الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَبَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَلَا بَأْس بِإِعْلَامٍ بِمَوْتِهِ) لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهَا لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَالَ فِي إنْسَانٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَيْ يَكْنُسُهُ فَمَاتَ فَدُفِنَ لَيْلًا: أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ:«مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي» وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ إذَا قَصَدَ الْإِعْلَامَ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ (بِخِلَافِ نَعِيِّ الْجَاهِلِيَّةِ) وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ وَذِكْرِ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ النَّعْيِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْمُرَادُ نَعِيُّ الْجَاهِلِيَّة.
(فَصْلٌ) .
فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ
(يُكَفَّنُ) بَعْدَ غُسْلِهِ (بِمَا لَهُ لُبْسُهُ) حَيًّا مِنْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرُهُ فَيَحِلُّ تَكْفِينُ أُنْثَى بِحَرِيرٍ وَمُزَعْفَرٍ وَمُعَصْفَرٍ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى إذَا وُجِدَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَنْ يَحْمِلُهُ التَّقْبِيلُ عَلَى جَزَعٍ أَوْ سُخْطٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ وَإِلَّا حَرُمَ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْإِيعَابِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَانْتِفَاءِ الْمُرُودَةِ، أَوْ يَكُونُ ثَمَّ نَحْوُ مَحْرَمِيَّةٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم) إنَّمَا قَدَّمَ حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ عَلَى حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ مَعَ أَنَّ حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحَدِيثَ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه ح ف. (قَوْلُهُ: قَبَّلَ عُثْمَانَ) أَيْ: وَجْهَهُ لِيُطَابِقَ الْمُدَّعَى لِأَنَّ التَّقْبِيلَ شَامِلٌ لِتَقْبِيلِ يَدِهِ وَتَقْبِيلِ رَأْسِهِ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي قَبَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ح ف وح ل.
(قَوْلُهُ: ابْنَ مَظْعُونٍ) وَكَانَ أَخَاهُ مِنْ الرَّضَاعِ انْتَهَى ع ش.
(قَوْلُهُ: لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهَا) مِنْ دُعَاءٍ وَتَرَحُّمٍ وَمُحَالَلَةٍ أَيْ: بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ غِيبَةٍ ح ف وح ل. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي إنْسَانٍ) وَتَرَدَّدَ فِي الْبُخَارِيِّ هَلْ هَذَا الْإِنْسَانُ كَانَ رَجُلًا أَوْ أُنْثَى وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ كَانَ جَارِيَةً سَوْدَاءَ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: آذَنْتُمُونِي) بِالْمَدِّ أَيْ: أَعْلَمْتُمُونِي كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ) وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ حَيْثُ كَانَ قَصْدُهُ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ تَرْغِيبَ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَا التَّفَاخُرَ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَعِيِّ الْجَاهِلِيَّةِ النِّدَاءُ بِذِكْرِ الْمَآثِرِ وَالْمَفَاخِرِ لِأَجْلِ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ ح ل مَعَ تَغْيِيرٍ، وَنَعِيُّ الْجَاهِلِيَّةِ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ مَصْدَرُ نَعَاهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ النِّدَاءُ إلَخْ) صَرِيحٌ هَذَا أَنَّ النَّعِيَّ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: إنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ، وَضَمُّ مَا بَعْدَهُ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ بِرْمَاوِيٌّ، وَالْمَآثِرُ ذِكْرُ أَوْصَافِهِ وَالْمَفَاخِرُ ذِكْرُ نَسَبِهِ أَوْ أَوْصَافِ آبَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ) أَيْ: تَفَاخُرًا وَتَعَاظُمًا وَقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ نَعِيُّ الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ: النِّدَاءُ بِذِكْرِ الْمَآثِرِ وَالْمَفَاخِرِ لِأَجْلِ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ ح ل وَقَوْلُهُ: تَفَاخُرًا وَتَعَاظُمًا لَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ وَذَلِكَ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَفَاخِرِ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ فَهُوَ النَّدْبُ الْمُحَرَّمُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَكَلَامِ ح ل نَفْسِهِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي النَّعِيِّ الْمَكْرُوهِ فَلَعَلَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ مَا لَمْ يَكُنْ تَفَاخُرًا وَتَعَاظُمًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ شَيْخُنَا وَقَالَ: بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: وَذِكْرُ مَآثِرِهِ أَيْ بِغَيْرِ صِيغَةِ نُدْبَةٍ فَلَا يُنَافِي تَحْرِيمَ النَّدْبِ الْآتِيَ لِأَنَّهُ ذِكْرُ الْمَحَاسِنِ مَعَ صِيغَةِ نُدْبَةٍ كَوَاكَهْفَاهُ، وَالْمَآثِرُ جَمْعُ مَأْثَرَةٍ بِالْفَتْحِ وَهِيَ الْمَكْرُمَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ: إذَا كَانَ صَادِقًا فِيمَا يَقُولُهُ أَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِهِ مِنْ الْمُعْلِمِ بِمَوْتِهِ بِالْأَوْصَافِ الْكَاذِبَةِ فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ ع ش.
[فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ]
(فَصْلٌ: فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ) أَيْ: كَيْفِيَّتِهِ وَمَا يُكَفَّنُ بِهِ وَحَمْلِهِ أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ وَمُحَلُّ تَجْهِيزِهِ تَرِكَةٌ وَكَقَوْلِهِ وَالْمَشْيُ وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا أَفْضَلُ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ غُسْلِهِ) أَيْ: طُهْرِهِ فَيَشْمَلُ التَّيَمُّمَ فَالتَّعْبِيرُ بِالْغُسْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. قَالَ: ع ش عَلَى م ر مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كُفِّنَ قَبْلَ طُهْرِهِ ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَكِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ وَيَحْتَمِلُ كَوْنُهُ بَعْدَ طُهْرِهِ أَوْلَى فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ لُبْسُهُ) أَيْ: مِمَّا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ لَا لِحَاجَةٍ فَلَا يُكَفَّنُ بِالْحَرِيرِ مَنْ لَبِسَهُ لِحَكَّةٍ أَوْ قَمْلٍ بِخِلَافِ مَنْ لَبِسَهُ لِضَرُورَةِ الْقِتَالِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِهِ م ر. وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى الْجِلْدِ وَهُوَ عَلَى الْحَشِيشِ وَهُوَ عَلَى الطِّينِ، وَكُلُّ كَفَنٍ نَقَصَ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ تُمِّمَ مِمَّا بَعْدَهُ وَيُكَفَّنُ بِالنَّجِسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَارِيًّا إنْ لَمْ يُوجَدْ نَحْوُ طِينٍ وَسِتْرُ التَّابُوتِ كَالتَّكْفِينِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَنَقَلَ ح ل عَنْ شَيْخِهِ تَقْدِيمَ الْحِنَّاءِ الْمَعْجُونَةِ عَلَى الطِّينِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّجُلِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَجُوزُ تَكْفِينُهُمَا فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا فِي الْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ فَمُسَلَّمٌ وَأَمَّا فِي الْمُعَصْفَرِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَرَاهَتُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ الْبَيْهَقِيَّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الشَّهِيدُ إذَا لَبِسَ الْحَرِيرَ لِحَكَّةٍ أَوْ جَرَبٍ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُكَفَّنُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الشَّهِيدِ إذَا لَبِسَ.
غَيْرُهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ، أَوْ مُتَوَسِّطًا فَمِنْ مُتَوَسِّطِهَا أَوْ مُقِلًّا فَمِنْ خَشِنِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ تَكْفِينِ الصَّبِيِّ بِالْحَرِيرِ وَجَوَازُ التَّكْفِينِ بِالْمُتَنَجِّسِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَنْعُ الثَّانِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاهِرِ وَإِنْ جَوَّزْنَا لُبْسَهُ لِلْحَيِّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا. (وَكُرِهَ مُغَالَاةٌ فِيهِ) لِخَبَرِ «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَ) كُرِهَ (لِأُنْثَى نَحْوُ مُعَصْفَرٍ) مِنْ حَرِيرٍ وَمُزَعْفَرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَرِيرَ لِحَكَّةٍ أَوْ جَرَبٍ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ لِانْتِهَاءِ حَاجَتِهِ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَخْلُفْهَا شَيْءٌ آخَرُ بِخِلَافِ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ وَإِنْ انْتَهَتْ حَاجَتُهُ بِمَوْتِهِ لَكِنْ خَلَفَهَا شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ اسْتِحْبَابُ تَكْفِينِهِ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِالطِّينِ عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلَوْ حَشِيشًا وَإِنْ اكْتَفَى بِهِ فِي الْحَيَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ ح ل وَمَا يَقَعُ مِنْ جَعْلِ الْحِنَّاءِ فِي يَدَيْ الْمَيِّتِ وَرِجْلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ وَيُكْرَهُ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَقَالَ الْعَنَانِيُّ قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ أَيْ: وُجُوبًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَكْفِينُهُ فِي غَيْرِ اللَّائِقِ بِهِ لِأَنَّهُ إزْرَاءٌ بِهِ وَهُوَ حَرَامٌ قَالَهُ الشَّيْخُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا هُوَ أَظْهَرُ فِي خِلَافِهِ وَلَا وَجْهَ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ) وَإِنْ كَانَ مُقَتِّرًا عَلَى نَفْسِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمُفْلِسِ بِأَنَّ ذَاكَ يُنَاسِبُهُ إلْحَاقُ الْعَارِ بِهِ الَّذِي رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ لَعَلَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ ح ل (قَوْلُهُ: فَمِنْ خَشِنِهَا) أَيْ: قَلِيلِ الْقِيمَةِ أَيْ: وَإِنْ اعْتَادَ الْجِيَادَ فِي حَيَاتِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: تَكْفِينِ الصَّبِيِّ) أَيْ: وَالْمَجْنُونِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مُنِعَ الثَّانِي مَعَ الْقُدْرَةِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاهِرِ أَيْ: وَلَوْ حَرِيرًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَمَا قَالَهُ سم وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الطَّاهِرِ كُفِّنَ بِالْمُتَنَجِّسِ وَيُنْزَعُ مِنْهُ حَالَ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ مُغَالَاةٌ فِيهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ غَائِبًا أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُفْلِسًا حَرُمَتْ الْمُغَالَاةُ مِنْ التَّرِكَةِ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ فَعَلَيْهِ غُرْمُ حِصَّةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ قَالَ: أَخْرِجُوا الْمَيِّتَ مِنْ الْقَبْرِ وَخُذُوهُ أَيْ: الْكَفَنَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مُرْتَفِعِ الْقِيمَةِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ حَتَّى جَازَ النَّبْشُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؟ قُلْت الزِّيَادَةُ فِي الثَّانِي أَصْلٌ مُتَمَيِّزَةٌ فِي نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى فَهِيَ تَابِعَةٌ وَغَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُغَالَاةِ عَنْ تَحْسِينِهِ فِي بَيَاضِهِ وَنَظَافَتِهِ وَسُبُوغَتِهِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» أَيْ: يَتَّخِذُهُ أَبْيَضَ نَظِيفًا سَابِغًا وَلِخَبَرِ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ بِهَا فِي قُبُورِهِمْ» فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِمْرَارُ الْأَكْفَانِ حَالَ تَزَاوُرِهِمْ، وَقَدْ يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا كَتَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَزَاوَرُوا يَكُونُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي دُفِنُوا بِهَا وَأُمُورُ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا ع ش عَلَى م ر.
وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمَوْتَى تَتَبَاهَى بِأَكْفَانِهِمْ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُبَاهَاةَ إمَّا قَبْلَ الْبِلَى أَوْ بَعْدَ إعَادَتِهَا فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهَا تَعُودُ لَهُمْ بَعْدَ قِيَامِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ ثُمَّ تُسْلَبُ عَنْهُمْ عِنْدَ الْمَحْشَرِ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ س ل وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ وَدَفْنُهَا فِي ثِيَابِهَا الْمُثَمَّنَةِ وَلَوْ بِمَا يُسَاوِي أُلُوفًا مِنْ الذَّهَبِ كَالْبِشْتِ الْمُزَرْكَشِ بِالذَّهَبِ وَفِي صِيغَتِهَا كَذَلِكَ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ جِهَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ وَهُوَ هُنَا إكْرَامُ الْمَيِّتِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمَوْتَى تَتَبَاهَى بِأَكْفَانِهِمْ وَأَيْضًا فَفِي هَذَا تَسْكِينٌ لِلْحُزْنِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَثَلًا إذَا رَأَتْ مَتَاعَ بِنْتِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا يَشْتَدُّ حُزْنُهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ قَاصِرٌ وَأَنْ تَتَّفِقَ الْوَرَثَةُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْلَبُ) أَيْ: يَبْلَى فِي الْقَبْرِ كَمَا تَبْلَى الْأَجْسَادُ فَإِذَا أُعِيدَتْ الْأَجْسَادُ عَادَتْ الْأَكْفَانُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْقُبُورِ وَالذَّهَابِ إلَى الْمَحْشَرِ فَيَحْصُلُ التَّبَاهِي بِالْأَكْفَانِ فَإِذَا وَصَلُوا إلَى الْمَحْشَرِ تَسَاقَطَتْ الْأَكْفَانُ وَحُشِرُوا حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا أَيْ: غَيْرَ مَخْتُونِينَ ثُمَّ عِنْدَ السَّوْقِ إلَى الْجَنَّةِ يُكْسَوْنَ بِحُلَلِ الْجَنَّةِ وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى.
وَالتَّقْيِيدُ بِالْأُنْثَى مَعَ ذِكْرِ نَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْكَفَنِ (ثَوْبٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) كَالْحَيِّ فَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِالذُّكُورَةِ وَغَيْرِهَا (وَلَوْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِهِ) لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ الْآتِي ذِكْرُهُ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ بِمَثَابَةِ مَا يُجَمَّلُ بِهِ الْحَيُّ فَلَهُ مَنْعُهُ، فَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ كُفِّنَ بِسَاتِرِهَا لَا بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُ كُلِّ الْبَدَنِ لَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ سَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ يُكَفَّنُ بِهِ وَالْغُرَمَاءُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءُ وَلَمْ يُسْقِطْهُ عَلَى أَنَّ فِي هَذَا الِاتِّفَاقِ نِزَاعًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعَ مَا يُصْرَفُ فِي الْمُسْتَحَبِّ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذُكِرَ وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي تَكْفِينِهِ بِثَوْبٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوَاتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ. (وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عليه الصلاة والسلام كَمَا فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ ز ي بِتَصَرُّفٍ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْكَفَنِ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ ح ل. (تَنْبِيهٌ) .
حُكْمُ الذِّمِّيِّ فِي الْكَفَنِ حُكْمُ الْمُسْلِمِ حَتَّى لَوْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا أَيْ: حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا وَصِيَّةَ بِإِسْقَاطِ شَيْءٍ مِنْهَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا سُتِرَتْ الْعَوْرَةُ سَقَطَ الْحَرَجُ حِينَئِذٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبَقِيَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِالْوَرَثَةِ إنْ كَانَ هُنَاكَ تَرِكَةٌ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَمَحَلُّهُ إنْ كُفِّنَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْهَا وَهُنَاكَ دَيْنٌ وَلَمْ تُجِزْ الْغُرَمَاءُ وَإِلَّا وَجَبَ ثَلَاثٌ ز ي (قَوْلُهُ: بِالذُّكُورَةِ إلَخْ) أَيْ: لَا بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ بَدَنَهَا إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ وَوُجُوبِ سَتْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَيْسَ لِكَوْنِهِمَا عَوْرَةً بَلْ لِكَوْنِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا يُوقِعُ فِي الْفِتْنَةِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِيصَائِهِ وَقَوْلُهُ: لَا بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ أَيْ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ الْحَرَجُ عَنْ الْوَرَثَةِ كَبَاقِي الْأُمَّةِ عَلَى كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْ: الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ إذْ أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا أَنَّ أَقَلَّ الْكَفَنِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ أَوْصَى بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ مَحْضَ حَقِّ الْمَيِّتِ بَلْ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا فَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهُ كَمَا أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ ح ل وم ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ: فَقَطْ وَلَا حَقَّ لِلْمَيِّتِ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَقَطْ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا عَلَى طَرِيقَتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْمَيِّتِ مَعًا م ر (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْعَوْرَةِ مَنْدُوبٌ أَيْ: وَالْقَاعِدَةُ إجَابَةُ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ وَكُلٌّ مِنْ الْمَبْنِيِّ وَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَجَابَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ إلَخْ وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يُعْقَلُ إلَّا بِمُلَاحَظَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فَجَعْلُهُمَا جَوَابَيْنِ فِيهِ تَسَمُّحٌ قَالَ: اط ف وَغَرَضُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ تَأْيِيدُ طَرِيقَتِهِ مِنْ وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ فِي التَّكْفِينِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِكَوْنِهِ) أَيْ: سَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ أَيْ: لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ أَيْ: مُتَمَحَّضًا لَحِقَهُ عِنْدَ الشَّارِحِ وَيَتَوَقَّفُ سُقُوطُهُ عَلَى إسْقَاطِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ لِكَوْنِهِ مَحْضَ حَقِّهِ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ حَقُّهُ لَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِيضَاحُ هَذَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ صَارَ بِمَثَابَةِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَاجِبٌ لِحَقِّهِ وَلِلْغُرَمَاءِ مَنْعُهُمَا فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُمْ مَنْعَ هَذَا أَيْضًا فَيُقَالُ فِي جَوَابِهِ هُوَ مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ ح ل (قَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى) أَيْ: مِنْ قَاعِدَةِ إجَابَةِ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ وَهَذَا مِنْهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْدُوبِ سَاتِرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ فَتُجَابُ فِيهِ الْوَرَثَةُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: وَإِلَّا يَكُنْ مُسْتَثْنًى فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ يُنَافِي هَذَا الِاتِّفَاقَ الْمَفْرُوضَ صِحَّتُهُ تَأَمَّلْ، فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَأُقِيمَتْ عِلَّتُهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ: بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ أَيْ: وَلَوْ انْتَفَتْ وَصِيَّتُهُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ هُنَا لَيْسَتْ امْتِنَاعِيَّةً بَلْ هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَوْ لَمْ يُوصِ إلَى قَوْلِهِ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ بِمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْعِ الزَّائِدِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ أَيْ: فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ كَانَ وَأَجَازَتْ الْغُرَمَاءُ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَجَبَ ثَلَاثَةٌ وَإِلَّا وَجَبَ وَاحِدٌ فَقَطْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهِيَ أَوْضَحُ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ ثَلَاثَةٌ) إنْ قُلْت الثَّلَاثَةُ وَاجِبَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا.
وَلَوْ صَغِيرًا (ثَلَاثَةٌ) يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا الْبَدَنَ غَيْرَ رَأْسِ الْمُحْرِمِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» (وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ) كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ بِابْنٍ لَهُ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (وَ) أَكْمَلُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مِنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ خَمْسَةٌ. (إزَارٌ فَقَمِيصٌ فَخِمَارٌ فَلِفَافَتَانِ)«؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَفَّنَ فِيهَا ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْإِزَارُ وَالْمِئْزَرُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَالْخِمَارُ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ، وَلَيْسَتْ الْخَمْسَةُ فِي حَقِّ غَيْرِ الذَّكَرِ كَالثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ حَتَّى تُجْبَرَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا كَمَا تُجْبَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ فِي الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا سَرَفٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا لَمْ يَبْعُدْ وَبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ فِي الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمَنْ كُفِّنَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ لَفَائِفُ) بِوَصْفِهَا السَّابِقِ.
(وَسُنَّ) كَفَنٌ (أَبْيَضُ) لِخَبَرِ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَمَغْسُولٌ) لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ كَمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَأَنْ يَبْسُطَ أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعَهَا) إنْ تَفَاوَتَتْ حُسْنًا وَسَعَةً كَمَا يُظْهِرُ الْحَيُّ أَحْسَنَ ثِيَابه وَأَوْسَعَهَا (وَالْبَاقِي) مِنْ لِفَافَتَيْنِ أَوْ لِفَافَةٍ (فَوْقَهَا وَ) أَنْ (يُذَرَّ) بِمُعْجَمَةٍ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ اللَّفَائِفِ قَبْلَ وَضْعِ الْأُخْرَى عَلَيْهَا (وَ) عَلَى (الْمَيِّتِ حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَافُورُ، وَذَرِيرَةُ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْهَوَامَّ وَيَشُدُّ الْبَدَنَ وَيُقَوِّيَهُ، وَيُسَنُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ بِالْعُودِ أَوَّلًا (وَ) أَنْ (يُوضَعَ) الْمَيِّتُ (فَوْقَهَا) بِرِفْقٍ (مُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ (وَ) أَنْ (تُشَدَّ أَلْيَاهُ) بِخِرْقَةٍ بَعْدَ أَنْ يُدَسَّ بَيْنَهُمَا قُطْنٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ. (وَأَنْ يُجْعَلَ عَلَى مَنَافِذِهِ) كَعَيْنَيْهِ وَمَنْخَرَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَعَلَى مَسَاجِدِهِ كَجَبْهَتِهِ (قُطْنٌ) عَلَيْهِ حَنُوطٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذَكَرَ إلَخْ فَكَيْفَ يَجْعَلُهَا هُنَا أَكْمَلَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا أَكْمَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي نَفْسِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَتُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) أَيْ: أَوْ مَحْرَمًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يَمَانِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَيْ: مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ الْيَمِينِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) أَيْ: أَنَّهُمَا لَيْسَا فِي كَفَنِهِ أَصْلًا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ اج عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَرَضُوا بِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: فَلِفَافَتَانِ) لَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَفَائِفَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَفَائِفَ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الْخَمْسَةُ فِي حَقِّ غَيْرِ الذَّكَرِ كَالثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ) أَيْ: فَلَا تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا تَجُوزُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: حَتَّى تُجْبَرَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَمِنْ عِبَارَةِ م ر أَنَّ الْخَمْسَةَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَلَا تَجُوزُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَتُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رُشْدِهِمْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَرُمَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْوَرَثَةِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ لَا حُرْمَةَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَمْسَةِ لِأَنَّهُ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ إكْرَامُ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: بِوَصْفِهَا السَّابِقِ) أَيْ: يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا الْبَدَنَ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَبْيَضُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْأَبْيَضِ الْآنَ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِي التَّكْفِينِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَلَوْ أَوْصَى بِغَيْرِ الْأَبْيَضِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ لَا تُنَفَّذُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَمَغْسُولٌ) أَيْ: قَدِيمُ مَغْسُولٍ أَيْ: فَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ مَلْبُوسًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ (قَوْلُهُ: حُسْنًا وَسَعَةً) لَوْ تَعَارَضَا الْحُسْنُ وَالسَّعَةُ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الثَّانِي ع ش وس ل. (قَوْلُهُ: مِنْ لِفَافَتَيْنِ) أَيْ: فِي تَكْفِينِ الذَّكَرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِفَافَةٍ أَيْ: فِي تَكْفِينِ غَيْرِ الذَّكَرِ مِنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَنُوطِ أَيْ: فِي تَرْكِيبِهِ إذْ هُوَ شَيْءٌ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَغَيْرِهَا وَالْمُرَادُ بِذَرِيرَةِ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلِ بِنَوْعَيْهِ أَنْوَاعٌ مِنْ الطِّيبِ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْعُودِ أَوَّلًا) أَيْ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ع ش (قَوْلُهُ: مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ) وَتُجْعَلُ يَدَاهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ أَوْ يُرْسَلَانِ فِي جَنْبَيْهِ أَيُّهُمَا فَعَلَ فَحَسَنٌ أَيْ: فَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ جَعْلُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ أَفْضَلَ مِنْ إرْسَالِهِمَا بِأَنْ جَعَلَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ثَمَّ أَبْعَدُ عَنْ الْعَبَثِ بِهِمَا؛ وَلِمَا قِيلَ إنَّهُ إشَارَةٌ إلَى حِفْظِ الْإِيمَانِ وَالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا لَا يَتَأَتَّى هُنَا شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ تُشَدَّ أَلْيَاهُ) أَيْ: قَبْلَ لَفِّ اللَّفَائِفِ عَلَيْهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ عَلَى مَنَافِذِهِ قُطْنٌ) أَيْ: دَفْعًا لِلْهَوَامِّ وَعَنْ الْمَنَافِذِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى مَسَاجِدِهِ أَيْ: مَوَاضِعِ سُجُودِهِ إكْرَامًا لَهَا وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ. (قَوْلُهُ: كَجَبْهَتِهِ) أَيْ: وَأَنْفِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَبَاطِنِ كَفَّيْهِ وَأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ.
وَهَلْ يَشْمَلُ
وَتُلَفَّ عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ) بِأَنْ يَثْنِيَ أَوَّلًا الَّذِي يَلِي شِقَّهُ الْأَيْسَرَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَعْكِسَ ذَلِكَ وَيَجْمَعَ الْفَاضِلَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَكُونَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ (وَتُشَدَّ) اللَّفَائِفُ بِشِدَادٍ خَوْفَ الِانْتِشَارِ عِنْدَ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ (ثُمَّ يُحَلَّ الشِّدَادُ فِي الْقَبْرِ) إذْ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْبَسْطِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا عَدَا الْحَنُوطَ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَمَحَلُّ تَجْهِيزِهِ) مِنْ تَكْفِينٍ وَغَيْرِهِ (تَرِكَةٌ) لَهُ يَبْدَأُ بِهِ مِنْهَا لَكِنْ بَعْدَ الِابْتِدَاءِ بِحَقٍّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ (إلَّا زَوْجَةً وَخَادِمَهَا فَ) تَجْهِيزُهُمَا (عَلَى زَوْجٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الطِّفْلَ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ شَأْنِ النَّوْعِ وَانْظُرْ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِهِ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ سُجُودٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الشُّمُولُ لَهُمَا إكْرَامًا لِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ سم اط ف وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَتُلَفُّ عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ) هَلْ الْمُرَادُ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً؟ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْحُصُولُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَيُجْمَعُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا) أَيْ: فَيُتْرَكُ الشَّدُّ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ شَدًّا يَمْتَنِعُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ كَالْعَقْدِ إذْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُحْرِمِ مُطْلَقُ الشَّدِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَحْثِ الْإِحْرَامِ فَحَرِّرْهُ سم (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ) أَيْ: لِأَنَّ شَدَّهَا شَبِيهٌ بِعَقْدِ الْإِزَارِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحَلُّ الشِّدَادُ) أَيْ: تَفَاؤُلًا بِحِلِّ الشَّدَائِدِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَالْأَوْلَى بِحِلِّ الشِّدَادِ عَنْهُ هُوَ الَّذِي يُلْحِدُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً فَالْأَوْلَى أَنَّ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا النِّسَاءُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَأَنْ يُدْخِلَهُ الْقَبْرَ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَخْ اط ف.
(قَوْلُهُ: يَبْدَأُ بِهِ مِنْهَا) وَيُقَدَّمُ بِهِ مِنْهَا عَلَى مَالِ الْوَارِثِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ طَلَبَاهُ، نَعَمْ إنْ رَضِيَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِتَكْفِينِهِ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ إبْدَالُهُ وَيَلْزَمُهُمْ رَدُّهُ إنْ أَبْدَلُوهُ إلَّا إنْ عَلِمُوا جَوَازَهُ مِنْ دَافِعِهِ، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَجَبَ إبْدَالُهُ مِنْهَا أَوْ بَعْدَهَا فَكَذَلِكَ إنْ كُفِّنَ فِي دُونِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّ حَقَّهُ وَهُوَ الثَّلَاثُ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ النَّبْشِ لِلْكَفَنِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِسَتْرِهِ بِالتُّرَابِ فَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ أَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّ السَّارِقَ أَخَذَ الْكَفَنَ وَلَمْ يَطُمَّ التُّرَابَ أَوْ طَمَّهُ فَنَبَشَ لِغَرَضٍ آخَرَ فَرُئِيَ بِلَا كَفَنٍ حَجّ.
وَفَنَاءُ الْكَفَنِ كَسَرِقَتِهِ إنْ ظَهَرَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ فَلَوْ فُتِحَ قَبْرٌ فَوُجِدَ الْكَفَنُ قَدْ بَلِيَ وَجَبَ إبْدَالُهُ قَبْلَ سَدِّ الْقَبْرِ وَيَكْفِي وَضْعُهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ فِيهِ إنْ لَزِمَ عَلَى لَفِّهِ تَمَزُّقُ الْمَيِّتِ وَإِلَّا لُفَّ فِيهِ، وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبُعٌ مَثَلًا قَبْلَ بِلَى الْكَفَنِ عَادَ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَالَ حَجّ: وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبُعٌ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَنْوِ بِهِ رِفْقَهُمْ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَارِيَّةٌ لَازِمَةٌ أَيْ: فَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ اهـ. وَلَعَلَّ كَلَامَ ق ل مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِهِ الْإِرْفَاقَ بِهِمْ (قَوْلُهُ: إلَّا زَوْجَةً إلَخْ) وَبَحَثَ جَمْعٌ أَنَّهُ يَكْفِي مَلْبُوسٌ فِيهِ قُوَّةٌ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَدِيدِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إجْزَاءُ قَوِيٍّ يُقَارِبُ الْجَدِيدَ بَلْ إطْلَاقُهُمْ أَوْلَوِيَّةَ الْمَغْسُولِ عَلَى الْجَدِيدِ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ، وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْكَفَنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا لِلزَّوْجَةِ مُعَاوَضَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَهِيَ فِيهَا إنَّمَا يَجِبُ لَهَا فِي الْجَدِيدِ بِخِلَافِ كِسْوَةِ الْقَرِيبِ لَا يَجِبُ فِيهَا جَدِيدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ: إنَّ مَنْ لَزِمَهُ تَكْفِينُ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِنَّهَا إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ وَأَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَى الْمُعْسِرِ وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الزَّوْجِ دُونَهَا بِخِلَافِ الْحَيَاةِ فِي الْكُلِّ حَجّ وَقَوْلُهُ: وَإِمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ أَيْ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُتَعَذِّرٌ وَتَمْلِيكُ الْوَرَثَةِ لَا يَجِبُ فَتَعَيَّنَ الْإِمْتَاعُ وَمَا هُوَ إمْتَاعٌ لَا يَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهِ إمْتَاعًا أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهَا سَبُعٌ مَثَلًا وَالْكَفَنُ بَاقٍ رَجَعَ لِلزَّوْجِ لَا لِلْوَرَثَةِ اهـ.
وَلَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ الْمُوسِرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَجَهَّزَ الزَّوْجَةَ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ إنْ فَعَلُوهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ كَفَى الْمُجَهِّزَ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّهُ جَهَّزَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ شَرْحُ م ر وَمِثْلُ غَيْبَةِ الزَّوْجِ غَيْبَةُ الْقَرِيبِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمَيِّتِ فَكَفَّنَهُ شَخْصٌ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَخَادِمَهَا) أَيْ: الْمَمْلُوكَ لَهَا فَإِنْ كَانَ مُكْتَرًى لَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ تَجْهِيزُهُ إلَّا إنْ كَانَ مُكْتَرًى بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا شَخْصٌ تَجِبُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَلَيْسَ قَرِيبًا وَلَا زَوْجَةً وَلَوْ مَمْلُوكًا ح ل وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَخَادِمُهَا مَعًا، وَلَمْ يَجِدْ إلَّا تَجْهِيزَ أَحَدِهِمَا فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ مَنْ خُشِيَ مِنْ فَسَادِهِ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمَتْبُوعَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى زَوْجٍ) خَرَجَ بِالزَّوْجِ ابْنُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا فِي الْحَيَاةِ حَجّ.
غَنِيٍّ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا) بِخِلَافِ الْفَقِيرِ وَمَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُمَا لِنُشُوزٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَكَالزَّوْجَةِ الْبَائِنِ الْحَامِلُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْغَنِيِّ مَعَ ذِكْرِ الْخَادِمِ مِنْ زِيَادَتِي. (فَ) إنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ وَلَا زَوْجٌ غَنِيٌّ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فَتَجْهِيزُهُ (عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) حَيًّا فِي الْجُمْلَةِ (مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ) لِلْمَيِّتِ سَوَاءٌ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ وَالْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ لِانْفِسَاخِ كِتَابَتِهِ بِمَوْتِهِ (فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَتَجْهِيزُهُ عَلَى (بَيْتِ الْمَالِ) كَنَفَقَتِهِ فِي الْحَيَاةِ (فَ) إنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَهُوَ عَلَى (مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ) وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّكْفِينُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ، وَكَذَا إذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَى التَّكْفِينِ أَوْ مَنَعَ الْغُرَمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُونَ ذَلِكَ، وَذِكْرُ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالتَّجْهِيزِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّكْفِينِ
(وَحَمْلُ جِنَازَةٍ) بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ (بِأَنْ يَضَعَهُمَا) رَجُلٌ (عَلَى عَاتِقَيْهِ) وَرَأْسَهُ بَيْنَهُمَا (وَيَحْمِلَ الْمُؤَخَّرَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ إذْ لَوْ تَوَسَّطَهُمَا وَاحِدٌ كَالْمُقَدَّمَيْنِ لَمْ يَرَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ (أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ) يَضَعُ أَحَدُهُمَا الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخَرُ عَكْسُهُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: غَنِيٌّ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الزَّوْجِ دُونَ الْمَرْأَةِ فَحَالُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ مُخَالِفٌ لِحَالِهَا فِي حَيَاتِهَا فِي هَذِهِ وَقَوْلُهُ: غَنِيٌّ وَلَوْ بِمَا خَصَّهُ مِنْ تَرِكَتِهَا، أَوْ بِمَالٍ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ وَالْمُرَادُ بِالْغِنَى غِنَى الْفِطْرَةِ بِأَنْ يَمْلِكَ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ يَصْرِفُهَا فِي التَّجْهِيزِ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِنُشُوزٍ) أَيْ: وَلَوْ حَامِلًا كَمَا فِي اط ف قَالَ: ح ل وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَقْطَعُ أَثَرَ النُّشُوزِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ كَصِغَرٍ لَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ الْوَطْءُ اهـ فَتَجْهِيزُهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مَنْ عَلَيْهَا نَفَقَتُهَا وَكَذَا إنْ أَعْسَرَ عَنْ تَجْهِيزِ الزَّوْجَةِ الْمُوسِرَةِ أَوْ عَنْ تَمَامِهِ جُهِّزَتْ أَوْ تَمَّمَ تَجْهِيزَهَا مِنْ مَالِهَا، وَهَلْ يَشْمَلُ الْقَرْنَاءَ وَالرَّتْقَاءَ وَالْمَرِيضَةَ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ نَفَقَةَ مَنْ ذَكَرَ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ صَرَّحَ بِهِ ع ش عَلَى م ر. وَلَوْ أَوْصَتْ بِأَنْ تُكَفَّنَ مِنْ مَالِهَا وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَتْ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ حَجّ أَيْ: فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، وَلَا يَجِبُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجَةِ إذَا كَفَّنَهَا الزَّوْجُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ع ن وز ي. (قَوْلُهُ: وَكَالزَّوْجَةِ الْبَائِنِ الْحَامِلُ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ وَمِثْلُهَا الرَّجْعِيَّةُ ح ل وَبِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِيُدْخِلَ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ وَالْمُكَاتَبَ فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَيِّتِ الَّذِي وَجَبَ تَجْهِيزُهُ عَلَى قَرِيبِهِ أَوْ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: وَالْكَبِيرُ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ مُكْتَسِبًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ م ر سم (قَوْلُهُ: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّوْبِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ الْمَوْقُوفِ وَالْحَرِيرِ ح ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَيُجَهَّزُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ ذِمِّيًّا اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَحْجُورِينَ فَعَلَى أَوْلِيَائِهِمْ الْإِخْرَاجُ سم، وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ مَنْ يَمْلِكُ كِفَايَةَ سَنَةٍ لِمُمَوِّنِهِ وَإِنْ طَلَبَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَوَاكَلُوا ع ش (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كُفِّنَ مِنْ مَالِ إلَخْ) وَمِنْ هَذَا الزَّوْجَةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ الْغَنِيِّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي تَكْفِينِهَا إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِنْ أَيْسَرَ بِالثَّلَاثَةِ وَلَا يَجِبُ بَقِيَّةُ الثَّلَاثَةِ فِي تَرِكَتِهَا، بَلْ يَجُوزُ دَفْنُهَا بِهَذَا الثَّوْبِ نَعَمْ لَوْ أَوْصَتْ بِالثَّوْبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ، وَاعْتِبَارُهَا مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَلَيْسَتْ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْكَفَنِ مُطْلَقًا بِالتَّرِكَةِ مَعَ وُجُودِ الزَّوْجِ الْمُوسِرِ. اهـ. م ر سم عَلَى حَجّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَيْسَرَ الزَّوْجُ بِبَعْضِ الثَّوْبِ أَوْ لَمْ يُوسِرْ بِشَيْءٍ تَجِبُ بَقِيَّةُ الثَّلَاثَةِ أَوْ كُلُّهَا فِي تَرِكَتِهَا إنْ كَانَتْ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِالتَّجْهِيزِ أَعَمُّ إلَخْ) أَيْ: لِشُمُولِهِ الْكَفَنَ وَالْغُسْلَ وَالْحَنُوطَ وَالْحَمْلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ الْأُمُورُ الْمُسْتَحَبَّةُ مِنْ نَحْوِ حَنُوطٍ وَسِدْرٍ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْأُمُورُ الْوَاجِبَةُ وَكَذَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ. اهـ. اط ف.
(قَوْلُهُ: وَحَمْلُ جِنَازَةٍ إلَخْ) وَلَيْسَ فِي الْحَمْلِ دَنَاءَةٌ وَلَا سُقُوطُ مُرُوءَةٍ بَلْ هُوَ بِرٌّ وَإِكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ فَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَضَعَهُمَا) أَيْ: الْمُقَدَّمَيْنِ وَقَوْلُهُ: عَلَى عَاتِقَيْهِ تَثْنِيَةُ عَاتِقٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَقِيلَ مُؤَنَّثٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ تَوَسَّطَهُمَا وَاحِدٌ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَ عَنْ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَأَدَّى إلَى تَنْكِيسِ رَأْسِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي ز ي (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّرْبِيعَ أَسْهَلُ عَلَى الْحَامِلَيْنِ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ الْآنَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ اخْتِلَافُ الْحَامِلِينَ مِنْ الْأَمَامِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَسْرَعَ مَشْيًا مِنْ الْآخَرِ أَوْ يَذْهَبَ أَحَدُهُمَا إلَى جِهَةِ
وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) يَحْمِلَانِ كَذَلِكَ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ» (وَلَا يَحْمِلُهَا) وَلَوْ أُنْثَى (إلَّا رِجَالٌ) لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْ حَمْلِهَا غَالِبًا وَقَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ لَوْ حَمَلْنَ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا وَفِي مَعْنَاهُنَّ الْخَنَاثَى فِيمَا يَظْهَرُ.
(وَحَرُمَ حَمْلُهَا بِهَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ أَوْ قُفَّةٍ (أَوْ) هَيْئَةٍ (يُخَافُ مِنْهَا سُقُوطُهَا) بَلْ تُحْمَلُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ قَبْلَ حُصُولِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ
(وَالْمَشْيُ وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا (أَفْضَلُ) مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْمَشْيِ بِغَيْرِ أَمَامِهَا وَبِبَعْدِهَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» وَرَوَى الْحَاكِمُ خَبَرَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الذَّهَابِ مَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْوَاوُ فِي وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَسُنَّ إسْرَاعٌ بِهَا) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْيَمِينِ وَالْآخَرُ جِهَةَ الشِّمَالِ فَيَحْصُلُ ضَرَرٌ لِلْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَمَلَ جِنَازَةَ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَاشَرَ حَمْلَهَا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَيَجُوزُ أَنَّهُ أَمَرَ بِحَمْلِهَا فَنُسِبَ إلَيْهِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف الثَّانِيَ، وَقَالَ: لَمْ يَثْبُتْ مُبَاشَرَتُهُ لِحَمْلِهَا بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) الَّذِي اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ لِمَوْتِهِ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
وَمَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ هَالِكِ
…
سَمِعْنَا بِهِ إلَّا لِسَعْدٍ أَبِي عَمْرِو
وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْجُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ» كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْمِلُهَا إلَّا رِجَالٌ) أَيْ: نَدْبًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا ح ل (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا) فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ حَمْلُهُنَّ م ر.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ حَمْلُهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِلذِّمِّيِّ وَجَزَمَ بِهِ سم (فَائِدَةٌ) .
سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّارُ عَنْ وُقُوفِ الْجِنَازَةِ وَرُجُوعِهَا فَقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَتَى كَثُرَتْ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ يَدَيْهَا رَجَعَتْ أَوْ وَقَفَتْ وَمَتَى كَثُرَتْ خَلْفَهَا أَسْرَعَتْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلَوْمِ النَّفْسِ لِلْجَسَدِ وَلَوْمِ الْجَسَدِ لِلنَّفْسِ يَخْتَلِفُ حَالُهَا تَارَةً تَتَقَدَّمُ وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهَا فِي حَالِ رُجُوعِهَا لِيُتِمَّ أَجَلَ بَقَائِهَا فِي الدُّنْيَا. وَسُئِلَ عَنْ خِفَّةِ الْجِنَازَةِ وَثِقَلِهَا فَقَالَ: إنْ خَفَّتْ فَصَاحِبُهَا شَهِيدٌ لِأَنَّ الشَّهِيدَ حَيٌّ وَالْحَيَّ أَخَفُّ مِنْ الْمَيِّتِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: 169] الْآيَةَ ع ش عَلَى م ر. وَفِيهِ أَنَّ الْآيَةَ فِي شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ وَالْجَوَابَ عَامٌّ اهـ اط ف.
(قَوْلُهُ: وَبِأَمَامِهَا) وَلَوْ لِلرَّاكِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ شَافِعٌ وَحَقُّ الشَّافِعِ التَّقَدُّمُ وَأَمَّا خَبَرُ «امْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» فَضَعِيفٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا) أَيْ: رُؤْيَةً كَامِلَةً قَالَ: حَجّ وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهَا بُعْدًا يَقْطَعُ عُرْفًا نِسْبَتَهُ إلَيْهَا. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ أَمَامَهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْمَشْيِ أَمَامَهَا مَعَ الْبُعْدِ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الرُّكُوبِ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ) بَلْ يُكْرَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَضَعْفٍ وَهَلْ مُجَرَّدُ الْمَنْصِبِ هُنَا عُذْرٌ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ أَوْ يُفَرَّقُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْفَرْقُ أَوْجَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ يَعُدُّونَ الْمَشْيَ هُنَا حَتَّى مِنْ ذَوِي الْمَنَاصِبِ تَوَاضُعًا وَامْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ فَلَا تَنْخَرِمُ بِهِ مُرُوءَتُهُمْ بَلْ تَزِيدُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَشْيُ لِرَدِّ الْمَبِيعِ حَجّ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا حَصَلَ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْمُتَابَعَةِ دُونَ كَمَالِهَا (قَوْلُهُ: وَرَوَى الْحَاكِمُ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْمَفْهُومِ الَّذِي أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَشْيِ بِغَيْرِ أَمَامِهَا بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الرَّاكِبَ يَسِيرُ خَلْفَهَا اط ف. (قَوْلُهُ: وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ الْمُدَّعَى كَوْنُ الْمَشْيِ أَمَامَهَا وَقُرْبَهَا وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْمَشْيِ عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا فَلَا مُطَابَقَةَ بَيْنَ الدَّلِيلِ وَالْمُدَّعَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَمَامِ مَا لَيْسَ بِخَلْفٍ فَيَشْمَلُ يَمِينَهَا وَشِمَالَهَا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِدْلَال عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ دَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْمَشْيِ وَكَوْنِهِ أَمَامَهَا، وَأَجَابَ شَيْخُنَا ح ف بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى الْمَفْضُولِ وَهُوَ كَوْنُهُ عَنْ يَمِينِهَا أَوْ شِمَالِهَا كَمَا دَلَّ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ) ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ تَمَامِ الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الذَّهَابِ إلَخْ) أَيْ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَأَى أُنَاسًا رَاكِبِينَ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَفَلَا تَسْتَحْيُونَ أَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» شَرْحُ م ر، وَكَلَامُ الْمَتْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ فِي وَبِأَمَامِهَا إلَخْ) أَيْ: لِإِفَادَتِهَا أَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ، وَالْحَاصِلُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَشْيَ وَلَوْ خَلْفَهَا أَوْ بَعِيدًا أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ وَلَوْ أَمَامَهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، وَأَنَّهُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا وَأَنَّهُ بِالْقُرْبِ مِنْهَا أَفْضَلُ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُقُوعِ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَتَأَمَّلْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: عَنْ رِقَابِكُمْ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنْ الرَّحْمَةِ فَلَا مَصْلَحَةَ لَكُمْ فِي مُصَاحَبَتِهَا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَرْكُ صُحْبَةِ