الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ مُرَتَّبًا هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَحْدَثَ، ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ. (كَفَاهُ غُسْلٌ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ لِانْدِرَاجِ الْوُضُوءِ فِيهِ.
(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا
(النَّجَاسَةُ) لُغَةً مَا يُسْتَقْذَرُ. وَشَرْعًا بِالْحَدِّ: مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَبِالْعَدِّ (مُسْكِرٌ مَائِعٌ) كَخَمْرٍ، وَخَرَجَ بِالْمَائِعِ غَيْرُهُ كَبَنْجٍ وَحَشِيشٍ مُسْكِرٍ فَلَيْسَ بِنَجِسٍ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرُهُ حَرَامًا، وَلَا تَرِدُ الْخَمْرَةُ الْمَعْقُودَةُ وَلَا الْحَشِيشُ الْمُذَابُ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ كَفَاهُ غُسْلٌ لِيَكُونَ الْأَكْبَرُ شَامِلًا لِلْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَنَابَةِ لِكَوْنِهَا تُوجَدُ بِدُونِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَإِنَّهُمَا لَا يُوجَدَانِ بِدُونِهِ أَيْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلِلَّهِ دَرُّهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَتَّبًا) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ مَعًا لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ هِيَ الَّتِي أَخَلَّ بِهَا الْأَصْلُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُغَيَّى بِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِانْدِرَاجِ الْوُضُوءِ) أَيْ: لِانْدِرَاجِ مُوجِبِ الْوُضُوءِ عَشْمَاوِيٌّ.
[بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا]
(بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا) أَيْ فِي بَيَانِ أَفْرَادِهَا وَكَيْفِيَّةِ إزَالَتِهَا الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ وَمَا نَجَسَ وَلَوْ مَعَضًّا إلَخْ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ كَيْفِيَّةَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّطَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ وَالْمُتَوَسِّطَةِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّجَاسَةِ هُنَا أَعْيَانُهَا، وَالضَّمِيرُ فِي إزَالَتِهَا عَائِدٌ إلَيْهَا بِمَعْنَى الْوَصْفِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ وَأُخِّرَتْ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِمَا تَقَدُّمُ إزَالَتِهَا لِأَنَّهُ يَكْفِي كَمَا عَلِمْت مُقَارَنَةُ إزَالَتِهَا لَهُمَا وَقُدِّمَتْ عَلَى التَّيَمُّمِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِمَا تَقَدُّمُ إزَالَتِهَا. اهـ. ح ل وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا بِالْحَدِّ مُسْتَقْذَرٌ) لَك أَنْ تَقُولَ: اعْتِبَارُ الِاسْتِقْذَارِ فِيهَا يُنَاقِضُ اعْتِبَارَ عَدَمِهِ فِي الْحَدِّ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ كُلُّ عَيْنٍ حَرُمَ تَنَاوُلُهَا إلَى أَنْ قَالَ لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا وَنَفْيُهُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] . وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ وَلَا مُسْتَقْذَرٍ وَلَا ضَرَرٌ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ. وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ حُرْمَةَ تَنَاوُلِهَا لَا لِكَوْنِهَا مُسْتَقْذَرَةً بَلْ لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي هِيَ أَبْلَغُ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي اسْتِقْذَارَهَا شَرْعًا (قَوْلُهُ يَمْنَعُ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ وَإِدْخَالُ الْحُكْمِ فِي التَّعْرِيفِ يُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ؛ لِأَنَّ تَصَوُّرَ النَّجَاسَةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ أَعْنِي كَوْنَهَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جُزْءٌ مِنْ تَعْرِيفِهَا وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ لَا يُقَالُ إنَّهُ رَسْمٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَالَ: وَبِالْحَدِّ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْحَدِّ مَا قَابَلَ الْعَدَّ فَيَشْمَلُ الرَّسْمَ شَيْخُنَا وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ حَدٌّ لِلنَّجَسِ لَا لِلنَّجَاسَةِ رُدَّ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْأَعْيَانِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا: إنَّ النَّجَاسَةَ وَالنَّجَسَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ شَرْحُ م ر بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ مُسْكِرٌ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا: الْمُغَطِّي لِلْعَقْلِ لَا ذُو الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ مَائِعٌ زي أَيْ لِأَنَّ مَا فِيهِ شِدَّةً مُطْرِبَةً لَا يَكُونُ إلَّا مَائِعًا ح ف، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ مُسْكِرٌ أَيْ صَالِحٌ لِلْإِسْكَارِ وَلَوْ بِانْضِمَامِهِ لِغَيْرِهِ فَدَخَلَتْ الْقَطْرَةُ مِنْ الْمُسْكِرِ، أَوْ يُقَالُ مُسْكِرٌ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ نَوْعِهِ اهـ، وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا بِحَالَةِ الْإِسْكَارِ، فَالْجَامِدُ حَالَ إسْكَارِهِ طَاهِرٌ وَالْمَائِعُ حَالَ إسْكَارِهِ نَجَسٌ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ جَامِدًا م ر
(فَرْعٌ)
سُئِلَ شَيْخُنَا م ر عَنْ الْكِشْكِ إذَا صَارَ مُطْرِبًا ثُمَّ قُطِعَ وَجَفَّ هَلْ يَكُونُ نَجَسًا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ جَامِدٌ وَالْمُسْكِرُ لَا يَكُونُ نَجَسًا إلَّا إذَا كَانَ مَائِعًا،. اهـ. ع ش وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ صَيْرُورَةُ النَّجَسِ طَاهِرًا بِالْجَفَافِ وَهَذَا لَا نَظِيرَ لَهُ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَأَمَّا الْكِشْكُ فَطَاهِرٌ مَا لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ نَجَسٌ أَيْ إنْ كَانَ مَائِعًا اهـ، وَمِثْلُهُ ق ل (قَوْلُهُ كَبَنْجٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ قَامُوسٌ ع ش وَلَا يُرَدُّ مَا يُقَالُ إنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَ مُخَدِّرَانِ لَا مُسْكِرَانِ، فَهُمَا خَارِجَانِ بِقَيْدِ الْإِسْكَارِ فَلَا يُحْتَاجُ فِي إخْرَاجِهِمَا إلَى زِيَادَةِ مَائِعٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَ مُسْكِرَانِ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ فَتَعَلَّمْ بِهَذَا أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ مُسْكِرَيْنِ بَدَلَ قَوْلِهِ مُسْكِرٍ (قَوْلُهُ وَلَا تُرَدُّ) أَيْ عَلَى الْمَائِعِ (قَوْلُهُ وَلَا الْحَشِيشَةُ الْمُذَابَةُ) أَيْ مَا لَمْ تَزْبِدْ وَتُرَغِّ وَإِلَّا فَنَجِسَةٌ، وَلَوْ صَارَ فِي مُذَابِهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَصَارَ مُسْكِرًا حَرُمَ وَصَارَ نَجَسًا بَحَثَهُ الطَّبَلَاوِيُّ شَوْبَرِيٌّ وسم (قَوْلُهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا) أَيْ فَمَا كَانَ
(وَكَلْبٌ) وَلَوْ مُعَلَّمًا؛ لِخَبَرِ: «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ» الْآتِيَ. (وَخِنْزِيرٌ) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ.
(وَفَرْعُ كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ غَيْرِهِ تَغْلِيبًا لِلنَّجَسِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَفَرْعُهُمَا (وَمَنِيُّهَا) تَبَعًا لِأَصْلِهِ بِخِلَافِ مَنِيِّ غَيْرِهَا لِذَلِكَ، وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحُكُّ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ» .
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَائِعًا حَالَ إسْكَارِهِ كَانَ نَجَسًا وَإِنْ جَمَدَ، وَمَا كَانَ جَامِدًا حَالَ الْإِسْكَارِ يَكُونُ طَاهِرًا وَإِنْ انْمَاعَ كَالْحَشِيشِ الْمُذَابِ وَكَالْكِشْكِ الْمُسْكِرِ حَالَ جُمُودِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ نَجَسٌ سَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا أَوْ جَامِدًا، فَالْكِشْكُ الْجَامِدُ لَوْ صَارَ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ كَانَ نَجَسًا. اهـ. ح ل وَرَدَّهُ م ر وَقَالَ بِطَهَارَتِهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ مُعَلَّمًا) الْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ لَا لِلرَّدِّ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِي خُصُوصِ الْمُعَلَّمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرَّاحِ الْأَصْلِ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِطْفِيحِيَّ قَالَ إنَّهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ الْمُعَلَّمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ) أَيْ فَنَجَاسَتُهُ ثَابِتَةٌ بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ حَيْثُ جَعَلَ ضَمِيرَ فَإِنَّهُ رَاجِعًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْخِنْزِيرُ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ رُجُوعَهُ لِلْمُضَافِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلَحْمِهِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ فَيَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ لَحْمِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ جُمْلَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ اهـ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ أَيْ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ مَعَ تَأَتِّي النَّفْعِ بِهِ فَلَا تَرِدُ الْحَشَرَاتُ إذْ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهَا، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ طَاهِرَةٌ إذْ لَا نَفْعَ بِهَا ظَاهِرًا، فَعَدَمُ جَوَازِ اقْتِنَائِهِ مَعَ تَأَتِّي النَّفْعِ بِهِ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ مَثَلًا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ مَنْدُوبٌ) أَيْ مَدْعُوٌّ إلَى قَتْلِهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ إنْ كَانَ عَقُورًا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ) خَرَجَ بِهِ الْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ فَإِنَّهُنَّ يُقْتَلْنَ لِضَرَرِهِنَّ.
(قَوْلُهُ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ كُلٍّ وَشَمِلَ الْغَيْرُ الْآدَمِيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ اتِّفَاقًا، فَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ فِي نِصْفِهِ الْأَعْلَى فَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ بِطَهَارَتِهِ وَثُبُوتِ سَائِرِ أَحْكَامِ الْآدَمِيِّينَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ يُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ فِي الطِّهَارَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ كَدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ وَعَدَمِ النَّجَاسَةِ بِمَسِّهِ مَعَ الرُّطُوبَةِ وَعَدَمِ تَنَجُّسِ نَحْوِ مَائِعٍ بِمَسِّهِ وَصِحَّةِ صَلَاتِهِ وَإِمَامَتِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَصِحَّةِ قَضَائِهِ وَتَزْوِيجِهِ مُوَلِّيَتَهُ وَوِصَايَتِهِ وَيُعْطَى حُكْمَ النَّجَسِ فِي عَدَمِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَمُنَاكَحَتِهِ وَتَسَرِّيهِ وَإِرْثِهِ وَلَوْ مِنْ أُمِّهِ وَأَوْلَادِهِ وَعَدَمِ قَتْلِ قَاتِلِهِ،
وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى قَاتِلِهِ فَقِيلَ: دِيَةُ كَامِلٍ، وَقِيلَ أَوْسَطُ الدِّيَاتِ، وَقِيلَ أَخَسُّهَا، وَقِيلَ قِيمَتُهُ، وَقَالَ الْخَطِيبُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْوَلَايَاتِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِجَوَازِ تَسَرِّيهِ إنْ خَافَ الْعَنَتَ وَقَالَ شَيْخُنَا: بِإِرْثِهِ مِنْ أُمِّهِ وَأَوْلَادِهِ، وَمَالَ إلَى وُجُوبِ دِيَةِ كَامِلٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْآدَمِيَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ شَاتَيْنِ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَخْطُبَ وَيَؤُمَّ بِالنَّاسِ وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ اهـ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْآدَمِيَّ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ كَذَلِكَ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ سَمَكٍ وَآدَمِيٍّ لَهُ حُكْمُ الْآدَمِيِّ وَمُقْتَضَاهُ حُرْمَةُ أَكْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَانْظُرْهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَفَرْعُهُمَا) لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِهِ طَاهِرٌ وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الْأَصْلِ التَّكْرَارُ لِأَنَّ فَرْعَ كُلٍّ مَعَ الْآخَرِ دَخَلَ فِي الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لِأَنَّهُ إمَّا كَلْبٌ أَوْ خِنْزِيرٌ (تَنْبِيهٌ)
الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكِيَّ الَّذِي أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ وَلَمْ يُسَبِّعْهُ مَعَ التُّرَابِ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ لَكِنْ هَلْ لِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ لِتَضَرُّرِ غَيْرِهِ بِدُخُولِهِ حَيْثُ يَتَلَوَّثُ الْمَسْجِدُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ قُلْنَا لَهُ مَنْعُهُ فَهَلْ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ الْآدَمِيِّ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ آدَمِيَّةٍ وَكَلْبٍ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَنَقَلَ عَنْ حَجّ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ حَيْثُ خِيفَ التَّلْوِيثُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ مِنْهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسَادُ عِبَادَةِ غَيْرِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَمَنِيُّهَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ) الْمُرَادُ بِأَصْلِهِ الْبَدَنُ الَّذِي انْفَصَلَ مِنْهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ هُوَ أَصْلٌ فَكَيْفَ يَكُونُ فَرْعًا؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَصْلٌ بِاعْتِبَارِ التَّخَلُّقِ مِنْهُ فَرْعٌ بِاعْتِبَارِ انْفِصَالِهِ عَنْ غَيْرِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ كَوْنُهُ خَارِجًا مِنْ مَحَلٍّ مُعْتَادٍ أَوْ مِمَّا قَامَ مَقَامَهُ مُسْتَحْكِمًا أَوْ لَا، وَلَا أَنْ يَكُونَ خَارِجًا فِي سِنٍّ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ إنْ فُرِضَ وُجُودُ مِثْلِ ذَلِكَ ح ل وَعِبَارَةُ ع ش فَرْعٌ إذْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ فَخَرَجَ مِنْ آدَمِيٍّ فِي نَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ وَفِيهِ صِفَاتُ الْمَنِيِّ فَهَلْ هُوَ طَاهِرٌ؟ قَدْ يُقَالُ هُوَ نَجَسٌ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَنِيًّا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَبْلَ التِّسْعِ، وَتِلْكَ الصِّفَاتُ لَيْسَتْ صِفَاتِ الْمَنِيِّ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ صِفَاتٍ فِي حَدِّ الْإِمْكَانِ، وَالْأَصْلُ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْبَطْنِ النَّجَاسَةُ م ر اهـ. (قَوْلُهُ عَنْ عَائِشَةَ إلَخْ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَلِطًا بِمَنِيِّ
(وَمَيْتَةُ غَيْرِ بَشَرٍ وَسَمَكٍ وَجَرَادٍ) لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا، قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] ، أَمَّا مَيْتَةُ الْبَشَرِ وَتَالِيَيْهِ فَطَاهِرَةٌ لِحِلِّ تَنَاوُلِ الْأَخِيرَيْنِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] . فِي الْأَوَّلِ، وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمُهُمْ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] . فَالْمُرَادُ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ لَا نَجَاسَةُ الْأَبْدَانِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَيْتَةِ الزَّائِلَةُ الْحَيَاةُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا جَنِينُ الْمُذَكَّاةِ وَالصَّيْدُ الْمَيِّتُ بِالضَّغْطَةِ وَالْبَعِيرُ النَّادُّ الْمَيِّتُ بِالسَّهْمِ
(وَدَمٌ) لِمَا مَرَّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إحْدَى زَوْجَاتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا مِنْ الِاحْتِلَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَعَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَنِيِّهِ وَحْدَهُ وَقُلْنَا بِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ فَالْمُرَادُ بِفَضَلَاتِهِ الَّتِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى طَهَارَتِهَا الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ وَالدَّمُ وَنَحْوُهَا، وَأَمَّا الْمَنِيُّ فَلَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْحَمْلُ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ إلَّا بِدَلِيلٍ فَيَكُونُ حُكْمُهُ فِيهِ كَحُكْمِنَا، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَنْهَضُ إلَّا إنْ امْتَنَعَ الْقِيَاسُ ح ل وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ بَلْ أَوْلَوِيٌّ ح ف، أَوْ يَقُولُ: هَذَا الِاسْتِدْلَال مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِأَنَّ فَضَلَاتِهِ غَيْرُ طَاهِرَةٍ
(قَوْلُهُ غَيْرُ بَشَرٍ) أَيْ وَمَلَكٌ وَجِنِّيٌّ عَلَى مَا بَحَثَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْذَارٍ فِيهَا فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْبُصَاقِ وَمِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَا يَرِدُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ كَالسُّمِّيَّاتِ. (قَوْلُهُ فَطَاهِرَةٌ) وَقِيلَ إنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَعَلَيْهِ يُسْتَثْنَى الْأَنْبِيَاءُ قِيلَ وَالشُّهَدَاءُ، وَهَلْ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْبَغَوِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا: إنَّهُ يَطْهُرُ. وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ: لِأَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بِالْمَوْتِ لَكَانَ نَجَسَ الْعَيْنِ وَلَمْ نُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ. لَا يُقَالُ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمْ نُؤْمَرْ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ عُهِدَ غَسْلُ الطَّاهِرِ بِدَلِيلِ الْمُحْدِثِ وَلَا كَذَلِكَ نَجَسُ الْعَيْنِ.
قَوْلُهُ {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِأَنْ جَعَلَهُمْ يَأْكُلُونَ بِالْأَيْدِي وَغَيْرُهُمْ يَأْكُل بِفِيهِ مِنْ الْأَرْضِ وَقِيلَ بِالْعَقْلِ وَقِيلَ بِالنُّطْقِ وَالتَّمْيِيزِ وَالْفَهْمِ وَقِيلَ بِاعْتِدَالِ الْقَامَةِ وَقِيلَ بِحُسْنِ الصُّورَةِ بِرْمَاوِيٌّ. وَخُلِقَ آدَم يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأُسْكِنَ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنُبِّئَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتِيبَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجْتَمَعَ بِحَوَّاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَهُ مِنْ الْعُمُرِ أَلْفُ سَنَةٍ، وَلَمْ يَمُتْ حَتَّى بَلَغَ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَعَاشَتْ حَوَّاءُ بَعْدَهُ سَنَةً وَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَدُفِنَتْ بِجَنْبِهِ اهـ سُحَيْمِيٌّ عَلَى عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمِهِمْ) أَيْ وَقَضِيَّةُ عُمُومِ تَكْرِيمِهِمْ فِي الْآيَةِ إذْ لَمْ يَرِدْ تَخْصِيصٌ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ نَجَاسَةُ الِاعْتِقَادِ) أَيْ فَسَادُهُ فَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ فَيَكُونُ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ وَالتَّقْدِيرُ إنَّمَا اعْتِقَادُ الْمُشْرِكِينَ نَجَسٌ أَيْ فَاسِدٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ فَيَكُونُ فِي الْآيَةِ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ أَيْ إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ كَالنَّجَسِ فِي وُجُوبِ الِاجْتِنَابِ.
وَقِيلَ إنَّهَا مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ فَأَطْلَقَ الْمَلْزُومَ وَهُوَ النَّجَسُ وَأُرِيدَ اللَّازِمُ وَهُوَ وُجُوبُ الِاجْتِنَابِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ لَا نَجَاسَةُ الْأَبَدَانِ) قَدْ يُقَالُ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ الْأَحْيَاءِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْمَوْتَى ع ش، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَتِهِمْ حَالَ حَيَاتِهِمْ طَهَارَتُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ بِدَلِيلِ نَجَاسَةِ الْآدَمِيِّ بَعْدَ مَوْتِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ إلَّا الْأَنْبِيَاءَ قِيلَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَهُمْ. (قَوْلُهُ الزَّائِلَةُ الْحَيَاةِ) يَرِدُ عَلَيْهِ جَنِينُ الْمُذَكَّاةِ الَّذِي لَمْ تَحِلَّهُ الْحَيَاةُ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ لَهُ تَزُولُ مَعَ أَنَّهُ طَاهِرٌ يَحِلُّ أَكْلُهُ كَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّائِلَةِ الْحَيَاةِ الْمَعْدُومَةُ الْحَيَاةِ فَيَصْدُقُ بِعَدَمِ وُجُودِ الْحَيَاةِ رَأْسًا ح ف.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ) بِأَنْ كَانَتْ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً خِلَافًا لِلْقَفَّالِ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى طَهَارَةِ مَيْتَةِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ شَوْبَرِيٌّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَايَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمَيْتَةُ إلَخْ قَالَ ع ش وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ غَايَةً فِي الْمُذَكَّاةِ وَيَكُونُ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّنْبِيهَ عَلَى طَهَارَةِ الْمُذَكَّاةِ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ اهـ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمَّا مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ عِنْدَ ذَبْحِهَا فَيَكُونُ غَايَةً فِي الْمَفْهُومِ الَّذِي هُوَ الْمَنْفِيُّ بِغَيْرِ، وَيَكُونُ الْغَرَضُ بِهَا الرَّدَّ عَلَى الْقَفَّالِ أَيْضًا الْقَائِلِ بِأَنَّ الْمُذَكَّاةَ الَّتِي لَمْ يَسِلْ دَمُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِالضَّغْطَةِ) أَيْ الزَّحْمَةِ وَالْإِلْجَاءِ بِأَنْ أَلْجَأَتْهُ الْجَارِحَةُ إلَى حَائِطٍ وَضَمَّتْهُ حَتَّى مَاتَ وَعِبَارَةُ ز ي يُقَالُ ضَغَطَهُ أَيْ زَحَمَهُ إلَى حَائِطٍ وَنَحْوِهِ اهـ (قَوْلُهُ الْمَيِّتُ بِالسَّهْمِ) فَإِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ ذَلِكَ ذَكَاتَهَا ح ل
(قَوْلُهُ وَدَمٌ) وَإِنْ تَحَلَّبَ مِنْ سَمَكٍ أَوْ كَبِدٍ أَوْ طِحَالٍ ح ل.
وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَنِيُّ إذَا خَرَجَ بِلَوْنِ الدَّمِ ز ي، وَالدَّمُ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ مِنْ الْمُذَكَّاةِ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَفْوَ لَا يُنَافِي النَّجَاسَةَ فَمُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِطَهَارَتِهِ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالدَّمِ
مِنْ تَحْرِيمِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] أَيْ: سَائِلًا بِخِلَافِ غَيْرِ السَّائِلِ كَطِحَالٍ وَكَبِدٍ وَعَلَقَةٍ (وَقَيْحٌ) لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ
(وَقَيْءٌ) وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَالْغَائِطِ
(وَرَوْثٌ) بِمُثَلَّثَةٍ كَالْبَوْلِ، نَعَمْ مَا أَلْقَاهُ الْحَيَوَانُ مِنْ حَبٍّ مُتَصَلِّبٍ لَيْسَ بِنَجِسٍ بَلْ مُتَنَجَّسٌ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ (وَبَوْلٌ) لِلْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ ذُبِحَتْ شَاةٌ وَقُطِّعَ لَحْمُهَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرٌ مِنْ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الَّتِي تُذْبَحُ فِي الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ لِذَبْحِهَا الْآنَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِإِزَالَةِ الدَّمِ عَنْهَا، فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّمِ عَلَى اللَّحْمِ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ لِاخْتِلَاطِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.
وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذَكَرَ بَيْنَ الْمُبْتَلَى بِهِ كَالْجَزَّارِينَ وَغَيْرِهِمْ ع ش عَلَى م ر، وَقَدْ يُقَالُ الْمَاءُ لِإِصْلَاحِ اللَّحْمِ فَلَا يُعَدُّ أَجْنَبِيًّا. (قَوْلُهُ كَطِحَالٍ وَكَبِدٍ وَعَلَقَةٍ) ، أَيْ وَإِنْ سُحِقَتْ وَصَارَتْ كَالدَّمِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ) لَك أَنْ تَقُولَ كَوْنُهُ كَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ بِدَلِيلِ الْمَنِيِّ وَاللَّبَنِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مُسْتَحِيلٌ إلَى فَسَادٍ لَا إلَى صَلَاحٍ فَتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ وَقَيْءٌ) وَهُوَ الْخَارِجُ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى الْمَعِدَةِ بَلْ إلَى مَخْرَجِ الْجَوْفِ الْبَاطِنِ وَهُوَ الْحَاءُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر، وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْخَارِجُ مِنْ الصَّدْرِ مِنْ الْبَلْغَمِ فَإِنَّ الصَّدْرَ مُجَاوِزٌ لِمَخْرَجِ الْحَاءِ بِكَثِيرٍ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ وَقَوْلُهُمْ بِطَهَارَةِ الْبَلْغَمِ الْخَارِجِ مِنْ الصَّدْرِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَاصِلَ لِلصَّدْرِ وَمَا فَوْقَهُ إذَا عَادَ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ لَا يَكُونُ نَجَسًا. اهـ. ح ل، وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ ح ف وَرَدَّ قَوْلَهُ بَلْ إلَخْ وَقَالَ: إنَّ مَخْرَجَ الْحَاءِ إنَّمَا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْخُرُوجِ لَا فِي الدُّخُولِ، يَعْنِي أَنَّ مَا فِي الْمَعِدَةِ إذَا وَصَلَ إلَى مَخْرَجِ الْحَاءِ يُقَالُ لَهُ قَيْءٌ وَيَنْجُسُ، وَأَمَّا الدَّاخِلُ فِي حَالِ الْأَكْلِ إذَا وَصَلَ إلَى مَخْرَجِ الْحَاءِ ثُمَّ خَرَجَ فَلَا يَكُونُ نَجَسًا. وَالْمَاءُ الْخَارِجُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إنْ كَانَ مُنْتِنًا أَوْ مُصْفَرًّا فَهُوَ نَجَسٌ وَيُعْفَى عَنْهُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ ح ل، وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَالْبَلْغَمُ الصَّاعِدُ مِنْ الْمَعِدَةِ نَجَسٌ وَالْمَاءُ السَّائِلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ نَجَسٌ إنْ كَانَ مِنْ الْمَعِدَةِ كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ لَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ لَا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ، نَعَمْ لَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ شَخْصٌ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْعَفْوُ أَيْ وَإِنْ كَثُرَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسِيلَ عَلَى مَلْبُوسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ اُبْتُلِيَ بِدَمِ لِثَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالِابْتِلَاءِ بِذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ وُجُودُهُ بِحَيْثُ يَقِلُّ خُلُوُّهُ عَنْهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَيْءِ عَسَلُ النَّحْلِ فَهُوَ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ فَمِ النَّحْلَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ مِنْ دُبُرِهَا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الرَّوْثِ، وَقِيلَ مِنْ ثَدْيَيْنِ صَغِيرَيْنِ تَحْتَ جَنَاحِهَا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ لَبَنِ مَا لَا يُؤْكَلُ عَمِيرَةُ
وَمِنْ الْقَيْءِ مَا عَادَ حَالًا وَلَحْمُ نَحْوِ كَلْبٍ كَذَلِكَ فَلَا يَجِبُ فِيهِ تَسْبِيعُ الْفَمِ، كَمَا لَا يَجِبُ تَسْبِيعُ الدُّبُرِ مِنْهُ وَإِنْ خَرَجَ حَالًا بِلَا اسْتِحَالَةٍ ق ل، وَاعْتَمَدَ ع ش أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْبِيعُ الدُّبُرِ مِنْ خُرُوجِ مَا مِنْ شَأْنِهِ الِاسْتِحَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلَّ كَاللَّحْمِ الْمُغَلَّظِ وَأَنَّهُ يَجِبُ تَسْبِيعُهُ مِنْ خُرُوجِ مَا مِنْ شَأْنِهِ عَدَمُ الِاسْتِحَالَةِ وَإِنْ اسْتَحَالَ وَيُسَبَّعُ الْفَمُ مِنْ خُرُوجِ اللَّحْمِ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ. اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مُتَغَيِّرًا وَلَوْ مَا فَوْقَ الْقُلَّتَيْنِ خِلَافًا للإسنوي حَيْثُ ادَّعَى أَنَّ الْمَاءَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ يَكُونُ مُتَنَجِّسًا لَا نَجَسًا، فَيَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَبِّ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ تَأْثِيرَ الْبَاطِنِ فِي الْمَائِعِ فَوْقَ تَأْثِيرِهِ فِي غَيْرِهِ ح ل قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ: وَعَنْ الْعِدَّةِ وَالْحَاوِي الْجَزْمُ بِنَجَاسَةِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ وَالْقَزْوِينِيِّ إنَّهُ مِنْ لُعَابِهَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهَا تَتَغَذَّى بِالذُّبَابِ الْمَيِّتِ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الطَّهَارَةُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ أَيْ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مِنْ لُعَابِهَا وَأَنَّهَا لَا تَتَغَذَّى إلَّا بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ النَّسْجَ قَبْلَ احْتِمَالِ طَهَارَةِ فَمِهَا، وَأَنَّى بِوَاحِدٍ أَيْ مِنْ أَيْنَ لَنَا وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَالْغَائِطِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْقَيْءَ مَقِيسًا عَلَى الْبَوْلِ بَلْ جَعَلَهُ مَقِيسًا عَلَى الْغَائِطِ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِهِ مِنْ الْبَوْلِ ع ش قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَفِيهِ أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَقِيسٌ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَرَوْثٌ كَالْبَوْلِ فَلْيُرَاجَعْ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَقِيسِ اهـ
. (قَوْلُهُ وَرَوْثٌ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْغَائِطَ لِأَنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ حَبٍّ مُتَصَلِّبٍ) بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ لَنَبَتَ، وَكَذَا مَا أَلْقَاهُ مِنْ بَيْضَةٍ ابْتَلَعَهَا إذَا كَانَتْ لَوْ حُضِنَتْ لَفَرَّخَتْ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. اهـ. م ر وع ش. (قَوْلُهُ وَبَوْلٌ) وَالْحَصَاةُ الَّتِي تَخْرُجُ عَقِبَهُ إنْ تَيَقَّنَ انْعِقَادَهَا مِنْهُ فَهِيَ
الطَّهَارَةِ
. (وَمَذْيٌ) بِمُعْجَمَةٍ لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ يَخْرُجُ غَالِبًا عِنْدَ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ قَوِيَّةٍ
(وَوَدْيٌ) بِمُهْمَلَةٍ كَالْبَوْلِ، وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ إمَّا عَقِبَهُ حَيْثُ اسْتَمْسَكَتْ الطَّبِيعَةُ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ
(وَلَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ غَيْرَ بَشَرٍ) كَلَبَنِ الْأَتَانِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ مِنْ الْبَاطِنِ كَالدَّمِ، أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ وَلَبَنُ الْبَشَرِ فَظَاهِرَانِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْشَؤُهُ نَجِسًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُنْثَى الْكَبِيرَةِ الْحَيَّةِ وَغَيْرِهَا كَمَا شَمِلَهُ تَعْبِيرُ الصَّيْمَرِيِّ بِلَبَنِ الْآدَمِيِّينَ وَالْآدَمِيَّاتِ، وَقِيلَ لَبَنُ الذَّكَرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَيِّتَةِ نَجِسٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ لِأَنَّ الْكَرَامَةَ الثَّابِتَةَ لِلْبَشَرِ الْأَصْلُ شُمُولُهَا لِلْكُلِّ، وَتَعْبِيرُ جَمَاعَةٍ بِالْآدَمِيَّاتِ الْمُوَافِقُ لِتَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَمَا زِيدَ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ نَحْوِ الْجِرَّةِ وَمَاءِ الْمُتَنَفِّطِ هُوَ فِي مَعْنَاهَا مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ يُعْلَمُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ
(وَ) جُزْءٌ (مُبَانٌ مِنْ حَيٍّ كَمَيْتَتِهِ) طَهَارَةً وَنَجَاسَةً لِخَبَرِ «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، فَجُزْءُ الْبَشَرِ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ طَاهِرٌ دُونَ جُزْءِ غَيْرِهَا (إلَّا نَحْوَ شَعْرِ) حَيَوَانٍ (مَأْكُولٍ) كَصُوفِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
نَجِسَةٌ وَإِلَّا فَمُتَنَجِّسَةٌ. اهـ. ح ل. (فَرْعٌ)
لَوْ ابْتَلَّ حَبٌّ بِمَاءٍ نَجَسٍ أَوْ بَوْلٍ وَصَارَ رَطْبًا وَغُسِلَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ حَالَ الرُّطُوبَةِ طَهُرَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَكَذَا اللَّحْمُ إذَا طُبِخَ بِهِمَا وَغُسِلَ يَطْهُرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ز ي
. (قَوْلُهُ بِمُعْجَمَةٍ) وَيَجُوزُ إهْمَالُهَا سَاكِنَةً وَقَدْ تُكْسَرُ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا حَجّ فَفِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ لِأَنَّ السُّكُونَ وَالْكَسْرَ فِي كُلٍّ. قَوْلُهُ «فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَيْ لَمَّا قَالَ كُنْت رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْت أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِقُرْبِ ابْنَتِهِ مِنِّي؛ فَأَخْبَرْت الْمُغِيرَةَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَبْيَضُ) وَقِيلَ أَصْفَرُ
(قَوْلُهُ بِمُهْمَلَةٍ) وَيَجُوزُ إعْجَامُهَا حَجّ (قَوْلُهُ كَالْبَوْلِ) هَلَّا قَاسَهُ عَلَى الْمَذْيِ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِهِ، وَلَعَلَّهُ قَاسَهُ عَلَى الْبَوْلِ لِوُضُوحِ دَلِيلِهِ أَعْنِي صُبُّوا عَلَيْهِ إلَخْ، وَقِيلَ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْمَذْيُ خَاصٌّ بِالْكَبِيرِ (فَائِدَةٌ)
ذَكَرَ عُلَمَاءُ التَّشْرِيحِ أَنَّ فِي الذَّكَرِ ثَلَاثَةُ مَجَارٍ: مَجْرًى لِلْمَنِيِّ وَمَجْرًى لِلْبَوْلِ وَالْوَدْيِ وَمَجْرًى بَيْنَهُمَا لِلْمَذْيِ كَذَا فِي حَلَبِيٍّ. (قَوْلُهُ حَيْثُ اسْتَمْسَكَتْ الطَّبِيعَةُ) أَيْ يَبِسَ مَا فِيهَا ق ل
. (قَوْلُهُ وَلَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنِيِّ وَبَيْضِ مَا لَا يُؤْكَلُ وَبَيْنَ لَبَنِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَنِيِّ وَالْبَيْضِ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ بِخِلَافِ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ مُرَبَّاهُ، وَالْأَصْلُ أَقْوَى مِنْ الْمُرَبَّى ح ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يَجْرِي فِي لَبَنِ مَا يُؤْكَلُ مَعَ أَنَّهُ طَاهِرٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الدَّمِ. وَقَوْلُهُ يَسْتَحِيلُ بَيَانٌ لِلْجَامِعِ.
(قَوْلُهُ أَمَّا لَبَنُ مَا يُؤْكَلُ) أَيْ الْمُنْفَصِلُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ عَلَى صُورَةِ الدَّمِ وَمِثْلُهُ الْمَنِيُّ ق ل وز ي. (قَوْلُهُ مَنْشَؤُهُ) أَيْ مُرَبَّاهُ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَبَنُ الذَّكَرِ إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ مُعْتَمَدٌ فَعُلِمَ أَنَّ لَبَنَ الصَّغِيرَةِ طَاهِرٌ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَنِيِّ الصَّغِيرِ حَيْثُ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ فِي طَهَارَةِ اللَّبَنِ كَوْنُهُ غِذَاءً وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ الصِّغَرِ وَثَمَّ كَوْنُهُ أَصْلَ آدَمِيٍّ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ فِي سِنِّهِ (فَرْعٌ)
لَوْ شَكَّ فِي اللَّبَنِ أَمِنْ مَأْكُولٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ لَا فَهُوَ طَاهِرٌ خِلَافًا لِلْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ سم شَوْبَرِيٌّ (فَرْعٌ)
الْإِنْفَحَةُ طَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ الَّذِي شَرِبَتْهُ نَجَسًا أَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ م ر أَيْ حَيْثُ أُخِذَتْ مِنْ سَخْلَةٍ مُذَكَّاةٍ لَا تَأْكُلُ الطَّعَامَ وَإِنْ جَاوَزَتْ الْحَوْلَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ إلْحَاقَهَا بِبَوْلِ الصَّبِيِّ ع ش. (قَوْلُهُ لِتَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ) وَهُوَ أَنَّ اللَّائِقَ بِالْآدَمِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مَنْشَؤُهُ نَجَسًا إذْ هُوَ لَا يَأْتِي إلَّا فِي الْآدَمِيَّةِ الْكَبِيرَةِ الْحَيَّةِ ح ل (قَوْلُهُ وَمَا زِيدَ) جَوَابٌ عَنْ الْحَصْرِ الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ ز ي؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ يُفِيدُ الْحَصْرَ. (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ الْجِرَّةِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَجَمْعُهَا جِرَرٌ كَسِدْرَةٍ وَسِدَرٌ مِصْبَاحٌ وَهِيَ مَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ وَنَحْوُهُ لِيَجْتَرَّ عَلَيْهِ أَيْ لِيَأْكُلَهُ ثَانِيًا، وَأَمَّا قِلَّةُ الْبَعِيرِ وَهِيَ مَا يُخْرِجُهُ جَانِبَ فَمِهِ إذَا حَصَلَ لَهُ مَرَضُ الْهِيَاجِ فَطَاهِرَةٌ لِأَنَّهَا مِنْ اللِّسَانِ اج قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَيُعْفَى عَنْ الْجِرَّةِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا قَالَ فِي الْإِيعَابِ: إنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَإِنَّمَا يَقْوَى لِمَنْ يَغْلِبُ نَحْوُ قَوْدِهِ لَهُ فَيْضٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَمَاءُ الْمُتَنَفِّطِ) أَيْ الْمُتَغَيِّرِ (قَوْلُهُ هُوَ فِي مَعْنَاهَا) فَالْجِرَّةُ فِي مَعْنَى الْقَيْءِ وَمَاءُ الْمُتَنَفِّطِ فِي مَعْنَى الدَّمِ، أَيْ وَإِنْ كَانَ يُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ شَيْخُنَا
. (قَوْلُهُ وَجُزْءٌ مُبَانٌ) وَمِنْهُ مَا يُسَمَّى ثَوْبَ الثُّعْبَانِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَانْظُرْ لَوْ اتَّصَلَ الْجُزْءُ الْمَذْكُورُ بِأَصْلِهِ وَحَلَّتْهُ الْحَيَاةُ هَلْ يَطْهُرُ وَيُؤْكَلُ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ أَوْ لَا؟ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَحْيَا اللَّهُ الْمَيْتَةَ ثُمَّ ذُكِّيَتْ وَلَا يَظْهَرُ فِي هَذِهِ إلَّا الْحَلُّ فَكَذَا الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَجُزْءُ الْبَشَرِ) وَمِنْهُ الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ فَهِيَ طَاهِرَةٌ مِنْ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ إلَّا نَحْوَ شَعْرٍ) أَيْ وَرِيشٍ مَأْكُولٍ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ مَعَ قِطْعَةِ لَحْمٍ تُقْصَدُ