الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَ) بِشَرْطِ (أَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ) أَيْ: نَحْوُ الْمَطَرِ (عِنْدَ تَحَرُّمِهِ بِهِمَا) لِيُقَارِنَ الْجَمْعَ (وَ) عِنْدَ (تَحَلُّلِهِ مِنْ أُولَى) لِيَتَّصِلَ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ اعْتِبَارُ امْتِدَادِهِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَهُمَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلِمَنْ اتَّفَقَ لَهُ وُجُودُ الْمَطَرِ وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ أَنْ يَجْمَعَ وَإِلَّا لَاحْتَاجَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ أَيْ: أَوْ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ فِي رُجُوعِهِ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ أَوْ فِي إقَامَتِهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ أَمَّا الْجَمْعُ تَأْخِيرًا بِمَا ذُكِرَ فَمُمْتَنِعٌ لِأَنَّ الْمَطَرَ قَدْ يَنْقَطِعُ قَبْلَ أَنْ يَجْمَعَ.
(تَتِمَّةٌ) الْأُولَى: أَنْ يُصَلِّيَ فِي جَمْعِ الْعَصْرَيْنِ قَبْلَهُمَا سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا وَبَعْدَهُمَا بَقِيَّةَ السُّنَنِ مُرَتَّبَةً، وَفِي جَمْعِ الْمَغْرِبَيْنِ بَعْدَهُمَا سُنَّتَهُمَا مُرَتَّبَةً إنْ تَرَكَ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ الَّتِي قَبْلَهَا وَإِلَّا فَكَجَمْعِ الْعَصْرَيْنِ وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَى مَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ.
(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ تَتَعَطَّلُ الْجَمَاعَةُ إنْ لَمْ يَجْمَعْ بِهِمْ بَلْ هُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ مَا بَحَثَهُ ق ل مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ لِمُجَاوِرِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ تَبَعًا لِمَنْ يُجَوِّزُ لَهُمْ الْجَمْعَ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْفَرْقِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِلْإِمَامِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ عَنْ الْإِمَامَةِ، وَهُوَ لَا يَجْرِي فِي الْمُجَاوِرِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. مَدَابِغِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَهَا إلَى وَقْتِهَا وَإِنْ أَدَّى تَأْخِيرُهُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُ مَنْ صَلَّى، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إنْ أَدَّى تَأْخِيرُهُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى فَيَجْمَعُونَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ تَحْصِيلًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ.
اهـ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُوجَدَ ذَلِكَ) أَيْ: يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ ضَرَّ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِذَلِكَ رُخْصَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ وَلَا يُكْتَفَى بِالِاسْتِصْحَابِ فَلَوْ قَالَ: لِآخَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ اُنْظُرْ هَلْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ، أَوْ لَا بَطَلَ الْجَمْعُ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ. اهـ. ح ل فَلَوْ زَالَ شَكُّهُ فَوْرًا بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا لَمْ يَبْطُلْ الْجَمْعُ قِيَاسًا عَلَى تَرْكِهِ نِيَّةَ الْجَمْعِ، ثُمَّ عَوْدِهِ لِنِيَّتِهِ فَوْرًا وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي م ر أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي نِيَّةِ الْجَمْعِ فِي الْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَاهُ فِيهَا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ لَمْ يَضُرَّ كَذَا أَفَادَهُ ع ش عَلَى م ر وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ ح ف (قَوْلُهُ: لِيُقَارِنَ) أَيْ: الْعُذْرَ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ، وَالْأَوْلَى رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِنَحْوِ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ. اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ: فَلَوْ انْقَطَعَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ الْجَمْعُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُحِبُّ) : اسْتِشْهَادًا عَلَى قَوْلِهِ، أَوْ بَعْدَهُمَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ اتَّفَقَ لَهُ وُجُودُ الْمَطَرِ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ. أَمَّا أَهْلُهُ كَالْمُجَاوِرِينَ بِالْأَزْهَرِ فَلَا يَجْمَعُونَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُمْ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ فَيَجْمَعُ وَلَوْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ. اهـ شَيْخُنَا وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَلِمَنْ اتَّفَقَ لَهُ إلَخْ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ بَعِيدٌ أَيْ: فَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الْبُعْدِ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَجْمَعَ) إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُ الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَمِنْهَا الْجَمَاعَةُ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَنْ يَجْمَعَ أَيْ: جَمَاعَةً لَا فُرَادَى كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وِفَاقًا لطب وَهُوَ ظَاهِرُ. اهـ. سم مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: تَتِمَّةٌ) بِكَسْرِ التَّاءَيْنِ اسْمٌ لِبَقِيَّةِ الشَّيْءِ وَقَدْ تَمَّ يَتِمُّ تَمَامًا إذَا كَمُلَ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ: لَكِنْ عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ أَنَّهَا بِفَتْحِ التَّاءِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُمَا بَقِيَّةَ السُّنَنِ مُرَتَّبَةً) بِأَنْ يُصَلِّيَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةَ ثُمَّ سُنَّةَ الْعَصْرِ وَقَوْلُهُ: وَفِي جَمْعِ الْمَغْرِبَيْنِ إلَخْ إذَا تَأَمَّلْت وَجَدْت حُكْمَ سُنَّةِ الْمَغْرِبَيْنِ مُوَافِقًا لِسُنَّةِ الْعَصْرَيْنِ. وَكَلَامُهُ يُوهِمُ الْمُغَايَرَةَ وَقَوْلُهُ: سُنَّتَهُمَا مُرَتَّبَةً إنْ تَرَكَ إلَخْ. أَيْ: بِأَنْ يُصَلِّيَ قَبْلِيَّةَ الْمَغْرِبِ ثُمَّ بَعْدِيَّتَهُ، ثُمَّ قَبْلِيَّةَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ بَعْدِيَّتَهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ صَلَّى سُنَّةَ الْمَغْرِبِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَوْلُهُ: وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ بِأَنْ يُؤَخِّرَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ سَوَاءٌ جَمَعَ تَقْدِيمًا، أَوْ تَأْخِيرًا. اهـ إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ وَتَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ قَدَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ الْفَرِيضَتَيْنِ سَوَاءٌ جَمَعَ تَقْدِيمًا، أَوْ تَأْخِيرًا وَتَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سَوَاءٌ أَقَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ سُنَّتَهَا أَيْ: الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهَا وَلَهُ تَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا، وَقَدَّمَ الظُّهْرَ، وَأَخَّرَ عَنْهَا سُنَّةَ الْعَصْرِ وَلَهُ تَوْسِيطُهَا، وَتَقْدِيمُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سَوَاءٌ قَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ وَإِذَا جَمَعَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ أَخَّرَ سُنَّتَيْهِمَا وَلَهُ تَوْسِيطُ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا، وَقَدَّمَ الْمَغْرِبَ، وَتَوْسِيطُ سُنَّةِ الْعِشَاءِ إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا، وَقَدَّمَ الْعِشَاءَ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مَمْنُوعٌ وَفِي ع ش عَلَى م ر وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ بَعْدِيَّةِ الْأُولَى عَلَى الْأُولَى مُطْلَقًا، وَلَا سُنَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى إنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا، وَلَا الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ مُطْلَقًا إنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا وَمَا عَدَا ذَلِكَ جَائِزٌ. اهـ
[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
هِيَ صَلَاةٌ أَصْلِيَّةٌ تَامَّةٌ عَلَى قَدْرِ الْمَقْصُورَةِ وَقِيلَ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ. وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا، أَوْ لِمَا
بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا وَفَتْحِهَا وَحُكِيَ كَسْرُهَا (تَتَعَيَّنُ) وَالْأَصْلُ فِي تَعْيِينِهَا آيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] وَأَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ كَخَبَرِ «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» وَخَبَرُ «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
جُمِعَ فِيهَا مِنْ الْخَيْرَاتِ، أَوْ لِجَمْعِ خَلْقِ آدَمَ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِهَا، أَوْ لِاجْتِمَاعِهِ بِحَوَّاءَ فِي عَرَفَةَ، أَوْ لِأَنَّهُ جَامَعَهَا فِيهَا. وَيَوْمُهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَفْضَلُ أَيَّامٍ مُطْلَقًا حَتَّى مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدَيْنِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَنَا أَنَّ عَرَفَةَ أَفْضَلُ وَهُوَ أَيْ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، وَلَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْهُ يَعْتِقُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ عَتِيقٍ مِنْ النَّارِ مَنْ مَاتَ فِيهِ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ، وَعَذَابَهُ، وَفِيهِ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ، وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَلَمْ تَقُمْ بِهَا كَمَا لَمْ تَقُمْ بِهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِخَفَاءِ الْإِسْلَامِ وَأَقَامَهَا أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بِقَرْيَةٍ تُسَمَّى نَقِيعَ الْخَضِمَاتِ بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ، فَقَافٍ مَكْسُورَةٍ، فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ، فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، فَخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ، فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ، فَمِيمٍ فَأَلِفٍ. وَآخِرُهُ فَوْقِيَّةٌ اسْمُ قَرْيَةٍ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَصَلَاتُهَا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَبِرْمَاوِيٌّ وز ي.
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْمِيمِ) وَهُوَ أَفْصَحُ وَهَذِهِ اللُّغَاتُ الْأَرْبَعَةُ فِي غَيْرِ الْأُسْبُوعِ الْمُسَمَّى بِالْجُمُعَةِ فِي قَوْلِك صُمْت جُمُعَةً أَيْ: أُسْبُوعًا أَمَّا هُوَ فَبِالسُّكُونِ لَا غَيْرُ كَذَا قَرَّرَهُ ح ف وَفِي ع ش عَلَى م ر وَأَمَّا الْجُمُعَةُ بِسُكُونِ الْمِيمِ فَاسْمٌ لِأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَأَوَّلُهَا السَّبْتُ. اهـ مِصْبَاحٌ وَعَلَيْهِ فَالسُّكُونُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ (قَوْلُهُ: تَتَعَيَّنُ) أَيْ: تَجِبُ عَيْنًا وَقِيلَ كِفَايَةً. قَوْلُهُ آيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] إلَخْ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ فِيهَا الصَّلَاةُ وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ السَّعْيِ إلَيْهَا وُجُوبُهَا وَسُمِّيَتْ الصَّلَاةُ ذِكْرًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ جُزْئِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْبَابِلِيُّ. وَعِبَارَةُ م ر " فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ " وَهُوَ الصَّلَاةُ وَقِيلَ الْخُطْبَةُ فَأَمَرَ بِالسَّعْيِ. وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَإِذَا وَجَبَ السَّعْيُ وَجَبَ مَا يَسْعَى إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَاحٌ وَلَا يُنْهَى عَنْ فِعْلِ الْمُبَاحِ إلَّا لِفِعْلِ الْوَاجِبِ. اهـ قَالَ: ع ش قَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى وُجُوبِهَا بِالْآيَةِ، وَالْحَدِيثَيْنِ بَعْدَهَا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْآيَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الْجُمُعَةِ إذْ وُجُوبُ السَّعْيِ فِي يَوْمِهَا شَامِلٌ لِنَحْوِ الْعَصْرِ، وَأَيْضًا الذِّكْرُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي خُصُوصِ الصَّلَاةِ فَاحْتَاجَ لِذِكْرِ الْحَدِيثَيْنِ بَعْدَهَا وَلَمْ يَكْتَفِ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونُ الْوُجُوبُ فِيهِ بِمَعْنَى الْمُتَأَكِّدِ فِعْلُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ؛ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَذِكْرُ الثَّانِي تَخْصِيصٌ لِمَا قَبْلَهُ. اهـ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُهُ: " إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ " إلَخْ أَيْ: بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَحَرُمَ اشْتِغَالٌ بِنَحْوِ بَيْعٍ بَعْدَ شُرُوعٍ فِي أَذَانِ خُطْبَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ) عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِالْحَدِيثِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إلَّا أَرْبَعَةً) إنْ نُصِبَ فَذَاكَ وَإِنْ رُفِعَ فَعَلَى تَأْوِيلِ الْكَلَامِ بِالنَّفْيِ كَأَنَّهُ قِيلَ لَا يَتْرُكُ الْجُمُعَةَ مُسْلِمٌ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةٌ. اهـ. سم ع ش وَقَوْلُهُ: إنْ نُصِبَ فَذَاكَ أَيْ: فَذَاكَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامٍ تَامٍّ مُوجَبٍ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ نَصَبَ قَوْلَهُ: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ فَهُوَ بَدَلٌ وَإِنْ رُفِعَ فَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَحَدُهَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَعَلَى تَأْوِيلِ الْكَلَامِ بِالنَّفْيِ، أَوْ عَلَى أَنَّ إلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ، وَأَرْبَعَةٌ مُبْتَدَأٌ مَوْصُوفٌ بِمَحْذُوفٍ مَفْهُومٍ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ إلَخْ بَدَلٌ شَوْبَرِيُّ بِإِيضَاحٍ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ فَالْغَرَضُ مِنْ تَأْوِيلِ الرَّافِعِ بِمَا ذَكَرَهُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ وَصُورَتُهُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ تَامٌّ مُوجِبٌ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ فِيهِ نَصْبُ الْمُسْتَثْنَى فَمَا وَجْهُ تَصْحِيحِ الرَّفْعِ هُنَا؟ وَفِي م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّصْبَ بَعْدَ الْكَلَامِ التَّامِّ الْمُوجِبِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ وَقَالَ: أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عُصْفُورٍ فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَ إلَّا مُوجِبًا جَازَ فِي الِاسْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إلَّا وَجْهَانِ: أَفْصَحُهُمَا النَّصْبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَالْآخَرُ أَنْ تَجْعَلَهُ مَعَ إلَّا تَابِعًا لِلِاسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ فَتَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا بِنَصْبِهِ وَرَفْعِهِ وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ " فَشَرِبُوا مِنْهُ إلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ " بِالرَّفْعِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَلَمَّا تَفَرَّقُوا كُلُّهُمْ أَحْرَمُوا إلَّا أَبُو قَتَادَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ: ابْنُ جِنِّي فِي شَرْحِ اللُّمَعِ وَيَجُوزُ أَنْ تَجْعَلَ إلَّا صِفَةً بِمَعْنَى
أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ» وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ (عَلَى) مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ (حُرٍّ ذَكَرٍ بِلَا عُذْرِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مُقِيمٍ بِمَحَلِّ جُمُعَةٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
غَيْرٍ، وَيَكُونُ الِاسْمُ الَّذِي بَعْدَ إلَّا مُتَحَرِّكًا بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا تَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدٌ، وَرَأَيْت الْقَوْمَ إلَّا زَيْدًا، وَمَرَرْت بِالْقَوْمِ إلَّا زَيْدٍ فَتُعْرِبُ إلَّا بِإِعْرَابِ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ تَتْبَعُ الْمَوْصُوفَ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْإِعْرَابُ عَلَى إلَّا وَلَكِنْ إلَّا حَرْفٌ لَا يُمْكِنُ إعْرَابُهُ فَنُقِلَ إعْرَابُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ غَيْرَ لَمَّا كَانَتْ اسْمًا ظَهَرَ الْإِعْرَابُ فِيهَا إذَا كَانَتْ صِفَةً تَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ غَيْرُ زَيْدٍ، وَرَأَيْت الْقَوْمَ غَيْرَ زَيْدٍ وَمَرَرْت بِالْقَوْمِ غَيْرِ زَيْدٍ. اهـ عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُبُونَ الْمَنْصُوبَ بِهَيْئَةِ الْمَرْفُوعِ أَيْ: فَيَكُونُ عَبْدٌ مَنْصُوبًا عَلَى رِوَايَةِ أَرْبَعَةً بِالنَّصْبِ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةٌ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُ عليه الصلاة والسلام عَلَى الْأَرْبَعَةِ لِكَوْنِهِمْ كَانُوا مَوْجُودِينَ إذْ ذَاكَ وَيُقَاسُ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَأْتِي. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ: الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ وَحُكْمُهُ عَلَى الْجُمُعَةِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ حُكْمٌ عَلَى مَجْهُولٍ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بَاطِلٌ فَأَشَارَ إلَى جَوَابِ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِيهِ الْحُكْمُ عَلَى مَعْلُومٍ لَا عَلَى مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمَعْلُومَ لَا يَتَوَقَّفُ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى ذِكْرِهِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَخْفِيفِ عَدَدِهَا مَا يَسْبِقُهَا مِنْ مَشَقَّةِ الِاجْتِمَاعِ الْمَشْرُوطِ لِصِحَّتِهَا، وَتَحَتُّمِ الْحُضُورِ، وَسَمَاعِ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّهُمَا نَائِبَتَانِ مَنَابَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ. اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) وَمِنْهُ الِاحْتِيَاجُ إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ بِخِلَافِهِ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ فَيَكْشِفُ عَوْرَتَهُ لِلِاسْتِنْجَاءِ حِينَئِذٍ وَعَلَى الْحَاضِرِينَ غَضُّ أَبْصَارِهِمْ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا دُونَهُ وَمِنْهُ الِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ، وَمِنْهُ إجَارَةُ الْعَيْنِ لِمَنْ لَزِمَ عَلَيْهِ فَسَادُ عَمَلِهِ بِغَيْبَتِهِ وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ حُرٌّ أَيْ: وَإِنْ كَانَ أَجِيرَ عَيْنٍ مَا لَمْ يَخْشَ فَسَادَ الْعَمَلِ بِغَيْبَتِهِ قَالَ: ع ش وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَتَى أُطْلِقَتْ انْصَرَفَتْ لِلصَّحِيحَةِ وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إحْضَارِ الْخُبْزِ لِمَنْ يَخْبِزُهُ وَيُعْطِي مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَيْسَ اشْتِغَالُهُ بِالْخُبْزِ عُذْرًا بَلْ يَجِبُ الْحُضُورُ إلَى الْجُمُعَةِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ مَا لَمْ يُكْرِهْهُ صَاحِبُ الْخُبْزِ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ فَلَا يَعْصِي، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ لَوْ تَرَكَهُ وَذَهَبَ إلَى الْجُمُعَةِ تَلِفَ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا وَإِنْ أَثِمَ بِأَصْلِ اشْتِغَالِهِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى تَلَفِهِ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْجُمُعَةِ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْعَمَلَةِ كَالنَّجَّارِ، وَالْبَنَّاءِ، وَنَحْوِهِمَا، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ كحج أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَفْسُدْ عَمَلُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَإِنْ زَادَ زَمَنُهُ عَلَى زَمَنِ صَلَاتِهِ بِمَحَلِّ عَمَلِهِ وَلَوْ طَالَ، وَعِبَارَةُ حَجّ عَلَى الْإِيعَابِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ عُذْرًا فِي الْجُمُعَةِ فَيُسْتَثْنَى زَمَنُهَا بِخِلَافِ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا إنْ طَالَ زَمَنُهَا عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَتَتَكَرَّرُ فَاشْتُرِطَ لِاغْتِفَارِهَا أَنْ لَا يَطُولَ زَمَنُهَا رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَاكْتَفَى بِتَفْرِيعِ الذِّمَّةِ بِالصَّلَاةِ فُرَادَى بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَلَمْ تَسْقُطْ وَلَوْ طَالَ زَمَنُهَا. اهـ مُلَخَّصًا.
وَمِنْهُ مَرَضٌ يَشُقُّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَمِنْهُ الْأَعْمَى بِلَا قَائِد نَعَمْ لَوْ اجْتَمَعَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي مَحَلِّهِمْ جَمْعٌ تَصِحُّ بِهِ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْهُمْ فِيهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا، وَمِنْ الْعُذْرِ إبْرَارُ قَسَمِ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ مَثَلًا لِخَوْفٍ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَ زَيْدٍ فَوُلِّيَ زَيْدٌ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ وَقِيلَ فِي هَذِهِ يُصَلِّي خَلْفَهُ، وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا كَمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ ثَوْبَهُ فَأَجْنَبَ وَاحْتَاجَ إلَى نَزْعِهِ لِتَعَذُّرِ غَسْلِهِ فِيهِ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: لِأَنَّ لِلْغُسْلِ بَدَلًا أَيْضًا وَهُوَ التَّيَمُّمُ، وَقَوْلُهُ: يُصَلِّي خَلْفَهُ وَلَا يَحْنَثُ قَالَهُ: ع ش وَضَعَّفَهُ ح ف قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَلْ الْأَعْذَارُ مُسْقِطَاتٌ لِلْوُجُوبِ، أَوْ مُوجِبَاتٌ لِلتَّرْكِ أَيْ: أَسْبَابٌ لَهُ خِلَافٌ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ. اهـ إيعَابٌ أَيْ: بِمَعْنَى أَنَّ الْأَعْذَارَ مَانِعَةٌ مِنْ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْمَعْذُورِ. اهـ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْأَيْمَانُ، وَالتَّعَالِيقُ. (قَوْلُهُ: مُقِيمٌ) إطْلَاقُ هَذَا مَعَ تَقْيِيدِ مَا بَعْدَهُ بِبُلُوغِ الصَّوْتِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا بُلُوغُ الصَّوْتِ قَالَ
تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ (أَوْ بِمُسْتَوٍ بَلَغَهُ فِيهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُعْتَدِلِ سَمْعِ صَوْتٍ عَالٍ عَادَةً فِي هُدُوٍّ) أَيْ: سُكُونٍ لِلْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ (مِنْ طَرَفِ مَحَلِّهَا الَّذِي يَلِيهِ أَوْ مُسَافِرٍ لَهُ) أَيْ: لِلْمُسْتَوِي (مِنْ مَحِلِّهَا) أَوْ مُسَافِرٍ لِمَعْصِيَةٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْبَابِ قَبْلَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» وَالْمُسَافِرُ لِمَعْصِيَةٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الرُّخَصِ فَلَا جُمُعَةَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ لَزِمَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ عِنْدَ التَّعَدِّي قَضَاؤُهَا ظُهْرًا كَغَيْرِهَا، وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ، وَلَا عَلَى امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَأُلْحِقَ بِالْمَرْأَةِ فِيهِ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ فِي الْبَلَدِ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ. اهـ. سم. اهـ. ع ش.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْإِطْفِيحِيُّ: نَقْلًا عَنْ ع ش وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عُذْرِ تَرْكٍ إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُقِيمًا وَقَامَ بِهِ عُذْرٌ جُوِّزَ لَهُ التَّرْكُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَخَّرَهُ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا بِمَحِلِّ جُمُعَةٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّهَا لَكِنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوهَا إلَّا فِي مَحَلِّ الْإِقَامَةِ، وَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ مُقِيمٌ، وَمَا قَبْلَهُ تَقْدِيمُ دَلِيلِهِ. اهـ. ع ش اط ف (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُسْتَوٍ) وَلَوْ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي. وَقَوْلُهُ: بَلَغَهُ أَيْ: الْمُقِيمَ بِالْمُسْتَوِي. وَقَوْلُهُ: فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِبَلَغَ، وَفَاعِلُهُ صَوْتٌ، وَمُعْتَدِلٌ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمُقِيمِ، وَقَوْلُهُ: فِي هُدُوٍّ مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِبَلَغَ، وَقَوْلُهُ: يَلِيهِ أَيْ: يَلِي الْمُسْتَوِيَ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقِيمِ بِقِسْمَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُقِيمِ بِقِسْمَيْهِ وَعَلَى الْمُسَافِرِ بِقِسْمَيْهِ أَعْنِي الْمُسَافِرَ لِلْمُسْتَوِي مِنْ مَحَلِّهَا أَيْ: خَرَجَ مِنْ مَحَلِّهَا إلَى ذَلِكَ الْمُسْتَوِي، وَالْمُسَافِرَ لِلْمَعْصِيَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بَلَغَهُ فِيهِ) أَيْ: بِحَيْثُ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَى الْبُلُوغِ بِالْقُوَّةِ. اهـ. ح ل وَبِرْمَاوِيٌّ وَالْمُرَادُ بَلَغَهُ ذَلِكَ وَهُوَ وَاقِفٌ طَرَفَ بَلَدِهِ الَّذِي يَلِي الْمُؤَذِّنَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ حَرِّرْ وَفِي ع ش عَلَى م ر أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَوْضِعِ إقَامَتِهِ (قَوْلُهُ: صَوْتٌ) وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ نِدَاءٌ لِلْجُمُعَةِ. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ: فِي هُدُوٍّ) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ سُكُونُ الْأَصْوَاتِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ الْوُصُولِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ سُكُونُ الْأَرْيَاحِ لِأَنَّهَا تَارَةً تُعِينُ عَلَيْهِ وَتَارَةً تَمْنَعُ مِنْهُ. اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ طَرَفِ مَحَلِّهَا الَّذِي يَلِيهِ) وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَلَدَ قَدْ يَكْبُرُ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ أَطْرَافَهَا النِّدَاءُ الَّذِي بِوَسَطِهَا فَاحْتِيطَ لِلْعِبَادَةِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَلَعَلَّ ضَابِطَهُ مَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ أَيْ: بِأَنْ لَا تُقْصَرَ فِيهِ الصَّلَاةُ أَيْ: لِمَنْ سَافَرَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَسَكَتُوا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ الْمُسْتَمِعُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ إقَامَتِهِ فَمَنْ سَمِعَ مِنْ مَوْضِعِ إقَامَتِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. سم. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ بَعْضَهُمْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَبَعْضَهُمْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٌ لَهُ مِنْ مَحَلِّهَا) أَيْ: وَسَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَا إنْ سَمِعَهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ هَكَذَا قَالَهُ ح ل وَقَوْلُهُ: فَيَجِبُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ فَلَوْ قَالَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُهَا لَكَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمُسْتَوِي) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْحَصَّادِينَ إذَا خَرَجُوا قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ نِدَاءَ مَحَلِّهِمْ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، وَإِنْ سَمِعُوهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ لِأَنَّ السَّفَرَ هُنَا يَشْمَلُ الْقَصِيرَ أَيْضًا، وَكَذَا إنْ سَمِعُوا لَكِنْ خَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ مَالِهِمْ، وَكَذَا إنْ خَرَجُوا بَعْدَ الْفَجْرِ سَمِعُوا، أَوْ لَمْ يَسْمَعُوا إنْ خَافُوا عَلَى مَا ذُكِرَ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي السُّقُوطِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ إنْ نَشَأَ الْفَوَاتُ مِنْ خُرُوجِهِمْ. اط ف (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٌ لِمَعْصِيَةٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ، أَوْ مُسَافِرٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ الْبَابِ قَبْلَهُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ فَلَا قَصْرَ كَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الرُّخَصِ لِعَاصٍ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى الْمُقِيمِ بِالْمُسْتَوِي وَالْمُسَافِرِ لَهُ وَاسْتُدِلَّ عَلَى الْمُسَافِرِ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ، وَعَلَى الْمُقِيمِ بِمَحَلِّهَا بِالتَّأَسِّي. (قَوْلُهُ: وَالْمُسَافِرُ لِمَعْصِيَةٍ إلَخْ) دُفِعَ بِهِ مَا يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِ الْخَبَرِ مِنْ أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُسَافِرِ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ) نَعَمْ إنْ أَفَاقَ قَبْلَ فَوَاتِهَا لَزِمَهُ فِعْلُهَا، وَكَذَا الْمَجْنُونُ، وَالْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ عِنْدَ التَّعَدِّي قَضَاؤُهَا ظُهْرًا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الظُّهْرَ بَدَلٌ عَنْهَا لَا قَضَاءٌ لَهَا.
فَإِنْ قُلْت: الْقَضَاءُ فَرْعُ الْوُجُوبِ وَهُنَا لَا وُجُوبَ. قُلْت: هُوَ فَرْعُهُ غَالِبًا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ) وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَتْ الْجُمُعَةُ فِي نَوْبَةِ الرَّقِيقِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِمَالِكِ الْقِنِّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي حُضُورِهَا. . اهـ. م ر (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ) فِيهِ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ احْتِمَالُ ذُكُورَتِهِ مُعَامَلَةً لَهُ بِالْأَغْلَظِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ مِنْ وَظَائِفِ
وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مِمَّا يُتَصَوَّرُ هُنَا لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ وَأُلْحِقَ بِالْمَرِيضِ فِيهِ نَحْوُهُ، وَلَا عَلَى مُسَافِرٍ غَيْرِ مَنْ مَرَّ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّفَرِ وَأَسْبَابِهِ وَلَا مُقِيمٍ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ وَلَا يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ الْمَذْكُورُ لِمَفْهُومِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَعُلِمَ بِقَوْلِي بِمُسْتَوٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قَرْيَةً لَيْسَتْ مَحَلَّ جُمُعَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ فَسَمِعَ أَهْلُهَا النِّدَاءَ لِعُلُوِّهَا وَلَوْ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ لَمْ يَسْمَعُوهُ أَوْ كَانَتْ فِي مُنْخَفَضٍ فَلَمْ يَسْمَعُوهُ لِانْخِفَاضِهَا وَلَوْ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ لَسَمِعُوهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الرِّجَالِ وَهْم أَهْلُ كَمَالٍ غُلِّظَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ مُسَاوَاتِهِ لَهُمْ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الِاحْتِمَالِ فَتَأَمَّلْ. .
اهـ. اط ف (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ عُذْرٌ) وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالسَّبَبِ مِنْ خُرُوجِهِمْ لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِمْ ضَرَرٌ كَفَسَادِ مَتَاعِهِمْ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي قُرَى مِصْرِنَا كَثِيرًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مِمَّا يُتَصَوَّرُ هُنَا) كَالْمَرَضِ بِخِلَافِ مَا لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا كَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ بِلَيْلٍ. اهـ. ح ل فَإِذَا وَجَدَ هَذِهِ الرِّيحَ الشَّدِيدَةَ نَهَارًا لَا يُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لِأَجْلِهَا وَقَدْ يُقَالُ: أَلْحَقُوا مَا بَعْدَ الْفَجْرِ بِاللَّيْلِ فِي مَسَائِلَ لِوُجُودِ الظُّلْمَةِ فِيهِ فَتَكُونُ فِيهِ شِدَّةُ الرِّيحِ عُذْرًا فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ، وَتَوَقَّفَ حُضُورُ الْجُمُعَةِ عَلَى السَّعْيِ مِنْ الْفَجْرِ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ. اهـ. ع ش وَانْظُرْ وَجْهَ حُسْنِهِ مَعَ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ صَوْتِ الْمُنَادِي لِمُعْتَدِلِ السَّمْعِ. وَصَوْتُ الْمُنَادِي لَا يَصِلُ إلَى مَحَلٍّ يَجِبُ فِيهِ السَّعْيُ مِنْ الْفَجْرِ كَاتِبُهُ اط ف. وَأَجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ صَوْتِ الْمُنَادِي فِي غَيْرِ الْمُقِيمِ بِمَحَلِّهَا أَمَّا الْمُقِيمُ بِمَحَلِّهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَمَاعُ صَوْتِ الْمُنَادِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمَتْنِ، وَتَقْيِيدُهُ فِيمَا بَعْدَهُ فَيَكُونُ كَلَامُ ع ش فِي التَّصْوِيرِ مَفْرُوضًا فِي الْمُقِيمِ بِمَحَلِّهَا فَإِذَا كَانَتْ دَارُهُ بَعِيدَةً بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَّا إنْ سَارَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مُسَافِرٍ) أَيْ: وَإِنْ نَقَصَ الْعَدَدُ بِسَبَبِ سَفَرِهِ، وَتَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى غَيْرِهِ بِوَاسِطَةِ سَفَرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحَصِّلَ الْجُمُعَةَ لِغَيْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي الْمَعْذُورِ السَّابِقِ وِفَاقًا لِلْعَلَّامَةِ م ر. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَنْ مَرَّ) الَّذِي مَرَّ هُوَ الْمُسَافِرُ لِلْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ، أَوْ لِلْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا) فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ السَّفَرَ لِمَحَلٍّ يُسْمَعُ فِيهِ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ يُسَمَّى سَفَرًا شَرْعًا، وَقَدْ قَالُوا فِي النَّفْلِ فِي السَّفَرِ فِي صَوْبِ مَقْصِدِهِ لَا بُدَّ أَنْ يُسَافِرَ لِمَحَلٍّ يُسَمَّى الذَّهَابُ إلَيْهِ سَفَرًا شَرْعًا بِأَنْ لَا يُسْمَعَ فِيهِ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ جَاوَزَ الْمَحَلَّ الْمُعْتَبَرَ مُجَاوَزَتُهُ يُقَالُ: لَهُ مُسَافِرٌ شَرْعًا ثُمَّ إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يُسْمَعُ فِيهِ نِدَاءٌ الْجُمُعَةِ جَازَ لَهُ التَّنَفُّلُ صَوْبَ مَقْصِدِهِ، وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ سَمِعَ فِيهِ النِّدَاءَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ لِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّفَرِ وَأَسْبَابِهِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى نَحْوِ الْحَصَّادِينَ إذَا خَرَجُوا قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ فِيهِ النِّدَاءَ أَيْ: نِدَاءَ بَلْدَتِهِمْ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ الْبُلُوغُ مِنْ غَيْرِ بَلْدَتِهِمْ أَيْضًا لَكَانَ مَنْ خَرَجَ أَيْ: قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى قَرْيَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَرْحَلَةٌ وَبِقُرْبِهَا بَلْدَةٌ يَسْمَعُ نِدَاءَهَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَلَا يَقُولُ: بِهِ أَحَدٌ. اهـ. ح ل.
وَقَالَ الْعَزِيزِيُّ: وَمِنْ هَذَا مَا يَقَعُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ مِنْ أَنَّ الْفَلَّاحِينَ يَخْرُجُونَ لِلْحَصَادِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدِهِمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ فِيمَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ النِّدَاءَ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى مَنْ ذُكِرَ لِأَنَّهُمْ إمَّا فِي حُكْمِ الْمُقِيمِينَ أَوْ لِدُخُولِهِمْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مُسَافِرٌ لَهُ أَيْ: لِلْمُسْتَوِي مِنْ مَحَلِّهَا فَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ أَقَامُوا بِغِيطَانِهِمْ أَوْ رَجَعُوا إلَى بِلَادِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَيْضًا قَوْلَهُ أَوْ مُسَافِرٌ لَهُ أَيْ: لِلْمُسْتَوِي دَخَلَ فِي ذَلِكَ الضِّيَافَةُ، وَمَنْ يُسَافِرُ لِلسَّوَاقِي، أَوْ لِلْحِرَاثَةِ مِنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ فَإِذَا سَافَرَ إلَى ذَلِكَ الْمُسْتَوِي إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ مَحَلِّهَا، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الذَّهَابُ وَإِلَّا فَلَا وَالْحَالُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْمَحَلِّ قَبْلَ الْفَجْرِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا قَالَهُ ح ل. اهـ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ح ل وَوَافَقَهُ ع ن لِأَنَّهُ يُقَالُ: لَهُمْ مُسَافِرُونَ، وَالْمُسَافِرُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ، وَإِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ تَقَعُ كَثِيرًا وَهِيَ أَنَّ الشَّخْصَ يُسَافِرُ يَوْمَ الْخَمِيسِ مَثَلًا إلَى قَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ بَلَدِهِ لَكِنْ لَا يَسْمَعُ فِيهَا النِّدَاءَ مِنْ بَلَدِهِ وَيُصْبِحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَهُوَ غَيْرُ عَازِمٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بَلْ يَرْجُو مِنْهَا قَضَاءَ حَاجَتِهِ فَحِينَئِذٍ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مَعَ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ: لَهُ مُسَافِرٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ لَمْ يَسْمَعُوهُ) بِأَنْ فُرِضَ زَوَالُ هَذَا الْعُلُوِّ وَكَانَتْ بِمَحَلٍّ عَلَى مُسْتَوٍ مُسَامِتٍ لِبَلَدِ الْجُمُعَةِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بِمُسْتَوٍ لَسَمِعُوهُ بِأَنْ فُرِضَ جَعْلُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ الْمُسْتَوِي الْمُسَامِتِ لِبَلَدِ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ: الْمُرَادُ لَوْ فُرِضَتْ مَسَافَةُ انْخِفَاضِهَا مُمْتَدَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَى
لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَبِقَوْلِي مُعْتَدِلِ سَمْعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ جَاوَزَ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَبِقَوْلِي عَادَةً فِي هُدُوٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّوْتُ الْعَالِي عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ أَوْ عَلَى عَادَتِهِ لَا فِي هُدُوٍّ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَلَا يُعْتَبَرُ وُقُوفُ الْمُنَادِي بِمَحَلٍّ عَالٍ كَمَنَارَةٍ وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِيدٌ فَحَضَرَ صَلَاتَهُ أَهْلُ قُرًى يَبْلُغُهُمْ النِّدَاءُ فَلَهُمْ الِانْصِرَافُ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ نَعَمْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ كَأَنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ تَرْكُهَا وَقَوْلِي مُعْتَدِلِ سَمْعِ وَعَادَةً مَعَ أَوْ مُسَافِرٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِمُسْتَوٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَرْيَةٍ.
(وَتَلْزَمُ) الْجُمُعَةُ (أَعْمَى وَجَدَ قَائِدًا)
ــ
[حاشية البجيرمي]
آخِرِهَا لَسُمِعَتْ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ وَقِيسَ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ فِي الْأُولَى أَيْ: فَتُفْرَضُ مَسَافَةُ عُلُوِّهَا مُمْتَدَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَى آخِرِهَا فَفِيهِ نَظَرٌ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِإِفْتَاءِ وَالِدِهِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ كَانَتْ بِمُنْخَفِضٍ لَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَلَوْ اسْتَوَتْ لَسَمِعَهُ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنْ تَبْسُطَ هَذِهِ الْمَسَافَةُ، أَوْ أَنْ يَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِمَا هُوَ فِيهِ. الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ. . اهـ. ح ل وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِي الثَّانِيَةِ) وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا وَقَوْلُهُ: دُونَ الْأُولَى وَإِنْ كَانُوا يَسْمَعُونَ بِالْفِعْلِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصَمَّ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ لَسَمِعَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ أَيْ: وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ سَمْعٍ لَمْ يَسْمَعْ. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَبَرْ) أَيْ: فَتَجِبُ عَلَى الْأَصَمِّ وَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ وَلَا الثَّانِي فِي تَحْصِيلِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا فَإِنْ قُلْت: قِيَاسُ مَا فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ حَدِيدَ الْبَصَرِ إذَا رَأَى الْهِلَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وُجُوبُ الْحُضُورِ هُنَا قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَدَارَ فِي الصَّوْمِ عَلَى الْعِلْمِ بِوُجُودِ الْهِلَالِ وَقَدْ حَصَلَ بِرُؤْيَةِ حَدِيدِ الْبَصَرِ، وَالْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَسَافَةٍ لَا يَحْصُلُ بِهَا مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَلَوْ عُوِّلَ عَلَى حَدِيدِ السَّمْعِ لَرُبَّمَا حَصَلَ بِهَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ فَإِنَّ حَدِيدَ السَّمْعِ قَدْ يَسْمَعُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ كَنِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا فَلَوْ كُلِّفَ بِالسَّعْيِ حِينَئِذٍ لَتَضَاعَفَتْ عَلَيْهِ الْمَشَقَّةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى عَادَتِهِ لَا فِي هُدُوٍّ) أَيْ: لِلرِّيَاحِ وَقَوْلُهُ: لَمْ تَتَعَيَّنْ أَيْ: حَيْثُ سَمِعُوا مَعَ وُجُودِ الْأَصْوَاتِ أَوْ الرِّيَاحِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا وَاضِحٌ فِي الرِّيَاحِ لِأَنَّهَا رُبَّمَا حَمَلَتْ الصَّوْتَ وَأَمَّا فِي الْأَصْوَاتِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ مَعَ وُجُودِ الْأَصْوَاتِ فَمَعَ عَدَمِهَا بِالْأَوْلَى فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ التَّعَيُّنِ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا اُعْتُبِرَ هُدُوُّ الْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ لِئَلَّا يَمْنَعَا بُلُوغَ النِّدَاءِ، أَوْ تُعِينَ عَلَيْهِ الرِّيَاحُ. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِيدٌ إلَخْ) صُورَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ السَّابِقِ، أَوْ بِمُسْتَوٍ أَيْ: فَتَلْزَمُ الْمُقِيمَ بِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ. ع ش فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ نَعَمْ لَوْ وَافَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَحَضَرَ صَلَاتَهُ أَهْلُ قُرَى) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الذَّهَابِ إلَيْهِ لِقَصْدِهَا، وَعَدَمِهِ لَا عَلَى حُضُورِ الصَّلَاةِ فَمَتَى تَوَجَّهُوا إلَيْهِ بِقَصْدِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوهَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْعَوْدُ لِلْجُمُعَةِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ وَأَمَّا لَوْ حَضَرُوا لِبَيْعِ أَسْبَابِهِمْ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْحُضُورُ وَلَوْ صَلَّوْا الْعِيدَ سَوَاءٌ رَجَعُوا إلَى مَحَلِّهِمْ، أَوْ لَا كَمَا فِي ع ش فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا كَأَنْ صَلَّوْا الْعِيدَ بِمَكَانِهِمْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: فَلَهُمْ الِانْصِرَافُ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ) أَيْ: لِسُقُوطِهَا عَنْهُمْ وَإِنْ قَرُبُوا وَأَمْكَنَهُمْ إدْرَاكُهَا لَوْ عَادُوا تَخْفِيفًا عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ لَوْ كُلِّفُوا بِالرُّجُوعِ لِلْجُمُعَةِ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَالْجُمُعَةُ تَسْقُطُ بِالْمَشَقَّةِ. اهـ إطْفِيحِيٌّ فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبَ السَّعْيِ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَرْبَعِينَ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقِيمُوهَا بِمَحَلِّهِمْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ السَّعْيُ إلَى مَحَلِّ النِّدَاءِ لِتَعْطِيلِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي مَحَلِّهِمْ قَالَهُ ح ل وَقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ السَّعْيُ إلَخْ.
وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ قَصْدُهُمْ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الْمِصْرِ عُذْرًا فِي تَرْكِهِمْ الْجُمُعَةَ فِي بَلْدَتِهِمْ إلَّا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَسَادُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ احْتَاجُوا إلَى مَا يَصْرِفُونَهُ فِي نَفَقَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَا يُكَلَّفُونَ الِاقْتِرَاضَ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ) أَيْ: أَوْ بَعْدَهُ حَيْثُ لَمْ يَصِلُوا إلَى مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ مِنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ. اهـ. ح ل وع ش (قَوْلُهُ: كَأَنْ دَخَلَ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْا الْعِيدَ عَقِبَ دُخُولِ وَقْتِهَا ثُمَّ تَشَاغَلُوا بِأَسْبَابٍ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِانْصِرَافُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الِانْصِرَافُ حِينَئِذٍ. اهـ. ع ش وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: وَتَلْزَمُ أَعْمَى وَجَدَ قَائِدًا) فَلَوْ لَمْ يَجِدْهُ لَا تَلْزَمُهُ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا
مُتَبَرِّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ مِلْكًا لَهُ (وَ) شَيْخًا (هَمًّا وَزَمِنًا وَجَدًّا مَرْكَبًا) مِلْكًا أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ إعَارَةٍ (لَا يَشُقُّ رُكُوبُهُ) عَلَيْهِمَا.
(وَمَنْ صَحَّ ظُهْرُهُ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ صَحَّتْ) جُمُعَتُهُ لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ فَمِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ أَوْلَى وَتُغْنِي عَنْ ظُهْرِهِ (وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ) مِنْ الْمُصَلَّى (قَبْلَ إحْرَامِهِ) بِهَا (إلَّا نَحْوُ مَرِيضٍ) كَأَعْمَى لَا يَجِدُ قَائِدًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ (إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا وَلَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ بِانْتِظَارِهِ) فَعَلَهَا (أَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ وَكَانَ ثُمَّ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ كَمَنْ بِهِ إسْهَالٌ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ فَأَحَسَّ بِهِ، وَلَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ وَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ إنْ مَكَثَ سَبَقَهُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ لَهُ الِانْصِرَافَ وَتَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنَّ الْمَانِعَ فِي نَحْوِ الْمَرِيضِ مِنْ وُجُوبِهَا مَشَقَّةُ الْحُضُورِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا بِحَيْثُ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فِي ذَهَابِهِ لِلْجَامِعِ. اهـ. م ر وز ي وَبِرْمَاوِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ: وَجَدَ قَائِدًا) أَيْ: تَلِيقُ بِهِ مُرَافَقَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا نَحْوُ فَاسِقٍ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ (قَوْلُهُ: مُتَبَرِّعًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَتِهِ لِلْمِنَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِأُجْرَةٍ أَيْ: فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ وَعَنْ دَيْنِهِ، وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَشَيْخًا هِمًّا) أَيْ: هَرِمًا لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ، وَقَوْلُهُ وَزَمِنًا الزَّمِنُ هُوَ الَّذِي أَصَابَتْهُ آفَةٌ أَضْعَفَتْ حَرَكَتَهُ وَإِنْ كَانَ شَابًّا. اهـ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ زَمِنَ الشَّخْصُ زَمَانَةً وَزَمَنًا فَهُوَ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَهُوَ مَرَضٌ يَدُومُ زَمَنًا طَوِيلًا اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَدَا مَرْكَبًا) وَلَوْ آدَمِيًّا لَا يُزْرِي بِهِ رُكُوبُهُ أَيْ: لَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ عَادَةً، وَقَوْلُهُ: لَا يَشُقُّ رُكُوبُهُ أَيْ: مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْوَحْلِ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْمَرْكَبُ بِفَتْحِ الْكَافِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِعَارَةٍ) أَيْ: إعَارَةٍ لَا مِنَّةَ فِيهَا بِأَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ تَافِهَةً جِدًّا فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ وَهَلْ يَجِبُ السُّؤَالُ فِي الْإِعَارَةِ، وَكَذَا الْإِجَارَةُ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْوُجُوبُ كَمَا فِي طَلَبِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَا اهـ بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: صَحَّتْ جُمُعَتُهُ) أَيْ: إجْمَاعًا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَلَوْ بِقَلْبِهَا نَفْلًا مَثَلًا. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إذَا صَحَّتْ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ فَمِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ أَوْلَى) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ، وَصَلَّاهَا انْعَقَدَتْ لَهُ، وَأَجْزَأَتْهُ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَتْ أَقْصَرَ فِي الصُّورَةِ فَإِذَا أَجْزَأَتْ الْكَامِلِينَ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ مَعَ قِصَرِهَا فَلَأَنْ تُجْزِئَ أَصْحَابَ الْأَعْذَارِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. اهـ وَبَعْضُهُمْ وَجَّهَ الْأَوْلَوِيَّةَ بِأَنَّ مَنْ تَلْزَمُهُ هُوَ الْأَصْلُ، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ فَإِذَا أَجْزَأَتْ الْأَصْلَ أَجْزَأَتْ التَّابِعَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. اهـ. ز ي وَقَالَ: ق ل عَلَى الْجَلَالِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُ أَيْ: أَجْزَأَتْهُ عَنْ ظُهْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَعَلَيْهِ تَصِحُّ الْأَوْلَوِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ بِهَا الظُّهْرُ عَنْ الْكَامِلِينَ فَعَنْ غَيْرِهِمْ أَوْلَى وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مَعْنَى الصِّحَّةِ وَالْإِجْزَاءِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْكِفَايَةُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ. اهـ وَقَوْلُهُ: فَمِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ أَوْلَى فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صِحَّتَهَا مِمَّنْ يَصِحُّ ظُهْرُهُ تَبَعٌ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَحِينَئِذٍ لَيْسَ الصِّحَّةُ مِنْهُ أَوْلَى وَمَنْ عَبَّرَ بِالْإِجْزَاءِ سَلِمَ مِنْ هَذَا. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتُغْنِي عَنْ ظُهْرِهِ) هَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ مَنْطُوقُ الْمَتْنِ. اهـ شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ) أَيْ: وَلِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ الِانْصِرَافُ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ إحْرَامِهِ بِهَا) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ إقَامَتِهَا. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا نَحْوَ مَرِيضٍ) وَضَابِطُهُ أَيْ: الْمَرِيضِ الَّذِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ أَنْ يَلْحَقَهُ بِحُضُورِهَا مَشَقَّةٌ كَمَشَقَّةِ مَشْيِهِ فِي الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ) فَإِنْ انْصَرَفَ أَتَمَّ وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ. اهـ. ح ل وَشَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) أَيْ: أَوْ زَادَ لَكِنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَالْمُرَادُ زِيَادَةٌ تُحْتَمَلُ بِدَلِيلِ الِاسْتِدْرَاكِ. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ تَحَرُّمِهِ) وَصُورَةُ انْصِرَافِهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَبِأَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ، وَيُكْمِلَ مُنْفَرِدًا إنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْهُ ضَرَرٌ بِالتَّكْمِيلِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ قَطْعُهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ الِانْصِرَافَ) أَيْ: بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلْوِيثُ الْمَحَلِّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى) وَهُوَ نَحْوُ الْمَرِيضِ، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ هُوَ الْهَاءُ فِي لَهُ أَيْ: حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ الِانْصِرَافُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيَجُوزُ لِلثَّانِي وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْعُذْرُ مَشَقَّةَ الْحُضُورِ كَانَ الْقِيَاسُ حُرْمَةَ الِانْصِرَافِ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْحُضُورِ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ بِفَرْضِ عَدَمِ الْعُذْرِ فَلَا وَجْهَ لِعَوْدِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ كَوْنِهِ فِيهِ وَأَجَابَ سم عَلَى حَجّ بِأَنَّ جَوَازَ الْعَوْدِ قَبْلَ الْوَقْتِ مُقَيَّدٌ بِمَنْ يَرْجِعُ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى نِيَّةِ
وَقَدْ حَضَرَ مُحْتَمِلًا لَهَا، وَالْمَانِعَ فِي غَيْرِهِ صِفَاتٌ قَائِمَةٌ بِهِ لَا تَزُولُ بِالْحُضُورِ وَالتَّقْيِيدُ بِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ جُمُعَةٌ وَبِقَبْلِ الْإِحْرَامِ وَبِالْإِقَامَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَبِفَجْرٍ حَرُمَ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ) بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا (سَفَرٌ تَفُوتُ بِهِ) كَأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ طَاعَةً وَقَبْلَ الزَّوَالِ (لَا إنْ خَشِيَ) مِنْ عَدَمِ سَفَرِهِ (ضَرَرًا) كَانْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ فَلَا يَحْرُمُ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِنَّمَا حَرُمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ وَلِذَلِكَ يَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ.
(وَسُنَّ لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ بِمَحَلِّهَا (جَمَاعَةٌ فِي ظُهْرِهِ) فِي وَقْتِهَا لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْجَمَاعَةِ (وَإِخْفَاؤُهَا إنْ خَفِيَ عُذْرُهُ) لِئَلَّا يُتَّهَمَ بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنْ ظُهْرٌ لَمْ يُسَنُّ إخْفَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْعَوْدِ إلَيْهِ فَلَوْ عَادَ لَا بِتِلْكَ النِّيَّةِ حَرُمَ عَلَيْهِ الِانْصِرَافُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَضَرَ مُتَحَمِّلًا لَهَا) أَيْ: فَزَالَ الْمَانِعُ. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: وَبِفَجْرٍ حَرُمَ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ إلَخْ) فَإِذَا سَافَرَ فَهُوَ عَاصٍ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ رُخَصُ السَّفَرِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا، أَوْ إلَى الْيَأْسِ مِنْ إدْرَاكِهَا نَعَمْ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ، أَوْ مَوْتٌ سَقَطَ عَنْهُ الْإِثْمُ مِنْ ابْتِدَائِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَخَرَجَ بِالسَّفَرِ النَّوْمُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ عَلِمَ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ بِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ النَّوْمِ الْفَوَاتُ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَيُكْرَهُ السَّفَرُ لَيْلَتَهَا بِأَنْ يُجَاوِزَ السُّورَ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ جِدًّا أَنَّ «مَنْ سَافَرَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ.» . اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: دَعَا عَلَيْهِ إلَخْ أَيْ: قَالَا لَا نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ سَفَرِهِ وَلَا أَعَانَهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ. اهـ. م ر وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي سَفَرِ اللَّيْلِ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ فَيَكُونُ فِي سَفَرِ النَّهَارِ الَّذِي فِيهِ الْإِثْمُ أَوْلَى، وَصَحَّ أَنَّ مَنْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ فَيَقُولَانِ لَا نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ سَفَرِهِ وَلَا أَعَانَهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ قَالَهُ م ر الْكَبِيرُ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ: أَهْلِ لُزُومِهَا لَوْ دَخَلَ وَقْتُهَا فَسَقَطَ مَا يُقَالُ كَيْفَ تَلْزَمُهُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا؟ فَلْيُتَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَيْ: مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فَدَخَلَ فِيهِ خَاشِي الضَّرَرِ وَنَحْوُهُ وَحِينَئِذٍ احْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ لَا إنْ خَشِيَ ضَرَرًا إلَخْ فَلَا يَرِدُ أَنَّ خَاشِيَ الضَّرَرِ لَا تَلْزَمُهُ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِأَهْلِهَا أَهْلُ لُزُومِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ عُذْرٌ، وَإِنْ عَرَضَ لَهُ الْخَشْيَةُ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ لِصَيْرُورَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ اللُّزُومِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُ الشَّوْبَرِيِّ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِخُرُوجِ الْمُقِيمِ غَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِ مِنْ كَلَامِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِأَهْلِهَا أَهْلُ لُزُومِهَا لَوْلَا الْعُذْرُ. (قَوْلُهُ: سَفَرٌ تَفُوتُ بِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَفُتْ بِهِ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إدْرَاكُهَا فِي مَقْصِدِهِ، أَوْ طَرِيقِهِ فَلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُ ظَنِّهِ بَعْدَ السَّفَرِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَالسَّفَرُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ وَإِدْرَاكُهَا فَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ. اهـ. م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ طَاعَةً) أَيْ: وَاجِبًا، أَوْ مَنْدُوبًا كَحَجٍّ وَزِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ الَّذِي يَخُصُّ حُرْمَةَ السَّفَرِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِالْمُبَاحِ وَيَجْعَلُ سَفَرَ الطَّاعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ جَائِزًا هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ صَنِيعِ أَصْلِهِ مَعَ م ر.
(قَوْلُهُ: كَانْقِطَاعِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ) أَيْ: الَّذِينَ يُخْشَى الضَّرَرُ بِمُفَارَقَتِهِمْ. اهـ. ح ل وع ش أَيْ: لِيَصِحَّ كَوْنُهُ مِثَالًا لِمَا إذَا خَشِيَ ضَرَرًا فَالتَّقْيِيدُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي التَّيَمُّمِ حَيْثُ اُكْتُفِيَ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْوَحْشَةِ بِأَنَّ الطُّهْرَ يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَلَيْلَةٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ كَمَا فِي م ر وَقَالَ: ع ش عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْ التَّضَرُّرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقْصِدُ السَّفَرَ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لِأَمْرٍ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ. اهـ كَاَلَّذِينَ يُرِيدُونَ السَّفَرَ لِزِيَارَةِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ فِي أَيَّامِ مَوْلِدِهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ رُفْقَةٍ وَكَانُوا يَجِدُونَ رُفْقَةً أُخَرَ يُسَافِرُونَ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ) وَلَوْ نَقَصَ بِسَفَرِهِ عَدَدُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ جُمُعَتِهِمْ إذْ لَا يُكَلَّفُ تَصْحِيحَ عِبَادَةِ غَيْرِهِ. . اهـ. م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ) أَيْ: مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ لُغَوِيَّةٌ وَإِلَّا فَالْيَوْمُ مُضَافٌ إلَيْهَا نَحْوَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ يَجِبُ السَّعْيُ) أَيْ: مِنْ الْفَجْرِ وَلَا يَجِبُ قَبْلَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْعَ قَبْلَهُ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: أَيْ: لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: لِغَيْرِ مَنْ لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَحَلِّهَا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ م ر وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَهْم بِالْبَلَدِ تُسَنُّ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ فِي الْأَصَحِّ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ شِعَارُ الْجُمُعَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِهِ اُسْتُحِبَّتْ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ إجْمَاعًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ (قَوْلُهُ: وَإِخْفَاؤُهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْجَمَاعَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ م ر وَفِيهِ أَنَّهُ يُسَنُّ أَيْضًا إخْفَاءُ أَذَانِ الظُّهْرِ. اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ يُسَنَّ إخْفَاؤُهَا) بَلْ يُسَنُّ الْإِظْهَارُ فَيَكُونُ إخْفَاؤُهَا خِلَافَ
وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْإِخْفَاءِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) سُنَّ (لِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ) قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَعَبْدٍ يَرْجُو الْعِتْقَ وَمَرِيضٍ يَرْجُو الْخِفَّةَ (تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَأْتِي بِهَا كَامِلًا وَيَحْصُلُ الْفَوْتُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فَلَوْ صَلَّى قَبْلَ فَوْتِهَا الظُّهْرَ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ وَتَمَكَّنَ مِنْهَا لَمْ تَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَ وَقْتِهِ إلَّا إنْ كَانَ خُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا.
(وَ) سُنَّ (لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِمَنْ لَا يَرْجُو زَوَالَ عُذْرِهِ كَامْرَأَةٍ وَزَمِنٍ (تَعْجِيلُهَا) أَيْ: الظُّهْرِ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هَذَا اخْتِيَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ: الْعِرَاقِيُّونَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَطُ لَهَا وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ الْكَامِلِينَ فَاسْتُحِبَّ كَوْنُهَا الْمُقَدَّمَةَ قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّخْصُ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ لَوْ تَمَكَّنَ أَوْ نَشِطَ حَضَرَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّأْخِيرُ.
(وَلِصِحَّتِهَا) أَيْ: الْجُمُعَةِ (مَعَ شَرْطِ غَيْرِهَا شُرُوطٌ) سِتَّةٌ أَحَدُهَا: (أَنْ تَقَعَ وَقْتَ ظُهْرٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (فَلَوْ ضَاقَ) الْوَقْتُ عَنْهَا وَعَنْ خُطْبَتَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ شَكَّ) فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَجَبَ ظُهْرٌ) كَمَا لَوْ فَاتَ شَرْطُ الْقَصْرِ يَرْجِعُ إلَى الْإِتْمَامِ فَعُلِمَ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى جُمُعَةً بَلْ ظُهْرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَوْلَى إنْ كَانَ فِي أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ) أَيْ: رَجَاءً قَوِيًّا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ) مَحَلُّ تَأْخِيرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِرَفْعِ الْإِمَامِ) اُسْتُشْكِلَ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْذُورِ لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ تَصِحَّ. وَأَجِيبَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ ثَمَّ لَازِمَةٌ لَهُ فَلَا تُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. س ل وَشَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ أَيْ: لَا بِعَدَمِ التَّمَكُّنِ كَبَعِيدِ الدَّارِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَجِبُ الظُّهْرُ فَوْرًا عَلَى مَنْ أَيِسَ مِنْهَا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ (قَوْلُهُ: ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ) وَكَذَا لَوْ زَالَ عُذْرُهُ فِيهَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَبِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْأَعْذَارَ مُسْقِطَاتٌ لِلْوُجُوبِ لَا مُرَخِّصَاتٌ فِي التَّرْكِ وَبِهِ فَارَقَ وُجُودَ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي لَا تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّ إبَاحَةَ الصَّلَاةِ لِلرُّخْصَةِ وَقَدْ زَالَتْ. اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَ خُنْثَى) وَمِثْلُ الْخُنْثَى كُلُّ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ لِظَنِّ قِيَامِ الْعُذْرِ بِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ كَالْعَبْدِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ حُرٌّ، وَالْعَارِي يَتَبَيَّنُ قُدْرَتَهُ عَلَى السُّتْرَةِ. اهـ. س ل (قَوْلُهُ: فَبَانَ رَجُلًا) أَيْ: فَتَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهَا وَإِلَّا أَعَادَ الظُّهْرَ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ظُهْرِ كُلِّ جُمُعَةٍ تَقَدَّمَتْ لِوُقُوعِ ظُهْرِهِ الَّتِي بَعْدَهَا قَضَاءً عَنْهَا. اهـ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: لِمَنْ لَا يَرْجُو) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِغَيْرِ مَنْ رَجَا وَإِنْ كَانَ عَبَّرَ بِمَعْنَاهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ رَجَا الْمُتَقَدِّمَ بِمَعْنَى يَرْجُو. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: إلَخْ ضَعِيفٌ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَطُ) بِفَتْحِ الشِّينِ فِي الْمُضَارِعِ وَبِكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي مِنْ بَابِ عَلِمَ يَعْلَمُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالْقَامُوسِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الشِّينِ فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ لُغَتَانِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: النَّوَوِيُّ وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ أَيْ: مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا وَهُوَ الْأَصَحُّ أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ. اهـ إطْفِيحِيٌّ وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَيْ: عِنْدَ غَيْرِ النَّوَوِيِّ وَقَوْلُهُ: وَالِاخْتِيَارُ أَيْ: عِنْدَهُ فَهُوَ مِنْ اخْتِيَارَاتِهِ وَهُوَ يَرْجِعُ لِكَلَامِ الْمُحَشِّي وَهَذَا الِاخْتِيَارُ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: وَلِصِحَّتِهَا) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شُرُوطِ لُزُومِهَا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شُرُوطِ صِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: مَعَ شَرْطِ غَيْرِهَا) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ أَيْ: مَعَ كُلِّ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَقْتَ ظُهْرٍ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي جَوَازِهَا قَبْلَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: مَعَ خَبَرِ صَلُّوا إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ: إنَّ الِاتِّبَاعَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ فِعْلِهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّتِهَا فِي غَيْرِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهَا) أَيْ: وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ رِوَايَةً وَجَبَ ظُهْرٌ فَيَتَعَيَّنُ الْإِحْرَامُ بِهَا وَلَوْ نَوَى فِي صُورَةِ الشَّكِّ الْجُمُعَةَ إنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَإِلَّا فَالظُّهْرُ لَمْ يَضُرَّ هَذَا التَّعْلِيقُ حَيْثُ تَبَيَّنَ بَقَاءُ الْوَقْتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَأَمَّا عِنْدَ تَيَقُّنِ الْوَقْتِ، أَوْ ظَنِّهِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيقُ بَلْ الْوَاجِبُ الْجَزْمُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَأَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ ظُهْرٌ) أَيْ: إحْرَامُهُمْ بِهَا فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُمْ بِالْجُمُعَةِ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ ضِيقُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِمْ بِهَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْإِحْرَامِ بِهَا وَلَا تَنْقَلِبُ ظُهْرًا فَقَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا إلَخْ أَيْ: وَكَانَ الْإِحْرَامُ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا وَلَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ إلَخْ) أَيْ: عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ ظُهْرٌ. وَغَرَضُ الشَّارِحِ بِهَذَا الِاعْتِذَارِ عَنْ سُكُوتِهِ فِي الْمَتْنِ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ مَعَ تَصْرِيحِ الْأَصْلِ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَا تُقْضَى جُمُعَةً) بِالنَّصْبِ أَيْ: بَلْ تُقْضَى ظُهْرًا بِمَعْنَى أَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهَا فَالتَّعْبِيرُ
أَوْ خَرَجَ) الْوَقْتُ (وَهُمْ فِيهَا وَجَبَ) أَيْ: الظُّهْرُ (بِنَاءً) إلْحَاقًا لِلدَّوَامِ بِالِابْتِدَاءِ فَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (كَمَسْبُوقٍ) أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ ظُهْرٌ بِنَاءً وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةً لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ.
(وَ) ثَانِيهَا: أَنْ تَقَعَ (بِأَبْنِيَةٍ مُجْتَمَعَةٍ) وَلَوْ بِفَضَاءٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا فِي مَوَاضِعِ الْإِقَامَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأَبْنِيَةُ مِنْ حَجَرٍ أَمْ طِينٍ أَمْ خَشَبٍ أَمْ غَيْرِهَا فَلَوْ انْهَدَمَتْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالْقَضَاءِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ وَلَا تُقْضَى سُنَّتُهَا أَيْضًا إنْ لَمْ يُصَلِّهَا مَعَهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ وَهْم فِيهَا) أَيْ: يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ، وَقَوْلُهُ: وَجَبَ أَيْ: الظُّهْرُ بِنَاءً أَيْ: فَلَا يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الظُّهْرِ وَيَحْرُمُ الِاسْتِئْنَافُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ الَّذِي وَقَعَ فِي الْوَقْتِ عَنْ الْوَقْتِ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ مَدَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى حَتَّى تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ الثَّانِيَةَ هَلْ تَنْقَلِبُ ظُهْرًا الْآنَ، أَوْ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ؟ وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ، وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا فَأَكَلَهُ فِي الْيَوْمِ هَلْ يَحْنَثُ الْآنَ، أَوْ غَدًا الْأَرْجَحُ الثَّانِي كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَبِنَاءً حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي وَجَبَ الْعَائِدِ عَلَى الظُّهْرِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الظُّهْرِ بِنَاءً أَيْ: مَبْنِيًّا عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ الْجُمُعَةِ لَا مُسْتَأْنَفًا فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى نِيَّةِ الظُّهْرِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَهَذَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ الظُّهْرُ اسْتِئْنَافًا أَيْ: يَجِبُ أَنْ يَسْتَأْنِفُوهُ بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ وَيَنْقَلِبُ مَا فَعَلَ مِنْ الْجُمُعَةِ نَفْلًا مُطْلَقًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي خُرُوجِهِ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ أَيْ: مَعَ اسْتِوَاءٍ، أَوْ رُجْحَانٍ وَلَوْ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَى أَقْوَى الِاحْتِمَالَيْنِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يَلْزَمُ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ وَيُقْتَصَرُ عَلَى الْوَاجِبِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ إلَّا كَذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إمَامَ الْمُوَافِقِينَ الزَّائِدَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَوْ طَوَّلَ التَّشَهُّدَ وَخَشَوْا خُرُوجَ الْوَقْتِ لَزِمَتْهُمْ مُفَارَقَتُهُ، وَالسَّلَامُ تَحْصِيلًا لِلْجُمُعَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. ز ي وَبِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ ظُهْرٌ بِنَاءً) هَذَا عَلَى الرَّاجِحِ وَفِي قَوْلٍ يُتِمُّهَا جُمُعَةً لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ كَمَا فِي م ر فَغَرَضُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ الرَّدُّ عَلَى هَذَا الضَّعِيفِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةً لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ) أَيْ: لِأَنَّ الْوَقْتَ أَهَمُّ شُرُوطِهَا فَلَمْ يَكْتَفِ بِهَذِهِ التَّبَعِيَّةِ الضَّعِيفَةِ. اهـ. ز ي
(قَوْلُهُ: وَأَنْ تَقَعَ بِأَبْنِيَةٍ) أَيْ: وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَلَوْ انْهَدَمَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفَضَاءٍ) أَيْ: بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَقَعُ، أَوْ بِأَبْنِيَةٍ. اهـ
(قَوْلُهُ: بِأَبْنِيَةٍ مُجْتَمِعَةٍ) فَإِنْ تَفَرَّقَتْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَمْ تَجِبْ الْجُمُعَةُ قَالَ وَالِدُ شَيْخِنَا إلَّا إنْ بَلَغَ أَهْلُ دَارٍ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ كَبَلَدِ الْجُمُعَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَدُّ الْقُرْبِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَنْزِلٍ وَمَنْزِلٍ دُونَ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ قَالَ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّاجِحُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعُرْفُ. اهـ شَوْبَرِيُّ قَالَ فِي م ر وَمِنْهَا الْأَسْرَابُ وَهِيَ بُيُوتٌ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْهَا الْغِيرَانُ جَمْعُ غَارٍ قَالَ ع ش وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقَامَتُهَا بِبِنَاءٍ وَاحِدٍ مُتَّسِعٍ اسْتَوْطَنَهُ جَمَاعَةٌ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَلَيْسَ مُرَادًا فَفِي م ر مَا نَصُّهُ التَّعْبِيرُ بِهَا أَيْ: بِالْأَبْنِيَةِ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ إذَا كَثُرَ فِيهِ عَدَدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ: أَعْنِي م ر إذَا أَقَامَ الْجُمُعَةَ أَرْبَعُونَ فِي خُطَّةِ الْأَبْنِيَةِ وَخَرَجَتْ الصُّفُوفُ إلَى خَارِجِ الْأَبْنِيَةِ مِمَّا هُوَ حَرِيمُهَا بِحَيْثُ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ، أَوْ صَلَّى جَمَاعَةً هُنَاكَ تَبَعًا لِلْأَرْبَعَيْنِ فِي الْأَبْنِيَةِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ تَبَعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى الْجَمِيعُ فِي ذَلِكَ الْفَضَاءِ الْخَارِجِ، أَوْ كَانَ مَنْ فِي الْخُطَّةِ دُونَ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الصَّفُّ وَبَلَغَ فَضَاءً تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهِ، أَوْ قَبْلَهُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْخَارِجِينَ فَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرَاكِبِ الرَّأْسِيَّةِ بِسَاحِلِ بُولَاقَ تَبَعًا لِمَنْ فِي الْمَدْرَسَةِ الْبَاشِيَّةِ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ لِأَنَّ الْمَرَاكِبَ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَيْرِهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْقَصْرِ.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَرِيمَ لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ فِيهِ إلَّا تَبَعًا لِأَرْبَعَيْنِ فِي الْخُطَّةِ، وَغَيْرَ الْحَرِيمِ لَا تَجُوزُ فِيهِ مُطْلَقًا وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ تَبَعًا وَاسْتِقْلَالًا فِي كُلِّ مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ. اهـ. سم (فَرْعٌ)
لَوْ كَانَ بِقَرْيَةٍ مَسْجِدٌ ثُمَّ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ فَصَارَ مُنْفَرِدًا وَلَمْ يُهْجَرْ بَلْ اسْتَمَرَّ النَّاسُ يَتَرَدَّدُونَ إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيهِ وَلَوْ بَعُدَ الْعُمْرَانُ عَنْهُ إذْ بَقَاؤُهُ عَامِرًا بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ يَصِيرُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِرِ مِنْ الْخَرَابِ كَخَرَابٍ تَخَلَّلَ الْعُمْرَانَ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ اج وَابْنِ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْهَدَمَتْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ تَقَعَ بِأَبْنِيَةٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَبْنِيَةٌ وَلَوْ بِالنَّظَرِ لِلْأَصْلِ وَلَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ بِنَاءٍ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَزَلُوا مَكَانًا وَأَقَامُوا فِيهِ لِيَعْمُرُوهُ قِرْيَةً حَيْثُ لَا تَصِحُّ فِيهِ
فَأَقَامَ أَهْلُهَا عَلَى الْعِمَارَةِ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِيهَا لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ (فَلَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ خِيَامٍ) بِمَحَلِّهِمْ لِأَنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ فَإِنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْ مَحَلِّهَا لَزِمَتْهُمْ فِيهِ تَبَعًا لِأَهْلِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(وَ) ثَالِثُهَا: (أَنْ لَا يَسْبِقَهَا بِتَحَرُّمٍ وَلَا يُقَارِنَهَا فِيهِ جُمُعَةٌ بِمَحَلِّهَا) لِامْتِنَاعِ تَعَدُّدِهَا بِمَحِلِّهَا إذْ لَمْ تَقُمْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ مَحَلِّهَا وَلِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّحَرُّمُ أَيْ: انْتِهَاؤُهُ مِنْ إمَامِهَا لِأَنَّ بِهِ يَتَبَيَّنُ الِانْعِقَادُ أَمَّا السَّبْقُ وَالْمُقَارَنَةُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهَا فَلَا يُؤَثِّرَانِ وَتَعْبِيرِي بِمَحَلِّهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَلْدَتِهَا (إلَّا إنْ كَثُرَ أَهْلُهُ) أَيْ: أَهْلُ مَحَلِّهَا (وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ) وَاحِدٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَبْلَ الْبِنَاءِ بِاسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ فِي الْحَالَيْنِ أَيْ: الْأَصْلُ وُجُودُ الْأَبْنِيَةِ هُنَا وَعَدَمُهَا ثَمَّ. .
اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَأَقَامَ أَهْلُهَا) وَهُمْ الْمُسْتَوْطِنُونَ بِهَا وَقْتَ الْخَرَابِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ لِصِغَرٍ، وَكَذَا ذُرِّيَّتُهُمْ بَعْدَهُمْ كَمَا مَالَ إلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: فَأَقَامَ أَهْلُهَا أَيْ: أَوْ أَطْلَقُوا. اهـ وَضَمَّنَ أَقَامَ مَعْنَى عَزَمَ فَعَدَّاهُ بِعَلَى وَخَرَجَ بِأَهْلِهَا غَيْرُهُمْ كَالطَّارِئِينَ لِعِمَارَتِهَا فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: عَلَى الْعِمَارَةِ) أَيْ: عَلَى عَدَمِ التَّحَوُّلِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الْعِمَارَةَ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِيهَا) لَمْ يُعَبِّرْ بِالصِّحَّةِ الْمُنَاسِبَةِ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ اللُّزُومُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ) وَلَا فَرْقَ فِي الْأَهْلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِهَا فِي وَقْتِ الِانْهِدَامِ، أَوْ لَا فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ أَوْلَادُهُمْ إذَا كَمَّلُوا وَأَقَامُوا عَلَى عِمَارَتِهَا مِنْ أَنَّهَا تَصِحُّ مِنْهُمْ قَبْلَ الْبِنَاءِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِأَهْلِهَا مَنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِهَا وَقْتَ الِانْهِدَامِ قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُمْ أَقَامُوا عَلَى الْعِمَارَةِ وَهُمْ عَلَى نِيَّةِ عَدَمِهَا، أَوْ الْعَكْسَ فَهَلْ تُؤَثِّرُ نِيَّتُهُمْ الْعَدَمَ أَوْ لَا؟ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ نِيَّةُ أَوْلِيَائِهِمْ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِنِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ وُجُودًا وَعَدَمًا لِأَنَّ غَيْرَ الْكَامِلِ لَا اعْتِدَادَ بِنِيَّتِهِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ نِيَّةُ الْكَامِلِينَ فَبَعْضُهُمْ نَوَى الْإِقَامَةَ، وَبَعْضُهُمْ عَدَمَهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الْأَوَّلِ إنْ كَانُوا عَدَدًا مُعْتَبَرًا وَعَدَمِهَا فِي الثَّانِي. ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ خِيَامٍ) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: تَصِحُّ مِنْهُمْ فِي الْخِيَامِ؛ لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ كَالْبُنْيَانِ هَكَذَا حَكَاهُ أَصْلُهُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ فَلَا تَصِحُّ بِخِيَامٍ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يُوهِمُ عَدَمَ الصِّحَّةِ مِنْ أَهْلِ الْخِيَامِ وَلَوْ فِي أَبْنِيَةٍ لَكِنَّ التَّوَهُّمَ مَدْفُوعٌ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ أَهْلِ خِيَامٍ أَيْ: فِي خِيَامِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِمَحَلِّهِمْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّهِمْ) وَإِنْ لَازَمُوهُ أَبَدًا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْمُسْتَوْفِزِينَ) أَيْ: شَأْنُهُمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُمْ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَحَلِّ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ الَّذِي سَمِعُوا مِنْهُ النِّدَاءَ. اهـ. س ل
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهَا بِتَحَرُّمٍ) فِيهِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ أَيْ: هِيَ؛ لِأَنَّ إعْمَالَ الثَّانِي أَوْلَى كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْ: أَنْ لَا يَقَعَ فِيهَا سَبْقٌ عِنْدَ التَّعَدُّدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: شِعَارِ الِاجْتِمَاعِ) أَيْ: شِعَارٍ هُوَ الِاجْتِمَاعُ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ) وَلَمْ يَنْظُرُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ وَجَبَ التَّعَدُّدُ بِقَدْرِ مَا يَظْهَرُ بِهِ الشِّعَارُ وَإِنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَان وَاحِدٍ لِتَكَرُّرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَطَلَبَ التَّعَدُّدَ لِتَسْهُلَ الْجَمَاعَةُ عَلَى طَالِبِيهَا فَإِنَّهُ لَوْ وَجَبَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَرُبَّمَا أَدَّى إلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ سِيَّمَا عِنْدَ اتِّسَاعِ أَطْرَافِ الْبُلْدَانِ، وَأَيْضًا الْمُرَادُ بِالشِّعَارِ هُنَا غَيْرُهُ ثَمَّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: إنَّ اجْتِمَاعَهُمْ بِمَحَلٍّ أَفْضَى إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ اتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَقَوْلُهُمْ: ثَمَّ إنَّ ضَابِطَ الشِّعَارِ أَنْ تَسْهُلَ الْجَمَاعَةُ عَلَى طَالِبِيهَا فِي كُلِّ جِهَةٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَثُرَ أَهْلُهُ وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ) هَذَا ضَابِطُ الْكَثْرَةِ أَيْ: كَثُرُوا بِحَيْثُ يَعْسُرُ اجْتِمَاعُهُمْ أَيْ: بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُمْ مَشَقَّةٌ مِنْ الِاجْتِمَاعِ لَا تُحْتَمَلُ أَيْ: اجْتِمَاعِ مَنْ يَحْضُرُ أَيْ: يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ. اهـ ح ل فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَرِقَّاءُ، وَالصِّبْيَانُ، وَالنِّسَاءُ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ التَّعَدُّدُ فِي مِصْرٍ كُلُّهُ لِحَاجَةٍ فَلَا تَجِبُ الظُّهْرُ حِينَئِذٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ اهـ.
شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ م ر وَهَلْ الْمُرَادُ اجْتِمَاعُ مَنْ تَلْزَمُهُ، أَوْ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا، أَوْ مَنْ يَفْعَلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ غَالِبًا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ أَقْرَبَهَا الْأَخِيرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ فَيَدْخُلُ الْأَرِقَّاءُ وَالصِّبْيَانُ ح فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ) أَيْ: مَحَلٍّ مِنْ الْبَلَدِ وَلَوْ فَضَاءً، وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ فَمَتَى كَانَ فِي الْبَلَدِ مَحَلٌّ يَسَعُهُمْ امْتَنَعَ التَّعَدُّدُ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَعْسُرُ اجْتِمَاعُهُمْ مَنْ يَفْعَلُهَا غَالِبًا حَتَّى لَوْ كَانَ الْغَالِبُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ اعْتَبَرْنَا كُلَّ زَمَنٍ بِحَسَبِهِ. اهـ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ بِتَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ وَمِثْلُ عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ. اهـ. س ل وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ غَالِبَ مَا يَقَعُ مِنْ التَّعَدُّدِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إذْ كُلُّ بَلَدٍ لَا تَخْلُو غَالِبًا عَنْ مَحَلٍّ يَسَعُ النَّاسَ وَلَوْ نَحْوَ خَرَابَةٍ، وَحَرِيمِ الْبَلَدِ وَالثَّانِي: أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي نَحْوِ طَنْدَتَا فِي زَمَنِ الْمَوْلِدِ
فَيَجُوزُ تَعَدُّدُهَا لِلْحَاجَةِ بِحَسَبِهَا؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه دَخَلَ بَغْدَادَ وَأَهْلُهَا يُقِيمُونَ بِهَا جُمُعَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ قَالَ: الرُّويَانِيُّ وَلَا يَحْتَمِلُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ غَيْرَهُ وَقَالَ: الصَّيْمَرِيُّ وَبِهِ أَفْتَى الْمُزَنِيّ بِمِصْرَ وَظَاهِرُ النَّصِّ مَنْعُ التَّعَدُّدِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمُتَابِعُوهُ (فَلَوْ وَقَعَتَا) فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ تَعَدُّدهَا فِيهِ (مَعًا أَوْ شَكَّ) فِي الْمَعِيَّةِ (اُسْتُؤْنِفَتْ) جُمُعَةٌ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَدَافُعِهِمَا فِي الْمَعِيَّةِ فَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ عَدَمُ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ قَالَ: الْإِمَامُ وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُمْ إذَا أَعَادُوا الْجُمُعَةَ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمْ مُشْكِلٌ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ أُخْرَى فَالْيَقِينُ أَنْ يُقِيمُوا جُمُعَةً ثُمَّ ظُهْرًا قَالَ: فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ كَافِيَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالُوهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ (أَوْ الْتَبَسَتْ) إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى إمَّا أَوَّلًا كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ أَوْ مُسَافِرَانِ خَارِجَ الْمَكَانِ تَكْبِيرَتَيْنِ مُتَلَاحِقَتَيْنِ فَأَخْبَرَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفَا الْمُتَقَدِّمَةَ مِنْهُمَا أَوْ ثَانِيًا بِأَنْ تَعَيَّنَتْ ثُمَّ نُسِيَتْ (صَلُّوا ظُهْرًا)
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُحْتَاجٌ إلَيْهِ كُلِّهِ فَلَا يَجِبُ الظُّهْرُ هُنَاكَ حِينَئِذٍ لِأَنَّ مَنْ يَغْلِبُ فِعْلُهُ لَمْ يُقَيَّدْ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ. اهـ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ تَعَدُّدُهَا لِلْحَاجَةِ) وَمَعَ ذَلِكَ يُسَنُّ فِعْلُ الظُّهْرِ خُرُوجًا مِنْ مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ النَّصِّ الْمَانِعِ لِلتَّعَدُّدِ مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى عُسْرِ الِاجْتِمَاعِ) وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُجْتَهِدٍ وَلَعَلَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ السَّابِقَةِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا: (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ: بِالتَّعَدُّدِ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَتَا مَعًا) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ خَمْسَةٌ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ فِي صُورَتَيْنِ، وَيَجِبُ الظُّهْرُ فَقَطْ فِي صُورَتَيْنِ، وَتَصِحُّ السَّابِقَةُ دُونَ اللَّاحِقَةِ فِي صُورَةٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف حَاصِلُ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ تَعَدُّدٌ، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعَدُّدٌ فَالْجُمُعَةُ صَحِيحَةٌ وَتَحْرُمُ صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَلَا تَنْعَقِدُ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ تَعَدُّدٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ لَهَا فَتَصِحُّ مِنْ كُلٍّ أَيْضًا وَإِنْ عُلِمَ سَبْقٌ، وَتُسَنُّ صَلَاةُ الظُّهْرِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَإِمَّا أَنْ يَقَعَا مَعًا، أَوْ يُشَكَّ فِي السَّبْقِ وَالْمَعِيَّةِ فَحِينَئِذٍ لَا تَصِحُّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاجْتِمَاعُ بِمَكَانٍ وَيُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَتُسَنُّ فِي صُورَةِ الشَّكِّ صَلَاةُ الظُّهْرِ أَيْ: بَعْدَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ ثَانِيًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا سَابِقَةً فَلَا يَصِحُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ ثَانِيًا، وَإِمَّا أَنْ تُعْلَمَ السَّابِقَةُ وَلَمْ تُنْسَ فَهِيَ الصَّحِيحَةُ، وَالْمَسْبُوقَةُ بَاطِلَةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ عِلْمِهِمْ أَنْ يُحْرِمُوا خَلْفَ السَّابِقَةِ إنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ وَعَلِمُوا بِذَلِكَ قَبْلَ سَلَامِهِمْ بَنَوْا عَلَى مَا مَضَى ظُهْرًا.
فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ بَنَوْا مَعَ أَنَّ إحْرَامَهُمْ بَاطِلٌ لِسَبْقِ غَيْرِهِمْ لَهُمْ؟ أَجِيبَ بِأَنَّ الْبَاطِلَ إنَّمَا هُوَ خُصُوصُ الْإِحْرَامِ بِالْجُمُعَةِ لَا عُمُومُ الْإِحْرَامِ بِالظُّهْرِ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ، أَوْ عُلِمَتْ وَنُسِيَتْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ) أَيْ: هَلْ وَقَعَا مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا، أَوْ شَكَّ هَلْ تَعَدَّدَتْ لِحَاجَةٍ، أَوْ لَا، أَوْ هَلْ جُمُعَتُهُ وَقَعَتْ فِي الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ أَوْ لَا أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّ هُنَاكَ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ يَقِينًا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: اُسْتُؤْنِفَتْ) أَيْ: فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ إلَخْ) لَا يُقَالُ: هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا لَوْ شَكَّ هَلْ فِي الْأَمَاكِنِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، أَوْ لَا وَقَدْ قُلْتُمْ فِيهَا بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاحْتِمَالُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَخَفُّ مِنْ الِاحْتِمَالِ فِي الْمَعِيَّةِ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَعِيَّةِ شَكٌّ فِي الِانْعِقَادِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ) أَيْ: مِنْ الْفُقَهَاءِ وَهَذَا فِي صُورَةِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: فَالْيَقِينُ أَنْ يُقِيمُوا جُمُعَةً) أَيْ: لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ فَتَكُونَانِ بَاطِلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ ظُهْرًا أَيْ: لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ إحْدَاهُمَا أَيْ: فَتَكُونُ صَحِيحَةً فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةٌ أُخْرَى بَعْدَهَا، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ إلَخْ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي احْتِمَالَ وُقُوعِ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا نَظَرَ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ نَقُلْ: مَا قَالَهُ مُسْتَحَبٌّ بَلْ وَاجِبٌ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ أَيْ: الْمُعَادَةَ كَافِيَةٌ فَحَذَفَ فِعْلَ الشَّرْطِ وَجَوَابَهُ، وَأَقَامَ عِلَّةَ الْجَوَابِ مُقَامَهُ وَقَوْلُهُ: عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ أَيْ: مِنْ الْجُمُعَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ) دَفَعَ بِهَذَا مَا قِيلَ: إنَّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إذَا تَرَكَهَا يَكُونُ فَاسِقًا فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، وَإِنْ كَانَ دَفْعُهُ مُمْكِنًا بِقُرْبِ الْمَسْجِدَيْنِ بِمَنْزِلِهِ. اهـ. ق ل وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ، أَوْ مُسَافِرَانِ أَيْ: أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ لِقُرْبِ مَحَلِّهِ مِنْ الْمَسْجِدِ. وَزِيَادَتُهُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِتَصِحَّ الْخُطْبَةُ فِي غَيْبَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْكَافِ. اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: مَرِيضَانِ، أَوْ صَحِيحَانِ مُقِيمَانِ وَأَدْرَكَا الْإِمَامَ فِي رَكْعَةٍ وَإِلَّا فَهُمَا فَاسِقَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرَانِ) أَيْ: ثِقَتَانِ. اهـ إيعَابٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ كَافٍ فِي ذَلِكَ. اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ وم ر (قَوْلُهُ: صَلَّوْا ظُهْرًا) أَيْ: اسْتِئْنَافًا إنْ طَالَ الْفَصْلُ، وَبِنَاءً إنْ قَصُرَ وَهَذَا وَجْهُ مُغَايَرَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِ
لِالْتِبَاسِ الصَّحِيحَةِ بِالْفَاسِدَةِ فَإِنْ لَمْ تَلْتَبِسْ فَالصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الثَّانِيَةِ وَخِيفَتْ الْفِتْنَةُ.
(وَ) رَابِعُهَا: (أَنْ تَقَعَ جَمَاعَةً) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا كَذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إحْرَامِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ لِتَصِحَّ لِغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّتُهَا لَهُ إذَا كَانَ إمَامًا فِيهَا مَعَ تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ لِأَنَّ تَقَدُّمَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ.
(وَ) خَامِسُهَا: أَنْ تَقَعَ (بِأَرْبَعِينَ) وَلَوْ مَرْضَى أَوْ مِنْهُمْ الْإِمَامُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالِاسْتِئْنَافِ هَكَذَا يَظْهَرُ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُمْ لَوْ أَخْبَرُوا أَنَّ جُمُعَتَهُمْ مَسْبُوقَةٌ كَانَ لَهُمْ الِاسْتِئْنَافُ، وَالْإِتْمَامُ ظُهْرًا تَأَمَّلْ. شَوْبَرِيٌّ، وَقَوْلُهُ: إنْ طَالَ الْفَصْلُ أَيْ: بَيْنَ السَّلَامِ، وَالْإِخْبَارِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ أُخْرَى لِتَقَدُّمِ إحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ فَالْمُتَقَدِّمَةُ صَحِيحَةٌ فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ: لِالْتِبَاسِ الصَّحِيحَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر لِتَيَقُّنِ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَيَمْتَنِعُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ بَعْدَهَا، وَالطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ الْجُمُعَةُ مِنْهُمْ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْفَرْضِ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ. اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ إلَخْ) الْغَايَةُ الْأُولَى لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْمِيمِ، وَمِثْلُ السُّلْطَانِ عَلَى هَذَا الضَّعِيفِ الْخَطِيبُ الْمَنْصُوبُ مِنْ جِهَتِهِ، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَفِي قَوْلٍ إنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الثَّانِيَةِ إمَامًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا فَهِيَ الصَّحِيحَةُ أَيْ: وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ بِمُبَادَرَةِ شِرْذِمَةٍ إلَى ذَلِكَ. وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ حُكْمَ الْخَطِيبِ الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ نَائِبِهِ كَحُكْمِ السُّلْطَانِ. اهـ
(قَوْلُهُ: وَرَابِعُهَا: أَنْ تَقَعَ جَمَاعَةً) بِأَنْ تَسْتَمِرَّ الْجَمَاعَةُ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ السُّجُودِ الثَّانِي وَإِنْ فَارَقُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَدَدِ لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِ إلَى السَّلَامِ حَتَّى لَوْ أَحْدَثَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ مَنْ عَدَاهُ مِنْهُمْ بَطَلَتْ جُمُعَةُ الْكُلِّ. اهـ. ز ي وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ بَانَ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ مُحْدِثِينَ صَحَّتْ جُمُعَةُ الْإِمَامِ وَالْمُتَطَهِّرُ مِنْهُمْ تَبَعًا لِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يَتَبَيَّنْ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ فَوُجِدَتْ صُورَةُ الْعَدَدِ إلَى السَّلَامِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ تَبَيُّنُ الْحَدَثِ الرَّافِعِ لَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ خُرُوجَ أَحَدِ الْأَرْبَعِينَ قَبْلَ سَلَامِهِ أَبْطَلَ صُورَةَ الْعَدَدِ قَبْلَ السَّلَامِ فَاسْتَحَالَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ هُنَا. اهـ. س ل (قَوْلُهُ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى) أَيْ: لِلْمَأْمُومِ، وَعِبَارَةُ سم كَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَنْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا أَوْلَى فِي حَقِّهِ. اهـ. ع ش فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْتَمِرَّ مَعَهُ إلَى السُّجُودِ الثَّانِي فَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِالْأَرْبَعِينَ رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ فَأَتَمَّ كُلٌّ مِنْهُمْ وَحْدَهُ وَلَمْ يُحْدِثْ، أَوْ فَارَقُوهُ فِي الثَّانِيَةِ وَأَتَمُّوا مُنْفَرِدِينَ أَجْزَأَتْهُمْ الْجُمُعَةُ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) كَوْنُ هَذَا دَلِيلًا لِلْمَتْنِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا كَوْنُهُ دَلِيلًا لِمَا زَادَهُ مِنْ كَوْنِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى كَافِيَةٌ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهَا فُعِلَتْ فِيمَا ذُكِرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ فَالدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى، وَجَوَابُ الشَّوْبَرِيِّ عَنْ ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ إلَخْ ثَبَتَ بِهِ كَوْنُ الْجَمَاعَةِ شَرْطًا فِيهَا وَلَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَهُوَ الْمُدَّعَى وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعَارِضُ بِهِ دَعْوَى الِانْفِرَادِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ تِلْكَ دَعْوَى أُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ الْمُدَّعَى وَإِنْ لَزِمَتْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إلَخْ) هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَقَدُّمَ إحْرَامِ الْإِمَام إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ إمَامًا جَائِزٌ مَعَ تَيَسُّرِ إمَامَةِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ حِينَئِذٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاحْتِيَاجُ إلَى تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَبِأَرْبَعِينَ) لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ زَمَنُ بَعْثِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْرُ مِيقَاتِ مُوسَى، صلى الله عليه وسلم وَالْجُمُعَةُ مِيقَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْرُ الَّذِينَ لَمْ يَجْتَمِعُوا إلَّا وَفِيهِمْ وَلِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا قِيلَ. اهـ. ق ل وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعِينَ فَقَطْ وَفِيهِمْ أُمِّيٌّ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَيَنْقُصُونَ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ وَالْإِمَامُ قَارِئٌ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ كَمَا لَوْ كَانُوا أُمِّيِّينَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يُقَصِّرُوا فَقَوْلُ: ق ل يُشْتَرَطُ فِي الْأَرْبَعِينَ صِحَّةُ إمَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ لِلْبَاقِينَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَجَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ بِإِمَامٍ وَالْمَأْمُومِ، وَالْإِمَامُ مَالِكٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ بِشَرْطِ كَوْنِ الْخَطِيبِ مِنْ الْمُتَوَطِّنِينَ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرْضَى) وَتَنْقَلِبُ ظُهْرُهُمْ لَوْ كَانُوا فَعَلُوهَا نَفْلًا مُطْلَقًا كَذَا قَالُوا وَلَعَلَّهُ حَذَرًا مِنْ إعَادَةِ الظُّهْرِ جُمُعَةً وَقَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِانْعِقَادِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اللُّزُومِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَحْسُوبَ لَهُمْ ظُهْرُهُمْ الَّتِي صَلَّوْهَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْجُمُعَةَ هِيَ الَّتِي كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَلَيْسَتْ
مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ (مُتَوَطِّنًا) بِمَحَلِّهَا أَيْ: لَا يَظْعَنُ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجَمِّعْ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ أَيَّامًا لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ وَكَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ فِيهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «وَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ تَقْدِيمًا» كَمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُعَادَةً وَلَا مَانِعَةً مِنْ الِانْعِقَادِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا مِنْ عَدَمِ لُزُومِهَا لَهُمْ فَرَاجِعْهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَايَتَيْنِ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ م ر وَالصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ انْعِقَادُهَا بِالْمَرْضَى، وَالثَّانِي كَالْمُسَافِرِينَ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَشْتَرِطُ كَوْنَهُ فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ حَيْثُ كَانَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ، وَالثَّانِي وَنَقَلَ عَنْ الْقَدِيمِ يُشْتَرَطُ إذْ الْغَالِبُ عَلَى الْجُمُعَةِ التَّعَبُّدُ فَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ الظُّهْرِ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، وَتَنْعَقِدُ بِالْجِنِّ حَيْثُ عُلِمَتْ ذُكُورَتُهُمْ وَكَانُوا عَلَى صُورَة الْآدَمِيِّينَ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ سم ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: مُكَلَّفًا) أَمَّا الصَّبِيُّ، وَالْعَبْدُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى، وَالْمُسَافِرُ فَتَصِحُّ مِنْهُمْ وَلَا تَلْزَمُهُمْ، وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ، وَأَمَّا الْمُقِيمُ غَيْرُ الْمُتَوَطِّنِ فَتَلْزَمُهُ قَطْعًا وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَتَلْزَمُهُ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، وَأَمَّا الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، وَالْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ فَلَا تَلْزَمُهُمْ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ وَمَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ صِفَاتُ الْكَمَالِ عَكْسُ هَذَا، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِ هُوَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ مِنْ أَعْذَارِهَا غَيْرُ السَّفَرِ وَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ النَّاسَ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ: بِاعْتِبَارِ اللُّزُومِ، وَالصِّحَّةِ، وَالِانْعِقَادِ أَحَدُهَا: مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ الْأَوْصَافُ الثَّلَاثَةُ وَهُوَ الْكَامِلُ. ثَانِيهَا: مَنْ انْتَفَتْ كُلُّهَا عَنْهُ وَهُوَ الْمَجْنُونُ. ثَالِثُهَا: مَنْ وُجِدَ فِيهِ اللُّزُومُ وَالصِّحَّةُ وَهُوَ الْمُقِيمُ. رَابِعُهَا: مَنْ وُجِدَ فِيهِ الصِّحَّةُ وَالِانْعِقَادُ وَهُوَ الْمَعْذُورُ بِنَحْوِ الْمَطَرِ. خَامِسُهَا: مَنْ وُجِدَ فِيهِ اللُّزُومُ وَحْدَهُ وَهُوَ الْمُرْتَدُّ.
سَادِسُهَا: مَنْ وُجِدَ فِيهِ الصِّحَّةُ فَقَطْ وَهُوَ الْمَرْأَةُ، وَالْمُسَافِرُ وَنَحْوُهُمَا. ز ي وَبِرْمَاوِيٌّ قُلْت: وَهَلَّا قَالَ الْمُصَنِّفُ مُكَلَّفِينَ أَحْرَارًا إلَخْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فِي الْجَمِيعِ لِيُطَابِقَ الصِّفَةُ الْمَوْصُوفَ، وَأَجِيبَ بِأَنَّهُ أَفْرَدَهَا وَجَعَلَهَا تَمْيِيزًا مُرَاعَاةً لِلِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: حُرًّا) أَيْ: كُلُّهُ فَلَا تَنْعَقِدُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مُتَوَطِّنًا) فَلَا تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَوْ طَوِيلَةً كَالْمُتَفَقِّهَةِ، وَالتُّجَّارِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ اج وَح ف وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّحَّةِ لَا فِي الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَقَارَبَتْ قَرْيَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ أَرْبَعِينَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَبَلَغُوا أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُمْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ وَإِنْ سَمِعْت كُلُّ وَاحِدَةٍ نِدَاءَ الْأُخْرَى لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ غَيْرُ مُتَوَطِّنِينَ فِي بَلَدِ الْجُمُعَةِ. م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْ: لَا يَظْعَنُ) فَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنَانِ بِبَلَدَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا كَثُرَتْ فِيهِ إقَامَتُهُ فَإِنْ اسْتَوَتْ فِيمَا فِيهِ أَهْلُهُ وَمَالُهُ فَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ بِآخَرَ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِيهِ أَهْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَبِمَا هُوَ فِيهِ حَالَةَ الْجُمُعَةِ. ح ل وق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجَمِّعْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مُشَدَّدًا يُقَالُ جَمَّعَ النَّاسُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ: شَهِدُوا الْجُمُعَةَ كَمَا يُقَالُ عَيَّدُوا إذَا شَهِدُوا الْعِيدَ كَمَا قَالَهُ. ع ش وَهَذَا الْحَدِيثُ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلِ: أَنَّ الْجُمُعَةَ شَرْطُهَا الْأَبْنِيَةُ وَعَرَفَةُ لَا بِنَاءَ فِيهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الْجُمُعَةَ لِعَدَمِ الْأَبْنِيَةِ الثَّانِي: أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُقِيمًا يَشْكُلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ وَالْجَمْعُ شَرْطُهُ السَّفَرُ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا نُقِلَ عَنْ ز ي وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا لَكِنَّهُ لَمْ يُجَمِّعْ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ أَيَّامًا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ إنْ كَانَتْ قَاطِعَةً لِلسَّفَرِ، وَكَانَتْ فِي عَرَفَةَ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَجَمَعَ بِهِ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْإِقَامَةِ غَيْرَ قَاطِعَةٍ لِلسَّفَرِ وَأَيْضًا عَرَفَةُ لَيْسَ فِيهَا أَبْنِيَةٌ فَلَمْ يُجَمِّعْ لِعَدَمِ الْأَبْنِيَةِ لَا لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ بَعْدَ عَرَفَةَ وَكَانَ عَزْمُهُ عَلَى إقَامَةٍ قَاطِعَةٍ لِلسَّفَرِ أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِعَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَإِنَّمَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ بِبُلُوغِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَيَنْتَهِي سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَبْدَأَ سَفَرٍ مِنْ وَطَنِهِ أَوْ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَدْ نَوَى قَبْلُ إلَخْ.
فَعَدَمُ تَجْمِيعِهِ حِينَئِذٍ لِلسَّفَرِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَمْعُهُ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّيْخُ الْعَزِيزِيُّ هَذَا التَّعْلِيلُ مُشْكِلٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ أَيْ: بِمَكَّةَ بَعْدَ عَرَفَةَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى سَفَرِهِ فَلِهَذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا، وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ وَقِيلَ كَانَ مُقِيمًا وَالْجَمْعُ لِلنُّسُكِ كَمَا قَالَ: بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِتَعْلِيلِهِ
(وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا بَطَلَتْ) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي دَوَامِهَا كَالْوَقْتِ وَقَدْ فَاتَ فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا (أَوْ فِي خُطْبَةٍ لَمْ يُحْسَبْ رُكْنٌ) مِنْهَا (فُعِلَ حَالَ نَقْصِهِمْ) لِعَدَمِ سَمَاعِهِمْ لَهُ وَتَعْبِيرِي بِنَقْصِهِمْ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِانْفِضَاضِهِمْ (فَإِنْ عَادُوا قَرِيبًا) عُرْفًا (جَازَ بِنَاءً) عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ عَادُوا بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ (وَجَبَ اسْتِئْنَافٌ) لَهَا لِانْتِفَاءِ الْمُوَالَاةِ الَّتِي فَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ فِيهَا (كَنَقْصِهِمْ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ فَإِنَّهُمْ إنْ عَادُوا قَرِيبًا جَازَ الْبِنَاءُ وَإِلَّا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ لِذَلِكَ. وَلَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ تَمَّتْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ وَإِنْ أَحْرَمُوا عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ قَالَ: فِي الْوَسِيطِ تَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِعَدَمِ التَّوَطُّنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عَدَمُ التَّوَطُّنِ يُنَافِي عَدَمَ الْإِقَامَةِ فَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْهُ انْتَهَتْ بِحُرُوفِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ إنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ بَعْضِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكْمُلَ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ سَوَاءٌ أَوَقَعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ نَفْسَهُ عَنْ الْقُدْوَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى بَطَلَتْ، أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ، أَوْ بَعْضُهُمْ وَلَحِقَ تَمَامُ الْعَدَدِ فَإِنْ كَانَ اللُّحُوقُ قَبْلَ الِانْفِضَاضِ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ وَسَوَاءٌ سَمِعَ اللَّاحِقُونَ الْخُطْبَةَ، أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ رُكُوعِ الْأُولَى وَسَمِعُوا الْخُطْبَةَ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْخَطِيبِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ غَيْرَ خَطِيبٍ حَرِّرْ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ النَّقْصُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَهُ فَإِنْ عَادُوا وَاقْتَدَوْا بِالْإِمَامِ قَبْلَ رُكُوعِهِ، أَوْ فِيهِ وَقَرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَاطْمَأَنُّوا مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ اسْتَمَرَّتْ جُمُعَتُهُمْ كَمَا لَوْ تَبَاطَأَ الْقَوْمُ عَنْ الْإِمَامِ، ثُمَّ اقْتَدَوْا بِهِ ع ش وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَلَوْ نَقَصُوا فِيهَا إلَخْ شَامِلٌ لِمَا لَوْ نَقَصُوا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، وَشَامِلٌ لِمَا إذَا عَادُوا فَوْرًا، أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُمْ إذَا عَادُوا فَوْرًا وَكَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَأَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ، وَاطْمَأَنُّوا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ. اهـ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ فَاتَ) أَيْ: الْعَدَدُ وَقَوْلُهُ: فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا وَمَحَلُّهُ إنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْنَافُهَا جُمُعَةً فَإِنْ تَيَسَّرَ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا جُمُعَةً فَقَوْلُهُ: بَطَلَتْ أَيْ: بَطَلَ كَوْنُهَا جُمُعَةً إنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِئْنَافُ وَمِنْ أَصْلِهَا إنْ تَيَسَّرَ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَيَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ وَتَبَاطَأَ الْمَأْمُومُونَ، أَوْ بَعْضُهُمْ بِالْإِحْرَامِ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ، ثُمَّ أَحْرَمُوا فَإِنْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ رُكُوعِهِ بِأَنْ أَدْرَكُوا الرُّكُوعَ مَعَ الْفَاتِحَةِ فَإِنْ تَمَّتْ قِرَاءَتُهُمْ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي خُطْبَةٍ إلَخْ) ذَكَرَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ انْفِضَاضَ الصَّحَابَةِ كَانَ فِي الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حُوِّلَتْ إلَى قَبْلِ الصَّلَاةِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِانْفِضَاضِهِمْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ النَّقْصَ بِغَيْرِ انْفِضَاضٍ لِأَنَّ الِانْفِضَاضَ هُوَ الذَّهَابُ مِنْ مَكَانِ الصَّلَاةِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ إلَى آخِرِهِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَلَوْ مَعَ الْبَقَاءِ فِي مَحَلِّهَا وَأَيْضًا الِانْفِضَاضُ ظَاهِرٌ فِي الْكُلِّ بِخِلَافِ النَّقْصِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادُوا قَرِيبًا) أَيْ: عُرْفًا وَضَبَطَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ وَهُوَ دُونَ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ ثُمَّ قَالَ: م ر بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ الضَّبْطِ بِالْعُرْفِ هُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ ضَبَطَهُ جَمْعٌ بِمَا يَزِيدُ عَلَى مَا بَيْنَ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ إذْ هُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. م ر وَقِ ل وَتَجِبُ إعَادَةُ مَا فُعِلَ مِنْ أَرْكَانِهَا حَالَةَ غَيْبَتِهِمْ. ق ل (قَوْلُهُ: بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ) ضَبَطَهُ حَجّ بِمَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ بِأَقَلِّ مُجْزِئٍ وَقَرَّرَهُ ح ف (قَوْلُهُ: إنْ عَادُوا قَرِيبًا) أَيْ: قَبْلَ إحْرَامِ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: جَازَ الْبِنَاءُ أَيْ: مِنْ الْإِمَامِ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ أَرْبَعُونَ) أَيْ: أَوْ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ لِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْهُمْ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ إنْ أَدْرَكَهَا الْأَوَّلُونَ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِهِمْ إيَّاهَا مَعَهُ كَمَا نَقَلَهُ س ل عَنْ حَجّ. (قَوْلُهُ: عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ) أَيْ: وَبَعْدَ إحْرَامِهِمْ م ر فَإِحْرَامُهُمْ عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ صَيَّرَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا مَعَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ انْفِضَاضٌ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إحْرَامُهُمْ عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى، وَأَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ وَالرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ صَحَّ كَالْمُتَبَاطِئِينَ وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ لِخُلُوِّ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَنْ الْعَدَدِ فِي جُزْءٍ مِنْهَا. ح ل (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ) وَأَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُمْ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ، وَأَنْ يُدْرِكُوا الْفَاتِحَةَ
(وَتَصِحُّ) الْجُمُعَةُ (خَلْفَ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَمُسَافِرٍ وَمَنْ بَانَ مُحْدِثًا) وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ كَغَيْرِهَا هَذَا (إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتِمَّ إلَّا بِهِمْ.
(وَ) سَادِسُهَا: (أَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ خُطْبَتَيْهِ مُؤَخَّرَتَانِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَشْرُوطِهِ.
(وَأَرْكَانُهُمَا:) خَمْسَةٌ أَحَدُهَا: (حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَ) ثَانِيهَا: (صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (بِلَفْظِهِمَا) أَيْ: حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّنَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ كَالْحَمْدِ لِلَّهِ، أَوْ أَحْمَدُ اللَّهَ، أَوْ نَحْمَدُ اللَّهَ، أَوْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ أُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ خَلْفَ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ) أَيْ: وَإِنْ نَوَوْا غَيْرَ الْجُمُعَةِ كَالظُّهْرِ مَثَلًا وَفِي الِانْتِظَارِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ كَذَا فِي ق ل وَبِرْمَاوِيٍّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الصِّحَّةِ خَلْفَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ خَلْفَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي نَفْلًا وَكَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ. اهـ. م ر قَالَ شَيْخُنَا وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ بِالصِّفَاتِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ بَانَ مُحْدِثًا) وَمِثْلُ الْحَدَثِ النَّجَاسَةُ الْخَفِيَّةُ، وَكُلُّ مَا لَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ مَعَهُ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ بَانَ امْرَأَةً، أَوْ خُنْثَى أَوْ كَافِرًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ لِأَحَدٍ مِنْ الْقَوْمِ وَإِنْ كَثُرُوا لِلُزُومِ الْإِعَادَةِ لَهُمْ بِرْمَاوِيٌّ وق ل وَمَحَلُّ صِحَّتِهَا خَلْفَ الْمُحْدِثِ فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ الْفَاتِحَةَ فِي الْقِيَامِ أَمَّا مَنْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُ خَلْفَهُ كَمَا فِي م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَقَدَّمَهَا خُطْبَتَانِ) أَوْلَى مِنْ قَوْلِ: بَعْضِهِمْ وَسَادِسُهَا: خُطْبَتَانِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الشَّرْطَ ذَاتُ الْخُطْبَتَيْنِ، وَأَنَّ تَقَدُّمَهُمَا شَرْطٌ لَهُمَا لَا لِلْجُمُعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. حَجّ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ وَلِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ إلَخْ يُخَالِفُهُ حَرِّرْ. (قَوْلُهُ: كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) أَيْ: وَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي إلَّا بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ. اهـ. ع ش وَأَتَى الشَّارِحُ بِهَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ الْخُصُوصِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُمَا) قَالَ: م ر أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. اهـ وَأَشَارَ بِهِ إلَى جَوَابِ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُضَافِ إلَيْهِ اقْتَضَى أَنَّ جُمْلَةَ الْخَمْسَةِ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا الْحُكْمَ عَلَى مَجْمُوعِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ اقْتَضَى الِاكْتِفَاءَ بِالْإِتْيَانِ بِبَعْضِ الْأَرْكَانِ فِي الْأُولَى وَلَوْ وَاحِدًا وَالْإِتْيَانِ بِالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ وَبِالْإِتْيَانِ بِالْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَتَخْلُو مِنْهَا الثَّانِيَةُ وَبِالْعَكْسِ إذْ يَصْدُقُ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ الْإِتْيَانُ بِالْأَرْكَانِ فِي مَجْمُوعِ الْخُطْبَتَيْنِ، وَبُطْلَانُهُ ظَاهِرٌ. وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّا نَخْتَارُ الثَّانِيَ وَنَحْمِلُهُ عَلَى بَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ إضَافَةُ الْمَجْمُوعِ لِقَرِينَةِ مَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: حَمْدُ اللَّهِ) أَيْ: مَصْدَرُ الْحَمْدِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظُهُ كَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَلَا يَكْفِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ ق ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَصَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أَيْ: مَصْدَرُهَا وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ، وَلَا يَضُرُّ فِيهَا قَصْدُ الْخَبَرِيَّةِ، وَلَا صَرْفُهَا إلَى غَيْرِهَا وَنُوزِعَ فِيهِ وَتُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالصَّحْبِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَالْمُرَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَدُلّ عَلَى خُصُوصِ ذِكْرِهِ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّ الذِّكْرَ أَعَمُّ أَيْ: فَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُفِيدُ الْمُدَّعَى الَّذِي هُوَ خُصُوصُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ: لِلِاتِّبَاعِ كَمَا صَنَعَ فِيمَا قَبْلَهُ لِمَا نُقِلَ عَنْ الْقَمُولِيِّ أَنَّ خُطَبَهُ صلى الله عليه وسلم الْمَرْوِيَّةَ عَنْهُ لَيْسَ فِيهَا صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ. صلى الله عليه وسلم.
(قَوْلُهُ: يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ) أَيْ: وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى ذَلِكَ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ الذَّبْحُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ لِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ الذَّبْحُ إلَخْ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الذَّبْحَ لَا تُسَنُّ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ التَّصْرِيحُ بِسُنِّيَّتِهَا فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الذَّبْحَ لَا يُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ مُحَمَّدٍ مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ بِأَنْ يَقُولَ: بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ لِمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَأَنَّهُ حَرَامٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ قَصْدِ التَّبَرُّكِ مَعَ كَوْنِ الْمَذْبُوحِ حَلَالًا فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَوَاشِي هُنَاكَ (قَوْلُهُ: بِلَفْظِهِمَا) أَيْ: مَادَّتِهِمَا مَعَ لَفْظِ الْجَلَالَةِ فِي الْأَوَّلِ، وَمَعَ اسْمٍ ظَاهِرٍ مِنْ أَسْمَاءِ النَّبِيِّ أَيَّ اسْمٍ كَانَ فِي الثَّانِي. (قَوْلُهُ: كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ) وَسُئِلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ؟ فَقَالَ نَعَمْ أَيْ: كَانَ يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَأَنَّهُ يَأْتِي بِالضَّمِيرِ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيَّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَالْحَمْدِ لِلَّهِ) أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَوْ اللَّهَ أَحْمَدُ، أَوْ أَنَا
أَوْ النَّبِيِّ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ الْعَاقِبِ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا رُوِيَ فَخَرَجَ الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ وَنَحْوُهُمَا وَرَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى جِبْرِيلَ وَنَحْوُهَا (وَ) ثَالِثُهَا:(وَصِيَّةٌ بِتَقْوَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِهَا لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا فَيَكْفِي " أَطِيعُوا اللَّهَ " وَالثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ (فِي كُلٍّ) مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ (وَ) رَابِعُهَا: (قِرَاءَةُ آيَةٍ مُفْهِمَةٍ) لَا كَ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الثَّابِتَ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ (وَ) لَكِنَّهَا (فِي أُولَى أَوْلَى) كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَوْلِي مُفْهِمَةٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَ) خَامِسُهَا: (دُعَاءٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِأُخْرَوِيٍّ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ رَحِمَكُمْ اللَّهُ (فِي) خُطْبَةٍ (ثَانِيَةٍ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِيمِ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
حَامِدٌ اللَّهَ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْحَمْدِ أَتَى بَدَلَهُ بِالذِّكْرِ، وَالدُّعَاءِ فَإِنْ عَجَزَ قَامَ بِقَدْرِهِ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ النَّبِيِّ، أَوْ أَحْمَدَ) فَإِنْ قُلْت: لِمَ تَعَيَّنَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ فِي صِيغَةِ الْحَمْدِ فِي الْخُطْبَةِ دُونَ اسْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صِيغَةِ الصَّلَاةِ بَلْ كَفَى نَحْوُ الْمَاحِي وَالْحَاشِرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ. وَيُجَابُ بِأَنَّ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مَزِيَّةً تَامَّةً فَإِنَّ لَهُ الِاخْتِصَاصَ التَّامَّ بِهِ تَعَالَى وَيُفْهَمُ عِنْدَ ذِكْرِهِ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَصِفَاتِهِ وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ. عليه الصلاة والسلام. اهـ. سم (قَوْلُهُ: مِمَّا رُوِيَ) كَالرَّسُولِ، وَالْمَاحِي، وَالْحَاشِرِ، وَالْبَشِيرِ، وَالنَّذِيرِ وَانْظُرْ هَلْ مِنْ النَّحْوِ الْكُنْيَةُ قَالَ: ع ش الظَّاهِرُ نَعَمْ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا) كَالْحَمْدِ لِلرَّحِيمِ، وَالثَّنَاءِ وَالْجَلَالِ، وَالْعَظَمَةِ، وَرَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا (قَوْلُهُ: وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ. ع ش (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةٌ بِتَقْوَى) وَهِيَ امْتِثَالُ أَوَامِرِ اللَّهِ، وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ فَلَا يَكْفِي التَّحْذِيرُ مِنْ الدُّنْيَا، وَغُرُورِهَا مِنْ غَيْرِ حَثٍّ عَلَى الطَّاعَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِهَا) أَيْ: لَفْظِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَمُقَابِلُهُ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى فَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ) قَدْ يُقَالُ: الْغَرَضُ مِنْ الْحَمْدِ الثَّنَاءُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا فَمَا الْفَرْقُ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْحَمْدُ، وَالصَّلَاةُ تَعَبُّدٌ بِلَفْظِهِمَا فَتَعَيَّنَا وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى وَهُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ وق ل (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ آيَةٍ) هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهَا لَا تَجِبُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ تُسَنُّ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْأُولَى فَالْأَقْوَالُ الضَّعِيفَةُ ثَلَاثَةٌ شَرْحُ م ر، وَالْمُرَادُ قِرَاءَةُ آيَةٍ كَامِلَةٍ وَكَذَا بَعْضُ آيَةٍ بِقَدْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ آيَةٍ قَصِيرَةٍ، وَيَجْرِي فِيهَا مَا فِي الْفَاتِحَةِ مِنْ اللَّحْنِ، وَالْعَجْزِ عَنْهَا كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: مُفْهِمَةٌ إلَخْ) أَيْ: وَعْدًا أَوْ وَعِيدًا، أَوْ حُكْمًا، أَوْ قِصَّةً وَلَوْ مَنْسُوخَةَ الْحُكْمِ فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا مُفْهِمَةً كَوْنُهَا مُفْهِمَةً لِمَعْنًى يُقْصَدُ بِهِ نَحْوُ الْوَعْظِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ " ثَمَّ نَظَرَ " مُفْهِمَةٍ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَهُوَ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدثر: 11] الْآيَةَ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا) وَتُجْزِئُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا ع ب (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهَا فِي أُولَى أَوْلَى) أَيْ: بَعْدَ فَرَاغِهَا وَسُنَّ قِرَاءَةُ ق بِتَمَامِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأُولَى فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاضِرُونَ لِطَلَبِهَا فِي ذَلِكَ بِخُصُوصِهَا وَلَوْ أَتَى بِرُكْنٍ يَتَضَمَّنُ آيَةً أَجْزَأَتْ عَنْهُ دُونَ الْقِرَاءَةِ أَيْ: إنْ قَصَدَ الرُّكْنَ فَقَطْ فَإِنْ قَصَدَهُمَا أَجْزَأَتْ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ، أَوْ أَطْلَقَ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْآيَةِ جَاءَ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَجْزِ عَنْ لَفْظِ الْحَمْدِ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ وَهِيَ الصَّلَاةُ، وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى، وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَيَسْقُطُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهَا بِلَا بَدَلٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: بِأُخْرَوِيٍّ لَا دُنْيَوِيٍّ) فَلَا يَكْفِي، وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ. اهـ مَدَابِغِيٌّ لَكِنْ قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ إنَّ الدُّنْيَوِيَّ يَكْفِي حَيْثُ لَمْ يَحْفَظْ الْأُخْرَوِيَّ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَجْزِ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَلْ مَا هُنَا أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: فِي ثَانِيَةٍ) الْمُرَادُ الْمَفْعُولَةُ ثَانِيًا وَلَوْ عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ الْمَعْهُودِ شَوْبَرِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ) أَيْ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ أَيْ: كَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ إذَا أَتَى بِالْمُؤْمِنِينَ فَقَطْ، وَلَا يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَةُ الْجِنْسِ كَذَا نُقِلَ عَنْ تَقْرِيرِ ع ش وَعِبَارَتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِهِ لِلْمُؤْمِنَاتِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ خَصَّ الْمُؤْمِنَاتِ بِالدُّعَاءِ كَفَى لِصِدْقِ الْجِنْسِ بِهِنَّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَلَوْ خَصَّ الذُّكُورَ كَفَى. فَقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَيْ: عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُ التَّعْمِيمِ مَنْدُوبًا وَلَا يُحْتَاجُ فِي دُخُولِ الْإِنَاثِ فِيهِ إلَى قَصْدِ تَغْلِيبٍ، أَوْ مِنْ حَيْثُ ذِكْرُهُنَّ بِخُصُوصِهِنَّ وَأَقَلُّ
وَفِي التَّنْزِيلِ {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] أَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُسَنُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ اتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا قَالَ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ فِي وَصْفِهِ.
(وَشَرْطُ كَوْنِهِمَا عَرَبِيَّتَيْنِ) وَالْمُرَادُ أَرْكَانُهُمَا لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَلَمْ يُمْكِنْ تَعَلُّمُهَا خَطَبَ بِغَيْرِهَا أَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَيَكْفِي فِي تَعَلُّمِهَا وَاحِدٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَصَوْا وَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ. وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالٍ: مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ؟ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ (وَ) كَوْنُهُمَا (فِي الْوَقْتِ) أَيْ: وَقْتِ الظُّهْرِ لِلِاتِّبَاعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَا يَكْفِي فِي الرُّكْنِيَّةِ دُخُولُ أَرْبَعِينَ فِي دُعَائِهِ مِنْ الْحَاضِرِينَ الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَلَوْ بِقَصْدِهِمْ فَقَطْ وَيَحْرُمُ الدُّعَاءُ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي التَّنْزِيلِ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِصِيغَةِ الذُّكُورِ مَا يَشْمَلَ الْإِنَاثَ. ع ش (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ) لَمْ يَقُلْ: مِنْ الْقَانِتَاتِ إشَارَةً إلَى قُوَّةِ عِبَادَتِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ عِبَادَةَ الذُّكُورِ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ إلَخْ) وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ، وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَمَحَلُّهُ الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِفِعْلِهِ فِي الْأُولَى أَيْضًا لَكِنَّ الثَّانِيَةَ أَوْلَى لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ أَلْيَقُ بِالْخَوَاتِيمِ كَمَا فِي م ر وع ش عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَلَوْ قِيلَ: إنَّ الدُّعَاءَ لِلسُّلْطَانِ وَاجِبٌ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ الْفِتْنَةِ غَالِبًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ فِي قِيَامِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ) أَيْ: مُبَالَغَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْحَدِّ كَأَنْ يَقُولَ: أَخْفَى أَهْلُ الشِّرْكِ مَثَلًا وَفِيهِ أَنَّ الْمُجَازَفَةَ فِي وَصْفِهِ لَيْسَتْ مِنْ الدُّعَاءِ حَتَّى يُحْتَرَزَ عَنْهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَ الدُّعَاءُ قَدْ يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا عُدَّتْ كَأَنَّهَا مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالْأَوْصَافِ الْكَاذِبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ كَوْنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ) فَلَوْ لَحَنَ فِيهِمَا لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى هَلْ يَأْتِي فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ، وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَمْ يُؤَثِّرْ، أَوْ قَبْلَهُ أَثَّرَ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ، وَأَمَّا الْقَوْمُ لَوْ شَكُّوا أَوْ بَعْضُهُمْ فِي تَرْكِ الْخَطِيبِ شَيْئًا مِنْ الْأَرْكَانِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ مُطْلَقًا. ح ل وَيُؤَثِّرُ الشَّكُّ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْأُولَى ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَرْكَانُهُمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَضُرَّ قَالَ: م ر مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَإِلَّا ضَرَّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُوَالَاةِ كَالسُّكُوتِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ إذَا طَالَ بِجَامِعِ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ لَغْوٌ لَا يُحْسَبُ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ لَا يُجْزِئُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَرَبِيِّ فَهُوَ لَغْوٌ سم وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّرَرِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّكُوتِ بِأَنَّ فِي السُّكُوتِ إعْرَاضًا عَنْ الْخُطْبَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّ فِيهِ وَعْظًا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ. ع ش.
(قَوْلُهُ: خَطَبَ بِغَيْرِهَا) أَيْ: بِلُغَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا الْقَوْمُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْسَنَ مَا يَفْهَمُونَهُ وَوَافَقَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ز ي فَلْيُتَأَمَّلْ، وَكَتَبَ أَيْضًا فَقَوْلُهُ: خَطَبَ بِغَيْرِهَا هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا الْآيَةَ مِنْ الْأَرْكَانِ أَمَّا هِيَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُتَرْجَمُ عَنْهُ فَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ حِينَئِذٍ. سم وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: يَأْتِي بَدَلَهَا بِذِكْرٍ، ثُمَّ دُعَاءٍ، ثُمَّ وَقْفَةٍ قَدْرَهَا وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْسَنَ مَا يَفْهَمُونَهُ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا بِاللُّغَةِ الَّتِي يُحْسِنُهَا الْقَوْمُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا) أَيْ: وَلَوْ بِالسَّفَرِ وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ) وَإِنْ زَادُوا عَلَى الْأَرْبَعِينَ. م ر (قَوْلُهُ: بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ فِي بَلَدٍ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ بِسَمَاعِهِمْ فَرَاجِعْهُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْقَاضِي) الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ.
(قَوْلُهُ: الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ) وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا يَأْتِي فِي الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. ح ل (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ) كَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَعِظُهُمْ وَلَا يَعْلَمُونَ الْمَوْعُوظَ بِهِ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُمَا فِي الْوَقْتِ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الشَّرْطِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، وَالصَّلَاةُ بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْوَقْتِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الشَّرْطِ الِاحْتِرَازُ عَنْ إيقَاعِهِمَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ م ر وَالثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ: كَوْنُهُمَا بَعْدَ الزَّوَالِ إذْ لَوْ جَازَ تَقْدِيمُهُمَا لَقَدَّمَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَخْفِيفًا عَلَى الْمُبَكِّرِينَ، وَإِيقَاعًا لِلصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. اهـ وَلَوْ هَجَمَ وَخَطَبَ فَبَانَ فِي الْوَقْتِ صَحَّ. شَوْبَرِيٌّ وَعِ ش عَلَى م ر وَقَالَ: سم بِعَدَمِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَوَلَاءٌ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَرْكَانِهِمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ، (وَطُهْرٌ) عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ وَعَنْ نَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ وَمَكَانِهِ (وَسِتْرُ) الْعَوْرَةِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ (وَقِيَامُ قَادِرٍ) عَلَيْهِ فِيهِمَا (وَجُلُوسٌ بَيْنَهُمَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِطُمَأْنِينَةٍ) فِي جُلُوسِهِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَمَنْ خَطَبَ قَاعِدًا لِعُذْرٍ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وُجُوبًا (وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ) الَّذِينَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجَا إلَى نِيَّةٍ لَكِنَّهُمَا مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ رَكْعَتَيْنِ فَأَشْبَهَا الصَّلَاةَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ: وَوَلَاءٌ بَيْنَهُمَا) وَحَدُّ الْمُوَالَاةِ مَا حُدَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَيْ: بِأَنْ لَا يَكُونَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ. م ر وع ش (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ أَرْكَانِهِمَا) وَلَا يَقْطَعُهَا الْوَعْظُ وَإِنْ طَالَ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْخُطْبَةِ فَالْخُطْبَةُ الطَّوِيلَةُ صَحِيحَةٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَطُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ) فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ اسْتَأْنَفَهَا، وَإِنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ، وَقَصُرَ الْفَصْلُ لِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ كَالصَّلَاةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَضُرَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: فَلَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَالِاسْتِخْلَافُ فِيهَا جَائِزٌ شَوْبَرِيٌّ، فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ، أَوْ بَعْدَهَا وَاسْتَخْلَفَ مَنْ سَمِعَ وَلَوْ صَبِيًّا وَمُحْدِثًا زَائِدًا جَازَ دُونَ غَيْرِهِ أَيْ: قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ. بِخِلَافِ مَا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَدَثِ، وَكَتَبَ عَلَى هَذِهِ الْحَاشِيَةِ وَمَنْ سَمِعَ أَيْ: حَضَرَ لِأَنَّ الْحُضُورَ بِمَثَابَةِ الِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا مَنْ هُوَ بِمَثَابَتِهِ وَهُوَ مَنْ حَضَرَهَا أَشَارَ إلَى هَذَا الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا فَرْقَ فِي الْحَاضِرِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، أَوْ لَا حَضَرَ مِنْ أَوَّلِهَا، أَوْ فِي جُزْءٍ مِنْهَا وَأَمَّا السَّامِعُونَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الطُّهْرُ وَلَا كَوْنُهُمْ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ أَيْ: وَهُوَ دَاخِلَ السُّورِ مَثَلًا بِخِلَافِ الْخَطِيبِ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ حَالَ الْخُطْبَةِ دَاخِلَ السُّورِ حَتَّى لَوْ خَطَبَ دَاخِلَهُ وَالْقَوْمُ خَارِجَهُ يَسْمَعُونَهُ كَفَى. اهـ وَلَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ.
بَنَى إنْ كَانَ عَنْ قُرْبٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: فِي الْخُطْبَتَيْنِ) بِخِلَافِ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّتْرُ، وَلَا الطُّهْرُ شَوْبَرِيٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَمِيعَ الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي الْأَرْكَانِ خَاصَّةً فَلَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فِي غَيْرِ الْأَرْكَانِ فَلَا تَبْطُلُ الْخُطْبَةُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْأَرْكَانِ وَأَتَى مَعَ حَدَثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ تَوَابِعِ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ مِنْ قُرْبٍ فَلَا يَضُرُّ فِي خُطْبَتِهِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْكَانِ مَعَ الْحَدَثِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقِيَامُ قَادِرٍ) وَعُدَّ الْقِيَامُ هُنَا شَرْطًا لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا الْوَعْظُ بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَاةِ فَالْمَقْصُودُ مِنْهَا الْخِدْمَةُ فَعَدُّوا الْقِيَامَ فِيهَا رُكْنًا وَلِأَنَّهَا أَفْعَالٌ وَأَقْوَالٌ وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ: فِي الْجُلُوسِ، وَلَوْ خَطَبَ مِنْ جُلُوسٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ قَادِرًا صَحَّتْ خُطْبَتُهُ وَلَمْ يَجِبْ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بَانَ حَدَثُهُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ بَلْ أَوْلَى قَالَهُ الشَّيْخُ تَخْرِيجًا عَلَى إمَامِ الصَّلَاةِ، وَأَيَّدَهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضِ قَالَ: وَمِثْلُ حَدَثِهِ نَجَاسَتُهُ الْخَفِيَّةُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضِ، وَتَشْبِيهِهِ بِالْجُنُبِ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَالْجُنُبِ شَوْبَرِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَجُلُوسٌ بَيْنَهُمَا) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ رضي الله عنهم فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ بِرْمَاوِيٌّ فَلَوْ تَرَكَهُ وَلَوْ سَهْوًا لَمْ تَصِحَّ خُطْبَتُهُ فِيمَا يَظْهَر إذْ الشُّرُوطُ يَضُرُّ الْإِخْلَالُ بِهَا وَلَوْ مَعَ السَّهْوِ م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَنْهُ الِاضْطِجَاعُ وَنَحْوُهُ وَيُؤَيِّدُهُ الِاتِّبَاعُ شَوْبَرِيٌّ وَهَلْ يَسْكُتُ فِي الْجُلُوسِ، أَوْ يَقْرَأُ، أَوْ يَذْكُرُ؟ سَكَتُوا عَنْهُ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ: ع ش وَيُسَنُّ كَوْنُ مَا يَقْرَؤُهُ الْإِخْلَاصُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِلْقَيْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ: بِطُمَأْنِينَةٍ وَأَمَّا أَصْلُ الشَّرْطِ فَذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ: كَعَادَتِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي بِطُمَأْنِينَةٍ لَكَانَ أَوْضَحَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ خَطَبَ قَاعِدًا إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَنْ خَطَبَ قَائِمًا وَعَجَزَ عَنْ الْجُلُوسِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ) أَيْ: بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَكُونَ صَوْتُ الْخَطِيبِ مُرْتَفِعًا يَسْمَعُهُ الْحَاضِرُونَ لَوْ أَصْغَوْا هَذَا فِي الْإِسْمَاعِ، وَأَمَّا السَّمَاعُ مِنْهُمْ فَبِالْقُوَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ وق ل وا ج وَعِبَارَةُ م ر وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ أَرْكَانَهُمَا بِأَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ بِأَرْكَانِهِمَا حَتَّى يَسْمَعَهَا تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سِوَاهُ. اهـ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِسْمَاعَ بِالْفِعْلِ شَرْطٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُتَصَوَّرُ الْإِسْمَاعُ بِالْفِعْلِ إلَّا إذَا سَمِعُوا بِالْفِعْلِ فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ قَالَ: ع ش قَوْلُهُ: وَإِسْمَاعُ
تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ (أَرْكَانُهُمَا) لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا وَعْظُهُمْ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهُمَا كَالْعَامِّيِّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَفْهَمُ مَعْنَاهَا فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ وَلَا إسْمَاعُ دُونَ الْأَرْبَعِينَ وَلَا حُضُورُهُمْ بِلَا سَمَاعٍ لِصُمٍّ أَوْ بُعْدٍ أَوْ نَحْوِهِ.
(وَسُنَّ تَرْتِيبُهَا) أَيْ: أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ الدُّعَاءِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَتَقْيِيدِ الْإِسْمَاعِ بِالْأَرْكَانِ مَعَ ذِكْرِ سَنِّ التَّرْتِيبِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) سُنَّ لِمَنْ سَمِعَهُمَا (إنْصَاتٌ فِيهِمَا) أَيْ: سُكُوتٌ مَعَ إصْغَاءٍ لَهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] ذُكِرَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ وَسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ وَوَجَبَ رَدُّ السَّلَامِ وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قِرَاءَةِ الْخَطِيبِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ إبَاحَةَ الرَّفْعِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِكَرَاهَتِهِ وَعُلِمَ مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ فِيهِمَا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِمَا رَوَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَرْبَعِينَ إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْإِسْرَارُ بِغَيْرِ الْأَرْكَانِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَإِلَّا ضَرَّ لِقَطْعِهِ الْمُوَالَاةَ كَالسُّكُوتِ وَلَا يُشْتَرَطُ طُهْرُهُمْ، وَلَا سِتْرُهُمْ، وَلَا كَوْنُهُمْ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا كَوْنُهُمْ دَاخِلَ السُّورِ وَالْعُمْرَانِ بِخِلَافِ الْخَطِيبِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا فِي ذَلِكَ وَلَوْ تَبَعًا وَيُعْتَبَرُ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْخَوْفِ إسْمَاعُ ثَمَانِينَ كُلُّ فِرْقَةٍ: أَرْبَعُونَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ أَصَمَّ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا كحج لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ وَشَرَطَ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يَكُونَ الْخَطِيبُ مِمَّنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَإِذَا كَانَ أُمِّيًّا وَلَمْ يَكُنْ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ. ح ل (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِسْمَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالسَّمَاعِ وَأَمَّا مَا يُقَالُ: أَسْمَعْته فَلَمْ يَسْمَعْ فَعَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ قَالَ شَيْخُنَا وَالشَّرْطُ الْإِسْمَاعُ، وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَوْا لَسَمِعُوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ هَكَذَا قَالَهُ: ح ل وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ بِالْفِعْلِ وَيَكْفِي السَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَالنَّوْمِ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَرْتِيبُهَا) كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا ذُكِرَ لِيُفِيدَ صُورَةَ التَّرْتِيبِ
(قَوْلُهُ: لِمَنْ سَمِعَهُمَا) أَيْ: لِمَنْ كَانَ يَسْمَعُهُمَا لَوْ أَنْصَتَ كَمَا فِي ح ل وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ لِمَنْ سَمِعَهُمَا أَيْ: وَلَوْ لِحِدَّةِ سَمْعِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: مَعَ إصْغَاءٍ) هُوَ الِاسْتِمَاعُ. قِيلَ: بَيْنَ الْإِنْصَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ الْإِنْصَاتَ هُوَ السُّكُوتُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ اسْتِمَاعٍ، أَوْ لَا وَالِاسْتِمَاعَ شَغْلُ السَّمْعِ بِالسَّمَاعِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ سُكُوتٌ، أَوْ لَا لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ مَعَ إصْغَاءٍ لَهُمَا قَدْ يُنَافِيهِ. اهـ. ح ل أَيْ: لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْإِصْغَاءَ مِنْ مُسَمَّى الْإِنْصَاتِ. اهـ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَسُنَّ لِمَنْ سَمِعَهُمَا إصْغَاءٌ لَكَانَ أَوْلَى إذْ مِنْ لَازِمِ الْإِصْغَاءِ السُّكُوتُ. لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِالْإِنْصَاتِ مُوَافَقَةً لِلْآيَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ رَدُّ السَّلَامِ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ حَيْثُ لَا يُشْرَعُ السَّلَامُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ، وَكَذَا يُسْتَثْنَى السَّلَامُ حَالَ التَّلْبِيَةِ، وَابْتِدَاءُ السَّلَامِ مَكْرُوهٌ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ) مِنْ عَطَسَ بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ أَيْ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَمِعِ وَمِثْلُهُ الْخَطِيبُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ قَطْعًا بِأَنْ يَقُولَ يَرْحَمُك اللَّهُ، أَوْ رَحِمَك اللَّهُ وَمَحَلُّ سَنِّ التَّشْمِيتِ إذَا حَمِدَ اللَّهَ الْعَاطِسُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَشَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ أَيْ: بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ قَالَ: م ر وَالرَّفْعُ الْبَلِيغُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ. اط ف وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْآتِي وَهُوَ الْإِبَاحَةُ. ح ف.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ قِرَاءَةِ الْخَطِيبِ إلَخْ) أَيْ: وَكَذَا إذَا ذُكِرَ اسْمُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ ح ل (قَوْلُهُ: عُلِمَ مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ إلَخْ) أَيْ: عَلَى الْجَدِيدِ، وَالْقَدِيمِ يَحْرُمُ الْكَلَامُ، وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ نَاجِزٌ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ، أَوْ عَقْرَبًا تَدِبُّ عَلَى إنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ، أَوْ عَلَّمَ إنْسَانًا شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ، أَوْ نَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا قَطْعًا بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْإِشَارَةِ إنْ أَغْنَتْ عَنْ الْكَلَامِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ) أَيْ: خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ قَالُوا: بِحُرْمَتِهِ وَمَحَلُّهَا إذَا شَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الْخُطْبَةِ فَقَبْلَهَا لَا يَحْرُمُ، وَإِنْ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَفْرُغُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَيُدْرِكُ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافًا لِمَا اسْتَثْنَاهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ عَدَمِ الْحُرْمَةِ عِنْدَ الْأَمْنِ قَالَ: وَإِذَا انْتَهَتْ الْخُطْبَتَانِ انْتَهَى تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ انْتِهَاءُ أَرْكَانِهِمَا وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِغَيْرِ أَرْكَانِهِمَا كَالتَّرَضِّي عَنْ الصَّحَابَةِ، وَالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَغَيْرِ
الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَأَعَادَ الْكَلَامَ فَقَالَ: لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّالِثَةِ مَا أَعْدَدْت لَهَا؟ فَقَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْت» فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الْكَلَامَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبَ السُّكُوتِ وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلنَّدَبِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا فَيَسْكُتُ أَوْ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ أَوْ الْقِرَاءَةِ.
(وَ) سُنَّ (كَوْنُهُمَا عَلَى مِنْبَرٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ فَعَلَى (مُرْتَفَعٍ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمِنْبَرِ فِي بُلُوغِ صَوْتِ الْخَطِيبِ النَّاسَ، وَسُنَّ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ وَتَعْبِيرِي بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَوْ (وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ) إذَا انْتَهَى إلَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ (وَ) أَنْ (يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ إذَا صَعِدَ) الْمِنْبَرَ أَوْ نَحْوَهُ وَانْتَهَى إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا الْمُسَمَّاةِ بِالْمُسْتَرَاحِ (وَ) أَنْ (يُسَلِّمَ) عَلَيْهِمْ (ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْجَمِيعِ رَوَاهُ فِي الْأَخِيرِ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَقِيَّةِ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ السَّلَامِ وَالْجُلُوسِ مَعَ قَوْلِي: وَاحِدٌ مِنْ زِيَادَتِي.
ــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ فَلَهُ الصَّلَاة حَالَ اشْتِغَالِهِ بِمَا ذُكِرَ وَلَا تَحْرُمُ نَعَمْ تُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِقُرْبِ الْإِقَامَةِ لَكِنْ أَظُنُّ أَنَّ شَيْخَنَا حَجّ أَلْحَقَ تَوَابِعَ الْخُطْبَةِ بِهَا فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ. اهـ. سم وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ عَلَى الْخَطِيبِ قَطْعًا كَمَا فِي م ر.
(قَوْلُهُ: أَنَّ رَجُلًا) هُوَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ وَهَذِهِ وَاقِعَةُ حَالٍ قَوْلِيَّةٌ، وَالِاحْتِمَالُ يَعُمُّهَا. ق ل (قَوْلُهُ: وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ) أَيْ: عَازِمٌ عَلَى الْخُطْبَةِ وَإِلَّا فَجَوَابُهُ لَوْ فُرِضَ فِي الْخُطْبَةِ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ قَلِيلٌ شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهِمَا وَإِذَا كَانَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعَى فَالْأَوْلَى بَقَاءُ " يَخْطُبُ " عَلَى ظَاهِرِهِ. (قَوْلُهُ: مَا أَعْدَدْت لَهَا) عَدَلَ مِنْ جَوَابِ سُؤَالِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالسُّؤَالِ عَنْهَا لِأَنَّهَا مِنْ الْغَيْبِ، وَأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ التَّعَلُّقُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَنْفَعُ فِيهَا فَهُوَ مِنْ تَلَقِّي السَّائِلِ بِغَيْرِ مَا يَطْلُبُ تَنْزِيلًا لِسُؤَالِهِ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْلَى لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة: 215] الْآيَة. وَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: 189] الْآيَةَ. وَإِجَابَةُ السَّائِلِ بِقَوْلِهِ حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى عَمَلِهِ الظَّاهِرِ بَلْ طَرَحَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ إلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَبُولِهِ، وَقَوْلُهُ: حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ هُوَ بِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ أَعْدَدْت، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ وَالْمَعْنَى حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَعْدَدْته لَهَا. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا وَهُوَ مِنْ وَاقِعِ الْأَحْوَالِ فَيَسْقُطُ بِهِ الِاسْتِدْلَال، وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بَعْدَ أَنْ أَوْمَأَ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ، وَأَيْضًا وَقَائِعُ الْأَحْوَالِ لَا يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَال بِهَا بِالِاحْتِمَالِ إنْ كَانَتْ فِعْلِيَّةً وَهَذِهِ قَوْلِيَّةٌ وَالِاحْتِمَالُ يَعُمُّهَا لَا يُقَالُ: بَلْ هِيَ فِعْلِيَّةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: جَوَابُهُ لَهُ قَوْلٌ مُتَضَمِّنٌ لِجَوَازِ سُؤَالِهِ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ. ح ل.
(قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا) أَيْ: مَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُمَا لَوْ أَصْغَى. ح ل (قَوْلُهُ: فَيَسْكُتُ، أَوْ يَشْتَغِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر نَعَمْ الْأَوْلَى لِغَيْرِ السَّامِعِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتِّلَاوَةِ، أَوْ الذِّكْرِ. اهـ فَالِاشْتِغَالُ بِالتِّلَاوَةِ، أَوْ الذِّكْرِ أَوْلَى مِنْ السُّكُوتِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ أَيْ: الْمَجْمُوعِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْكَلَامُ فَلَوْ قَالَ: وَسُنَّ لِمَنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا الِاشْتِغَالُ بِالذِّكْرِ، أَوْ التِّلَاوَةِ لَوَافَقَ عِبَارَتَهُ وَهِيَ إنْ قُلْنَا: لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ سُنَّ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِالتِّلَاوَةِ، وَالذِّكْرِ وَإِنْ قُلْنَا: يَحْرُمُ كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ السُّكُوتِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالذِّكْرِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ يَسْمَعُ لَا يَقْرَأُ، وَلَا يَذْكُرُ، وَإِنْ جَازَ لَهُ الْكَلَامُ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ، أَوْ الْقِرَاءَةِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ اشْتِغَالُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُقَدِّمًا لَهَا عَلَى التِّلَاوَةِ لِغَيْرِ سُورَةِ الْكَهْفِ وَالذِّكْرِ لِأَنَّهَا شِعَارُ الْيَوْمِ. ع ش
(قَوْلُهُ: عَلَى مِنْبَرٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مُشْتَقٌّ مِنْ النَّبْرِ بِفَتْحٍ، فَسُكُونٍ وَهُوَ: الِارْتِفَاع وَسَوَاءٌ فِي مَكَّةَ وَغَيْرِهَا. ق ل (قَوْلُهُ: فَمُرْتَفَعٌ) وَالسُّنَّةُ فِيهِ أَنْ لَا يُبَالَغَ فِي ارْتِفَاعِهِ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْمَنَابِرِ الْمُعْتَادَةِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَسُنَّ كَوْنُ ذَلِكَ) أَيْ: الْمِنْبَرِ، أَوْ الْمُرْتَفَعِ وَقَوْلُهُ: عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ أَيْ: عَلَى يَمِينِ الْمُسْتَقْبِلِ لِلْمِحْرَابِ كَمَا فِي ز ي وع ش وَإِلَّا فَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَقْبَلْته فَيَمِينُك يَسَارُهُ، وَيَسَارُك يَمِينُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ) وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا. ع ش (قَوْلُهُ: وَلِمُفَارَقَتِهِ لَهُمْ) أَيْ: بِاشْتِغَالِهِ بِصُعُودِهِ الْمِنْبَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ فَارَقَ الْقَوْمَ لِشُغْلٍ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِمْ سُنَّ لَهُ السَّلَامُ، وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ جِدًّا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ إذَا صَعِدَ) مُسْتَدْبِرًا لِلْقِبْلَةِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ فِي مَقَاصِدِ التَّحْدِيثِ، وَلِذَلِكَ طُلِبَ كَوْنُ الْمِنْبَرِ فِي صَدْرِ الْمَسْجِدِ لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِدْبَارُ خَلْقٍ كَثِيرٍ.
(قَوْلُهُ: فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ مُرَقٍّ يَخْرُجُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ يَقُولُ: " إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ " الْآيَةَ ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ فَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، وَلَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ كَانَ يُمْهِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا خَرَجَ إلَيْهِمْ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ جَاوِيشٍ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ اسْتَقْبَلَ
(وَ) أَنْ (تَكُونَ) الْخُطْبَةُ (بَلِيغَةً) أَيْ: فَصَيْحَةً جَزْلَةً لَا مُبْتَذَلَةً رَكِيكَةً فَإِنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ (مَفْهُومَةً) أَيْ: قَرِيبَةً لِلْفَهْمِ لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ (مُتَوَسِّطَةً) لِأَنَّ الطَّوِيلَةَ تُمَلُّ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا» أَيْ: مُتَوَسِّطَةً وَالْمُرَادُ: أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ قَصِيرَةً بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ» بِضَمِّ الصَّادِ وَتَعْبِيرِي بِمُتَوَسِّطَةٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَصِيرَةٍ فَإِنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ.
(وَ) أَنْ (لَا يَلْتَفِتَ) فِي شَيْءٍ مِنْهَا بَلْ يَسْتَمِرُّ مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ مُسْتَمِعِينَ لَهُ (وَ) أَنْ (يَشْغَلَ يُسْرَاهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ قَامَ بِالسِّلَاحِ، (وَيُمْنَاهُ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهَذَا مَعَ قَوْلِي يُسْرَاهُ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ أَرْسَلَهُمَا وَالْغَرَضُ أَنْ يَخْشَعَ وَلَا يَعْبَثَ بِهِمَا.
(وَ) أَنْ (يَكُونَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْخُطْبَتَيْنِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَأْخُذُ بِلَالٌ فِي الْأَذَانِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ لَا بِأَثَرٍ، وَلَا خَبَرٍ، وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ إذْ فِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَرْغِيبٌ فِي الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ إكْثَارُهَا وَفِي قِرَاءَةِ الْخَبَرِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ تَيَقُّظٌ لِلْمُكَلَّفِ لِاجْتِنَابِ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ، أَوْ الْمَكْرُوهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ يَقُولُ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُطْبَتِهِ. وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ شَرْحُ م ر وَلَعَلَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُهُ: فِي ابْتِدَاءِ الْخُطْبَةِ لِكَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ ع ش عَلَى م ر، وَهُوَ قَوْلُهُ:«إذَا قُلْت لِصَاحِبِك وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْت» فَإِذَا كَانَ كَلَامُهُ حِينَئِذٍ لَغْوًا مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِنْصَاتِ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ لَغْوًا فِي غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْبُخَارِيِّ، وَأَمَّا الْأَذَانُ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الْمَنَارَةِ فَأَحْدَثَهُ عُثْمَانُ وَقِيلَ: مُعَاوِيَةُ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاتِّبَاعِ أَفْضَلَ إلَّا لِحَاجَةٍ كَأَنْ تَوَقَّفَ حُضُورُهُمْ عَلَى الْأَذَانِ عَلَى الْمَنَائِرِ. س ل
(قَوْلُهُ: أَيْ: فَصَيْحَةً جَزْلَةً) كِلَاهُمَا تَفْسِيرٌ لِبَلِيغَةٍ، وَيُقَابِلُ الثَّلَاثَةَ كُلٌّ مِنْ الْمُبْتَذَلَةِ، وَالرَّكِيكَةِ فَلَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَلَالِ هَكَذَا قَالَهُ: ح ل وَالْمُبْتَذَلَةُ الْمَشْهُورَةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَالرَّكِيكَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى التَّنَافُرِ، وَالتَّعْقِيدِ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ لَا مُبْتَذَلَةً مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ: وَالْجَزْلُ ضِدُّ الرَّكِيكِ (قَوْلُهُ: وَحْشِيَّةً) تَفْسِيرٌ لِغَرِيبَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّف أَوْ الْحَدِيثِ فَتَكُونُ مُتَوَسِّطَةً فِي نَفْسِهَا، وَقَصِيرَةً بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: كَيْفَ يَقُولُ وَالْمُرَادُ مَعَ أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي الْحَدِيثِ قَصْدًا لَا قَصِيرَةً، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمُرَادِ خَبَرُ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: أَطِيلُوا الصَّلَاةَ) وَحِكْمَةُ ذَلِكَ لُحُوقُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِرْمَاوِيٌّ، وَالْعَمَلُ الْآنَ بِالْعَكْسِ. (قَوْلُهُ: وَأَقْصُرُوا بِضَمِّ الصَّادِ) ؛ لِأَنَّهُ الرِّوَايَةُ وَإِلَّا فَكَسْرُهَا جَائِزٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَقْصَرَ وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً قَلِيلَةً كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. اهـ وَفِي الْمِصْبَاحِ قَصَرْتُ الصَّلَاةَ قَصْرًا مِنْ بَابِ طَلَبَ هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ قَالَ تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] وَفِي لُغَةٍ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ: أَقْصَرْتُهَا وَقَصَّرْتُهَا. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَصِيرَةٍ) قَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَتْ الْقَصِيرَةُ هِيَ الْمُرَادَةَ فَالتَّعْبِيرُ بِهَا أَوْلَى، وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَا يُنْتِجُ الْأَوْلَوِيَّةَ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَمِرُّ مُقْبِلًا عَلَيْهِمْ) أَيْ: إلَى جِهَتِهِمْ فَلَا يُقَالُ: هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَنْ فِي مُقَابَلَتِهِ لَا مِنْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ يَسَارِهِ. ح ل (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى جِهَتِهِ فَلَا يَطْلُبُ مِمَّنْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَنْ يَنْحَرِفَ إلَيْهِ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْظُرُوا لَهُ وَهَلْ يُسَنُّ النَّظَرُ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا وَجَّهُوا بِهِ حُرْمَةَ أَذَانِ الْمَرْأَةِ بِسَنِّ النَّظَرِ لِلْمُؤَذِّنِ دُونَ غَيْرِهِ وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ النَّظَرُ إلَيْهِمْ فَيُكْرَهُ لَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ الْمُتَبَادَرِ مِنْهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ سَيْفٍ) كَعَصًا وَنَحْوِهَا مِنْ ابْتِدَاءِ طُلُوعِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْمَرْقَى بِالْيَمِينِ كَمَا يَدْفَعُهُ لَهُ بَعْدَ نُزُولِهِ بِهَا لِشَرَفِهَا. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ قَبَضَ عَلَيْهِ بِالْيَسَارِ كَمَا هُوَ شَأْنُ مَنْ يُرِيدُ الْمُقَاتَلَةَ بِهِ فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ، وَلَيْسَ تَنَاوُلًا حَتَّى يَكُونَ بِالْيَمِينِ ح ل بَلْ هُوَ اسْتِعْمَالٌ، وَامْتِهَانٌ بِالِاتِّكَاءِ فَكَانَتْ الْيَسَارُ بِهِ أَلْيَقَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَمَامِ الْإِشَارَةِ إلَى الْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُمْنَاهُ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ) حَيْثُ خَلَا ذَلِكَ الْحَرْفُ عَنْ عَاجٍ وَإِلَّا ضَرَّ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ بَلْ كَانَ مُتَّصِلًا بِمَا تَحْتَ يَدِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَحَلَّ الَّذِي لَا عَاجَ بِهِ أَيْ: حَيْثُ لَا يَنْجَرُّ بِجَرِّهِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ قَبَضَ نَحْوَ حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ حَيْثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ حَامِلٌ لِمُتَّصِلٍ بِالنَّجَسِ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ حَامِلًا لِلْمُتَّصِلِ بِالنَّجَاسَةِ. ح ل وَشَرْحُ م ر وز ي (قَوْلُهُ: جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى) أَيْ: تَحْتَ صَدْرِهِ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ شَغْلُ الْيَمِينِ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ، وَإِرْسَالُ الْيُسْرَى فَلَا بَأْسَ. شَرْحُ م ر