المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب شروط الصلاة] - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌(فَرْعٌ) دُخَانُ النَّجَاسَةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابٌ الْأَذَان]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي) مُقْتَضَى (سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) .فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ

الفصل: ‌[باب شروط الصلاة]

(وَإِلَّا فَيَمِينٍ) بِالْجَرِّ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَلِّي حَاجَةٌ فَيَنْصَرِفْ لِجِهَةِ يَمِينِهِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ.

(وَتَنْقَضِي قُدْوَةٌ بِسَلَامِ إمَامٍ) التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَا فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهَا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ. (فَلِمَأْمُومٍ) مُوَافِقٍ. (أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَسُجُودِ سَهْوٍ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ. (ثُمَّ يُسَلِّمَ) وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ فِي الْحَالِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ مَعَ كَرَاهَةِ تَطْوِيلِهِ، وَإِلَّا فَيَقُومُ فَوْرًا بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ قَعَدَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

. (وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ) هُوَ. (ثِنْتَيْنِ) إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الثَّانِيَةِ وَلِخُرُوجِهِ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بِالْأُولَى بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ. (وَلَوْ مَكَثَ) بَعْدَهَا لِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ. (فَالْأَفْضَلُ جَعْلُ يَمِينِهِ إلَيْهِمْ) وَيَسَارِهِ إلَى الْمِحْرَابِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ.

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) جَمْعُ شَرْطٍ بِالْإِسْكَانِ، وَهُوَ لُغَةً: تَعْلِيقُ أَمْرٍ بِأَمْرٍ، كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِإِلْزَامِ الشَّيْءِ وَالْتِزَامِهِ وَاصْطِلَاحًا:

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَوْضِعِ صَلَاتِهِ لَا الِانْصِرَافِ مِنْ الْمَسْجِدِ بِأَنْ خَرَجَ وَأَرَادَ التَّوَجُّهَ حِينَئِذٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَمِينٌ) قَالَ: الْإِسْنَوِيُّ وَيُنَافِيهِ أَنَّهُ يُسَنُّ فِي كُلِّ عِبَادَةِ الذَّهَابِ فِي طَرِيقٍ وَالرُّجُوعُ فِي أُخْرَى اهـ وَيُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ مَعَ التَّيَامُنِ أَنْ يَرْجِعَ فِي طَرِيقِ غَيْرِ الْأُولَى وَإِلَّا رَاعَى مَصْلَحَةَ الْعَوْدِ فِي أُخْرَى لِأَنَّ الْفَائِدَةَ فِيهَا شَهَادَةُ الطَّرِيقَيْنِ لَهُ أَكْثَرُ. اهـ. حَجّ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ الِانْصِرَافُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيُنَافِي مَا قَرَّرَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الِانْصِرَافُ مِنْ مَكَانِ الصَّلَاةِ إلَى مَكَان آخَرَ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَنْقَضِي قُدْوَةً) أَتَى بِهَذَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: فَلِمَأْمُومٍ ح ل وَإِلَّا فَمَحَلُّهُ فِي الْقُدْوَةِ. (قَوْلُهُ: فَلِمَأْمُومٍ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ الْمُوَافَقَةُ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر يَنْبَغِي أَنَّ تَسْلِيمَهُ عَقِبَهُ أَوْلَى حَيْثُ أَتَى بِالذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ وَإِلَّا بِأَنْ أَسْرَعَ الْإِمَامُ فَلِلْمَأْمُومِ الْإِتْيَانُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ: لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَعَدَ أَيْ: قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ شَرْحُ م ر ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ م ر أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَطْوِيلُ قُعُودِهِ بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ضَابِطَهَا قَدْرُ الذِّكْرِ الْوَارِدِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ رَجَعَ عَنْهَا وَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا بَعْضُ الْحَوَاشِي ح ف لِأَنَّ ضَابِطَ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ الْمَذْكُورَ عَنْ حَجّ وَأَمَّا عِنْدَ م ر فَيُطِيلُهَا مَا شَاءَ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا فِي شَرْحِ م ر وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ ع ش بِأَنَّ قُعُودَهُ حِينَئِذٍ فِي مَحَلِّ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ تَطْوِيلَهَا عِنْدَهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ هُنَا كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُطْلَبُ بَعْدَ سَجْدَةٍ ثَانِيَةٍ يَقُومُ عَنْهَا وَهُوَ هُنَا مَطْلُوبٌ مِنْهُ الْقُعُودُ لِأَجْلِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ.

. (قَوْلُهُ: وَيَسَارُهُ إلَى الْمِحْرَابِ) أَيْ: وَلَوْ فِي الدُّعَاءِ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مِحْرَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمَّا هُوَ فَيَجْعَلُ يَمِينَهُ إلَيْهِ تَأَدُّبًا مَعَهُ صلى الله عليه وسلم. اهـ. ز ي.

[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ إنَّمَا أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ عَنْ الْأَرْكَانِ مَعَ أَنَّ الشُّرُوطَ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَرْكَانِ طَبْعًا؛ لِأَنَّ الْأَرْكَانَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهَا شَرْعًا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهَا أَيْ الشُّرُوطِ عَلَيْهَا أَيْ: الْأَرْكَانِ وَضْعًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشُّرُوطَ لَمَّا كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْمَوَانِعِ لِلصَّلَاةِ وَالْمَوَانِعُ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ الْأَرْكَانِ أَخَّرَهَا. اهـ. ح ف قَالَ م ر لَا يُقَالُ: الشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ وَيَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَ هَذَا الْبَابِ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا اشْتَمَلَ عَلَى مَوَانِعِهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ انْعِقَادِهَا حَسُنَ تَأْخِيرُهُ اهـ لَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ إنَّمَا يُنَاسِبُ صَنِيعَ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ ذَكَرَ الْمَوَانِعَ فِي بَابِ الشُّرُوطِ وَعَقَدَ لَهَا فَصْلًا، فَقَالَ: فَصْلٌ تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ إلَخْ وَلَا يُنَاسِبُ صَنِيعَ الْمَنْهَجِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَوَانِعَ هُنَا صَرِيحًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ انْتِفَاءَهَا وَعَدَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِانْتِفَائِهَا عَدَمُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ وُجُودِهَا، وَعَدَمُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى انْعِقَادِ الصَّلَاةِ، فَالْإِيرَادُ عَلَى الْمَنْهَجِ بَاقٍ (قَوْلُهُ: تَعْلِيقُ أَمْرٍ إلَخْ) فَقَدْ عَلَّقَ هُنَا صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى وُجُودِ شَرَائِطِهَا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ إنْسَانٌ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ. اهـ. ز ي

وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِلَوْ لَا يُسَمَّى شَرْطًا وَفِي الْعَرَبِيَّةِ خِلَافُهُ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: لِأَنَّهَا حَرْفُ شَرْطٍ فِي مُضِيٍّ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْهُ) أَيْ: لُغَةً بِإِلْزَامِ الشَّيْءِ وَالْتِزَامِهِ أَيْ مَعًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا يَشْمَلُ كُلَّ وَاجِبٍ كَالصَّلَاةِ أَيْ فَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ قَالَ ع ش أَيْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الْعَلَامَةَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَعْنَى الشَّرْطِ بِالسُّكُونِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَعْنَى الشَّرَطِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ.

وَعِبَارَةُ م ر

ص: 231

مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ، وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. فَشُرُوطُ الصَّلَاةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا وَهِيَ تِسْعَةٌ بِالِاكْتِفَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ، بِطُهْرِ الْحَدَثِ وَبِجَعْلِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ شَرْطًا تَجَوُّزًا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحَقِيقَةً عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ أَحَدُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشُّرُوطُ جَمْعُ شَرْطٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ لُغَةً الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ أَيْ، عَلَامَاتُهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ إلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ، لَا الْعَلَامَةُ وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَعْنَى الشَّرَطِ بِالْفَتْحِ. اهـ فَلَعَلَّهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ اهـ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: بِإِلْزَامِ الشَّيْءِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّارِطِ. وَالِالْتِزَامُ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فَالشَّارِعُ مَثَلًا عَلَّقَ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا سَيَذْكُرُ مِنْ الشُّرُوطِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فَأَلْزَمَ الْمُكَلَّفَ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَالْمُكَلَّفُ الْتَزَمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا يَلْزَمُ) أَيْ: خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ يَلْزَمُ إلَخْ فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّعْرِيفِ الرُّكْنُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَاهِيَّةِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ) خَرَجَ بِهِ الْمَانِعُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ خَرَجَ السَّبَبُ وَقَوْلُهُ: وَلَا عَدَمٌ خَرَجَ الْمَانِعُ بِالنَّظَرِ لِطَرَفِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْعَدَمِ وَخُرُوجِهِ أَوَّلًا بِالنَّظَرِ لِطَرَفِهِ الثَّانِي وَهُوَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: لِذَاتِهِ لِأَنَّ لُزُومَ الْوُجُودِ فِي اقْتِرَانِ الشَّرْطِ بِالسَّبَبِ، وَلُزُومَ الْعَدَمِ فِي اقْتِرَانِهِ بِالْمَانِعِ إنَّمَا هُوَ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِي الْأَوَّلِ، وَالْمَانِعِ فِي الثَّانِي لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ، كَمَا فِي حَوَاشِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَهُوَ قَيْدٌ لِإِدْخَالِ الشَّرْطِ الْمُقْتَرِنِ بِالسَّبَبِ أَوْ الْمَانِعِ الْأَوَّلِ كَحَوَلَانِ الْحَوْلِ مَعَ مِلْكِ النِّصَابِ، وَالثَّانِي كَحَوَلَانِهِ الْمُقْتَرِنِ بِمِلْكِ النِّصَابِ مَعَ الدَّيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: لِذَاتِهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَقَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَشُرُوطُ إلَخْ) بَيَّنَ بِهِ مَعْنَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ أَيْ إذَا أَرَدْت بَيَانَ الشُّرُوطِ الْمُبَوَّبِ لَهَا فَهِيَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ إلَخْ.

وَالتَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ عَامٌّ لِكُلِّ شَرْطٍ، وَمَا عِبَارَةٌ عَنْ خَارِجٍ عَنْ الْمَاهِيَّةِ فَيَخْرُجُ الرُّكْنُ. فَقَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مِنْهَا مُسْتَدْرَكٌ عَلَى تَفْسِيرِك بِمَا ذُكِرَ كَمَا أَشَارَ لَهُ ع ش وَالضَّمِيرُ فِي لَيْسَتْ عَائِدٌ عَلَى مَا لِأَنَّ مَعْنَاهَا أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ وَإِنْ فَسَّرَ مَا بِأُمُورٍ فَقَطْ اُحْتِيجَ لِقَوْلِهِ: وَلَيْسَتْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِالِاكْتِفَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَخْ) وَإِلَّا لَكَانَتْ عَشَرَةً، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِهِ؛ لِأَنَّ طُهْرَ الْحَدَثِ يَسْتَلْزِمُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ الْإِنْسَانِ مُتَطَهِّرًا، وَهَذَا قَدْ يَتَّصِفُ بِهِ الْكَافِرُ كَمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِبَقَاءِ طُهْرِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِطُهْرِ الْحَدَثِ التَّطْهِيرُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ يَلْزَمُهُ الْإِسْلَامُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّطَهُّرَ حَتَّى يُرَدَّ مَا ذُكِرَ ح ل وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ مُتَطَهِّرًا لَا التَّطْهِيرُ بِالْفِعْلِ، تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: وَبِجَعْلِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ شَرْطًا، وَإِلَّا لَكَانَتْ سِتَّةً وَأَلْ فِي الْمَانِعِ لِلْجِنْسِ، أَيْ بِجَعْلِ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ شُرُوطًا، وَقَدْ عَدَّهَا ثَلَاثَةً بَعْدُ، إذْ هِيَ انْتِفَاءَاتٌ ثَلَاثَةٌ، فَهِيَ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ أَوَّلُهَا تَرْكُ النُّطْقِ ثَانِيًا تَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ عَمْدًا، وَتَرْكُ فِعْلٍ فَحُشَ أَوْ كَثُرَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَثَالِثُهَا تَرْكُ مُفْطِرٍ وَأَكْلٍ كَثِيرٍ أَوْ بِإِكْرَاهٍ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: تَجَوُّزًا) أَيْ: لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ وُجُودِيٌّ، وَمَفْهُومَ الْمَانِعِ عَدَمِيٌّ هَذَا مَا ظَهَرَ بَعْدَ التَّوَقُّفِ وَالسُّؤَالِ مِنْ النَّاسِ. اهـ. ز ي وَقَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الْمَانِعِ أَيْ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي انْتِفَائِهِ لَا فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَيْ الْمَانِعُ وُجُودِيٌّ لِأَنَّهُ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ: تَجَوُّزًا أَيْ مَجَازًا بِالِاسْتِعَارَةِ الْمُصَرِّحَةِ؛ حَيْثُ شَبَّهَ انْتِفَاءَ الْمَانِعِ بِالشُّرُوطِ فِي تَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَاسْتُعِيرَ لَفْظُ الشَّرْطِ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ عَدِّهِ شَرْطًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ) أَيْ مِنْ عَدِّ الْمَوَانِعِ أَيْ انْتِفَائِهَا شُرُوطًا حَقِيقِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الشَّرْطِ وُجُودِيًّا (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا) كَتَبَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ تِسْعَةٌ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ تِسْعَةٌ بَيَانٌ لَهُ أَيْ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ خَبَرًا؛ لِأَنَّهُ قُرِنَ بِالْوَاوِ، وَالْجُمْلَةُ الْخَبَرِيَّةُ لَا تَقْتَرِنُ بِهَا، وَلَيْسَ الْخَبَرُ قَوْلَهُ: مَعْرِفَةُ وَقْتِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ قَدَّرَ لَهُ مُبْتَدَأً وَهُوَ قَوْلُهُ: أَحَدُهَا إلَخْ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: جَمْعُ شَرْطٍ خَبَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هِيَ جَمْعُ شَرْطٍ ح ف وَانْظُرْ حِكْمَةَ تَغْيِيرِ إعْرَابِ الْمَتْنِ عَمَّا كَانَ مُتَبَادَرًا مِنْهُ؛ فَتَأَمَّلْ. اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ

ص: 232

(مَعْرِفَةُ) دُخُولِ (وَقْتٍ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا، فَمَنْ صَلَّى بِدُونِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ (وَ) ثَانِيهَا (تَوَجُّهٌ) لِلْقِبْلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.

(وَ) ثَالِثُهَا (سَتْرُ عَوْرَةٍ) وَلَوْ خَالِيًا فِي ظُلْمَةٍ. (بِمَا) أَيْ: بِجِرْمٍ (يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا مِنْ أَعْلَى وَجَوَانِبَ) لَهَا، لَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَلَوْ رُئِيَتْ مِنْ ذَيْلِهِ، كَأَنْ كَانَ بِعُلْوٍ، وَالرَّائِي أَسْفَلَ، لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ (وَلَوْ) سَتَرَهَا (بِطِينٍ، وَنَحْوِ مَاءٍ كَدِرٍ) كَمَاءٍ صَافٍ مُتَرَاكِمٍ بِخُضْرَةٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ التَّطْيِينُ وَنَحْوُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا أَوْرَدَ عَلَى مِثْلِ عِبَارَتِهِ مِمَّا أَخْبَرَ فِيهِ بِمُتَعَاطِفَاتٍ عَنْ جَمْعٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا؛ لِعَدَمِ التَّطَابُقِ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ هُنَا: مَعْرِفَةُ وَقْتٍ خَبَرٌ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، لَمْ يَسْتَقِمْ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْعَطْفُ سَابِقًا عَلَى الرَّبْطِ فَيُقَدَّرُ الْمَعْرِفَةُ وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ التِّسْعَةِ مُتَقَدِّمًا، ثُمَّ يُوقَعُ الرَّبْطُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُبْتَدَإِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ حِينَئِذٍ جُزْءٌ مِنْ الْخَبَرِ، وَالْجُزْءُ لَا إعْرَابَ لَهُ. فَتَبْقَى الْكَلِمَاتُ كَالْأَسْمَاءِ قَبْلَ التَّرْكِيبِ لَيْسَ لَهَا حَرَكَةٌ مَخْصُوصَةٌ يَنْطِقُ بِهَا فِيهِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهَا أُعْرِبَتْ كَإِعْرَابِ الْجُمْلَةِ مَجَازًا بِإِعْطَاءِ مَا لِلْكُلِّ لِأَجْزَائِهِ، فَتَخَلَّصَ الشَّارِحُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا فَعَلَهُ لَكِنْ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْخَبَرَ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ تِسْعَةٌ لَمْ يَظْهَرْ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْبَيَانَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَا فِيهِ خَفَاءٌ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ بَابٌ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ تِسْعَةٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ) الْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ هُنَا مُطْلَقُ الْإِدْرَاكِ لِيَصِحَّ جَعْلُهَا شَامِلَةً لِلْيَقِينِ وَالظَّنِّ وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهَا الْإِدْرَاكُ الْجَازِمُ وَهُوَ لَا يَشْمَلُ الظَّنَّ، فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ. ح ل ع ش (قَوْلُهُ: يَقِينًا) حَالٌ مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنًّا) أَيْ: نَاشِئًا عَنْ اجْتِهَادٍ، بِأَنْ اجْتَهَدَ لِنَحْوِ غَيْمٍ. م ر (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) أَيْ: إنْ كَانَ قَادِرًا، وَإِلَّا صَلَّى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ) إلَّا إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَلَمْ يُلَاحِظْ صَاحِبُ الْوَقْتِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَتَقَعُ عَنْ الْفَائِتَةِ ح ل قَالَ ح ل قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ وَيُفَارِقُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ حَرُمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ فِطْرَهُ وَقَعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ صَحَّ صَوْمُهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْفِطْرُ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ إلَخْ) وَذَكَرَهُمَا هُنَا مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ

. (قَوْلُهُ: سَتْرُ عَوْرَةٍ) أَيْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ صَلَّى عَارِيًّا، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: صَلَّى عَارِيًّا، أَيْ الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ، وَلَا تَحْرُمُ رُؤْيَتُهُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَلَا يُكَلَّفُ غَضَّ بَصَرِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالِيًا إلَخْ) لِلتَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا) أَيْ: لِمُعْتَدِلِ الْبَصَرِ عَادَةً كَمَا فِي نَظَائِرِهِ ع ش فَلَا يَضُرُّ مَا يَحْكِي حَجْمَهَا كَسَرَاوِيلَ ضَيِّقَةٍ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، وَخِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ، وَلَا يَكْفِي مَا يَحْكِي لَوْنَهَا، بِأَنْ يُعْرَفَ مَعَهُ نَحْوُ بَيَاضِهَا مِنْ سَوَادِهَا كَزُجَاجٍ وَقَفَ فِيهِ، وَمُهَلْهَلِ النَّسْجِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بِمَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ كَمَا فِي سم. قَالَ ع ش عَلَى م ر وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يُمْنَعُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ الْقُرْبِ لِلْمُصَلِّي جِدًّا لَأَدْرَكَ لَوْنَ بَشَرَتِهِ لَا يَضُرُّ، وَلَوْ رُئِيَتْ الْبَشَرَةُ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ أَوْ نَارٍ، وَكَانَتْ بِحَيْثُ لَا تُرَى بِدُونِ تِلْكَ الْوَاسِطَةِ لَمْ يَضُرَّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِجِرْمٍ) خَرَجَ الْأَلْوَانُ فَلَا يُكْتَفَى بِهَا، وَكَذَلِكَ الظُّلْمَةُ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ الْإِيرَادُ عَنْهُ وَعَنْ أَصْلِهِ. ز ي (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ) وَكَذَا لَوْ رُئِيَتْ حَالَ سُجُودِهِ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَتَرَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ سِتْرُهَا إلَخْ بِلَفْظِ مَصْدَرٍ وَهُوَ بِسُكُونِ التَّاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ اسْمُ كَانَ الْمُقَدَّرَةِ، أَيْ وَلَوْ كَانَ سِتْرُهَا كَائِنًا بِطِينٍ، وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ مَاءٍ كَدِرٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَى إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَوْ فِي الشَّطِّ كَذَلِكَ وَجَبَ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر نَقْلًا عَنْ سم. فَإِنْ حَصَلَ لَهُ بِالْخُرُوجِ مَشَقَّةٌ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الشَّطِّ عَارِيًّا أَوْ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يَخْرُجَ إلَى الشَّطِّ لِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَأَمَّا صَلَاةُ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ فَلَا يَأْتِي فِيهِمَا هَذَا التَّفْصِيلُ. اهـ. ح ل وَسَمِّ ع ش (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ: مِنْ الْإِتْيَانِ بِلَوْ هَذَا مَا ظَهَرَ. اهـ. ز ي أَيْ فَلَمْ يُخِلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَلْ ذَكَرَهُ ضِمْنًا.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ)

ص: 233

عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْ طَوْقِهِ فِي رُكُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ بَطَلَتْ عِنْدَهُمَا، فَلْيَزُرَّهُ أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ، وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَعَوْرَةُ رَجُلٍ) حُرًّا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ. (وَمَنْ بِهَا رِقٌّ) وَلَوْ مُبَعَّضَةً. (مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ عَبْدَهُ، أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا تَنْظُرُ الْأَمَةُ إلَى عَوْرَتِهِ» وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَقِيسَ بِالرَّجُلِ مَنْ بِهَا رِقٌّ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَمَةِ. (وَ) عَوْرَةُ (حُرَّةٍ غَيْرُ وَجْهٍ وَكَفَّيْنِ) ظَهْرًا، وَبَطْنًا إلَى الْكُوعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ وَيَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الثَّوْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ شَوْبَرِيٌّ وَهَلْ يَجِبُ تَقْدِيمُ التَّطَيُّنِ عَلَى الثَّوْبِ الْحَرِيرِ أَوْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنْ أَزَرَى بِالْمُتَطَيَّنِ أَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ بِهِ أَذًى نَحْوُ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، لَمْ يَجِبْ تَقْدِيمُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ شَوْبَرِيٌّ وَيُقَدَّمُ الْمُتَنَجِّسُ عَلَى الْحَرِيرِ خَارِجَ الصَّلَاةِ عِنْدَ عَدَمِ رُطُوبَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ، (قَوْلُهُ: عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مَحَلِّ فَقْدِهِمَا مَا قِيلَ فِي فَقْدِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ أَعْلَى وَجَوَانِبَ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ عِنْدَهُمَا) أَمَّا قَبْلَهُمَا فَلَا تَبْطُلُ.

وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَفِيمَا إذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ إحْرَامِهِ شَرْحُ م ر وَمَحَلُّ عَدَمِ الْبُطْلَانِ قَبْلَهُمَا إذَا لَمْ تُرَ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ رَآهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَهُمَا بَطَلَتْ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى رُئِيَتْ بِالْفِعْلِ مِنْ طَوْقِهِ وَنَحْوِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الضَّيِّقِ وَالْوَاسِعِ، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ بِالْفِعْلِ فَفِي الضَّيِّقِ لَا ضَرَرَ، وَفِي الْوَاسِعِ تَبْطُلُ عِنْدَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لَا قَبْلَهُمَا، وَيَكْفِي سَتْرُ ذَلِكَ وَلَوْ بِلِحْيَتِهِ ح ل وَلَوْ كَانَ أَعْمَى وَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ الضَّيِّقِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ بَصِيرًا لَرَأَى عَوْرَتَهُ. لَمْ يَضُرَّ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَعَوْرَةُ رَجُلٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمَرْأَةَ، فَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي طَوَافِهِ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُبَعَّضَةً) أَخَذَهَا غَايَةً لِأَنَّهَا الزَّائِدَةُ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ لَا لِلْخِلَافِ لِجَرَيَانِهِ فِي الْأَمَةِ مُطْلَقًا، وَنَبَّهَ عَلَى زِيَادَتِهَا بِقَوْلِهِ الْآتِي وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: أَخَذُهَا غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: يَجِبُ فِي الْمُبَعَّضَةِ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ بَعْضُهَا رَقِيقٌ كَالْأَمَةِ كَمَا فِي الْحَاوِي وَصَحَّحَهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ بِحُرُوفِهِ ع ش وَقَوْلُ ع ش لِجَرَيَانِهِ فِي الْأَمَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا قَوْلًا بِأَنَّ عَوْرَتَهَا جَمِيعُ بَدَنِهَا مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَرَأْسَهَا كَمَا يَقُولُ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ.

(قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) شَعْرًا وَبَشَرًا فَلَوْ طَالَ الشَّعْرُ مِنْ الْعَانَةِ إلَى أَنْ جَاوَزَ الرُّكْبَةَ، وَجَبَ سَتْرُهُ وَلَوْ تَدَلَّتْ سِلْعَةٌ فِي الْعَوْرَةِ كَأُنْثَيَيْنِ وَجَاوَزَتْ مَا ذُكِرَ وَجَبَ سَتْرُهَا مِنْ أَعْلَى وَجَوَانِبَ لَا مِنْ أَسْفَلِهَا ح ل قَالَ سم قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ خَرَجَ نَفْسُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَكِنْ يَجِبُ سَتْرُ جُزْءٍ مِنْهُمَا لِيَتَحَقَّقَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا زَوَّجَ إلَخْ) ذِكْرُ الْوَاوِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ شَيْءٌ تَكُونُ عَاطِفَةً عَلَيْهِ فَانْظُرْهُ وَعِبَارَةُ م ر إذَا زَوَّجَ بِلَا ذِكْرِ الْوَاوِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: إلَى عَوْرَتِهِ) أَيْ الْأَحَدِ (قَوْلُهُ: وَالْعَوْرَةُ إلَخْ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ وَانْظُرْ وَجْهَ دَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى الْمُدَّعَى الَّذِي هُوَ الْعَوْرَةُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ هِيَ بِالنَّظَرِ لِلْمَحَارِمِ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَوْرَةَ فِي قَوْلِهِ: وَالْعَوْرَةُ عَامَّةٌ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِدَلِيلِ إعَادَتِهَا بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ. وَالْقَصْرُ عَلَى أَحَدِهِمَا يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً كَانَتْ عَيْنًا وَأَيْضًا أَلْ فِي قَوْلِهِ: وَالْعَوْرَةُ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ الْعَوْرَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ عَوْرَةُ الْأَحَدِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِيَاسَ صَحِيحٌ لِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالرَّجُلِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَوْرَةِ عَامٌّ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ. وَالْأُنْثَى الْحُرَّةُ خَرَجَتْ مِنْهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَأُبْقِيَ هَذَا الْعَامُّ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَالْأَمَةِ عَلَى حَالِهِ شَوْبَرِيٌّ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْإِظْهَارُ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ يُوجِبُ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ فِي سَتْرِ بَاقِي الْبَدَنِ غَيْرَ الرَّأْسِ. وَعِبَارَةُ م ر وَكَالرَّجُلِ الْأَمَةُ فِي الْأَصَحِّ وَالثَّانِي عَوْرَتُهَا كَالْحُرَّةِ إلَّا رَأْسَهَا اهـ أَيْ عَوْرَتُهَا مَا عَدَا وَجْهَهَا أَوْ كَفَّيْهَا وَرَأْسَهَا فَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِقِيَاسِهَا عَلَى الرَّجُلِ وَأَتَى لَهُ بِجَامِعٍ بَيْنَهُمَا، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عِلَّةً لِلْحُكْمِ حَتَّى يَصِحَّ جَعْلُهُ جَامِعًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ فِي الْجُمْلَةِ كَقِيَاسِ الْبِغَالِ عَلَى الْخَيْلِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، لَا مِنْ قِيَاسِ الْعِلَّةِ. وَأَيْضًا فَهُوَ جَامِعٌ إقْنَاعِيٌّ يَقْنَعُ بِهِ الْخَصْمُ وَهُوَ الْحَنَفِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا رَأْسَهَا، فَنَقُولُ لَهُ: قِيَاسُهَا عَلَى الرَّجُلِ بِهَذَا الْجَامِعِ الَّذِي تُسَلِّمُهُ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ وَجْهٍ وَكَفَّيْنِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الثَّوْبُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَيْسَ مُمَاسًّا لِبَاطِنِ الْقَدَمِ، فَيَكْفِي السَّتْرُ بِهِ لِكَوْنِ الْأَرْضِ

ص: 234

{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُونَا عَوْرَةً؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى إبْرَازِهِمَا. (وَخُنْثَى كَأُنْثَى) رِقًّا وَحُرِّيَّةً، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، فَلَوْ اقْتَصَرَ الْخُنْثَى الْحُرُّ عَلَى سَتْرِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ (وَلَهُ) أَيْ: لِلْمُصَلِّيَّ (سَتْرُ بَعْضِهَا بِيَدٍ) لِحُصُولِ مَقْصُودِ السِّتْرِ (فَإِنْ وُجِدَ كَافِيهِ) أَيْ بَعْضَهَا (قَدَّمَ) وُجُوبًا (سَوْأَتَيْهِ) أَيْ: قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ؛ لِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَسُمِّيَا سَوْأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ انْكِشَافَهُمَا يَسُوءُ صَاحِبَهُمَا. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكْفِهِمَا قَدَّمَ (قُبُلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ بِهِ لِلْقِبْلَةِ فَكَانَ سَتْرُهُ أَهَمَّ، تَعْظِيمًا لَهَا؛ وَلِأَنَّ الدُّبُرَ مَسْتُورٌ غَالِبًا بِالْأَلْيَيْنِ.

. (وَ) رَابِعُهَا وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (عِلْمٌ بِكَيْفِيَّتِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ بِأَنْ يَعْلَمَ فَرْضِيَّتَهَا، وَيُمَيِّزَ فُرُوضَهَا مِنْ سُنَنِهَا، نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَهَا كُلَّهَا فَرْضًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَمْنَعُ إدْرَاكَ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَلَا تُكَلَّفُ لُبْسُ نَحْوِ خُفٍّ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ. لَكِنْ يَجِبُ تَحَرُّزُهَا فِي سُجُودِهَا عَنْ ارْتِفَاعِ الثَّوْبِ عَنْ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ، فَتَنَبَّهْ لَهُ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) أَيْ: مَحَلَّ زِينَتِهِنَّ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الزِّينَةَ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا وَقَوْلُهُ: إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا أَيْ مِنْ مَحَلِّهَا. وَانْظُرْ وَجْهَ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى الَّذِي هُوَ كَوْنُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَخْ قَدْ يُقَالُ: الْحَاجَةُ تَدْعُو إلَى إبْرَازِهِمَا خَارِجَ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنْ عَوْرَةَ الْأُنْثَى بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجَانِبِ جَمِيعُ بَدَنِهَا، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَحَارِمِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا، تَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ وَارِدَةً فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَا ظَهَرَ) أَيْ: مَا غَلَبَ ظُهُورُهُ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: كَيْفَ يُبْدِينَ مَا ظَهَرَ مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ؟ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا مَا ظَهَرَ فَيُبْدِينَهُ وَلِلْحُرَّةِ أَرْبَعُ عَوْرَاتٍ، فَعِنْدَ الْأَجَانِبِ جَمِيعُ الْبَدَنِ، وَعِنْدَ الْمَحَارِمِ وَالْخَلْوَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَعِنْدَ النِّسَاءِ الْكَافِرَاتِ مَا لَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ، وَفِي الصَّلَاةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: رِقًّا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ح ل؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى الرَّقِيقَ لَا تَخْتَلِفُ عَوْرَتُهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، فَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ: وَخُنْثَى كَأُنْثَى رِقًّا، بَلْ هُوَ مِثْلُ الرَّجُلِ الرَّقِيقُ أَيْضًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) وَلَوْ انْكَشَفَ بَعْضُ بَدَنِهِ وَلَوْ مِمَّا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ ع ش، وَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّ الْعَدَدَ لَوْ كَمُلَ بِخُنْثَى لَمْ تَنْعَقِدْ لِلشَّكِّ، وَإِنْ انْعَقَدَتْ بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَثَمَّ خُنْثَى زَائِدٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ وَكَمُلَ الْعَدَدُ بِالْخُنْثَى لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا الِانْعِقَادَ، وَشَكَكْنَا فِي الْبُطْلَانِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ غَيْرُ وَارِدٍ هُنَا لِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي شَرْطٍ رَاجِعٍ إلَى ذَاتِ الْمُصَلِّي وَهُوَ السُّتْرَةُ وَثَمَّ شَكٌّ رَاجِعٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْعَدَدُ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الذَّاتِ شَرْحُ م ر خِلَافًا لِلْخَطِيبِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا انْكَشَفَ فِي الْأَثْنَاءِ بَعْضُ عَوْرَتِهِ سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَقَدْ أَحْرَمَ سَاتِرًا لِجَمِيعِ عَوْرَةِ الْحُرَّةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الْجُمُعَةِ. وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اقْتَصَرَ ابْتِدَاءً عَلَى سَتْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَهَذَا هُوَ الْجَمْعُ الَّذِي جَمَعَ بِهِ الشَّيْخُ الْخَطِيبُ قَالَ ز ي وَضَعَّفَ شَيْخُنَا م ر هَذَا الْجَمْعَ وَاعْتَمَدَ الْبُطْلَانَ مُطْلَقًا وَقَالَ ز ي وَلَسْنَا مَعَهُ نَحْنُ مَعَ الَّذِي جَمَعَ. وَالْجَمْعُ أَوْلَى مِنْ التَّضْعِيفِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ سَتْرُ بَعْضِهَا) أَيْ جَوَازًا إنْ كَانَ فَاقِدًا لِلسُّتْرَةِ أَوْ تَخَرَّقَتْ وَأَمْكَنَهُ تَرْقِيعُهَا. وَوُجُوبًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَرْقِيعُهَا فَاسْتَعْمَلَ الْجَوَازَ فِي الْمَعْنَى الْأَعَمِّ اهـ شَيْخُنَا فَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ السَّتْرُ وَوَضْعُ الْيَدِ فِي السُّجُودِ قَالَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ: يُقَدَّمُ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَوَضْعُ الْيَدِ فِي السُّجُودِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عِنْدَهُمَا. وَمُرَاعَاةُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا م ر فَقَالَ يُقَدَّمُ السُّجُودُ، لِأَنَّهُ الْآنَ عَاجِزٌ شَرْعًا عَنْ السَّتْرِ لِأَمْرِ الشَّارِعِ لَهُ بِوَضْعِ الْيَدِ فِي السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ. اهـ. ز ي وَلِأَنَّهُ رُكْنٌ وَهُوَ يُحْتَاطُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ حَجّ وخ ط يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ عَلَيْهِ وَاجِبَانِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ كَافِيهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ الْبَعْضِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا قَبْلَهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْضِهَا) بِالْجَرِّ تَفْسِيرًا لِلضَّمِيرِ أَيْ كَافِي بَعْضِهَا وَقَوْلُهُ: قَدَّمَ سَوْأَتَيْهِ أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: أَيْ قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ) وَالْمُرَادُ مِنْهُمَا النَّاقِضُ مَسُّهُ لِلْوُضُوءِ م ر، فَخَرَجَ بِالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ غَيْرُهُمَا. وَمِنْ الْغَيْرِ الْأُنْثَيَانِ وَالْأَلْيَانِ. ع س (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ، وَالثَّانِي عَدَمُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ ز ي وَانْظُرْ لَوْ تَنَفَّلَ صَوْبَ مَقْصِدِهِ، فَهَلْ يُقَالُ هُوَ قِبْلَتُهُ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي لِشَرَفِ الْقِبْلَةِ فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا ز ي قَرَّرَ وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْقُبُلِ وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَصَرَّحَ بِهِ حَجّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَوَاشِي عَنْ شَيْخِنَا وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي) وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْلُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُخْتَصٍّ بِالصَّلَاةِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا كَالْوُضُوءِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ فِي الْوُضُوءِ وَإِحَالَةَ مَا هُنَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إنْ اعْتَقَدَهَا كُلَّهَا فَرْضًا) وَلَوْ عَالِمًا عَلَى الْأَوْجَهِ شَوْبَرِيٌّ

ص: 235

أَوْ بَعْضَهَا، وَلَمْ يُمَيِّزْ، وَكَانَ عَامِّيًّا، وَلَمْ يَقْصِدْ نَفْلًا بِفَرْضٍ صَحَّتْ. .

(وَ) خَامِسُهَا (طُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ) عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاةُ مُحْدِثٍ (فَإِنْ سَبَقَهُ) الْحَدَثُ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُتَطَهِّرًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ؛ لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ، كَمَا لَوْ تَعَمَّدَهُ (، وَتَبْطُلُ) أَيْضًا (بِمُنَافٍ) لَهَا (عَرَضَ) كَانْتِهَاءِ مُدَّةِ خَفٍ، وَتَنَجُّسِ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ، (لَا) إنْ عَرَضَ (بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْ الْمُصَلِّي كَأَنْ كَشَفَتْ الرِّيحُ عَوْرَتَهُ أَوْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِهِ نَجِسٌ رَطْبٌ أَوْ يَابِسٌ (وَدَفَعَهُ حَالًا) بِأَنْ سَتَرَ الْعَوْرَةَ، وَأَلْقَى الثَّوْبَ فِي الرَّطْبِ، وَنَفَضَهُ فِي الْيَابِسِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَيُغْتَفَرُ هَذَا الْعَارِضُ الْيَسِيرُ..

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَكَانَ عَامِّيًّا) وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي. وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرَائِضَ صَلَاتِهِ مِنْ سُنَنِهَا، وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ، م ر ع ش وَقَوْلُهُ: هُنَا أَيْ وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَا هُنَا فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ إلَخْ قَالَ ح ل: وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: وَكَانَ عَامِّيًّا ضَائِعًا لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّيِّ هُنَا مَنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ زَمَنًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِأَنْ يُمَيِّزَ فِيهِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَبِالْعَالِمِ مَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ زَمَنًا تَقْضِي الْعَادَةُ فِيهِ بِأَنْ يُمَيِّزَ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ نَفْلًا بِفَرْضٍ) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ نَفْلًا، أَيْ لَمْ يَقْصِدْ الْفَرْضَ نَفْلًا أَيْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ إيَّاهُ فَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا اهـ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْقُدْرَةِ) اعْتِبَارُ الْقُدْرَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِمَا ذُكِرَ بَلْ هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ الشُّرُوطِ ع ش فَلْيُنْظَرْ مَا حِكْمَةُ ذِكْرِهِ فِيهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: مُتَطَهِّرًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا بَلْ مِثْلُهُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاةُ مُحْدِثٍ. وَعِبَارَةُ م ر فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا عِنْدَ إحْرَامِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَحْرَمَ مُتَطَهِّرًا، ثُمَّ أَحْدَثَ نُظِرَ، فَإِنْ سَبَقَهُ إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْقَدِيمِ وَنُسِبَ لِلْجَدِيدِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، بَلْ يَتَطَهَّرُ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ لِعُذْرِهِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ لِحَدِيثٍ فِيهِ ضَعِيفٍ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ. وَمَعْنَى الْبِنَاءِ أَنْ يَعُودَ إلَى الرُّكْنِ الَّذِي سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِيهِ وَيَجِبُ تَقْلِيلُ الزَّمَنِ وَالْأَفْعَالِ قَدْرَ الْإِمْكَانِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبِدَارُ الْخَارِجُ عَنْ الْعَادَةِ فَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ بَابَانِ فَسَلَكَ الْأَبْعَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ طَهَارَتِهِ الْعَوْدُ إلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَوْ مَأْمُومًا يَبْغِي فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَانْتِهَاءِ مُدَّةِ خُفٍّ) أَيْ وَقَدْ أَحْرَمَ وَبَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَسَعُ صَلَاتَهُ تَامَّةً، فَلَوْ افْتَتَحَهَا عَالِمًا بِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا يَسَعُهَا لَمْ تَنْعَقِدْ لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ صِحَّتِهَا. ح ل (قَوْلُهُ: وَتَنَجُّسِ ثَوْبٍ إلَخْ) وَعِبَارَةُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ حَتَّى لَوْ مَسَّ بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ نَجَسًا أَوْ مُتَنَجِّسًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ فَارَقَهُ حَالًا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَسَّهُ غَيْرُهُ بِالْمُتَنَجِّسِ مِنْهُ فَتَبَاعَدَ عَنْهُ حَالًا اهـ بِحُرُوفِهِ وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَشَفَ غَيْرُهُ عَوْرَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَسَتَرَهَا حَالًا؟ بَلْ أَوْلَى بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَهْدُ صِحَّتِهَا مَعَ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ بِخِلَافِهَا مَعَ النَّجَاسَةِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِمُمَاسَّةِ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِهِ أَكْثَرُ بِخِلَافِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ مِنْ الْغَيْرِ، فَإِنَّهُ لَا يَعُمُّ الِابْتِلَاءُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَقُولُ: الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ لِلْعُذْرِ فِي الْجَمِيعِ ع ش (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَشَفَتْ الرِّيحُ) أَوْ كَشَفَهَا آدَمِيٌّ أَوْ حَيَوَانٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ح ل وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَبْدُ رَبِّهِ: أَوْ كَشَفَهَا آدَمِيٌّ أَيْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَمَّا الْمُمَيِّزُ فَتَبْطُلُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر نَقْلًا عَنْ سم قَالَ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ قَصْدًا. فَبَعُدَ إلْحَاقُهُ بِالرِّيحِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ أَمْكَنَ إلْحَاقُهُ بِهِ هَذَا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا ز ي الضَّرَرُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَعَلَّلَهُ بِنُدْرَةِ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الِانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ مُكْرَهًا، فَإِنَّهُ يَضُرُّ وَإِنْ عَادَ حَالًا، وَعَلَّلُوهُ بِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِي الصَّلَاةِ فَاعْتَمِدْهُ اهـ بِحُرُوفِهِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّ الرِّيحَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَضُرُّ الْآدَمِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَكَذَا الْبَهِيمَةُ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَهُ حَالًّا) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ دَفَعَهُ شَخْصٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِجَنْبِهِ فَأَحْرَفَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَادَ حَالًّا لَا يَضُرُّ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ آدَمِيٌّ فَسَتَرَهَا حَالًّا بِخِلَافِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ نَادِرٌ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَأَلْقَى الثَّوْبَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، وَإِلَّا أَلْقَاهُ فِيهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَزِمَ تَنَجُّسُ الْمَسْجِدِ فَإِنْ نَحَّى الْيَابِسَ بِكُمِّهِ أَوْ عُودٍ بِيَدِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَأَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا فِيمَا لَوْ صَلَّى عَلَى نَحْوِ ثَوْبٍ مُتَنَجِّسِ الْأَسْفَلِ، وَرِجْلُهُ مُبْتَلَّةٌ، ثُمَّ رَفَعَهَا فَارْتَفَعَ مَعَهَا الثَّوْبُ لِالْتِصَاقِهِ بِهَا أَنَّهُ إنْ انْفَصَلَ عَنْ رِجْلِهِ فَوْرًا، وَلَوْ بِتَحْرِيكِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ ح ل وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَأَلْقَى الثَّوْبَ إلَخْ لَعَلَّ صُورَةَ إلْقَاءِ الثَّوْبِ فِي الرَّطْبِ أَنْ يَدْفَعَ الثَّوْبَ مِنْ مَكَان طَاهِرٍ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْقُطَ وَلَا يَرْفَعُهُ بِيَدِهِ وَلَا يَقْبِضُهُ بِيَدِهِ وَيَجُرُّهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَمْلٌ

ص: 236

(وَ) سَادِسُهَا (طُهْرُ نَجَسٍ) لَا يُعْفَى عَنْهُ (فِي مَحْمُولٍ، وَبَدَنٍ، وَمُلَاقِيهِمَا) فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْمُولِ، وَالْمُلَاقِي أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالثَّوْبِ، وَالْمَكَانِ، وَإِنْ فُهِمَ الْمُرَادُ مِمَّا يَأْتِي. (وَلَوْ نَجِسَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَكَسْرِهَا (بَعْضُ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَجَهِلَ) ذَلِكَ الْبَعْضَ فِي جَمِيعِ الشَّيْءِ (وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) ؛ لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ مَعَهُ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ مَا بَقِيَ جُزْءٌ مِنْهُ بِلَا غَسْلٍ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ بِاجْتِهَادٍ طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ نَجِسًا لَمْ يَكْفِ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ مَحِلًّا لِلِاجْتِهَادِ بَلْ يَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ، حَتَّى لَوْ تَنَجَّسَ أَحَدُ كُمَّيْنِ، وَجَهِلَهُ، وَجَبَ غَسْلُهُمَا فَلَوْ فَصَلَهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا كَفَاهُ غَسْلُ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ كَالثَّوْبَيْنِ، وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ فِي مُقَدِّمِ الثَّوْبِ مَثَلًا، وَجَهِلَ مَحَلَّهُ، وَجَبَ غَسْلُ مُقَدِّمِهِ فَقَطْ (وَلَوْ غَسَلَ بَعْضَ نَجِسٍ) كَثَوْبٍ (ثُمَّ) غَسَلَ (بَاقِيَهُ فَإِنْ غُسِلَ مَعَ مُجَاوِرِهِ) مِمَّا غُسِلَ أَوَّلًا (طَهُرَ) كُلُّهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ غُسِلَ دُونَ مُجَاوِرِهِ (فَغَيْرُ الْمُجَاوِرِ) يَطْهُرُ، وَالْمُجَاوِرُ نَجِسٌ لِمُلَاقَاتِهِ، وَهُوَ رَطْبٌ لِلنَّجِسِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَنَجَّسْ بِالْمُجَاوِرِ مُجَاوِرُهُ الرَّطْبُ، وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمُجَاوِرِ لَا تَتَعَدَّى إلَى مَا بَعْدَهُ كَالسَّمْنِ الْجَامِدِ يَنْجُسُ مِنْهُ مَا حَوْلَ النَّجَاسَةِ فَقَطْ، وَتَعْبِيرِي " بِبَعْضٍ " أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ " بِنِصْفٍ ".

. (وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ نَحْوِ قَابِضٍ) كَشَادٍّ بِيَدِهِ، أَوْ نَحْوِهَا (طَرَفَ) شَيْءٍ كَحَبْلٍ (مُتَّصِلٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلنَّجَاسَةِ وَلَعَلَّ صُورَةَ نَقْضِهِ فِي الْيَابِسِ أَنْ يَمِيلَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ حَتَّى تَسْقُطَ أَوْ يَضَعَ إصْبَعَهُ عَلَى جُزْءٍ طَاهِرٍ مِنْ ثَوْبِهِ وَيَدْفَعَهُ إلَى أَنْ يَسْقُطَ أَمَّا لَوْ قَبَضَ عَلَى مَحَلِّهَا وَجَرَّهُ أَوْ رَفَعَهُ فَهُوَ حَامِلٌ لَهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ: طُهْرُ نَجَسٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْجِيمِ وَبِكَسْرِهِمَا وَبِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْجِيمِ فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ. وَيَجِبُ طُهْرُهُ وَلَوْ دَاخِلَ فَمِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ ذَلِكَ فِي الْجَنَابَةِ لِغِلَظِ النَّجَاسَةِ، تَدَبَّرْ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْمُولِ إلَخْ) لِأَنَّ الْمَحْمُولَ يَشْمَلُ غَيْرَ الثَّوْبِ وَالْمُلَاقِي يَشْمَلُ نَحْوَ السَّقْفِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ فُهِمَ الْمُرَادُ، وَهُوَ الْعُمُومُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ نَحْوِ قَابِضٍ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الثَّوْبَ وَالْمَكَانَ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ هُنَا لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا) أَيْ: وَضَمِّهَا، وَمُضَارِعُهُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ فَقَطْ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) مَحَلُّهُ فِي الْمَكَانِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ الْكُلِّ بَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي جَانِبٍ مِنْهُ. وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي كُلِّهِ إلَّا قَدْرَ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ. اهـ وَانْظُرْ هَلْ يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنْ اتَّسَعَ الْمَكَانُ سُنَّ الِاجْتِهَادُ، وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبِرْمَاوِيُّ وَلَوْ رَأَيْنَا فِي ثَوْبِ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ بِهَا وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ كَمَا لَوْ رَأَيْنَا صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا الْمَنْعُ، شَرْحُ م ر قَالَ ع ش يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ، وَعَلِمْنَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ صَلَّى مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ الْبُطْلَانَ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُنَجِّسْ مَا مَسَّهُ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ تَنَجُّسِ مَحَلِّ الْإِصَابَةِ، شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَسَلَ إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا بَابُ النَّجَاسَةِ فَذِكْرُهُ هُنَا اسْتِطْرَادٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَوْ نَجَّسَ بَعْضَ شَيْءٍ إلَخْ، تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِمَّا غَسَلَ) حَالٌ مِنْ مُجَاوِرِهِ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ الْمُجَاوِرِ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً فَلَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ الثَّوْبِ وَاشْتَبَهَ فَغَسَلَ نِصْفَهُ، ثُمَّ بَاقِيَهُ طَهُرَ كُلُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ الْمُجَاوِرَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ نَجَاسَةِ الْبَعْضِ الَّذِي غَسَلَ أَوَّلًا. ع ش عَلَى م ر وَقَالَ ح ل هَذَا كُلُّهُ أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ غَسَلَ مَعَ مُجَاوِرِهِ طَهُرَ إلَخْ إنْ غَسَلَ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ، فَإِنْ غَسَلَهُ فِي إنَاءٍ بِأَنْ وَضَعَ نِصْفَهُ، ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ مَا يَغْمُرُهُ لَمْ يَطْهُرْ حَتَّى يَغْسِلَهُ دُفْعَةً؛ لِأَنَّ مَا فِي الْإِنَاءِ مُلَاقٍ لَهُ الْبَعْضُ النَّجِسُ. وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَيُنَجِّسُهُ وَحَيْثُ تَنَجَّسَ الْمَاءُ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ. اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ الثَّوْبِ مُرْتَفِعٍ عَنْ الْإِنَاءِ وَانْحَسَرَ عَنْهُ الْمَاءُ حَتَّى اجْتَمَعَ فِي الْإِنَاءِ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا فَوْقَ الْمَغْسُولِ مِنْ الثَّوْبِ طَهُرَ. وَنَقَلَ ذَلِكَ سم عَنْ الشَّارِحِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَتَنَجَّسْ إلَخْ) رَدٌّ لِلْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ مُطْلَقًا حَتَّى يَغْسِلَهُ دُفْعَةً؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ تَسْرِي كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: لَا تَتَعَدَّى إلَى مَا بَعْدَهُ) اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا بَعْدَ الْمُجَاوِرِ حَيْثُ لَا يَنْجُسُ وَبَيْنَ مَا لَاقَى الْمُجَاوِرَ مِنْ خَارِجٍ فَإِنَّهُ يَنْجُسُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِنَجَاسَةِ غَيْرِ الْمُجَاوِرِ لَاقْتَضَى نَجَاسَةَ مُجَاوِرِهِ وَهَكَذَا فَيَلْزَمُ عَدَمُ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ مُطْلَقًا اللَّازِمُ لَهُ الْمَشَقَّةُ بِخِلَافِ الْمُجَاوِرِ لَا يَلْزَمُ عَلَى نَجَاسَتِهِ مَا ذُكِرَ، فَلْيُتَأَمَّلْ. شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ: كَحَبْلٍ مُتَّصِلٍ) وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ شَدِّ الْحَبْلِ أَنَّهُ إنْ وَضَعَ طَرَفَ الْحَبْلِ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ وَبَاقِيهِ نَجَسٌ بِلَا شَدٍّ لَمْ يَضُرَّ، أَوْ عَلَى الطَّرَفِ النَّجِسِ وَلَوْ بِلَا شَدٍّ ضَرَّ مُطْلَقًا، أَوْ وَضَعَهُ عَلَى طَرَفِهِ الطَّاهِرِ وَشَدَّهُ نُظِرَ فَإِنْ لَمْ يَنْجَرَّ بِجَرِّهِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِلَّا ضَرَّ، شَوْبَرِيٌّ فَقَوْلُهُ: طَرَفٍ مُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ سَوَاءٌ كَانَ اتِّصَالُهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الرَّبْطِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّجِسُ يَنْجَرُّ بِجَرِّهِ أَمْ لَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ مَا لَوْ كَانَ الطَّرَفُ الْآخَرُ مُتَّصِلًا بِشَيْءٍ طَاهِرٍ وَذَلِكَ الطَّاهِرُ مُتَّصِلٌ بِالنَّجِسِ فَيُفْصَلُ وَيُقَالُ: إنْ كَانَ ذَلِكَ النَّجِسُ

ص: 237

بِنَجَسٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِمُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ، فَكَأَنَّهُ حَامِلٌ لَهُ فَلَا يَضُرُّ جَعْلُ طَرَفِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ، وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لِعَدَمِ حَمْلِهِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ طَرَفُهُ مُتَّصِلًا بِسَاجُورِ كَلْبٍ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِي عُنُقِهِ، أَوْ بِحِمَارٍ بِهِ نَجَسٌ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَطَلَتْ، عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ حُبِسَ بِمَكَانٍ بِهِ نَجَسٌ صَلَّى، وَتَجَافَى عَنْ النَّجَسِ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ، وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ جَبْهَتِهِ بِالْأَرْضِ، بَلْ يَنْحَنِي لِلسُّجُودِ إلَى قَدْرٍ لَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَاقَى النَّجَسَ، ثُمَّ يُعِيدُ " وَنَحْوُ " مِنْ زِيَادَتِي. (وَلَا يَضُرُّ نَجَسٌ يُحَاذِيهِ) لِعَدَمِ مُلَاقَاتِهِ لَهُ، وَقَوْلِي: يُحَاذِيهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: يُحَاذِي صَدْرَهُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ.

. (وَلَوْ، وَصَلَ عَظْمَهُ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي: (لِحَاجَةٍ) إلَى وَصْلِهِ (بِنَجَسٍ) مِنْ عَظْمٍ (لَا يَصْلُحُ) لِلْوَصْلِ (غَيْرُهُ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَنْجَرُّ بِجَرِّ الْمُصَلِّي وَاتَّصَلَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِالْمُتَّصِلِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الرَّبْطِ ضَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَنْجَرَّ بِجَرِّهِ أَوْ كَانَ الِاتِّصَالُ لَا عَلَى وَجْهِ الرَّبْطِ لَمْ يَضُرَّ. وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِلْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ طَرَفُهُ مُتَّصِلًا بِسَاجُورِ كَلْبٍ إلَخْ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِيهِ إجْمَالٌ لِعَدَمِ إفَادَتِهِ لِلتَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ. هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ شَرْحِ م ر وَالشَّوْبَرِيِّ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ جَعْلُ طَرَفِهِ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: نَحْوُ قَابِضٍ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ طَرَفُهُ مُتَّصِلًا إلَخْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: مُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ وَقَوْلُهُ: بَطَلَتْ أَيْ إنْ كَانَ مَرْبُوطًا بِالسَّاجُورِ أَوْ الْحِمَارِ، وَإِلَّا فَلَا فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ حُكْمَ الْمَفْهُومِ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُخَالِفَهُ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِسَاجُورِ كَلْبٍ) أَوْ بِسَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ فَإِنَّهَا كَالدَّارِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: صَلَّى) أَيْ الْفَرْضَ فَقَطْ ع ش أَيْ وَلَيْسَ لَابِسًا لِثَوْبٍ طَاهِرٍ، وَإِلَّا فَرَشَهُ وَصَلَّى عَارِيًّا وَلَوْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ غَضُّ أَبْصَارِهِمْ وَلَا إعَادَةَ شَوْبَرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ جَبْهَتِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ وَيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَاقَى النَّجِسَ وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى م ر مَا يُوَافِقُهُ ع ش

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَصَلَ) أَيْ: الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ طَهَارَةِ بَدَنِهِ وَمَلْبُوسِهِ وَنَحْوِهِمَا، اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ وَصَلَ إلَخْ بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ ح ل وَلَوْ وَصَلَ أَيْ مَعْصُومٌ إذْ غَيْرُهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي لِأَنَّ غَيْرَ الْمَعْصُومِ مَتَى وَصَلَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّزْعُ مُطْلَقًا أَمِنَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَوْ لَا. أَيْ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ فَوَاتُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَهْدَرَ دَمَهُ لَا يُبَالِي بِضَرَرِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَهَذَا عَلَى كَلَامِ حَجّ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْصُومِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُسْتَثْنَى تَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَصْلُ بِالنَّجِسِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّوْبَةِ بِالصَّلَاةِ. ع ش إطْفِيحِيٌّ وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْجَبْرِ أَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ مُخْتَارًا مَعَ فَقْدِ الطَّاهِرِ الصَّالِحِ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا وَإِنْ فَعَلَهُ مَعَ وُجُودِ الطَّاهِرِ الصَّالِحِ، وَجَبَ نَزْعُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَرَرًا وَإِنْ فَعَلَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا، وَكَذَا إنْ فَعَلَ بِهِ حَالَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ كَصِغَرِهِ فَلَا يَجِبُ النَّزْعُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا، وَحَيْثُ وَجَبَ نَزْعُهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَا طَهَارَتُهُ مَا دَامَ الْعَظْمُ النَّجِسُ مَكْشُوفًا لَمْ يَسْتَتِرْ وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَطَهَارَتُهُ وَلَمْ يَنْجُسْ الْمَاءُ بِمُرُورِهِ عَلَى الْعَظْمِ، وَلَوْ قَبْلَ اكْتِسَائِهِ بِالْجِلْدِ وَاللَّحْمِ وَلَا الرَّطْبِ إذَا لَاقَاهُ م ر سم وَمَالَ أَيْضًا إلَى أَنَّهُ لَوْ حَمَلَهُ، أَيْ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ النَّزْعُ مُصَلٍّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. وَقِيَاسُ الْمُسْتَجْمِرِ الْبُطْلَانُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَظْمَ مَعَ الْوَصْلِ صَارَ كَالْجُزْءِ فَلَا يَنْجُسُ مُلَاقِيهِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ.

(فَرْعٌ)

لَوْ وَشَمَ الْكَافِرُ نَفْسَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ نَزْعُهُ حَجّ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ز ي وَخِيَاطَةُ الْجُرْحِ بِخَيْطٍ نَجِسٍ وَدَوَاؤُهُ بِدَوَاءٍ نَجِسٍ كَالْجَبْرِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا الْوَشْمُ وَالْوَشْمُ غَرْزُ الْإِبْرَةِ فِي مَحَلٍّ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ، ثُمَّ يُوضَعُ نَحْوُ نِيلَةٍ عَلَيْهِ فَيَخْضَرُّ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ حَالَ عَدَمِ التَّكْلِيفِ كَحَالَةِ الصِّغَرِ وَالْجُنُونِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ فَعَلَهُ حَالَ التَّكْلِيفِ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَمْ تَجِبْ الْإِزَالَةُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَإِنْ خَافَ مِنْ إزَالَتِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ لَمْ تَجِبْ، وَإِلَّا وَجَبَتْ وَمَتَى وَجَبَتْ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ ح ف وَأَمَّا حُكْمُ كَيِّ الْحِمِّصَةِ، فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ قَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فِي مُدَاوَاةِ الْجُرْحِ لَمْ يَعْفُ عَنْهَا، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَلَا يَضُرُّ انْتِفَاخُهَا وَعِظَمُهَا فِي الْمَحَلِّ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ قَائِمَةً وَبَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ يَجِبُ نَزْعُهَا، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ضَرَّ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِرْمَاوِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ: عَظْمُهُ) أَيْ: لِاخْتِلَالِهِ وَخَشْيَةِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ، إنْ لَمْ يُوَصِّلْهُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لَا يَصْلُحُ) أَيْ: وَقْتَ إرَادَتِهِ حَتَّى لَوْ صَلَحَ

ص: 238

هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: لِفَقْدِ الطَّاهِرِ (عُذِرَ) فِي ذَلِكَ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ، إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ قَالَ السُّبْكِيُّ: تَبَعًا لِلْإِمَامِ، وَغَيْرِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ النَّزْعِ ضَرَرًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ، أَوْ وَجَدَ صَالِحًا غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (نَزْعُهُ) أَيْ: النَّجَسِ، وَإِنْ اكْتَسَى لَحْمًا (إنْ أَمِنَ) مِنْ نَزْعِهِ (ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَلَمْ يَمُتْ) ؛ لِحَمْلِهِ نَجِسًا، تَعَدَّى بِحَمْلِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهِ، كَوَصْلِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجَسٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَ الْحَاكِمَ نَزْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ ضَرَرًا، أَوْ مَاتَ قَبْلَ النَّزْعِ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ رِعَايَةً لِخَوْفِ الضَّرَرِ فِي الْأَوَّلِ، وَلِعَدَمِ الْحَاجَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

غَيْرُهُ وَلَكِنْ هَذَا أَصْلَحُ أَوْ أَسْرَعُ إلَى الْجَبْرِ لَمْ يَجُزْ الْوَصْلُ بِهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ. وَيُقَدَّمُ عَظْمُ الْخِنْزِيرِ عَلَى الْكَلْبِ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ أَغْلَظُ. وَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْمُغَلَّظِ وَلَوْ كَانَ بَطِيءَ الْبُرْءِ عَلَى الْمُغَلَّظِ وَلَوْ كَانَ سَرِيعًا. بِرْمَاوِيٌّ مُلَخَّصًا وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ فِي قِيَاسِ الْخِنْزِيرِ عَلَى الْكَلْبِ حَيْثُ قَالُوا فِي تَوْجِيهِ الْقِيَاسِ: لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ إذْ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخِنْزِيرَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِ أَكْلِهِ بِخِلَافِ الْكَلْبِ، فَفِيهِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَظْمُ الْكَلْبِ عَلَى عَظْمِ الْخِنْزِيرِ، وَيُقَدَّمُ الْمُغَلَّظُ عَلَى الْآدَمِيِّ. ح ل (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى إلَخْ) لِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يَشْمَلُ الطَّاهِرَ غَيْرَ الصَّالِحِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِي كَلَامِهِ صِفَةً مُقَدَّرَةً، أَيْ لِفَقْدِ الطَّاهِرِ الصَّالِحِ وَعِبَارَةُ ع ش وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ: لِفَقْدِ الطَّاهِرِ يُوهِمُ أَنَّ الطَّاهِرَ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِلْوَصْلِ يُمْنَعُ مِنْ الْوَصْلِ بِالنَّجَسِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَالْمُرَادُ بِفَقْدِهِ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ مِمَّا جَوَّزَهُ فِيهِ سم وَقَوْلُهُ: أَيْ سم يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ إلَخْ، أَيْ وَلَوْ بِالسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْ السَّفَرِ فَسَادَ الْعُضْوِ أَوْ زِيَادَةَ ضَرَرِهِ ع ش أَيْ وَلَوْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ الصَّالِحَ، أَيْ فِيمَا إذَا وَصَلَهُ لِفَقْدِهِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلْوَصْلِ ح ل (قَوْلُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ النَّزْعِ ضَرَرًا) أَيَّ ضَرَرٍ، وَبِهِ فَارَقَتْ مَا بَعْدَهَا فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ شَوْبَرِيٌّ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: صَالِحًا) وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي الصَّلَاحِيَّةِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ ح ل (قَوْلُهُ: غَيْرِ آدَمِيٍّ) بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ لَا يَجُوزُ الْوَصْلُ بِعَظْمِهِ. أَيْ حَيْثُ وُجِدَ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَرَمًا كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ م ر سم ع ش قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِامْتِنَاعِ بِعَظْمِ نَفْسِهِ، إذَا أَرَادَ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ بِانْفِصَالِهِ مِنْهُ حَصَلَ لَهُ احْتِرَامٌ وَطُلِبَتْ مُوَارَاتُهُ ع ش عَلَى م ر أَمَّا إذَا وَصَلَ عَظْمَ يَدِهِ مَثَلًا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أُبِينَ مِنْهُ. فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِعَظْمِ أُنْثَى يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ، وَوُضُوءُ غَيْرِهِ بِمَسِّهِ مَا دَامَ الْعَظْمُ لَمْ تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ وَلَمْ يُكْسَ بِاللَّحْمِ، وَهُوَ سَهْوٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ الْعُضْوَ الْمَفْصُولَ مِنْ الْأُنْثَى لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ، وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: لَا يَصِحُّ لَهُ وُضُوءٌ مَا دَامَ الْعَظْمُ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَاسٌّ لَهُ دَائِمًا اهـ بِحُرُوفِهِ وَقَوْلُ الْمَتْنِ: وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ، الْمُنَاسِبُ لِلْمُقَابَلَةِ أَنْ يَقُولَ: وَإِلَّا لَمْ يُعْذَرْ لَكِنَّ الْمُقَابَلَةَ بِاللَّازِمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ النَّزْعِ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ. وَقَوْلُهُ: مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهِ. فَلَا يَرِدُ مَا إذَا لَمْ يَأْمَنْ ضَرَرًا، أَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ النَّزْعُ مَعَ حَمْلِهِ نَجِسًا تَعَدَّى بِحَمْلِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ إزَالَتِهِ.

(قَوْلُهُ: كَوَصْلِ الْمَرْأَةِ) مِثْلُهَا الرَّجُلُ سم. وَحَاصِلُهُ أَنَّ وَصْلَ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجِسٍ، أَوْ شَعْرِ آدَمِيٍّ حَرَامٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ طَاهِرًا أَمْ نَجِسًا مِنْ شَعْرِهَا أَوْ شَعْرِ غَيْرِهَا بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ أَمْ لَا. وَأَمَّا وَصْلُهَا بِشَعْرِهَا مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ أَذِنَ فِيهِ الزَّوْجُ، أَوْ السَّيِّدُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، كَمَا يُؤْخَذُ جَمِيعُهُ مِنْ م ر وَالشَّوْبَرِيِّ وَقَوْلُهُ: مِنْ شَعْرِهَا لِأَنَّهُ بِانْفِصَالِهِ مِنْهَا صَارَ مُحْتَرَمًا تَجِبُ مُوَارَاتُهُ ع ش عَلَى م ر. (فَرْعٌ)

خَضْبُ الرَّجُلِ لِحْيَتَهُ الْبَيْضَاءَ بِالْحِنَّاءِ جَائِزٌ بَلْ سُنَّةٌ وَأَمَّا خَضْبُهَا بِالسَّوَادِ فَهُوَ حَرَامٌ، إلَّا إذَا كَانَ لِأَجْلِ الْحَرْبِ لِأَنَّ سَوَادَ اللِّحْيَةِ يَدُلُّ عَلَى قُوَّتِهِ. وَنَتْفُ الشَّعْرِ الْأَبْيَضِ مِنْ اللِّحْيَةِ مَكْرُوهٌ لِلْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ وَهُوَ «الشَّيْبُ نُورِي وَالنَّارُ نَارِي وَلَا أُحْرِقُ نُورِي بِنَارِي» اهـ شَيْخُنَا ح ف وَسِجِّينِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ ضَرَرًا) بِأَنْ خَشِيَ نَحْوَ شَيْنٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ بَلْ يَحْرُمُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ بِلَا إعَادَةٍ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَغُسْلُهُ وَلَا يُنَجِّسُ مَاءً قَلِيلًا وَلَا مَائِعًا وَلَا رَطْبًا إذَا لَمْ يُكْسَ لَحْمًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ ح ل وَقِيلَ: يَجِبُ النَّزْعُ مِنْ الْمَيِّتِ لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ وَهُوَ حَامِلُ نَجَاسَةٍ تَعَدَّى بِحَمْلِهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعِيدُ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ الْأَصْلِيَّةِ جَمِيعًا، حَتَّى لَوْ حُرِقَتْ وَصَارَتْ رَمَادًا وَذُرِّيَتْ

ص: 239

إلَيْهِ فِي الثَّانِي لِزَوَالِ التَّكْلِيفِ.

. (وَعُفِيَ عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ عَرِقَ لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ فِيهِ عَلَى الْحَجَرِ (فِي حَقِّهِ) لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ؛ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا (وَ) عُفِيَ (عَمَّا عَسُرَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: يَتَعَذَّرُ (الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا مِنْ طِينِ شَارِعٍ نَجِسٍ يَقِينًا) لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي الْهَوَاءِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِلِقَائِهِ نُزُولُهُ فِي الْقَبْرِ، فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى لِقَائِهِ إذْ هُوَ أَوَّلُ مَنْزِلَةٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: الْمُعَادُ مِنْ أَجْزَائِهِ مَا مَاتَ عَلَيْهِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا الْجَوَابُ بَعِيدٌ. وَمِنْ ثَمَّ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي الْقُلْفَةِ الْمُتَعَذَّرِ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا بِدُونِ قَطْعِهَا حَيْثُ قَالُوا: لَا تُقْطَعُ إذَا مَاتَ، وَيُدْفَنُ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَصَلَاةٍ، بِأَنَّ النَّجِسَ الْمَوْصُولَ بِهِ لِكَوْنِهِ مُقَوِّمًا لِعُضْوٍ مِنْ الْآدَمِيِّ اُغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْقُلْفَةِ، كَذَا قِيلَ شَوْبَرِيٌّ ح ف (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ التَّكْلِيفِ) أَيْ: مَعَ مَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ، فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ كَانَ بِبَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَمَاتَ، تَأَمَّلْ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ إزَالَتُهَا لِفَقْدِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ الْعِلَّةِ، وَكَذَا لَا يَرِدُ مَا لَوْ وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجِسٍ أَوْ شَعْرِ آدَمِيٍّ أَوْ آدَمِيَّةٍ فَإِنَّهُ تَجِبُ إزَالَتُهُ

(قَوْلُهُ: عَنْ مَحَلِّ) أَيْ: عَنْ أَثَرِ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ وَكَذَا مَا يُلَاقِيهِ مِنْ الثَّوْبِ ع ش (قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ) فَلَوْ أَصَابَ مَاءً قَلِيلًا نَجَّسَهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرِقَ) مِنْ بَابِ تَعِبَ، كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، أَيْ وَلَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ، وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُ الْمُجَاوِزِ وَهَلْ الْمُرَادُ غَسْلُهُ فَقَطْ وَلَوْ اتَّصَلَ بِمَا فِيهِمَا أَوْ مَا لَمْ يَتَّصِلْ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ؟ قِيَاسُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ وُجُوبُ غَسْلِ الْجَمِيعِ وَهُوَ الْوَجْهُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فِي حَقِّهِ) فَلَوْ قَبَضَ فِي بَدَنِ مُصَلٍّ أَوْ فِي ثَوْبِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْعَفْوَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ كَوْنُهُ فِي الصَّلَاةِ وَمِثْلُهَا الطَّوَافُ وَفِي حَقِّهِ وَهَذَانِ الْقَيْدَانِ يَجْرِيَانِ فِي سَائِرِ الْمَعْفُوَّاتِ كَطِينِ الشَّارِعِ وَدَمِ الْبَرَاغِيثِ كَمَا أَفَادَهُ م ر وَفِي حَقِّهِ مُتَعَلِّقٌ بِعُفِيَ وَهُوَ مُطْلَقٌ، وَقَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ تَعَلَّقَ بِهِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ: فِي حَقِّهِ فَاخْتَلَفَ الْعَامِلُ بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَمَلَ أَوْ قَبَضَ عَلَى يَدِهِ) وَمِثْلُ الْمُسْتَجْمِرِ كُلُّ ذِي خَبَثٍ آخَرَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ. م ر ز ي وَلَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مُصَلِّيًا مُسْتَجْمِرًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُسْتَجْمِرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَعْضَ بَدَنِهِ مُتَّصِلٌ بِبَدَنِ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ وَبَعْضَ بَدَنِهِ مُتَّصِلٌ بِبَدَنِ الْمُسْتَجْمَرِ، فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ فَهُوَ مُتَّصِلٌ بِمُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ، وَهُوَ نَفْسُهُ وَلَا ضَرُورَةَ لِاتِّصَالِهِ بِهِ ع ش عَلَى م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: هُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ إذْ هُوَ مُغَالَطَةٌ: إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الطَّاهِرِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُصَلِّي مُتَّصِلًا بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي وَهَذَا النَّجِسُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمْسِكِ الَّذِي هُوَ مَنْشَأُ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا إلَخْ) بِخِلَافِ حَمْلِ طَاهِرِ الْمَنْفَذِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا نَظَرَ لِلْخَبَثِ بِبَاطِنِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي دَفْعِهِ كَمَا فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي «لِحَمْلِهِ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ فِي صَلَاتِهِ» وَبِهَذَا فَارَقَ حَمْلَ الْمَذْبُوحِ وَالْمَيِّتِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَمْ يَطْهُرْ بَاطِنُهُ وَلَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ الْعَفْوِ فِي حَقِّهِ حُرْمَةً مُجَامَعَةُ زَوْجَتِهِ قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ بِالْمَاءِ أَوْ اسْتِنْجَائِهَا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ اهـ شَرْحُ م ر بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى إلَخْ) لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالتَّعَذُّرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ، أَيْ لَا يُمْكِنُ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعَسُّرِ بِأَنْ يُمْكِنَ الِاحْتِرَازُ، لَكِنَّهُ يَعْسُرُ (قَوْلُهُ: مِنْ طِينِ شَارِعٍ) أَوْ مَائِهِ أَيْ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَلَطَّخَ كَلْبٌ بِطِينِ الشَّارِعِ، وَانْتَفَضَ عَلَى إنْسَانٍ وَمَا لَوْ رَشَّ السِّقَاءَ عَلَى الْأَرْضِ النَّجِسَةِ، أَوْ رَشَّهُ عَلَى ظَهْرِ كَلْبٍ فَطَارَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى شَخْصٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ م ر سم وَالْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ الْمُرُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَارِعًا شَرْحُ م ر كَدِهْلِيزِ الْحَمَّامِ وَمَا حَوْلَ الْفَسَاقِي مِمَّا لَا يُعْتَادُ تَطْهِيرُهُ. اهـ. ع ش وَخَرَجَ بِالطِّينِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إذَا تَيَقَّنَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُعْفَى عَنْهَا، شَرْحُ م ر مَا لَمْ تَعُمَّهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَوْجَهَ حَجّ عَدَمَ الْعَفْوِ حِينَئِذٍ وَيُعْفَى عَنْ طِينِ الشَّارِعِ وَإِنْ مَشَى فِيهِ حَافِيًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ رِجْلَيْهِ بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ، فَلَا يُعْفَى إلَّا عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ ع ش عَلَى م ر بِالْمَعْنَى وَقَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ رِجْلَيْهِ وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ لَيْسَ فِيهِ طِينٌ عُفِيَ عَنْهُ أَيْضًا إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْجِدٍ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ يُصَانُ عَنْ النَّجَاسَةِ وَيُمْنَعُ تَلْوِيثُهُ بِهَا. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: نَجِسٍ) وَلَوْ مِنْ

ص: 240

بِخِلَافِ مَا لَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا (وَيَخْتَلِفُ) الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (وَقْتًا، وَمَحَلًّا مِنْ ثَوْبٍ، وَبَدَنٍ) فَيُعْفَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ، وَفِي الذَّيْلِ، وَالرِّجْلِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْكُمِّ، وَالْيَدِ أَمَّا الشَّوَارِعُ الَّتِي لَمْ تَتَيَقَّنْ نَجَاسَتُهَا، فَمَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهَا، وَإِنْ ظَنَّ نَجَاسَتَهَا عَمَلًا بِالْأَصْلِ.

. (وَ) عُفِيَ عَنْ (دَمِ نَحْوِ بَرَاغِيثَ، وَدَمَامِيلَ) كَقَمْلٍ، وَجُرُوحٍ (وَدَمِ فَصْدٍ، وَحَجْمٍ بِمَحِلِّهِمَا، وَوَنِيمِ ذُبَابٍ) أَيْ: رَوْثِهِ، وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ، وَلَوْ بِانْتِشَارِ عُرْفٍ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ (لَا إنْ كَثُرَ بِفِعْلِهِ) مِنْ زِيَادَتِي، فَإِنْ كَثُرَ بِفِعْلِهِ، كَأَنْ قَتَلَ بَرَاغِيثَ، أَوْ عَصَرَ الدَّمَ لَمْ يُعْفَ عَنْ الْكَثِيرِ عُرْفًا، كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَالْمَجْمُوعِ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ فِي الْمَذْكُورَاتِ مُقَيَّدٌ بِاللِّبْسِ؛ لِمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: لَوْ حَمَلَ ثَوْبَ بَرَاغِيثَ، أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ إنْ كَثُرَ دَمُهُ ضَرَّ، وَإِلَّا فَلَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُغَلَّظٍ. اهـ. ح ل وَمِّ ر كَأَنْ بَالَتْ فِيهِ الْكِلَابُ وَاخْتَلَطَ بَوْلُهَا بِطِينِهِ، أَوْ مَائِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ عَيْنٌ مُتَمَيِّزَةٌ كَمَا فِي ع ش وَلَا يُعْفَى عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ طُلُوعِ الْكِلَابِ عَلَى الْأَسْبِلَةِ، وَرُقَادِهِمْ فِي مَحَلِّ وَضْعِ الْكِيزَانِ، وَهُنَاكَ رُطُوبَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ) سُئِلَ شَيْخُنَا ز ي عَمَّا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي تَسْخِينِ الْخُبْزِ فِي الرَّمَادِ النَّجِسِ، ثُمَّ يَفُتُّونَهُ فِي اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ حَتَّى مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِينِهِ بِالطَّاهِرِ وَلَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَذَا بِهَامِشٍ وَهُوَ وَجِيهٌ مَرْضِيٌّ، بَلْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ وَصَارَ مُشَاهَدًا سَوَاءٌ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ بِأَنْ انْفَتَحَ بَعْضُهُ وَدَخَلَ فِيهِ ذَلِكَ، كَدُودِ الْفَاكِهَةِ وَالْجُبْنِ وَمِثْلُهُ الْفَطِيرُ الَّذِي يُدْفَنُ فِي النَّارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ النَّجِسِ ع ش عَلَى م ر قَالَ م ر وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِطَهَارَةِ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجِسٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ اهـ وَمِثْلُهُ الْحَوَائِجُ الْمَنْشُورَةُ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَالْمُرَادُ بِالْمَعْمُولَةِ بِالرَّمَادِ هِيَ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَمَلِهَا بِهِ أَمَّا مَا شُوهِدَ بِنَاؤُهُ بِالرَّمَادِ النَّجِسِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ مَا أَصَابَهُ، إذْ لَا أَصْلَ لِلطَّهَارَةِ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ الَّذِي يُحَالُ عَلَيْهِ التَّنْجِيسُ. اهـ. ع ش إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) بِحَيْثُ يُنْسَبُ صَاحِبُهُ لِقِلَّةِ التَّحَفُّظِ، أَوْ يَكْثُرُ بِحَيْثُ يُحَالُ عَلَى حُصُولِ سَقْطَةٍ ح ل

. (قَوْلُهُ: عَنْ دَمِ نَحْوِ بَرَاغِيثَ) فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَقْصَعُ الْقَمْلَ عَلَى ظُفْرِهِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ دَمِهِ لَوْ كَثُرَ كَخَمْسَةٍ إلَى عِشْرِينَ؟ وَإِذَا خَالَطَ الدَّمُ الْجِلْدَ لَوْ كَانَ قَلِيلًا هَلْ يُعْفَى عَنْهُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دَمِهِ عُرْفًا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا كَثِيرِهِ لِكَوْنِهِ بِفِعْلِهِ وَمُمَاسَّتُهُ الْجِلْدَ لَا تُؤَثِّرُ اهـ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا مَرَّتْ الْقَمْلَةُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَوْ لَا وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْعَفْوِ لِكَثْرَةِ مُخَالَطَةِ الدَّمِ لِلْجِلْدِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَقَمْلٍ) وَإِنْ اخْتَلَطَ بِقِشْرَتِهَا وَيَضُرُّ اخْتِلَاطُهُ بِقِشْرَةِ غَيْرِهَا ح ف قَالَ ع ش وَيُعْفَى عَنْ الصِّئْبَانِ وَهُوَ بَيْضُ الْقَمْلِ وَلَوْ مَيِّتًا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ. اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّهِمَا) أَيْ الدَّمَيْنِ الَّذِي هُوَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَدَمُ الْفَصْدِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ تَخْصِيصَ مَحَلِّهِمَا بِدَمِ الْفَصْدِ وَالْحَجْمِ شَرْحُ م ر. وَالْمُرَادُ بِمَحَلِّهِمَا مَا يَغْلِبُ السَّيَلَانُ إلَيْهِ عَادَةً وَمَا حَاذَاهُ مِنْ الثَّوْبِ فَإِنْ جَاوَزَهُ عُفِيَ عَنْ الْمُجَاوِزِ إنْ قَلَّ شَوْبَرِيٌّ بِزِيَادَةٍ فَإِنْ كَثُرَ الْمُجَاوِزُ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ أَنَّهُ إنْ اتَّصَلَ الْمُجَاوَزُ بِغَيْرِ الْمُجَاوِزِ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ وَإِنْ تَقَطَّعَ أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُ وَجَبَ غَسْلُ الْمُجَاوِزِ فَقَطْ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لَا إنْ كَثُرَ) أَيْ: دَمُ الْبَرَاغِيثِ وَمَا بَعْدَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: كَأَنْ قَتَلَ بَرَاغِيثَ إلَخْ غَيْرُ وَنِيمِ الذُّبَابِ لِأَنَّ كَثْرَتَهُ بِفِعْلِهِ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ. اهـ. ع ش فَإِنْ كَثُرَ لَا بِفِعْلِهِ عُفِيَ عَنْهُ وَإِنْ تَفَاحَشَ بِإِهْمَالِ غَسْلِهِ. اهـ. ح ل.

وَحَاصِلُ مَا فِي الدِّمَاءِ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ عُفِيَ عَنْهُ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ فَإِنْ كَانَ يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ فَإِنْ كَانَ مِنْ مُغَلَّظٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُغَلَّظٍ إنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَنَافِذِ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مُطْلَقًا خِلَافًا لحج فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ عِنْدَهُ لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ بِغَيْرِهِ ضَرُورِيٌّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا عُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ إنْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ. وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَيُعْفَى عَنْهُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ لَا يَكُونَ بِفِعْلِهِ وَأَنْ لَا يُخَالِطَهُ أَجْنَبِيٌّ وَأَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْ مَوْضِعِهِ اهـ بَابِلِيٌّ (وَقَوْلُهُ كَأَنْ قَتَلَ) أَيْ: قَصْدًا بِخِلَافِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ وَأُلْحِقَ بِقَتْلِهَا قَصْدًا النَّوْمُ فِي الثَّوْبِ حَتَّى كَثُرَ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِأَنَّ السُّنَّةَ النَّوْمُ عُرْيَانًا إلَّا لِحَاجَةٍ كَبَرْدٍ أَوْ عَدَمِ وُجُودِ غِطَاءٍ غَيْرِ ثَوْبِهِ وَحَيْثُ عُفِيَ عَنْ نَحْوِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ فَلَا تَضُرُّ مُمَاسَّةُ الثَّوْبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ مَعَ الرُّطُوبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ مَاءِ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، وَالْوُضُوءِ كَذَلِكَ وَكَذَا الْحَاصِلَةُ مِنْ التَّنْظِيفِ وَالتَّبَرُّدِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَيُعْفَى عَنْ دَمِ الْحِلَاقَةِ الْمُخْتَلِطِ بِمَاءِ الْبِلَّةِ الْأُولَى، دُونَ الثَّانِيَةِ لِطُرُوِّهِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: بِاللُّبْسِ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ غَيْرُهُ خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُكَلَّفُ لُبْسَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا عَفَا عَمَّا

ص: 241

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى تَمَامِ لِبَاسِهِ قَالَهُ الْقَاضِي، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الْبَقِيَّةُ.، وَاعْلَمْ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ رَشْحَاتٌ تَمُصُّهَا مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ ثُمَّ تَمُجُّهَا، وَلَيْسَ لَهَا دَمٌ فِي نَفْسِهَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ، وَغَيْرُهُ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

. (وَ) عُفِيَ عَنْ (قَلِيلِ دَمٍ أَجْنَبِيٍّ) لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ، وَيُعْرَفَانِ بِالْعُرْفِ (لَا) عَنْ قَلِيلِ دَمٍ (نَحْوِ كَلْبٍ) لِغِلَظِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَقَرَّهُ (وَكَالدَّمِ) فِيمَا ذُكِرَ (قَيْحٌ) ، وَهُوَ مِدَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ (، وَصَدِيدٌ) ، وَهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ يُخَالِطُهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا (وَمَاءُ جُرُوحٍ، وَمُتَنَفِّطٌ لَهُ رِيحٌ) قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ، وَالصَّدِيدِ. أَمَّا مَا لَا رِيحَ لَهُ، فَطَاهِرٌ كَالْعَرَقِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ.

. (وَلَوْ صَلَّى بِنَجِسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (لَمْ يَعْلَمْهُ، أَوْ) عَلِمَهُ ثُمَّ (نَسِيَ) فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ، (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ التَّطْهِيرِ، وَتَجِبُ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَسِ بِخِلَافِ مَا احْتَمَلَ حُدُوثُهُ بَعْدَهَا، فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا لَكِنْ تُسَنُّ، كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

. (وَ) سَابِعُهَا (تَرْكُ نُطْقٍ) عَمْدًا بِغَيْرِ قُرْآنٍ، وَذِكْرٍ، وَدُعَاءٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي. (فَتَبْطُلُ بِحَرْفَيْنِ) أَفْهَمَا، أَوْ لَا، كَفَمٍ، وَعَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهِ مِنْ الدَّمِ صَارَ كَالطَّاهِرِ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: لَوْ حَمَلَ ثَوْبٌ بَرَاغِيثَ أَيْ ثَوْبٌ دَمَ بَرَاغِيثَ أَيْ مُشْتَمِلًا عَلَى دَمِهَا، فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ: زَائِدًا عَلَى تَمَامِ لِبَاسِهِ) أَيْ: لَا لِغَرَضٍ مِنْ تَجَمُّلٍ وَنَحْوِهِ وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الزَّائِدِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسَ بِذَلِكَ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ الْبَقِيَّةُ مِنْ دَمِ الدَّمَامِيلِ وَالْفَصْدِ وَدَمِ الْحِجَامَةِ وَوَنِيمِ الذُّبَابِ ح ل أَيْ يُقَاسُ عَلَيْهِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي التَّخْفِيفِ لَا فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لِدَمِ الْبَرَاغِيثِ دَلِيلًا حَتَّى يَقِيسَ عَلَيْهِ، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ إضَافَةَ الدَّمِ لِلْبَرَاغِيثِ لِكَوْنِهَا مُشْتَمِلَةً عَلَيْهِ الْآنَ فَإِضَافَةُ الدَّمِ إلَيْهَا لِلْمُلَابَسَةِ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَنْ قَلِيلِ دَمٍ أَجْنَبِيٍّ) وَلَوْ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ جُمِعَ كَانَ كَثِيرًا لِلتَّوَسُّعِ فِي الدَّمِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ مِنْ الْبَوْلِ إذَا كَثُرَ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَ لَأَدْرَكَهُ الطَّرْفُ، حَيْثُ لَا يُعْفَى عَنْهُ بِرْمَاوِيٌّ وَمَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِهِ مَا لَمْ يُلْصِقْهُ بِبَدَنِهِ عَمْدًا وَإِلَّا لَمْ يَعْفُ عَنْهُ ح ل وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَقَلِيلٌ هُوَ أَوْ كَثِيرٌ؟ فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَاتِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثْرَةَ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: دَمٍ أَجْنَبِيٍّ) وَمِنْهُ دَمُ نَفْسِهِ أَيْ لَوْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُعْرَفَانِ) أَيْ الْقُلَّةُ وَالْكَثْرَةُ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مِدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مُخْتَارٌ وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ الزَّمَنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمُتَنَفِّطٌ) وَهُوَ مَاءُ الْبَقَابِيقِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِمَاءِ الْجُرُوحِ وَالْمُتَنَفِّطِ رِيحٌ وَكَذَا لَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَقَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ أَيْ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَقِيسِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ: وَطُهْرُ نَجِسٍ إلَخْ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ اعْتِقَادِهِ، لَا فِي اعْتِقَادِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَصَلَّى) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ صَلَّى وَلَعَلَّهُ سَرَى لَهُ مِنْ شَيْخِهِ الْمَحَلِّيِّ وَعِبَارَتُهُ وَإِنْ عَلِمَهُ وَنَسِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) فِي إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَغْلِيبٌ إذْ الْإِعَادَةُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا فِي الْوَقْتِ ع ش أَوْ الْمُرَادُ الْإِعَادَةُ اللُّغَوِيَّةُ وَهُوَ فِعْلُهَا ثَانِيًا وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: لِتَفْرِيطِهِ) تَعْلِيلٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ وَأَمَّا الْأُولَى فَعَلَّلَهَا م ر بِأَنَّهَا طَهَارَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ. فَلَوْ عَلَّلَ الشَّارِحُ لِلْأُولَى بِذَلِكَ لَفُهِمَتْ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ بِفَوَاتِ الشَّرْطِ قَالَ ح ل قَوْلُهُ: لِتَفْرِيطِهِ مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ فَوْرًا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَمِثْلُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

وَقَالَ الْإِطْفِيحِيُّ نَقْلًا عَنْ ع ش: إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَيْلًا فِي الصَّوْمِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ فِيهِ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَقَعُ كَثِيرًا وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّذَكُّرِ الْمَرْجُوِّ مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ، لِرَفْعِهِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كُلِّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَسَ) فَلَوْ فَتَّشَ عِمَامَتَهُ فَوَجَدَ فِيهَا قِشْرَ قَمْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فِيهَا ز ي بِهَامِشٍ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُؤْمَرُ بِتَفْتِيشِهَا وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لَمَّا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَيَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِ السِّرْجِينِ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي عَلِمَ وُجُودَهُ فِيهَا، بَلْ الِاحْتِرَازُ فِي هَذَا أَشَقُّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا أَيْ صَلَاةٍ اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ أَيْ النَّجَسِ سَوَاءٌ كَانَ الِاحْتِمَالُ رَاجِحًا أَوْ مَرْجُوحًا أَوْ مُسَاوِيًا وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ حَيْثُ قَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا شَكَّ فِيهِ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ الْفِعْلُ هُنَا وَلَا بُدَّ، وَشَكَّ فِي شَرْطِهِ فَلَا يُكَلَّفُ الْإِعَادَةَ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ فَإِنَّهُ شَكَّ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ

. (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ نُطْقٍ) وَلَوْ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: عَمْدًا) أَيْ مَعَ عِلْمِ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ) الْفَاءُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَأَنْ يُقَالَ: وَإِذَا أَرَدْت بَيَانَ النُّطْقِ الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ فَتَبْطُلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِحَرْفَيْنِ) أَيْ: مُتَوَالِيَيْنِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْأَفْعَالِ كَمَا فِي ع ش قَالَ ح ل: فَلَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَرْفَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِشُرُوعِهِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفٍ كَامِلٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ بِهِمَا نَفْسَهُ، أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَوْ كَانَ

ص: 242

(وَلَوْ فِي نَحْوِ تَنَحْنُحٍ) كَضَحِكٍ، وَبُكَاءٍ، وَأَنِينٍ، وَنَفْخٍ، وَسُعَالٍ، وَعُطَاسٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ) كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ، وَإِنْ أَخْطَأَ بِحَذْفِ هَاءِ السَّكْتِ (أَوْ) حَرْفٍ (مَمْدُودٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَدَّةَ أَلِفٌ، أَوْ وَاوٌ، أَوْ يَاءٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَأَنْ قَامَ إمَامُهُ لِزَائِدٍ، فَقَالَ لَهُ: اُقْعُدْ، أَمْ لَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» ، وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ، وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ، وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ لِلنُّحَاةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إجَابَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُعْتَدِلَ السَّمْعِ وَلَوْ مِنْ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ، أَوْ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ حَدِيثٍ إلَخْ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِكَلَامِ الْبَشَرِ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ كَلَامَهُمْ، فَيَشْمَلُ الْحَدِيثَ الْقُدْسِيَّ وَيَخْرُجُ الْقُرْآنُ اهـ إطْفِيحِيٌّ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِحَيْثُ إلَخْ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَيَضُرُّ سَمَاعُ حَدِيدِ السَّمْعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمُعْتَدِلُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النُّطْقِ مَعَ الْإِسْمَاعِ وَقَدْ وُجِدَ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نَحْوِ تَنَحْنُحٍ) أَيْ لِغَيْرِ غَلَبَةٍ وَلِغَيْرِ تَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، أَوْ تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ؛ لِيَشْمَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْحَرْفَ الْمُفْهِمَ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَضُرُّ فِي نَحْوِ التَّنَحْنُحِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ الشَّوْبَرِيُّ وَلَوْ جَهِلَ الْبُطْلَانَ بِالتَّنَحْنُحِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَرِيبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَنْشَأْ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ ع ن.

(قَوْلُهُ: وَبُكَاءٍ) وَإِنْ كَانَ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ م ر ع ش (قَوْلُهُ: وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ) أَيْ: عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ، وَإِنْ لَمْ يُفْهِمْ عِنْدَ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُفْهِمْ عِنْدَهُ، وَإِنْ أَفْهَمَ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بِحَسَبِ ظَنِّهِ مَا يَقْتَضِي قَطْعَ نَظْمِ الصَّلَاةِ وَبِهِ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِبَادَاتِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ، لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ فَقَطْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي شُرُوطِ الْعِبَادَةِ وَنَحْوِهَا. أَمَّا مُبْطِلَاتُهَا فَالْمَدَارُ فِيهَا عَلَى مَا يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ، وَالْكَلَامُ لَا يَقْطَعُ نَظْمَهَا إلَّا إنْ كَانَ مُفْهِمًا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ، فَإِنْ جَهِلَ الْإِفْهَامَ مِمَّا هُوَ مُفْهِمٌ أَتَى فِيهِ مَا قَالُوهُ فِي الْجَهْلِ بِحُرْمَةِ الْكَلَامِ مِنْ أَنَّهُ إنْ عُذِرَ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ لِنَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ عُذِرَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَصَدَ بِالْمُفْهِمِ مَا لَا يُفْهِمُ، كَأَنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: قِ الْقَافُ مِنْ الْفَلَقِ أَوْ الْعَلَقِ قَالَ طب: يَضُرُّ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَوْ أَتَى بِحَرْفٍ لَا يُفْهِمُ قَاصِدًا بِهِ مَعْنَى الْمُفْهِمِ هَلْ يَضُرُّ؟ فِيهِ نَظَرٌ سم شَوْبَرِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف أَنَّهُ يَضُرُّ، وَاسْتَقَرَّ بِهِ ع ش وَقَوْلُهُ: قَالَ طب يَضُرُّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا فِي ع ش (قَوْلُهُ: كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ) أَيْ: بِأَنْ لَاحَظَ أَنَّهَا مِنْ الْوِقَايَةِ أَوْ أَطْلَقَ وَيُوَجَّهُ الْإِطْلَاقُ بِأَنَّ الْقَافَ الْمُفْرَدَةَ وُضِعَتْ لِلطَّلَبِ، وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا وَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ. وَالْقَافُ مِنْ الْفَلَقِ وَنَحْوِهِ جُزْءُ كَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا فَإِذَا نَوَاهَا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ ع ش. وَتَسْمِيَةُ قِ حَرْفًا نَظَرًا لِلصُّورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ فِعْلُ أَمْرٍ عِنْدَ النُّحَاةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَرْفٌ مَمْدُودٌ) أُتِيَ بِهِ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْحَرْفَيْنِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْحَرْفَ الْمَمْدُودَ حَرْفٌ وَاحِدٌ وَلَا نَظَرَ لِلْإِشْبَاعِ. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ يَقَعُ إلَخْ) أَيْ لُغَةً ع ش (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ) التَّقْيِيدُ بِالْحَرْفَيْنِ هُوَ بِحَسَبِ مَا اُشْتُهِرَ فِي اللُّغَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّضِيُّ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ وَلَوْ حَرْفًا وَعِبَارَتُهُ " الْكَلَامُ مَوْضُوعٌ لِجِنْسِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَلِمَةً عَلَى حَرْفٍ كَوَاوِ الْعَطْفِ أَوْ عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَلِمَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُهْمَلًا أَوْ لَا. " ثُمَّ قَالَ: وَاشْتَهَرَ الْكَلَامُ لُغَةً فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ حَرْفَيْنِ فَصَاعِدًا. اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ أَيْ هُنَا، وَإِلَّا فَكَمَا يَكُونُ حَرْفَيْنِ، يَكُونُ حَرْفًا، وَلَوْ غَيْرَ مُفْهِمٍ وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا: إنَّ أَقَلَّ مَا يَنْبَنِي مِنْهُ الْكَلَامُ لُغَةً حَرْفَانِ، فَفِيهِ نَظَرٌ. إذْ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْكَلَامَ لُغَةً مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ اهـ وَقَوْلُهُ: هُنَا أَيْ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ وَفِيهِ أَنَّهُ فِي اصْطِلَاحِهِمْ مَا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْحَدِيثِ لَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ غَيْرِ الْمُفْهِمِ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْمُفْهِمُ فَأَجَابَ بِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِالْمُفْهِمِ لَيْسَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ بَلْ فِي عُرْفٍ خَاصٍّ بِالنُّحَاةِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ

ص: 243

فِي حَيَاتِهِ مِمَّنْ نَادَاهُ، وَالتَّلَفُّظُ بِقُرْبَةٍ كَنَذْرٍ، وَعِتْقٍ بِلَا تَعْلِيقٍ، وَخِطَابٍ (وَلَوْ) كَانَ النَّاطِقُ بِذَلِكَ (مُكْرَهًا) لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا. (لَا بِقَلِيلِ كَلَامٍ) حَالَةَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا لَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (أَوْ سَبَقَ) إلَيْهِ (لِسَانُهُ، أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) فِيهَا، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ فِيهَا (وَقَرُبَ إسْلَامُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي اصْطِلَاحِهِمْ. اهـ. ز ي.

(قَوْلُهُ: فِي حَيَاتِهِ) أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ إجَابَةِ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ شَقَّ عَدَمُ إجَابَتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ حِينَئِذٍ، بَلْ تَحْرُمُ فِي الْفَرْضِ، فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا وَتَجُوزُ فِي النَّفْلِ، وَتَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ وَالْإِجَابَةُ فِيهِ أَوْلَى إنْ شَقَّ عَلَيْهِمَا عَدَمُهَا، وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَسَيِّدِنَا عِيسَى تَجِبُ إجَابَتُهُ وَتَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ، ح ل وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ وَيَجِبُ إنْذَارُ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَإِجَابَةُ الْمُصَلِّي عِيسَى عِنْدَ نُزُولِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَإِجَابَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَلَا تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَثُرَ وَلَزِمَ عَلَيْهِ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ كَمَا فِي م ر.

(قَوْلُهُ: مِمَّنْ نَادَاهُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا تَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ. اهـ. ع ش وَالسُّؤَالُ كَالْمُنَادَاةِ كَمَا فِي إجَابَةِ الصَّحَابَةِ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ أَمَّا خِطَابُهُ ابْتِدَاءً فَتَبْطُلُ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ تَرَدُّدٍ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ نَادَى وَاحِدًا فَأَجَابَهُ آخَرُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إجَابَتُهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مِمَّنْ نَادَاهُ) أَيْ: وَلَوْ بِكَثِيرِ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَلَوْ مَعَ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ لِخِطَابِهِ وَإِذَا تَمَّتْ الْإِجَابَةُ بِالْفِعْلِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مَكَانَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُجِيبُ إمَامًا وَلَزِمَ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْقَوْمِ أَوْ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ حَالًا أَوْ عِنْدَ التَّلَبُّسِ بِالْمُبْطِلِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِجَابَةِ أَوْ يُغْتَفَرُ لَهُ عَوْدُهُ إلَى مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُمْ مُتَابَعَتُهُ فِي مَحَلِّهِ الْآنَ كَشِدَّةِ الْخَوْفِ؟ قَالَ م ر: الْقَلْبُ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ وَفِيهِ بُعْدٌ، وَالْوَجْهُ الْمَيْلُ إلَى الثَّانِي اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَنَذْرٍ وَعِتْقٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّلَفُّظَ بِالنَّذْرِ لَا يُبْطِلُ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ م ر ع ش وَالْمُرَادُ بِالنَّذْرِ غَيْرُ نَذْرِ اللَّجَاجِ، وَهُوَ نَذْرُ التَّبَرُّرِ الْمُنَجَّزِ كَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ، أَمَّا نَذْرُ اللَّجَاجِ فَمَكْرُوهٌ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: بِلَا تَعْلِيقٍ وَخِطَابٍ) أَيْ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالتَّعْلِيقُ نَحْوُ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ كَذَا وَالْخِطَابُ نَحْوُ عَبْدِي حُرٌّ إنْ فَعَلْت كَذَا (قَوْلُهُ: لَا بِقَلِيلِ كَلَامٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ، وَضَابِطُ الْقَلِيلِ سِتُّ كَلِمَاتٍ عُرْفِيَّةٍ فَأَقَلُّ ق ل أَيْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَوْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِكَلَامِهِ سَاهِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ م ر وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَكَلَ يَسِيرًا نَاسِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَهَا بِهَذَا الْأَكْلِ، فَبَلَعَ بَقِيَّةَ الْمَأْكُولِ عَمْدًا ع ش وَقَوْلُ م ر: لَمْ تَبْطُلْ هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا كَلَامٌ كَثِيرٌ مُتَوَالٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْكَثِيرِ سَهْوًا وَهُوَ مُبْطِلٌ، ثُمَّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ هُنَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْبُطْلَانَ فَأَكَلَ عَامِدًا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ، فَأَكْلُهُ يَدُلُّ عَلَى تَهَاوُنِهِ فَأَبْطَلَ، وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَفُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ الْعَمْدِ كَالْحَرْفِ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مُغْتَفَرٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ عَمْدًا فَلَا يُغْتَفَرُ فِي الصَّوْمِ ع ش.

(قَوْلُهُ: نَاسِيًا لَهَا) أَيْ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ نِسْيَانِ تَحْرِيمِهِ فِيهَا فَإِنَّهُ كَنِسْيَانِ النَّجَاسَةِ عَلَى نَحْوِ ثَوْبِهِ، شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ سَبَقَ إلَيْهِ) أَيْ الْقَلِيلُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: تَحْرِيمَهُ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ: مَا أَتَى بِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ صَلَاةِ نَحْوِ الْمُبَلِّغِ وَالْفَاتِحِ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ وَلِفَتْحِ الْجَاهِلِ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ امْتِنَاعَ جِنْسِ الْكَلَامِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. وَزَادَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْغَايَةِ: بَلْ يَنْبَغِي صِحَّةُ صَلَاتِهِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ يَنْشَأْ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ لِمَزِيدِ خَفَاءِ ذَلِكَ. اهـ إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ) يُشْكِلُ بِأَنَّ الْجِنْسَ لَا تَحَقُّقَ لَهُ إلَّا فِي ضِمْنِ أَفْرَادِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِ الْكَلَامِ لَا يَحْرُمُ لِكَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَإِنْ أَرَادَ إمَامُهُ أَنْ يَقُومَ فَقَالَ لَهُ: اُقْعُدْ. أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ حَقِيقَتَهُ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَعْلَمَ حُرْمَةَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ حُرْمَةَ مَا أَتَى بِهِ شَيْخُنَا ع ش اهـ إطْفِيحِيٌّ. وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ الْحَقِيقَةُ فِي ضِمْنِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ.

ص: 244

أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ) بِخِلَافِ مَنْ بَعُدَ إسْلَامُهُ، وَقَرُبَ عَنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ (وَلَا بِتَنَحْنُحٍ لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ) لَا لِتَعَذُّرِ غَيْرِهِ كَجَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّنَحْنُحِ لَهُ (وَلَا بِقَلِيلِ نَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ التَّنَحْنُحِ مِنْ ضَحِكٍ، وَغَيْرِهِ، (لِغَلَبَةٍ) ، وَخَرَجَ بِقَلِيلِهِ، وَقَلِيلِ مَا مَرَّ كَثِيرُهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ، وَقَوْلِي:" أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ " مِنْ زِيَادَتِي، وَكَذَا التَّقْيِيدُ فِي الْغَلَبَةِ بِالْقَلِيلِ، وَتُعْرَفُ الْقِلَّةُ، وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ، وَقَوْلِي:" رُكْنٌ قَوْلِيٌّ " أَعَمُّ، وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقِرَاءَةِ.

. (، وَلَا) تَبْطُلُ (بِذِكْرٍ، وَدُعَاءٍ) غَيْرِ مُحَرَّمٍ (إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ بِهِمَا) كَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي، وَرَبِّك، أَوْ لِعَاطِسٍ: رَحِمَكَ اللَّهُ، فَتَبْطُلُ بِهِ بِخِلَافِ رحمه الله، وَخِطَابِ اللَّهِ، وَرَسُولِهِ، كَمَا عُلِمَ مِنْ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَذَكَرْتُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَغَيْرِهِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ (وَلَا بِنَظْمِ قُرْآنٍ بِقَصْدِ تَفْهِيمٍ، وَقِرَاءَةٍ) كَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُ فِي أَخْذِ شَيْءٍ أَنْ يَأْخُذَهُ، كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ، فَإِنْ قَصَدَ فَقَطْ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ) ، الْمُرَادُ الْعَالِمِينَ بِذَلِكَ الْحُكْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ عُرْفًا وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهَا فِي الْحَجِّ تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ. حَجّ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا بِتَنَحْنُحٍ لِتَعَذُّرِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ) ، أَيْ مُشْتَمِلٍ عَلَى حَرْفَيْنِ، أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ، أَوْ حَرْفٍ وَمَدَّةٍ، وَإِلَّا فَالصَّوْتُ الْغُفْلُ أَيْ الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ لَا عِبْرَةَ بِهِ. وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ وَإِنْ كَثُرَ التَّنَحْنُحُ وَظَهَرَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ: نَعَمْ التَّنَحْنُحُ لِلْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ لَا يُبْطِلُهَا وَإِنْ كَثُرَ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَوَاهِرِ. وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ الضَّحِكُ وَبَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ. وَقَوْلُهُ: لِغَلَبَةٍ وَإِنْ ظَهَرَ مَعَ كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ ذَلِكَ حَرْفَانِ. وَلَا يَنْبَغِي عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالْقَلِيلِ فِي جَانِبِ الْغَلَبَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْغَلَبَةَ تَأْتِي فِي التَّنَحْنُحِ وَالسُّعَالِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ حَالَةٌ يَخْلُو فِيهَا عَنْ ذَلِكَ وَهِيَ تَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ انْتِظَارُهَا وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ) الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ هُنَا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَلَا يُعْذَرُ فِي تَنَحْنُحٍ لِقِرَاءَةِ سُورَةٍ نَذَرَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ، إذْ لَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا مَعَ عِلْمِهِ بِهَا لَمْ تَبْطُلْ بِذَلِكَ، عَلَى أَنَّ وُجُوبَ السُّورَةِ الْمَنْذُورَةِ عَارِضٌ لَا أَصْلِيٌّ ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ كَتَكْبِيرِ الِانْتِقَالِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي الْجُمُعَةِ، وَالْمُعَادَةِ مُطْلَقًا وَالْمَنْذُورَةِ جَمَاعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَثِيرُهُمَا) وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَإِنْ كَثُرَ التَّنَحْنُحُ وَنَحْوُهُ لِلْغَلَبَةِ فَظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ ظَهَرَ بِكُلِّ مَرَّةٍ مِنْ التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الصَّوْتَ الْغُفْلَ لَا عِبْرَةَ بِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ. وَفِي كَلَامِهِ وَلَوْ نَهَقَ كَالْحِمَارِ أَوْ صَهَلَ كَالْفَرَسِ أَوْ حَاكَى شَيْئًا مِنْ الطُّيُورِ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ ح ل. وَقَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَيْ لِقَطْعِ ذَلِكَ نَظْمَ الصَّلَاةِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا أَيْ كَوْنُ الْكَثِيرِ يُبْطِلُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ مَرَضًا مُزْمِنًا، فَإِنْ صَارَ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَمْ يَخْلُ زَمَنٌ مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ الصَّلَاةَ بِلَا نَحْوِ سُعَالٍ مُبْطِلٍ، لَمْ تَبْطُلْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ وَأَوْلَى) وَجْهُ الْأَعَمِّيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ، يَشْمَلُ الْقِرَاءَةَ وَغَيْرَهَا كَالتَّشَهُّدِ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ بِالْقِرَاءَةِ يَشْمَلُ الرُّكْنَ وَغَيْرَهُ، فَيُوهِمُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ السُّورَةِ، وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَلَا بِذِكْرٍ) هُوَ مَا مَدْلُولُهُ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ ح ل، وَهُوَ مَا وَضَعَهُ الشَّارِعُ لِيُتَعَبَّدَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَدُعَاءٍ) هُوَ مَا تَضَمَّنَ حُصُولَ شَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ نَصًّا فِيهِ كَقَوْلِهِ: كَمْ أَحْسَنْت إلَيَّ وَأَسَأْت، شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُحَرَّمٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلذِّكْرِ أَيْضًا، أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالذِّكْرُ الْمُحَرَّمُ بِأَنْ اشْتَمَلَ عَلَى أَلْفَاظٍ لَا يُعْرَفُ مَدْلُولُهَا، كَمَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ رَشِيدِيٌّ وَالدُّعَاءُ الْمُحَرَّمُ كَالدُّعَاءِ بِالْمُسْتَحِيلِ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ جَمِيعَ ذُنُوبِهَا.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ) أَيْ: غَيْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بِخِلَافِ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَا تَبْطُلُ بِهِ. شَرْحُ م ر وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِنَظْمِ قُرْآنٍ) أَيْ: لَمْ تُنْسَخْ تِلَاوَتُهُ، وَإِنْ نُسِخَ حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ: مُفْهِمًا بِهِ أَيْ بِجَمِيعِ اللَّفْظِ وَلَوْ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنْ قَصَدَ أَنْ يَقْرَأَ الْآيَةَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ. وَقَوْلُهُ: لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] وَلِمَنْ يَنْهَاهُ عَنْ أَخْذِ شَيْءٍ {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29] وَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ لِتِلْكَ الْآيَةِ ح ل وَمِثْلُهُ م ر (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ تَفْهِيمٍ وَقِرَاءَةٍ) . وَالْأَوْجَهُ مُقَارَنَةُ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ لِجَمِيعِ اللَّفْظِ، إذْ عُرُوُّهُ عَنْ بَعْضِهِ يُصَيِّرُ اللَّفْظَ أَجْنَبِيًّا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: كَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12] قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ أَنَّ مَا لَا يَصْلُحُ لِكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِفْهَامَ فَقَطْ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُفْهِمًا بِهِ إلَخْ) وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ يُعْمَلُ بِهَا، وَحُكْمُهَا حُكْمُ النُّطْقِ، إلَّا فِي الصَّلَاةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْحِنْثِ فِيمَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ إلَخْ)

ص: 245

كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ، وَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ، وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ مَا لَوْ أَتَى بِكَلِمَاتٍ مِنْهُ مُتَوَالِيَةٍ، مُفْرَدَاتُهَا فِيهِ دُونَ نَظْمُهَا كَقَوْلِهِ: يَا إبْرَاهِيمُ، سَلَامٌ، كُنْ فَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ فَرَّقَهَا، وَقَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ، نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ (وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ) ، وَلَوْ عَمْدًا بِلَا غَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرِمُ هَيْئَتَهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي أَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ يُبْطِلُ عَمْدُهُ.

. (وَسُنَّ لِرَجُلٍ تَسْبِيحٌ) أَيْ: قَوْلُ: سُبْحَانَ اللَّهِ (وَلِغَيْرِهِ) مِنْ امْرَأَةٍ، وَخُنْثَى (تَصْفِيقٌ) بِضَرْبِ بَطْنِ كَفٍّ، أَوْ ظَهْرِهَا عَلَى ظَهْرِ أُخْرَى، أَوْ ضَرْبِ ظَهْرِ كَفٍّ عَلَى بَطْنِ أُخْرَى (لَا بِ) ضَرْبِ (بَطْنٍ) مِنْهَا (عَلَى بَطْنٍ) مِنْ أُخْرَى بَلْ إنْ فَعَلَهُ لَاعِبًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قَلَّ لِمُنَافَاتِهِ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ ذَلِكَ لَهُمَا (إنْ نَابَهُمَا شَيْءٌ) فِي صَلَاتِهِمَا كَتَنْبِيهِ إمَامِهِمَا عَلَى سَهْوٍ، وَإِذْنِهِمَا لِدَاخِلٍ، وَإِنْذَارِهِمَا أَعْمَى خَشِيَا وُقُوعَهُ فِي مَحْذُورٍ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» ، وَيُعْتَبَرُ فِي التَّسْبِيحِ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الذِّكْرَ، وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ كَنَظِيرِهِ السَّابِقِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ، وَلَوْ صَفَّقَ الرَّجُلُ، وَسَبَّحَ غَيْرُهُ جَازَ مَعَ مُخَالَفَتِهِمَا السُّنَّةَ، وَالْمُرَادُ بَيَانُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لَا بَيَانُ حُكْمِ التَّنْبِيهِ، وَإِلَّا فَإِنْذَارُ الْأَعْمَى، وَنَحْوِهِ وَاجِبٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْذَارُ إلَّا بِالْكَلَامِ أَوْ بِالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ، وَجَبَ، وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.

. (وَ) ثَامِنُهَا (تَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَتَأْتِي هَذِهِ الْأَرْبَعُ فِي الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ بِالْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الْجَهْرِ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْمُبَلِّغِ، اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ) أَيْ: عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ، وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ الْقُرْآنُ ذُو الْأُسْلُوبِ الْعَجِيبِ الَّذِي أَعْجَزَ الْبُلَغَاءَ مُفْتَقِرًا فِي كَوْنِهِ قُرْآنًا إلَى قَصْدٍ، حَتَّى يَكُونَ مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ خَارِجًا عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ مَعَ ذَلِكَ الْأُسْلُوبِ، وَفِي سم عَلَى الْبَهْجَةِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ مَا نَصُّهُ " يُحْتَمَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْقُرْآنِ إلَّا بِالْقَصْدِ، لَا أَنَّ حَقِيقَةَ الْقُرْآنِ تَنْتَفِي عِنْدَ عَدَمِ الْقَصْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ) ، أَيْ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَقَيَّدَ فِيمَا بَعْدُ، فَتَأَمَّلْ، وَحَرِّرْ، تَأَمَّلْنَاهُ وَحَرَّرْنَاهُ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ، أَيْ بِمَجْمُوعِهَا؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ بِهَذَا النَّظْمِ لَيْسَ قُرْآنًا وَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَقَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَةَ، أَيْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا مُنْفَرِدَةً عَنْ الْبَقِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَّقَهَا) أَيْ أَوْ جَمَعَهَا، فَالتَّفْرِيقُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَقَوْلُهُ: وَقَصَدَ بِهَا أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا الْقِرَاءَةَ، أَيْ وَحْدَهَا فَإِنْ قَصَدَ مَعَهَا التَّفْهِيمَ ضَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ) أَيْ: أَوْ نَوْمِ الْمُتَمَكِّنِ ز ي وَهُوَ اسْتِئْنَافٌ لُغَوِيٌّ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي النُّطْقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: وَتَرْكُ نُطْقٍ. (قَوْلُهُ: لَا يَخْرِمُ) بَابُهُ ضَرَبَ، اهـ. مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ، فَالْمُرَادُ التَّطْوِيلُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ ح ل، فَلَمَّا أَطْلَقَ الْمَتْنَ هُنَا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلرُّكْنِ الْقَصِيرِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَمُرَادُهُ تَقْيِيدُ الْمَتْنِ بِمَا ذُكِرَ

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لِرَجُلٍ إلَخْ) وَالتَّنْبِيهُ الْمَذْكُورُ: مَنْدُوبٌ لِمَنْدُوبٍ كَتَنْبِيهِ الْإِمَامِ عَلَى سَهْوٍ، وَمُبَاحٌ لِمُبَاحٍ كَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ، وَوَاجِبٌ لِوَاجِبٍ كَإِنْذَارِ أَعْمَى إنْ تَعَيَّنَ شَرْحُ م ر. وَحَرَامٌ لِحَرَامٍ، كَالتَّنْبِيهِ لِشَخْصٍ يُرِيدُ قَتْلَ غَيْرِهِ ظُلْمًا، وَمَكْرُوهٌ لِمَكْرُوهٍ، كَالتَّنْبِيهِ لِلنَّظَرِ الْمَكْرُوهِ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ امْرَأَةٍ) وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْمَحَارِمِ وَقَوْلُهُ: تَصْفِيقٌ أَيْ، وَإِنْ كَثُرَ وَتَوَالَى عِنْدَ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ نَحْوِ دَفْعِ الْمَارِّ. وَقَوْلُهُ: بَلْ إنْ فَعَلَهُ لَاعِبًا إلَخْ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، بَلْ فِيمَا قَبْلَهَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِهَا؛ لِأَنَّ قَصْدَ اللَّعِبِ غَالِبًا لَا يَكُونُ إلَّا فِي ذَلِكَ، وَقَدْ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ أَقَامَ لِشَخْصٍ إصْبَعَهُ الْوُسْطَى لَاعِبًا مَعَهُ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَشَمِلَ مَا لَوْ كَثُرَ مِنْهَا وَتَوَالَى وَزَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ عِنْدَ حَاجَتِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ، كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْمَارِّ وَإِنْقَاذِ نَحْوِ الْغَرِيقِ، بِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهَا خَفِيفٌ، فَأَشْبَهَ تَحْرِيكَ الْأَصَابِعِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حُكٍّ، إنْ كَانَتْ كَفُّهُ قَارَّةً، كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارَّةً، أَشْبَهَ تَحْرِيكَهَا لِلْجَرَبِ بِخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك (قَوْلُهُ: لَا بِبَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ) قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَالتَّصْفِيقُ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَا لِمَصْلَحَةٍ حَرَامٌ، بِخِلَافِ تَصْفِيقِ الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِي التَّسْبِيحِ إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ فِي التَّصْفِيقِ قَصْدُ الْإِعْلَامِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَفَّقَ الرَّجُلُ إلَخْ) وَإِنْ كَثُرَ وَتَوَالَى لَمْ يَضُرَّ ح ل، وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بُعْدُ إحْدَى الْيَدَيْنِ عَنْ الْأُخْرَى وَعَوْدُهَا إلَيْهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُصَرِّحُ بِهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ وَبِهِ فَارَقَ دَفْعَ الْمَارِّ، اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بَيَانُ التَّفْرِقَةِ إلَخْ) فَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَسُنَّ لِرَجُلٍ إلَخْ وَسَنُّ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ فِي التَّنْبِيهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّصْفِيقِ، أَيْ سُنَّ أَنْ يَكُونَ تَنْبِيهُ الرَّجُلِ بِالتَّسْبِيحِ، وَتَنْبِيهُ غَيْرِهِ بِالتَّصْفِيقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّنْبِيهَ مِنْ حَيْثُ هُوَ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ قَالَ: وَسُنَّ لِرَجُلٍ إلَخْ مَعَ أَنَّ التَّنْبِيهَ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا؟ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِلَّا يَكُنْ الْمُرَادُ بَيَانَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا، بَلْ بَيَانَ حُكْمِ التَّنْبِيهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ إنْذَارَ الْأَعْمَى إلَخْ، فَحَذَفَ جَوَابَ الشَّرْطِ وَأَقَامَ دَلِيلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنْذَارُ الْأَعْمَى إلَخْ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ) . هَلْ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ؟ ح ل وَالظَّاهِرُ نَعَمْ ح ف

(قَوْلُهُ: تَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ) أَيْ: جِنْسِهِ، فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ، فَيُطَابِقُ الدَّلِيلُ الْمُدَّعَى، وَالدَّلِيلُ قَوْلُ الشَّارِحِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ

ص: 246

فِعْلِيٍّ عَمْدًا) فَتَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ؛ لِتَلَاعُبِهِ بِخِلَافِهَا سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلَمْ يُعِدْهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُغْتَفَرُ الْقُعُودُ الْيَسِيرُ قَبْلَ السُّجُودِ، وَبَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ اعْتَدَلَ مِنْ الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الزَّائِدِ، وَأَنَّهُ لَوْ رَكَعَ، أَوْ سَجَدَ قَبْلَ إمَامِهِ، وَعَادَ إلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ، وَخَرَجَ بِالْفِعْلِيِّ الْقَوْلِيُّ كَتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي. (، وَتَرْكُ فِعْلِ فُحْشٍ) كَوَثْبَةٍ فَتَبْطُلُ بِهِ، وَلَوْ سَهْوًا صَلَاتُهُ لِمُنَافَاتِهِ لَهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

خَمْسًا» ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ رَكْعَةٍ، أَوْ يُقَالُ: إذَا كَانَتْ زِيَادَةُ رَكْعَةٍ سَهْوًا لَا تُبْطِلُ، فَزِيَادَةُ الرُّكْنِ أَوْلَى، وَالْمُرَادُ زِيَادَةُ رُكْنٍ لِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عَمْدًا) أَيْ: عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ فِيهِ إنْ كَانَ مَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا مُعْتَدًّا بِهِ، وَأَمَّا لَوْ سَجَدَ عَلَى مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، ثُمَّ رَفَعَ وَسَجَدَ ثَانِيًا لَمْ يَضُرَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ عَدَمِ ضَرَرِهِ، إذَا لَمْ يَطُلْ زَمَنُ سُجُودِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ خَشِنٍ، وَتَحَامَلَ أَيْ وَاطْمَأَنَّ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ خَوْفًا مِنْ جَرْحِ جَبْهَتِهِ، ثُمَّ سَجَدَ ثَانِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِلِاعْتِدَادِ بِسُجُودِهِ الْأَوَّلِ، أَيْ حَيْثُ عَلِمَ بِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ حَرِّرْ.

قُلْت: الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَزَعَ إنْ قَارَنَ الرَّفْعَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ؛ لِوُجُودِ الصَّارِفِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ ثَانِيًا وَإِلَّا فَلَا، أَيْ مَحَلُّ الْبُطْلَانِ عِنْدَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُقَارِنْ الرَّفْعَ الْفَزَعُ، فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِالرَّفْعِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ لِيَرْفَعَ مِنْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَدْرَكَ مَسْبُوقٌ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى فَسَجَدَهَا مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَأَحْدَثَ وَانْصَرَفَ امْتَنَعَ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَسْجُدَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ رُكْنٍ لِغَيْرِ الْمُتَابَعَةِ فَإِنْ سَجَدَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِمَنْعِهَا ح ل (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ بِهَا) أَيْ: بِالزِّيَادَةِ قَالَ م ر كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ لِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ، اهـ. قَالَ ع ش: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ انْحَنَى إلَى حَدٍّ لَا تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ، بِأَنْ صَارَ لِلرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ لِلْقِيَامِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوعًا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّهُ مَتَى انْحَنَى حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لِتَلَاعُبِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السُّجُودِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا سَهْوًا) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمِعَ الْمَأْمُومُ وَهُوَ قَائِمٌ تَكْبِيرًا فَظَنَّ أَنَّهُ إمَامُهُ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ لِلْهُوِيِّ، وَحَرَّكَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ، فَكَفَّ عَنْ الرُّكُوعِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ النِّسْيَانِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَئِمَّةُ بِالْمَسْجِدِ فَسَمِعَ الْمَأْمُومُ تَكْبِيرًا، فَظَنَّهُ تَكْبِيرَ إمَامِهِ فَتَابَعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ فَيَرْجِعُ إلَى إمَامِهِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا فَعَلَهُ لِلْمُتَابَعَةِ لِعُذْرٍ فِيهِ وَإِنْ كَثُرَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعِدْهَا) هُوَ لِلتَّتْمِيمِ وَالْإِيضَاحِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ كَافٍ فِي صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ سَهْوًا لَا تُبْطِلُ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ الْقُعُودُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي اسْتِثْنَاءِ صُوَرٍ خَمْسَةٍ لَا تَضُرُّ فِيهَا الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقُعُودَ عَلَى صُورَةِ رُكْنٍ هُوَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ م ر: وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِلْسَةَ عُهِدَتْ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ رُكْنٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ الرُّكُوعِ لَمْ يُعْهَدْ فِيهَا إلَّا رُكْنًا فَكَانَ تَأْثِيرُهُ فِي تَغْيِيرِ نَظْمِهَا أَشَدَّ اهـ وَقَوْلُهُ: الْيَسِيرُ قَالَ حَجّ: بِأَنْ كَانَ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ مَا يَسَعُ ذِكْرُهُ وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى طُمَأْنِينَةِ الصَّلَاةِ قَالَ ح ل وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرُّكْنِيَّةَ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي صَلَاةٍ، فَهَوَى لِلسُّجُودِ، فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرَّاكِعِ بَدَا لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ وَرَجَعَ لِلْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ عَادَ لِلْقِيَامِ؛ لِأَنَّ الْهُوِيَّ بِقَصْدِ السُّجُودِ لَا يَقُومُ مَقَامَ هُوِيِّ الرُّكُوعِ، اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) أَيْ: وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ حَجّ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) بَدَلٌ مِنْ أَنَّهُ الْأُولَى الْوَاقِعَةِ فَاعِلَ يَأْتِي، وَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ، وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَزِمَتْهُ مُتَابَعَتُهُ دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ أَنَّ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ رَكَعَ إلَخْ) وَلَوْ عَمْدًا وَالْأَوَّلُ مُعْتَدٌّ بِهِ، وَالثَّانِي لِلْمُتَابَعَةِ شَوْبَرِيٌّ. وَالْعَوْدُ سُنَّةٌ عِنْدَ الْعَمْدِ وَعِنْدَ السَّهْوِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ. (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ فِعْلِ فُحْشٍ) مَا لَمْ يَكُنْ فَزَعًا مِنْ نَحْوِ حَيَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ لِعُذْرِهِ ع ش أَيْ؛ لِأَنَّهَا كَشِدَّةِ الْخَوْفِ، وَتَرْكُ الْفِعْلِ مُعْتَبَرٌ مِنْ أَوَّلِ الشُّرُوعِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَلَوْ فَعَلَ مُبْطِلًا قَبْلَ تَمَامِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، كَثَلَاثِ خُطُوَاتٍ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ يَتَبَيَّنُ دُخُولُهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِمَا رَأَيْتُهُ فِي فَتْوَى عَنْ خَطِّهِ، اهـ. سم وَعِ ش عَلَى م ر وح ف.

وَالْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ، وَعُدَّ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ شَرْطًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَرْكُ فِعْلٍ مُبْطِلٍ وَغَايَةُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ يُقَيَّدُ بِالْعَمْدِ وَإِنْ كَانَ

ص: 247

وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ. (أَوْ) فِعْلٍ (كَثُرَ مِنْ غَيْرُ جِنْسِهَا) فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ (عُرْفًا) كَثَلَاثِ خُطُوَاتٍ (وَلَاءً) فَتَبْطُلُ بِهِ وَلَوْ سَهْوًا صَلَاتُهُ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ كَخُطْوَتَيْنِ، وَالْكَثِيرِ الْمُتَفَرِّقِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى، وَهُوَ حَامِلُ أُمَامَةَ فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَكَالْكَثِيرِ مَا لَوْ نَوَى ثَلَاثَةَ أَفْعَالٍ وَلَاءً، وَفَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَلِيلِ الْفِعْلُ بِقَصْدِ اللَّعِبِ فَتَبْطُلُ بِهِ، كَمَا مَرَّ (لَا إنْ خَفَّ) الْكَثِيرُ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ مِرَارًا بِلَا حَرَكَةِ كَفِّهِ فِي سُبْحَةٍ إلْحَاقًا لَهُ بِالْقَلِيلِ فَإِنْ حَرَّكَ كَفَّهُ فِيهَا ثَلَاثًا وَلَاءً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا يُبْطِلُ مُطْلَقًا وَلِهَذَا أَعَادَ الْعَامِلَ بِقَوْلِهِ: وَتَرْكُ إلَخْ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى إلَخْ) أَيْ: وَأَعَمُّ؛ لِأَنَّ الْوَثْبَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فَاحِشَةً، وَلِشُمُولِهِ غَيْرَ الْوَثْبَةِ مِمَّا فَحُشَ كَتَحْرِيكِ جَمِيعِ بَدَنِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْفَاحِشَةَ فِي كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَالصِّفَةِ الْكَاشِفَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ كُلَّ مَا فَحُشَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَثْبَةِ، شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَثُرَ) أَيْ: يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ فِعْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهَا، شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا) فَإِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهَا فَإِنْ كَانَ عَمْدًا بَطَلَتْ وَلَوْ كَانَ فِعْلًا وَاحِدًا كَزِيَادَةِ الرُّكُوعِ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَلَا تَبْطُلُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ سَهْوًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ) وَفِي النَّفْلِ فِي السَّفَرِ وَتَقْيِيدُهُ بِهَذَا فِي الْكَثِيرِ، وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ بِهِ فِي الَّذِي فَحُشَ يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي فَحُشَ مُبْطِلٌ، وَلَوْ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: كَثَلَاثِ خُطُوَاتٍ) جَمْعُ خَطْوَةٍ، بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمَرَّةُ، وَبِضَمِّهَا مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ وَهِيَ هُنَا نَقْلُ الْقَدَمِ الْوَاحِدَةِ إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، فَإِنْ نُقِلَتْ الْأُخْرَى عُدَّتْ ثَانِيَةً شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ح ل وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إلَى أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، حَتَّى لَوْ رَفَعَ رِجْلَهُ لِجِهَةِ الْعُلْوِ، ثُمَّ لِجِهَةِ السُّفْلِ، عُدَّ ذَلِكَ خُطْوَتَيْنِ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّوَالِي فَإِنْ نُقِلَتْ الْأُخْرَى عُدَّتْ ثَانِيَةً، سَوَاءٌ سَاوَى بِهَا الْأُولَى أَمْ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا أَمْ أَخَّرَهَا عَنْهَا، وَكَتَحْرِيكِ ثَلَاثَةِ أَعْضَاءٍ عَلَى التَّوَالِي كَرَأْسِهِ وَيَدَيْهِ، اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النَّقْلَ لِجِهَةِ الْعُلْوِ، ثُمَّ لِجِهَةِ السُّفْلِ خَطْوَةٌ وَاحِدَةٌ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ز ي وَصَرَّحَ بِهِ ع ش عَلَى م ر وَقَرَّرَهُ ح ف.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَلِيلِ) وَلَوْ احْتِمَالًا لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْكَثِيرِ الْمُتَفَرِّقِ) ضَابِطُ التَّفَرُّقِ أَنْ يُعَدَّ الثَّانِي مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَوَّلِ فِي الْعَادَةِ وَفِي التَّهْذِيبِ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ رَكْعَةٍ؛ لِحَدِيثِ أُمَامَةَ سم شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَامِلُ أُمَامَةَ) يَجُوز فِي أُمَامَةَ أَنْ يُنْصَبَ بِمَا قَبْلَهُ، وَأَنْ يُخْفَضَ بِإِضَافَتِهِ، وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْفَتْحَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ وَقَدْ قُرِئَ إنَّ اللَّهَ بَالِغٌ أَمْرَهُ بِالْوَجْهَيْنِ شَوْبَرِيٌّ وَأُمَامَةُ بِنْتُ بِنْتِهِ زَيْنَبَ زَوْجَةِ أَبِي الْعَاصِ وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ بَعْدَ فَاطِمَةَ أَيْ تَزَوَّجَ أُمَامَةَ بِوَصِيَّةِ فَاطِمَةَ وَلَمْ تَخْتَلِفْ مِنْهُ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذَا سَجَدَ) أَيْ: أَرَادَ السُّجُودَ وَإِذَا قَامَ أَيْ أَرَادَ الْقِيَامَ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا» مَا نَصُّهُ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ «حَمَلَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ فِي صَلَاتِهِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَكَانَ إذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا» . قُلْت: إسْنَادُ الْحَمْلِ وَالْوَضْعِ إلَيْهِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ حَمْلَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى عَادَتِهَا تَتَعَلَّقُ بِهِ وَتَجْلِسُ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ لَا يَدْفَعُهَا، فَإِذَا كَانَ عَلَمُ الْخَمِيصَةِ يَشْغَلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ، حَتَّى اسْتَبْدَلَ بِهَا، فَكَيْفَ لَا تَشْغَلُهُ هَذِهِ، اهـ. بِحُرُوفِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا دَلِيلَ فِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْحَدِيثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا كَانَتْ تَتَعَلَّقُ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَدْفَعُهَا؛ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ كَمَالِ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَلَكِنْ إذَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ وَضَعَهَا فَيُسْتَدَلُّ بِوَضْعِهِ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الْكَثِيرَ الْغَيْرَ الْمُتَوَالِي لَا يَضُرُّ ع ش، لَكِنْ هَذَا الْجَوَابُ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا.

(قَوْلُهُ: وَفَعَلَ وَاحِدًا) وَكَالْأَفْعَالِ الْأَقْوَالُ، حَتَّى لَوْ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِحَرْفَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ، فَأَتَى بِأَحَدِهِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: بَلْ إنْ فَعَلَهُ لَاعِبًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَلَّ ع ش. (قَوْلُهُ: لَا إنْ خَفَّ إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ كَثُرَ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ خَفِيفًا، أَوْ بِعُذْرٍ. وَقَوْلُهُ: كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ أَيْ لَا بِقَصْدِ اللَّعِبِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لَهَا) أَيْ لِلْأَصَابِعِ أَيْ لِتَحْرِيكِهَا وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلتَّحْرِيكِ وَاكْتَسَبَ الْجَمْعِيَّةَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَالْأَوْلَى لَهُ كَمَا هُوَ بِالنُّسْخَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَرَّكَ كَفَّهُ إلَخْ) وَذَهَابُهَا، وَرُجُوعُهَا، وَوَضْعُهَا، وَرَفْعُهَا حَرَكَةٌ وَاحِدَةٌ أَيْ إنْ اتَّصَلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَإِلَّا فَكُلَّ مَرَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ، حَجّ ز ي بِخِلَافِ حَرَكَةِ الرِّجْلِ فَإِنَّ ذَهَابَهَا وَرُجُوعَهَا حَرَكَتَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْيَدِ أَنَّ الْيَدَ يُبْتَلَى بِتَحْرِيكِهَا كَثِيرًا بِخِلَافِ الرِّجْلِ؛ لِأَنَّ عَادَتَهَا السُّكُونُ. ح ف قَالَ ز ي

ص: 248

أَوْ اشْتَدَّ جَرَبٌ) بِأَنْ لَا يَقْدِرَ مَعَهُ عَلَى عَدَمِ الْحَكِّ فَلَا تَبْطُلُ بِتَحْرِيكِ كَفَّهُ لِلْحَكِّ ثَلَاثًا وَلَاءً لِلضَّرُورَةِ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَبِهَا صَرَّحَ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ.

. (وَ) تَاسِعُهَا (تَرْكُ مُفْطِرٍ، وَأَكْلُ كَثِيرٍ، أَوْ بِإِكْرَاهٍ) فَتَبْطُلُ بِكُلٍّ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، وَالثَّالِثُ قَلِيلَيْنِ كَبَلْعِ ذَوْبِ سُكَّرَةٍ، وَالثَّانِي مُفَرَّقًا سَهْوًا أَوْ جَهْلًا بِحُرْمَتِهِ لِإِشْعَارِ الْأَوَّلَيْنِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَنُدُورِ الثَّالِثِ. وَالْمَضْغُ مِنْ الْأَفْعَالِ فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ شَيْءٌ مِنْ الْمَمْضُوغِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

. (، وَسُنَّ أَنْ يُصَلِّيَ لِنَحْوِ جِدَارٍ) كَعَمُودٍ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْهُ فَلِنَحْوِ (عَصًا مَغْرُوزَةٍ) كَمَتَاعٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِخَبَرِ «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ، وَلَوْ بِسَهْمٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ (يَبْسُطُ مُصَلًّى) كَسَجَّادَةٍ بِفَتْحِ السِّينِ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْهُ (يَخُطُّ أَمَامَهُ) خَطًّا طُولًا، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ رَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» ، وَقِيسَ بِالْخَطِّ الْمُصَلَّى، وَقُدِّمَ عَلَى الْخَطِّ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ، (وَطُولُهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ (ثُلُثَا ذِرَاعٍ) فَأَكْثَرُ (وَبَيْنَهُمَا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَجْفَانَ بِالْأَصَابِعِ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ اللِّسَانَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا قَدْ يَقْتَضِيه كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ وَقَدْ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ اهـ وَكَذَا آذَانُهُ وَحَوَاجِبُهُ وَشَفَتَاهُ وَذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ، بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَدَّ جَرَبٌ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَالَةٌ يَخْلُو فِيهَا مِنْ هَذَا الْحَكِّ زَمَنًا يَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ انْتِظَارُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السُّعَالِ وَنَحْوِهِ فَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، اهـ. ع ش عَنْ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى

. (قَوْلُهُ: وَأُكُلٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ مَأْكُولٍ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَالْمَضْغُ مِنْ الْأَفْعَالِ، فَالْأَكْلُ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلْمَضْغِ قَالَ ع ش: وَلَا يَضُرُّ عَطْفُهُ عَلَى الْمُفْطِرِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفْطِرًا فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ فَتَعَيَّنَ ذِكْرُهُ، اهـ. فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِكْرَاهٍ) عَطْفٌ عَلَى كَثِيرٍ أَيْ أَوْ أَكْلٍ بِإِكْرَاهٍ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا. وَالْبَاءُ فِي بِإِكْرَاهٍ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ، لَكِنَّ مُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ أَنْ يَقُولَ: وَأَكْلٍ قَلِيلٍ بِإِكْرَاهٍ. وَحُكْمُ الْكَثِيرِ بِالْإِكْرَاهِ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: قَلِيلَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ إلَّا عَنْ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ إلَّا الْعَمْدُ، وَإِنْ قَلَّ وَالْمُفْطِرُ الْقَلِيلُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَالْأَكْلُ الْقَلِيلُ سَهْوًا لَا يُبْطِلُ قَطْعًا م ر وَهَذَا مَفْهُومُ الْمَتْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ وَمِثْلُهُ لَوْ جَرَى رِيقُهُ بِبَاقِي طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ، وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ كَمَا فِي الصَّوْمِ أَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ، وَعَجَزَ عَنْ إمْسَاكِهَا كَمَا فِي م ر أَمَّا مُجَرَّدُ الطَّعْمِ الْبَاقِي مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ فَلَا أَثَرَ لَهُ لِانْتِفَاءِ وُصُولِ الْعَيْنِ إلَى جَوْفِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي مُفَرَّقًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُفَرَّقًا سَهْوًا إلَخْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَكْلَ الْكَثِيرَ عَمْدًا وَإِنْ شَمِلَهُ الْمُفْطِرُ، لَكِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْأَكْلَ الْكَثِيرَ سَهْوًا أَوْ إكْرَاهًا، فَاحْتَاجَ إلَى عَطْفِ قَوْلِهِ: وَأُكُلٍ كَثِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ: مُفْطِرٌ ح ل فَمَتَى كَثُرَ الْأَكْلُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَمَّا لَوْ كَانَ نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ وَعُذِرَ بِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ قَطْعًا، وَإِنَّمَا لَمْ يُفْطِرْ كَثِيرُ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ ذَاتُ أَفْعَالٍ مَنْظُومَةٍ، وَالْكَثِيرُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا وَالصَّوْمُ كَفٌّ، وَلِتَلَبُّسِ الْمُصَلِّي بِهَيْئَةٍ يَبْعُدُ مَعَهَا النِّسْيَانُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ اهـ إطْفِيحِيٌّ

. (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ لِنَحْوِ جِدَارٍ) وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعُدَّ النَّعْشَ سَاتِرًا، إنْ قَرُبَ مِنْهُ فَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ اُعْتُبِرَ لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ أَمَامَهُ سُتْرَةً بِالشُّرُوطِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، وَمَرْتَبَةُ النَّعْشِ بَعْدَ الْعَصَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَعَمُودٍ) أَيْ، فَالْجِدَارُ وَالْعَمُودُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ ع ش (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ عَجَزَ) الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ عَدَمُ السُّهُولَةِ (قَوْلُهُ: عَصَا) يُرْسَمُ بِالْأَلِفِ؛ لِأَنَّهُ وَاوِيٌّ ع ش قَالَ الْفَرَّاءُ أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ بِالْعِرَاقِ هَذِهِ عَصَاتِي، وَإِنَّمَا هِيَ عَصَايَ كَمَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ. (قَوْلُهُ: طُولًا) هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِجَعْلِهِ عَرْضًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ) أَيْ، فَلْيَجْعَلْ وَجْهَهُ مُسْتَقْبِلًا لِشَيْءٍ ثَابِتٍ قَبْلُ كَالْعَمُودِ هَكَذَا يَنْبَغِي لِتَصْحِيحِ الْمَعْنَى فَلَيْسَ الشَّيْءُ مُتَنَاوِلًا لِلْمُصَلِّي، وَالْعَصَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ وَجْهِهِ لِجِدَارٍ مَثَلًا، فَلْيَنْصَبْ إلَخْ وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ الشَّيْءِ فِي الْحَدِيثِ مُتَنَاوِلًا لِلْمُصَلِّي أَيْضًا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى قَوْلِهِ: وَقِيسَ بِالْخَطِّ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُ الشَّيْءِ مُتَنَاوِلًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَنَاوِلًا لَهَا لَاقْتَضَى أَنَّهَا فِي رُتْبَةِ الْعَمُودِ وَالْجِدَارِ مَعَ أَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُمَا وَعَنْ الْعَصَا، فَتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا أَيْ ثَابِتًا قَبْلَ صَلَاتِهِ كَالْجِدَارِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ) أَيْ: فِي كَمَالِ ثَوَابِهِ ع ش وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: أَيْ فِي إذْهَابِ خُشُوعِهِ وَقَوْلُهُ: مَا مَرَّ لَمْ يَقُلْ مَنْ مَرَّ؛ لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ فَأَشْبَهَ غَيْرَ الْعَاقِلِ. (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالْخَطِّ) أَيْ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَقَدَّمَ أَيْ الْمُصَلِّي مَعَ كَوْنِهِ مَقِيسًا عَلَى الْخَطِّ. (قَوْلُهُ: ثُلُثَا ذِرَاعٍ) بِأَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ قَدْرَ ذَلِكَ وَامْتِدَادُ الْأَخِيرَيْنِ كَذَلِكَ، لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ لِقَدْرِهِمَا أَيْ الْأَخِيرَيْنِ، بَلْ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ ع ش عَلَى م ر. وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فِي كَلَامِ الْمِنْهَاجِ الْجِدَارُ وَالْعَمُودُ

ص: 249

أَيْ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْمُصَلِّي (ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ، فَأَقَلُّ) ، وَذَكَرَ سَنَّ الصَّلَاةِ إلَى الْمَذْكُورَاتِ مَعَ اعْتِبَارِ التَّرْتِيبِ فِيهَا، وَضَبْطُهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ، وَغَيْرِهِ إلَّا التَّرْتِيبَ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْأَضْبَطُ الْأَخِيرَيْنِ فَهُوَ الْقِيَاسُ، كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَإِذَا صَلَّى إلَى شَيْءٍ مِنْهَا.

(فَيُسَنُّ) لَهُ، وَلِغَيْرِهِ (دَفْعُ مَارٍّ) بَيْنَهُ، وَبَيْنَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي، وَالْخَطِّ مِنْهَا أَعْلَاهُمَا، وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» أَيْ: مَعَهُ شَيْطَانٌ أَيْ: هُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ، وَذِكْرُ سَنِّ الدَّفْعِ لِغَيْرِ الْمُصَلِّي مِنْ زِيَادَتِي، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ، وَغَيْرُهُ تَفَقُّهًا. (وَحَرُمَ مُرُورٌ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْعَصَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَطُولُهَا أَيْ طُولُ مَا لَهُ ارْتِفَاعٌ مِنْهَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ حَجّ. (قَوْلُهُ: ثُلُثَا ذِرَاعٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَرْضٌ ح ل. (قَوْلُهُ: أَيْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُصَلِّي) أَيْ بَيْنَ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ لَا عَقِبِهِ فِي حَقِّ الْقَائِمِ، وَعَلَى قِيَاسِهِ فِي الْقَاعِدِ أَنْ يَكُونَ مِنْ رُكْبَتَيْهِ ح ل وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ بُطُونِ الْقَدَمَيْنِ فِي حَقِّ الْمُسْتَلْقِي وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُزْءِ الَّذِي يَلِي الْقِبْلَةَ فِي الْمُضْطَجَعِ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ إلَخْ) بِالتَّدْرِيجِ كَالصَّائِلِ وَإِنْ أَدَّى دَفْعُهُ إلَى قَتْلِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا وَجَبَ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مُنْكَرٍ. أُجِيبَ بِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ الْمُنْكَرَ إنَّمَا تَجِبُ إزَالَتُهُ إذَا كَانَ لَا يَزُولُ إلَّا بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَالْمُنْكَرُ هُنَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ مُرُورِهِ م ر وَهَذَا أَيْ الدَّفْعُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ الْفِعْلِ الْقَلِيلِ ح ل وَلَمْ يَقُلْ: فَدَفْعُ مَارٍّ بِحَذْفِ الْعَامِلِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: أَنْ يُصَلِّيَ لِنَحْوِ جِدَارٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ دَفْعَ الْمَارِّ سُنَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ لِنَحْوِ جِدَارٍ، كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: دَفْعُ مَارٍّ) وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ، وَإِذَا دَفَعَ فَلْيُفَرَّقْ فَإِنْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، اهـ. ز ي وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: دَفْعُ مَارٍّ مَا لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ سُنَّةَ الْخُشُوعِ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِمُرُورِهِ كَالْجَاهِلِ وَالسَّاهِي وَالْغَافِلِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خِلَافًا لحج؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ لَا مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ يُمْنَعُ مِنْ ارْتِكَابِ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ.

(قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمَا بَعْضَهَا، فَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ، وَقَوْلُهُ: أَعْلَاهُمَا أَيْ لَا أَوَّلُهُمَا أَيْ فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ فِي قَوْلِهِ: وَبَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا أَيْ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ أَعْلَاهُمَا وَهُوَ الطَّرَفُ الَّذِي لِلْقِبْلَةِ يَعْنِي أَنَّا نَحْسِبُ الثَّلَاثَةَ أَذْرُعٍ الَّتِي بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالْمُصَلِّي مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِ الْمُصَلِّي إلَى آخِرِ السَّجَّادَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَ فَارِشَهَا تَحْتَهُ كَفَى، لَا أَنَّنَا نَحْسِبُهَا مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ إلَى أَوَّلِهَا حَتَّى لَوْ وَضَعَهَا قُدَّامَهُ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوَّلِهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ، لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوَّلِهَا تَقْرِيرُ شَيْخِنَا وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: أَعْلَاهُمَا وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى فَرْوَةٍ مَثَلًا طُولُهَا ثُلُثَا ذِرَاعٍ وَكَانَ إذَا سَجَدَ يَسْجُدُ عَلَى مَا وَرَاءَهَا مِنْ الْأَرْضِ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَقْدِيمِ الْفَرْوَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى مَوْضِعِ جَبْهَتِهِ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ عَلَى الْفَرْوَةِ فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر قَوْلُهُ: أَعْلَاهُمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ الْمُصَلِّي وَالْخَطُّ، وَكَانَ بَيْنَ قَدَمِ الْمُصَلِّي وَأَعْلَاهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ لَمْ يَكُنْ سُتْرَةً مُعْتَبَرَةً، وَلَا يُقَالُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَى قَدِمَهُ، وَيُجْعَلُ سُتْرَةً وَيُلْغَى حُكْمُ الزَّائِدِ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ م ر. وَمَالَ بِالْفَهْمِ إلَى أَنَّهُ يُقَالُ مَا ذُكِرَ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ الْأَوَّلُ، فَلْيُحَرَّرْ، اهـ. سم وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ: فَيُسَنُّ دَفْعُ مَارٍّ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَى شَيْءٍ) أَيْ: غَيْرِ آدَمِيٍّ وَبَهِيمَةٍ ح ل.

(قَوْلُهُ: يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ) أَيْ يَمْنَعُ النَّاسَ شَرْعًا مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ، بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَهُ شَيْطَانٌ) ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَجْسُرُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ، فَإِذَا مَرَّ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَافَقَهُ، شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ شَيْطَانٌ) أَيْ يَفْعَلُ فِعْلَ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ شَغْلِ الْمُسْلِمِ عَنْ الطَّاعَةِ، فَلَوْ دَفَعَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَيْ فِي حَالَةِ سَنِّ الدَّفْعِ، وَتَلِفَ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا مَا لَمْ يُعَدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ح ل، فَإِنْ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الضَّمَانِ، حَيْثُ عُدَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ، فَإِنَّ دَفْعَهُ يَكُونُ بِمَا يُمْكِنُهُ وَإِنْ أَدَّى إلَى اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ، حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَرِّ، بِأَنَّ الْجَرَّ لِنَفْعِ الْجَارِّ، لَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَجْرُورِ، ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ مُرُورٌ) وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ، أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ اهـ عَزِيزِيٌّ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَيُسَنُّ إلَخْ فَيَكُونُ مُرَتَّبًا عَلَى الصَّلَاةِ لِنَحْوِ جِدَارٍ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْإِتْيَانَ بِالْمُضَارِعِ، وَيَلْحَقُ بِالْمُرُورِ الْجُلُوسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمَدُّ رِجْلَيْهِ، وَاضْطِجَاعُهُ ع ش وَلَوْ أُزِيلَتْ سُتْرَتُهُ حَرُمَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا الْمُرُورُ، كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ

ص: 250

وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا آخَرَ لِخَبَرِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي - أَيْ: إلَى السُّتْرَةِ - مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا مِنْ الْإِثْمِ فَالْبُخَارِيُّ،، وَإِلَّا خَرِيفًا فَالْبَزَّارُ، وَالتَّحْرِيمُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمُصَلِّي بِصَلَاتِهِ فِي الْمَكَانِ، وَإِلَّا كَأَنْ وَقَفَ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَلَا حُرْمَةَ، بَلْ وَلَا كَرَاهَةَ، كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ فُرْجَةً أَمَامَهُ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ، بَلْ لَهُ خَرْقُ الصُّفُوفِ، وَالْمُرُورُ بَيْنَهَا لِيَسُدَّ الْفُرْجَةَ، كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَفِيهَا لَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ، أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا، أَيْ: أَوْ لَمْ تَكُنْ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا:" لَكِنْ يُكْرَهُ " مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ غَيْرِ الشَّدِيدَةِ قَالَ: وَإِذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْعَلَهَا مُقَابِلَةً لِيَمِينِهِ، أَوْ شِمَالِهِ، وَلَا يَصْمُدَ لَهَا بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ: لَا يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ.

. (وَكُرِهَ الْتِفَاتٌ) فِيهَا بِوَجْهِهِ لِخَبَرِ عَائِشَةَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ يَرَاهَا مُقَلِّدُهُ، وَلَا يَرَاهَا مُقَلِّدُ الْمَارِّ، تَحْرِيمُ الْمُرُورِ وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ، وَفِي تَحْرِيمِ الْمُرُورِ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِ الْمَارِّ، لَمْ يَبْعُدْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَذْهَبَ الْمُصَلِّي وَلَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ فَوَضَعَهَا غَيْرُهُ اُعْتُدَّ بِهَا، وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يَسْتَقْبِلُهُ وَيَرَاهُ م ر وَقَوْلُهُ: فَوَضَعَهَا غَيْرُهُ أَيْ بَعْدَ إذْنِهِ ح ل. وَانْظُرْ هَلْ هُوَ قَيْدٌ أَوْ لَا؟ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ.

(قَوْلُهُ: لَكَانَ أَنْ يَقِفَ) لَيْسَ هَذَا جَوَابًا وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ، لَوْ يَعْلَمُ بِالْحُرْمَةِ لَوَقَفَ أَرْبَعِينَ وَلَوْ وَقَفَهَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُ، شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ: لَيْسَ هَذَا جَوَابًا؛ لِأَنَّ كَوْنَ وُقُوفِهِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرًا لَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ بِالْإِثْمِ الَّذِي عَلَيْهِ بَلْ الْوُقُوفُ الْمَذْكُورُ خَيْرٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِثْمِ الَّذِي عَلَيْهِ فَلِهَذَا جُعِلَ جَوَابًا لِلَوْ الْمُقَدَّرَةِ، وَقُدِّرَ جَوَابٌ لِلَوْ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَرْبَعِينَ لِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَصْلُ جَمِيعِ الْأَعْدَادِ، أَيْ آحَادٍ عَشَرَاتٍ مِئَاتٍ أُلُوفٍ، فَلَمَّا أُرِيدَ التَّكْثِيرُ ضُرِبَتْ فِي عَشَرَةٍ. الثَّانِي أَنَّ كَمَالَ أَطْوَارِ الْإِنْسَانِ أَرْبَعُونَ كَالنُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ، وَكَذَا بُلُوغُ الْأَشُدِّ، اهـ. كَرْمَانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: خَيْرًا لَهُ) هَذَا خَبَرُ كَانَ، وَفِي رِوَايَةٍ بِرَفْعِ خَيْرٍ، وَعَلَيْهَا فَخَيْرٌ اسْمُ كَانَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً إلَّا أَنَّهَا وُصِفَتْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: اسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُهَا، فَتْحُ الْبَارِي. وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ. (قَوْلُهُ: مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصُرْ الْمُصَلِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِد مَحَلًّا يَقِفُ فِيهِ إلَّا بَابَ الْمَسْجِدِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا حَرُمَ الْمُرُورُ، وَسُنَّ لَهُ الدَّفْعُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ لِلْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْجُلُوسُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ وَهَذَا أَقْرَبُ.

(قَوْلُهُ: بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ) أَيْ: أَوْ شَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ ضَيِّقٍ، أَوْ بَابِ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَالْمَحَلِّ الَّذِي يَغْلِبُ مُرُورُ النَّاسِ فِيهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمَطَافِ قَالَ شَيْخُنَا ع ش وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ بِرُوَاقِ ابْنِ مَعْمَرٍ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلْمُرُورِ غَالِبًا، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا لَوْ وَقَفَ فِي مُقَابَلَةِ الْبَابِ، اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ فُرْجَةً) لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى السَّعَةِ وَلَوْ بِلَا خَلَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ لَوَسِعُوهُ، كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ ح ل. (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ خَرْقُ الصُّفُوفِ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَزَادَتْ عَلَى صَفَّيْنِ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ مِنْ تَخَطِّي الرِّقَابِ، حَيْثُ يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِصِفِّينَ؛ لِأَنَّ خَرْقَ الصُّفُوفِ فِي حَالِ الْقِيَامِ أَسْهَلُ مِنْ التَّخَطِّي؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ الْقُعُودِ ح ل (قَوْلُهُ: لِيَسُدَّ الْفُرْجَةَ) وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّينَ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّا لَا نَكْتَفِي فِي السُّتْرَةِ لِلْمُصَلِّي بِالصُّفُوفِ ح ل وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَفِيهَا إلَخْ) مُرَادُهُ بَيَانُ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَسُنَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ) أَيْ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ السُّتْرَةُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا ز ي (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَلَوْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَلَمْ يُكْرَهْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَا قَرَارٍ لَهَا لِوُجُوبِ إزَالَتِهَا فَهِيَ كَالْعَدَمِ. (قَوْلُهُ: فَالسُّنَّةُ إلَخْ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ وُقُوفُهُ عِنْدَ طَرَفِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَشْمَلُ الْمُصَلَّى كَالسَّجَّادَةِ؟ فَهَلْ السُّنَّةُ وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكْفِيَ كَوْنُ بَعْضِهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِيَمِينِهِ) وَهُوَ أَوْلَى أَيْ بِحَيْثُ تَسَامَتْ بَعْضُ بَدَنِهِ، وَلَا يُبَالِغُ فِي الِانْحِرَافِ عَنْهَا ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَصْمُدُ) وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ وَهُوَ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا» ح ل إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَمَامِ مَا قَابَلَ الْخَلْفَ فَيَصْدُقُ بِجَعْلِهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عَلَى الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي مِنْ جِهَتِهَا. وَقَالَ ع ش الْأَوْلَى عَنْ يَمِينِهِ لِشَرَفِ الْيَمِينِ

. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الْتِفَاتٌ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اللَّعِبَ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ م ر (قَوْلُهُ: بِوَجْهِهِ) أَيْ: فِي غَيْرِ الْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّ الْتِفَاتَهُ بِهِ مُبْطِلٌ. (قَوْلُهُ: هُوَ اخْتِلَاسٌ) أَيْ: سَبَبُ اخْتِلَاسٍ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ

ص: 251

(وَتَغْطِيَةُ فَمٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحُوهُ (وَقِيَامٌ عَلَى رِجْلٍ) وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ يُنَافِي الْخُشُوعَ (إلَّا لِحَاجَةٍ) فِي الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ كَانَ لَهَا لَمْ يُكْرَهْ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم اشْتَكَى فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ، وَهُوَ قَاعِدٌ فَالْتَفَتَ إلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إلَيْنَا» الْحَدِيثَ، وَخَبَرَ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» فَتَأْخِيرِي " لَا لِحَاجَةٍ " عَنْ الثَّلَاثَةِ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْأَصْلِ لَهُ عَلَى الْأَخِيرِ مِنْهَا، بَلْ قَدْ يُجْعَلُ قَيْدًا أَيْضًا فِيمَا يَأْتِي، أَوْ فِي بَعْضِهِ. (وَنَظَرٌ نَحْوَ سَمَاءٍ) مِمَّا يُلْهِي كَثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ، لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» ، وَخَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ ذَاتُ أَعْلَامٍ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ وَائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ» ، " وَنَحْوُ " مِنْ زِيَادَتِي (وَكَفُّ شَعَرٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ اخْتِطَافٌ بِسُرْعَةٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ حُصُولُ نَقْصٍ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ مِنْهَا شَيْئًا وَيَأْخُذُهُ قَالَ الطِّيبِيُّ: سُمِّيَ اخْتِلَاسًا تَصْوِيرًا لِقُبْحِ تِلْكَ الْفَعْلَةِ بِالْمُخْتَلِسِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مُقْبِلٌ عَلَى رَبِّهِ، وَالشَّيْطَانُ مُرْتَصِدٌ لَهُ، يَنْتَظِرُ فَوَاتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَإِذَا الْتَفَتَ فَقَدْ اغْتَنَمَ الشَّيْطَانُ الْفُرْصَةَ، وَقَدْ وَرَدَ «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ أَعْرَضَ عَنْهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «انْصَرَفَ عَنْهُ» ح ل (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ التَّغْطِيَةِ، وَذَكَرَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِهَا التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ الِاكْتِسَابَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُضَافُ صَالِحًا لِلْحَذْفِ، وَهُوَ هُنَا غَيْرُ صَالِحٍ لَهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ رَاجِعًا لِلْمَذْكُورِ وَهُوَ التَّغْطِيَةُ أَوْ نَظَرًا لِكَوْنِ التَّغْطِيَةِ سَتْرًا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ رُوِيَ) لَمْ يَقُلْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَنْسُوخٌ، فَلَا يَصِحُّ دَلِيلًا وَقَوْلُهُ: اشْتَكَى أَيْ مَرِضَ. (قَوْلُهُ: فَأَشَارَ إلَيْنَا) أَيْ: بِالْقُعُودِ فَقَعَدْنَا وَهُوَ تَتِمَّةُ الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ وَهُوَ مَنْسُوخٌ كَحَدِيثِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ، أَوْ أَجْمَعُونَ» شَوْبَرِيٌّ وَوَجْهُ النَّسْخِ أَنَّهُمْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الْقِيَامِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُمْ فَرْضًا وَالْقَادِرُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ لِعُذْرِهِ، اهـ. (قَوْلُهُ: فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ) وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْيَسَارَ لِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهَا لِدَفْعِ الْأَذَى ح ل وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ بِظَهْرِهَا، إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَبِبَطْنِهَا، إنْ تَيَسَّرَ أَيْضًا، وَإِلَّا، فَالْيَمِينُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ حَقِيقَةً، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْطَانَ جِسْمٌ فَكَيْفَ يَدْخُلُ فِي قَلْبِ بَنِي آدَمَ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّيَاطِينَ لَهُمْ قُوَّةُ التَّصَوُّرِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَوَّرَ بِصُورَةِ الْهَوَاءِ فَيَدْخُلَ حَقِيقَةً، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي مِثْلِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَجَازٌ عَمَّا يَحْصُلُ مِنْ الْخَوَاطِرِ النَّفْسَانِيَّةِ لِلْمُصَلِّي، وَلَعَلَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ عَلَى هَذَا تَصْوِيرٌ لِحَالِهِ بِحَالِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ يَقْصِدُهُ بِالْأَذَى، اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: فَتَأْخِيرِي) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِي الثَّلَاثَةِ لَا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى مَفْهُومِ الْأَخِيرِ، وَقَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْأَصْلِ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ صَحِيحٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي بَعْضِهِ) لَعَلَّ مَنْشَأَ التَّرَدُّدِ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي بَعْضِ مَا يَأْتِي هَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ أَوْ لَا ع ش (قَوْلُهُ: وَنَظَرُ نَحْوِ سَمَاءٍ) وَلَوْ بِدُونِ رَفْعِ رَأْسِهِ، وَعَكْسُهُ وَهُوَ رَفْعُ رَأْسِهِ بِدُونِ نَظَرٍ، كَذَلِكَ عَلَى مَا بَحَثَهُ الشَّوْبَرِيُّ فَيَشْمَلُ الْأَعْمَى كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ. (قَوْلُهُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ) أَبْهَمَهُمْ؛ لِأَنَّ النَّصِيحَةَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فَضِيحَةٌ شَوْبَرِيٌّ وَالِاسْتِفْهَامُ تَوْبِيخِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَيَنْتَهُنَّ إلَخْ) أَيْ لِيَكُنْ مِنْهُمْ انْتِهَاءٌ عَنْ رَفْعِ الْأَبْصَارِ إلَى السَّمَاءِ، أَوْ خَطْفٌ مِنْ اللَّهِ، اهـ. ح ل فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ تَهْدِيدًا لَهُمْ وَأَمَّا رَفْعُ الْبَصَرِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِلسَّمَاءِ لِلدُّعَاءِ فَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ اهـ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: خَمِيصَةٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ: كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ، وَالْأَنْبِجَانِيَّة بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ النُّونِ يَاءُ النِّسْبَةِ: كِسَاءٌ غَلِيظٌ لَا عَلَمَ لَهُ، وَقَالَ ثَعْلَبُ: يَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا وَكَذَا الْمُوَحَّدَةُ فَتْحُ الْبَارِي شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: قَالَ أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم بَيَانًا لِلْغَيْرِ وَإِلَّا فَهُوَ صلى الله عليه وسلم لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ اللَّهِ ع ش وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: أَلْهَتْنِي أَيْ كَادَتْ أَنْ تُلْهِيَنِي وَإِلَّا فَهُوَ صلى الله عليه وسلم لَا يُلْهِيهِ شَيْءٌ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ قَطُّ، أَوْ هُوَ تَعْلِيمٌ لِلْأُمَّةِ. (قَوْلُهُ: إلَى أَبِي جَهْمٍ) وَقِيلَ جُهَيْمٌ بِالتَّصْغِيرِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنَّمَا خَصَّ أَبَا جَهْمٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْهُ أَوَّلًا وَطَلَبَ مِنْهُ الْأَنْبِجَانِيَّةَ جَبْرًا لَهُ لِئَلَّا يَحْصُلَ لَهُ بِرَدِّهَا كَسْرٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: إلَى أَبِي جَهْمٍ أَيْ لِيَلْبَسَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا إشْكَالَ شَوْبَرِيٌّ وَاسْمُ أَبِي جَهْمٍ عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ الْقُرَشِيُّ الْمَدَنِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، تُوُفِّيَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ قَسْطَلَّانِيٌّ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَكَفُّ شَعْرٍ) مَحَلُّهُ فِي الرِّجَالِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ، وَتَغْيِيرٌ لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّجَمُّلِ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا شَرْحُ م ر وَمُرَادُهُ بِكَفِّهِمَا مَا يَشْمَلُ تَرْكَهُمَا مَكْفُوفَيْنِ، أَيْ وَلَوْ فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ لَكِنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا لَا تَشْمَلُهَا، وَالْحِكْمَةُ الشَّامِلَةُ لَهَا أَنَّهُ إذَا رَفَعَ ثَوْبَهُ

ص: 252

أَوْ ثَوْبٍ) لِخَبَرِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمَ، وَلَا أَكُفُّ ثَوْبًا وَلَا شَعْرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ.

(، وَبَصْقٌ أَمَامًا، وَيَمِينًا) لَا يَسَارًا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَيْ، وَلَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» ، وَهَذَا، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَمَّا فِيهِ فَيَحْرُمُ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا، بَلْ يَبْصُقُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ، وَيَحُكُّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ» ، وَيَبْصُقُ بِالصَّادِ، وَالزَّايِ، وَالسِّينِ. (وَاخْتِصَارٌ) بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ. لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمِثْلُهُمَا الْخُنْثَى (وَخَفْضُ رَأْسٍ) عَنْ ظَهْرٍ (فِي رُكُوعٍ) لِمُجَاوَزَتِهِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَحَذَفْتُ تَقْيِيدَ الْأَصْلِ الْخَفْضَ بِالْمُبَالَغَةِ تَبَعًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، وَغَيْرِهِ.

(، وَصَلَاةٌ بِمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) كَبَوْلٍ، وَغَائِطٍ، وَرِيحٍ. (وَبِحَضْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ (طَعَامٍ) مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ (يَتُوقُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ: يَشْتَاقُ (إلَيْهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ أَيْ: كَامِلَةً بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ أَيْ: الْبَوْلُ، وَالْغَائِطُ» ، وَتَعْبِيرِي بِمُدَافَعَةِ حَدَثٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَشَعْرَهُ عَنْ مُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ أَشْبَهَ الْمُتَكَبِّرَ شَوْبَرِيٌّ بِزِيَادَةٍ. نَعَمْ يَجِبُ كَفُّ شَعْرِ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى تَوَقَّفَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، اهـ. قِ ل (قَوْلُهُ: أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ إلَخْ) أَيْ: وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: وَلَا أَكُفَّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا أَيْ نَدْبًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ) أَيْ: حِكْمَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَفُّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْقَاعِدِ بِرْمَاوِيٌّ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: الْمُسْتَلْقِي بَدَلَ الْقَاعِدِ، وَالنَّهْيُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ ح ف

(قَوْلُهُ: وَبَصَقَ أَمَامًا وَيَمِينًا) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا، وَإِنَّمَا كُرِهَ الْبُصَاقُ عَلَى الْيَمِينِ إكْرَامًا لِلْمَلَكِ، وَلَمْ يُرَاعَ مَلَكُ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أُمُّ الْحَسَنَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا تَنَحَّى عَنْهُ مَلَكُ الْيَسَارِ إلَى فَرَاغِهِ مِنْهَا إلَى مَحَلٍّ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَالْبُصَاقُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْقَرِينِ وَهُوَ الشَّيْطَانُ شَرْحُ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَوْلُهُ: إكْرَامًا لِلْمَلَكِ، إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي عَلَى أَنَّ فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ وَقْفَةً، لَمْ تَكُنْ عَنْ تَوْقِيفٍ وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَا بُعْدَ فِي مُرَاعَاةِ مَلَكِ الْيَمِينِ دُونَ مَلَكِ الْيَسَارِ إظْهَارًا لِشَرَفِ الْأَوَّلِ اهـ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَيَمِينًا أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا، لَكِنْ حَيْثُ كَانَ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاتِهِ مُسْتَقْبِلًا، كَمَا بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ مُتَوَجِّهًا لِلْقِبْلَةِ، إكْرَامًا لَهَا م ر (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ يَبْصُقُ فِي كُمِّهِ جِهَةَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مَدْفُونٌ جِهَةَ الْيَسَارِ، اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا) أَيْ: فَهِيَ دَافِعَةٌ لِابْتِدَاءِ الْإِثْمِ وَدَوَامِهِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ ز ي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ هَيَّأَ لَهَا مَوْضِعًا، قَبْلَ بَصْقِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ قَاطِعٌ لِدَوَامِهِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا أَيْ بِنَحْوِ تُرَابٍ وَأَمَّا الْمُبَلَّطُ فَإِنْ أَمْكَنَ دَلْكُهَا فِيهِ، بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ أَلْبَتَّةَ، كَانَ كَدَفْنِهَا وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي التَّقْذِيرِ وَمَحَلُّ كَوْنِ دَفْنِهَا بِنَحْوِ تُرَابٍ كَافِيًا، إذَا لَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ، وَلَمْ يَتَأَذَّ بِهَا مَنْ فِي الْمَسْجِدِ بِنَحْوِ إصَابَةِ أَثْوَابِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ فَهِيَ أَيْ الْكَفَّارَةُ دَافِعَةً لِلْإِثْمِ أَيْ قَاطِعَةً لِدَوَامِهِ إنْ تَقَدَّمَ الْبُصَاقُ عَلَى الدَّفْنِ فَإِنْ كَانَ عَقِبَهُ كَمَا لَوْ حَفَرَ تُرَابًا وَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ التُّرَابَ عَلَى بُصَاقِهِ كَانَ دَافِعًا لِإِثْمِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا، اهـ. (قَوْلُهُ: فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ بِالْأَجْنَبِيِّ لِحَاجَةٍ، اهـ. ح ف.

قَوْلُهُ: «نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا» الصَّلَاةَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ بَلْ خَارِجَهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، وَفِعْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ خَارِجَهَا، وَفِعْلُ النِّسَاءِ وَالْمُخَنَّثِينَ لِلْعُجْبِ، وَلَمَّا صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ إبْلِيسَ هَبَطَ مِنْ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ سم

. (قَوْلُهُ: بِمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) ، فَالسُّنَّةُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَرْضِ بِطُرُوِّ ذَلِكَ لَهُ فِيهِ، إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ ضَرَرٍ بِكَتْمِهِ، يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، فَلَهُ حِينَئِذٍ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْ الْوَقْتِ. وَالْعِبْرَةُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ بِوُجُودِهِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ وَيُلْحَقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ عَرَضَ لَهُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ، وَزَالَ وَعُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَعُودُ لَهُ فِي أَثْنَائِهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَبِحَضْرَةِ طَعَامٍ) أَيْ: أَوْ قُرْبِ الْحُضُورِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ بِمِقْدَارِ الصَّلَاةِ حَرَّرَ ح ل. (قَوْلُهُ: أَيْ يَشْتَاقُ إلَيْهِ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ مِنْ التَّوْقِ، وَإِلَّا فَهُوَ شِدَّةُ الشَّوْقِ، اهـ. رَشِيدِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: أَيْ يَشْتَاقَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ جُوعُهُ وَلَا عَطَشُهُ، فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْفَاكِهَةِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ وَهُوَ الشَّيْخُ س ل التَّقْيِيدُ بِالشَّدِيدَيْنِ، فَاحْذَرْهُ. وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ قَوْلُهُ: تَتَوَقَّ إلَيْهِ شَامِلٌ لِمَا لَيْسَ بِهِ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ قَدْ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ. قَالَ ح ل: وَحِينَئِذٍ يَأْكُلُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا، وَإِلَّا صَلَّى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَا كَرَاهَةَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ كَامِلَةً) يَجُوزُ نَصْبُهُ صِفَةً لِصَلَاةٍ، وَرَفْعُهُ صِفَةً لَهَا، بِالنَّظَرِ لِلْمَحَلِّ، وَقَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ طَعَامٍ خَبَرٌ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ فِيهِ أَنَّ الْوَاوَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْخَبَرِ وَلَا عَلَى الصِّفَةِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ جُمْلَةً

ص: 253