّا هِيَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَرْضًا لِأَنَّهُمْ كَرِهُوا الطُّولَ فِي الْأَسْنَانِ بِالْخَوْفِ مِنْ إدْمَاءِ اللِّثَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَنُهُ السِّوَاكُ) لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تُوهِمُ أَنَّ الِاسْتِيَاكَ وَكَوْنَهُ عَرْضًا سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَأَيْضًا عِبَارَةُ الْأَصْلِ تُوهِمُ الْحَصْرَ فِي الْمَذْكُورَاتِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَيْضًا تُوهِمُ أَنَّ نَفْسَ الْآلَةِ سُنَّةٌ مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الِاسْتِيَاكُ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ شَيْخُنَا.

وَأُجِيبَ عَنْ الْأَخِيرِ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ اسْتِعْمَالُ السِّوَاكِ. (قَوْلُهُ: بِخَشِنٍ) فِي الْقَامُوسِ مَا يَقْتَضِي فَتْحَ خَائِهِ وَفِي الْأُشْمُونِيِّ فِي بَابِ أَبْنِيَةِ أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ بِالْكَسْرِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: بِخَشِنٍ أَيْ الَّذِي لَا يُؤْذِي الْأَسْنَانَ كَيَابِسِ الطَّرْفَاءِ وَعُودِ الرَّيْحَانِ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْجُذَامَ انْتَهَى وَفِيهِ عَلَى م ر قَوْلُهُ: بِخَشِنٍ وَلَوْ مُطَيَّبًا لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ وَالْمُحِدَّةِ أَمَّا مَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فِي نَفْسِهِ كَكَثِيرِ الْأَعْشَابِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ وَالْمُحِدَّةُ انْتَهَى وَالْأَفْضَلُ الْأَرَاكُ، ثُمَّ جَرِيدُ النَّخْلِ ثُمَّ الزَّيْتُونُ، ثُمَّ ذُو الرِّيحِ الطَّيِّبِ، ثُمَّ بَقِيَّةُ الْأَعْوَادِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِيهِ خَمْسَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ أَيْضًا وَهِيَ الْيَابِسُ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ ثُمَّ الْمُنَدَّى بِمَاءِ الْوَرْدِ ثُمَّ الْمُنَدَّى بِالرِّيقِ، ثُمَّ الرَّطْبُ ثُمَّ الْيَابِسُ غَيْرُ الْمُنَدَّى فَالْمَجْمُوعُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ بِمَرَاتِبِهِ الْخَمْسَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا بَعْدَهُ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْحَفْنَاوِيُّ أَنَّ الْيَابِسَ الْغَيْرَ الْمُنَدَّى مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّطْبِ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي إزَالَةِ التَّغَيُّرِ وَبَعْضُهُمْ ضَمَّ لِلْخَمْسَةِ الْأُولَى الْخِرْقَةَ وَأُصْبُعَ غَيْرِهِ بِشُرُوطِهَا، لَكِنْ لَا تَجْرِي فِيهَا الْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ. وَمِنْ فَوَائِدِ السِّوَاكِ أَنَّهُ يُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ وَيُزِيلُ قَلَحِهَا وَيُثَبِّتُهَا وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَيَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُزِيلُ رَخَاوَتَهَا وَيُصَفِّي الْخُلُقُ وَيُفْصِحُ اللِّسَانَ وَيَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَيُذْكِي الْفَطِنَةَ وَيُحَسِّنُ الْخَلْقَ، أَيْ لَوْنَ الْبَدَنِ، وَيُقِيمُ الصُّلْبَ، وَيَقْطَعُ الرُّطُوبَةَ مِنْ الْعَيْنِ وَيُحِدُّ الْبَصَرَ، وَيُبْطِئُ الشَّيْبَ وَيُسَوِّي الظَّهْرَ، وَيُرْهِبُ الْعَدُوَّ، وَيُصْلِبُ اللَّحْمَ، وَيُضَاعِفُ الْأَجْرَ، وَيُرْضِي الرَّبَّ، وَيُسْخِطُ الشَّيْطَانَ، وَيَزِيدُ ثَوَابَ الصَّلَاةِ، وَيُنَمِّي الْأَمْوَالَ، وَيُقَوِّي الْقَلْبَ وَالْمَعِدَةَ وَعَصَبَ الْعَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَأُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ع ش وَكَسْرِهَا لُغَةٌ وَهُوَ الْغَاسُولُ أَوْ حَبُّهُ ب ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا) أَيْ شَرْعًا إذْ لَوْ عَوَّلْنَا عَلَى الْعُرْفِ لَلَزِمَنَا أَنَّ الْأُشْنَانَ وَالْخِرَقَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ وَلَيْسَ مُرَادًا ع ش وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ أُصْبُعِهِ وَأُصْبُعِ غَيْرِهِ حَيْثُ سُمِّيَتْ أُصْبُعُ غَيْرِهِ سِوَاكًا وَأَجْزَأَتْ بِالشُّرُوطِ وَلَمْ تُسَمَّ أُصْبُعُهُ سِوَاكًا مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ جُزْءَ الشَّخْصِ لَا يَكُونُ سِوَاكًا لَهُ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ أُصْبُعَهُ لَا تَكْفِي مُطْلَقًا وَأَنَّ أُصْبُعَ غَيْرِهِ الْمُتَّصِلَةَ بِهِ تَكْفِي بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ لِأَنَّهُ جُزْءُ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ تَجِبُ مُوَارَاتُهُ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَأُصْبُعِ غَيْرِهِ أَيْ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ: أَنَّ أُصْبُعَهُ أَيْ أُصْبُعَ نَفْسِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَقَوْلُهُ: لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا أَيْ مِنْ إزَالَةِ التَّغَيُّرِ هَذَا وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُنْفَصِلَةَ وَلَوْ مِنْهُ لَا تُجْزِئُ، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا اهـ.

أَيْ وَأَمَّا الْمُتَّصِلَةُ الَّتِي مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَتْ

ص: 73

الْمُنْفَصِلَةِ وَأُصْبُعِ غَيْرِهِ وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ أُصْبُعَهُ الْخَشِنَةَ تَكْفِي لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا.

(وَ) لَكِنْ (كُرِهَ) الِاسْتِيَاكُ (لِلصَّائِمِ بَعْدَ زَوَالٍ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ التَّغَيُّرُ وَالْمُرَادُ الْخُلُوفُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ لِخَبَرِ «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي أَمَالِيهِ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَطْيَبِيَّةُ الْخُلُوفِ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ وَلِأَنَّ التَّغَيُّرَ قَبْلَ الزَّوَالِ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ غَالِبًا وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْغُرُوبِ.

(وَتَأَكَّدَ) الِاسْتِيَاكُ (فِي مَوَاضِعَ كَوُضُوءٍ وَصَلَاةٍ وَتَغَيُّرِ فَمٍ) وَقِرَاءَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

خَشِنَةً مِنْ حَيٍّ بِإِذْنِهِ أَجْزَأَتْ وَإِلَّا فَلَا، تَقْرِيرُ شَيْخِنَا وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْإِذْنَ قَيْدٌ لِلْجَوَازِ لَا لِلْإِجْزَاءِ إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ أَجْزَأَ مَعَ الْحُرْمَةِ كَالِاسْتِيَاكِ بِالسِّوَاكِ الْمَغْصُوبِ تَأَمَّلْ ح ف.

. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الِاسْتِيَاكُ) بِخِلَافِ إزَالَتِهِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ كَأُصْبُعِهِ الْخَشِنَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِيَاكُ ز ي ع ش. (قَوْلُهُ: لِصَائِمٍ) وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْمُمْسِكَ وَعِبَارَةُ ع ش يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِصَائِمٍ أَنَّ الْمُمْسِكَ لَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ اهـ.

خَطِيبٌ عَلَى التَّنْبِيهِ وَاعْتَمَدَ الشَّيْخُ الزَّيَّاتِيُّ الْكَرَاهَةَ وَكَذَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لَهُ انْتَهَتْ وَلَمْ يَحْرُمْ كَإِزَالَةِ دَمِ الشَّهِيدِ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي نَفْسِهِ وَإِزَالَةُ دَمِ الشَّهِيدِ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ نَعَمْ نَظِيرُ دَمِ الشَّهِيدِ أَنْ يُسَوِّكَ مُكَلَّفٌ صَائِمًا بَعْدَ الزَّوَالِ بِغَيْرِ إذْنِهِ شَرْحُ م ر. فَإِنْ قِيلَ لِأَيِّ شَيْءٍ كُرِهَ الِاسْتِيَاكُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ وَلَمْ تُكْرَهْ الْمَضْمَضَةُ مَعَ أَنَّهَا مُزِيلَةٌ لِلْخُلُوفِ، بَلْ أَوْلَى كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ حَيْثُ قَالُوا وَالْمَاءُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ وَلَا كَذَلِكَ الْحَجَرُ. أُجِيبَ بِأَنَّ السِّوَاكَ لَمَّا كَانَ مُصَاحِبًا لِلْمَاءِ وَمِثْلُهُ الرِّيقُ كَانَ أَبْلَغَ مِنْ الْحَجَرِ فِي الْإِزَالَةِ وَمِنْ مُجَرَّدِ الْمَاءِ الَّذِي بِهِ الْمَضْمَضَةُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ زَوَالٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ فَلَا يُكْرَهُ تَسْوِيكُهُ لِأَنَّ الصَّوْمَ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ ع ش عَلَى م ر وَفِي حَاشِيَتِهِ هُنَا فَرْعٌ مَاتَ الصَّائِمُ بَعْدَ الزَّوَالِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْغَاسِلِ إزَالَةُ خُلُوفِهِ بِسِوَاكٍ قِيَاسُ دَمِ الشَّهِيدِ الْحُرْمَةُ وَقَالَ بِهِ م ر وَأَمَّا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا وَتَغَيَّرَ فَمُهُ فَلَا يُكْرَهُ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ، بَلْ يُسَنُّ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَامَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَتَغَيَّرَ فَمُهُ فَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ السِّوَاكُ شَبْشِيرِيٌّ انْتَهَى.

وَأَمَّا الْمُوَاصِلُ فَيُكْرَهُ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيْضًا أَيْ وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْغُرُوبِ وَتَعُودُ بِالْفَجْرِ ز ي فَيُكْرَهُ جَمِيعُ النَّهَارِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ زَوَالٍ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ فَلَوْ نَامَ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، أَوْ مُكْرَهًا وَاحْتَمَلَ حُصُولَ التَّغَيُّرِ مِنْهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِي إزَالَتِهِ ز ي. (قَوْلُهُ: أَطْيَبُ) وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ ثَنَاؤُهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَرِضَاهُ بِهِ وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَلَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وِفَاقًا لِابْنِ الصَّلَاحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَخْتَصُّ بِهِ لِتَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ز ي وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ أَيْ رَائِحَةُ فَمِهِ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ ثَوَابِ اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْخَاءِ) وَتُفْتَحُ فِي لُغَةٍ شَاذَّةٍ ع ش وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فَبِالضَّمِّ فَقَطْ ح ف. فَإِنْ قُلْت الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى طَلَبِ السِّوَاكِ دَالَّةٌ عَلَى طَلَبِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلِمَ قُدِّمَ عَلَيْهَا. أُجِيبَ بِأَنَّ فِيهَا جَلْبَ مَصْلَحَةٍ وَفِيهِ دَرْءُ مَفْسَدَةٍ وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ اهـ.

شَيْخُنَا ح ف لِأَنَّ إزَالَةَ الْخُلُوفِ مَفْسَدَةٌ وَأَيْضًا هُوَ مُقَيِّدٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ اسْمٌ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ لُغَةً ع ش قَالَ حَجّ وَيَمْتَدُّ لُغَةً إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَمِنْهُ إلَى الزَّوَالِ صَبَاحًا اهـ.

شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَطْيَبِيَّةُ الْخُلُوفِ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ بَقَائِهِ) أَيْ طَلَبًا مُؤَكَّدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ) هَذَا وَاضِحٌ عَلَى طَرِيقِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْكَرَاهَةِ مِنْ نَهْيٍ خَاصٍّ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ النَّتِيجَةُ ح ل وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَقُومُ مَقَامَ النَّهْيِ اشْتِدَادُ الطَّلَبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ ع ش. (قَوْلُهُ: إزَالَتُهُ) أَيْ بِالسِّوَاكِ لَا بِغَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ الْمَدْرَكُ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا كَمَا فِي حَجّ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّغَيُّرَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِخَبَرٍ.

. (قَوْلُهُ: وَتَأَكَّدَ الِاسْتِيَاكُ) أَيْ طَلَبَهُ الشَّارِعُ طَلَبًا مُؤَكَّدًا ع ش. (قَوْلُهُ: وَصَلَاةٍ) وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا اهـ.

شَوْبَرِيٌّ وَإِذَا نَسِيَ السِّوَاكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ يَأْتِي بِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بِأَفْعَالٍ قَلِيلَةٍ م ر ع ش لِأَنَّ الْكَفَّ، وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا فِيهَا، لَكِنْ عَارَضَهُ طَلَبُ السِّوَاكِ لَهَا وَتَدَارُكُهُ فِيهَا مُمْكِنٌ أَلَا تَرَى طَلَبَ الشَّارِعِ دَفْعَ الْمَارِّ فِيهَا وَالتَّصْفِيقَ بِشُرُوطِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةٍ) شَامِلٌ لِلْبَسْمَلَةِ وَمِثْلُ الْقِرَاءَةِ كُلُّ ذِكْرٍ قَالَ حَجّ تَنْبِيهٌ نَدْبُهُ لِلذِّكْرِ الشَّامِلِ لِلتَّسْمِيَةِ مَعَ نَدْبِهَا لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ الشَّامِلِ لِلسِّوَاكِ يَلْزَمُهُ دَوْرٌ ظَاهِرٌ لَا مَخْلَصَ عَنْهُ

ص: 74

وَدُخُولِ مَنْزِلٍ وَإِرَادَةِ نَوْمٍ وَتَيَقُّظٍ مِنْهُ لِخَبَرِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» وَخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَيْ: أَمْرَ إيجَابٍ فِيهِمَا وَخَبَرِهِمَا أَيْضًا «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» أَيْ: يَدْلُكُهُ بِهِ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» وَيُقَاسُ بِمَا فِيهَا مَا فِي مَعْنَاهُ وَقَوْلِي وَتَأَكَّدَ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ وَتَغَيُّرِ الْفَمِ.

(وَسُنَّ لِوُضُوءٍ تَسْمِيَةٌ أَوَّلَهُ) أَيْ: الْوُضُوءِ لِلْأَمْرِ بِهَا وَلِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَأَمَّا خَبَرُ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهِ» فَضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَامِلِ. وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم (فَإِنْ تُرِكَتْ) عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا (فَفِي أَثْنَائِهِ) يَأْتِي بِهَا تَدَارُكًا لَهَا فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إلَّا بِمَنْعِ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ لَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَصَلَ هُنَا مَانِعٌ مِنْهَا وَهُوَ عَدَمُ التَّأَهُّلِ لِكَمَالِ النُّطْقِ بِهَا اهـ. بِالْحَرْفِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُتَأَهَّلُ لِذَلِكَ إلَّا بِالسِّوَاكِ. (قَوْلُهُ: وَدُخُولِ مَنْزِلٍ) وَلَوْ لِغَيْرِهِ شَوْبَرِيٌّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خَالِيًا وَقَيَّدَهُ حَجّ بِغَيْرِ الْخَالِي وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ ع ش أَيْ بِأَنَّ مَلَائِكَةَ الْمَسْجِدِ أَشْرَفُ. (قَوْلُهُ: وَتَيَقُّظٍ مِنْهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَتَغَيُّرِ فَمٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ لِأَنَّ النَّوْمَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ، وَقَدْ يُقَالُ أَتَى بِهِ لِيُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْحَدِيثِ وَيَثْبُتُ بِهِ التَّأَكُّدُ لِتَغَيُّرِ الْفَمِ وَلَوْ بِغَيْرِ نَوْمٍ ح ل وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَتَيَقُّظٍ مِنْهُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَغَيُّرٌ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ وَكَذَا السُّكُوتُ وَكَذَا الْجُوعُ وَعَطَشٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يُغَذِّي الْجَائِعَ وَيَرْوِي الْعَطْشَانَ وَبَعْدَ الْأَكْلِ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يَهْضِمُ الطَّعَامَ اهـ وَيَتَأَكَّدُ أَيْضًا لِلصَّائِمِ قَبْلَ وَقْتِ الْخُلُوفِ كَمَا يُسَنُّ التَّطَيُّبُ لِلْإِحْرَامِ فَيْضٌ شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَيَتَأَكَّدُ وَقْتَ الزَّوَالِ. (قَوْلُهُ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ إلَخْ) أَيْ لَوْلَا خَوْفُ الْمَشَقَّةِ مَوْجُودٌ إلَخْ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ لَوْلَا حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ وَهَذَا يَقْتَضِي الْعَكْسَ وَفِي عَمِيرَةَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مُفَادُ الْحَدِيثِ نَفْيُ أَمْرِ الْإِيجَابِ لِمَكَانِ الْمَشَقَّةِ وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِ ذَلِكَ ثُبُوتُ الطَّلَبِ النَّدْبِيِّ فَمَا وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْخَبَرِ نَعَمْ السِّيَاقُ وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تُعْطِي ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَفَادَهُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَمْرِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ الْمُرَادُ مِنْهُ عُمُومُ السَّلْبِ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ كَمَا تَرَى سَلْبَ الْعُمُومِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ) . (فَرْعٌ)

لَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ قَفَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا تُطْلَبُ مَضْمَضَةُ الْفَمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَهَلْ يُطْلَبُ السِّوَاكُ لِلْفَمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَتَأَكَّدُ لِتَغَيُّرِهِ وَلِلصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالطَّلَبُ غَيْرُ بَعِيدٍ سم ع ش وَقَوْلُهُ: لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلِمَا صَحَّ مِنْ خَبَرِ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» وَالْمُعْتَمَدُ تَفْضِيلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِسُنِّيَّتِهَا عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الدَّرَجَاتِ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَدْ تَعْدِلُ الْوَاحِدَةَ كَثِيرًا مِنْ الرَّكَعَاتِ بِسِوَاكٍ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِخَمْسٍ، أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً مَعَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَفْضُلُ الْفَرْضَ كَمَا فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَا يُقَاوِمُ خَبَرَ الْجَمَاعَةِ فِي الصِّحَّةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا صَلَّى جَمَاعَةً بِسِوَاكٍ وَصَلَّى صَلَاةً مُنْفَرِدَةً بِلَا سِوَاكٍ فَهَذِهِ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ تِلْكَ بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَيَكُونُ لِلسِّوَاكِ عَشَرَةٌ وَلِلْجَمَاعَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ. (قَوْلُهُ: وَخَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَأَكُّدِ السِّوَاكِ لِأَنَّ التَّرْغِيبَ فِي الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ كَمَا أَنَّ التَّرْغِيبَ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ وَكَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ يُفِيدُ التَّكْرَارَ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ) أَيْ الْمَنْزِلَ وَقِيلَ الْكَعْبَةَ. (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِمَا فِيهَا إلَخْ) فَالْقِرَاءَةُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ وَإِرَادَةِ النَّوْمِ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ وَأَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ بِغَيْرِ النَّوْمِ فَفِي مَعْنَى تَغَيُّرِهِ بِالنَّوْمِ ح ل وَقَوْلُهُ: فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ فِيهِ أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَأْنَفًا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ، فَلَا حَاجَةَ لِقِيَاسِهِ.

. (قَوْلُهُ: تَسْمِيَةٌ) وَهِيَ سُنَّةُ عَيْنٍ بِخِلَافِهَا فِي الْأَكْلِ فَسُنَّةُ كِفَايَةٍ قَالَ م ر وَتُسَنُّ وَلَوْ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَالْعِصْيَانُ لِعَارِضٍ. (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم)، ثُمَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنِعْمَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا زَادَ الْغَزَالِيُّ {رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} [المؤمنون: 97] {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 98] وَيُسَنُّ التَّعَوُّذُ قَبْلَهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَفِي أَثْنَائِهِ) جَمْعُ ثِنْيٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ تَضَاعِيفُ الشَّيْءِ وَخِلَالُهُ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: جَمْعُ ثِنْيٍ أَيْ كَأَحْمَالٍ جَمْعُ حِمْلٍ. (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ مِنْهُ التَّسْمِيَةُ حِينَئِذٍ إلَّا إنْ قَالَ مَا ذُكِرَ وَأَمَّا الْجِمَاعُ، فَلَا يَأْتِي بِهَا فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ

ص: 75

أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَلَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا، وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ أَوَّلُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَيَنْوِي الْوُضُوءَ وَيُسَمِّي عِنْدَهُ بِأَنْ يَقْرِنَ النِّيَّةَ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا.

(فَغَسْلُ كَفَّيْهِ) إلَى كُوعَيْهِ وَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَالْمُرَادُ بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةِ عَلَى غَسْلِهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ (فَإِنْ شَكَّ فِي طُهْرِهِمَا كُرِهَ غَمْسُهُمَا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ) لَا كَثِيرٍ (قَبْلَ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا) لِخَبَرِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا قَوْلَهُ «ثَلَاثًا» فَمُسْلِمٌ أَشَارَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ إلَى احْتِمَالِ نَجَاسَةِ الْيَدِ فِي النَّوْمِ وَأُلْحِقَ بِالنَّوْمِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ أَمَّا إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا فَلَا يُكْرَهُ غَمْسُهُمَا وَلَا يُسَنُّ غَسْلُهُمَا قَبْلَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْقَلِيلِ وَبِالثَّلَاثِ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِغَسْلِهِمَا ثَلَاثًا وَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ فَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيفَائِهَا وَكَالْمَاءِ الْقَلِيلِ غَيْرُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَأَمَّا الْأَكْلُ فَيَأْتِي بِهَا بَعْدَهُ لِيَتَقَايَأَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ ح ل قَالَ م ر وَلَا يَقُومُ غَيْرُهَا مِنْ الْحَمْدِ مَثَلًا مَقَامَهَا وَقَوْلُ ح ل وَأَمَّا الْجِمَاعُ إلَخْ، الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ فِي الْجِمَاعِ فَإِذَا أَتَى بِهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ كَفَى كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَرَّرَهُ ح ف وَقَوْلُهُ: الظَّاهِرُ إلَخْ، اعْتَمَدَ ع ش وَزّ ي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الذِّكْرُ الْمَشْهُورُ.

(قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ) الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مَا قَابَلَ الْآخِرَ فَيَشْمَلُ الْوَسَطَ ح ف. (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ) بِخِلَافِ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَهُ أَيْ حَيْثُ قَصُرَ الْفَصْلُ بِحَيْثُ تُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ لِيَتَقَايَأَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ وَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ، أَوْ لَا، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَعَلَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْإِنَاءِ فَيَجُوزُ وُقُوعُهُ خَارِجَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ إلَخْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَنِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي مِنْهُ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَنِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْهُ فَأَوَّلُهُ السِّوَاكُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَنِ الْقَوْلِيَّةِ فَأَوَّلُهُ التَّسْمِيَةُ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْرُنَ) عَلَى وَزْنِ يَنْصُرَ مِنْ قَرَنَ وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ. (قَوْلُهُ: النِّيَّةُ) أَيْ الْقَلْبِيَّةُ. (قَوْلُهُ: بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا) ثُمَّ يَتَلَفَّظُ بِهَا سِرًّا عَقِبَ التَّسْمِيَةِ م ر فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ قَرْنُهَا بِهَا مُسْتَحِيلٌ لِنَدْبِ التَّلَفُّظِ بِهَا وَلَا يُعْقَلُ مَعَهُ التَّلَفُّظُ بِالتَّسْمِيَةِ مَعَ النِّيَّةِ بِرْمَاوِيٌّ

. (قَوْلُهُ: فَغَسْلُ كَفَّيْهِ) أَيْ فَتَمَامُ غَسْلِ كَفَّيْهِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ غَسْلِهِمَا مُقَارِنٌ لِلتَّسْمِيَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّقْدِيرِ وَلَوْ خُلِقَ بِلَا كَفٍّ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ قَدْرُهُ وَيُغْسَلُ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لمر بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ أَوَّلُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ إلَخْ، مَعَ ضَمِيمَةِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَغَسْلُ كَفَّيْهِ وَقَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِهِ أَيْ بِمَا أَفَادَهُ وَهُوَ الْفَاءُ الْمَذْكُورَةُ ح ف. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ) أَيْ شَكَّا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ ع ش. (قَوْلُهُ: قَبْلَ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ لِلنَّجَاسَةِ الْمَشْكُوكَةِ وَسُنَّةُ الْوُضُوءِ ع ش قَالَ سم عَلَى حَجّ وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُغَلَّظَةِ وَإِلَّا فَسَبْعًا مَعَ التُّرَابِ، بَلْ تِسْعًا إنْ قُلْنَا بِسَنِّ الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ) أَضَافَهُ إلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْحُكْمَ خَاصٌّ بِهِمْ لَا يَتَنَاوَلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ عَيْنَهُ تَنَامُ وَلَا يَنَامُ الْقَلْبُ ح ف. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا) إنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا قَبْلَ الْغَمْسِ، وَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ تَطْهُرُ بِالْمَرَّةِ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ عَلَى الْيَدِ عِبَادَتَانِ إحْدَاهُمَا الْغَسْلُ مِنْ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ وَالْأُخْرَى الْغَسْلُ مِنْ قَبْلَ الْغَمْسِ لِأَجْلِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ وَإِنْ تَحَقَّقَ طَهَارَةَ يَدِهِ، وَالْغَسْلَةُ الثَّالِثَةُ لِطَلَبِ الْإِيتَارِ فَإِنَّ تَثْلِيثَ الْغَسْلِ مُسْتَحَبٌّ اهـ.

مِنْ رِسَالَةِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي سُنَّةِ الِاغْتِرَافِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَحَقَّقَ إلَخْ، يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ أَمَّا إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا إلَخْ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ كَرَاهَةِ الْغَمْسِ ح ل. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَيَقَّنَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ النَّوْمِ كَأَنْ نَامَ مُحْتَبِيًا عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُ مَسَّ نَجَاسَةٍ فِيهِ ع ش وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا أَيْ وَكَانَ مُسْتَنِدَ الْيَقِينِ الْغَسْلُ ثَلَاثًا أَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَنَدُهُ الْغَسْلُ مَرَّةً فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ غَسْلُهُمَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْغَمْسِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُمَا حَرُمَ عَلَيْهِ غَمْسُهُمَا لِتَضَخُّمِهِ بِالنَّجَاسَةِ فَلَوْ كَانَ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِغَسْلِ الْيَدِ سَبْعًا إحْدَاهَا بِالتُّرَابِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثَامِنَةٍ وَتَاسِعَةٍ إلَّا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِاسْتِحْبَابِ التَّثْلِيثِ فِي الْمُغَلَّظَةِ ح ل فَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُخَفَّفَةً اكْتَفَى بِنَضْحِهَا ثَلَاثًا. (قَوْلُهُ: إذَا غَيَّا حُكْمًا) وَهُوَ هُنَا كَرَاهَةُ الْغَمْسِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: فَلَا يَغْمِسْ. . . إلَخْ، وَالْغَايَةُ هِيَ قَوْلُهُ: حَتَّى يَغْسِلَهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يَخْرُجُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَكِنَّهُ عَلَّلَ الْغَايَةَ هُنَا بِمَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ شَوْبَرِيٌّ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي الدَّالُّ عَلَى احْتِمَالِ نَجَاسَةِ الْيَدِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ يَزُولُ بِمَرَّةٍ أُجِيبَ بِأَنَّا إذَا عَمِلْنَا بِذَلِكَ الْمُقْتَضَى لَزِمَ عَلَيْهِ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى مِنْ النَّصِّ يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ لِأَنَّ اسْتِنْبَاطَ الِاكْتِفَاءِ بِمَرَّةٍ يُبْطِلُ قَوْلَهُ حَتَّى يَغْمِسَهَا ثَلَاثًا ع ش وَيَرِدُ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ حَيْثُ قَالُوا إنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَزُولُ إلَّا بِسَبْعٍ مَعَ التَّتْرِيبِ قَبْلَ

ص: 76

مِنْ الْمَائِعَاتِ وَإِنْ كَثُرَ وَقَوْلِي فَإِنْ شَكَّ فِي طُهْرِهِمَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا الصَّادِقَ بِتَيَقُّنِ نَجَاسَتِهِمَا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.

(فَمَضْمَضَةٌ فَاسْتِنْشَاقٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَأَمَّا خَبَرُ «تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا» فَضَعِيفٌ (وَجَمْعُهُمَا) أَفْضَلُ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِسِتِّ غُرُفَاتٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثٌ أَوْ بِغُرْفَتَيْنِ يَتَمَضْمَضُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْ الْأُخْرَى ثَلَاثًا (وَ) جَمْعُهُمَا (بِثَلَاثِ غُرَفٍ) يَتَمَضْمَضُ، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا (أَفْضَلُ) مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِغُرْفَةٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا أَوْ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مَرَّةً، ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَعُلِمَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْأَفْضَلِ أَنَّ السُّنَّةَ تَتَأَدَّى بِالْجَمِيعِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلِي وَبِثَلَاثٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِثَلَاثٍ وَتَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ مُسْتَحَقٌّ لَا مُسْتَحَبٌّ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ لِاخْتِلَافِ الْعُضْوَيْنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَكَذَا تَقْدِيمُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ عَلَيْهِمَا وَتَقْدِيمُهُ عَلَيْهِمَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) سُنَّ (مُبَالَغَةٌ فِيهِمَا لِلْمُفْطِرِ) لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي خَبَرِ الدُّولَابِيِّ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ بِالْمَاءِ أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يُصْعِدَ الْمَاءَ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ وَخَرَجَ بِالْمُفْطِرِ الصَّائِمُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا، بَلْ تُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. .

(وَ) سُنَّ (تَثْلِيثٌ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ، فَقَدْ اسْتَنْبَطُوا مِنْ النَّصِّ مَعْنًى عَادَ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ الِاسْتِنْبَاطِ اسْتِيفَاءٌ مَا غَيَّا بِهِ الشَّارِعُ مَعَ زِيَادَةٍ فِيهَا احْتِيَاطٌ لِمَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إبْطَالٌ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَائِعَاتِ) وَكَذَا الْجَامِدَاتُ الرَّطْبَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَذَلِكَ حَرَامٌ لِلتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ ع ش قَالَ الشَّوْبَرِيُّ مَا الْمَانِعُ مِنْ إرَادَتِهِ وَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ يُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ رَاجِعْ حَاشِيَةَ التُّحْفَةِ.

. (قَوْلُهُ: فَمَضْمَضَةٌ) قُدِّمَتْ الْمَضْمَضَةُ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ لِشَرَفِ مَنَافِعِ الْفَمِ عَلَى مَنَافِعِ الْأَنْفِ لِأَنَّهُ مَدْخَلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَوَامُ الْبَدَنِ وَمَحَلُّ الْأَذْكَارِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ شَرْحُ الْإِعْلَامِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: فَاسْتِنْشَاقٌ) وَالِاسْتِنْشَاقُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَإِنْ كَانَ الْفَمُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ يَقُولُ: الْمَضْمَضَةُ سُنَّةٌ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقْوَالَهُ صلى الله عليه وسلم مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَأَفْعَالَهُ عَلَى النَّدْبِ فَالْمَضْمَضَةُ نُقِلَتْ عَنْ فِعْلِهِ وَالِاسْتِنْشَاقُ ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً» انْتَهَى خَادِمٌ. (قَوْلُهُ: وَجَمَعَهُمَا إلَخْ) الْجَمْعُ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْوَصْلِ وَضَابِطُهُ أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي غُرْفَةٍ وَضَابِطُ الْفَصْلِ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِيهَا وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْجَمْعَ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْفَصْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِنَّ أَفْضَلَ كَيْفِيَّاتِ الْوَصْلِ أَنْ يَكُونَ بِثَلَاثِ غُرُفَاتٍ. (قَوْلُهُ: غُرُفَاتٍ) إنْ جُمِعَ عَلَى لُغَةِ الْفَتْحِ أَيْ لَلَغِينَ تَعَيَّنَ فَتْحُ الرَّاءِ وَإِنْ جُمِعَ عَلَى لُغَةِ الضَّمِّ جَازَ إسْكَانُ الرَّاءِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا فَتَلَخَّصَ فِي غُرُفَاتٍ أَرْبَعُ لُغَاتٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثٌ) وَهِيَ أَضْعَفُهَا وَأَنْظَفُهَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَيْفِيَّتَانِ: الْأُولَى أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثٍ مُتَوَالِيَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِثَلَاثَةٍ كَذَلِكَ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِوَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ بِأُخْرَى وَهَكَذَا إلَى أَنْ يُتِمَّ الثَّلَاثَ فَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ، مَا ذُكِرَ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ بِغُرْفَتَيْنِ إلَخْ، وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ الثَّالِثَةُ أَفْضَلُ كَيْفِيَّاتِ الْفَصْلِ الثَّلَاثِ ح ل وَكَيْفِيَّاتُ الْوَصْلِ ثَلَاثٌ أَيْضًا فَالْمَجْمُوعُ سِتَّةٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِغُرْفَةٍ إلَخْ) جَعْلُ هَذِهِ مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْوَصْلِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْغُرْفَةِ ع ش. (قَوْلُهُ مُسْتَحَقٌّ) أَيْ لِلِاعْتِدَادِ بِهِمَا مَعًا فَلَوْ قَدَّمَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ حَصَلَ هُوَ دُونَ الْمَضْمَضَةِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ قَبْلَ الِافْتِتَاحِ فَإِنَّ التَّعَوُّذَ يَحْصُلُ دُونَ الِافْتِتَاحِ ز ي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَيُحْسَبُ مِنْهَا مَا أَوْقَعَهُ أَوَّلًا لَا وَكَأَنَّهُ تَرَكَ غَيْرَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ التَّقْدِيمَ مُسْتَحَبٌّ فَإِنَّهُ إذَا أَعَادَهُ ثَانِيًا حُسِبَا مَعًا انْتَهَى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَتَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ شَرْطٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى غَسْلِ الْكَفِّ لَمْ يُحْسَبْ غَسْلُ الْكَفِّ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ، أَوْ أَتَى بِهِمَا مَعًا حُسِبَ الِاسْتِنْشَاقُ وَفَاتَتْ الْمَضْمَضَةُ فَيَكُونُ التَّرْتِيبُ شَرْطًا لِلِاعْتِدَادِ بِالْجَمِيعِ فَإِذَا عَكَسَ حُسِبَ مَا قَدَّمَهُ عَلَى مَحَلِّهِ وَفَاتَ مَا أَخَّرَهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ) تَنْظِيرٌ فِي مُطْلَقِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَدُّ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ إذَا قَدَّمَهُ أَوْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْعِلَّةِ أَعْنِي الِاخْتِلَافَ إلَخْ.

. (قَوْلُهُ: الدُّولَابِيِّ) بِفَتْحِ الدَّالِ نِسْبَةً إلَى قَرْيَةٍ وَأَمَّا ضَمُّ الدَّالِ نِسْبَةً إلَى الدُّولَابِ الْمَعْرُوفِ فَخَطَأٌ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْأَنْسَابِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُبَلِّغَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْح الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ مِنْ التَّبْلِيغِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَاللِّثَاتِ) بِكَسْرِ اللَّامِ فِيهِ وَفِي مُفْرَدِهِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ: الصَّائِمُ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمُمْسِكِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ:، بَلْ تُكْرَهُ) أَيْ خَوْفَ الْإِفْطَارِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقُبْلَةِ حَيْثُ حَرُمَتْ إنْ حَرَّكَتْ شَهْوَةً أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ أَصْلُهُمَا مَطْلُوبٌ وَلَا كَذَلِكَ الْقُبْلَةُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ الْمُبَالَغَةُ لِأَجْلِ نَجَاسَةِ فَمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ شَيْخُنَا ح ف وَأَيْضًا الْقُبْلَةُ قَدْ تَجُرُّ إلَى فِطْرِ اثْنَيْنِ بِخِلَافِ الْمُبَالَغَةِ.

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَثْلِيثٌ) أَيْ وَلَوْ لِلسَّلِسِ أَيْ وَلَا يَحْصُلُ التَّثْلِيثُ إلَّا إذَا ثَلَّثَ الْعُضْوَ قَبْلَ الِانْتِقَالِ إلَى مَا بَعْدَهُ إلَّا فِي الْيَدَيْنِ فَلَوْ ثَلَّثَ

ص: 77

لِغَسْلٍ وَمَسْحٍ وَتَخْلِيلٍ وَدَلْكٍ وَذِكْرٍ كَتَسْمِيَةٍ وَتَشَهُّدٍ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْجَمِيعِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ، وَرَوَاهُ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ مُسْلِمٌ وَفِي الثَّانِي فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَبُو دَاوُد وَفِي الثَّالِثِ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِي الْخَامِسِ فِي التَّشَهُّدِ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِثَلِيثِ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ.، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ، وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً» ، وَقَدْ يُطْلَبُ تَرْكُ التَّثْلِيثِ كَأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ قَلَّ الْمَاءُ (يَقِينًا) بِأَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْأَقَلِّ عِنْدَ الشَّكِّ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.

(وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِ الرَّأْسِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مُقْدِمِهِ وَيُلْصِقَ مُسَبَّحَتَهُ بِالْأُخْرَى وَإِبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إلَى الْمُبْتَدَإِ إنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ يَنْقَلِبُ وَإِلَّا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الذَّهَابِ. (أَوْ يُتَمِّمُ) بِالْمَسْحِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى، ثُمَّ ثَلَّثَ الْيُمْنَى حَصَلَ فَضْلُ التَّثْلِيثِ فِي كُلٍّ وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً فَمَرَّةً فَمَرَّةً لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ وَلَا يَحْرُمُ فِعْلُ غَيْرِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ قِيلَ بِحُصُولِ التَّثْلِيثِ بِهِ فَهُوَ شُبْهَةٌ انْتَهَى.

شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَلِأَنَّهُ تَجْدِيدٌ لَهُ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِصَلَاةٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ح ف وَقَوْلُ الشَّوْبَرِيِّ لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ أَيْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ مُتَبَاعِدَانِ فَيَنْبَغِي الْفَرَاغُ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ الِانْتِقَالُ لِلْآخَرِ وَالْأَنْفُ وَالْفَمُ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ فِي تَطْهِيرِهِمَا مَعًا كَالْيَدَيْنِ ز ي وَيُسَنُّ التَّثْلِيثُ وَلَوْ مِنْ مَوْقُوفِ الطَّهَارَةِ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِالْمَاءِ لِتَفَاهَتِهِ وَبِهِ فَارَقَ الْأَكْفَانَ الْمَوْقُوفَةَ حَيْثُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا الْمَنْدُوبُ شَيْخُنَا انْتَهَى.

شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِغُسْلٍ) أَيْ وَاجِبٍ، أَوْ مَنْدُوبٍ وَمَسْحٍ وَلَوْ جَبِيرَةٍ وَعِمَامَةٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَإِنْ تَبِعَهُ الْخَطِيبُ شَوْبَرِيٌّ أَيْ بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ قَالَ ح ل وَأَمَّا النِّيَّةُ، فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا وَعَلَى سَنِّ تَثْلِيثِهَا يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ثَانِيَةً وَثَالِثَةً لَا عَلَى قَصْدِ إبْطَالِ الْأُولَى، بَلْ يَكُونُ مُكَرِّرًا لَهَا حَتَّى يَكُونَ مُسْتَصْحِبًا لَهَا ذِكْرًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتَخْلِيلٍ وَدَلْكٍ) وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذِهِ السُّنَّةِ عَنْ جَمِيعِ السُّنَنِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْجَمِيعِ كَمَا قَالَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَرَوَى الْبُخَارِيُّ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ يُفْهِمُ وُجُوبَ التَّثْلِيثِ دَفَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً) أَيْ اقْتَصَرَ فِي كُلِّ عُضْوٍ عَلَى مَرَّةٍ ع ش. (قَوْلُهُ: فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ) أَيْ أَخَذَ مِنْ جِهَةِ الْقُبُلِ وَذَهَبَ بِهِمَا إلَى جِهَةِ الدُّبُرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَجَعَ بِيَدَيْهِ مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ إلَى جِهَةِ الْقُبُلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَا شَعْرَ لَهُ يَنْقَلِبُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُطْلَبُ تَرْكُ التَّثْلِيثِ) أَيْ وُجُوبًا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ حَرَامٌ إذَا كَانَ الْمَاءُ مُسَبَّلًا لِلْوُضُوءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ نَحْوِ حَنَفِيَّةٍ كَمَا قَالَهُ الْعَلْقَمِيُّ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نَحْوِ الْفَسَاقِيِّ فَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ عَائِدٌ فِيهَا فَلَا إتْلَافَ طُوخِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَقِينًا بِأَنْ يَبْنِيَ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يَزِيدُ رَابِعَةً وَهِيَ بِدْعَةٌ وَتَرْكُ سُنَّةٍ أَهْوَنُ مِنْ اقْتِحَامِ بِدْعَةٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بِدْعَةً إذَا عَلِمَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ مَكْرُوهَةً ز ي.

. (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) وَإِذَا مَسَحَ الْجَمِيعَ وَقَعَ الْبَعْضُ وَاجِبًا وَالْبَاقِي مَنْدُوبًا كَنَظِيرِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ إخْرَاجِ بَعِيرِ الزَّكَاةِ عَنْ دُونِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يَقَعُ كُلُّهُ وَاجِبًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا يُمْكِنُ تَجَزُّؤُهُ يَقَعُ مِنْهُ قَدْرُ الْوَاجِبِ فَرْضًا بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ كَبَعِيرِ الزَّكَاةِ كَذَا قَالُوا. وَاعْتُرِضَ بِمَا إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي بَعِيرٍ أَحَدُهُمَا يُضَحِّي وَالْآخَرُ يَأْكُلُ لَحْمًا مِنْ غَيْرِ تَضْحِيَةٍ أَوْ أَحَدُهُمَا يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ وَالْآخَرُ بِخِلَافِهِ حَيْثُ يَصِحُّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَعِيرَ تَجَزَّأَ. وَالْجَوَابُ الْمُتَعَيَّنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا وَقَعَ بَعِيرُ الزَّكَاةِ كُلُّهُ وَاجِبًا لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ أَصَالَةً فِي الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ تَخْفِيفًا عَلَى الْمَالِكِ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ هُوَ وَقَعَ كُلُّهُ وَاجِبًا وَمُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُلْصِقُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ أَلْصَقَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرُدَّهُمَا إلَخْ) فَيَكُونُ ذَهَابُهُ وَعَوْدُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِعَدَمِ تَمَامِهِ بِالذَّهَابِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الذَّهَابِ) فَلَا يَرُدُّ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَإِنْ رَدَّ لَمْ يُحْسَبْ ثَانِيَةً لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا وَلَا يُنَافِيه مَا لَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَاوِيًا رَفْعَ حَدَثِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَالَ انْغِمَاسِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْحَدَثَ الْمُتَجَدِّدَ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِأَنَّ مَاءَ الْمَسْحِ تَافِهٌ لَا قُوَّةَ لَهُ كَقُوَّةِ هَذَا وَلِذَا أَعَادَ مَاءَ غَسْلِ الذِّرَاعِ ثَانِيًا، لَمْ يُحْسَبْ غَسْلُهُ أُخْرَى لِكَوْنِهِ تَافِهًا. (قَوْلُهُ: أَوْ يُتَمِّمَ) بِالنَّصْبِ؛ بِأَنْ مُضْمِرَةً وَالْمَصْدَرُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَسْحٍ أَيْ أَوْ تَتْمِيمُ إلَخْ، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ

وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي

ح ف وَالتَّتْمِيمُ يَكُونُ بَعْدَ مَسْحِ الْوَاجِبِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِخِلَافِ الْغُرَّةِ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهَا وَلَوْ قَبْلَ الْفَرْضِ لِاسْتِقْلَالِهَا شَوْبَرِيٌّ وَفِي ز ي قَوْلُهُ: أَوْ يُتَمِّمَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى نَحْوِ الْعِمَامَةِ نَحْوُ دَمِ بَرَاغِيثَ وَأَنْ لَا يَمْسَحَ مِنْهُ مَا حَاذَى الْقَدْرَ الْمَسْمُوحَ مِنْ الرَّأْسِ كَمَا فِي عَمِيرَةَ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِلُبْسِ نَحْوِ الْعِمَامَةِ وَأَنْ يُقَدِّمَ مَسْحَ جُزْءٍ مِنْ رَأْسِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ يُتَمِّمَ اهـ.

قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ بَيْنَ مَسْحِ الْجُزْءِ وَالتَّتْمِيمِ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَاءُ

ص: 78

(عَلَى نَحْوِ عِمَامَتِهِ) وَإِنْ لَمْ يُعْسَرْ عَلَيْهِ نَزْعُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فِي رَابِعِ الْفُرُوضِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَقْصِرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ النَّاصِيَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ عَسُرَ رَفْعُ عِمَامَتِهِ كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا. .

(فَ) مَسَحَ كُلَّ (أُذُنَيْهِ) بِمَاءٍ جَدِيدٍ لَا بِبَلَلِ الرَّأْسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِهِمَا أَنْ يُدْخِلَ مُسَبِّحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ وَيُدِيرَهُمَا عَلَى الْمَعَاطِفِ وَيُمِرَّ إبْهَامَيْهِ عَلَى ظَهْرِهِمَا، ثُمَّ يُلْصِقُ كَفَّيْهِ وَهُمَا مَبْلُولَتَانِ بِالْأُذُنَيْنِ اسْتِظْهَارًا وَالْمُرَادُ مِنْهَا أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِ مُسَبِّحَتَيْهِ صِمَاخَيْهِ وَبِبَاطِنِ أُنْمُلَتَيْهِمَا بَاطِنَ الْأُذُنَيْنِ وَمَعَاطِفَهُمَا.

(وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ يَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِهِ) كَلِحْيَةِ رَجُلٍ كَثِيفَةٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. (وَ) تَخْلِيلُ. (أَصَابِعِهِ) لِخَبَرِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَالتَّخْلِيلُ فِي الشَّعْرِ بِأَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَهُ مِنْ أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ مَثَلًا بَعْدَ تَفْرِيقِهَا، وَفِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ، وَفِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلِهِمَا بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى مُبْتَدِئًا بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى خَاتِمًا بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى وَتَعْبِيرِي بِشَعْرٍ إلَخْ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ.

. (وَتَيَمُّنٌ) أَيْ: تَقْدِيمُ يَمِينٍ عَلَى يَسَارٍ. (لِنَحْوِ أَقْطَعَ) كَمَنْ خُلِقَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ. (مُطْلَقًا) أَيْ: فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ (وَلِغَيْرِهِ فِي يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتَّرَجُّلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ فَإِنْ قَدَّمَ الْيَسَارَ كُرِهَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَمَّا الْكَفَّانِ وَالْخَدَّانِ وَالْأُذُنَانِ وَجَانِبَا الرَّأْسِ لِغَيْرِ نَحْوِ الْأَقْطَعِ فَيَطْهُرَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَتِي، وَيُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْبُدَاءَةُ بِأَعْلَى الْوَجْهِ.

(وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ) وَهِيَ غَسْلُ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ فِي الْأَوَّلِ وَمِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الثَّانِي لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُسْتَعْمَلًا وَأَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِلُبْسِهَا لِذَاتِ اللُّبْسِ لِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا لِأَنَّ التَّتْمِيمَ عَلَى الْعِمَامَةِ رُخْصَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَغْصُوبَةً وَأَمَّا اشْتِرَاطُ بَعْضِهِمْ أَنْ لَا يَمْسَحَ مِنْ الْعِمَامَةِ مَا قَابَلَ الْجُزْءَ مِنْ الرَّأْسِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الِاشْتِرَاطِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَأْدِيَةِ السُّنَّةِ مَسْحُهُ لَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ م ر اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ عِمَامَتِهِ)، وَإِنْ لَمْ يَضَعهَا عَلَى طُهْرٍ ز ي. (قَوْلُهُ: عَلَى أَقَلَّ مِنْ النَّاصِيَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ خُصُوصِ النَّاصِيَةِ فَإِنَّهَا دُونَ الرُّبُعِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهِ أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ ح ل وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ الَّذِي هُوَ رَابِعُ الْفُرُوضِ.

. (قَوْلُهُ: لَا بِبَلَلِ الرَّأْسِ) لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي بَلَلِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا ذَكَرَ أَنَّ امْتِنَاعَ مَاءِ بَلَلِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَكْمَلِ وَإِلَّا فَأَصْلُ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِذَلِكَ كَمَا جَزَمَ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ حَجّ أَيْضًا ح ل. (قَوْلُهُ: مُسَبِّحَتَيْهِ) أَيْ رَأْسَهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ إلَخْ، ز ي. (قَوْلُهُ: فِي صِمَاخَيْهِ) الصِّمَاخُ بِالْكَسْرِ خَرْقُ الْأُذُنِ وَقِيلَ هُوَ الْأُذُنُ نَفْسُهَا وَالسِّينُ لُغَةٌ فِيهِ مُخْتَارٌ ع ش. (قَوْلُهُ: اسْتِظْهَارًا) أَيْ احْتِيَاطًا وَقَالَ ع ش أَيْ طَلَبًا لِظُهُورِ الْمَسْحِ لِكُلٍّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً مَسْحُهُمَا ثَلَاثًا مَعَ الرَّأْسِ وَغَسْلُهُمَا ثَلَاثًا مَعَ الْوَجْهِ مُرَاعَاةً لِلْأَخْبَارِ فِي أَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ، أَوْ مِنْ الرَّأْسِ وَمَسْحُهُمَا ثَلَاثًا اسْتِقْلَالًا وَمَسْحُهُمَا ثَلَاثًا اسْتِظْهَارًا ذَكَرَهُ ق ل. (قَوْله أُنْمُلَتَيْهِمَا) أَيْ الْمُسَبِّحَتَيْنِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَعَاطِفَهُمَا) مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ لِأَنَّ الْبَاطِنَ شَامِلٌ لِذَلِكَ.

. (قَوْلُهُ: وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ) إلَّا الْمُحْرِمَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُخَلِّلُ بِرِفْقٍ م ر وَيُفَارِقُ سَنُّ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِلصَّائِمِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُؤَدِّي لِلْوُصُولِ لِلْجَوْفِ لِأَنَّ التَّخْلِيلَ أَقْرَبُ لِنَتْفِ الشَّعْرِ سم. (قَوْلُهُ: ابْنُ صَبِرَةَ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَسْبِغْ الْوُضُوءَ) الْإِسْبَاغُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ تَامًّا بِمَنْدُوبَاتِهِ.

. (قَوْلُهُ: فِي يَدَيْهِ) هَلْ وَفِي وَجْهِهِ سم قَالَ شَيْخُنَا الْقِيَاسُ نَعَمْ لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَجِهَةُ الْيُمْنَى أَشْرَفُ ع ش. (قَوْلُهُ: فِي طُهُورِهِ) بَدَلٌ مِنْ فِي شَأْنِهِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّرَجُّلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ) أَيْ تَسَرُّحُهُ فَالْمُرَادُ بِالْمَصْدَرِ أَثَرُهُ لِصِحَّةِ الْحَمْلِ ح ف. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَّمَ الْيَسَارَ كُرِهَ) وَكَذَا الْمَعِيَّةُ وَهَلْ يُكْرَهُ التَّيَمُّنُ فِي نَحْوِ خَدَّيْهِ مِمَّا يَطْهُرُ دُفْعَةً وَاحِدَةً قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بِوُرُودِ الْأَمْرِ بِالتَّيَمُّنِ، ثُمَّ النَّهْيِ عَنْ تَرْكِهِ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَعِيَّةُ هُنَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ: وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ) وَهُمَا اسْمَانِ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ مَعًا شَرْحُ م ر وَالْمَنْدُوبُ إطَالَتُهُمَا ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَالَ ز ي وَإِطَالَتُهُمَا يَحْصُلُ أَقَلُّهَا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ، وَإِنْ سَقَطَ فِي الْكُلِّ غَسْلُ الْفَرْضِ لِعُذْرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: إنَّ أُمَّتِي) أَيْ أُمَّةَ الْإِجَابَةِ لَا الدَّعْوَةِ وَالْمُرَادُ الْمُتَوَضِّئُونَ مِنْهُمْ يُدْعَوْنَ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ أَيْ يُسَمُّونَ أَوْ يُعْرَفُونَ وَقِيلَ يُنَادَوْنَ إلَى مَوْقِفِ الْحِسَابِ أَوْ الْمِيزَانِ أَوْ الصِّرَاطِ أَوْ الْحَوْضِ، أَوْ دُخُولِ الْجَنَّةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: غُرًّا) جَمْعُ أَغَرَّ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْوَاوِ فِي يُدْعَوْنَ أَيْ ذَوِي غُرَّةٍ وَأَصْلُهَا بَيَاضٌ بِجَبْهَةِ الْفَرَسِ فَوْقَ الدِّرْهَمِ شُبِّهَ بِهِ مَا يَكُون لَهُمْ مِنْ النُّورِ فِي الْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ: مُحَجَّلِينَ) مِنْ التَّحْجِيلِ وَأَصْلُهُ بَيَاضٌ فِي قَوَائِمِ الْفَرَسِ كَمَا فِي الْمُنَاوِيِّ وَهِيَ أَيْ الْإِطَالَةُ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ أَيْ وَتَحْجِيلَهُ

ص: 79

فَلْيَفْعَلْ» وَغَايَةُ الْغُرَّةِ أَنْ يَغْسِلَ صَفْحَةَ الْعُنُقِ مَعَ مُقَدِّمَاتِ الرَّأْسِ وَغَايَةُ التَّحْجِيلِ اسْتِيعَابُ الْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ. .

(وَوَلَاءٌ) بَيْنَ الْأَعْضَاءِ فِي التَّطْهِيرِ بِحَيْثُ لَا يَجِفُّ الْأَوَّلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالْمِزَاجِ وَيُقَدَّرُ الْمَسْمُوحُ مَغْسُولًا.

وَيُسَنُّ أَيْضًا الدَّلْكُ (وَتَرْكُ اسْتِعَانَةٍ فِي صَبٍّ) عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ لَا تَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي فِي صَبٍّ الِاسْتِعَانَةُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَالِاسْتِعَانَةُ فِي إحْضَارِ الْمَاءِ وَالْأُولَى مَكْرُوهَةٌ إلَّا فِي حَقِّ الْأَقْطَعِ وَنَحْوِهِ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى بَلْ قَدْ تَجِبُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَالثَّانِيَةُ لَا بَأْسَ بِهَا.

(وَ) تَرْكُ (نَفْضٍ) لِلْمَاءِ لِأَنَّ نَفْضَهُ كَالتَّبَرِّئِ مِنْ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ، وَقَالَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ لَكِنَّهُ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مُبَاحٌ، تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ.

(وَ) تَرْكُ (تَنْشِيفٍ) بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم بَعْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَتَتْهُ مَيْمُونَةُ بِمِنْدِيلٍ فَرَدَّهُ وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَنْفُضُهُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

(وَالذِّكْرُ الْمَشْهُورُ عَقِبَهُ) أَيْ: الْوُضُوءِ وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إلَيْك» لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَى قَوْلِهِ، وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ» وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ إلَى الْمُتَطَهِّرِينَ، وَرَوَى الْحَاكِمُ الْبَاقِيَ وَصَحَّحَهُ وَلَفْظُهُ «مَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ إلَى آخِرِهِ كُتِبَ بِرَقٍّ» أَيْ: فِيهِ كَمَا وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ «ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أَيْ: لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ إبْطَالٌ وَالطَّابَعُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا الْخَاتَمُ وَوَاوُ وَبِحَمْدِك زَائِدَةٌ فَسُبْحَانَك مَعَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَخَصَّهَا لِشُمُولِهَا لَهُ، أَوْ لِكَوْنِ مَحِلِّهَا أَشْرَفَ الْأَعْضَاءِ وَأَوَّلَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ مُنَاوِيٌّ.

. (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّرُ الْمَمْسُوحَ مَغْسُولًا) وَإِذَا غَسَلَ ثَلَاثًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ ز ي.

. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَيْضًا الدَّلْكُ) هُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَتَخْلِيلٍ وَدَلْكٍ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فِي سَنِّ تَثْلِيثِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَدْبُهُ. (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ اسْتِعَانَةٍ) أَيْ إعَانَةٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلٍ لِلْعِبَادَةِ، أَوْ بِلَا طَلَبٍ فَلَيْسَ السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ ق ل أَيْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ وَفِي ع ش وَتَرْكُ اسْتِعَانَةٍ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْمُعِينُ كَافِرًا عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَتَجِبُ عَلَى الْعَاجِزِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ إنْ فَضُلَتْ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَإِلَّا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَأَعَادَ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لحج سم اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي صَبٍّ) اُنْظُرْ لِمَ قَيَّدَ بِذَلِكَ وَهَلَّا تَرَكَهُ لِيَشْمَلَ تَرْكَ الِاسْتِعَانَةِ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِلْمَفْهُومِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى فَلَوْ أَطْلَقَ فِي الِاسْتِعَانَةِ لَدَخَلَ تَرْكُهَا فِي إحْضَارِ الْمَاءِ فَيَكُونُ سُنَّةً مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ زَادَ قَوْلَهُ، أَوْ فِي غُسْلٍ لَتَوَهَّمَ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ فِيهِ خِلَافُ الْأَوْلَى فَقَطْ مَعَ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فَدَفَعَ ذَلِكَ بِالتَّقْيِيدِ اهـ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ) قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَلَبِ الْإِعَانَةِ وَعَدَمِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَنْعِ فَتَعْبِيرُهُمْ بِالِاسْتِعَانَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ سم.

. (قَوْلُهُ: تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ) أَتَى بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاحِ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ قَالَ ز ي وَإِذَا اسْتَعَانَ بِمَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ سُنَّ أَنْ يَقِفَ الصَّابُّ عَنْ يَسَارِهِ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَأَحْسَنُ.

. (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ تَنْشِيفٍ) وَهُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ وَبِهِ يُرَدُّ مَا تُوُهِّمَ مِنْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَرْكُهُ إنَّمَا هُوَ الْمُبَالَغَةُ ح ل وَإِذَا تَنَشَّفَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِذَيْلِهِ وَطَرَفِ ثَوْبِهِ وَنَحْوِهِمَا. (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) كَبَرْدٍ، أَوْ خَوْفِ تَنَجُّسٍ، أَوْ إرَادَةِ تَيَمُّمٍ وَهَذَا فِي الْحَيِّ وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَيُسَنُّ ح ل. (قَوْلُهُ: بِمِنْدِيلٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتُفْتَحُ ع ش. (قَوْلُهُ: يَقُولُ) أَيْ يَفْعَلُ وَقَوْلُهُ: هَكَذَا مَفْعُولٌ بِهِ وَقَوْلُهُ: يَنْفُضُهُ بَدَلٌ مِنْ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لَهُ قَالَ سم وَلَا يَرِدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ اهـ.

. (قَوْلُهُ: عَقِبَهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَطُولُ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ ز ي وَتَرَكَ التَّعَرُّضَ لِلذِّكْرِ الَّذِي لِلْأَعْضَاءِ وَمَشَى م ر عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَمَنَعَ شِدَّةُ ضَعْفِ أَحَادِيثِهِ سم. (قَوْلُهُ: الثَّمَانِيَةِ) وَهِيَ بَابُ الصَّلَاةِ وَبَابُ الصَّدَقَةِ وَبَابُ الصَّوْمِ وَيُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ وَبَابُ الْجِهَادِ وَبَابُ التَّوْبَةِ وَبَاب الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَبَابُ الرَّاضِينَ وَالثَّامِنُ هُوَ الْبَابُ الْأَيْمَنُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ شَوْبَرِيٌّ وَتُفْتَحُ لَهُ إكْرَامًا وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ ع ش عَلَى م ر وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ تَخْصِيصِ الثَّمَانِيَةِ مَعَ أَنَّ الْقُرْطُبِيَّ عَدَّهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الثَّمَانِيَةَ هِيَ الْأَبْوَابُ الْكِبَارُ كَأَبْوَابِ السُّورِ وَدَاخِلُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، ثُمَّ تَزِيدُ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ) لَا يُشْكِلُ بِأَنَّ الْأَبْوَابَ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الْأَعْمَالِ فَكُلُّ بَابٍ لِأَهْلِ عَمَلٍ مَخْصُوصٍ لِأَنَّ فَتْحَهَا إكْرَامٌ لَهُ لَكِنْ يُلْهَمُ الدُّخُولَ مَنْ الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كُتِبَ بِرِقٍّ) أَيْ وَيَتَجَدَّدُ ذَلِكَ بِتَعَدُّدِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْفَضْلَ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ ع ش. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ إبْطَالٌ) أَيْ يَصُونُ صَاحِبَهُ مِنْ تَعَاطِي مُبْطِلٍ بِأَنْ يَرْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا، فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا الْإِبْطَالُ بِالرِّدَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا بِخُصُوصِهِ لَا يَبْطُلُ بِهَا لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم مُبَالَغَةٌ فِي حِفْظِهِ وَتَأْكِيدٌ فِي طَلَبِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ فَيُتَأَمَّلُ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَرْتَدَّ فَيَكُونُ فِيهِ بُشْرَى بِأَنَّ مَنْ

ص: 80