المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) في الاستسقاء - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌(فَرْعٌ) دُخَانُ النَّجَاسَةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابٌ الْأَذَان]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي) مُقْتَضَى (سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) .فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ

الفصل: ‌(باب) في الاستسقاء

لِتَعَرُّضِ صَلَاتِهِ لِلْفَوَاتِ بِالِانْجِلَاءِ (ثُمَّ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ مُتَعَرِّضًا لَهُ) أَيْ الْكُسُوفِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُ مَعَهَا فِي الْخُطْبَةِ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ (ثُمَّ يُصَلِّيهَا) أَيْ الْجُمُعَةَ وَإِنْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَوِتْرٌ قُدِّمَ الْكُسُوفُ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُ الْوِتْرِ أَيْضًا لِأَنَّهَا آكَدُ، أَوْ جِنَازَةٌ وَفَرْضٌ أَوْ عِيدٌ وَكُسُوفٌ فَكَالْكُسُوفِ مَعَ الْفَرْضِ فِيمَا مَرَّ. لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ بِالْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ وَالْقَصْدُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ مَعَ أَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْمَقْصُودِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ ذَلِكَ بِعَدَمِ صِحَّةِ السُّنَّتَيْنِ بِنِيَّةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ إذَا لَمْ تَتَدَاخَلَا، وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْجِنَازَةِ فِيمَا ذُكِرَ إذَا حَضَرَتْ وَحَضَرَ الْوَلِيُّ وَإِلَّا أَفْرَدَ الْإِمَامُ جَمَاعَةً يَنْتَظِرُونَهَا وَاشْتَغَلَ مَعَ الْبَاقِينَ بِغَيْرِهَا.

(دَرْسٌ)

(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

وَهُوَ لُغَةً طَلَبُ السُّقْيَا وَشَرْعًا طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ مِنْ اللَّهِ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهَا.

وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَدْنَاهَا الدُّعَاءُ وَأَوْسَطُهَا الدُّعَاءُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَفِي خُطْبَةِ جُمُعَةٍ وَنَحْوِهَا وَأَفْضَلُهَا مَا ذَكَرْتُهُ بِقَوْلِهِ (صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْخُطْبَةِ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِالِانْجِلَاءِ وَأَيْضًا فَقَوْلُهُمْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي تَحْرِيرِ الْعِرَاقِيِّ نَقْلًا عَنْ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ يُصَلِّي الْكُسُوفَ ثُمَّ الْفَرْضَ ثُمَّ يَخْطُبُ عَمِيرَةُ ز ي.

(قَوْلُهُ: مُتَعَرِّضًا لَهُ) أَيْ لِلْكُسُوفِ أَيْ لِمَا يُقَالُ فِي خُطْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُ مَعَهَا فِي الْخُطْبَةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ حِينَئِذٍ وَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ كَمَا قَالَهُ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ قَوْلُهُ: مُتَعَرِّضًا لَهُ أَيْ لِمَا يُقَالُ فِي خُطْبَتِهِ كَأَنْ يَقُولَ حَدِيثَ «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ» إلَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْخُطْبَةِ أَوْ فِي آخِرِهَا أَوْ خِلَالِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّض لَهُ أَصْلًا لَمْ تَكْفِ الْخُطْبَةُ عَنْهُ، وَيَحْتَرِزُ وُجُوبًا عَنْ التَّطْوِيلِ الْمُوجِب لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ أَيْ تَطْوِيلِ مَا يَتَعَرَّضُ بِهِ لِلْكُسُوفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ) أَيْ مَقْصُودٍ، قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَغُسْلَ الْجُمُعَةِ حَصَلَا مَعَ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْغُسْلَ لَمَّا كَانَ وَسِيلَةً لِغَيْرِهِ لَا مَقْصُودًا لِذَاتِهِ اُغْتُفِرَ التَّشْرِيكُ فِيهِ أَوْ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ مَعَ كَوْنِ أَظْهَرِ مَقَاصِدِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ التَّنْظِيفُ، وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ ضَمِّ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَاغْتُفِرَ ذَلِكَ فِيهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَوَتْرٌ) فِيهِ أَنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْوَتْرِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْكُسُوفَ عَلَى خُسُوفِ الْقَمَرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا خِيفَ فَوْتُ الْكُسُوفِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا آكَدُ) أَيْ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا ز ي وَهَلَّا قِيلَ بِآكَدِيَّةِ الْوَتْرِ أَيْضًا لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت ع ش قَالَ قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا آكَدُ وَوَجْهُهُ مَشْرُوعِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا وَإِنْ شُرِعَتْ فِي الْوَتْرِ فِي رَمَضَانَ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي السَّنَةِ (قَوْلُهُ: فَكَالْكُسُوفِ مَعَ الْفَرْضِ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الْفَرْضُ إنْ ضَاقَ وَقْتُهُ أَيْ وَلَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ وَإِنْ خِيفَ فَوْتُ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ شَرْحُ م ر وَيُقَدَّمُ الْعِيدُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ ضَاقَ وَقْتُهُ وَإِلَّا فَالْكُسُوفُ لِتَعَرُّضِ فَوَاتِهِ بِالِانْجِلَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا) أَيْ لِأَنَّ خُطْبَتَهُمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَصْدُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ) وَهُوَ الْوَعْظُ (قَوْلُهُ: تَابِعَانِ لِلْمَقْصُودِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرَاعِي الْعِيدَ فَيُكَبِّرُ فِي الْخُطْبَةِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ حِينَئِذٍ لَا يُنَافِي الْكُسُوفَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فِي خُطْبَتِهِ لَا أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ كَذَا ظَهَرَ وَوَافَقَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ز ي شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: اسْتِشْكَالُ ذَلِكَ) أَيْ قَصْدُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ بِخُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) فِي هَذَا دَفْعُ الْإِشْكَالِ أَيْضًا إذْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ فِي الْخُطْبَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ صَلَاةٍ تَأَمَّلْ.

[بَابٌ فِي الِاسْتِسْقَاءِ]

(بَابٌ: فِي الِاسْتِسْقَاءِ) يُقَالُ سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى وَيُقَالُ سَقَاهُ لِلْخَيْرِ قَالَ تَعَالَى {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21] وَقَالَ تَعَالَى {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] وَالْمُرَادُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ سَنِّ الْأَمْرِ بِالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ وَسَنِّ الْبُرُوزِ لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ وَالْغُسْلِ أَوْ التَّوَضُّؤِ فِي الْوَادِي إذَا سَالَ

وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّرْجَمَةِ لَفْظَ صَلَاةٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.

وَشُرِعَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ق ل (قَوْلُهُ: طَلَبُ السُّقْيَا) أَيْ مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ أَيْ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: طَلَبُ سُقِيَا الْعِبَادِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَالسُّقْيَا إعْطَاءُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) وَكُلُّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَوْ نَذَرَ الِاسْتِسْقَاءَ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ إلَّا بِالْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى الدُّعَاءِ بِنَوْعَيْهِ صَارَ كَالِاسْتِعْمَالِ الْمَهْجُورِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَدْنَاهَا الدُّعَاءُ) أَيْ الدُّعَاءُ بِنُزُولِ الْغَيْثِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: خَلْفَ الصَّلَوَاتِ) وَلَوْ نَافِلَةً (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) وَمَحَلُّ كَوْنِهَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً إنْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ الْإِمَامُ بِهَا وَإِلَّا وَجَبَتْ كَالصَّوْمِ وَيَظْهَرُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ وَلَمْ أَرَ مَنْ

ص: 437

وَلَوْ لِمُسَافِرٍ وَمُنْفَرِدٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (لِحَاجَةٍ) مِنْ انْقِطَاعِ الْمَاءِ أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي أَوْ مُلُوحَتِهِ (وَلِاسْتِزَادَةٍ) بِهَا نَفْعٌ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي بِخِلَافِ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا نَفْعَ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ انْقَطَعَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَاجَتْ إلَيْهِ فَيُسَنُّ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا أَنْ يَسْتَسْقُوا لَهُمْ وَيَسْأَلُوا الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ (وَتُكَرَّرُ) الصَّلَاةُ مَعَ الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (حَتَّى يُسْقَوْا) وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتُعَادُ ثَانِيًا وَثَالِثًا (فَإِنْ سُقُوا قَبْلَهَا اجْتَمَعُوا لِشُكْرٍ وَدُعَاءٍ وَصَلَّوْا) وَخَطَبَ بِهِمْ الْإِمَامُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِلْمَزِيدِ قَالَ تَعَالَى {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]

(وَسُنَّ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِصَوْمِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) مُتَتَابِعَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَعَرَّضَ لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِنِيَّةِ السَّبَبِ فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي عِبَارَةٍ الْجَزْمَ بِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَرَدَّهُ ح ف بِأَنَّهُ كَيْفَ لَا يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ مَعَ وُجُوبِهَا؟ وَاعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنْذُورَةِ وَعَلَى الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُسَافِرٍ وَمُنْفَرِدٍ) أَيْ وَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِمْ هُنَا لِطَلَبِ خُرُوجِهِمْ فِيمَا يَأْتِي أَوْ لِأَنَّ الْكَامِلِينَ هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالْأَصَالَةِ ق ل.

(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) هَذَا دَالٌّ عَلَى السُّنِّيَّةِ وَالصَّارِفُ لَهُ عَنْ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ انْقِطَاعِ الْمَاءِ) أَيْ تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ مِنْ أَجْلِ انْقِطَاعِ الْمَاءِ لَا بَيَانِيَّةٌ لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ لَيْسَ نَفْسَ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبُهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ قِلَّتِهِ) وَمِنْهُ قِلَّةُ النِّيلِ وَتَوَقُّفُ الْبَحْرِ أَيَّامَ زِيَادَتِهِ بَابِلِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُلُوحَتِهِ) وَأَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْمِيَاهُ كَانَتْ كُلُّهَا حُلْوَةً وَكَانَ الشَّجَرُ لَا شَوْكَ فِيهِ وَكَانَتْ الْوُحُوشُ تَجْتَمِعُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَتَأْنَسُ بِهِ فَلَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ مَلُحَتْ الْمِيَاهُ إلَّا مَا قَلَّ وَنَبَتَ الشَّوْكُ فِي الشَّجَرِ وَهَرَبَتْ الْوُحُوشُ مِنْ الْإِنْسَانِ وَقَالَتْ الَّذِي يَخُونُ أَخَاهُ لَا يُؤْمَنُ اهـ مَدَابِغِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي) قَدْ يُمْنَعُ زِيَادَةَ ذَلِكَ وَيُدَّعَى أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي بِهَا نَفْعٌ دَاخِلَةٌ فِي الْحَاجَةِ فَتَأَمَّلْ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي زِيَادَةٍ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا نَفْعٌ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ ضَرَرٌ أَوْ نَفْعٌ أَوْ لَا فَهِيَ عَلَى هَذَا مَحْضُ زِيَادَةٍ لِمَحْضِ الْفَائِدَةِ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَا ذَكَرَهُ) أَيْ قَوْلَهُ لِحَاجَةٍ وَقَوْلَهُ عَنْ طَائِفَةٍ أَيْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ بِدْعَةٍ أَوْ بَغْيٍ وَإِلَّا لَمْ تُسَنَّ لِئَلَّا يُظَنَّ حُسْنُ طَرِيقَتِهِمْ ح ل وَشَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: أَهْلَ بِدْعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكْفُرُوا بِهَا وَلَمْ يَفْسُقُوا بِهَا وَبَقِيَ مَا لَوْ احْتَاجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَهَلْ تَنْبَغِي إجَابَتُهُمْ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِمْ وَلَا يُتَوَهَّمُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِعْلَنَا ذَلِكَ لِحُسْنِ حَالِهِمْ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ مُحَقَّقٌ وَمَعْلُومٌ وَتُحْمَلُ إجَابَتُنَا لَهُمْ عَلَى الرَّحْمَةِ بِهِمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ مِنْ ذَوِي الرُّوحِ بِخِلَافِ الْفَسَقَةِ وَالْمُبْتَدِعَةِ ع ش (قَوْلُهُ: وَاحْتَاجَتْ إلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ الزِّيَادَةُ النَّافِعَةُ لَهُمْ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَسْقُوا لَهُمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ يَسْتَسْقُونَ بَعْدَ صَوْمٍ وَخُطْبَةٍ وَصَلَاةٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَتُكَرَّرُ) أَيْ مَعَ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهَا إنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْحَالُ وَإِلَّا صَلَّوْهَا بِلَا صَوْمٍ ز ي (قَوْلُهُ: حَتَّى يُسْقَوْا) لِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ فَإِنْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ خَرَجُوا مِنْ الْغَدِ صَائِمِينَ وَإِلَّا صَامُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَخْرُجُونَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَلَوْ سُقُوا قَبْلَ تَمَامِ الْأَيَّامِ أَتَمُّوهَا وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الِاسْتِزَادَةِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ ع ش وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَتُعَادُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَكُونُ الْفَاعِلُ لَهَا ثَانِيًا مَنْ فَعَلَهَا أَوَّلًا وَلَيْسَ مُرَادًا فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَعَمُّ وَأَوْلَى لَكَانَ أَوْضَحَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: اجْتَمَعُوا لِشُكْرٍ) أَيْ عَلَى تَعْجِيلِ مَا عَزَمُوا عَلَى طَلَبِهِ م ر وَقَوْلُهُ: وَدُعَاءٍ أَيْ بِالزِّيَادَةِ حَيْثُ كَانَتْ نَافِعَةً لَهُمْ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا إنْ لَمْ يَتَضَرَّرُوا بِالزِّيَادَةِ ح ل وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِسْقَاءِ حَيْثُ طُلِبَ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ السُّقْيَا مِنْ الشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ وَبَيْنَ الْكُسُوفِ حَيْثُ لَا تُطْلَبُ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ زَوَالِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ جَرَيَانِ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: شُكْرًا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّوْجِيهَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ الشُّكْرُ وَطَلَبُ الْمَزِيدِ أَوْ بِأَنَّ الْحَاجَةَ لِلسُّقْيَا أَشَدُّ اهـ سم كَذَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُسُوفِ حَيْثُ لَا يُصَلَّى لَهُ بَعْدَ الِانْجِلَاءِ أَنَّ مَا هُنَا حُصُولُ نِعْمَةٍ وَمَا هُنَاكَ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْحَاجَةَ لِلسُّقْيَا أَشَدُّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَصَلَّوْا) أَيْ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: شُكْرًا ز ي أَيْ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ تُفْعَلُ شُكْرًا لِلَّهِ وَعِبَارَةُ ع ش وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: شُكْرًا لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى فِعْلِهَا هُوَ الشُّكْرُ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ نَحْوَهُ الْقَاضِي الْعَامُّ الْوِلَايَةِ لَا نَحْوُ وَالِي الشَّوْكَةِ وَإِنَّ الْبِلَادَ الَّتِي لَا إمَامَ فِيهَا يُعْتَبَرُ ذُو الشَّوْكَةِ الْمُطَاعُ فِيهَا شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِصَوْمِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ يُتَّجَهَ لُزُومُ الصَّوْمِ أَيْضًا إذَا أَمَرَهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَإِذَا أَمَرَهُمْ

ص: 438

وَصَوْمُ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَاجِبٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ (وَبِبِرٍّ) كَصَدَقَةٍ وَتَوْبَةٍ؛؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ أَثَرًا فِي إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَفِي خَبَرٍ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ الصَّائِمَ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُ (وَبِخُرُوجِهِمْ إلَى صَحْرَاءَ) بِلَا عُذْرٍ (فِي) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) أَيْ مَهَنَةٍ (وَ) فِي (تَخَشُّعٍ) فِي مَشْيِهِمْ وَجُلُوسِهِمْ وَغَيْرِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (مُتَنَظِّفِينَ) بِالْمَاءِ وَالسِّوَاكِ وَقَطْعِ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ (وَبِإِخْرَاجِ صِبْيَانٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ فَسُقُوا قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الصَّوْمِ قَالَ م ر لَزِمَهُمْ صَوْمُ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ وَكَذَا لَوْ سُقُوا قَبْلَ الشُّرُوعِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ كَانَ لِأَمْرٍ وَقَدْ حَصَلَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَلَوْ صَامَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمَأْمُورِ بِهَا عَنْ نَذْرٍ عَلَيْهِ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ، وَمِثْلُهُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسُ اُكْتُفِيَ بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ م ر ز ي (قَوْلُهُ: وَصَوْمُ هَذِهِ الْأَيَّامِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى الْمُسَافِرِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهُوَ رُبَّمَا يَقْرُبُ إنْ أُرِيدَ بِالضَّرَرِ مَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَا مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ بِذَلِكَ لِطَاعَتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَذْلُ الطَّاعَةِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبِهِ وَلَوْ عَلَى النِّسَاءِ وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلزَّوْجِ الْمَنْعُ حِينَئِذٍ شَوْبَرِيٌّ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا فِي الْمَزِيدِ اهـ، وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَقْتَ أَمْرِ الْإِمَامِ ثُمَّ طَهُرَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الصَّوْمُ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ وَقْتَ أَمْرِ الْإِمَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْهِيَّهُ كَمَأْمُورِهِ فَيَمْتَنِعُ ارْتِكَابُهُ وَلَوْ مُبَاحًا، وَقَالَ ز ي وَلَا عِبْرَةَ بِأَمْرِ الْمُبَاحِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَلَوْ رَجَعَ الْإِمَامُ عَنْ أَمْرِهِ هَلْ يَسْقُطُ الْوُجُوبُ أَوْ لَا يَظْهَرُ الثَّانِي كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ) وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ وَالتَّعْيِينُ كَأَنْ يَقُولَ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ. اهـ. ح ل.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُسَافِرِ هُنَا وَبَيْنَهُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ بِأَنَّ الصَّوْمَ ثَمَّ يُتَدَارَكُ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَمْرُ الصَّبِيِّ بِالصَّوْمِ وَإِنْ أَطَاقَهُ. اهـ. حَجّ وَقَالَ سم: يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ إنْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِصَوْمِ الصِّبْيَانِ اهـ وَلَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّوْمِ بَعْدَ انْتِصَافِ شَعْبَانَ فَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ لِأَنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ صَوْمُهُ بَعْدَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ هُوَ الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُ ع ش وَلَوْ حَضَرَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ مُسَافِرًا فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ بَعْدَ أَمْرٍ الْإِمَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا الصَّوْمُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا حَالَ النِّدَاءِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَصَدَقَةٍ) وَهِيَ وَاجِبَةٌ بِأَمْرِ الْإِمَامِ لَكِنْ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ لَا مُطْلَقًا وَالْوَاجِبُ فِي التَّصَدُّقِ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْإِمَامُ قَدْرًا وَقَدْ زَادَ عَلَى مَا يَجِبُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ إنْ فَضَلَ ذَلِكَ الْقَدْرُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ ح ل. (قَوْلُهُ: إلَى صَحْرَاءَ) أَيْ وَلَوْ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ لِأَنَّهُمْ يُخْرِجُونَ الصِّبْيَانَ وَالْبَهَائِمَ وَالْمَسْجِدُ مُنَزَّهٌ عَنْهُمْ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ (قَوْلُهُ: فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مِهْنَةٍ أَيْ مَا يُلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ فِي وَقْتِ الْخِدْمَةِ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِحَالِهِمْ وَهُوَ يَوْمُ مَسْأَلَةٍ وَاسْتِكَانَةٍ وَبِهِ فَارَقَ الْعِيدَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَفِي تَخَشُّعٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى ثِيَابٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِذْلَةٍ كَمَا قِيلَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِصِفَتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّةِ عَطْفِهِ عَلَى بِذْلَةٍ أَيْضًا إذْ ثِيَابُ التَّخَشُّعِ غَيْرُ ثِيَابِ الْكِبْرِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ كَنَحْوِ طُولِ أَكْمَامِهَا وَأَذْيَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ ثِيَابَ عَمَلٍ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا أُمِرُوا بِإِظْهَارِ التَّخَشُّعِ فِي مَلْبُوسِهِمْ فَفِي ذَوَاتِهِمْ مِنْ بَابِ أَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر بِحُرُوفِهِ.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) كَالْوُقُوفِ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُكْرَهْ خُرُوجُهُمْ حُفَاةً مَكْشُوفَةً رُءُوسُهُمْ عَلَى الْأَوْجَهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ التَّوَاضُعِ وَيُكْرَهُ الْعُرْيُ وَسُنَّ لَهُمْ الْخُرُوجُ مِنْ طَرِيقٍ وَالرُّجُوع فِي أُخْرَى اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِإِخْرَاجِ صِبْيَانٍ) أَيْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزِينَ وَيُتَّجَهُ الْوُجُوبُ إذَا أَمَرَ الْإِمَامُ بِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ مُؤْنَةَ حَمْلِهِمْ فِي مَالِ الْوَلِيِّ كَمُؤْنَةِ حَجِّهِمْ بَلْ أَوْلَى حَجّ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ فِي مَالِ الصِّبْيَانِ وَاعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِهِ شَيْخُنَا م ر وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ الِاسْتِسْقَاءِ ضَرُورِيَّةٌ أَيْ وَتَعُودُ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي تَعْلِيمِ الْوَاجِبَاتِ وَفِيهِ أَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِهِمْ فَلَوْ قِيلَ إنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَانَ أَوْجَهَ. اهـ. ع ش وَقَالَ سم وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْقَوْمُ الَّذِينَ مِنْهُمْ الصِّبْيَانُ يَسْتَسْقُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فَالْمُؤْنَةُ فِي مَالِ الصِّبْيَانِ لِأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ وَإِنْ كَانُوا يَسْتَسْقُونَ لِغَيْرِهِمْ فَمُؤْنَةُ إخْرَاجِهِمْ فِي مَالِ الْوَلِيِّ الْمُخْرِجِ لَهُمْ اهـ

ص: 439

وَشُيُوخٍ وَغَيْرِ ذَوَاتِ هَيْئَاتٍ وَبَهَائِمَ) لِأَنَّهُمْ مُسْتَرْزِقُونَ وَلِخَبَرِ «وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ أَمْرِ الْإِمَامِ بِالصَّوْمِ وَالْبِرِّ وَبِأَمْرِهِ بِالْبَاقِي مَعَ ذِكْرِ مُتَنَظِّفِينَ وَغَيْرِ ذَوَاتِ هَيْئَاتٍ مِنْ زِيَادَتِي

(وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ ذِمَّةٍ حُضُورًا) لِأَنَّهُمْ مُسْتَرْزِقُونَ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ كَرَاهَتُهُ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا سَبَبًا لِلْقَحْطِ لِأَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ وَيُكْرَهُ أَمْرُهُمْ بِالْخُرُوجِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَا يَخْتَلِطُونَ بِنَا) فِي مُصَلَّانَا بَلْ يَتَمَيَّزُونَ عَنَّا فِي مَكَان لِذَلِكَ، إذْ قَدْ يَحِلُّ بِهِمْ عَذَابٌ بِكُفْرِهِمْ فَيُصِيبُنَا قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]

(وَهِيَ كَعِيدٍ) فِي أَنَّهَا رَكْعَتَانِ وَفِي التَّكْبِيرِ وَالْجَهْرِ وَخُطْبَتَيْهِ وَغَيْرِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (لَكِنَّهَا لَا تُوَقَّتُ) بِوَقْتِ عِيدٍ وَلَا غَيْرِهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ فَيُصَلِّيهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ؛؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ فَدَارَتْ مَعَ سَبَبِهَا

. (وَتُجْزِئُ الْخُطْبَتَانِ قَبْلَهَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَيُبَدِّلُ تَكْبِيرَهُمَا بِاسْتِغْفَارٍ) أَوَّلَهُمَا فَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ بَدَلَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَيُكْثِرُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ وَمِنْ قَوْلِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَشُيُوخٍ) بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِهَا كَمَا قُرِئَ بِهِمَا لِأَنَّهُمْ أَرَقُّ قَلْبًا (قَوْلُهُ: وَهَلْ تُرْزَقُونَ) هُوَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ أَيْ لَا تَرْزُقُونَ إلَخْ ع ش وَقَوْلُهُ: إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ أَيْ بِدُعَائِهِمْ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَوَاتِ هَيْئَاتٍ) أَيْ وَالْعَجَائِزِ غَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ بِخِلَافِ الشَّوَابِّ مُطْلَقًا وَالْعَجَائِزِ ذَوَاتُ الْهَيْئَاتِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَغَيْرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ حَلِيلِ ذَاتِ الْحَلِيلِ وَمِثْلُهَا الْعَبِيدُ بِإِذْنِ سَادَاتِهِمْ لَا الْمَجَانِينُ وَإِنْ أُمِنَ ضَرَرُهُمْ خِلَافًا لحج بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ مُسْتَرْزِقُونَ) بِكَسْرِ الزَّايِ بِرْمَاوِيٌّ

. (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ ذِمَّةٍ حُضُورًا) أَيْ لَا يُطْلَبُ الْمَنْعُ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَابِ أَوْ النَّدْبِ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ب وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ الْكُفَّارِ وَخُرُوجُهُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَيُمْنَعُونَ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزُوا عَنَّا اهـ فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّنَا وَحَقِّهِمْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجِيبُهُمْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ دُعَاءَ الْكَافِرِ مُجَابٌ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [الرعد: 14] فَالْمُرَادُ بِهِ الْعِبَادَةُ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ وَلَوْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَذْكَارِ إلَّا مَغْفِرَةَ ذَنْبِ الْكُفْرِ مَعَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَلِطُونَ بِنَا) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْ يُكْرَهُ تَمْكِينُنَا إيَّاهُمْ مِنْ احْتِلَاطِهِمْ بِنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ) أَيْ مَطْرُودُونَ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَهَذَا مِنْ اللَّعْنِ بِالْوَصْفِ وَهُوَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ اط ف (قَوْلُهُ: فِي مُصَلَّانَا) الْمُصَلَّى لَيْسَ قَيْدًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ غَيْرِهِ فَلَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى عُمُومِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمُصَلَّى وَغَيْرَهَا مِنْ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ فَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُصَلَّى؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاخْتِلَاطِ بِرْمَاوِيٌّ واط ف (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُمْ مَلْعُونُونَ وَقَوْلُهُ: إذْ قَدْ يَحِلُّ بِهِمْ عِلَّةٌ لِلْعَلِيَّةِ أَيْ لِكَوْنِهِ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ كَوْنُهُمْ مَلْعُونِينَ عِلَّةً فِي تَمْيِيزِهِمْ عَنَّا لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ بِهِمْ عَذَابٌ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فِي أَنَّهَا رَكْعَتَانِ) وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ م ر مِنْ جَوَازِ الزِّيَادَةِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ شَطَبَ عَلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: وَفِي التَّكْبِيرِ) فَيُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُبَدَّلُ ذَلِكَ بِالِاسْتِغْفَارِ كَذَا قَالَهُ ح ف وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ حَيْثُ أَبْدَلَ التَّكْبِيرَ فِيهِمَا دُونَ الصَّلَاةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخُطْبَةِ الْوَعْظُ وَالِاسْتِغْفَارُ يُنَاسِبُهُ (قَوْله وَخُطْبَتَيْهِ) أَيْ فِي الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ وَالشُّرُوطِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِغَيْرِ وَقْتِ الْعِيدِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ أَنَّ النَّفْيَ إذَا دَخَلَ عَلَى كَلَامٍ مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ كَانَ الْمَنْفِيُّ ذَلِكَ الْقَيْدَ غَالِبًا، وَالْقَيْدُ هُنَا هُوَ قَوْلُهُ: بِوَقْتِ الْعِيدِ فَيَكُونُ هُوَ الْمَنْفِيَّ وَالِاخْتِصَاصُ غَيْرُ مَنْفِيٍّ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِهَذَا الْقَيْدِ لِأَجْلِ الرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ كَمَا حَكَاهُ فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ) أَيْ وَلَوْ وَقْتِ كَرَاهَةٍ مَا لَمْ يَتَحَرَّ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ) وَهُوَ الْمَحَلُّ أَيْ الْجَدْبُ رَشِيدِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَتُجْزِئُ الْخُطْبَتَانِ قَبْلَهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا تُؤَقَّتُ فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ الِاسْتِدْرَاكِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَيُبَدِّلُ تَكْبِيرَهُمَا بِاسْتِغْفَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَيَكُونُ فِعْلُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَيُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ التَّقْدِيمُ مَأْخُوذًا مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ وَحَكَمْتُمْ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ التَّأْخِيرُ الَّذِي هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلُ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّبِيَّ فَعَلَ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَكِنْ فَعَلَ التَّأْخِيرَ أَكْثَرَ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ لِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى» لَكِنَّهُ فِي حَقِّنَا خِلَافُ الْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْخُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام اهـ قَالَ ع ش عَلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّ النَّبِيَّ خَطَبَ قَبْلَهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُبَدِّلُ تَكْبِيرَهُمَا بِاسْتِغْفَارٍ) هَذَا أَيْضًا مُسْتَثْنًى فَالْمُسْتَثْنَيَات ثَلَاثَةٌ فَيَفْتَتِحُ الْأُولَى بِتِسْعِ اسْتِغْفَارَاتٍ وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ لَا يُبَدِّلُهُ بَلْ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَالثَّانِيَةِ خَمْسًا كَالْعِيدِ فِيمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ بَلْ أَكْثَرُ

ص: 440

{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11]{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 12]

(وَيَقُولَ فِي) الْخُطْبَةِ (الْأُولَى: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا) أَيْ مَطَرًا (مُغِيثًا) أَيْ مَرَوِيًّا مُشْبِعًا (إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ: هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلِّلًا سَحًّا طَبَقًا دَائِمًا أَيْ إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ أَيْ الْمَطَرَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا أَيْ كَثِيرًا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَالْهَنِيءُ الطَّيِّبُ الَّذِي لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ، وَالْمَرِيءُ الْمَحْمُودُ الْعَاقِبَةُ، وَالْمَرِيعُ ذُو الرِّيعِ أَيْ النَّمَاءِ، وَالْغَدَقُ كَثِيرُ الْخَيْرِ، وَالْمُجَلِّلُ مَا يُجَلِّلُ الْأَرْضَ أَيْ يَعُمُّهَا كَجُلِّ الْفَرَسِ، وَالسُّحُّ شَدِيدُ الْوَقْعِ عَلَى الْأَرْضِ، وَالطَّبَقُ مَا يُطْبِقُ الْأَرْضَ فَيَصِيرُ كَالطَّبَقِ عَلَيْهَا (وَيَتَوَجَّهُ) لِلْقِبْلَةِ (مِنْ نَحْوِ ثُلُثِ) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ صَدْرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (وَحِينَئِذٍ يُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ سِرًّا وَجَهْرًا) قَالَ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] وَيَرْفَعُ الْحَاضِرُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الدُّعَاءِ مُشِيرِينَ بِظُهُورِ أَكُفَّهُمْ إلَى السَّمَاءِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَصْدَ رَفْعُ الْبَلَاءِ بِخِلَافِ الْقَاصِدِ حُصُولَ شَيْءٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيَجْعَلَ يَمِينَ رِدَائِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ فَعَلَهُ النَّاسُ فَمَا قَبْلَهُ مُسْتَثْنًى أَيْضًا تَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى) هَذَا مُسْتَأْنَفٌ لَا مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ أَسْقِنَا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى وَوَصْلِهَا مِنْ سَقَى فَقَدْ وَرَدَ الْمَاضِي ثُلَاثِيًّا وَرُبَاعِيًّا قَالَ تَعَالَى {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ} [الإنسان: 21] وَقَالَ تَعَالَى {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16](قَوْلُهُ: مُغِيثًا) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الَّذِي يُغِيثُ الْخَلْقَ وَيَرْوِيهِمْ وَيُشْبِعُهُمْ (قَوْلُهُ: مَرِيعًا) هُوَ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَبِالتَّحْتِيَّةِ مَا يَأْتِي بِالرِّيعِ وَالزِّيَادَة وَرُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ مَعَ ضَمَّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ يَكُونُ سَبَبًا فِي أَكَلَ الرَّبِيعِ مِنْ أَرْبَعَ الْبَعِيرُ إذَا أَكَلَ الرَّبِيعَ، وَبِالْفَوْقِيَّةِ مَعَهُمَا مِنْ أَرَتَعَتْ الْمَاشِيَةُ إذَا أَكَلَتْ مَا شَاءَتْ وَكُلٌّ مُنَاسِبٌ هُنَا اهـ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ الْغَرَضِ الشَّامِلِ لِلزِّيَادَةِ النَّافِعَةِ وَدَفَعَ قَوْلُهُ إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ مَا يُقَالُ رُبَّمَا كَانَ دَوَامُهُ مِنْ الْعَذَابِ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْقَانِطِينَ أَيْ الْآيِسِينَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الْمَطَرِ عَنَّا ح ف (قَوْلُهُ: أَيْ كَثِيرًا) وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَهُ بِكَثِيرِ الدَّرِّ أَيْ الصَّبّ (قَوْله أَيْ النَّمَاءِ) أَيْ الزِّيَادَةِ فِي نَفْسه أَيْ كَثِيرٍ فِي نَفْسه وَقَوْلُهُ كَثِيرُ الْخَيْرِ أَيْ مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ مِنْ نَبَات الزَّرْع وَالثِّمَار شَيْخنَا (قَوْله كَجُلِّ الْفَرَس) أَيْ الَّذِي يُوضَع عَلَى ظُهْرهَا تَحْت السَّرْج وَقَوْله شَدِيدُ الْوَقْعِ لِيَغُوصَ فِيهَا مَأْخُوذ مِنْ سَحَّ الْمَاء إذَا نَزَلَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَل وَيُقَال سَاحَ الْمَاء إذَا جَرَى عَلَى وَجْه الْأَرْض ح ل (قَوْله مَا يُطَبِّقُ الْأَرْض) بِضَمِّ التَّحْتِيَّة وَسُكُونِ الطَّاء وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ أَطْبَقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ طَبَق اهـ مُخْتَار اط ف قَالَ ع ش وَيَجُوز فِيهِ ضَمُّ أَوَّله وَتَشْدِيد الْبَاء كَمَا فِي الْقَامُوس فَفِي الْقَامُوس طَبَق الشَّيْء تَطْبِيقًا عَمَّ وَفِي الْمُخْتَار وَأَطْبَقَ الشَّيْء غَطَّاهُ (قَوْله كَالطَّبَقِ) أَيْ يَصِير عَلَى الْأَرْض كَطَبَقَةِ ثَانِيَة (قَوْله وَيَتَوَجَّه مِنْ نَحْو ثُلُثِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا فَإِنْ اسْتَقْبَلَ لَهُ أَيْ لِلدُّعَاءِ فِي الْأُولَى لَمْ يُعِدْهُ فِي الثَّانِيَة أَيْ لَا تُطْلَبُ إعَادَتُهُ بَلْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهَا وَكَذَا يَنْبَغِي كَرَاهَةُ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْأُولَى وَإِنْ أَجْزَأَ عَنْ الِاسْتِقْبَال فِي الثَّانِيَة ع ش اط ف (قَوْله سِرًّا وَجَهَرَا) وَحِينَئِذٍ يُسِرُّ الْقَوْمُ حَالَة إسْرَاره وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ حَالَة جَهْرِهِ. اهـ. ح ل.

(قَوْله وَيَرْفَعُ الْحَاضِرُونَ أَيْدِيَهُمْ) غَيْر الْمُتَنَجِّسَة حَيْثُ لَا حَائِل فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِل احْتَمَلَ عَدَمُ الْكَرَاهَة (قَوْله مُشِيرِينَ بِظُهُورِ أَكْفِهِمْ إلَخْ) ظَاهِره أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى فِي قَوْلهمْ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْث وَهُوَ كَذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَقْصُود بِهِ رَفْعَ الْبَلَاءِ كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله وَالْحِكْمَةُ إلَخْ اط ف أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِر طَلَبَ تَحْصِيلِ الْغَيْثِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخنَا ح ف وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ ظَاهِره أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ حَتَّى فِي قَوْلهمْ اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْث وَنَحْوِهِ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِهِ رَفْعَ الْبَلَاء وَيُخَالِفهُ مَا مَرَّ فِي الْقُنُوت وَعِبَارَته وَيَجْعَلُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاء إنَّ دَعَا بِرَفْعِ بَلَاءٍ وَنَحْوِهِ وَعَكَسَهُ إنَّ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْء أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِسْقَاء اهـ وَيُمَكِّنُ رَدَّ مَا فِي الْقُنُوت إلَى مَا هُنَا بِأَنْ يُقَال مَعْنَى قَوْلهمْ إنْ طَلَبَ رَفْعَ شَيْء أَيْ إنَّ طَلَبَ مَا الْمَقْصُود مِنْهُ رَفْعَ شَيْء وَمَعْنَى قَوْلهمْ إنْ دَعَا بِتَحْصِيلِ شَيْء أَيْ إنْ دَعَا بِطَلَبِ تَحْصِيلٍ شَيْءٍ اهـ وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّحْصِيلُ وَالرَّفْعُ رَاعَى الثَّانِي كَمَا لَوْ سَمِعَ شَخْصًا دَعَا بِهِمَا فَقَالَ اللَّهُمَّ افْعَلْ لِي مِثْلَ ذَلِكَ ق ل (قَوْلُهُ أَنَّ الْقَصْدَ رَفْعُ الْبَلَاء) وَلَا فَرَّقَ بَيْن كَوْن الْبَلَاء وَاقِعًا أَوْ لَا لِأَنَّ الْقَصْد رَفْعُ وُقُوعِهِ لَوْ وَقَعَ اط ف (قَوْلُهُ وَيَجْعَل يَمِينَ رِدَائِهِ) أَيْ بَعْد الِاسْتِقْبَال كَمَا فِي الْوَسِيط وَيُفِيدهُ كَلَام الْمُصَنِّف إنَّ عُطِفَ عَلَى قَوْله يُبَالِغ تَأْمُل وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُحَوِّلُ قَبْلَهُ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ع ش وَيُوَجَّهُ كَوْنُهُ بَعْدَ الِاسْتِقْبَال بِأَنَّهُ قَبْلَ الِاسْتِقْبَالِ مَشْغُولٌ بِالْوَعْظِ وَأَنَّهُ يُورِثُ مَشَقَّة فِي الْجَمْع بَيْن التَّحْوِيل وَالِالْتِفَات اهـ وَمَحَلُّ هَذَا الْجَعْلِ إنْ كَانَ لَابِسًا لَهُ وَانْظُرْ هَلْ يُسْتَحَبّ أَنْ يَلْبَسَهُ لِذَلِكَ يَظْهَر نَعَمْ لِيُحَصِّلَ هَذِهِ السُّنَّةَ وَوَافَقَ عَلَيْهِ شَيْخنَا ز ي. (فَائِدَة)

«كَانَ طُولُ رِدَائِهِ عليه الصلاة والسلام أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرًا» كَمَا فِي شَرْح م ر.

ص: 441

يَسَارَهُ وَعَكْسَهُ وَ) يَجْعَلَ (أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسَهُ) وَالْأَوَّلُ تَحْوِيلٌ وَالثَّانِي تَنْكِيسٌ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِهَمِّهِ صلى الله عليه وسلم بِالثَّانِي فِيهِ فَإِنَّهُ اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلْبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ، وَيَحْصُلَانِ مَعًا بِجَعْلِ الطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَالطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْحِكْمَةُ فِيهِمَا التَّفَاؤُلُ بِتَغْيِيرِ الْحَالِ إلَى الْخِصْبِ وَالسَّعَةِ (وَيَفْعَلُ النَّاسُ) وَهُمْ جُلُوسٌ (مِثْلَهُ) تَبَعًا لَهُ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ «أَنَّ النَّاسَ حَوَّلُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» وَكُلُّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ قِيلَ: وَالتَّحْوِيلُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ وَإِذَا فَرَغَ الْخَطِيبُ مِنْ الدُّعَاءِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْخُطْبَةِ (وَيُتْرَكُ) الرِّدَاءُ مُحَوَّلًا وَمُنَكَّسًا (حَتَّى يَنْزِعَ الثِّيَابَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم غَيَّرَ رِدَاءَهُ بَعْدَ التَّحْوِيلِ ثُمَّ مَحَلُّ التَّنْكِيسِ فِي الرِّدَاءِ الْمُرَبَّعِ لَا فِي الْمُدَوَّرِ وَالْمُثَلَّثِ

(وَلَوْ تَرَكَ) الْإِمَامُ (الِاسْتِسْقَاءَ فَعَلَهُ النَّاسُ) مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ لَكِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ إذَا كَانَ الْوَالِي بِالْبَلَدِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ

(وَسُنَّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (أَنْ يَبْرُزَ لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ وَيَكْشِفَ غَيْرَ عَوْرَتِهِ) لِيُصِيبَهُ تَبَرُّكًا بِهِ وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ آكَدُ وَإِلَّا فَمَطَرُ غَيْرِ أَوَّلِ السَّنَةِ كَذَلِكَ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (وَ) أَنْ (يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ فِي سَيْلٍ) رَوَى الشَّافِعِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ اُخْرُجُوا بِنَا إلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا فَنَتَطَهَّرَ مِنْهُ وَنَحْمَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ» وَتَعْبِيرِي كَالْأَصْلِ وَالرَّوْضَةِ بِأَوْ يُفِيدُ سَنَّ أَحَدِهِمَا بِالْمَنْطُوقِ وَكِلَيْهِمَا بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا فَلْيَتَوَضَّأْ وَفِي الْمُهِمَّاتِ الْمُتَّجَهُ الْجَمْعُ ثُمَّ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغُسْلِ ثُمَّ عَلَى الْوُضُوءِ وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ: بِالثَّانِي فِيهِ) أَيْ الثَّانِي وَهُوَ التَّنْكِيسُ هَكَذَا تَنْحَلُّ عِبَارَتُهُ شَوْبَرِيٌّ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ فِيهِ ح ف (قَوْلُهُ: فَلَمَّا ثَقُلَتْ) أَيْ لِعُذْرٍ قَامَ بِهِ وَإِلَّا فَقُوَّتُهُ صلى الله عليه وسلم لَا تُضَاهَى أَوْ إنَّهُ أَظْهَرَ الْعَجْزَ هُنَا لِكَوْنِ الْوَقْتِ وَقْتَ تَذَلُّلٍ وَخُشُوعٍ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: قَلَبَهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَنْكِيسٍ (قَوْلُهُ: بِتَغْيِيرِ الْحَالِ) أَيْ بِتَغْيِيرِهِ سبحانه وتعالى فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: إلَى الْخِصْبِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ ضِدُّ الْجَدْبِ وَقَوْلُهُ: وَالسَّعَةِ بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى الْأَفْصَحِ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ: وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ، وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِي وَهُوَ عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ أَوْ تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ: وَيُتْرَكُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَوْلُهُ: الرِّدَاءُ أَيْ رِدَاءُ الْخَطِيبِ وَالنَّاسِ حَتَّى تُنْزَعَ الثِّيَابُ أَيْ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ حَتَّى تُنْزَعَ الثِّيَابُ أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْعَوْدِ إلَى مَحَلِّ نَزْعِهَا (قَوْلُهُ: لَا فِي الْمُدَوَّرِ وَالْمُثَلَّثِ) فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِمَا لَيْسَ إلَّا التَّحْوِيلُ ح ل

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ وَلَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَقَوْلُهُ فَعَلَهُ النَّاسُ أَيْ الْكَامِلُونَ أَيْ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ مِمَّنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُقَالُ فِي سُنَنِ الْكِفَايَةِ وَهَذِهِ سُنَّةُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ) هَلْ الْمُرَادُ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ أَوْ يَحْرُمُ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ مَا لَمْ يَظُنُّوا حُصُولَ الْفِتْنَةِ فَيَحْرُمُ اهـ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ: لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ) لَعَلَّ إضَافَتَهُ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ لِمَطَرِ السَّنَةِ الْأَوَّلِ أَيْ لِأَوَّلِهِ لَكِنْ لَا إشْعَارَ فِي كَلَامِهِ بِهَذَا تَأَمَّلْ وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنَّ إضَافَةَ مَطَرٍ لِلسَّنَةِ مِنْ إضَافَةِ النَّكِرَةِ إلَى الْمَعْرِفَةِ فَتَعُمُّ وَالتَّقْدِيرُ لِأَوَّلِ كُلِّ مَطَرٍ فِي السَّنَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِمَطَرِ السَّنَةِ مَا يَحْصُلُ بَعْدَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الْمُحَرَّمِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ النِّيلُ فَيُبْرَزُ لَهُ وَيُفْعَلُ مَا ذُكِرَ شُكْرًا لِلَّهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ عَوْرَتِهِ) أَيْ عَوْرَةِ الصَّلَاةِ أَيْ غَيْرَ عَوْرَةِ الْخَلْوَةِ إنْ كَانَ خَالِيًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَاجَةِ الَّتِي تُكْشَفُ لَهَا الْعَوْرَةُ قَالَ شَيْخُنَا: وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهَا عَوْرَةُ الْمَحَارِمِ كَمَا نَقَلَهُ الْبِرْمَاوِيُّ عَنْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَهَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِكَشْفِ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ وَإِنْ قَلَّ كَالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَتَوَضَّأَ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَجَمْعُهُمَا أَفْضَلُ ثُمَّ الْغُسْلُ وَحْدَهُ ثُمَّ الْوُضُوءُ وَحْدَهُ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ التَّبَرُّكُ إلَى نِيَّةٍ، وَلَهُ نِيَّةُ السَّبَبِ فِيهِمَا وَنِيَّةُ غَيْرِهِمَا إنْ صَادَفَهُ وَيَحْصُلَانِ مَعَهُ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُهِمَّاتِ الَّذِي هُوَ الْإِسْنَوِيُّ يَقُولُ بِأَنَّ فِيهِ نِيَّةً بِدَلِيلِ قَوْلِ شَيْخِنَا م ر وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةٌ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَخِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ إلَّا إنْ صَادَفَ وَقْتَ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ هِيَ الْحِكْمَةُ فِي كَشْفِ الْبَدَنِ لِيَنَالَهُ مَطَرُ أَوَّلِ السَّنَةِ وَبَرَكَتُهُ شَرْحُ م ر بِحُرُوفِهِ، وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ هَذِهِ الزِّيَادَةُ نَقَلْتهَا مِنْ خَطِّهِ مُلْحَقَةً وَهِيَ مُقَوِّيَةٌ لِلْإِشْكَالِ شَوْبَرِيٌّ مَعَ أَدْنَى زِيَادَةٍ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَبَحْثٍ لَهُ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ اهـ أَيْ كَلَامُ الْمُهِمَّات

ص: 442

إذَا لَمْ يُصَادِفْ وَقْتَ وُضُوءٍ وَلَا غُسْلٍ انْتَهَى وَاقْتَصَرَ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى الْغُسْلِ

(وَ) أَنْ (يُسَبِّحَ لِرَعْدٍ وَبَرْقٍ) رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَقِيسَ بِالرَّعْدِ الْبَرْقُ (وَ) أَنْ (لَا يُتْبِعَهُ) أَيْ الْبَرْقَ (بَصَرَهُ) قَالَ تَعَالَى {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} [النور: 43] .

رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْبَرْقَ أَوْ الْوَدَقَ أَيْ الْمَطَرَ فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ

(وَ) أَنْ (يَقُولَ عِنْدَ مَطَرٍ اللَّهُمَّ صَيِّبًا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مَطَرًا (نَافِعًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَدْعُوَ بِمَا شَاءَ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» (وَ) أَنْ (يَقُولَ) فِي (إثْرِهِ) أَيْ فِي إثْرِ الْمَطَرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ) عَلَيْنَا (وَرَحْمَتِهِ) لَنَا (وَكُرِهَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) بِفَتْحِ نُونِهِ وَهَمْزِ آخِرِهِ أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ إلَى الْأَنْوَاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ وَلَيْسَ بَحْثًا لِلشَّارِحِ وَأَمَّا قَوْلُ م ر كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ فَفِيهِ نَظَرٌ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَى جَعْلِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ يُنَافِي مَا نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ م ر مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الْمُهِمَّاتِ يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ فِي هَذَا الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ قَالَ وَخِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ اهـ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الْمُهِمَّاتِ وَكَلَامُ م ر فِيهِ حَذْفٌ وَالْأَصْلُ وَخِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا نِيَّةَ فِيهِ إلَّا إنْ صَادَفَ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَهُ كَمَا فَهِمَهُ الشَّوْبَرِيُّ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ يَقُولُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ مُطْلَقًا وَالْإِسْنَوِيَّ يَقُولُ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا أَنْ يُصَادِفَ وَقْتَ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ فَتُشْتَرَطُ فَيَكُونُ الشَّارِحُ مُوَافِقًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُصَادِفْ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَلَمْ يُصَلِّ بِهِ صَلَاةً وَلَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ وَلَا مَسْنُونٌ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا نِيَّةَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْوُضُوءِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ إمْسَاسُ الْمَاءِ لِتِلْكَ الْأَعْضَاءِ فَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْمُتَوَضِّئِ اهـ قَالَ ع ش وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وُصُولُ الْمَاءِ لِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِكَمَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ مَعَ التَّرْتِيبِ

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُسَبِّحَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَرَ الثَّانِيَ وَالرَّعْدُ هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ السَّحَابِ وَالْبَرْقُ النَّارُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ وَقِيلَ الرَّعْدُ مَلَكٌ وَالْبَرْقُ أَجْنِحَتُهُ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ فَالْمَسْمُوعُ هُوَ صَوْتُهُ أَوْ صَوْتُ سَوْقِهِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ وَأُطْلِقَ الرَّعْدُ عَلَيْهِ مَجَازًا س ل.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ ابْنَ الزُّبَيْرِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: تَرَكَ الْحَدِيثَ) أَيْ الْكَلَامَ الَّذِي كَانَ مَشْغُولًا بِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ ع ش اط ف (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِالرَّعْدِ الْبَرْقُ) أَيْ فِي طَلَبِ التَّسْبِيحِ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْبَرْقِ سُبْحَانَ مَنْ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: سَنَا بَرْقِهِ) السَّنَا بِالْقَصْرِ الضَّوْءُ وَبِالْمَدِّ الشَّرَفُ قَوْلُهُ: يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ أَيْ يُضْعِفُهَا بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ) أَيْ فَلَا يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ شَامِلٌ لِلْإِشَارَةِ بِغَيْرِ الْبَصَرِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ قَالَ م ر، وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَكْرَهُونَ الْإِشَارَةَ إلَى الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَيَقُولُونَ عِنْدَ ذَلِكَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ فَيُخْتَارُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ صَيْبًا) مِنْ صَابَ يُصَوِّبُ إذَا نَزَلَ إلَى أَسْفَلَ (قَوْلُهُ: أَيْ مَطَرًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ مَطَرًا نَازِلًا مِنْ عُلُوٍّ إلَى أَسْفَلَ لِأَنَّ الصَّيِّبَ مَعْنَاهُ النَّازِلُ مِنْ عُلُوٍّ إلَى أَسْفَلَ (قَوْلُهُ: يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ) عِبَارَةُ م ر تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُقَارَبَةُ وَبِالصُّفُوفِ حَالُ الْجِهَادِ وَبِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظِهَا أَيْ التَّوَجُّهِ إلَيْهَا كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ وَرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ وَرُؤْيَتُهُ لَهَا وَكَانَ الزَّمَنُ قَرِيبًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَيْ فِي إثْرِ الْمَطَرِ) لَمْ يَقُلْ أَيْ الْمَطَرِ بِإِسْقَاطٍ فِي إثْرٍ لِأَجْلِ حِكَايَةِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فِي إثْرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الثَّاء وَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَعَ الثَّاءِ كَمَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِنَوْءٍ كَذَا) أَفَادَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْبَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا لَمْ يُكْرَهْ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ ق ل، وَالنُّونُ بِفَتْحِ النُّونِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ النَّوْءُ فِي أَصْلِهِ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ الْكَوْكَبِ فَإِنَّهُ مَصْدَرُ نَاءَ النَّجْمُ يَنُوءُ نَوْءًا أَيْ سَقَطَ وَغَابَ وَقِيلَ أَيْ طَلَعَ وَنَهَضَ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ نَجْمًا مَعْرُوفَةُ الْمَطَالِعِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِمَنَازِل الْقَمَرِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ يَسْقُطُ فِي كُلِّ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً نَجْمٌ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ وَيَطْلُعُ آخَرُ مُقَابِلُهُ مِنْ الْمَشْرِقِ مِنْ سَاعَتِهِ فَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ مَطَرٌ يَنْسُبُونَهُ إلَى السَّاقِطِ الْغَارِبِ مِنْهَا، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ إلَى الطَّالِعِ مِنْهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَلَمْ نَسْمَعْ أَنَّ النَّوْءَ السُّقُوطُ إلَّا فِي هَذَا

ص: 443

لِإِيهَامِهِ أَنَّ النَّوْءَ فَاعِلُ الْمَطَرِ حَقِيقَةً فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ الْفَاعِلُ لَهُ حَقِيقَةً كَفَرَ

(وَ) كُرِهَ (سَبُّ رِيحٍ) لِخَبَرِ «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أَيْ رَحْمَتِهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

(وَسُنَّ إنْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ مَطَرٍ) بِتَثْلِيثِ الْكَافِ (أَنْ يَقُولُوا) كَمَا «قَالَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا شُكِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَيْ اجْعَلْ الْمَطَرَ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمَرَاعِي لَا فِي الْأَبْنِيَةِ وَنَحْوِهَا وَالْآكَامُ بِالْمَدِّ جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ إكَامٍ بِوَزْنِ كِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَكَمَةٍ وَهِيَ التَّلُّ الْمُرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جَبَلًا وَالظِّرَابُ جَمْعُ ظَرِبٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ جَبَلٌ صَغِيرٌ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَوْضِعِ. ثُمَّ إنَّ النَّجْمَ نَفْسَهُ قَدْ يُسَمَّى نَوْءًا تَسْمِيَةً لِلْفَاعِلِ وَهُوَ النَّجْمُ السَّاقِطُ بِالْمَصْدَرِ وَعِبَارَةُ م ر وَالنَّوْءُ سُقُوطُ نَجْمٍ مِنْ الْمَنَازِلِ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ الْفَجْرِ وَطُلُوعُ رَقِيبِهِ مِنْ الْمَشْرِقِ مُقَابِلُهُ فِي سَاعَتِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَهَكَذَا كُلُّ نَجْمٍ إلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ مَا خَلَا الْجَبْهَةَ فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

(قَوْلُهُ: لِإِيهَامِهِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَاعِلَ مَحْذُوفٌ وَنَائِبَهُ ضَمِيرُ مُطِرْنَا وَبِنَوْءٍ ظَرْفٌ لَغْوٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِإِيهَامِ السَّبَبِيَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْفَاعِلِ ق ل قَالَ الْعَلَّامَةُ سم: لَك أَنْ تَقُولَ سَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ تَحْرِيمُ بِاسْمِ اللَّه وَاسْمِ مُحَمَّدٍ لِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ فَتُشْكِلُ الْحُرْمَةُ هُنَاكَ لَا هُنَا.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْإِيهَامَ هُنَاكَ أَشَدُّ لِمَزِيدِ عَظَمَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى النَّوْءِ فَتَوَهُّمُ تَأْثِيرِهِ أَقْوَى مِنْ تَوَهُّمِ تَأْثِيرِ النَّوْءِ وَبِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ اتِّحَادُ مُتَعَلِّقِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَعْنِي ذَبْحًا فَإِنَّ اخْتِلَافَ الْمُتَعَلِّقِ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْأَصْلِ وَلَيْسَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا أَنَّ النَّوْءَ فَاعِلٌ حَقِيقَةً بَلْ الْمُتَبَادَرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ مُطِرْنَا مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ غَيْرَ مَذْكُورٍ مُطْلَقًا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الْفَاعِلُ الْمَحْذُوفُ هُوَ النَّوْءَ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ فَاعِلٌ

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ سَبُّ رِيحٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَادَةً أَوْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ لَكِنَّ السَّبَّ إنَّمَا يَقَعُ فِي الْعَادَةِ لِغَيْرِ الْمُعْتَادَةِ خُصُوصًا إذَا شَوَّشَتْ ظَاهِرًا عَلَى السَّابِّ، وَلَا تَتَقَيَّدُ الْكَرَاهَةُ بِذَلِكَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الَّتِي تَأْتِي بِالْعَذَابِ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أَيْضًا ز ي وَشَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ أَيْ مِنْ حَيْثُ مَا يَظْهَرُ لَنَا وَإِلَّا فَهِيَ رَحْمَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا

. (قَوْلُهُ: حَوَالَيْنَا) مُثَنَّى مُفْرَدُهُ حَوَالٌ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مُفْرَدٌ فَلْيُحَرَّرْ، فَيَكُونُ عَلَى صُورَةِ الْمُثَنَّى وَكَتَبَ أَيْضًا حَوَالَيْنَا بِفَتْحِ اللَّام وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرِهِ اجْعَلْهُ أَوْ أَمْطِرْ وَالْمُرَادُ بِهِ صَرْفُ الْمَطَرِ عَنْ الْأَبْنِيَةِ وَالدُّورِ وَقَوْلُهُ وَلَا عَلَيْنَا بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِقَوْلِهِ حَوَالَيْنَا؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ الطُّرُقَ الَّتِي تَجْمَعُ حَوْلَهُمْ فَأَرَادَ إخْرَاجَهَا بِقَوْلِ وَلَا عَلَيْنَا. قَالَ الطِّيبِيُّ فِي إدْخَالِ الْوَاوِ هُنَا مَعْنًى لَطِيفٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهَا لَكَانَ مُسْتَسْقِيًا لِلْآكَامِ وَمَا مَعَهَا فَقَطْ، وَدُخُولُ الْوَاوِ يَقْتَضِي أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِعَيْنِهِ وَلَكِنْ لِيَكُونَ وِقَايَةً مِنْ أَذَى الْمَطَرِ فَلَيْسَتْ الْوَاوُ مُخَلِّصَةً لِلْعَطْفِ وَلَكِنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيِهَا، فَإِنَّ الْجُوعَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِعَيْنِهِ وَلَكِنَّهُ لِكَوْنِهِ مَانِعًا عَنْ الرَّضَاعِ بِأُجْرَةٍ إذْ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا اهـ فَتْحُ الْبَارِي شَوْبَرِيُّ. وَقَوْلُهُ: وَدُخُولُ الْوَاوِ يَقْتَضِي إلَخْ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِحَوَالَيْنَا الْآكَامُ وَالظِّرَابُ وَبِلَا عَلَيْنَا بُعْدُهُ عَنْ الْأَبْنِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ حَتَّى عَلَى الزَّرْعِ

فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ تَضَرُّرَهُمْ بِكَثْرَتِهِ عَلَى الْأَبْنِيَةِ فَقَطْ فَلَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمُرَادَ حِينَئِذٍ بِلَا عَلَيْنَا مَا عَدَا الْأَبْنِيَةَ فَيَكُونُ شَامِلًا لِلزُّرُوعِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ وَلَا عَلَيْنَا أَفَادَتْ الْوَاوُ أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ حَوَالَيْنَا الْقَصْدُ مِنْهُ بِالذَّاتِ وِقَايَةُ أَذَاهُ فَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ اجْعَلْهُ حَوَالَيْنَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْنَا وَفِيهِ تَعْلِيمُنَا أَدَبَ الدُّعَاءِ حَيْثُ لَمْ نَدْعُ بِرَفْعِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ لِاسْتِمْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَوْدِيَةِ وَالْمَزَارِعِ فَطُلِبَ مَنْعُ ضَرَرِهِ وَبَقَاءُ نَفْعِهِ وَإِعْلَامُنَا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ أَنْ لَا يَسْخَطَ لِعَارِضٍ قَارَنَهَا بَلْ يَسْأَلَ اللَّهَ رَفْعَهُ وَإِبْقَاءَهَا وَبِأَنَّ الدُّعَاءَ بِرَفْعِ الضَّرَرِ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَالتَّفْوِيضَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالظِّرَابِ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ (قَوْلُهُ: وَالْآكَامِ) بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ جَمْعُ إكَامٍ بِوَزْنِ كِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ جَمْعُ أَكَمَةٍ كَشَجَرَةٍ وَشَجَرٍ وَنَظِيرُهُ جَمْعُ ثَمَرَةٍ عَلَى ثَمَرٍ كَشَجَرَةٍ وَشَجَرٍ وَجَمْعُ ثَمَرٍ عَلَى ثِمَارٍ كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ وَجَمْعُ ثِمَارٍ عَلَى ثُمُرٍ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَجَمْعُ ثَمَرٍ عَلَى أَثِمَار كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ وَلَا أَعْرِفُ لَهُمَا نَظِيرًا فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: جَمْعُ أَكَمَةٍ فَيَكُونُ مَدْلُولُ أُكُمٍ ثَلَاثُ أَكَمْاتِ وَإِذَا جُمِعَ أَكَمٌ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى إكَامٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ يَكُونُ مَدْلُولُهُ تِسْعًا لِأَنَّ مَدْلُولَ وَاحِدِهِ وَهُوَ أَكَمٌ ثَلَاثٌ وَإِذَا جُمِعَ إكَامٌ

ص: 444