المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب أوقات الصلاة] - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌(فَرْعٌ) دُخَانُ النَّجَاسَةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابٌ الْأَذَان]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي) مُقْتَضَى (سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) .فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ

الفصل: ‌[باب أوقات الصلاة]

«، وَقَوْلُهُ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَغَيْرُ هُمَا، وَوُجُوبُهَا مُوسَعٌ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا، فَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَهَا إلَى أَثْنَاءِ وَقْتِهَا لَزِمَهُ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ

(بَابُ أَوْقَاتِهَا)

التَّرْجَمَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَلَمَّا كَانَ الظُّهْرُ أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ، وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي قَوْلِهِ:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]، وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةٍ عَلَّمَهَا جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَدَأْت كَغَيْرِي بِوَقْتِهَا فَقُلْت:

ــ

[حاشية البجيرمي]

رَكْعَتَيْنِ حَتَّى الْمَغْرِبِ وَزِيدَ فِيهَا رَكْعَةٌ، وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِابْنِ حَجَرٍ أَنَّهَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَا عَدَا الْمَغْرِبِ. اهـ (قَوْلُهُ لِمُعَاذٍ) لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي إيرَادِ هَذَا دَفْعُ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْخَمْسَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مُحْتَمَلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الشَّيْخَانِ وَلَا يَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ التَّنْبِيهَ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِ الشَّيْخَيْنِ وَأَمَّا إفَادَتُهُ أَنَّ ثَمَّ أَخْبَارًا غَيْرَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فَمُسْتَفَادٌ مِنْ الْكَافِ ع ش. (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا) جَمِيعًا وَشُرُوطَهَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ الْفِعْلُ أَوْ الْعَزْمُ إذَا ظَنَّ السَّلَامَةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَإِلَّا عَصَى قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ عَصَى لَا يُقَالُ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَكُونَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً عَلَى التَّعْيِينِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّا نَقُولُ اللَّازِمُ كَوْنُهَا غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَى الْعَيْنِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَاطِلٍ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِجُمْلَةِ الْوَقْتِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ إخْلَاؤُهُ مُطْلَقًا عَنْهَا وَلَمْ يَلْزَمْ خِلَافُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ ع ش فَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الْعَزْمِ وَقَبْلَ الْفِعْلِ لَمْ يَأْثَمْ بِخِلَافِ الْحَجِّ لِأَنَّ وَقْتَهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ ح ل.

(قَوْلُهُ لَزِمَ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهَا) أَيْ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ بِأَنْ عَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ وَلَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهُ فِي الْوَقْتِ أَثِمَ ح ل فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ كَأَنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ فَطَالَبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ بِاسْتِيفَائِهِ فَأَمَرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ تَعَيَّنَتْ أَيْ الصَّلَاةُ فِيهِ أَيْ فِي أَوَّلِهِ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهَا لِأَنَّ الْوَقْتَ تَضِيقُ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ ع ش. وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَزْمٌ عَامٌّ وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَقِبَ الْبُلُوغِ عَلَى فِعْلِ كُلِّ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمَعَاصِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ سم فِي الْآيَاتِ ع ش.

[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

(بَابُ أَوْقَاتِهَا)

صَدَّرَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ كِتَابَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ أَهَمَّهَا الْخَمْسُ وَأَهَمَّ شُرُوطِهَا مَوَاقِيتُهَا إذْ بِدُخُولِهَا تَجِبُ وَبِخُرُوجِهَا تَفُوتُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. وَقَوْلُهُ وَأَهَمُّ شُرُوطِهَا مَوَاقِيتُهَا أَيْ مِنْ أَهَمِّ شُرُوطِهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الطَّهَارَةَ أَهَمُّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى الْفَرِيضَةَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ وَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ جِنْسِهَا وَإِلَّا وَقَعَتْ عَنْهَا، وَإِذَا صَلَّاهَا ظَانًّا الطَّهَارَةَ فَتَبَيَّنَ عَدَمُهَا بَانَ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ أَصْلًا شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِي) وَهِيَ الْأَصْلُ أَيْ ذِكْرُ التَّرْجَمَةِ هُوَ الْأَصْلُ لِيُنَاسِبَ ذِكْرَ الْأَوْقَاتِ بَعْدُ، فَحَذْفُ الْأَصْلِ لَهَا لِمُجَرَّدِ الِاخْتِصَارِ ع ش. (قَوْلُهُ أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ وَانْظُرْ وَقْتَ ظُهُورِهَا وَلَعَلَّهُ يَوْمَ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ، فَالْمُرَادُ ظُهُورُ وُجُوبِهَا ح ل، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ ظُهُورِهَا وَقْتُ فِعْلِهَا فَلِهَذَا سُمِّيَتْ ظُهْرًا وَقِيلَ سُمِّيَتْ ظُهْرًا لِظُهُورِهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ أَوْ لِفِعْلِهَا وَقْتَ الظَّهِيرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ بَدَأَ أَيْضًا بِالصُّبْحِ فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} [طه: 130]، فَهَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ سَابِقَةٌ عَلَى تِلْكَ فِي النُّزُولِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ بَعْضَ الْعِلَّةِ وَتَمَامُهَا هُوَ مَجْمُوعُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فَلَا تَرِدُ الصُّبْحُ تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَانَ الظُّهْرُ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ ع ش وَشَيْخُنَا وَلَمْ تَجِبْ الصُّبْحُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْكَيْفِيَّةِ أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَصَلَ لَهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ وُجُوبَ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ وَهَذَا أَوْلَى لِمَا يَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ قَضَاءُ الصُّبْحِ وَلَمْ يَنْقُلْ وَلَوَجَبَ قَضَاءُ الْعِشَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ الْإِسْرَاءِ لَيْلًا ع ش مُلَخَّصًا. قَوْلُهُ {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أَيْ زَوَالِهَا، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ. وَالْأَوْلَى كَوْنُهَا بِمَعْنَى بَعْدُ لِأَنَّ وَقْتَ الزِّوَالِ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ كَانَتْ الظُّهْرُ لِدَاوُدَ وَالْعَصْرُ لِسُلَيْمَانَ وَالْمَغْرِبُ لِيَعْقُوبَ وَالْعِشَاءُ لِيُونُسَ وَالصُّبْحُ لِآدَمَ وَنَظَمَهُ

ص: 147

(وَقْتُ ظُهْرٍ بَيْنَ) وَقْتَيْ (زَوَالٍ وَ) زِيَادَةِ (مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ غَيْرَ ظِلِّ اسْتِوَاءٍ) أَيْ: غَيْرَ ظِلِّ الشَّيْءِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ. وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ قَوْله تَعَالَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} [ق: 40] ، أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الصُّبْحَ وَبِالثَّانِي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَبِالثَّالِثِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَخَبَرُهُ

: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

لِآدَمَ صُبْحٌ وَالْعِشَاءُ لِيُونُسَ

وَظُهْرٌ لِدَاوُدَ وَعَصْرٌ لِنَجْلِهِ

وَمَغْرِبُ يَعْقُوبَ كَذَا شَرْحُ مُسْنَدٍ

لِعَبْدٍ كَرِيمٍ فَاشْكُرَنَّ لِفَضْلِهِ

(قَوْلُهُ وَقْتَ ظُهْرٍ بَيْنَ زَوَالٍ إلَخْ) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا حَتَّى يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ أَيَّامُ الدَّجَّالِ، وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ فَلَا يُقَالُ إنَّ الشَّيْخَ سَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْأَوْقَاتِ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ كَذَا أَجَابَ بِهِ الطَّنْدَتَائِيُّ اهـ بِخَطِّ الشَّيْخِ خِضْرٍ. وَقَوْلُهُ بَيْنَ زَوَالٍ يُفْهِمُ أَنَّ الزَّوَالَ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعِرَاقِيِّ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ضَعِيفٌ بَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّوَالَ وَالْمَصِيرَ وَقْتَانِ قَدَّرَ لَفْظَ وَقْتَيْ وَلَمَّا كَانَ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَ الْمَصِيرِ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ قَدَّرَ زِيَادَةً. (قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلُهُ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ عَنْ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ إلَّا بِهَا عَوَّلَ عَلَيْهَا الْإِمَامُ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَدْخُلُ بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلِهِ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا ح ل، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهُوَ أَيْ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلُهُ سِوَى مَا مَرَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ فَلَا يُشْتَرَطُ حُدُوثُ زِيَادَةٍ فَاصِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ غَيْرُ ظِلِّ اسْتِوَاءٍ إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِوَاءَ لَهُ ظِلٌّ أَوَّلَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ غَيْرُ ظِلِّ الشَّيْءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ وَذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ ح ل. قَوْلُهُ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [ق: 39] أَيْ صَلِّ وَعَبَّرَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ ع ش وَفِيهِ أَنَّ التَّسْبِيحَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا حَتَّى يُسْتَعْمَلَ فِي الْكُلِّ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِي التَّسْبِيحِ الصَّلَاةَ وَعَلَيْهِ فَلَا تَجُوزُ وَاسْتَدَلَّ بِهَا دُونَ قَوْلِهِ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] الْآيَةَ. وَإِنْ كَانَ فِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْأَمْرَ بِالتَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُجْمَلَةً وَالدَّلِيلُ الْمُجْمَلُ فِيهِ مَا فِيهِ احْتَاجَ إلَى الثَّانِي فَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ وَخَبَرُ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ» إلَخْ شَوْبَرِيٌّ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْآيَةُ مُجْمَلَةً لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الْمَوَاقِيتِ تَفْصِيلًا وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الصَّلَوَاتِ إجْمَالًا.

(قَوْلُهُ أَمَّنِي جِبْرِيلُ) أَيْ جَعَلَنِي إمَامًا فَتَكُونُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ بِمَعْنَى مَعَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ صَارَ لِي إمَامًا فَتَكُونُ الْبَاءُ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ ع ش وَعِبَارَتُهُ أَمَّنِي جِبْرِيلُ أَيْ صَلَّى بِي إمَامًا وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَصَلَّى بِهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ كَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلَ مِنْهُ لِغَرَضِ التَّعْلِيمِ، لَا يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْتَدِيَ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُعَلِّمَهُ الْكَيْفِيَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ أَوْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِهِ إمَامًا وَيُعَلِّمَهُ جِبْرِيلُ مَعَ كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: إمَامَةُ جِبْرِيلَ أَظْهَرُ فِي التَّعْلِيمِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ جِبْرِيلُ وَعَلَّمَهُ بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا لَا يُقَالُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الْعِلْمُ بِكَيْفِيَّتِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ وَظُهُورِ كَيْفِيَّتِهَا لِلنَّاسِ وَأَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ عَلَّمَهُ مَا فِيهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَأَمَّ بِهِ لِيُعَلِّمَهُ كَيْفِيَّةَ الْفِعْلِ الَّذِي عَلِمَ وُجُوبَهُ اهـ. لَا يُقَالُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ تَحَقُّقُ الذُّكُورَةِ إذَا كَانَ الْمُقْتَدِي بِهِ ذَكَرًا وَالْمَلَائِكَةُ لَا تُوصَفُ بِذُكُورَةٍ وَلَا بِأُنُوثَةٍ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّرْطُ انْتِفَاءُ الْأُنُوثَةِ لَا تَحَقُّقُ الذُّكُورَةِ، فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَيْنَا الْخُنْثَى إذَا كَانَ إمَامًا لِلذَّكَرِ فَإِنَّ الشُّرُوطَ وَهُوَ انْتِفَاءُ الْأُنُوثَةِ مَوْجُودٌ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ قُلْت: الشَّرْطُ انْتِفَاءُ الْأُنُوثَةِ يَقِينًا وَالْأُنُوثَةُ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْخُنْثَى، (قَوْلُهُ عِنْدَ الْبَيْتِ) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ بِالْمِعْجَنَةِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَقْبِلِي الْكَعْبَةَ وَيُخَالِفُهُ مَا وَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِرَأْيِهِ؛ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ: هَلْ يَتْبَعُهُ الْكُفَّارُ أَوْ لَا؟» لِأَنَّهُ كَانَ قِبْلَتَهُمْ.

لَا يُقَالُ: إنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مُسْتَقْبِلِينَ لِلشَّامِ أَيْ فَلَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ يَجْعَلُ الْبَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِرْمَاوِيٌّ. وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى مَعَ جِبْرِيلَ حَرِّرْ. رُوِيَ

ص: 148

مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَ الْفَيْءُ قَدْرَ الشِّرَاكِ وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ أَيْ: الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ أَيْ: دَخَلَ وَقْتُ إفْطَارِهِ وَالْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ وَالْفَجْرَ حِينَ حُرِّمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ وَالْعَصْرَ حِين كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَالْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالْفَجْرَ فَأَسْفَرَ، وَقَالَ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِك، وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ.

وَقَوْلُهُ «صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ» أَيْ: فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه نَافِيًا اشْتِرَاكَهُمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَاءَهُ جِبْرِيلُ لِيُعَلِّمَهُ الْكَيْفِيَّةَ نَادَى أَصْحَابَهُ فَاجْتَمَعَتْ فَقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَى إلَيْكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ الصَّلَاةَ فَأَحْرَمَ وَأَحْرَمَ النَّبِيُّ خَلْفَهُ وَأَحْرَمَتْ الصَّحَابَةُ كَذَلِكَ مُقْتَدِينَ بِجِبْرِيلَ لَكِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ فَصَارُوا يُتَابِعُونَهُ صلى الله عليه وسلم كَالرَّابِطَةِ» سم.

(قَوْلُهُ مَرَّتَيْنِ) الْمَرَّةُ كِنَايَةٌ عَنْ فِعْلِ خَمْسِ صَلَوَاتٍ مِنْ الظُّهْرِ إلَى الصُّبْحِ وَإِلَّا فَهُوَ صَلَّى بِهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ. (قَوْلُهُ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ) أَيْ عَقِبَ زَوَالِهَا. (قَوْلُهُ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ إلَخْ) أَيْ عَقِبَ ذَلِكَ. وَالْمُرَادُ غَيْرُ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ أَيْ دَخَلَ وَقْتُ إفْطَارِهِ) وَكَانَ هَذَا الْوَقْتُ مَعْلُومًا لَهُمْ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ فَرْضَ رَمَضَانَ كَانَ بَعْدَ فَرْضِ الصَّلَاةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ صَوْمٌ وَاجِبٌ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَنْدُوبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ حِينَ امْتَنَعَ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الصَّوْمَ وَلَوْ نَفْلًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْفَجْرُ) أَيْ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي ح ل. (قَوْلُهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ إلَخْ) وَفِيهِ أَنَّ أَوَّلَ الْيَوْمِ التَّالِي لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ هُوَ الصُّبْحُ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَقُولُ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِي الصُّبْحَ إلَى آخِرِ الْعِشَاءِ ثُمَّ يَقُولُ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَيْ بَعْدَ الْيَوْمِ الثَّانِي صَلَّى بِي الصُّبْحَ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ. قُلْت: يَجُوزُ أَنَّهُ جَعَلَ الْيَوْمَ مُلَفَّقًا مِنْ الْيَوْمَيْنِ فَيَكُونُ الصُّبْحُ الْأَوَّلُ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مُكَمِّلٌ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالصُّبْحُ الثَّانِي مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي ع ش. وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْغَدِ الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْخَمْسِ ثَانِيًا وَأَوَّلُهَا الظُّهْرُ؛ فَلِذَا قَالَ: صَلَّى بِي الظُّهْرَ وَلَمْ يَقُلْ الصُّبْحَ. مَعَ أَنَّهُ أَوَّلَ الْغَدِ شَيْخُنَا. وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ لَمَّا كَانَ الصُّبْحُ مُكَمِّلًا لِلْخَمْسِ كَانَ كَأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ، أَوْ يُقَالُ إنَّ أَوَّلَ النَّهَارِ طُلُوعُ الشَّمْسِ، وَأَمَّا الصُّبْحُ فَهُوَ لَيْلِيٌّ حُكْمًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجْهَرُ فِيهِ. (قَوْلُهُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ مُؤَخَّرَةٌ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إلَى بِمَعْنَى عِنْدَ وَلَا حَذْفَ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَالْفَجْرَ فَأَسْفَرَ) وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ فَأَسْفَرَ يُحْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ فَدَخَلَ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْهَا فِي الْأَسْفَارِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا فِيهِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ إلَى الْإِسْفَارِ أَيْ الْإِضَاءَةُ كَمَا يَأْتِي غَزِّيٌّ، وَكَتَبَ أَيْضًا: قَوْلُهُ فَأَسْفَرَ قَالَ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ: قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ الظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى جِبْرِيلَ وَمَعْنَى أَسْفَرَ دَخَلَ فِي السَّفَرِ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْفَاءِ وَهُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى الصُّبْحِ أَيْ فَأَسْفَرَ الصُّبْحُ فِي وَقْتِ صَلَاتِهِ. وَيُوَافِقُهُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ «ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتْ الْأَرْضُ» شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ هَذَا وَقْتٌ) أَيْ هَذِهِ أَوْقَاتُ الْأَنْبِيَاءِ فَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ. قَالَ السُّيُوطِيّ: صَحَّتْ الْأَحَادِيثُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ أُمَّةٌ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ. فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَقْتَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ، أَوْ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ يُونُسُ صَلَّاهَا دُونَ أُمَّتِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ الْأَنْبِيَاءُ) أَيْ مَجْمُوعُهُمْ.

(قَوْلُهُ وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَخْرُجُ بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ وَأَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ يَخْرُجُ بِثُلُثِ اللَّيْلِ وَالْفَجْرِ بِالْإِسْفَارِ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ ح ل. وَالْمُرَادُ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّ وَقْتَهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِمَا، وَهَذَا وَجْهُ تَمَسُّكِ الْقَائِلِ بِأَنَّ وَقْتَهَا وَاحِدٌ، فَإِنْ قُلْت هَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لَيْسَا مِنْهُ مَعَ أَنَّهُمَا مِنْهُ وَآخِرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا مُقَدَّرًا وَالتَّقْدِيرُ وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ مُلَاصِقِ أَوَّلِ أَوَّلِهِمَا مِنْ قَبْلُ وَمَا بَيْنَ مُلَاصِقِ آخِرِ آخِرِهِمَا مِنْ بَعْدُ فَدَخَلَ الْوَقْتَانِ. وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ هَذَانِ الْوَقْتَانِ وَمَا بَيْنَهُمَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَشَيْخِنَا. (قَوْلُهُ أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ) هَلْ يَصِحُّ إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ؟ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ. اهـ. حَجّ. أَقُولُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ قَبْلَهُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ نَافِيًا إلَخْ) خِلَافًا لِمَا فِي تَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الظُّهْرِ

ص: 149

فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ:«وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ» ، وَالزَّوَالُ مَيْلُ الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ فِي الظَّاهِرِ لَنَا لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَذَلِكَ بِزِيَادَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ عَلَى ظِلِّهِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ أَوْ بِحُدُوثِهِ إنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ ظِلٌّ. قَالَ الْأَكْثَرُونَ: وَلِلظُّهْرِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتَ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبْعِهِ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَخْ وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَلَهَا أَيْضًا وَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَسَيَأْتِي وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي لَا يَسَعُهَا، وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً لَكِنَّهُمَا يَجْرِيَانِ فِي غَيْرِ الظُّهْرِ وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ وَالْقَاضِي إلَى آخِرِهِ تَسَمُّحٌ

(فَ) وَقْتُ (عَصْرٍ) مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ (إلَى غُرُوبٍ) لِلشَّمْسِ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ فِي مُسْلِمٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْعَصْرِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.

(قَوْلُهُ وَالزَّوَالُ مَيْلُ الشَّمْسِ) جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ: «أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا تَسِيرُ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ ثُمَّ تَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَعَادَتِهَا» وَلَا يَخْفَى أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ يَدْخُلُ بِرُجُوعِهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ زَوَالِهَا ح ل، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ لَيْلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا تَطُولُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا لِإِبْهَامِهَا عَلَى النَّاسِ فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَيْلَتَانِ مُقَدَّرَتَانِ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَوَاجِبُهُمَا الْخَمْسُ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ إلَى جِهَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَيْلٍ، وَقَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ مُتَعَلِّقٌ بِمَيْلٍ أَوْ بِالِاسْتِوَاءِ فَلَوْ أَوْقَعَ إحْرَامُهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِنْ تَقَدَّمَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ بِنَحْوِ حِسَابٍ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى دُخُولِ رَمَضَانَ إذَا اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى الْحِسَابِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الصَّوْمَ احْتِيَاطًا لَهُ فَوَجَبَ بِذَلِكَ وَمُقْتَضَى الِاحْتِيَاطِ هُنَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَبِأَنَّهُمْ هُنَا جَعَلُوا دُخُولَ الْوَقْتِ بِالظُّهُورِ فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ فَلَا دُخُولَ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ بِغَيْرِ ظُهُورٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ جِبْرِيلُ: إنَّ حَرَكَةَ الْفَلَكِ تَقْطَعُ بِقَدْرِ النُّطْقِ بِالْحَرْفِ الْمُحَرَّكِ قَدْرَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ الْمَيْلُ وَلَيْسَ أَوَّلُ الْوَقْتِ مُجَرَّدَ الْمَيْلِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ قَبْلَ ظُهُورِ الظِّلِّ الْمَذْكُورِ حَتَّى لَوْ قَارَنَهُ التَّحَرُّمُ قَبْلَ الظُّهُورِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الظُّهُورُ ح ل. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ ظِلٌّ) كَمَكَّةَ وَصَنْعَاءِ الْيَمَنِ فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ ح ل. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهَا سِتَّةَ أَوْقَاتٍ: وَقْتَ فَضِيلَةٍ بِمِقْدَارِ مَا يُؤَذِّنُ وَيَتَوَضَّأُ وَيَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَأْكُلُ لُقَيْمَاتٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِعًا وَيُصَلِّيهَا مَعَ رَاتِبَتِهَا وَوَقْتَ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّهُ مِثْلَ رُبُعِهِ أَوْ نِصْفِهِ، وَوَقْتَ جَوَازٍ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا، وَوَقْتَ حُرْمَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَوَقْتَ عُذْرٍ، وَوَقْتَ ضَرُورَةٍ وَهُوَ إذَا زَالَتْ الْمَوَانِعُ وَبَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا قَدْرُ زَمَنِ تَحَرُّمٍ وَلَيْسَ لَهَا وَقْتُ كَرَاهَةٍ، وَكُلُّ الْأَوْقَاتِ لَهَا وَقْتُ عُذْرٍ إلَّا الصُّبْحَ وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ إلَّا الظُّهْرَ. (قَوْلُهُ وَقْتَ فَضِيلَةٍ) الْمُرَادُ بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ مَا يَزِيدُ فِيهِ الثَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَبِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ دُونَ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِرُجْحَانِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ أَوْ لِاخْتِيَارِ جِبْرِيلَ إيَّاهُ وَبِوَقْتِ الْجَوَازِ مَا لَا ثَوَابَ فِيهِ مِنْهَا وَبِوَقْتِ الْكَرَاهَةِ مَا فِيهِ مُلَامٌ مِنْهَا س ل.

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَاضِي) الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَهُوَ شَيْخُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْبَيْضَاوِيَّ ح ف. (قَوْلُهُ مِثْلُ رُبُعِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ وَوَقْتَ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا. (قَوْلُهُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ وَوَقْتَ حُرْمَةٍ) وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ تَأْخِيرُهَا لَا إيقَاعُهَا فِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ وَقْتَ حُرْمَةٍ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ز ي. (قَوْلُهُ لَا يَسَعُهَا) أَيْ جَمِيعَ أَرْكَانِهَا حَتَّى لَوْ كَانَ يَسَعُ الْأَرْكَانَ وَلَا يَسَعُ السُّنَنَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِالسُّنَنِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ لِذَلِكَ الزَّمَنِ ح ل. (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ بَيَانُ وَقْتِ الْحُرْمَةِ فَفِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَكْثَرِينَ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَعِبَارَةَ الْقَاضِي فِي وَقْتِ الْجَوَازِ تَصْدُقُ بِوَقْتِ الْحُرْمَةِ كَمَا عَلِمْت ح ل. (قَوْلُهُ إلَى آخِرِهِ) هُوَ مَقُولُ الْقَوْلِ أَيْ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَخْ. وَقَوْلُ الْقَاضِي: وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَخْ فِيهِ تَسَمُّحٌ لِأَنَّهُ يَنْدَرِجُ وَقْتُ الْحُرْمَةِ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَوَقْتُ الْجَوَازِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: وَجْهُ التَّسَمُّحِ أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ وَالِاخْتِيَارِ وَقْتَ الضَّرُورَةِ وَالْحُرْمَةِ

. (قَوْلُهُ فَوَقْتَ عَصْرٍ) وَهِيَ عَلَى الْأَصَحِّ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى وَعَلَيْهِ فَهِيَ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَيَلِيهَا الصُّبْحُ ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ ز ي وح ل. (قَوْلُهُ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: غَيْرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُدُوثِ زِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَّا أَنَّ خُرُوجَ وَقْتِ الظُّهْرِ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ بِدُونِهَا ز ي، فَقَوْلُهُ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ أَيْ مِنْ عَقِبِ آخِرِهِ. (قَوْلُهُ إلَى غُرُوبٍ لِلشَّمْسِ) أَيْ لِجَمِيعِ قُرْصِهَا. (قَوْلُهُ مَعَ خَبَرٍ) أَتَى بِهِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَخَبَرُ جِبْرِيلَ عَلَى أَوَّلِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ) أَيْ مُؤَدَّاةً ح ل. (قَوْلُهُ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ) دَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا قَبْلَهُ أَدْرَكَهَا أَنَّ اسْتِمْرَارَ الْوَقْتِ إلَى تَمَامِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّهُ إنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ خَرَجَ الْوَقْتُ

ص: 150

«: وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ» (وَالِاخْتِيَارُ) وَقْتُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا (إلَى مَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْنِ) بَعْدَ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ؛ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ وَقَوْلِهِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا «، الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَبَعْدَهُ وَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الِاصْفِرَارِ، ثُمَّ بِهَا إلَى الْغُرُوبِ وَلَهَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ وَوَقْتُ عُذْرٍ وَوَقْتُ الظُّهْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَوَقْتُ تَحْرِيمٍ فَلَهَا سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ.

(فَ) وَقْتُ (مَغْرِبٍ) مِنْ الْغُرُوبِ (إلَى مَغِيبِ شَفَقٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ، «وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ» وَقَيَّدَ الْأَصْلُ الشَّفَقَ بِالْأَحْمَرِ لِيُخْرِجَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَبْيَضِ وَحَذَفْته كَالْمُحَرَّرِ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ: إنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ، فَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْآخَرِينَ مَجَازٌ، فَإِنْ لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ لِقِصَرِ لَيَالِي أَهْلِ نَاحِيَتِهِ كَبَعْضِ بِلَادِ الْمَشْرِقِ اُعْتُبِرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ زَمَنٌ يَغِيبُ فِيهِ شَفَقُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، وَلَهَا خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَوَقْتُ جَوَازٍ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ وَوَقْتُ حُرْمَةٍ

(فَ) وَقْتُ (عِشَاءٍ) مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ (إلَى) طُلُوعِ (فَجْرٍ صَادِقٍ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، وَإِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى.» ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي امْتِدَادَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْأُخْرَى مِنْ الْخَمْسِ أَيْ: غَيْرِ الصُّبْحِ لِمَا يَأْتِي فِي وَقْتِهَا، وَخَرَجَ بِالصَّادِقِ وَهُوَ الْمُنْتَشِرُ ضَوْءُهُ مُعْتَرَضًا بِنَوَاحِي السَّمَاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَنَصَّ عَلَى بَقَائِهِ إلَى الْغُرُوبِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالِاخْتِيَارُ) مُبْتَدَأٌ أَوَّلُ وَقَوْلُهُ وَقْتُهُ مُبْتَدَأَتَانِ وَقَوْلُهُ إلَى مَصِيرٍ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الثَّانِي. وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَا مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَوَقْتُ الْفَضِيلَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاخْتِيَارِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ اخْتِيَارٌ لَا غَيْرَ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ) أَيْ جِبْرِيلَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِهَا إلَى الْغُرُوبِ) فِيهِ تَسَمُّحٌ لِأَنَّهُ أَشْرَكَ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ بِهَا إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا ثُمَّ يَدْخُلُ وَقْتُ الْحُرْمَةِ شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ فَوَقْتَ مَغْرِبٍ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا تُفْعَلُ عَقِبَ الْغُرُوبِ، وَأَصْلُ الْغُرُوبِ الْبُعْدُ يُقَالُ غَرَبَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالرَّاءِ إذَا بَعُدَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ مِنْ الْغُرُوبِ) أَيْ لِجَمِيعِ قُرْصِ الشَّمْسِ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ كَرَامَةً لِبَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ فَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَادَ الْوَقْتُ وَوَجَبَ قَضَاءُ الصَّلَاةِ أَيْ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ إنْ كَانَ صَلَّاهَا وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَهَارًا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعَصْرَ يُصَلِّيهَا أَدَاءً. وَهَلْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى الْغُرُوبِ الْأَوَّلِ أَوْ يَتَبَيَّنُ عَدَمَ إثْمِهِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي، وَيَشْهَدُ لَهُ قِصَّةُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رضي الله عنه وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَوَجَدَ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا ح ل.

(قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ) لَمْ يَسْتَدِلَّ بِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِذِكْرِ آخِرِ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَخْ) وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ اعْتِبَارُ ذَلِكَ إلَى طُلُوعِ فَجْرِ هَؤُلَاءِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَا بَيْنَ الْغُرُوبِ وَمَغِيبِ الشَّفَقِ عِنْدَهُمْ بِقَدْرِ لَيْلِ هَؤُلَاءِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ مَغِيبِ الشَّفَقِ لِانْعِدَامِ وَقْتِ الْعِشَاءِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُنْسَبَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ عِنْدَ أُولَئِكَ إلَى لَيْلِهِمْ، فَإِنْ كَانَ السُّدُسُ مَثَلًا جَعَلْنَا لَيْلَ هَؤُلَاءِ سُدُسُهُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ، وَبَقِيَّتُهُ وَقْتُ الْعِشَاءِ وَإِنْ قَصُرَ جِدًّا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَ فِي صُورَتِنَا اعْتِبَارَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ بِالْأَقْرَبِ وَإِنْ أَدَّى إلَى طُلُوعِ فَجْرِ هَؤُلَاءِ فَلَا يَدْخُلُ بِهِ وَقْتُ الصُّبْحِ عِنْدَهُمْ بَلْ يَعْتَبِرُونَ أَيْضًا بِفَجْرِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا إذْ مَعَ وُجُودِ فَجْرٍ لَهُمْ حِسِّيٍّ كَيْفَ يُمْكِنُ إلْغَاؤُهُ وَيَعْتَبِرُونَ فَجْرَ الْأَقْرَبِ إلَيْهِمْ وَالِاعْتِبَارُ بِالْغَيْرِ إنَّمَا يَكُونُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِيمَنْ انْعَدَمَ عِنْدَهُمْ ذَلِكَ الْمُعْتَبَرُ دُونَ مَا إذَا وُجِدَ فَيُدَارُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ لَا غَيْرَ؟ حَجّ ز ي.

(قَوْلُهُ وَقْتَ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ) جَمَعَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَقْتُ اخْتِيَارٍ زَائِدٌ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ لِلْخِلَافِ فِي وَقْتِهَا وَمِثْلُهُمَا الْجَوَازُ بِلَا كَرَاهَةٍ، فَالثَّلَاثَةُ مُشْتَرَكَةٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَهُوَ وَقْتُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ الَّذِي هُوَ ضَابِطُ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ. (قَوْلُهُ وَقْتَ جَوَازٍ) أَيْ بِكِرْهَةٍ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ نَقْلًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ: وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ وَهُوَ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ الْجَدِيدِ ظَاهِرٌ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ اهـ

. (قَوْلُهُ فَوَقْتَ عِشَاءٍ) فَإِنْ انْعَدَمَ اللَّيْلُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ بِأَنْ كَانَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ عَقِبَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ وَجَبَ قَضَاءُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، قَالَ حَجّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا صَوْمَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ عَلَى التَّقْدِيرِ وَالْأَخْذِ بِالنِّسْبَةِ لَا يَكُونُ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَضَاءً، فَإِنْ تَأَخَّرَ طُلُوعُ الْفَجْرِ عَنْ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ بِمِقْدَارٍ لَا يَسَعُ إلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ أَوْ أَكْلَ الصَّائِمِ، قَدَّمَ أَكْلَهُ وَوَجَبَ قَضَاءُ الْمَغْرِبِ وَلَوْ تَأَخَّرَ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِأَقْرَبَ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ اُعْتُبِرُوا بِهِمْ ح ل. (قَوْلُهُ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ) ذَكَرَهُ مَعَ خَبَرِ جِبْرِيلَ لِكَوْنِهِ مُبَيِّنًا لِغَايَةِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ حَدِيثِ جِبْرِيلَ.

(قَوْلُهُ «وَإِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ» إلَخْ) عَدَّاهُ بِعَلَى مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِفِي لِأَنَّ فِي تَتْمِيمِ الْكَلَامِ حَذْفًا أَيْ إثْمَ التَّفْرِيطِ اط ف. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالصَّادِقِ) سُمِّيَ صَادِقًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَنْ الصُّبْحِ

ص: 151

الْكَاذِبُ، وَهُوَ يَطْلُعُ قَبْلَ الصَّادِقِ مُسْتَطِيلًا ثُمَّ يَذْهَبُ وَتَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ (وَالِاخْتِيَارُ) وَقْتُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا (إلَى ثُلُثِ لَيْلٍ) لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا «الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ. وَلَهَا سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ وَبِهَا إلَى الْفَجْرِ الثَّانِي وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ وَوَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ.

(فَ) وَقْتُ (صُبْحٍ) مِنْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ إلَى طُلُوعِ (شَمْسٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «: وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ خَبَرُ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» وَطُلُوعُهَا هُنَا بِطُلُوعِ بَعْضِهَا بِخِلَافِ غُرُوبِهَا فِيمَا مَرَّ إلْحَاقًا لِمَا لَمْ يَظْهَرْ بِمَا ظَهَرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ الصُّبْحَ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ بَعْضِ الْفَجْرِ فَنَاسَبَ أَنْ يَخْرُجَ بِطُلُوعِ بَعْضِ الشَّمْسِ. (وَالِاخْتِيَارُ) وَقْتُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا (إلَى إسْفَارٍ) وَهُوَ الْإِضَاءَةُ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ، وَقَوْلِهِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا «الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَبَعْدَهُ وَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الِاحْمِرَارِ ثُمَّ بِهَا إلَى الطُّلُوعِ، وَتَأْخِيرُهَا إلَى أَنْ يَبْقَى مَا لَا يَسَعُهَا حَرَامٌ، وَفِعْلُهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا فَضِيلَةٌ، وَلَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ فَلَهَا سِتَّةُ أَوْقَاتٍ، وَتَعْبِيرِي فِيمَا ذُكِرَ بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِيهِ بِالْوَاوِ وَلِإِفَادَتِهَا التَّعْقِيبَ الْمَقْصُودَ

(وَكُرِهَ تَسْمِيَةُ مَغْرِبٍ عِشَاءً وَعِشَاءٍ عَتَمَةً) لِلنَّهْيِ عَنْ الْأَوَّلِ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْمَغْرِبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَيُبَيِّنُهُ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ إطْلَاقُ الْكَذِبِ عَلَى مَا لَا يُعْقَلُ وَهُوَ «صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيك» لِمَا أَوْهَمَهُ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ الشِّفَاءِ بِشُرْبِ الْعَسَلِ م ر، أَيْ حِينَ سَأَلَهُ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ بَطْنَ أَخِي وَجِعَةٌ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَشْرَبَ الْعَسَلَ فَشَرِبَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ شِفَاءٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُشْفَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لَهُ مَا تَقَدَّمَ. أَيْ لِأَنَّهُ خَالَفَ قَوْله تَعَالَى {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] . (قَوْلُهُ الْكَاذِبُ) سُمِّيَ كَاذِبًا لِأَنَّهُ يُضِيءُ ثُمَّ يَسْوَدُّ وَيَذْهَبُ م ر. (قَوْلُهُ مُسْتَطِيلًا) تُشَبِّهُهُ الْعَرَبُ بِذَنَبِ الذِّئْبِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِطَالَةُ وَكَوْنُ النُّورِ فِي أَعْلَاهُ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ. (قَوْلُهُ إلَى ثُلُثِ لَيْلٍ) بِضَمِّ اللَّامِ وَإِسْكَانِهَا شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ إلَى مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ) لَوْ قَالَ إلَى الْفَجْرِ الْأَوَّلِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ الْبَيْنِيَّةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِصِدْقِهَا عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الزَّمَنِ فَهِيَ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ فَأَنَّبَهُمْ الْوَقْتُ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (فَائِدَةٌ)

السَّحَرُ عِبَارَةُ عَمَّا بَيْنَ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ وَالصَّادِقِ قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ فَوَقْتَ صُبْحٍ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا وَحَكَى التَّثْلِيثَ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ) قَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِصَرَاحَتِهِ فِي الْمَقْصُودِ شَوْبَرِيٌّ وَلَمْ يَذْكُرْ خَبَرَ جِبْرِيلَ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَافٍ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وَآخِرَهُ. (قَوْلُهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ) لَعَلَّ إيرَادَ هَذَا بَعْدَمَا قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ رِوَايَةَ الشَّيْخَيْنِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ أَصْرَحُ. اهـ. ح ل وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ أَدْرَكَ الصُّبْحَ أَيْ مُؤَدَّاةً وَهَذَا الْخَبَرُ مُفِيدُ لِكَوْنِهَا مُؤَادَّةً بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ وَلَيْسَ مُسْتَفَادًا مِمَّا قَبْلَهُ اهـ (قَوْلُهُ هُنَا) احْتِرَازًا عَمَّا سَيَأْتِي فِي الْكُسُوفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بَعْضُهَا صَلَّى لِلْبَاقِي فَلَمْ يُلْحِقُوا مَا لَمْ يَظْهَرْ بِمَا ظَهَرَ ح ل (قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَعَصْرٌ إلَى غُرُوبٍ (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لِمَا لَمْ يَظْهَرْ بِمَا ظَهَرَ) فَكَأَنَّهَا كُلَّهَا طَلَعَتْ بِخِلَافِ غُرُوبِهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سُقُوطِ جَمِيعِ الْقُرْصِ فَإِذَا غَابَ الْبَعْضُ أُلْحِقَ مَا لَمْ يَظْهَرْ بِمَا ظَهَرَ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَغْرُبْ ز ي (قَوْلُهُ مَا لَا يَسَعُهَا) أَيْ أَقَلُّ مُجْزِئٍ مِنْ أَرْكَانِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ الْوَسَطِ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ فَالْمُرَادُ مِنْهُ مَعْلُومٌ لِأَنَّهُ بَيَّنَ فِيهِ أَوَائِلَ الْأَوْقَاتِ وَأَوَاخِرَهَا وَمِنْ لَازِمِهِ التَّعْقِيبُ ع ش. (فَائِدَةٌ)

الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ الْمَكْتُوبَاتِ سَبْعَةَ عَشَرَ رَكْعَةً أَنَّ زَمَنَ الْيَقِظَةِ مِنْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ سَاعَةً غَالِبًا اثْنَا عَشَرَ نَهَارًا، وَنَحْوُ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْ الْغُرُوبِ وَسَاعَتَيْنِ مِنْ الْفَجْرِ فَجَعَلَ لِكُلِّ سَاعَةٍ رَكْعَةً جَبْرًا لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ التَّقْصِيرِ وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ الْخَمْسِ بِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ تَعَبُّدِيٌّ كَمَا قَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَأَبْدَى غَيْرُهُ حُكْمًا، مِنْ أَحْسَنِهَا تَذَكُّرُ الْإِنْسَانِ بِهَا نَشْأَتَهُ إذْ وِلَادَتُهُ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَنَشْؤُهُ كَارْتِفَاعِهَا، وَشَبَابُهُ كَوُقُوفِهَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَكُهُولَتُهُ كَمَيْلِهَا وَشَيْخُوخَتُهُ كَقُرْبِهَا لِلْغُرُوبِ وَمَوْتُهُ كَغُرُوبِهَا، وَفِنَاءُ جِسْمِهِ كَانْمِحَاقِ أَثَرِهَا بِذَهَابِ الشَّفَقِ فَوَجَبَتْ الْعِشَاءُ حِينَئِذٍ تَذْكِيرًا لِذَلِكَ كَمَا أَنَّ كَمَالَهُ فِي الْبَطْنِ وَتَهْيِئَتَهُ لِلْخُرُوجِ كَطُلُوعِ الْفَجْرِ الَّذِي هُوَ مُقَدِّمَةٌ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ فَوَجَبَ الصُّبْحُ حِينَئِذٍ لِذَلِكَ، وَكَانَ حِكْمَةُ كَوْنِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ بَقَاءَ الْكَسَلِ وَالْعَصْرَيْنِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا تَوَفُّرَ النَّشَاطِ عِنْدَهُمَا وَالْمَغْرِبِ ثَلَاثًا أَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَلَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً لِأَنَّهَا بَتْرَاءُ مِنْ الْبَتْرِ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَأُلْحِقَتْ الْعِشَاءُ بِالْعَصْرَيْنِ لِتَجْبُرَ نَقْصِ اللَّيْلِ عَنْ النَّهَارِ إذْ فِيهِ فَرْضَانِ وَفِي النَّهَارِ ثَلَاثَةٌ لِكَوْنِ النَّفْسِ عَلَى الْحَرَكَةِ فِيهِ أَقْوَى شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَسْمِيَةُ مَغْرِبٍ عِشَاءً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالتَّغْلِيبِ، وَفِي كَلَامِ سم أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ مَعَهُ ع ش أَيْ كَأَنْ يُقَالُ الْعِشَاءَيْنِ. (قَوْلُهُ وَعِشَاءٍ عَتَمَةً) أَيْ وَتَسْمِيَةُ عِشَاءٍ عَتَمَةً وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ خِلَافًا لِلشَّوْبَرِيِّ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي ع ب: وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهُمَا الْعِشَاءَانِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ) أَيْ لَا تَتَّبِعُوا

ص: 152

وَتَقُولُ الْأَعْرَابُ هِيَ الْعِشَاءُ» ، وَعَنْ الثَّانِي فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إنَّهَا الْعِشَاءُ وَهُمْ يَعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ، وَفِي رِوَايَةٍ «بِحِلَابِ الْإِبِلِ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يَعْتِمُونَ بِحِلَابِ الْإِبِلِ أَيْ: يُؤَخِّرُونَهُ إلَى شِدَّةِ الظَّلَامِ. فَالْعَتَمَةُ شِدَّةُ الظُّلْمَةِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي الثَّانِي هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ: نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُسَمَّى الْعِشَاءُ عَتَمَةً، وَذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ: يُكْرَهُ

(وَ) كُرِهَ (نَوْمٌ قَبْلَهَا) أَيْ: الْعِشَاءِ (وَحَدِيثٌ بَعْدَهَا) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْرَهُهُمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ بِالْأَوَّلِ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا وَبِالثَّانِي يَتَأَخَّرُ نَوْمُهُ فَيُخَافُ فَوْتُ صَلَاةِ اللَّيْلِ إنْ كَانَ لَهُ صَلَاةُ لَيْلٍ أَوْ فَوْتُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أَوَّلِهِ، وَالْمُرَادُ الْحَدِيثُ الْمُبَاحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ. أَمَّا الْمَكْرُوهُ ثَمَّ فَهُوَ هُنَا أَشَدُّ كَرَاهَةً.

(إلَّا فِي خَيْرٍ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَمُذَاكَرَةِ عِلْمٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَعْرَابَ فِي تَسْمِيَتِهِمْ الْمَغْرِبَ عِشَاءً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا مَغْرِبًا، وَتَسْمِيَةُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ تَسْمِيَتِهِمْ، وَالسِّرُّ فِي النَّهْيِ خَوْفُ الِاشْتِبَاهِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ وَتَقُولُ الْأَعْرَابُ) فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ مُسْنَدٌ لِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ. (قَوْلُهُ الْمَغْرِبُ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ كَمَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ شَوْبَرِيٌّ: فَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ، وَالرَّفْعُ عَلَى كَوْنِهِ خَبَرَ الْمَحْذُوفِ، وَالنَّصْبُ عَلَى كَوْنِهِ مَفْعُولًا لِمَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ وَضَمُّهُ) أَيْ مَعَ كَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا ع ش. (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُسَمَّى إلَخْ) فَتَكُونُ التَّسْمِيَةُ بِذَلِكَ خِلَافَ الْأُولَى، وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ شَرْحُ م ر

. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ نَوْمٌ) أَيْ إذَا ظَنَّ تَيَقُّظَهُ فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا حَرُمَ وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَعَزْمِهِ عَلَى الْفِعْلِ وَأَزَالَ تَمْيِيزَهُ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ مُطْلَقًا وَلَا كَرَاهَةَ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ قَبْلَهَا) أَيْ وَبَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا أَيْ الْحَقِيقِيِّ م ر، وَلَا يَحْرُمُ النَّوْمُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ اسْتِيقَاظِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا ع ش عَلَى م ر، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَكَرَاهَةُ النَّوْمِ قَبْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا تَجْرِي فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْكَرَاهَةَ بِالْعِشَاءِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّوْمِ غَالِبًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ النَّوْمُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَيْ وَإِنْ قَصَدَ عَدَمَ فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا كَمَا إذَا نَامَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ قَاصِدًا تَرْكَهَا فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَعِيدُ الدَّارِ لَا يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى الْجُمُعَةِ إلَّا بِالسَّعْيِ قَبْلَهَا نَزَّلَ مَا يُمْكِنُ فِيهِ السَّعْيُ مَنْزِلَةَ وَقْتِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ لَأَدَّى إلَى عَدَمِ طَلَبِهَا مِنْهُ، وَالنَّوْمُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُسْتَلْزِمًا لِتَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ اُعْتُبِرَ لِحُرْمَتِهِ خِطَابُهُ بِالْجُمُعَةِ وَهُوَ لَا يُخَاطَبُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ أَنَّ حُرْمَةَ النَّوْمِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ هِيَ قِيَاسُ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعِيدَ الدَّارِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَحَرُمَ النَّوْمُ الْمُفَوِّتُ لِذَلِكَ السَّعْيِ الْوَاجِبِ ع ش عَلَى م ر، وَعِبَارَةُ شَوْبَرِيٍّ وَنَوْمٌ قَبْلَهَا وَلَوْ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ حَجّ، وَاعْتَمَدَ م ر خِلَافَهُ قَالَ الشَّيْخُ وَقَدْ يُقَالُ النَّوْمُ الْمَحْذُورُ هُنَا إذَا وَقَعَ قَبْلَ فِعْلِهَا وَأَوْجَبَ تَأْخِيرَهَا إلَى وَقْتِهَا، فَلَمْ يَقَعْ إلَّا قَبْلَ وَقْتِهَا لَا فِيهِ قَبْلَ فِعْلِهَا، وَقَدْ يُصَوَّرُ بِالنَّوْمِ قَبْلَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ مِمَّنْ قَصَدَ الْجَمْعَ وَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ أَيْضًا، وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يُصَوَّرَ بِنَوْمٍ خَفِيفٍ لَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ فَإِذَا أَرَادَ الْجَمْعَ كُرِهَ أَنْ يَنَامَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ فِعْلِ الْعِشَاءِ، وَإِنْ اتَّفَقَ زَوَالُ النَّوْمِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ ابْنُ شَوْبَرِيٍّ.

(قَوْلُهُ وَحَدِيثٌ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ فِعْلِهَا ع ش مَا لَمْ تَكُنْ مَجْمُوعَةً جَمْعَ تَقْدِيمٍ فَلَا يُكْرَهُ الْحَدِيثُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَمُضِيِّ وَقْتِ الْفَرَاغِ مِنْهَا غَالِبًا شَوْبَرِيٌّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ كَرَاهَةِ الْحَدِيثِ قَبْلَهَا، لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْفَرْقِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إبَاحَةَ الْكَلَامِ قِيلَ تَنْتَهِي بِالْأَمْرِ بِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ. وَأَمَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا ضَابِطَ لَهُ فَخَوْفُ الْفَوَاتِ فِيهِ أَكْثَرُ شَرْحُ م ر، وَفَارَقَ الْكَرَاهَةَ فِيمَا إذَا جَمَعَ الْعَصْرَ مَعَ الظُّهْرِ تَقْدِيمًا حَيْثُ كُرِهَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ بِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ كُرِهَ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا مَفْقُودٌ وَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَنُوطَةٌ بِفِعْلِهَا وَقَدْ وُجِدَ. اهـ. سم، وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ النَّوْمِ وَالْحَدِيثِ يَجْرِي فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِنَّمَا خُصَّتْ الْعِشَاءُ بِذِكْرِهِمَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّوْمِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ الْحَدِيثُ قَبْلَ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْوَقْتَ بَاعِثٌ عَلَى تَرْكِهِ بِطَلَبِ الْفِعْلِ فِيهِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَأَلْحَقَ بِالْحَدِيثِ الْخِيَاطَةَ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ شَوْبَرِيٌّ وَلَعَلَّهُ لِغَيْرِ نَحْوِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ. وَمِثْلُ الْخِيَاطَةِ الْكِتَابَةُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ لِلْقُرْآنِ أَوْ الْعِلْمِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ ح ل. (قَوْلُهُ أَمَّا الْمَكْرُوهُ ثَمَّ إلَخْ) كَالْمُتَكَلِّمِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ ع ش

ص: 153

وَإِينَاسِ ضَيْفٍ وَمُحَادَثَةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لِحَاجَةٍ كَمُلَاطَفَةٍ فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ خَيْرٌ نَاجِزٌ فَلَا يَتْرُكُ لْمَفْسَدَةَ مُتَوَهَّمَةً وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُنَا عَامَّةَ لَيْلِهِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ.»

(وَسُنَّ تَعْجِيلُ صَلَاةٍ) وَلَوْ عِشَاءً (لِأَوَّلِ وَقْتِهَا) لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ: الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا.» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْحَاكِمُ إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ " لِوَقْتِهَا "، وَأَمَّا خَبَرُ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ» فَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ تَعْجِيلَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ الْأَقْوَى دَلِيلًا تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ وَإِينَاسُ ضَيْفٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ضَيْفٌ وَلَوْ فَاسِقًا فَلَا يُخَالِفُ تَحْرِيمَ الْجُلُوسِ مَعَ الْفُسَّاقِ إيعَابٌ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْفِسْقُ شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ وَإِينَاسُ ضَيْفٍ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الضَّيْفِ فَاسِقًا أَيْ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّهُمْ عَدُّوا مِنْ الصَّغَائِرِ الْجُلُوسَ مَعَ الْفُسَّاقِ إينَاسًا لَهُمْ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْفَاسِقِ أَمَّا هُوَ فَلَا يُسَنُّ إينَاسُهُ بَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ. اهـ وَمِثْلُهُ ع ش وَعِبَارَتُهُ: أَنَّ إينَاسَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فَاسِقٌ حَرَامٌ وَكَذَا إنْ لَمْ يُلَاحِظْ فِي إينَاسِهِ شَيْئًا وَأَمَّا إينَاسُهُ لِكَوْنِهِ شَيْخَهُ أَوْ مُعَلِّمَهُ فَيَجُوزُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَمُحَادَثَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ) وَلَوْ كَانَتْ فَاسِقَةً ع ش. (قَوْلُهُ عَامَّةَ لَيْلِهِ) أَيْ أَكْثَرَهُ ع ش. (قَوْلُهُ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ) أَيْ عَنْ عُبَّادِهِمْ وَزُهَّادِهِمْ لِأَجْلِ التَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِمْ

. (قَوْلُهُ وَسُنَّ تَعْجِيلُ صَلَاةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133]، وَلِقَوْلِهِ: عليه الصلاة والسلام «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَفِي آخِرِهِ عَفْوُ اللَّهِ» قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ: رِضْوَانُ اللَّهِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُحْسِنِينَ، وَالْعَفْوُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُقَصِّرِينَ وَقَدْ يُجَابُ إخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا كَمَا إذَا خِيفَ انْفِجَارُ الْمَيِّتِ أَوْ فَوَاتُ الْحَجِّ أَوْ فَوَاتُ إنْقَاذِ الْأَسِيرِ أَوْ الْغَرِيقِ لَوْ شَرَعَ فِيهَا ح ل، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْجِيلِ الْمُبَادَرَةُ بِهَا وَإِطْلَاقُ التَّعْجِيلِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ عِلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ جَعْلُ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعَارَةً حَيْثُ شَبَّهَ الْمُبَادَرَةَ بِالتَّعْجِيلِ لِلْمُبَالَغَةِ فِيهَا وَاسْتَعَارَ التَّعْجِيلَ لِلْمُبَادَرَةِ بِجَامِعِ الطَّلَبِ الْمُؤَكَّدِ. وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ الْحِرْصُ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَفِعْلِهِمْ لِأَسْبَابِهَا عَادَةً وَبَعْدَهُ يُصَلِّي بِمَنْ حَضَرَ وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ أَوَّلَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَثِيرَةِ آخِرَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ وَلَوْ نَحْوَ شَرِيفِ وَعَالِمٍ فَإِنْ انْتَظَرَهُ كُرِهَ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَلَوْ عِشَاءً) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِسَنِّ تَأْخِيرِهَا تَمَسُّكًا بِالْخَبَرِ الْآتِي وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ وَعِبَارَةُ م ر وَفِي قَوْلِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ أَفْضَلُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ تُؤَخَّرَ عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَفِي قَوْلٍ عَنْ نِصْفِهِ لِخَبَرِ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ.

(قَوْلُهُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا) أَيْ إذَا تَيَقَّنَ دُخُولَهُ ز ي وَاللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أَيْ عِنْدَ زَوَالِهَا ع ش. (قَوْلُهُ وَلَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ) أَتَى بِهَذَا الْحَدِيثِ تَقْوِيَةً لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الصَّحِيحَيْنِ مُطْلَقٌ وَحَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ مُقَيَّدٌ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ ع ش مَعَ إيضَاحٍ، وَأَمَّا خَبَرُ:«أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» فَمُعَارَضٌ بِمَا ذَكَرَ ح ل، وَلَكِنْ يَحْتَاجُ لِمُرَجِّحٍ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ الْمُرَجِّحَ كَوْنُهُ رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ ظُهُورُ الْفَجْرِ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ طُلُوعُهُ، فَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ تَعْجِيلِهِ عِنْدَ ظَنِّ طُلُوعِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ لِوَقْتِهَا) أَيْ: الْمُسْتَحَبُّ، وَفِي الْبُخَارِيِّ إيرَادُهُ أَيْضًا بِلَفْظِ عَلَى وَقْتِهَا، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ: قَوْلُهُ لِوَقْتِهَا اللَّامُ لِلِاسْتِقْبَالِ مِثْلُ قَوْلُهُ {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ: مُسْتَقْبِلَاتٍ عِدَّتَهُنَّ، وَقِيلَ لِلِابْتِدَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] وَقِيلَ بِمَعْنَى فِي، وَقَوْلُهُ عَلَى وَقْتِهَا قِيلَ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ فَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ لِإِرَادَةِ الِاسْتِعْلَاءِ عَلَى الْوَقْتِ وَفَائِدَتُهُ تَحَقُّقُ دُخُولِ الْوَقْتِ لِتَقَعَ الصَّلَاةُ فِيهِ فَتْحُ الْبَارِي شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ) أَيْ: يَجِبُ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ قَالَ ق ل: وَهَذَا فَهِمَهُ الرَّاوِي مِنْ فِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ اهـ. (قَوْلُهُ هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ) أَيْ: وَأَمَّا التَّأْخِيرُ فَكَانَ لِعُذْرٍ وَمَصْلَحَةٍ تَقْتَضِيهِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ تُفِيدُ التَّكْرَارَ لِأَنَّا نَقُولُ: أَمَّا أَوَّلًا فَإِفَادَتُهَا التَّكْرَارَ لَيْسَ مِنْ وَضْعِهَا بَلْ بِحَسَبِ الْقَرَائِنِ الْمُحْتَفَّةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَنَقُولُ سَلَّمْنَا إفَادَتَهَا التَّكْرَارَ، لَكِنْ يَصْدُقُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَتَكَرُّرُهَا بِتَكَرُّرِ الْعُذْرِ، وَالْأَكْثَرُ التَّعْجِيلُ بَلْ هُوَ الْأَصْلُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَقْوَى دَلِيلًا إلَخْ)

ص: 154

وَيَحْصُلُ تَعْجِيلُهَا (بِاشْتِغَالٍ) أَوَّلَ وَقْتِهَا (بِأَسْبَابِهَا) كَطُهْرٍ وَسِتْرٍ إلَى أَنْ يَفْعَلَهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَلَا يَضُرُّ فِعْلُ رَاتِبَةٍ وَلَا شُغْلٌ خَفِيفٌ وَأَكْلُ لُقَمٍ، بَلْ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْأَسْبَابِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأَخَّرَ بِقَدْرِهَا الصَّلَاةَ بَعْدَهُ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ، وَتُسْتَثْنَى مِنْ سَنِّ التَّعْجِيلِ مَعَ صُوَرٍ ذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مَا ذَكَرْته بِقَوْلِي

: (وَ) سُنَّ (إبْرَادٌ بِظُهْرٍ) أَيْ: تَأْخِيرُ فِعْلِهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا (لِشِدَّةِ حَرٍّ بِبَلَدٍ حَارٍّ) إلَى أَنْ يَصِيرَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ»

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْأَدِلَّةِ ذَلِكَ ح ل أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ هُوَ الْأَوَّلُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ صَحَّ أَنَّ تَعْجِيلَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَقْوَى دَلِيلًا تَأْخِيرَهَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ؟ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَكَيْفَ يَصِحُّ الْجَوَابُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ لَا مَانِعَ وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَقْوَى الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْأَدِلَّةِ خِلَافُهُ سم، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَيُجَابُ إلَخْ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ تَعْجِيلُهُ لِعِلْمِهِ بِرَغْبَةِ الصَّحَابَةِ فِي التَّعْجِيلِ لِمَشَقَّةِ انْتِظَارِهِمْ، إمَّا لِتَعَبِهِمْ فِي أَشْغَالِهِمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا نَهَارًا أَوْ خَشْيَةِ فَوَاتِ أَشْغَالِهِمْ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا فِي آخِرِ لَيْلِهِمْ. وَانْتِظَارُهُمْ الْعِشَاءَ رُبَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ لِفِعْلِهِ بَعْدُ. فَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَخَذُوا بِظَاهِرِ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى التَّعْجِيلِ فَجَعَلُوهُ أَفْضَلَ وَالنَّوَوِيُّ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ عَنْهُ اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ وَاحْتَمَلَ أَنَّ التَّأْجِيلَ لِعَارِضٍ جَعَلَ التَّأْخِيرَ هُوَ الْأَقْوَى فِي الدَّلِيلِ ع ش. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَأَنَّ التَّأْخِيرَ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ كَانْتِظَارِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الْغَائِبِينَ لِأَشْغَالِهِمْ.

(قَوْلُهُ بِأَسْبَابِهَا) الْمُرَادُ بِالسَّبَبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَا السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ وَعِبَارَةُ ع ش أَيْ: مَا يُطْلَبُ لِأَجْلِهَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا أَوْ مُكَمِّلًا. (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ فِعْلُ رَاتِبَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّ فِعْلَ الرَّاتِبَةِ وَأَكْلَ اللُّقَمِ لَيْسَا مِنْ الْأَسْبَابِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر تَقْتَضِي أَنَّهُمَا مِنْهَا وَنَصُّهَا بِأَسْبَابِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَأَذَانٍ وَسَتْرٍ وَأَكْلِ لُقَمٍ وَتَقْدِيمِ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ. اهـ وَجَعَلَ أَكْلَ اللُّقَمِ سَبَبًا بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ فِيهَا ع ش، وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْوَسَطِ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْهُودٍ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ: فِي سَنِّ التَّعْجِيلِ بَلْ يَكُونُ مُعَجِّلًا ح ل. (قَوْلُهُ فِي الذَّخَائِرِ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ع ش. (قَوْلُهُ مَعَ صُوَرٍ) نَحْوُ الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا نَدْبُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ، وَلِمُسَافِرٍ سَائِرَ وَقْتِ الْأُولَى، وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ، أَوْ لِجَمَاعَةٍ آخِرَ الْوَقْتِ نَعَمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ فِي الْجَمَاعَةِ وَلِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمٍ غَيَّمَ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهَا وَأَخَّرَهَا. وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ أَفْضَلَ شَرْحُ م ر بِاخْتِصَارٍ

. (قَوْلُهُ وَسُنَّ) أَيْ: فِي غَيْرِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ. أَمَّا هِيَ فَلَا يُسَنُّ فِيهَا الْإِبْرَادُ إذْ لَا يُرْجَى زَوَالُ الْحَرِّ فِي وَقْتٍ يَذْهَبُ فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ، وَنَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ شَيْخِنَا ز ي مُعَلِّلًا بِانْتِفَاءِ الظِّلِّ، وَأَمَّا الْبَوَادِي الَّتِي لَيْسَ بِهَا حِيطَانٌ يَمْشِي فِيهَا طَالِبُ الْجَمَاعَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ سُنَّ الْإِبْرَادُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ تَنْكَسِرُ سَوْرَةُ الْحَرِّ أَيْ: شِدَّتُهُ بَلْ، وَهِيَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَكُونَ فِيهَا ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ بِتَقْدِيرِ وُجُودِ شَاخِصٍ فِيهَا كَالْأَشْجَارِ ع ش.

(قَوْلُهُ بِطُهْرٍ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، يُقَالُ: أَبْرَدَهُ أَدْخَلَهُ فِي وَقْتِ الْبُرُودَةِ، وَكُلٌّ مِنْ الْبَاءَيْنِ وَاللَّامَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِإِبْرَادٌ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ إلَى أَنْ يَصِيرَ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمُصَلٍّ مُتَعَلِّقَةً بِسُنَّ الْمُقَدَّرُ وَهُوَ أَوْلَى شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْ: تَأْخِيرُ فِعْلِهَا) خَرَجَ أَذَانُهَا فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهِ إلَّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا الْأَذَانَ يَتَكَلَّفُونَ الْحُضُورَ مَعَ الْمَشَقَّةِ فَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهِ بِرْمَاوِيٌّ بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ لِشِدَّةِ حَرٍّ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ وَقَوْلُهُ بِبَلَدٍ أَيْ: فِي بَلَدٍ. (قَوْلُهُ حَارٍّ) أَيْ: وَضْعُهُ الْحَرَارَةُ كَمَكَّةَ وَبَعْضِ بِلَادِ الْعِرَاقِ وَإِنْ خَالَفَتْ وَضْعَ قُطْرِهَا ح ل.

(قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي سَنِّ التَّأْخِيرِ الظِّلُّ الْمَذْكُورُ بَلْ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ ظِلٌّ أَصْلًا لِأَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ تَنْكَسِرُ بِالتَّأْخِيرِ كَمَا أَفَادَهُ ع ش شَيْخُنَا ح ل. (قَوْلُهُ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَقِيلَ

ص: 155

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ: هَيَجَانِهَا، وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ الْوَقْتِ، وَهَذَا (لِمُصَلِّي جَمَاعَةٍ بِمُصَلًّى) مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ، (يَأْتُونَهُ) كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ (بِمَشَقَّةٍ) فِي طَرِيقِهِمْ إلَيْهِ فَلَا يُسَنُّ فِي وَقْتٍ وَلَا بَلَدٍ بَارِدَيْنِ أَوْ مُعْتَدِلَيْنِ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً، وَلَا لِجَمَاعَةٍ بِمُصَلًّى يَأْتُونَهُ بِلَا مَشَقَّةٍ، أَوْ حَضَرُوهُ وَلَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ بِلَا مَشَقَّةٍ عَلَيْهِ فِي إتْيَانِهِ كَأَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِقُرْبِ الْمُصَلَّى أَوْ بَعِيدًا وَثَمَّ ظِلٌّ يَأْتِي فِيهِ، وَتَعْبِيرِي بِمُصَلًّى وَبِمَشَقَّةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَسْجِدٍ وَبِمَنْ بَعُدَ، وَخَرَجَ بِالظُّهْرِ غَيْرُهَا وَلَوْ جُمُعَةً لِشِدَّةِ خَطَرِ فَوْتِهَا الْمُؤَدِّي إلَيْهِ تَأْخِيرُهَا بِالتَّكَاسُلِ وَلِأَنَّ النَّاسَ مَأْمُورُونَ بِالتَّبْكِيرِ إلَيْهَا فَلَا يَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْرُدُ بِهَا بَيَانٌ لِلْجَوَازِ فِيهَا مَعَ عِظَمِهَا مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم.

(وَمَنْ وَقَعَ مِنْ صَلَاتِهِ فِي وَقْتِهَا رَكْعَةٌ) فَأَكْثَرُ، وَالْبَاقِي بَعْدَهُ (فَالْكُلُّ أَدَاءٌ وَإِلَّا فَقَضَاءٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» أَيْ: مُؤَدَّاةً، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً لَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ مُؤَدَّاةً، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّكْعَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ؛ إذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

زَائِدَةٌ وَمَعْنَى أَبْرِدُوا أَخِّرُوا عَلَى سَبِيلِ التَّضْمِينِ فَتْحُ الْبَارِي شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ إلَخْ) هَذِهِ مُبَيِّنَةٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْأُولَى ع ش، فَفِيهِ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ. (قَوْلُهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ ابْتِدَائِيَّةً أَوْ تَبْعِيضِيَّةً وَهُوَ الْأَوْجَهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْ: هَيَجَانِهَا) هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ ع ش، وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا أَنَّ شِدَّةَ الْبَرْدِ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَهَلْ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِيهِ، الْمُعْتَمَدُ لَا لِأَنَّ الْحَرَّ لَهُ وَقْتٌ تَنْكَسِرُ سَوْرَتُهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَرْدِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا مِنْ أَنَّ الْإِبْرَادَ مِنْ الْحَرِّ رُخْصَةٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ صِحَّةُ الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ ح ل.

(قَوْلُهُ لِمُصَلٍّ جَمَاعَةً) أَيْ: لِمُرِيدٍ صَلَاتَهَا، وَهُوَ قَيْدٌ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِمُنْفَرِدٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَالْقُيُودُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ سَبْعَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُمْ) شَامِلٌ لِلْوَاحِدِ فَلْيُنْظَرْ. (قَوْلُهُ بِمَشَقَّةٍ) تَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ صَلَاتُهُمْ مَعَ هَذَا التَّأْخِيرِ أَفْضَلَ مِنْ صَلَاةِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ جَمَاعَةً فِي بَيْتِهِ ح ل. (قَوْلُهُ وَبَارِدَيْنِ أَوْ مُعْتَدِلَيْنِ) وَإِنْ عَرَضَ فِيهِمَا حَرٌّ شَدِيدٌ كَمَا يُفِيدُهُ عُمُومُ كَلَامِهِ هُنَا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحَرُّ الشَّدِيدُ فِي زَمَنِهِ عَادَةً ز ي وح ل.

(قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِمُصَلًّى، وَتَرَكَ مُحْتَرَزَ الَّذِي قَبْلَهُ أَيْ: جَمَاعَةً لِأَنَّ الِانْفِرَادَ إنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُسَنُّ، فَسَكَتَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، وَقَوْلُهُ وَلَا لِجَمَاعَةٍ بِمُصَلًّى إلَخْ مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ بِمَشَقَّةٍ أَوْ حَضَرُوهُ وَلَا يَأْتِيهِمْ إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَأْتُونَهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِمَشَقَّةٍ أَيْضًا فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا لِجَمَاعَةٍ لِأَنَّهُ أَخُوهُ فِي الْخُرُوجِ بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ تَأَمَّلْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَلَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ) أَيْ: وَكَانُوا فِيهِ مُقِيمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ بِمَشَقَّةٍ، فَيُسَنُّ لِلْحَاضِرِينَ بِالْمُصَلَّى الْإِبْرَادُ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ الْإِمَامُ ح ل، نَعَمْ إمَامُ مَحَلِّ الْجَمَاعَةِ الْمُقِيمُ فِيهِ يُسَنُّ لَهُ تَبَعًا لَهُمْ ز ي.

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالظُّهْرِ غَيْرُهَا) أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ فَلَا يُسَنُّ فِي وَقْتِ إلَخْ مَعَ قُيُودِ مُحْتَرَزَاتِهَا مُؤَخَّرَةٌ فِي الْمَتْنِ عَنْ الظُّهْرِ؛ لَعَلَّهُ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يُسَنُّ إلَخْ مُحْتَرَزٌ لِقُيُودِ غَيْرِ الظُّهْرِ، فَأَرَادَ تَكْمِيلَ مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الظُّهْرِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا ثُمَّ ذَكَرَ مُحْتَرِزَ الظُّهْرِ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الظُّهْرَ قِسْمًا تَحْتَهُ أَفْرَادٌ، وَغَيْرَهُ قِسْمًا آخَرَ ع ش. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: أَخَّرَهُ لِتَعَلُّقِ مَا بَعْدَهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ جُمُعَةً) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ لِشِدَّةِ خَطَرِ فَوْتِهَا) الْمُرَادُ بِالْخَطَرِ الْخَوْفُ أَيْ: لِأَنَّهَا لَا تَقْضِي بِخِلَافِ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْجَوَازِ) فَأَرْشَدَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ حَقِّهَا أَنْ لَا تُؤَخَّرَ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ لِلْيَوْمِ وَيُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ إلَيْهَا ح ل.

(قَوْلُهُ مَعَ عِظَمِهَا إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ عِظَمَهَا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ وُجُوبُ تَعْجِيلِهَا وَعَدَمُ جَوَازِ الْإِبْرَادِ بِهَا. (قَوْلُهُ الْأَوَّلَ) أَيْ: شِدَّةِ خَطَرِ فَوْتِهَا أَيْ: مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكَامُلِ، فَهَذَا هُوَ الْمُنْتَفِي فِي حَقِّهِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ وَإِنْ انْتَفَى فِي حَقِّهِ لَمْ يَنْتَفِ فِي حَقِّ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ كَانُوا يُبْرِدُونَ مَعَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: بَرَكَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى اتِّبَاعِهِ تَمْنَعُ عَنْهُمْ ذَلِكَ

. (قَوْلُهُ رَكْعَةً) بِأَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ع ش. (قَوْلُهُ مِنْ صَلَاتِهِ) وَلَوْ نَفْلًا م ر. (قَوْلُهُ فَالْكُلُّ أَدَاءٌ إلَخْ) وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْقَمُولِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا فِي الْوَقْتِ نَوَى الْأَدَاءَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسَعُ رَكْعَةً وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا وَجْهَ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُهَا بَلْ لَا يَصِحُّ. وَاسْتَوْجَهَ حَجّ فِي شَرْحِ ع ب حَمْلَ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْأَدَاءَ الشَّرْعِيَّ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِهِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر شَوْبَرِيٌّ وع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ عَلَى مُعْظَمِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مُعْظَمِ مَعَ ذِكْرِ أَفْعَالٍ لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَفْعَالِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ يُشْبِهُ جُلُوسَ التَّشَهُّدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَفْعَالِ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ قُعُودِ التَّشَهُّدِ أَوْ فِعْلَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ كَالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَفْعَالِ مَا يَشْمَلُ

ص: 156

كَالتَّكْرِيرِ لَهَا فَجُعِلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا

(وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ) لِغَيْمٍ أَوْ حَبْسٍ بِبَيْتٍ مُظْلِمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ ثِقَةٌ عَنْ عِلْمٍ (اجْتَهَدَ) إنْ قَدَرَ (بِنَحْوِ وِرْدٍ) كَخِيَاطَةٍ وَصَوْتِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ سَوَاءٌ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى، وَلَهُ كَالْبَصِيرِ الْعَاجِزِ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ لِعَجْزِهِ فِي الْجُمْلَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلِلْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ فِي الْغَيْمِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا فِي الْوَقْتِ، أَمَّا فِي الصَّحْوِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَقْوَالَ لِأَنَّهَا؛ فِعْلُ اللِّسَانِ كَالتَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى خَلَتْ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ كَالتَّكْرِيرِ) قَالَ الشَّيْخُ فِي آيَاتِهِ: إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ تَكْرِيرًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ التَّكْرِيرَ إنَّمَا هُوَ الْإِتْيَانُ بِالشَّيْءِ ثَانِيًا مُرَادٌ بِهِ تَأْكِيدُ الْأَوَّلِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ مَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ كَالْأُولَى، كَمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ خَمْسِ الْيَوْمِ لَيْسَتْ تَكْرِيرًا لِمِثْلِهَا فِي الْأَمْسِ اهـ شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ هَذَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَهُ مُنَاسَبَةٌ هُنَا لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: وَسُنَّ تَعْجِيلُ صَلَاةٍ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَهُ هُنَا. اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُخْبِرْهُ إلَخْ) مَفْهُومٌ أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ عَنْ عِلْمٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُ م ر اجْتَهَدَ جَوَازًا إنْ قَدَرَ عَلَى الْيَقِينِ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ قَبْلَ حُصُولِ الْيَقِينِ بِهِ بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِعِلْمِ نَفْسِهِ وَأَمَّا بَعْدَ حُصُولِ الْيَقِينِ بِمَا ذَكَرَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ الْمُخَالِفُ لِمَا ذَكَرَ. وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ م ر: إنْ قَدَرَ وَلَمْ يَقُلْ إنْ حَصَلَ لَهُ الْيَقِينُ فَتَأَمَّلْ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ هُوَ الْعِلْمُ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ الْأَوْقَاتِ فَيَعْسُرُ الْعِلْمُ كُلَّ وَقْتٍ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ عَيْنَهَا مَرَّةً اكْتَفَى بِهِ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ مَا دَامَ مُقِيمًا بِمَكَانِهِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ اجْتَهَدَ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْيَقِينِ وَجَوَازًا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ز ي وَشَوْبَرِيٌّ وع ش، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الِاجْتِهَادَ وَالْعِلْمَ بِالنَّفْسِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ: الْمَرَاتِبُ ثَلَاثٌ. إذْ قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْمَرَاتِبَ ثِنْتَانِ فَقَطْ تَدَبَّرْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ كَخِيَاطَةٍ وَصَوْتِ دِيكٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَلِّي بِمُجَرَّدِ سَمَاعِ صَوْتِ الدِّيكِ وَنَحْوِهِ. قَالَ ح ل: وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ عَلَامَةً يَجْتَهِدُ بِهَا كَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي الْخِيَاطَةِ الَّتِي فَعَلَهَا هَلْ أَسْرَعَ فِيهَا عَنْ عَادَتِهِ أَوْ لَا وَهَلْ أَذَّنَ الدِّيكُ قَبْلَ عَادَتِهِ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ عَلَامَةٌ يَعْرِفُ بِهَا وَقْتَ أَذَانِهِ الْمُعْتَادِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمَتْنِ اجْتَهَدَ بِنَحْوِ وِرْدٍ، فَجَعَلَ الْوِرْدَ وَنَحْوَهُ آلَةً لِلِاجْتِهَادِ. وَلَمْ يَقُلْ اعْتَمَدَ عَلَى وِرْدٍ وَنَحْوِهِ. اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش أَيْ: فَالْبَاءُ فِي بِنَحْوِ وِرْدٍ لِلْآلَةِ وَقِيلَ إنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: اجْتَهَدَ بِسَبَبِ نَحْوِ وِرْدٍ فَتَجْعَلُ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ دَلَائِلَ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ اجْتَهَدَ هَلْ دَخَلَ الْوَقْتُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ اسْتَعْجَلَ فِي قِرَاءَتِهِ أَمْ لَا؟ . (فَائِدَةٌ)

قَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّ الدِّيكَ يُؤَذِّنُ عِنْدَ أَذَانِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَأَنَّهُ يَقُولُ فِي صِيَاحِهِ يَا غَافِلِينَ اُذْكُرُوا اللَّهَ بِرْمَاوِيٌّ بِاخْتِصَارٍ. وَرَوَى الْغَزَالِيُّ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ مَلَكًا فِي صُورَةِ دِيكٍ، فَإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ضَرَبَ بِجَنَاحِهِ، وَقَالَ: لِيَقُمْ الْقَائِمُونَ، وَإِذَا مَضَى نِصْفُ اللَّيْلِ قَالَ: لِيَقُمْ الْمُصَلُّونَ وَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ قَالَ: لِيَقُمْ الْغَافِلُونَ وَعَلَيْهِمْ أَوْزَارُهُمْ.

وَرُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الدِّيكُ الْأَفْرَقُ حَبِيبِي وَحَبِيبُ حَبِيبِي جِبْرِيلَ، يَحْرُسُ بَيْتَهُ وَسِتَّةَ عَشَرَ بَيْتًا مِنْ جِيرَانِهِ» أَيْ: يَحْرُسُهُمْ مِنْ الشَّيَاطِينِ وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ لَهُ دِيكٌ أَبْيَضُ، وَقَالَ: الدِّيكُ الْأَبْيَضُ فِي الْبَيْتِ بَرَكَةٌ» . اهـ دَمِيرِيٌّ. (قَوْلُهُ مُجَرَّبٍ) أَيْ: جُرِّبَتْ إصَابَتُهُ لِلْوَقْتِ ح ل بِحَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ تَخَلُّفِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ: الْأَعْمَى. سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاجْتِهَادِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ وَلِلْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ) أَيْ: كَمَا أَنَّ لَهُمَا الِاجْتِهَادَ. (قَوْلُهُ الثِّقَةِ) خَرَجَ الْفَاسِقُ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ، وَقَوْلُهُ الْعَارِفِ أَيْ: بِالْأَوْقَاتِ لَا عَنْ اجْتِهَادٍ. وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَذَانَهُ فِي الْغَيْمِ اسْتَنَدَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ فَلَا يُقَلِّدُهُ وَكَذَا فِي الصَّحْوِ ح ل وم ر. وَاعْلَمْ أَنَّ مَرَاتِبَ الْوَقْتِ ثَلَاثَةٌ:

الْأُولَى الْعِلْمُ بِنَفْسِهِ، وَفِي مَرْتَبَتِهِ إخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ، وَالْمُؤَذِّنُ الْعَارِفُ فِي الصَّحْوِ فَيَتَخَيَّرُ الشَّخْصُ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَفِي مَعْنَاهَا الْمِزْوَلَةُ وَالسَّاعَاتُ وَالْمَنَاكِبُ الصَّحِيحَةُ فَهَذِهِ كُلُّهَا فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى.

وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ الِاجْتِهَادُ، وَالْمُؤَذِّنُ الْعَارِفُ فِي الْغَيْمِ.

وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ ثُمَّ إنَّ كَوْنَهَا ثَلَاثَةً فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: فِيمَا إذَا حَصَلَ الْعِلْمُ بِالنَّفْسِ مَثَلًا بِدَلِيلٍ قَوِيٍّ ز ي وم ر اجْتَهَدَ وُجُوبًا إلَخْ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ فِي الْغَيْمِ) قَدْ يُقَالُ: هُوَ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ يَجْتَهِدُ فَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى

ص: 157

فَكَالْمُخْبَرِ عَنْ عِلْمٍ

(فَإِنْ عَلِمَ) أَنَّ (صَلَاتَهُ) بِالِاجْتِهَادِ وَقَعَتْ (قَبْلَ وَقْتِهَا) وَعَلِمَ بِذَلِكَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (أَعَادَ) وُجُوبًا، فَإِنْ عَلِمَ وُقُوعَهَا فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ، وَتَعْبِيرِي بِالْإِعَادَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقَضَاءِ

. (وَيُبَادِرُ بِفَائِتٍ) وُجُوبًا إنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ وَنَدْبًا إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ؛ تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا.»

(وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ) أَيْ: الْفَائِتِ فَيَقْضِي الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَهَكَذَا

(وَتَقْدِيمُهُ عَلَى حَاضِرَةٍ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا) مُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا بَدَأَ بِهَا وُجُوبًا لِئَلَّا تَصِيرَ فَائِتَةً، وَتَعْبِيرِي كَالْأَصْلِ وَكَثِيرٍ بِلَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا صَادِقٌ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً مِنْ الْحَاضِرَةِ فَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الْفَائِتِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ تَحْرِيمِ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا وَنَحْوِهِ.

وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي حَاضِرَةٍ أَتَمَّهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ إلَّا لِعَاجِزٍ كَأَعْمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَقَدْ يَكُونُ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرٍ قَوِيٍّ كَانْكِشَافِ سَحَابَةٍ لَهُ، فَيَكُونُ أَبْعَدَ عَنْ الْخَطَأِ مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ مَرْتَبَةٌ بَيْنَ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَالْمُجْتَهِدِ. اهـ. م ر شَوْبَرِيٌّ، وَعَلَيْهِ تَكُونُ الْمَرَاتِبُ أَرْبَعَةً. (قَوْلُهُ فَكَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ) أَيْ: فَيَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَهُ وَلِلْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ الْعَمَلُ بِمَعْرِفَتِهِمَا، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا تَقْلِيدُهُمَا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا. وَالْأَوَّلُ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ.

وَالثَّانِي مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِمَا. اهـ. ح ل. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا جَازَ تَقْلِيدُهُمَا قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف

. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ) أَيْ: وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ رِوَايَةً عَنْ عِلْمٍ لَا عَنْ اجْتِهَادٍ حَجّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) وَهِيَ حِينَئِذٍ قَضَاءٌ لَا إثْمَ فِيهِ ح ل. (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقَضَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ شَامِلَةٌ لِمَا إذَا عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ ع ش، وَالْمُرَادُ الْإِعَادَةُ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا مُطْلَقًا أَيْ: فِي الْوَقْتِ أَوَّلًا، وَفِيهِ أَنَّ الْقَضَاءَ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْأَدَاءِ مُطْلَقًا أَيْ: فِي الْوَقْتِ أَمْ لَا، فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَصْلِ عَلَيْهِ فَالْعِبَارَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ تَدَبَّرْ

. (قَوْلُهُ إنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ فَوَاتُ التَّرْتِيبِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي كَأَنْ فَاتَهُ الظُّهْرُ بِعُذْرٍ وَالْعَصْرُ بِلَا عُذْرٍ فَيَبْدَأُ بِالظُّهْرِ نَدْبًا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: قِيَاسُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَوْرًا أَنَّهُ يَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِالْعَصْرِ وَإِنْ فَاتَ التَّرْتِيبُ الْمَحْبُوبُ، وَعُورِضَ بِأَنَّ خِلَافَ التَّرْتِيبِ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ، وَمُرَاعَاتُهَا أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْكَمَالَاتِ الَّتِي تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا ح ل وم ر، وَإِذَا شَكَّ فِي مِقْدَارِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَضَى مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ فِعْلَهُ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ يَقْضِي مَا تَيَقَّنَ تَرْكَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَنَوْمٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْتِ مَعَ ظَنِّ عَدَمِ الِاسْتِيقَاظِ فِيهِ أَوْ الشَّكِّ وَإِلَّا حَرُمَ ح ل.

(قَوْلُهُ وَنِسْيَانٌ) حَيْثُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَلَعِبِ شِطْرَنْجٍ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا ح ل، وَقَوْلُهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَيْ: وَلَوْ نَهْيَ كَرَاهَةٍ لِأَنَّ لَعِبَ الشِّطْرَنْجِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، قَالَ ع ش: وَبِهَذَا يُخَصَّصُ خَبَرُ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» . اهـ. وَفِيهِ عَلَى م ر: وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَعَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ ثُمَّ تَشَاغَلَ فِي مُطَالَعَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ غَافِلٌ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا نِسْيَانٌ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ فَلْيُصَلِّهَا إلَخْ) دَلَّ عَلَى طَلَبِ الصَّلَاةِ وَقْتَ تَذَكُّرِهَا فَيُفِيدُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَكَوْنُ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ وَصَرْفُهُ عَنْ الْفَوْرِ «أَنَّهُ لَمَّا نَامَ صلى الله عليه وسلم هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْوَادِي حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ ارْتَحَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ سَارُوا مُدَّةً ثُمَّ نَزَلُوا وَصَلَّوْا.» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ فَوْرِيَّةِ الْقَضَاءِ وَبَقِيَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى ظَاهِرِهِ ع ش

. (قَوْلُهُ وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ الْفَوَائِتِ مَتْرُوكًا عَمْدًا أَيْ: بِلَا عُذْرٍ وَالْأَوَّلُ لِعُذْرٍ وَهُوَ مَا مَالَ إلَيْهِ طب، وَجَزَمَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ فَيَقْضِي الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ) أَيْ: إذَا كَانَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ كَانَا مِنْ يَوْمَيْنِ وَتَأَخَّرَ يَوْمُ الصُّبْحِ بَدَأَ بِالظُّهْرِ ع ش لِأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْفَائِتِ أَوَّلًا مُحَافَظَةً عَلَى التَّرْتِيبِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر

. (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى حَاضِرَةٍ) أَيْ: إنْ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَهَا) أَيْ: فَوَاتَ أَدَائِهَا. وَإِنْ خَافَ فَوْتَ جَمَاعَتِهَا. اهـ. ز ي أَيْ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ مُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ) تَعْلِيلٌ لِسَنِّ التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيمِ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالْمَدِّ أَيْ: وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا. وَكَذَا إذَا عَلِمَ مَاءً فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ لَهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ عَنْ فِعْلِهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، وَمِنْهُ مَا لَوْ عَلِمَ بِوُجُودِ الْمَاءِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ طَلَبَهُ

ص: 158

ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ، وَلَوْ شَرَعَ فِي فَائِتَةٍ مُعْتَقِدًا سَعَةَ الْوَقْتِ فَبَانَ ضِيقُهُ عَلَى إدْرَاكِهَا أَدَاءً وَجَبَ قَطْعُهَا

(وَكُرِهَ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَكَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَفِي الطَّهَارَةِ مِنْ الْمَجْمُوعِ (فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ صَلَاةٌ عِنْدَ اسْتِوَاءٍ) لِلشَّمْسِ حَتَّى تَزُولَ (إلَّا يَوْمَ جُمُعَةٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ، وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ، (وَ) عِنْدَ (طُلُوعِ شَمْسٍ وَبَعْدَ) صَلَاةِ (صُبْحٍ) أَدَاءً لِمَنْ صَلَّاهَا (حَتَّى تَرْتَفِعَ) فِيهِمَا (كَرُمْحٍ) فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، وَإِلَّا فَالْمَسَافَةُ طَوِيلَةٌ لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرُّمْحِ وَهُوَ تَقْرِيبٌ (وَبَعْدَ) صَلَاةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

خَرَجَ بَعْضُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا ع ش (قَوْلُهُ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ) فَاتَتْ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ ع ش. (قَوْلُهُ مُعْتَقِدًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَقَوْلُهُ سَعَةً بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا.

(قَوْلُهُ عَنْ إدْرَاكِهَا أَدَاءً) أَيْ: عَنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِقَرِينَةِ مَا سَبَقَ ابْنُ شَرَفٍ وَقِ ل. (قَوْلُهُ وَجَبَ قَطْعُهَا) هَلَّا سُنَّ قَلْبُهَا نَفْلًا وَالسَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَرَاجِعْ، ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ: إنَّهُ يُسَنُّ قَلْبُهَا نَفْلًا سم: وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَقُمْ لِثَالِثَةٍ، وَإِلَّا وَجَبَ قَطْعُهَا قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَجَبَ قَطْعُهَا عَلَى مَعْنَى امْتَنَعَ إتْمَامُهَا فَرْضًا فَلَا يُنَافِي قَلْبَهَا نَفْلًا. اهـ قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَيُشْتَرَطُ لِنَدْبِ قَلْبِهَا نَفْلًا أَنْ يَكُونَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا مِنْ أُولَى أَوْ ثَالِثَةٍ كَانَ الْقَلْبُ مُبَاحًا وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَضَاءُ فَوْرِيًّا وَإِلَّا حَرُمَ الْقَلْبُ انْتَهَى. لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَجَبَ قَطْعُهَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْقَضَاءُ فَوْرِيًّا فَلْيُحَرَّرْ

. (قَوْلُهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ) مُعْتَمَدٌ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ وَبَيْنَ الْحَرَامِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُفِيدُ الْإِثْمَ؟ قُلْت أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَكْرُوهَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ. وَالْحَرَامُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْلَوِيٍّ أَوْ مُسَاوٍ اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ وَكَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ إلَخْ) وَعَلَى كُلٍّ لَا تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ لِأَنَّ النَّهْيَ إذَا رَجَعَ لِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْ لَازِمِهَا اقْتَضَى الْفَسَادَ، سَوَاءٌ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيهِ قَالَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، فَتَكُونُ مَعَ جَوَازِهَا فَاسِدَةً قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْفَاسِدَةَ حَرَامٌ مُطْلَقًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْإِقْدَامُ عَلَى هَذِهِ الصَّلَاةِ جَائِزٌ وَالِاسْتِمْرَارُ حَرَامٌ، أَوْ يُقَالُ هِيَ جَائِزَةٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا صَلَاةً حَرَامٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا فَاسِدَةً ح ل وسم، وَأَيْضًا فَإِبَاحَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا لَا يُنَافِي حُرْمَةَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي إبَاحَةِ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا لَا يَنْعَقِدُ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ فِيهِ لِلتَّنْزِيهِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ التَّلَاعُبَ. وَفَارَقَ كَرَاهَةُ الزَّمَانِ كَرَاهَةَ الْمَكَانِ حَيْثُ انْعَقَدَتْ فِيهِ مَعَهَا بِأَنَّ الْفِعْلَ فِي الزَّمَانِ يَذْهَبُ جُزْءٌ مِنْهُ، فَكَانَ النَّهْيُ مُنْصَرِفًا لِإِذْهَابِ هَذَا الْجُزْءِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَهُوَ وَصْفٌ لَازِمٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ فِعْلٍ إلَّا بِإِذْهَابِ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ، وَأَمَّا الْمَكَانُ فَلَا يَذْهَبُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِالْفِعْلِ، فَالنَّهْيُ عَنْهُ لِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ مُجَاوِرٍ لَا لَازِمٍ فَحَقِّقْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ حُرْمَةِ مَكَّةَ) وَكَذَا فِي حَرَمِهَا عِنْدَ الْخُطْبَةِ بِرْمَاوِيٌّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِيهَا، وَبَقِيَ سَادِسٌ وَهُوَ إذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا يُعْتَرَضُ بِعَدَمِ ذِكْرِهِ هُنَا لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ هُنَا فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَهُنَاكَ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، ثُمَّ إنَّهُ يَجِبُ حِينَئِذٍ عَلَى مَنْ يُصَلِّي صَلَاةً لَهَا سَبَبٌ كَسُنَّةِ الْوُضُوءِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ قَامَ لِلزِّيَادَةِ بَطَلَتْ وَكَذَا إذَا أَحْرَمَ بِهِمَا وَصَعِدَ قَبْلَ تَمَامِهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ بِهِمَا نَفْلًا مُطْلَقًا قَبْلَ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَلَا يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ إعْرَاضٌ عَنْ الْخَطِيبِ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ عِنْدَ اسْتِوَاءٍ) أَيْ: يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ لَمْ يَحْرُمْ ع ش قَالَ ح ل: قَوْلُهُ عِنْدَ اسْتِوَاءٍ بِأَنْ قَارَنَهُ التَّحَرُّمُ لِأَنَّ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ لَطِيفٌ لَا يَسَعُ صَلَاةً اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا يَوْمَ جُمُعَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ صَلَاةِ صُبْحٍ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ حَيْثُ أَخَّرَ وَقْتَ الِاصْفِرَارِ عَنْ وَقْتِ الْعَصْرِ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ عِنْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَيَذْكُرَ بَعْدَهُ الِاسْتِوَاءَ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ الْخَارِجِيِّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَدَّمَ الِاسْتِوَاءَ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي بَعْدَهُ، فَلَوْ أَخَّرَهُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَتُوُهِّمَ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْجَمِيعِ، وَذَكَرَ عَقِبَهُ الطُّلُوعَ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالزَّمَانِ. (قَوْلُهُ أَدَاءً) أَيْ: مُغْنِيًا عَنْ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ حَتَّى تَرْتَفِعَ فِيهِمَا) يَقْتَضِي أَنَّ كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لَا تَنْتَهِي بِطُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ م ر: وَتَجْتَمِعُ الْكَرَاهَتَانِ فِيمَنْ فَعَلَ الْفَرْضَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ كَرَاهَةُ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ كَرُمْحٍ) طُولُهُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَتَرْتَفِعُ قَدْرَهُ فِي أَرْبَعِ دَرَجٍ بِرْمَاوِيٌّ وحج. (قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) مَعَ الْإِشَارَةِ إلَى حِكْمَةِ النَّهْيِ؛ «لِأَنَّهَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ» وَحِينَئِذٍ

ص: 159

عَصْرٍ) أَدَاءً وَلَوْ مَجْمُوعَةً فِي وَقْتِ الظُّهْرِ،.

(وَعِنْدَ اصْفِرَارٍ) لِلشَّمْسِ (حَتَّى تَغْرُبَ) فِيهِمَا لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ (إلَّا) صَلَاةً (لِسَبَبٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (غَيْرِ مُتَأَخِّرٍ) عَنْهَا بِأَنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُقَارِنًا (كَفَائِتَةِ) فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَمْ يَقْصِدْ تَأْخِيرَهَا إلَيْهَا) لِيَقْضِيَهَا فِيهَا (وَ) صَلَاةِ (كُسُوفٍ وَتَحِيَّةٍ) لِمَسْجِدٍ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَمْ يَدْخُلْ) إلَيْهِ (بِنِيَّتِهَا فَقَطْ وَسَجْدَةِ شُكْرٍ) فَلَا تُكْرَهُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم فَاتَهُ رَكْعَتَا سُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهُ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، وَقِيسَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ، وَحَمْلُ النَّهْيِ فِيمَا ذَكَرَ عَلَى صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا، وَهِيَ النَّافِلَةُ الْمُطْلَقَةُ أَوْ لَهَا سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا، وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ الصَّلَاةُ بِحَرَمِهَا الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ فَلَا تُكْرَهُ مُطْلَقًا؛ لِخَبَرِ:«يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَبِغَيْرِ مُتَأَخِّرٍ مَا لَهَا سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ فَتَحْرُمُ كَصَلَاةِ الْإِحْرَامِ وَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ، فَإِنَّ سَبَبَهُمَا وَهُوَ الْإِحْرَامُ وَالِاسْتِخَارَةُ مُتَأَخِّرٌ.

أَمَّا إذَا قَصَدَ تَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ إلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لِيَقْضِيَهَا فِيهَا أَوْ دَخَلَ فِيهَا الْمَسْجِدَ بِنِيَّةِ التَّحِيَّةِ فَقَطْ فَلَا تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ، وَكَسَجْدَةِ الشُّكْرِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ آيَتَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِقَصْدِ السُّجُودِ أَوْ يَقْرَأَهَا فِي غَيْرِهَا لِيَسْجُدَ فِيهَا. وَعَدُّهُ كَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ تَتَأَتَّى لِأَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ خَمْسَةٌ أَجْوَدُ مِنْ عَدِّهِ لَهَا ثَلَاثَةً عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، فَإِنَّ كَرَاهَةَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ أَنْ يُدْنِيَ رَأْسَهُ مِنْهَا حَتَّى يَكُونَ سُجُودُ عَابِدِيهَا سُجُودًا لَهُ ز ي، وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ خَاصَّةٌ بِالْأَوْقَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزَّمَنِ.

فَإِنْ قُلْت الْحِكْمَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ. قُلْت الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ تُحَالُ عَلَى سَبَبِهَا، وَغَيْرُهَا يُحَالُ عَلَى مُوَافَقَةِ عُبَّادِ الشَّمْسِ اط ف مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَجْمُوعَةً فِي وَقْتِ الظُّهْرِ) وَعَلَيْهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا: شَخْصٌ تَحْرُمُ عَلَيْهِ صَلَاةُ نَفْلٍ مُطْلَقٍ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ مُتَأَخِّرٍ عَنْهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ بِأَنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ سَبَبَهَا الْغُسْلُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُتَقَدِّمٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْتِ أَيْ: وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَقَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا ح ل، وَعِبَارَةُ ب ر تَقْسِيمُ السَّبَبِ إلَى مُتَقَدِّمٍ أَوْ غَيْرِهِ، إنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْتِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُقَارَنَةُ إذْ السَّبَبُ دَائِمًا مُتَقَدِّمٌ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُقَارِنًا) كَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ فَلَا تُتَصَوَّرُ الْمُقَارَنَةُ وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ الْكُسُوفَ مِمَّا سَبَبُهُ مُتَقَدِّمٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ زَالَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا ح ل، وَالْأَوْلَى التَّمْثِيلُ لَهُ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمُعَادَاةِ مَدَابِغِيٌّ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا لَا سَبَبٌ، وَسَبَبُهَا تَحْصِيلُ الثَّوَابِ.

(قَوْلُهُ كَفَائِتَةٍ) مِثَالٌ لِمَا سَبَبُهُ مُتَقَدِّمٌ وَسَبَبُهَا التَّذَكُّرُ إنْ فَاتَتْ بِعُذْرٍ وَإِنْ فَاتَتْ بِلَا عُذْرٍ فَسَبَبُهَا شُغْلُ ذِمَّتِهِ أَوْ دُخُولُ الْوَقْتِ. اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ لَمْ يَقْصِدْ تَأْخِيرَهَا إلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَسِيَ الْقَصْدَ الْمَذْكُورَ وَقَدْ نَقَلَ عَنْ النَّاصِرِ الطَّبَلَاوِيِّ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ ذَلِكَ الْقَصْدَ انْعَقَدَتْ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَقَوْلُهُ لِيَقْضِيَهَا فِيهَا أَيْ: لَا غَرَضَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ ح ل، وَلَيْسَ مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِإِيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ حَتَّى لَا تَنْعَقِدَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَأْخِيرِ الْجِنَازَةِ لِيُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْ: لَا التَّحَرِّي لِأَنَّهُ تَبْعُدُ إرَادَتُهُ فَلَوْ فُرِضَتْ إرَادَتُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ شَرْحُ م ر وح ف وح ل. (قَوْلُهُ وَكُسُوفٍ إلَخْ) هُوَ مِثَالٌ لِلْمُقَارِنِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاؤُهَا غَيْرَ مُقَارِنٍ فَهُوَ مُقَارِنٌ بِالنَّظَرِ لِلدَّوَامِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَدْخُلْ بِنِيَّتِهَا) أَيْ: لَيْسَ لَهُ غَرَضٌ إلَّا صَلَاةَ التَّحِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ح ل. (قَوْلُهُ وَسَجْدَةِ شُكْرٍ) الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهَا صَلَاةٌ. (قَوْلُهُ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ) فِي مُسْلِمٍ «لَمْ يَزَلْ يُصَلِّيهِمَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» أَيْ: لِأَنَّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا دَاوَمَ عَلَيْهِ، فَفَعَلَهُمَا أَوَّلَ مُرَّةٍ قَضَاءً وَبَعْدَهُ نَفْلًا شَرْحُ م ر وَلْيُنْظَرْ الْحِكْمَةَ فِي اسْتِمْرَارِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِمَا دُونَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَإِنَّهُمَا فَاتَتَاهُ وَلَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى قَضَائِهِمَا فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: مَعَ كَوْنِهِمَا أَفْضَلَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ نَافِلَةَ الصُّبْحِ فَاتَتْ بِالنَّوْمِ وَهُوَ لَيْسَ فِيهِ تَفْرِيطٌ، وَلَعَلَّ نَافِلَةَ الظُّهْرِ فَاتَتْهُ بِسَبَبٍ اشْتَغَلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاتِهَا فِي وَقْتِهَا وَهُوَ اشْتِغَالُهُ بِقُدُومِ وَفْدِ عَبْدِ قَيْسٍ اهـ بَابِلِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ) أَيْ: بِالْمَذْكُورِ مِنْ فِعْلِ الْفَائِتَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَهُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ فَلَا تُكْرَهُ) أَيْ: فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ خِلَافَ الْأَوْلَى سم ع ش، وَقَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: نَعَمْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ وَصَلَّى) أَيْ: فِي الْحَرَمِ ح ل فَلَا يَرِدُ أَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى لِأَنَّهُ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ وَصَلَّى أَيْ: فِي الْبَيْتِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، فَيَكُونُ الدَّلِيلُ أَخَصَّ. اهـ. (قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ أَنْ يَقُولَ فَتُكْرَهُ لَكِنَّهُ رَاعَى الْمَعْنَى. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا قَصَدَ إلَخْ) قَالَ حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ قَرَّرَهُ: وَمِنْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحَرِّي قَصْدُ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَكْرُوهًا لِأَنَّ مُرَاغَمَتَهُ أَيْ: مُعَانَدَتَهُ لِلشَّرْعِ إنَّمَا

ص: 160