المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) في صلاة كسوفي الشمس والقمر - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌(فَرْعٌ) دُخَانُ النَّجَاسَةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابٌ الْأَذَان]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي) مُقْتَضَى (سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) .فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ

الفصل: ‌(باب) في صلاة كسوفي الشمس والقمر

(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ هِلَالِ شَوَّالٍ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ) بِأَنْ شَهِدُوا بِرُؤْيَةِ هِلَالِ اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَنُفْطِرَ (ثُمَّ إنْ كَانَتْ) شَهَادَتُهُمْ (قَبْلَ زَوَالٍ) بِزَمَنٍ يَسَعُ الِاجْتِمَاعَ وَالصَّلَاةَ أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا (صُلِّيَ الْعِيدُ حِينَئِذٍ أَدَاءً وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ بِدُونِ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ (فَ) تُصَلَّى (قَضَاءً) مَتَى أُرِيدَ قَضَاؤُهَا. أَمَّا شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ بِأَنْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ فَلَا تُقْبَلُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَتُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً إذْ لَا فَائِدَةَ فِي قَبُولِهَا إلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ فَلَا يُصْغَى إلَيْهَا.

وَتُقْبَلُ فِي غَيْرِهَا كَوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ (وَالْعِبْرَةُ) فِيمَا لَوْ شَهِدُوا قَبْلَ الزَّوَالِ وَعُدِّلُوا بَعْدَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ شَهِدُوا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَعُدِّلُوا بَعْدَهُ (بِوَقْتِ تَعْدِيلٍ) لَا شَهَادَةٍ لِأَنَّهُ وَقْتُ جَوَازِ الْحُكْمِ بِهَا فَتُصَلَّى الْعِيدُ فِي الْأُولَى قَضَاءً وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْغَدِ أَدَاءً وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.

(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ أَوْ الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ تَحَزَّبَ مِنْ الْكُفَّارِ لِحَرْبِهِ عليه الصلاة والسلام فَتَكُونُ اسْتِغْرَاقِيَّةً كَمَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ وَقَوْلُهُ: وَحْدَهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ قِتَالِ الْآدَمِيِّينَ بِأَنْ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ب ر

. (قَوْلُهُ: فَنُفْطِرُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: أَدَاءً) خَبَرٌ لِتَكُونَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ، وَتَكُونُ أَدَاءً كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي الشَّارِحِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنْ الْعِيدِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا لَيْلًا لَا مُنْفَرِدًا وَلَا جَمَاعَةً وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ فِعْلِهَا لَيْلًا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا مَعَ النَّاسِ لَمْ يَبْعُدْ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ) أَيْ فِي تَرْكِ صَلَاةِ الْعِيدِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي قَبُولِهَا إلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ أَيْ أَدَاءً.

(قَوْلُهُ: فَتُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً) ظَاهِرٌ وَلَوْ لِلرَّائِي (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِي قَبُولِهَا إلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِأَنَّ شَوَّالًا قَدْ دَخَلَ يَقِينًا وَصَوْمَ ثَلَاثَةٍ قَدْ تَمَّ فَلَا فَائِدَةَ فِي شَهَادَتِهِمْ إلَّا الْمَنْعُ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ اهـ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَضَاءَهَا يُمْكِنُ لَيْلًا وَهُوَ أَقْرَبُ وَأَحْوَطُ وَأَيْضًا فَالْقَضَاءُ هُوَ مُقْتَضَى شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الصَّادِقَةِ فَكَيْفَ يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِهَا، وَتُنْوَى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً مَعَ عِلْمِنَا بِالْقَضَاءِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ بُلُوغِ الْمُخْبِرِينَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ؟ . اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ فِي غَيْرِهَا) وَمِنْ الْغَيْرِ الزَّكَاةُ فَتُخْرَجُ قَبْلَ الْغَدِ وُجُوبًا ع ش عَلَى م ر وَمِنْ الْغَيْرِ أَيْضًا صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي يُصَلُّونَ فِيهِ فَتَصِحُّ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ ثَانِي شَوَّالٍ (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقَيْنِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) اُنْظُرْ الْمُعَلَّقَيْنِ بِالْعِيدِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِأَنَّ الْعِيدَ يَوْمَ يُعَيِّدُ النَّاسُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ احْتِيَاطًا ثُمَّ رَأَيْت حَجّ جَزَمَ بِهَذَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ تَعْدِيلٍ) يَقْتَضِي أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ لَا يَثْبُتُ الْمَشْهُودُ بِهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا بَلْ يُنْتَظَرُ التَّعْدِيلُ.

نَعَمْ إنْ ظَنَّ شَيْئًا عُوِّلَ عَلَى ظَنِّهِ وَلَا ارْتِبَاطَ لِهَذَا بِالشَّهَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَلْ هُوَ عَامٌّ سم.

[بَابٌ فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ]

وَمَا يُطْلَبُ فِعْلُهُ لِأَجْلِهِمَا مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِمَا مَعَ عَدَمِ تَكْرَارهمَا، وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَشُرِعَتْ صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَصَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ السَّنَةِ الْخَامِسَةِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي صَلَاتَيْ كُسُوفَيْ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِرَارًا مِنْ تَوَالِي تَثْنِيَتَيْنِ وَلِأَنَّ التَّثْنِيَةَ تُوهِمُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْكُسُوفَيْنِ صَلَاةً مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَكُسُوفُ الشَّمْسِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْهَيْئَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ فِي نَفْسِهَا وَإِنَّمَا الْقَمَرُ يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا، وَخُسُوفُهُ لَهُ حَقِيقَةٌ فَإِنَّ ضَوْأَهُ مُكْتَسَبٌ مِنْ ضَوْئِهَا، وَسَبَبُهُ حَيْلُولَةُ ظِلِّ الْأَرْضِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بِنُقْطَةِ التَّقَاطُعِ فَلَا يَبْقَى فِيهِ ضَوْءٌ أَلْبَتَّةَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ الْعِمَادِ فِي كِتَابِهِ [كَشْفُ الْأَسْرَارِ عَمَّا خَفِيَ عَنْ الْأَفْكَارِ] : أَمَّا مَا يَقُولُهُ الْمُنَجِّمُونَ وَأَهْلُ الْهَيْئَةِ مِنْ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا صَادَفَتْ فِي سَيْرِهَا الْقَمَرَ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ضَوْئِهَا فَبَاطِلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ كُسُوفِهَا تَخْوِيفُ الْعِبَادِ بِحَبْسِ ضَوْئِهَا لِيَرْجِعُوا إلَى الطَّاعَةِ.

لِأَنَّ هَذِهِ النِّعْمَةَ إذَا حُبِسَتْ لَمْ يَنْبُتْ زَرْعٌ وَلَمْ يَجِفَّ ثَمَرٌ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ نُضْجٌ، وَقِيلَ سَبَبُهُ تَجَلِّي اللَّهِ سبحانه وتعالى عَلَيْهَا فَإِنَّهُ مَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ إلَّا خَضَعَ فَقَدْ تَجَلَّى لِلْجَبَلِ فَجَعَلَهُ دَكًّا، وَقِيلَ: سَبَبُهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَجُرُّهَا وَفِي السَّمَاءِ بَحْرٌ فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ حَالَ سَيْرِهَا اسْتَتَرَ ضَوْءُهَا كَمَا قَالَهُ الثَّعَالِبِيُّ. وَمِنْ خَوَاصِّ الشَّمْسِ أَنَّهَا تُرَطِّبُ بَدَنَ الْإِنْسَانِ إذَا نَامَ فِيهَا وَتُسَخِّنُ الْمَاءَ الْبَارِدَ وَتُبَرِّدُ الْبِطِّيخَ الْحَارَّ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ إنَّ مَغِيبَ الشَّمْسِ بِابْتِلَاعِ حُوتٍ لَهَا وَقِيلَ فِي عَيْنِ حَمِئَةٍ بِالْهَمْزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86] أَيْ ذَاتِ حَمَإٍ أَيْ طِينٍ وَيُقَالُ قَرْيَةٌ حَامِيَةٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ أَيْ حَارَّةٌ، وَقِيلَ سَبَبُ غُرُوبِهَا أَنَّهَا عِنْدَ وُصُولِهَا لِآخِرِ السَّمَاءِ تَطْلُعُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَقُولَ: يَا رَبُّ إنَّ قَوْمًا يَعْصُونَك فَيَقُولَ اللَّهُ تَعَالَى: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَنْزِلَ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ

ص: 431

وَالْأَصْلُ فِيهَا الْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ (صَلَاةُ الْكُسُوفَيْنِ) الْمُعَبَّرِ عَنْهُمَا فِي قَوْلٍ بِالْخَسُوفَيْنِ وَفِي آخَرَ بِالْكُسُوفِ لِلشَّمْسِ وَالْخُسُوفِ لِلْقَمَرِ وَهُوَ أَشْهَرُ (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ؛ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا عَلَى كَرَاهَتِهِ لِتَأَكُّدِهَا لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، وَالْمَكْرُوهُ قَدْ يُوصَفُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ جِهَةِ إطْلَاقِ الْجَائِزِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَتَّى تَطْلُعَ مِنْ الْمَشْرِقِ.

وَمِنْ خَوَاصِّ الْقَمَرِ أَنَّهُ يُصَفِّرُ لَوْنَ مَنْ نَامَ فِيهِ وَيُثْقِلُ رَأْسَهُ وَيُسَوِّسُ الْعِظَامَ وَيُبْلِي ثِيَابَ الْكَتَّانِ، وَسُئِلَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ السَّوَادِ الَّذِي فِيهِ؟ فَقَالَ إنَّهُ أَثَرُ مَسْحِ جَنَاحِ جِبْرِيلَ عليه السلام وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ نُورَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ثُمَّ أَمَرَ جِبْرِيلَ فَمَسَحَهُ بِجَنَاحِهِ فَمَحَا مِنْ الْقَمَرِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا فَحَوَّلَهَا إلَى الشَّمْسِ فَأَذْهَبَ عَنْهُ الضَّوْءَ وَأَبْقَى فِيهِ النُّورَ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] وَإِذَا نَظَرْت إلَى السَّوَادِ الَّذِي فِي الْقَمَرِ وَجَدْتَهُ حُرُوفَ الْجِيمِ وَالْمِيمِ وَالْيَاءِ وَاللَّامِ وَالْأَلِفِ أَيْ جَمِيلًا وَقَدْ شَاهَدْتُ ذَلِكَ وَقَرَأْتُهُ مِرَارًا وَلِكُلِّ شَهْرٍ قَمَرٌ بِخِلَافِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا وَاحِدَةٌ نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ، وَقَوْلُهُ: الْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ أَيْ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَقَوْلِ: ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَامَ قِيَامًا إلَخْ وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ جَهَرَ تَارَةً وَأَسَرَّ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إخْبَارًا صَرِيحًا اهـ (قَوْلُهُ: الْمُعَبَّرُ عَنْهُمَا إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: الْكُسُوفَيْنِ لَيْسَ فِيهِ تَغْلِيبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بَلْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا قَوْلٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَشْهَرُ) لِأَنَّ الْكَسْفَ السَّتْرُ وَنُورُ الشَّمْسِ لَا يُفَارِقُ جِرْمَهَا وَإِنَّمَا يُسْتَرُ عَنَّا بِحَيْلُولَةِ جِرْمِ الْقَمَرِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا وَلِذَلِكَ لَا يُوجَدُ إلَّا عِنْدَ تَمَامِ الشُّهُورِ.

فَإِذَا وُجِدَ فِي غَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ وَالْخَسْفُ الْمَحْوُ وَهُوَ بِالْقَمَرِ أَلْيَقُ لِأَنَّ جِرْمَهُ أَسْوَدُ صَقِيلٌ كَالْمِرْآةِ يُضِيءُ بِمُقَابَلَةِ نُورِ الشَّمْسِ فَإِذَا حَالَ جِرْمُ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ مَنَعَ نُورَهَا أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فَيُظْلِمَ، وَلِذَلِكَ لَا يُوجَدُ إلَّا قُبَيْلَ أَنْصَافِ الشُّهُور فَإِذَا وُجِدَ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ أَيْضًا وَمِنْ الْأَوَّلِ كُسُوفُ الشَّمْسِ فِي عَاشِرِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَدُهُ صلى الله عليه وسلم سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَعُمْرُهُ سَبْعُونَ يَوْمًا عَلَى الصَّحِيحِ وَمِنْهُ الْكُسُوفُ عَاشِرَ الْمُحَرَّمِ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ رضي الله عنه سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ ق ل وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَهُوَ أَشْهَرُ لِأَنَّ كَسَفَ مَعْنَاهُ تَغَيَّرَ وَخَسَفَ مَعْنَاهُ ذَهَبَ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ، وَكَسَفَ وَخَسَفَ مِنْ بَابِ جَلَسَ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لَمْ يَقُلْ هُنَا وَلَوْ لِمُنْفَرِدٍ وَمُسَافِرٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ كَمَا قَالَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ.، وَكَمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ مَعَ أَنَّهَا تُسَنُّ لَهُمْ اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ، وَذَكَرَهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لِطُولِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ) مِنْهَا قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا وَادْعُوَا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» . اهـ. م ر وَهَلَّا قَالَ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا قَالَ مِثْلَهُ فِي الْعِيدِ.؟ وَلَعَلَّهُ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ جَمِيعَ الْكَيْفِيَّاتِ شَوْبَرِيُّ وَفِيهِ أَنَّ الشَّارِحَ عَلَّلَ جَمِيعَ الْكَيْفِيَّاتِ بِالِاتِّبَاعِ لِأَنَّهُ عَلَّلَ الْأَخِيرَةَ بِقَوْلِهِ: لِثُبُوتِ التَّطْوِيلِ فِي ذَلِكَ مِنْ الشَّارِعِ إلَخْ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَخْبَارُ لَا تَدُلُّ إلَّا عَلَى أَنَّهُ فَعَلَهَا وَالْفِعْلُ كَمَا يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ وَهُوَ الْأَصْلُ يَحْتَمِلُ النَّدْبَ أَتَى بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى النَّدْبِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَكُونُ سُنَّةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا إنْ تَطَوَّعَ» . اهـ. اط ف وَقَالَ سم قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ هَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا اللَّازِمِ لِكَوْنِهَا سُنَّةً رَدًّا عَلَى الْقَائِلِ بِالْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ: كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ فِي السُّنِّيَّةِ وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ مُتَّفَقًا عَلَى سُنِّيَّتِهَا جَعَلَهَا أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ هُنَا وَفِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ مَعَ النَّصِّ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِمَا وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِتَأَكُّدِهَا) عِلَّةٌ لِلْكَرَاهَةِ وَقَوْلُهُ: لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْحَمْلِ، وَيُرَدُّ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِنَهْيٍ مَخْصُوصٍ وَأَمَّا الْمُسْتَفَادُ مِنْ أَوَامِرِ النَّدْبِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْأُصُولِ وَيُؤْخَذُ جَوَابُهُ مِمَّا فِي الشَّوْبَرِيِّ نَقْلًا عَنْ حَجّ وَهُوَ أَنَّ تَأَكُّدَ الطَّلَبِ فِي النَّدْبِ يَقُومُ مَقَامَ النَّهْيِ الْمَخْصُوصِ فِي اقْتِضَاءِ

ص: 432

عَلَى مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ

(وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) كَسُنَّةِ الظُّهْرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَأَدْنَى كَمَالِهَا زِيَادَةُ قِيَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَرُكُوعٍ كُلَّ رَكْعَةٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَتَعْبِيرُ كَثِيرٍ بِأَنَّ هَذِهِ أَقَلُّهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا شَرَعَ فِيهَا بِنِيَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَوْ عَلَى أَنَّهَا أَقَلُّ الْكَمَالِ.

وَمَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَ رُكُوعَاتٍ وَفِي أُخْرَى لَهُ أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد خَمْسُ رُكُوعَاتٍ. أَجَابَ أَئِمَّتُنَا عَنْهَا بِأَنَّ رِوَايَةَ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ وَبِحَمْلِهَا عَلَى الْجَوَازِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْكَرَاهَةِ فَيَكُونُ الْمَكْرُوهُ مَا ثَبَتَ بِنَهْيٍ مَخْصُوصٍ أَوْ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ أَوَامِرِ النَّدْبِ الْمُؤَكَّدِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ) فَيَكُونُ مَعْنَى لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا لَا يُبَاحُ تَرْكُهَا بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر إذْ الْمَكْرُوهُ غَيْرُ جَائِزٍ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ

(قَوْلُهُ: كَسُنَّةِ الظُّهْرِ) فَلَوْ نَوَاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَنْ يَزِيدَ رُكُوعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ بَلْ إنَّهُ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ لَكِنْ زَادَ النَّسَائِيّ «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاتِكُمْ هَذِهِ» وَلِلْحَاكِمِ نَحْوُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَمَانِعٌ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَأَدْنَى كَمَالِهَا إلَخْ) فَإِذَا نَوَاهَا أَيْ الصَّلَاةَ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَقَلِّ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ الْأَكْمَلِ إذَا نَوَى الْأَقَلَّ، وَأَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا أَنَّ مَنْ نَوَى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَأَطْلَقَ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِرُكُوعَيْنِ وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَا هُوَ أَدْنَى الْكَمَالِ أَوْ يَأْتِيَ بِمَا هُوَ الْأَكْمَلُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَكْمَلُ وَلَا نَظَرَ لِاشْتِهَارِهَا بِهَا بِخِلَافِ الْوِتْرِ فَإِنَّهُ لَا يُخَيَّرُ فِيهِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرَّكْعَةِ فِيهِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَهَذَا وَاضِحٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَأْمُومِ أَمَّا هُوَ إذَا أَطْلَقَ فَإِنَّمَا تُحْمَلُ نِيَّتُهُ عَلَى مَا نَوَاهُ الْإِمَامُ فَإِنْ نَوَى الْإِمَامُ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَصَرَفَهَا الْمَأْمُومُ إلَى غَيْرِهَا أَوْ عَكْسُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْمُتَابَعَةِ ح ل.

(قَوْلُهُ: زِيَادَةُ قِيَامٍ) وَتَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامَيْنِ الزَّائِدَيْنِ وَقَضِيَّتُهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ ع ش وَيُسَنُّ لَهُ التَّعَوُّذُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَرُكُوعُ كُلِّ رَكْعَةٍ) أَيْ قَائِلًا عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ كُلِّ رُكُوعٍ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ فِي الرَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَلْ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا لِأَنَّهُ لَيْسَ اعْتِدَالًا شَرْحُ م ر بَلْ هُوَ قِيَامٌ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا شَرَعَ فِيهَا إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْصُ عَنْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قِيَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ هِيَ أَقَلُّهَا بَعْدَ نِيَّتِهَا بِالْفِعْلِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْصُ عَنْهَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ كَيْفِيَّةٌ أُخْرَى أَقَلُّ مِنْ هَذِهِ إذَا نَوَاهَا ابْتِدَاءً صَحَّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنَّهَا أَقَلُّ الْكَمَالِ) لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكَمَالَ الَّذِي هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ أَدْنَاهُ هُوَ الزِّيَادَةُ فِي الرُّكُوعَاتِ وَالْقِيَامَاتِ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بَلْ الْمُرَادُ بِالْكَمَالِ الَّذِي هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ أَدْنَاهُ زِيَادَةُ تَطْوِيلٍ فِي الْقِيَامَيْنِ وَالرُّكُوعَيْنِ سم بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَمَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إلَخْ) إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْإِيرَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ أَدْنَى الْكَمَالِ فَلَا وَجْهَ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَاك وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ الْإِيرَادَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُهُ. شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لَهُ أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَأَدْنَى كَمَالِهَا إلَخْ لَا يُنَافِي أَنْ تُصَلَّى بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ أَوْ أَرْبَعٍ حَمْلًا عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْأَعْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يُحْصَرْ الْأَعْلَى فِي كَوْنِهَا بِرُكُوعَيْنِ فَقَطْ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ أَدْنَى كَمَالِهَا وَأَعْلَاهُ بِرُكُوعَيْنِ فَقَطْ وَإِنَّمَا يَزِيدُ الْأَعْلَى بِالْقِرَاءَاتِ وَالتَّسْبِيحَاتِ شَيْخُنَا وَالْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا أَيْ قَوْلِهِ وَمَا فِي رِوَايَةٍ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَنْقُصُ رُكُوعًا لِانْجِلَاءٍ وَلَا يَزِيدُهُ لِعَدَمِهِ كَمَا صَنَعَ م ر وَذَكَرَ أَنَّ مَحَلَّ الثَّلَاثِ رُكُوعَاتٍ وَمَا بَعْدَهَا عِنْدَ عَدَمِ الِانْجِلَاءِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ رِوَايَةَ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنْ كَانَتْ الْوَاقِعَةُ وَاحِدَةً بِأَنْ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْكُسُوفَ أَوْ الْخُسُوفَ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي كَيْفِيَّتِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَّاهَا بِرُكُوعَيْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَّاهَا بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ فِيهِ وَبَعْضُهُمْ بِأَرْبَعٍ فِيهِ وَبَعْضُهُمْ بِخَمْسٍ فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَبِحَمْلِهَا عَلَى الْجَوَازِ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّعَارُضِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنْ تَعَدَّدَتْ الْوَاقِعَةُ بِأَنْ صَلَّاهَا فِي أَوْقَاتِ كُلِّ وَقْتٍ بِكَيْفِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَبِحَمْلِهَا) أَيْ حَمْلِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَيْ رِوَايَةِ

ص: 433

(وَلَا يَنْقُصُ) مُصَلِّيَهَا مِنْهَا (رُكُوعًا لِانْجِلَاءٍ وَلَا يَزِيدُهُ) فِيهَا (لِعَدَمِهِ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ وَلَا يُكَرِّرُهَا نَعَمْ إنْ صَلَّاهَا وَحْدَهَا ثُمَّ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ صَلَّاهَا كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ

(وَأَعْلَاهُ) أَيْ الْكَمَالِ (أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي قِيَامٍ أَوَّلٍ الْبَقَرَةَ) أَوْ قَدْرَهَا إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا (وَ) فِي قِيَامٍ (ثَانٍ كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا وَ) فِي (ثَالِثٍ كَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ) مِنْهَا (وَ)(رَابِعٍ كَمِائَةٍ) مِنْهَا، وَفِي نَصٍّ آخَرَ فِي الثَّانِي آلَ عِمْرَانَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الثَّالِثِ النِّسَاءَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الرَّابِعِ الْمَائِدَةَ أَوْ قَدْرَهَا، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَيْسَا عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمُحَقَّقِ بَلْ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى التَّقْرِيبِ

(وَ) أَنْ (يُسَبِّحَ فِي) كُلِّ (رُكُوعٍ وَسُجُودٍ فِي أَوَّلٍ) مِنْهُمَا (كَمِائَةٍ مِنْ الْبَقَرَةِ وَ) فِي (ثَانٍ كَثَمَانِينَ وَ) فِي (ثَالِثٍ كَسَبْعِينَ وَ) فِي (رَابِعٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ وَأَرْبَعِ رُكُوعَاتٍ إلَخْ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَيَكُونُ ضَعِيفًا شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْقُصُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مِنْ بِرْمَاوِيٍّ قَالَ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 4](قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُهُ لِعَدَمِهِ) قِيلَ إنَّمَا يَأْتِي فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَكَيْفَ يُعْلَمُ فِيهَا التَّمَادِي بَعْدَ فَرَاغِ الرُّكُوعَيْنِ.؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحِسَابِ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَرِّرُهَا) أَيْ لَا يَفْعَلُهَا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ) أَيْ وَكَذَا لَوْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أُخْرَى فَلَهُ إعَادَتُهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُنْفَرِدِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَجَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: صَلَّاهَا كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ) وَيَظْهَرُ مَجِيءُ شُرُوطِ الْإِعَادَةِ هُنَا وَيَظْهَرُ أَنَّهَا لَوْ انْجَلَتْ وَهُمْ فِي الْمُعَادَةِ أَتَمُّوهَا مُعَادَةً كَمَا لَوْ انْجَلَتْ وَهْم فِي الْأَصْلِيَّةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهْم فِي إعَادَةِ الْمَكْتُوبَةِ حَيْثُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ بِأَنَّهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ يَشْرَعُ فِيهَا فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا أَوْ يَسَعُهَا وَطَوَّلَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الِانْجِلَاءَ لَا طَرِيقَ إلَى مَعْرِفَتِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ عُلَمَاءِ الْهَيْئَةِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يُعَوِّلُونَ عَلَى ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: فِي قِيَامٍ أَوَّلٍ) بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِمَعْنَى مُتَقَدِّمٍ صُرِفَ أَوْ بِمَعْنَى أَسْبَقَ مُنِعَ ع ش وَفِيهِ أَنَّهُ هُنَا بِمَعْنَى مُتَقَدِّمٍ فَلَا مَعْنَى لِتَجْوِيزِ الْوَجْهَيْنِ وَأَيْضًا الْمُصَنِّفُ يَسْتَعْمِلُهُ مَمْنُوعًا مِنْ الصَّرْفِ وَلَوْ كَانَ بِمَعْنَى مُتَقَدِّمٍ كَمَا قَالَهُ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ نَسِيَ تَشَهُّدًا أَوَّلَ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى مُتَقَدِّمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَتْنِ مُحْتَمِلٌ لِلْمَعْنَيَيْنِ فَيَجُوزُ فِيهِ الْوَجْهَانِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرَهَا إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا) فَإِنْ قَرَأَ قَدْرَهَا مَعَ إحْسَانِهَا كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى ع ش (قَوْلُهُ: كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا) أَيْ مُعْتَدِلَةٍ وَآيُهَا مِائَتَانِ وَسِتٌّ أَوْ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ وَآلُ عِمْرَانَ مِائَتَانِ وَهِيَ وَإِنْ قَارَبَتْ الْبَقَرَةَ فِي عَدَدِ الْآيِ لَكِنَّ غَالِبَ آيِ الْبَقَرَةِ أَطْوَلُ بِكَثِيرٍ وَقَوْلُهُ: وَفِي ثَالِثٍ كَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْبَقَرَةِ أَيْ لِأَنَّ النِّسَاءَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ وَهِيَ تُقَارِبُ مِائَةً وَخَمْسِينَ آيَةً مِنْ الْبَقَرَةِ لِطُولِهَا.

وَقَوْلُهُ: وَفِي رَابِعٍ كَمِائَةٍ مِنْهَا أَيْ لِأَنَّ الْمَائِدَةَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ تُقَارِبُ مِائَةً مِنْ الْبَقَرَةِ لِطُولِهَا اط ف قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ الْآيَاتِ الْمُتَوَسِّطَةَ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ ز ي وَالتَّطْوِيلُ هُنَا لَيْسَ خَاصًّا بِإِمَامِ الْمَحْصُورِينَ لِأَنَّ كُلَّ مَا وَرْد فِيهِ نَصٌّ بِخُصُوصِهِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى رِضَا الْمَحْصُورِينَ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مُتَقَارِبَانِ) أَيْ فِي الطَّلَبِ إذْ يُتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لَا فِي الْقَدْرِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ أَيْ لِأَنَّ السُّورَةَ الثَّالِثَةَ تَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهَا مِنْ النَّصِّ الْآخَرِ وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ آيَةً بِنَحْوِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ آيَةً وَالرَّابِعَةُ تَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهَا بِنَحْوِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ آيَةً قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.

قَوْلُهُ: مُتَقَارِبَانِ أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ فِي النَّصَّيْنِ تَطْوِيلُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى الرَّابِعِ فَقِصَرُ الثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ كَقِصَرِ الرَّابِعِ لِلثَّالِثِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا بَوْنٌ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى التَّقْرِيبِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ النَّصَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي تَطْوِيلَ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَأَنَّ النَّصَّ الثَّانِيَ فِيهِ عَكْسُ ذَلِكَ هُوَ تَطْوِيلُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ النِّسَاءَ أَطْوَلُ مِنْ آلِ عِمْرَانَ وَبَيْنَهُمَا أَيْ النَّصَّيْنِ تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِمَا عَلَى التَّقْرِيبِ مَعَ أَنَّ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافًا مُحَقَّقًا؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ مَجْمُوعِ النَّصَّيْنِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَطْوِيلِ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي وَنَقْصِهِ عَنْهُ أَيْ فَيَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِمَا عَلَى التَّقْرِيبِ فِي الطَّلَبِ أَيْ طُلِبَ مِنْهُ كُلٌّ مِنْهُمَا ح ل مَعَ زِيَادَةٍ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّقْرِيبِ التَّسْهِيلُ وَالتَّيْسِيرُ مِنْ الشَّارِعِ بِمَعْنَى أَنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمَّا كَانَ الثَّالِثُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ طُلِبَ تَطْوِيلُهُ عَلَى الرَّابِعِ كَمَا طَوَّلَ الْأَوَّلَ عَلَى الثَّانِي كَانَ الْأَمْرُ فِيهِمَا عَلَى التَّقْرِيبِ وَالنَّصُّ الْأَوَّلُ نَاظِرٌ لِكَوْنِ كُلِّ قِيَامٍ تَابِعًا لِمَا قَبْلَهُ فَطُلِبَ نَقْصُهُ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: كَثَمَانِينَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ اُنْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ فَهَلَّا كَانَ فِي الثَّانِي تِسْعِينَ عَلَى التَّوَالِي اهـ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنْ كُلَّ رَكْعَةٍ مُسْتَقِلَّةٌ فَجُعِلَ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالرَّابِعُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي التَّفَاضُلِ بَيْنَ كُلٍّ بِعِشْرِينَ، وَأَمَّا التَّفَاضُلُ بَيْنَ

ص: 434

كَخَمْسِينَ) لِثُبُوتِ التَّطْوِيلِ مِنْ الشَّارِعِ فِي ذَلِكَ بِلَا تَقْدِير مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الرَّاوِي فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ «فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ» وَفِي بَقِيَّةِ الْقِيَامَاتِ «فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ» وَفِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ «ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا» وَفِي بَقِيَّةِ الرُّكُوعَاتِ «ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ» وَلَا يُطِيلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جُلُوسٍ وَاعْتِدَالٍ.

وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يُطِيلُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَيْضًا لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَإِلَّا سُنَّ التَّخْفِيفُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ إذَا بَدَأَ بِالْكُسُوفِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ خَفَّفَهَا فَقَرَأَ فِي كُلِّ رُكُوعٍ بِالْفَاتِحَةِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَمَا أَشْبَهَهَا

(وَسُنَّ جَهْرٌ بِقِرَاءَةِ) صَلَاةِ (كُسُوفِ قَمَرٍ) لَا شَمْسٍ لِأَنَّ الْأُولَى لَيْلِيَّةٌ أَوْ مُلْحَقَةٌ بِهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَهَرَ وَأَنَّهُ أَسَرَّ حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ (وَ) سُنَّ (فِعْلُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ (بِمَسْجِدٍ بِلَا عُذْرٍ) كَنَظِيرِهِ فِي الْعِيدَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي

(وَ) سُنَّ (خُطْبَتَانِ) كَخُطْبَتَيْ (عِيدٍ) فِيمَا مَرَّ (لَكِنْ لَا يُكَبِّرُ) فِيهِمَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَحَثٌّ) فِيهِمَا لِسَامِعِيهِمَا (عَلَى) فِعْلِ (خَيْرٍ) مِنْ تَوْبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَنَحْوِهَا فَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ» .

وَلَا تَخْطُبُ إمَامَةُ النِّسَاءِ وَلَوْ قَامَتْ وَاحِدَةٌ وَوَعَظَتْهُنَّ فَلَا بَأْسَ

(وَتُدْرَكُ رَكْعَةً) بِإِدْرَاكِ (رُكُوعٍ أَوَّلٍ) مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ كَمَا فِي سَائِرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَكَانَ بِعَشْرَةٍ فَقَطْ، وَاخْتِيرَتْ الْعَشَرَةُ عَلَى غَيْرِهَا لِأَنَّهَا أَقَلُّ عُقُودِ الْعَشْرَاتِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: كَخَمْسِينَ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ هَلَّا قَالَ قَالَ كَسِتِّينَ وَمَا وَجْهُ هَذَا النَّقْصِ. أَقُولُ: وَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ نِسْبَةَ الرَّابِعِ لِلثَّالِثِ كَنِسْبَةِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي نَقَصَ عَنْ الْأَوَّلِ عِشْرِينَ فَكَذَا الرَّابِعُ نَقَصَ عَنْ الثَّالِثِ عِشْرِينَ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ التَّطْوِيلِ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَعْلَاهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يُسَبِّحَ فِي كُلِّ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ فِي أَوَّلٍ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ: بِلَا تَقْدِيرٍ أَيْ بِالْقَوْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ اسْتَنْبَطُوهُ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ) أَيْ فِي شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: فَقَامَ قِيَامًا) مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَقِيَّةِ الْقِيَامَاتِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ جَمْعُ مُؤَنَّثٍ سَالِمٌ سَمَاعِيٌّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ السِّتَّةِ الْقِيَاسِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ الْمَنْظُومَةِ فِي قَوْلِهِ:

وَقِسْهُ فِي ذِي التَّا وَنَحْوِ ذِكْرَى

وَدِرْهَمٍ مُصَغَّرٍ وَصَحَرَا

وَزَيْنَبَ وَوَصْفِ غَيْرِ الْعَاقِلِ

وَغَيْرِ ذَا مُسَلَّمٌ لِلنَّاقِلِ

وَمِثْلُهُ رُكُوعَاتٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى أَنَّ بَقِيَّةَ الْقِيَامَاتِ أَدْوَنُ مِنْ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا كَوْنُ الْقِيَامِ الثَّانِي أَطْوَلُ مِنْ الثَّالِثِ وَالثَّالِثِ أَطْوَلُ مِنْ الرَّابِعِ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَانْظُرْ دَلِيلَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ أَيْ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ تَفَاوُتُ الرُّكُوعَاتِ الْمَأْتِيِّ بِهَا بَعْدَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُطِيلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَعْلَاهُ أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ) ضَعِيفٌ أَيْ اخْتَارَ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ وَقَوْلُهُ: لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ يَكُونُ مَذْهَبًا لِلشَّافِعِيِّ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ) أَيْ قَوْلُهُ: وَأَعْلَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ رُكُوعٍ) أَيْ فِي كُلِّ قِيَامِ رُكُوعٍ كَمَا فِي ع ش أَوْ فِي كُلِّ سَابِقِ رُكُوعٍ وَهُوَ الْقِيَامُ أَوْ أَنَّهُ أَطْلَقَ الرُّكُوعَ وَأَرَادَ بِهِ الرَّكْعَةَ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْجُزْءِ وَإِرَادَةِ الْكُلِّ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُلْحَقَةٍ بِهَا) وَذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ ح ل (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ فَالْأَفْضَلُ الصَّحْرَاءُ لَكِنْ فِي ع ب أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْجَامِعِ أَوْلَى وَإِنْ ضَاقَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ م ر حَيْثُ قَالَ وَالْجَامِعُ أَفْضَلُ وَلَمْ يَقُلْ بِلَا عُذْرٍ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ قَوْلِهِ وَإِنْ ضَاقَ بِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَى الصَّحْرَاءِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِهَا بِالِانْجِلَاءِ ع ش عَلَى م ر فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ خُطْبَتَانِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ أَيْ لِإِمَامٍ لَا لِمُنْفَرِدٍ وَلَا لِإِمَامَةِ النِّسَاءِ سم (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ تَقَدُّمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا وَمِنْهُ الْأَرْكَانُ وَالسُّنَنُ وَالشُّرُوطُ مِنْ الْإِسْمَاعِ وَالسَّمَاعِ وَكَوْنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ. اهـ. ح ل أَيْ لَا فِي كُلِّهَا كَالطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَالْقِيَامِ وَفِي ق ل فَلَوْ قَدَّمَهَا أَيْ الْخُطْبَةَ لَمْ تَصِحَّ، وَيَحْرُمُ إنْ قَصَدَهَا كَمَا فِي الْعِيدِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُكَبِّرُ فِيهِمَا) وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُبْدِلْهُ بِالتَّسْبِيحِ وَلَا بِالِاسْتِغْفَارِ لَكِنْ اسْتَقْرَبَ ع ش أَنَّهُ يُبْدِلُ التَّكْبِيرَ بِالِاسْتِغْفَارِ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ هُنَا مَا يُطَبْ فِيهِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ مِنْ تَوْبَةٍ) مِنْ الذُّنُوبِ مَعَ تَحْذِيرَهُمْ مِنْ الْغَفْلَةِ وَالتَّمَادِي فِي الْغُرُورِ وَيُسَنَّ الْغُسْلُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ دُونَ التَّزَيُّنِ بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَالتَّنَظُّفِ بِإِزَالَةِ نَحْوِ ظُفْرٍ لِضِيقِ الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ وَقْتُ سُؤَالٍ وَذِلَّةٍ ح ل (قَوْلُهُ وَصَدَقَةٍ) وَمَتَى أَمَرَ الْإِمَامُ بِشَيْءٍ وَجَبَ وَالْوَاجِبُ فِي الصَّدَقَةِ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا فَإِنْ عَيَّنَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ اُشْتُرِطَ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ بَقِيَّةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ ح ف

(قَوْلُهُ: وَعِتْقٍ) الْأَوْلَى وَإِعْتَاقٍ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ أَعْتَقَ لَا عَتَقَ لِأَنَّهُ لَازِمٌ تَقُولُ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَا تَقُولُ عَتَقْتُ الْعَبْدَ بَلْ أَعْتَقْتُهُ إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ: أَمَرَ بِالْعِتَاقَةِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا كَالْكِتَابَةِ فِيهِمَا سم وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِعْتَاقُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَخْطُبُ إمَامَةُ النِّسَاءِ) قِيَاسُ الْأَذَانِ حُرْمَةُ الْخُطْبَةِ حَرَّرَهُ ح ل

ص: 435

الصَّلَوَاتِ فَلَا تُدْرَكُ بِإِدْرَاكِ ثَانٍ وَلَا بِقِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُمَا كَالتَّابِعِينَ لِلْأَوَّلِ وَقِيَامِهِ

(وَتَفُوتُ صَلَاةُ) كُسُوفِ (شَمْسٍ بِغُرُوبِهَا) كَاسِفَةً لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَهُ (وَبِانْجِلَاءٍ) تَامٍّ يَقِينًا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِهَا، وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الْوَعْظُ وَهُوَ لَا يَفُوتُ بِذَلِكَ فَلَوْ حَالَ سَحَابٌ وَشَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ أَوْ الْكُسُوفِ لَمْ يُؤَثِّرْ فَيُصَلِّي فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُسُوفِ وَلَا يُصَلِّي فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ

(وَ) تَفُوتُ صَلَاةُ كُسُوفِ (قَمَرٍ بِهِ) أَيْ بِالِانْجِلَاءِ لِمَا مَرَّ (وَبِطُلُوعِهَا) أَيْ الشَّمْسِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ طُلُوعِهَا فَلَا تَفُوتُ بِغُرُوبِهِ كَاسِفًا كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَمَامٍ وَلَا بِطُلُوعِ فَجْرٍ لِبَقَاءِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ.

وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ تَبْطُلْ كَمَا لَوْ انْجَلَى الْكُسُوفُ فِي الْأَثْنَاءِ

(وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ أَوْ كُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ قُدِّمَتْ) أَيْ الْجِنَازَةُ لِخَوْفِ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ بِتَأْخِيرِهَا (أَوْ كُسُوفٌ وَفَرْضٌ كَجُمُعَةٍ قُدِّمَ) أَيْ الْفَرْضُ (إنْ ضَاقَ وَقْتُهُ وَإِلَّا فَالْكُسُوفُ) مُقَدَّمٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: فَلَا تُدْرَكُ) مَحَلُّهُ فِيمَنْ فَعَلَهَا بِالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ أَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: وَتَفُوتُ صَلَاةُ كُسُوفِ إلَخْ) بِمَعْنَى يَمْتَنِعُ فِعْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا بِمَعْنَى فَوَاتِ الْأَدَاءِ أَيْ فَلَا تُقْضَى وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى لَوْ قَرُبَ الْغُرُوبُ أَوْ الطُّلُوعُ جِدًّا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِهَا وَإِنْ عُلِمَ ضِيقُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ حَجّ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَتَفُوتُ صَلَاةُ إلَخْ وَيَلْزَمُهُ فَوَاتُ الْخُطْبَةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ فَلَوْ انْجَلَتْ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَفُتْ الْخُطْبَةُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّهَا وَعْظٌ وَقَوْلُ شَيْخِنَا بِعَدَمِ فَوَاتِ الْخُطْبَةِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: بِغُرُوبِهَا وَلَوْ تَقْدِيرًا) فَيَشْمَلُ أَيَّامَ الدَّجَّالِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا) أَيْ مَعَ ذَهَابِ مَحَلِّ سُلْطَانِهَا فَلَا يَرِدُ عَدَمُ فَوَاتِهَا بِغُرُوبِ الْقَمَرِ كَاسِفًا وَقَوْلُهُ: وَبِانْجِلَاءٍ تَامٍّ يَقِينًا هَذَانِ الْقَيْدَانِ مُعْتَبَرَانِ أَيْضًا فِي الْغُرُوبِ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَقِينًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ لِأَنَّهُ تَخْمِينٌ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصَّلَاةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَفُوتُ بِذَلِكَ أَيْ لِمَنْ صَلَّى قَبْلَ الِانْجِلَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تُفْعَلُ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ صَلَاةٍ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّي فِي الثَّانِي) هَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ التَّفْرِيعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ مَحَلُّهُ عِنْدَ أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَلَاةُ الْكُسُوفَيْنِ سُنَّةٌ بِأَنْ يَقُولَ إذَا تَيَقَّنَ التَّغَيُّرَ فَلَوْ شَكَّ فِيهِ كَأَنْ حَالَ سَحَابٌ إلَخْ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ بِغُرُوبِهِ) وَيُفَارِقُ غُرُوبُ الشَّمْسِ كَاسِفَةً بِأَنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ سُلْطَانِهِ فَغُرُوبُهُ كَغَيْبَتِهِ تَحْتَ السَّحَابِ م ر (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تُوجَدُ فِيمَا لَوْ غَرَبَ كَاسِفًا مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَاسِفًا لَا يَبْقَى ضَوْءُهُ لِمَا بَعْدَ الْفَجْرِ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ مَثَلًا ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اسْتَتَرَ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ انْجَلَى إلَخْ) وَيُتِمُّهَا وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مِنْهَا، وَلَا تُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا مَحْدُودٌ بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا ظَانًّا بَقَاءَ الْوَقْتِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ انْجَلَى قَبْلَ تَحَرُّمِهِ بِهَا بَطَلَتْ وَلَمْ تَنْعَقِدْ نَفْلًا حَيْثُ لَمْ يَنْوِهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ ح ل لِعَدَمِ وُجُودِ نَفْلٍ مُطْلَقٍ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَالْوَجْهُ صِحَّةُ وَصْفِهَا بِالْأَدَاءِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ كَرَمْيِ الْجِمَارِ حَجّ ع ش وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَدَاءَ فِعْلُ الشَّيْءِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا إلَّا أَنْ يُقَالَ نَزَّلَ زَمَنَ الْكُسُوفِ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ مِنْ الشَّارِعِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ صَلَاتَانِ فَأَكْثَرُ وَلَمْ يَأْمَنْ الْفَوَاتَ قَدَّمَ الْأَخْوَفَ فَوْتًا ثُمَّ الْآكَدَ فَعَلَى هَذَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ إلَخْ وَاجْتِمَاعُ الْعِيدِ مَعَ الْجِنَازَةِ لَيْسَ مِنْ هَذَا فَذِكْرُهُ فِيهِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِمَا ذُكِرَ مَعَهُ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ) أَيْ الْجِنَازَةُ أَيْ سَوَاءٌ اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِ الْآتِي، وَهَلْ التَّقْدِيمُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ: لِخَوْفِ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ أَيْ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ قَالَ السُّبْكِيُّ: قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ بِخَوْفِ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْفَرْضِ وَلَوْ الْجُمُعَةِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَاجِبٌ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ مُخْطِئُونَ فِيمَا يَفْعَلُونَ الْآنَ مِنْ تَأْخِيرِ الْجِنَازَةِ مَعَ اتِّسَاعِ وَقْتِ الْفَرْضِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ عَمِيرَةُ. اهـ. ز ي وَهَذَا مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ يَسِيرًا لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَنْبَغِي مَنْعُهُ فَلَوْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ عَلَى الْفَرْضِ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُ الْوَقْتِ ح ل. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِنَازَةَ إنْ وُجِدَتْ مَعَ عِيدٍ أَوْ كُسُوفٍ أَوْ فَرْضٍ وَخِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جُمُعَةً فَإِنْ لَمْ يَخَفْ التَّغَيُّرَ وَجَبَ التَّقْدِيمُ أَيْضًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ اجْتَمَعَتْ كُلُّهَا وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ ثُمَّ الْكُسُوفُ لِأَنَّهَا سَرِيعَةُ الْفَوَاتِ ثُمَّ الْفَرْضُ اهْتِمَامًا بِهِ ثُمَّ الْعِيدُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ قُدِّمَتْ الْفَرِيضَةُ ثُمَّ الْجِنَازَةُ ثُمَّ الْكُسُوفُ ثُمَّ الْعِيدُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْكُسُوفُ مُقَدَّمٌ) وَإِذَا قُدِّمَ الْكُسُوفُ عَلَى فَرْضٍ غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ تَقْدِيمُ

ص: 436