المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) في سجودي التلاوة، والشكر - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌(فَرْعٌ) دُخَانُ النَّجَاسَةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابٌ الْأَذَان]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي) مُقْتَضَى (سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) .فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ

الفصل: ‌(باب) في سجودي التلاوة، والشكر

قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالسُّجُودُ فِي هَذِهِ حَرَامٌ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْجُمُعَةَ مَعَ إمْكَانِهَا، ثُمَّ بَيَّنْتُ مَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ السُّجُودُ صُورَةً لَا حُكْمًا فَقُلْتُ:.

(وَلَوْ سَهَا إمَامُ جُمُعَةٍ، وَسَجَدُوا فَبَانَ فَوْتُهَا أَتَمُّوهَا ظُهْرًا) لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَسَجَدُوا) ثَانِيًا، أَخَّرَ الصَّلَاةَ لِتَبَيُّنِ أَنَّ السُّجُودَ الْأَوَّلَ لَيْسَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ.

. (وَلَوْ ظَنَّ) الْمُصَلِّي (سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ) أَيْ: عَدَمُ مَا ظَنَّهُ (سَجَدَ) ثَانِيًا لِزِيَادَةِ السُّجُودِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ سَجَدَ فِي آخِرِ صَلَاةٍ مَقْصُورَةٍ فَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ بِكَلَامٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَسْجُدُ ثَانِيًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعِ مِثْلِهِ فَيَتَسَلْسَلُ.

(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

(تُسَنُّ سَجَدَاتُ تِلَاوَةٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (لِقَارِئٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ: نَعَمْ إنْ سَلَّمَ مُصَلِّي الْجُمُعَةِ. . . إلَخْ فَفَرْضُهَا أَنَّ الْوَقْتَ خَرَجَ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَ الْعَوْدِ، فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا تَوَهَّمَهُ ح ل مِنْ أَنَّهَا عَيْنُهَا، وَلَا لِمَا تَوَهَّمَهُ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْجُمُعَةَ مَعَ إمْكَانِهَا وَلَا يَصِيرُ عَائِدًا، اهـ. (قَوْلُهُ: وَالسُّجُودُ فِي هَذِهِ إلَخْ) وَلَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ لَوْ سَجَدَ، اهـ. ز ي وح ل وَعِ ش، وَفِيهِ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عَادَ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ فِي السُّجُودِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلَامِ، فَكَيْفَ قَالُوا لَا يَصِيرُ عَائِدًا؟ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَصِيرُ عَائِدًا ح ف وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعَوْدُ حَرَامًا حِينَئِذٍ قَالَ الْمُحَشُّونَ: لَا يَصِيرُ عَائِدًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْجُمُعَةَ) أَيْ: إذَا قُلْنَا بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ حَتَّى لَوْ سَجَدَ فِي هَذِهِ لَمْ يَصِرْ عَائِدًا، اهـ. ع ش وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ. (قَوْلُهُ: لَا حُكْمًا) أَيْ: لَا جَبْرًا؛ لِأَنَّ الْجَابِرَ لِلْخَلَلِ إنَّمَا هُوَ الْأَخِيرُ

. (قَوْلُهُ: قَبْلَ سَلَامِهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ سَهَا فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ع ش. (قَوْلُهُ: لَا يَسْجُدُ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّهُ يَجْبُرُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ قَبْلَهُ وَالْوَاقِعَ بَعْدَهُ وَالْوَاقِعَ فِيهِ، وَلَا يَجْبُرُ نَفْسَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ]

أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهِمَا وَحُكْمِهِمَا، اهـ. ع ش وَإِضَافَةُ سُجُودٍ لِلتِّلَاوَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ سَبَبٌ لَهُ، وَإِضَافَتُهُ لِلشُّكْرِ مِنْ الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ شُكْرٌ وَسَبَبُهُ هُجُومُ النِّعْمَةِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي. وَقَدَّمَ سُجُودَ السَّهْوِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ التِّلَاوَةُ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِيهَا وَخَارِجَهَا وَأَخَّرَ الشُّكْرَ لِحُرْمَتِهِ فِيهَا، اهـ. حَجّ وَإِنَّمَا قَالُوا: سُجُودُ التِّلَاوَةِ، وَلَمْ يَقُولُوا: سُجُودُ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ أَخَصُّ مِنْ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ لَا تَكُونُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْقِرَاءَةُ تَكُونُ فِيهَا. تَقُولُ: فُلَانٌ قَرَأَ اسْمَهُ، وَلَا تَقُولُ: تَلَاهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْلِك: تَلَا الشَّيْءَ يَتْلُوهُ، إذَا تَبِعَهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْكَلِمَةُ تَتْبَعُ أُخْتَهَا، لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي التِّلَاوَةِ، وَتُسْتَعْمَلُ فِيهَا الْقِرَاءَةُ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ اسْمٌ لِجِنْسِ هَذَا الْفِعْلِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ كُفْرِ مَنْ أَنْكَرَ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، أَيْ يَعْرِفُهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، اهـ. ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَرَشِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ.

(قَوْلُهُ: تُسَنُّ سَجَدَاتٌ) جَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ مَوَاضِعِ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ) أَيْ: لِأَنَّ السَّجْدَةَ عَلَى وَزْنِ فَعْلَةٍ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ يُجْمَعُ عَلَى فَعَلَاتٍ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَالسَّالِمُ الْعَيْنِ الثَّلَاثِي اسْمًا أَنِلْ

إتْبَاعَ عَيْنٍ فَاءَهُ بِمَا شُكِلْ

وَمَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ

كَضَخْمَةٍ يُجْمَعُ عَلَى فَعْلَاتِ

بِالسُّكُونِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِقَارِئٍ) قَدْ وَقَعَ اضْطِرَابٌ فِي الْقِرَاءَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ، هَلْ هِيَ مَشْرُوعَةٌ فَيُسَنُّ السُّجُودُ لَهَا أَوْ لَا فَلَا يُسَنُّ؟ قَالَ م ر فِي الشَّرْحِ: وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً أَوْ سُورَةً تَتَضَمَّنُ آيَةَ سَجْدَةٍ، بِقَصْدِ أَنْ يَسْجُدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ لَمْ يُكْرَهْ، اهـ. وَكَتَبَ ع ش عَلَيْهِ قَوْلَهُ: لَمْ يُكْرَهْ أَيْ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَقَالَ حَجّ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُ السُّجُودِ فَقَطْ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَالْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ عِبَادَةً لَا مَانِعَ مِنْهَا، اهـ. قَالَ سم: قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ إلَخْ، قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَكِنْ الَّذِي فِي الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ انْتَهَى وَالْمُعْتَمَدُ طَلَبُ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ مَشْرُوعَةٌ، شَيْخُنَا ح ف. فَقَوْلُهُ: لِقَارِئٍ وَلَوْ بِقَصْدِ أَنْ يَسْجُدَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، أَيْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِيهِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ آيَتِهَا فِي الصَّلَاةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِيهَا سِوَى صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالم تَنْزِيلُ، فَإِنْ قَرَأَ فِيهَا بِغَيْرِ الم تَنْزِيلُ، بِقَصْدِ السُّجُودِ وَسَجَدَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ م ر، وَلَا تَبْطُلُ عِنْدَ حَجّ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ السُّجُودِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْأَوْجَهُ فِي قَارِئٍ وَسَامِعٍ فِعْلُهَا قَبْلَ صَلَاةِ التَّحِيَّةِ، فَيَسْجُدُ ثُمَّ يُصَلِّيهَا؛ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ قَصِيرٌ لِعُذْرٍ، فَلَا تَفُوتُ بِهِ التَّحِيَّةُ فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَالسُّجُودُ أَفْضَلُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا) أَيْ مُمَيِّزًا، وَلَوْ جُنُبًا لِعَدَمِ نَهْيِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ، اهـ. ع ش وَجَعْلُ الصَّبِيِّ مُتَعَلِّقَ

ص: 267

وَلَوْ صَبِيًّا، أَوْ امْرَأَةً أَوْ خَطِيبًا، وَأَمْكَنَهُ السُّجُودُ عَنْ قُرْبٍ بِمَكَانِهِ، أَوْ أَسْفَلَ الْمِنْبَرِ (وَسَامِعٍ) قَصَدَ السَّمَاعَ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَ الْقَارِئُ كَافِرًا (قِرَاءَةً) لِجَمِيعِ آيَةِ السَّجْدَةِ (مَشْرُوعَةً) كَالْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

السِّنِّ يَقْتَضِي أَنَّ أَفْعَالَهُ يُقَالُ لَهَا: مَسْنُونَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ غَيْرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا سُنَّةً أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا لَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثَوَابِهِ عَلَيْهَا أَمْرُهُ بِهَا، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَلَا خِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ غَيْرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ وَصِحَّةُ عِبَادَةِ الصَّبِيِّ، كَصَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ الْمُثَابِ عَلَيْهَا لَيْسَتْ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا كَالْبَالِغِ، بَلْ لِيَعْتَادَهَا فَلَا يَتْرُكَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا) لَمْ يَقُلْ أَوْ كَافِرًا لِعَدَمِ تَأَتِّي السُّجُودِ مِنْهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ عَقِبَ قِرَاءَتِهِ وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ سُنَّ السُّجُودُ فِي حَقِّهِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةً) وَلَوْ بِحَضْرَةِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ إذْ حُرْمَةُ رَفْعِ صَوْتِهَا بِهَا أَيْ بِالْقِرَاءَةِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، إنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ لَا لِذَاتِ قِرَاءَتِهَا؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهَا مَشْرُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ شَرْحُ م ر وَهَلْ يُطْلَبُ رَفْعُ الصَّوْتِ لِلْقَارِئِ لِتُسْمَعَ قِرَاءَتَهُ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى مَسْنُونٍ؟ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَالظَّاهِرُ نَعَمْ وَلَوْ قَرَأَ وَاسْتَمَعَ لِغَيْرِهِ أَوْ سَمِعَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَثَلًا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَهَلْ يَتَعَدَّدُ السُّجُودُ؟ بَحَثَ م ر تَعَدُّدَهُ وَهُوَ أَوْلَى، وَيُقَدَّمُ السُّجُودُ لِلْقِرَاءَةِ وَيَبْدَأُ بِالسُّجُودِ لِقِرَاءَةِ الْأَسْبَقِ وَيَكْفِي سُجُودٌ وَاحِدٌ عَنْ الْكُلِّ، اهـ. اط ف.

(فَرْعٌ)

لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْقَارِئِ وَالسَّامِعِ فِي السَّجْدَةِ فَيَنْبَغِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْمَلُ بِاعْتِقَادِهِ إذْ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَهُمَا ع ش وَمِنْ صُوَرِ الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا اغْتَسَلَ الْحَنَفِيُّ الْجُنُبُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَقَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فَإِذَا سَمِعَهُ شَافِعِيٌّ لَا يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهُ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ جَنَابَتَهُ بَاقِيَةٌ فِي اعْتِقَادِهِ، وَالْقَارِئُ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ عِنْدَهُ،. اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْفَلَ الْمِنْبَرِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي النُّزُولِ كُلْفَةٌ وَإِلَّا سُنَّ تَرْكُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ ع ش (قَوْلُهُ: قَصَدَ السَّمَاعَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ بِقَصْدِ أَنْ يَسْجُدَ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ الْقَارِئِ بِهَذَا الْقَصْدِ شَوْبَرِيٌّ وَجَعَلَ سم السَّامِعَ كَالْقَارِئِ فِي هَذَا الْقَصْدِ وَهُوَ السُّجُودُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ ع ش: قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَسَامِعٌ أَيْ لِغَيْرِ الْخَطِيبِ حَتَّى لَوْ سَجَدَ لِقِرَاءَتِهِ، لَا يُسَنُّ لِسَامِعِيهِ السُّجُودُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا فَرَغَ قَبْلَهُمْ مِنْ سُجُودِهِ فَيَكُونُونَ مُعْرِضِينَ عَنْ الْخُطْبَةِ، اهـ. بَلْ جَزَمَ حَجّ بِتَحْرِيمِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ وَفِي ق ل لَا يَسْجُدُ سَامِعُهُ وَإِنْ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالنَّفْلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْحَاضِرِينَ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ، اهـ.

(قَوْلُهُ: كَافِرًا) أَيْ: وَلَوْ مُعَانِدًا م ر وَعِبَارَةُ ز ي وَلَوْ كَانَ الْقَارِئُ كَافِرًا أَيْ إنْ حَلَّتْ قِرَاءَتُهُ بِأَنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُعَانِدًا حَجّ وَالْمُعْتَمَدُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ فِي الْكَافِرِ فَيَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهَا حِينَئِذٍ وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْقَارِئِ مَا لَوْ كَانَ إنْسِيًّا أَوْ جِنِّيًّا أَوْ مَلَكًا.

(قَوْلُهُ: قِرَاءَةً) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ: لِقَارِئٍ وَسَامِعٍ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: لِجَمِيعِ آيَةِ السَّجْدَةِ) فَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ انْتِهَائِهَا وَلَوْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ لَمْ تَصِحَّ م ر وَعِ ش وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: لِجَمِيعِ آيَةِ السَّجْدَةِ أَيْ مِنْ وَاحِدٍ فَقَطْ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ فِي حَجّ فَلَا يَسْجُدُ إذَا سَمِعَهَا مِنْ قَارِئَيْنِ، وَمِثْلُهُ ذَلِكَ أَنْ يَقْرَأَ بَعْضَهَا وَيَسْمَعَ بَعْضَهَا الْآخَرَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْرَأَهَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ كَلِمَاتِهَا، وَأَنْ يَسْمَعَ السَّامِعُ كَذَلِكَ، أَوْ لَا. كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، فَلْيُحَرَّرْ. كَاتِبُهُ شَوْبَرِيٌّ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ، اهـ. اط ف. (قَوْلُهُ: مَشْرُوعَةً) بِأَنْ لَا تَكُونَ حَرَامًا لِذَاتِهَا كَقِرَاءَةِ الْجُنُبِ الْمُسْلِمِ وَلَا مَكْرُوهَةً لِذَاتِهَا كَقِرَاءَةِ مُصَلٍّ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ وَغَيْرِهَا، أَنَّ الْمُرَادَ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا أَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً لِيَخْرُجَ قِرَاءَةُ الطُّيُورِ، وَالسَّاهِي وَالسَّكْرَانِ وَنَحْوِهِمْ، وَأَنْ تَكُونَ مَأْذُونًا فِيهَا شَرْعًا لِيَخْرُجَ قِرَاءَةُ الْجُنُبِ، وَنَحْوِهِ، فَلْيُحَرَّرْ، اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْجُنُبَ الْكَافِرَ يُسَنُّ السُّجُودُ لِقِرَاءَتِهِ مَعَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: مَشْرُوعَةً، بِأَنْ لَا يَقْرَأَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ؛ لِيَسْجُدَ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا؛ لِيَسْجُدَ فِيهَا، اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْقِيَامِ) أَيْ: فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا: مُصَلٍّ قَائِمًا قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ السُّجُودُ، كَمَا فِي ح ل، اهـ. ح ف

ص: 268

وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَقِرَاءَةِ مُصَلٍّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا، وَقِرَاءَةِ جُنُبٍ، وَسَكْرَانَ.، وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ السُّورَةَ فِيهَا سَجْدَةٌ فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ مُسْلِمٍ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ (وَتَتَأَكَّدُ) السَّجْدَةُ (لَهُ) أَيْ: لِلسَّامِعِ (بِسُجُودِ الْقَارِئِ) لَكِنَّ تَأَكُّدَهَا لِغَيْرِ الْقَاصِدِ لَيْسَ كَتَأَكُّدِهَا لِلْقَاصِدِ، وَذِكْرُ تَأَكُّدِهَا لِغَيْرِ الْقَاصِدِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِمَشْرُوعِيَّةِ الْقِرَاءَةِ مِنْ زِيَادَتِي، وَإِذَا سَجَدَ السَّامِعُ مَعَ الْقَارِئِ فَلَا يَرْتَبِطُ بِهِ، وَلَا يَنْوِي الِاقْتِدَاءَ بِهِ.

. (وَهِيَ) أَيْ: سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ (أَرْبَعَ عَشْرَةَ) سَجْدَتَا الْحَجِّ، وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ فِي النَّجْمِ، وَالِانْشِقَاقِ، وَاقْرَأْ، وَالْبَقِيَّةُ فِي الْأَعْرَافِ، وَالرَّعْدِ، وَالنَّحْلِ، وَالْإِسْرَاءِ، وَمَرْيَمَ، وَالْفُرْقَانِ، وَالنَّمْلِ، وَآلَم تَنْزِيلُ، وَحُمَّ السَّجْدَةِ، وَمَحَالُّهَا مَعْرُوفَةٌ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ:«أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ» مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ، وَالسَّجْدَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهُ سَجْدَةُ ص الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ) وَلَوْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ لِعَدَمِ النَّهْيِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً وَفَرَّقَ بَيْنَ عَدَمِ الطَّلَبِ وَطَلَبِ الْعَدَمِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ مُصَلٍّ إلَخْ) مَثَّلَ بِثَلَاثَةِ أَمْثِلَةٍ؛ لِأَنَّ الْأُولَى مَكْرُوهَةٌ، وَالثَّانِيَةُ مُحَرَّمَةٌ وَالثَّالِثَةُ لَا، وَلَا فَلَا إذْنَ، وَلَا مَنْعَ فِيهَا وَيَصْدُقُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهَا شَرْعًا. (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ جُنُبٍ) أَيْ: مُسْلِمٍ لِيَخْرُجَ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ وَلَوْ جُنُبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْقِرَاءَةِ مَعَ مَا ذُكِرَ ع ش أَيْ فَكَأَنَّهَا غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: أَيْ مُسْلِمٌ أَيْ بَالِغٌ لِيَخْرُجَ الصَّبِيُّ الْجُنُبُ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ جُنُبٍ أَيْ إنْ كَانَ مُسْلِمًا بَالِغًا وَانْظُرْ لَوْ قَصَدَ بِالْقِرَاءَةِ الذِّكْرَ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، أَوْ قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّفْهِيمِ هَلْ يُسَنُّ طَلَبُ السُّجُودِ مِنْهُ وَمِنْ سَامِعِهِ؟ . اهـ. حَجّ وَيُكْرَهُ الْأَذَانُ مِنْ الْجُنُبِ وَتُسَنُّ إجَابَتُهُ وَتَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ مِنْهُ وَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ لِسَامِعِهَا، فَلْيُفَرَّقْ. اهـ وَالْفَرْقُ حُرْمَةُ الْقِرَاءَةِ مِنْ الْجُنُبِ دُونَ أَذَانِهِ، فَلَوْ طَلَبَ السُّجُودَ لِقِرَاءَتِهِ لَكَانَ الْجُنُبُ مَأْمُورًا بِالْقِرَاءَةِ لِأَجْلِ زِيَادَةِ الْعِبَادَةِ وَهِيَ طَلَبُ السُّجُودِ مِنْ سَامِعِهِ فَأَذَانُهُ مَشْرُوعٌ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهِ بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ) ظَاهِرُهُ كَ م ر وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ ع ش.

(قَوْلُهُ: حَتَّى مَا يَجِدَ) هُوَ بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّ مَا نَافِيَةٌ وَفِي حَجّ عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَبِهَامِشِهِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ " مَا " لَا تَمْنَعُ مِنْ نَصْبِ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ بَعْدَ حَتَّى. اهـ. ع ش؛ لِأَنَّهَا نَافِيَةٌ لَا كَافَّةٌ.

(قَوْلُهُ: لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمَكَانِ هُنَا فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَوْضِعَ فَمَا مَعْنَى جَمْعِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَوْضِعًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ، فَمَا هُوَ حَرَّرَ شَوْبَرِيٌّ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِمَكَانِ الْجَبْهَةِ تَمْكِينُهَا، اهـ. ح ف أَوْ الْمَكَانُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ لِكَانَ، بِمَعْنَى الْوَضْعِ وَأَصْلُهُ مَكْوَنٌ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ لِلْكَافِ، وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى مَا يَجِدَ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِجَبْهَتِهِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْوِي إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ، فَلَوْ فَعَلَ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى، كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ ع ش عَلَى م ر

. (قَوْلُهُ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ) إنْ قِيلَ: لِمَ اخْتَصَّتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ بِالسُّجُودِ مَعَ ذِكْرِ السُّجُودِ وَالْأَمْرِ بِهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَآخِرِ الْحِجْرِ، وَهَلْ أَتَى. قُلْنَا: لِأَنَّ تِلْكَ فِيهَا مَدْحُ السَّاجِدِينَ صَرِيحًا، وَذَمُّ غَيْرِهِمْ تَلْوِيحًا أَوْ عَكْسُهُ فَشُرِعَ لَنَا السُّجُودُ حِينَئِذٍ لِغُنْمِ الْمَدْحِ تَارَةً، وَالسَّلَامِ مِنْ الذَّمِّ أُخْرَى، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا، فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ نَحْوُ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم مُجَرَّدًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا دَخْلَ لَنَا فِيهِ، فَلَمْ يُطْلَبْ مِنَّا سُجُودٌ عِنْدَهُ وَأَمَّا {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ ذِكْرِ فَضِيلَةٍ لِمَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، اهـ. حَجّ أَيْ فَهُوَ مَدْحٌ لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَكَلَامُنَا فِي مَدْحٍ عَامٍّ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ {كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهَا مَعَ أَنَّ فِيهَا أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: سَجْدَتَا الْحَجِّ) قَدَّمَهُمَا عَكْسَ التَّرْتِيبِ الطَّبِيعِيِّ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَيْسَ فِي الْحَجِّ إلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ أَوَّلُهَا، وَذَكَرَ بَعْدَهُمَا الْمُفَصَّلَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا يَرَى أَنْ لَا سَجْدَةَ فِي الْمُفَصَّلِ أَصْلًا، وَكَذَا قَوْلٌ عِنْدَنَا قَدِيمٌ، يَرَى أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ، وَيَقُولُ: إنَّ السَّجَدَاتِ إحْدَى عَشْرَةَ، فَقَدَّمَ سَجْدَتَيْ الْحَجِّ وَالْمُفَصَّلِ اهْتِمَامًا بِهِمَا لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ. (قَوْلُهُ: وَحُمَّ السَّجْدَةِ) أَيْ: حم الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ وَهِيَ فُصِّلَتْ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّبَرِّي، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَوَاضِعِهَا، وَقَوْلُهُ: مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ، اُنْظُرْ هَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي أَوْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ؟ وَمَا حِكْمَةُ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ؟ نِعْمَ إنْ كَانَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ حِكْمَةُ الِاقْتِصَارِ الرَّدَّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْمُتَقَدِّمِ، حَرِّرْ. فَيَكُونُ تَرْكُ الْبَقِيَّةِ لِكَوْنِهِ ذَكَرَهَا سَابِقًا. وَكَوْنُهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: أَقْرَأَنِي) أَيْ: عَدَّ لِي أَوْ عَلَّمَنِي أَوْ تَلَا عَلَيَّ. (قَوْلُهُ: الْبَاقِيَةُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَدِيثِ

ص: 269

لَيْسَ مِنْهَا سَجْدَةُ ص، بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) لِخَبَرِ النَّسَائِيّ «سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً، وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا» أَيْ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.

. (تُسَنُّ) عِنْدَ تِلَاوَتِهَا (فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) ، وَلَا تَدْخُلُ فِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (، وَيَسْجُدُ مُصَلٍّ لِقِرَاءَتِهِ) لَا لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْ مِنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ، أَيْ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْهَا سَجْدَةُ ص) لَمَّا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ ص لَيْسَتْ مِنْ السَّجَدَاتِ، حَتَّى يَسْتَثْنِيَهَا قَدَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ سَجْدَةٍ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا لَيْسَتْ شُكْرًا مَحْضًا، وَلَا تِلَاوَةً مَحْضًا، بَلْ فِيهَا الشَّائِبَتَانِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُنَافِي قَوْلُنَا: يَنْوِي بِهَا سَجْدَةَ الشُّكْرِ قَوْلَهُمْ: سَبَبُهَا التِّلَاوَةُ، وَهِيَ سَبَبٌ لِتَذَكُّرِ قَبُولِ التَّوْبَةِ أَيْ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا يُنْظَرُ هُنَا لِمَا يَأْتِي فِي سُجُودِ الشُّكْرِ مِنْ هُجُومِ النِّعْمَةِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ سَجْدَةِ مَحْضِ التِّلَاوَةِ، وَسَجْدَةِ مَحْضِ الشُّكْرِ، وَقَوْلُهُ: سَجْدَةُ ص يَجُوزُ قِرَاءَةُ ص بِالْإِسْكَانِ وَبِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ بِلَا تَنْوِينٍ، وَبِهِ مَعَ التَّنْوِينِ، وَإِذَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ كُتِبَتْ حَرْفًا وَاحِدًا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا بِاعْتِبَارِ اسْمِهَا ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ عَبْدُ الْحَقِّ. اهـ. ع ش. وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا حَرْفًا وَاحِدًا وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ، وَعَلَى فَتْحِ الصَّادِ تَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ مَمْنُوعَةً مِنْ الصَّرْفِ لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلسُّورَةِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) وَمَعَ ذَلِكَ لَا تُطْلَبُ إلَّا عِنْدَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: تُسَنُّ عِنْدَ تِلَاوَتِهَا، اهـ. شَيْخُنَا فَلَوْ نَوَى بِهَا التِّلَاوَةَ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ نَوَى بِهَا مُطْلَقَ الشُّكْرِ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ عَلَى قَبُولِ تِلْكَ التَّوْبَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ السَّبَبُ فِيهَا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُفِيدُ الْإِجْزَاءَ ح ل وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا، أَيْ سُجُودُنَا يَقَعُ شُكْرًا فَلَا يُشْتَرَطُ مُلَاحَظَتُهُ، وَلَا الْعِلْمُ بِهِ، اهـ. وَاعْتَمَدَهُ ح ف.

(قَوْلُهُ: قَبُولِ تَوْبَتِهِ) أَيْ: مِنْ خِلَافِ الْأَوْلَى الَّذِي ارْتَكَبَهُ لَا مِنْ الذَّنْبِ لِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ أَنَّهُ أَضْمَرَ أَنَّ وَزِيرَهُ إنْ قُتِلَ فِي الْغَزْوِ، تَزَوَّجَ بِزَوْجَتِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ دَاوُد بِذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ نَظِيرِهِ لِآدَمَ وَأَيُّوبَ وَغَيْرِهِمَا؟ قُلْتُ: وَجْهُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُحْكَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَقِيَ مِمَّا ارْتَكَبَهُ مِنْ الْخَوْفِ وَالْبُكَاءِ حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ، وَالْقَلِقِ الْمُزْعِجِ مَا لَقِيَهُ، إلَّا مَا جَاءَ عَنْ آدَمَ، لَكِنَّهُ مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ عَلَى فِرَاقِ الْجَنَّةِ، فَجُوزِيَ بِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَعُلِيِّ قُرْبِهِ، وَأَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَيْهِ نِعْمَةً تَسْتَوْجِبُ دَوَامَ الشُّكْرِ مِنْ الْعَالِمِ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، اهـ. حَجّ وم ر؛ وَلِأَنَّهُ وَقَعَ فِي قِصَّتِهِ التَّنْصِيصُ عَلَى سُجُودِهِ بِخِلَافِ قَصَصِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْهُمْ سُجُودٌ عِنْدَ حُصُولِ التَّوْبَةِ لَهُمْ ع ش عَلَى م ر.

وَوَرَدَ أَنَّ دَاوُد كَانَ عِنْدَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ امْرَأَةً، وَطَلَبَ امْرَأَةَ وَزِيرِهِ أُورْيَا وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا، وَتَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ نَزَلَ لَهُ عَنْهَا، وَكَانَ ذَلِكَ لِسِرٍّ عَظِيمٍ، وَهُوَ أَنَّهُ رُزِقَ مِنْهَا سُلَيْمَانَ كَمَا فِي الْجَلَالَيْنِ، وَحَوَاشِيهِ قَالَ أَبُو السُّعُودِ: وَلَمَّا طَلَبَهَا مِنْ وَزِيرِهِ اسْتَحْيَا مِنْهُ، فَطَلَّقَهَا وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي شَرِيعَةِ دَاوُد عليه السلام مُعْتَادًا فِيمَا بَيْنَ أُمَّتِهِ غَيْرَ مُخِلٍّ بِالْمُرُوءَةِ، فَكَانَ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَنْ يَنْزِلَ عَنْ زَوْجَتِهِ فَيَتَزَوَّجَهَا، إذَا أَعْجَبَتْهُ وَقَدْ كَانَ الْأَنْصَارُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يُوَاسُونَ الْمُهَاجِرِينَ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، إلَّا أَنَّ دَاوُد عليه السلام لِعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ وَارْتِفَاعِ رُتْبَتِهِ، لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَاطَى مَا يَتَعَاطَاهُ آحَادُ أُمَّتِهِ مَعَ كَثْرَةِ نِسَائِهِ، بَلْ كَانَ الْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَغْلِبَ هَوَاهُ، وَيَصْبِرَ عَلَى مَا اُمْتُحِنَ بِهِ، اهـ.

. (قَوْلُهُ: تُسَنُّ عِنْدَ تِلَاوَتِهَا) أَيْ لِلْقَارِئِ وَالسَّامِعِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلُ فِيهَا) أَيْ تَحْرُمُ وَتُبْطِلُهَا وَإِنْ انْضَمَّ لِقَصْدِ الشُّكْرِ قَصْدُ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبْطِلُ وَغَيْرُهُ غَلَبَ الْمُبْطِلُ شَرْحُ م ر وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ قَصْدُ التَّفْهِيمِ مَعَ الْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْمُبْطِلِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْقِرَاءَةِ مَطْلُوبٌ، وَقَصْدَ التَّفْهِيمِ طَارِئٌ بِخِلَافِ السُّجُودِ بِلَا سَبَبٍ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ أَصْلًا ع ش عَلَى م ر وَقَدْ يُقَالُ: لَهَا سَبَبٌ، وَهُوَ التِّلَاوَةُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وَقَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ صَلَاةً.

(قَوْلُهُ: لِقِرَاءَتِهِ) أَيْ لَا بِقَصْدٍ فِي غَيْرِ صُبْحِ الْجُمُعَةِ فَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِي غَيْرِ الم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا م ر وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ آيَةَ سَجْدَةٍ، أَوْ سُورَتَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ

ص: 270

إلَّا مَأْمُومًا فَلِسَجْدَةِ إمَامِهِ) لَا لِقِرَاءَتِهِ بِغَيْرِ سُجُودٍ، وَلَا لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ (فَإِنْ) سَجَدَ إمَامُهُ، وَ (تَخَلَّفَ) هُوَ عَنْهُ (أَوْ سَجَدَ) هُوَ (دُونَهُ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ سُجُودَهُ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَلَا يَسْجُدُ، وَلَوْ عَلِمَ، وَالْإِمَامُ فِي السُّجُودِ فَهَوَى لِيَسْجُدَ فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ رَجَعَ مَعَهُ، وَلَا يَسْجُدُ (وَيُكَبِّرُ) الْمُصَلِّي (كَغَيْرِهِ) نَدْبًا (لِهُوِيٍّ، وَلِرَفْعٍ) مِنْ السَّجْدَةِ (بِلَا رَفْعِ يَدَيْهِ، وَلَا يَجْلِسُ) الْمُصَلِّي (لِاسْتِرَاحَةٍ) بَعْدَهَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَذِكْرُ عَدَمِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الرَّفْعِ مِنْ السَّجْدَةِ لِغَيْرِ الْمُصَلِّي مِنْ زِيَادَتِي.

. (، وَأَرْكَانُهَا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي غَيْرِ الم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْ زِيَادَةِ سَجْدَةٍ فِيهَا إلَّا السُّجُودَ لِسَبَبٍ، فَالْقِرَاءَةُ بِقَصْدِ السُّجُودِ كَتَعَاطِي السَّبَبِ بِاخْتِيَارِهِ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِيَفْعَلَ الصَّلَاةَ فِيهَا، اهـ. مُلَخَّصًا قَالَ ز ي: وَلَوْ قَرَأَ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ الم تَنْزِيلُ بِقَصْدِ السُّجُودِ أَفْتَى شَيْخُنَا م ر بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ، وَخَالَفَهُ حَجّ، فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السُّجُودِ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَأْمُومًا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: لَا لِغَيْرِهَا لَكَانَ مُتَّصِلًا شَوْبَرِيٌّ وَيُصَدَّقُ الْغَيْرُ بِسَجْدَةِ الْغَيْرِ، فَتَأَمَّلْ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ: لَا لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: مُصَلٍّ مَعَ قَيْدِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِقِرَاءَتِهِ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْمَأْمُومِ وَالْمَعْنَى إلَّا مَأْمُومًا فَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ، بَلْ يَسْجُدُ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ.

(قَوْلُهُ: فَلِسَجْدَةِ إمَامِهِ) فَلَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ سُنَّتْ لِلْمَأْمُومِ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ، لِمَا يَأْتِي مِنْ فَوَاتِهَا بِطُولِهِ، وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْضَى عَلَى الْأَصَحِّ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَا لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ) بَلْ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ قِرَاءَةُ آيَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ؛ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ السُّجُودِ وَحِينَئِذٍ هَلْ تَكُونُ قِرَاءَتُهُ لِآيَتِهَا غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ، فَلَا يُسَنُّ لِسَامِعِهَا السُّجُودُ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَهَذَا شَامِلٌ لِآيَةِ السَّجْدَةِ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ، فَمَا أَطْلَقُوهُ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ إمَامَهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ آيَةِ سَجْدَةٍ، اهـ. حَجّ وَذَكَرَ ز ي عَنْ م ر أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي غَيْرِ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، إنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا فَرْعٌ عَلَى كَوْنِ الْمَأْمُومِ يُسْتَحَبُّ لَهُ قِرَاءَةُ آيَةِ سَجْدَةٍ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ الم السَّجْدَةِ خَاصٌّ بِالْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، اهـ. ح ل وح ل تَابِعٌ لحج فِي أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَةُ آيَةِ سَجْدَةٍ مُطْلَقًا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ سَجَدَ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ وَسُجُودِ إمَامِهِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَنْ سَجَدَ بِقَصْدِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ اهـ وَالْأَقْرَبُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبْطِلُ وَغَيْرُهُ قُدِّمَ الْمُبْطِلُ، اهـ إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتَخَلَّفَ) أَيْ: عَامِدًا عَالِمًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَجَدَ هُوَ) أَيْ: شَرَعَ فِي السُّجُودِ بِأَنْ هَوَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ: إذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فِي الْأُولَى، إلَّا إذَا تَرَكَ السُّجُودَ قَصْدًا فَبِمُجَرَّدِ الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ ز ي ع ش وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَتَخَلَّفَ إنْ كَانَ قَاصِدًا عَدَمَ السُّجُودِ، بَطَلَتْ بِهُوِيِّ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَبِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، اهـ. (قَوْلُهُ: لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ) أَيْ مَعَ انْتِقَالِهِ مِنْ وَاجِبٍ إلَى سُنَّةٍ، بِخِلَافِ تَرْكِ التَّشَهُّدِ عَمْدًا فَإِنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ وَاجِبٍ إلَى وَاجِبٍ، فَلَمْ يَنْظُرْ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: لَا يَسْجُدُ) فَإِنْ سَجَدَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْفَعْ الْإِمَامُ رَأْسَهُ، وَلَكِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فِيهِ بِأَنْ رَآهُ مُتَهَيِّئًا لِلرَّفْعِ أَخَذَ فِي الْهُوِيِّ؛ لِاحْتِمَالِ اسْتِمْرَارِهِ فِي السُّجُودِ فَإِذَا اسْتَمَرَّ وَافَقَهُ، وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ وَضْعِ الْمَأْمُومِ جَبْهَتَهُ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَعَهُ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْقُنُوتِ؛ لِأَنَّهُ وَافَقَ الْإِمَامَ فِيهِمَا ثُمَّ زَادَ بِخِلَافِهِ هُنَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ مَعَهُ) ، وَلَا يَسْجُدُ إلَّا إنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ، وَهِيَ مُفَارَقَةٌ بِعُذْرٍ شَرْحُ م ر وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ صَارَ مُنْفَرِدًا، وَهُوَ لَا يَسْجُدُ لِغَيْرِ قِرَاءَةِ نَفْسِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قِرَاءَةَ إمَامِهِ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ قِرَاءَتِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: إلَّا إنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ، أَيْ فَيُنْدَبُ لَهُ السُّجُودُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سم وَوَجْهُهُ أَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ السُّجُودِ فِي حَقِّهِ حَالَ الْقُدْوَةِ فَلْيَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مُسَبِّبُهُ.

(قَوْلُهُ: لِهُوِيٍّ وَلِرَفْعٍ) اُنْظُرْ وَجْهَ إعَادَةِ اللَّامِ وَقَدْ يُقَالُ: لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الِاكْتِفَاءِ لَهُمَا بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجْلِسُ) أَيْ: لَا يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ فَلَوْ جَلَسَ لَمْ يَضُرَّ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَثَامِنُهَا تَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ إلَخْ، ع ش لَكِنْ تَقَدَّمَ تَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهِ

ص: 271

أَيْ: السَّجْدَةِ (لِغَيْرِ مُصَلٍّ: تَحَرُّمٌ) بِأَنْ يُكَبِّرَ نَاوِيًا (وَسُجُودٌ، وَسَلَامٌ) بَعْدَ جُلُوسِهِ بِلَا تَشَهُّدٍ (وَسُنَّ) لَهُ مَعَ مَا مَرَّ (رَفْعُ يَدَيْهِ فِي) تَكْبِيرِ (تَحَرُّمٍ)، وَمَا ذَكَرْتُهُ هُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِمَا ذَكَرَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي نِيَّتُهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ تَنْسَحِبُ عَلَيْهَا، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ.

. (، وَشَرْطُهَا) أَيْ السَّجْدَةِ (كَصَلَاةٍ) أَيْ: كَشَرْطِهَا مِنْ نَحْوِ الطُّهْرِ، وَالسِّتْرِ، وَالتَّوَجُّهِ، وَدُخُولِ، وَقْتِهَا، وَهُوَ بِالْفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَةِ آيَاتِهَا (وَأَنْ لَا يَطُولَ فَصْلٌ) عُرْفًا بَيْنَهَا، وَبَيْنَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ كَمُحْدِثٍ تَطَهَّرَ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا عَنْ قُرْبٍ فَيَسْجُدُ (وَهِيَ كَسَجْدَتَيْهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فِي الْفُرُوضِ، وَالسُّنَنِ، وَمِنْهَا:«سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ إلَّا " وَصَوَّرَهُ " فَالْبَيْهَقِيُّ، وَإِلَّا " فَتَبَارَكَ اللَّهُ " إلَى آخِرِهِ فَهُوَ، وَالْحَاكِمُ.، وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا:«اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتَهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

. (، وَتَتَكَرَّرُ) أَيْ: السَّجْدَة مِمَّنْ ذُكِرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

جُلُوسًا خَفِيفًا بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ السَّجْدَةُ) أَيْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ. (قَوْلُهُ: تَحْرُمُ)، وَلَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ لِيُكَبِّرَ مِنْ قِيَامٍ لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ فِيهِ شَرْحُ م ر فَإِذَا قَامَ كَانَ مُبَاحًا كَمَا يَقْتَضِيه قَوْلُهُ: لَا يُسَنُّ، دُونَ سَنِّ أَنْ لَا يَقُومَ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: نَاوِيًا) عَدَّ النِّيَّةَ رُكْنًا وَكَذَا الْجُلُوسُ قَبْلَ السَّلَامِ، كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا تَكْفِي نِيَّةُ السُّجُودِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَأَنَّهُ فِي سَجْدَةِ ص لَا يَكْفِي سُجُودُ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ وَهَلْ يَتَعَرَّضُ لِكَوْنِهِ شُكْرًا لِقَبُولِ تَوْبَةِ دَاوُد عليه السلام أَوْ يَكْفِي نِيَّةُ الشُّكْرِ؟ ارْتَضَى الثَّانِي م ر وطب وَانْظُرْ هَلْ مَعْنَى وُجُوبِ نِيَّةِ السُّجُودِ لِلتِّلَاوَةِ نِيَّةُ السُّجُودِ لِخُصُوصِ الْآيَةِ كَأَنْ يَنْوِيَ السُّجُودَ لِتِلَاوَةِ الْآيَةِ الْمَخْصُوصَةِ، أَوْ مَعْنَاهُ نِيَّةُ التِّلَاوَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِخُصُوصِ الْآيَةِ؟ قِيَاسُ وُجُوبِ التَّعْيِينِ فِي النَّفْلِ ذِي الْوَقْتِ، وَالسَّبَبُ ذَلِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبُرْهَانَ الْعَلْقَمِيَّ أَفْتَى بِهِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ شَيْخَنَا م ر فَقَالَ: ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ الْخُصُوصِ، وَأَجَابَ عَنْ تَشْبِيهِهِ بِالنَّفْلِ بِأَنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ جُلُوسِهِ) أَيْ: أَوْ اضْطِجَاعِهِ، إنْ سَجَدَهَا مِنْ اضْطِجَاعٍ ح ف وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: بَعْدَ جُلُوسِهِ، ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجُلُوسَ وَاجِبٌ، وَهُوَ مَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا م ر وَجَرَى طب عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَجَوَّزَ السَّلَامُ فِي الرَّفْعِ قَبْلَ الْجُلُوسِ ع ش. (قَوْلُهُ: بِلَا تَشَهُّدٍ) أَيْ: بِلَا سَنِّ تَشَهُّدٍ، فَلَوْ أَتَى بِهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ طُولُ الْجُلُوسِ ع ش. (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ: لِغَيْرِ مُصَلٍّ وَقَوْلُهُ: مَعَ مَا مَرَّ أَيْ مِنْ التَّكْبِيرِ لَلْهُوِيِّ وَلِلرَّفْعِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْتُهُ) أَيْ مِنْ رُكْنِيَّةِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَالسَّلَامُ هُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِمَا ذَكَرَهُ، أَيْ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ وَكَذَا السَّلَامُ ح ل، أَيْ فَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، كَمَا قَالَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي) أَيْ: الْمَأْمُومِ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. وَالْحَاصِل أَنَّ نِيَّةَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالسَّهْوِ تَجِبُ إلَّا عَلَى الْمَأْمُومِ، اهـ. أَيْ بِالْقَلْبِ، فَإِنْ تَلَفَّظَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، اهـ. ح ل وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي نِيَّتُهَا وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ النِّيَّةِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهَا أَيْ لَا يَجِبُ التَّلَفُّظُ بِهَا اتِّفَاقًا انْتَهَتْ وَهَذَا الْحَمْلُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ التَّلَفُّظَ بِالنِّيَّةِ مُبْطِلٌ، فَلَا يُتَوَهَّمُ وُجُوبُهُ، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: تَنْسَحِبُ عَلَيْهَا) ، فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُنْسَحِبَةٍ عَلَيْهَا كَسُجُودِ السَّهْوِ فَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ مُنْسَحِبَةٌ عَلَيْهَا بِوَاسِطَةِ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مِنْ الصَّلَاةِ، فَقَصْدُهَا فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ مُتَضَمِّنٌ لِقَصْدِ السُّجُودِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا، شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ) أَيْ: لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لَمْ تَنْسَحِبْ عَلَيْهِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ، وَلَا عَلَى سَبَبِهِ

(قَوْلُهُ: عُرْفًا) بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ ع ش فَإِذَا زَادَ فَاتَتْ، وَلَا تُقْضَى قَالَ ع ش عَلَى م ر: فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّطْهِيرِ لِلسَّجْدَةِ أَوْ مِنْ فِعْلِهَا لِشُغْلٍ قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَنِّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِحَدَثٍ أَوْ شُغْلٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ أَيْضًا وَفِيهِ أَنَّ رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ فِيهِمَا أَرْبَعُ سَجَدَاتٍ وَهَذِهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تُجْبَرُ بِمَرَّةٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً جُبِرَتْ بِأَرْبَعِ مَرَّاتٍ قِيَاسًا عَلَى التَّحِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ: مِنْ السُّنَنِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ، أَيْ فَلَمْ يُخِلَّ بِهِ مِنْ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي ضِمْنِ التَّشْبِيهِ وَلَمْ يَقُلْ: مِنْهَا سَجَدَ وَجْهِي إلَخْ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: إلَّا وَصَوَّرَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَتَبَارَكَ اللَّهُ) عِبَارَتُهُ فِيمَا مَرَّ " تَبَارَكَ " بِلَا فَاءٍ وَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَةِ ص وَقَوْلُهُ: كَمَا قَبِلْتَهَا أَيْ السَّجْدَةَ، لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ كَمَا فِي ع ش أَوْ الْمَعْنَى، كَمَا قَبِلْت نَوْعَهَا، وَإِلَّا فَالَّتِي قَبِلَهَا مِنْ دَاوُد هِيَ خُصُوصُ سَجْدَةِ الشُّكْرِ، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: ذُخْرًا) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأُمُورِ الْآخِرَةِ، وَأَمَّا فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ

. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ الْقَارِئِ

ص: 272

(بِتَكْرِيرِ الْآيَةِ) ، وَلَوْ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ، أَوْ رَكْعَةٍ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهَا، نَعَمْ إنْ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى كَرَّرَ الْآيَةَ كَفَاهُ سَجْدَةٌ.

. (، وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ صَلَاةً) فَلَوْ فَعَلَهَا فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ (وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ) كَحُدُوثِ وَلَدٍ، أَوْ مَالٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ النِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ كَالْعَافِيَةِ، وَالْإِسْلَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِ الْعُمْرِ (أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) كَنَجَاةٍ مِنْ هَدْمٍ، أَوْ غَرَقٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَيَّدَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ النِّعْمَةَ، وَالنِّقْمَةَ بِكَوْنِهِمَا ظَاهِرَتَيْنِ لِيُخْرِجَ الْبَاطِنَتَيْنِ كَالْمَعْرِفَةِ، وَسَتْرِ الْمَسَاوِئِ (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) كَزَمِنٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ (أَوْ فَاسِقٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي:(مُعْلِنٍ) بِفِسْقِهِ لِأَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ أَشَدُّ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا، وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا» وَالسُّجُودُ لِلْمُصِيبَتَيْنِ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالسَّامِعِ، اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ، اهـ. ز ي وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: كَفَاهُ سَجْدَةٌ) أَشْعَرَ أَنَّ الْأَوْلَى تَكْرِيرُ السُّجُودِ بِعَدَدِ الْآيَاتِ ع ش وَعِبَارَةُ ز ي وَلَهُ أَنْ يُكَرِّرَ السُّجُودَ بِعَدَدِ الْآيَاتِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ وَعِبَارَةُ حَجّ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِكَفَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِيمَنْ طَافَ أَسَابِيعَ، ثُمَّ كَرَّرَ صَلَوَاتِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ سُنَّةَ الطَّوَافِ لَمَّا اُغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْخِيرُ الْكَثِيرُ، سُومِحَ فِيهَا بِمَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ هُنَا

. (قَوْلُهُ: وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ) وَلَوْ سَجْدَةَ ص، فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ تُسَنُّ أَيْ سَجْدَةُ ص فِي غَيْرِ صَلَاةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ وَهَذَا عَامٌّ لِسَجْدَةِ ص وَغَيْرِهَا، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: نِعْمَةٍ) أَيْ: لَهُ أَوْ لِنَحْوِ وَلَدِهِ، أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَطَرِ عِنْدَ الْقَحْطِ سَوَاءٌ كَانَ يَتَوَقَّعُهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ نَظِيرُهَا؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمُتَعَلِّقِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ م ر وز ي، وَعِبَارَةُ حَجّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ، ظَاهِرَةٍ مِنْ حَيْثُ لَا يُحْتَسَبُ، أَيْ لَا يَدْرِي وَإِنْ تَوَقَّعَهَا كَوَلَدٍ وَلَيْسَ الْهُجُومُ مُغْنِيًا عَنْ الْقَيْدَيْنِ بَعْدَهُ، وَلَا تَمْثِيلُهُمْ بِالْوَلَدِ مُنَافِيًا لِلْأَخِيرِ خِلَافًا لِزَاعِمَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهُجُومِ الشَّيْءِ مُفَاجَأَةُ وُقُوعِهِ الصَّادِقِ بِالظَّاهِرِ وَبِمَا لَا يُنْسَبُ عَادَةً لِتَسَبُّبِهِ، وَضِدُّهُمَا وَبِالظُّهُورِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ عُرْفًا وَبِالْأَخِيرِ أَنْ لَا يُنْسَبَ وُقُوعُهُ فِي الْعَادَةِ لِتَسَبُّبِهِ وَالْوَلَدُ وَإِنْ تَسَبَّبَ فِيهِ لَكِنَّهُ لَا يُنْسَبُ حُصُولُهُ فِي الْعَادَةِ لِتَسَبُّبِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ مَا لَوْ تَسَبَّبَ فِيهِمَا تَسَبُّبًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِحُصُولِهِمَا عِنْدَهُ فَلَا سُجُودَ، كَرِبْحٍ مُتَعَارَفٍ لِتَاجِرٍ يَحْصُلُ عَادَةً عَقِبَ أَسْبَابِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اعْتِبَارِ تَسَبُّبِهِ فِي حُصُولِ الْوَلَدِ بِالْوَطْءِ وَالْعَافِيَةِ بِالدَّوَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْسَبُ فِي الْعَادَةِ إلَى فِعْلِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: هُجُومِ نِعْمَةٍ، أَيْ حُصُولُهَا فِي وَقْتٍ لَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَهَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَرَقَّبُهَا، اهـ. فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْهُجُومِ وَالتَّرَقُّبِ؛ لِأَنَّ التَّرَقُّبَ فِي أَيِّ زَمَانٍ كَانَ. (قَوْلُهُ: كَحُدُوثِ وَلَدٍ) وَلَوْ مَيِّتًا أَيْ إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ) أَيْ: حَلَالٍ م ر ع ش.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ: هُجُومِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَبُولَ تَوْبَةِ سَيِّدِنَا دَاوُد نِعْمَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ فَلَعَلَّ السُّجُودَ لَهَا مُسْتَثْنًى وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، أَيْ فَكَانَ تَذَكُّرُ التَّوْبَةِ بِقِرَاءَةِ الْآيَةِ حُدُوثًا لِلنِّعْمَةِ يَتَجَدَّدُ كُلَّ وَقْتٍ، فَلَا اسْتِثْنَاءَ سم بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: نِعْمَةٍ أَيْ أَوْ هُجُومِ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، اهـ. حَجّ وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: أَوْ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ أَيْ عَنْهُ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ أَوْ عَنْ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ يَتَوَقَّعُهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمُتَعَلِّقِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ.

(قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ الْبَاطِنَتَيْنِ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النِّعَمَ الْبَاطِنَةَ كَالظَّاهِرَةِ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَقْعٌ م ر. (قَوْلُهُ: كَالْمَعْرِفَةِ) أَيْ لِلَّهِ وَهَذَا مِثَالٌ لِحُدُوثِ النِّعْمَةِ الْبَاطِنَةِ، وَمَا بَعْدَهُ مِثَالٌ لِانْدِفَاعِ النِّقْمَةِ الْبَاطِنَةِ، اهـ.

(قَوْلُهُ: وَسَتْرِ الْمَسَاوِئِ) أَيْ: عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ السُّجُودَ لِحُدُوثِ الْمَعْرِفَةِ، وَحُدُوثِ سَتْرِ الْمَسَاوِئِ أَوْلَى مِنْ السُّجُودِ لِحُدُوثِ كَثِيرٍ مِنْ النِّعَمِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ احْتِرَازًا عَمَّا لَا وَقْعَ لَهُ، كَحُدُوثِ فَلَسٍ، وَعَنْ عَدَمِ رُؤْيَةِ عَدُوٍّ، لَا ضَرَرَ فِيهَا وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّعْمَةُ لَهَا وَقْعٌ، اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى أَوْ فَاسِقٍ) الْمُرَادُ بِرُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ أَوْ ظَنِّهِ بِنَحْوِ سَمَاعِ كَلَامِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَكَرُّرُ السُّجُودِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِيمَنْ هُوَ سَاكِنٌ بِإِزَائِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِهِ كَذَلِكَ، إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ أَهَمُّ مِنْهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ، اهـ. حَجّ. (قَوْلُهُ: مُبْتَلًى) بِفَتْحِ اللَّامِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ قَالَ ع ش: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ، وَهُوَ قَرِيبٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِقٍ) مِثْلُهُ الْكَافِرُ م ر بَلْ مِثْلُهُ الْعَاصِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا كَمُرْتَكِبِ الصَّغِيرَةِ مِنْ غَيْرِ إصْرَارٍ، فَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: مُعْلِنٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ ز ي لَكِنْ اعْتَبَرَهُ م ر وَعِ ش سَلَّمَهُ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فَمُقْتَضَاهُمَا أَنَّهُ قَيْدٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ أَشَدُّ) أَيْ: وَقَدْ أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا بِرُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى، فَعَلَى السَّلَامَةِ مِنْ مُصِيبَةِ الدِّينِ بِرُؤْيَةِ الْفَاسِقِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُمَا)

ص: 273