الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» زَادَ الْبُخَارِيُّ قَالَ جَابِرٌ مَا أَرَاهُ يَعْنِي إلَّا نِيئَة بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَعْسُرْ وَبِخِلَافِ الْمَطْبُوخِ لِزَوَالِ رِيحِهِ (وَحُضُورِ مَرِيضٍ) وَلَوْ غَيْرَ نَحْوِ قَرِيبٍ (بِلَا مُتَعَهِّدٍ لَهُ) لِتَضَرُّرِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ (أَوْ) بِمُتَعَهِّدٍ (وَكَانَ) الْمَرِيضُ (نَحْوَ قَرِيبٍ) كَزَوْجٍ وَرَقِيقٍ وَصِهْرٍ وَصَدِيقٍ (مُحْتَضَرًا) أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لِتَأَلُّمِ نَحْوِ قَرِيبِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ (أَوْ) لَمْ يَكُنْ مُحْتَضَرًا لَكِنْ (يَأْنَسُ بِهِ) أَيْ بِالْحَاضِرِ لِمَا مَرَّ فِي الْأُولَى بِخِلَافِ مَرِيضٍ لَهُ مُتَعَهِّدٌ وَلَمْ يَكُنْ نَحْوَ قَرِيبٍ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ مُحْتَضَرًا أَوْ لَا يَأْنَسُ بِالْحَاضِرِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَعَهِّدُ مَشْغُولًا بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ مَثَلًا عَنْ الْخِدْمَةِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ وَقَدْ ذَكَرْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ زِيَادَةً عَلَى الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ فَوَائِدَ وَنَحْوٍ مِنْ زِيَادَتِي. وَكَذَا التَّقْيِيدُ بِقَرِيبٍ فِي الْإِينَاسِ. .
(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)
(لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
التَّحْرِيمُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ اهـ. اط ف: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28](قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ غَيْرُ الْكَاتِبِينَ لِأَنَّهُمَا لَا يُفَارِقَانِهِ.
بَقِيَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَوْجُودُونَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَسْجِدِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ تَضْيِيقٌ لَا يُحْتَمَلُ وَمَا مِنْ مَحَلٍّ إلَّا وَتُوجَدُ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ وَأَيْضًا يُمْكِنُ الْمَلَائِكَةَ الْبُعْدُ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ مُلَازَمَتَهُ فَتَأَمَّلْ أَوْ لِشَرَفِ مَلَائِكَةِ الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِهِمْ ع ش عَلَى م ر نَعَمْ مَوْضِعُ الْجَمَاعَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ بَعْضُ الثِّقَاتِ: إنَّ مَنْ أَكَلَ الْفُجْلَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ مُرَّةً: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ الطَّاهِرِ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيحٌ وَلَا يَتَجَشَّأُ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَقَدْ جُرِّبَ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ مَنْ قَالَ قَبْلَ أَكْلِهِ إلَخْ فَرَاجِعْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: لَوْ يَعْلَمْ آكِلُ رُءُوسِ الْفُجْلِ مَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ لَمْ يَعَضَّ عَلَى رَأْسِ فُجْلَةٍ وَمَنْ أَكَلَ عُرُوقَهُ مُبْتَدِئًا بِأَطْرَافِهَا لَا يَتَجَشَّأُ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا أَرَاهُ) أَيْ أَظُنُّهُ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِيهِ لِجَابِرٍ، وَالْبَارِزُ فِيهِ، وَالْمُسْتَتِرُ فِي يَعْنِي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَوْلُهُ: إلَّا نِيئَةً أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْبَصَلِ، وَالثُّومِ، وَالْكُرَّاثِ، وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الْمَطْبُوخِ لِزَوَالِ رِيحِهِ) فَإِنْ بَقِيَ لَهُ رِيحٌ يُؤْذِي وَإِنْ قَلَّ كَانَ عُذْرًا وَمِثْلَ ذَلِكَ مَنْ بِثِيَابِهِ أَوْ بَدَنِهِ رِيحٌ كَرِيهٌ كَأَرْبَابِ الْحِرَفِ الْخَبِيثَةِ كَقَصَّابٍ وَمَنْ بِهِ صُنَانٌ مُسْتَحْكَمٌ أَوْ بَخَرٌ أَوْ جِرَاحَةٌ مُنْتِنَةٌ وَمَجْذُومٌ وَأَبْرَصُ فَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ مَنْعَ الْأَجْذَمِ، وَالْأَبْرَصِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ نَحْوَ قَرِيبٍ) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِتَأَلُّمِ نَحْوِ قَرِيبِهِ) أَحْسَنُ مِنْ هَذَا قَوْلُ غَيْرِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ شَغْلِ الْقَلْبِ السَّالِبِ لِلْخُشُوعِ اهـ. عَمِيرَةُ وَقَوْلُهُ: نَحْوِ قَرِيبِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُحْتَضَرُ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِلْقَرِيبِ الْغَيْرِ الْمُحْتَضَرِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَمَّمَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الْمُتَّصِفَ بِالضَّرَرِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ هُوَ لَا الْمُحْتَضَرُ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَضَرَّرُ أَوْ لَا ع ن لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ مَا دَامَتْ الرُّوحُ بَاقِيَةً كَانَ لَهُ شُعُورٌ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ النُّطْقِ بِمَا يُرِيدُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ مُحْتَضَرًا إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ التَّرْدِيدِ فِي قَوْلِهِ مُحْتَضَرًا أَوْ يَأْنَسُ بِهِ (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ) كَالسِّمَنِ الْمُفْرِطِ وَلَيَالِي زِفَافٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ اهـ. ز ي.
[فَصْلٌ فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ]
بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ جَمْعُ صِفَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الصِّفَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ لِتَشْمَلَ الشَّرْطَ فَالْمُرَادُ الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْأَئِمَّةِ عَلَى جِهَةِ الِاشْتِرَاطِ أَوْ جِهَةِ الِاسْتِصْحَابِ وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ إلَخْ وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ وَعَدْلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ فَإِنْ قُلْت هُوَ لَمْ يَبْدَأْ بِالصِّفَاتِ الَّتِي بِمَعْنَى الشُّرُوطِ بَلْ بَدَأَ بِمَنْ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ خَلْفَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الصِّفَاتِ الْمُشْتَرَطَةَ قُلْت هِيَ مَذْكُورَةٌ بِاللَّازِمِ وَبِالْمَفْهُومِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: شَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ وَأَنْ لَا تَلْزَمَهُ إعَادَةٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ أُمِّيًّا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ قَارِئًا وَأَنْ لَا يَكُونَ أَنْقَصَ مِنْ الْمَأْمُومِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا فَهَذِهِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ تُضَمُّ لِلسَّبْعَةِ الْآتِيَةِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الشُّرُوطِ اثْنَيْ عَشَرَ شَرْطًا لَكِنْ مَا ذُكِرَ هُنَا مَطْلُوبٌ فِي الْإِمَامِ وَمَا سَيَأْتِي مَطْلُوبٌ فِي الْمَأْمُومِ اهـ. وَقَدْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ إمَامًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا كَالْأَصَمِّ الْأَعْمَى الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْعِلْمُ بِانْتِقَالَاتِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَبِرْمَاوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: بِمَنْ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ) كَانَ عَلَيْهِ الْإِبْرَازُ لِجَرَيَانِهَا عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ مَعَ وُجُودِ اللَّبْسِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَالَ ح ل: وَأَرَادَ بِالِاعْتِقَادِ الظَّنَّ الْغَالِبَ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِالْمُجْتَهِدِينَ لَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ مِنْ أَنَّهُ الْحُكْمُ الْجَازِمُ الْقَابِلُ لِلتَّغَيُّرِ اهـ. وَقَالَ ع ش: الْأَوْلَى أَنْ نَقُولَ
كَشَافِعِيٍّ) اقْتَدَى (بِحَنَفِيٍّ مَسَّ فَرْجَهُ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ (لَا إنْ افْتَصَدَ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي أَنَّ الْمَسَّ يَنْقُضُ دُونَ الْفَصْدِ فَمَدَارُ عَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ عَلَى تَرْكِهِ وَاجِبًا فِي اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي (وَكَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي إنَاءَيْنِ) مِنْ الْمَاءِ طَاهِرٍ وَنَجِسٍ وَتَوَضَّأَ كُلٌّ مِنْ إنَائِهِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ (فَإِنْ تَعَدَّدَ الطَّاهِرُ) مِنْ آنِيَةٍ مَعَ تَعَدُّدِ الْمُجْتَهِدِ وَظَنَّ كُلٌّ مِنْهُمْ طَهَارَةَ إنَائِهِ فَقَطْ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْآتِي (صَحَّ) اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ (مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ إنَاءُ إمَامٍ لِنَجَاسَةٍ) فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِصَاحِبِهِ (فَلَوْ اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ) مِنْ آنِيَةٍ (فِيهَا نَجَسٌ عَلَى خَمْسَةٍ) مِنْ أُنَاسٍ وَاجْتَهَدُوا (فَظَنَّ كُلٌّ طَهَارَةَ إنَاءٍ) مِنْهَا (فَتَوَضَّأَ بِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَرَادَ بِالِاعْتِقَادِ مَا يَشْمَلُ الْعِلْمَ، وَالظَّنَّ الْغَالِبَ اهـ. (قَوْلُهُ: كَشَافِعِيٍّ بِحَنَفِيٍّ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ صَحَّ اقْتِدَاءُ الشَّافِعِيِّ الْمُتِمِّ بِالْحَنَفِيِّ الْقَاصِرِ فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ الْقَصْرُ فِيهِ وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ أَيْ الشَّافِعِيُّ، وَالْحَنَفِيُّ وَنَوَيَا إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ وَقَصَرَ الْحَنَفِيُّ مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى بُطْلَانَ صَلَاةِ الْحَنَفِيِّ أَيْضًا. أُجِيبَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يُجَوِّزُ الْقَصْرَ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ بِخِلَافِ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهُ أَصْلًا، وَيَرِدُ عَلَى هَذَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ. اهـ. ح ل.
وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ افْتَصَدَ) صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ صَاحِبُ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً فِي اعْتِقَادِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا أَيْضًا لِعِلْمِنَا بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ اهـ. م ر قَالَ سم: اعْتَمَدَ هَذَا التَّصْوِيرَ شَيْخُنَا م ر وطب اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ: بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا أَيْ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ نِسْيَانَهُ وَيُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا إذَا نَسِيَ الْمَأْمُومُ كَوْنَ الْإِمَامِ مُفْتَصِدًا وَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ وَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ لِلْمَأْمُومِ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّ تَبَيُّنَ حَدَثِ الْإِمَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُؤَثِّرُ فَلَا إعَادَةَ انْتَهَى شَيْخُنَا ح ف.
، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْحَدَثَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ عَلِمَ الْإِمَامُ حَالَ نَفْسِهِ أَوْ جَهِلَهُ وَحَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْفَصْدَ فَإِنْ عَلِمَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ جَاهِلًا بِالْفَصْدِ أَيْ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ بِجَهْلِهِ صَحَّ وَحَيْثُ جَهِلَهُ الْمَأْمُومُ صَحَّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَلِمَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا فَتَأَمَّلْهُ سم فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَيَبْطُلُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِالْفَصْدِ أَوْ جَاهِلَيْنِ بِهِ أَوْ الْمَأْمُومُ عَالِمٌ، وَالْإِمَامُ جَاهِلٌ بِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَتَبْطُلُ فِي الْأُولَى فَقَطْ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر وَإِنْ جَرَى حَجّ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنْ عَلِمَهُ الْإِمَامُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى تَرْكِهِ وَاجِبًا) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ شَافِعِيٌّ فِي إتْيَانِ الْمُخَالِفِ بِالْوَاجِبَاتِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ فِي تَوَقِّي الْخِلَافِ اهـ. شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ أَتَى بِهِ لَكِنْ عَلَى اعْتِقَادِ السُّنِّيَّةِ وَمَنْ اعْتَقَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا كَانَ ضَارًّا كَمَا تَقَدَّمَ وَأَشَارَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى دَفْعِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ إلَخْ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ اعْتِقَادَ عَدَمِ الْوُجُوبِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَذْهَبًا لِلْمُعْتَقِدِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَذْهَبًا لَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَيُكْتَفَى مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ بِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَقَطْ) إنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ طَهَارَةَ إنَائِهِ فَقَطْ بَلْ اعْتَقَدَ طَهَارَةَ إنَاءِ غَيْرِهِ أَيْضًا كَإِمَامِ الْعِشَاءِ لَمْ تَتَأَتَّ إعَادَتُهَا وَتَغَيَّرَ الْحُكْمُ أَوْ اعْتَقَدَ طَهَارَةَ الْأَوَانِي إلَّا إنَاءَ مُصَلِّي الصُّبْحِ مَثَلًا أَعَادَهَا فَقَطْ فَالشَّارِحُ إنَّمَا أَتَى بِفَقَطْ لِيَتَأَتَّى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ مِنْ الْإِعَادَةِ وَغَيْرِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ شَيْخِنَا ز ي شَوْبَرِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ الْمُفَوِّتَةِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَذَا قَرَّرَهُ حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ) أَيْ بِحَسَبِ زَعْمِ الْمُقْتَدِينَ بِصَلَاتِهِمْ خَلْفَ غَيْرِهِمْ وَضَابِطُ التَّعَيُّنِ أَنْ يَكُونَ الظَّاهِرُ أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ إلَخْ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ لِجَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ بِأَنْ نَسِيَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ اقْتَدَى بِثَلَاثَةٍ ثُمَّ يَأْتَمُّ بِالرَّابِعِ. أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ اقْتَدَى بِثَلَاثَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالرَّابِعِ لِتَعَيُّنِ إنَائِهِ لِلنَّجَاسَةِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ آنِيَةٍ) بَيَانٌ لِلْخَمْسَةِ وَهُوَ جَمْعُ إنَاءٍ أَصْلُهُ أَأْنِيَةٌ بِهَمْزَتَيْنِ الثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ فَقُلِبَتْ أَلِفًا لِوُقُوعِهَا بَعْدَ هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَمَدًّا أَبْدِلْ ثَانِيَ الْهَمْزَيْنِ مِنْ
…
كِلْمَةٍ. .
الْبَيْتَ وَقَالَ:
فِي اسْمٍ مُذَكَّرٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدْ
…
ثَالِثٍ أَفْعِلَةُ عَنْهُمْ اطَّرَدْ
كَرِدَاءٍ وَأَرْدِيَةٍ وَكِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ وَوِعَاءٍ وَأَوْعِيَةٍ (قَوْلُهُ: فَتَوَضَّأَ بِهِ) أَيْ أَوْ اغْتَسَلَ بِهِ أَوْ غَسَلَ بِهِ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ اهـ. ز ي أَيْ وَلَمْ يَظُنَّ مِنْ أَحْوَالِ الْأَوَانِي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ شَيْئًا أَيْ لَا طَهَارَةً وَلَا نَجَاسَةً شَرْحُ م ر ح ل
وَأُمَّ) بِالْبَاقِينَ (فِي صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (أَعَادَ مَا ائْتَمَّ فِيهِ آخِرًا) فَلَوْ ابْتَدَءُوا بِالصُّبْحِ أَعَادُوا الْعِشَاءَ إلَّا إمَامَهَا فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِتَعَيُّنِ إنَاءَيْ إمَامَيْهِمَا لِلنَّجَاسَةِ فِي حَقِّ الْمُؤْتَمِّينَ فِيهِمَا
(وَلَا) يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ (بِمُقْتَدٍ) وَلَوْ شَكَّا لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ وَمِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاسْتِقْلَالُ وَحَمْلُ سَهْوِ غَيْرِهِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ (وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَأَمَّ) أَيْ كُلٌّ فِي صَلَاةٍ وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى بِهِمْ وَاحِدٌ إمَامًا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَاَلَّذِي يَظْهَر الصِّحَّةُ وَلَا إعَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدِ مِنْهُمْ جَازِمٌ بِطَهَارَةِ إنَائِهِ الَّذِي تَوَضَّأَ مِنْهُ وَلَمْ تَنْحَصِرْ النَّجَاسَةُ فِي وَاحِدٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَعَادَ مَا ائْتَمَّ فِيهِ آخِرًا) أَيْ أَعَادَ كُلٌّ الصَّلَاةَ الَّتِي اقْتَدَى فِيهَا آخِرًا أَيْ كَانَ مَأْمُومًا فِيهَا فَمَا مُفَسَّرَةٌ بِالصَّلَاةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ إذَا لَمْ تَزِدْ الْأَوَانِي عَلَى الْأَشْخَاصِ وَأَمَّا إذَا زَادَتْ بِأَنْ كَانَتْ سِتَّةً مَثَلًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي كُلٌّ بِالْآخَرِ وَلَا إعَادَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّادِسَ هُوَ النَّجِسُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ خَلْفَ إمَامِ الْعِشَاءِ وَعَلَى إمَامِهَا الصَّلَاةُ خَلْفَ إمَامِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهُ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ هَذَا كَالصَّلَاةِ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا الْخَطَأُ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ قَدْ انْحَصَرَ النَّجِسُ بِالظَّنِّ اهـ. ح ف (قَوْلُهُ: لِتَعَيُّنِ إنَاءَيْ إمَامَيْهِمَا لِلنَّجَاسَةِ) أَيْ الْعِشَاءِ، وَالْمَغْرِبِ أَيْ انْتِفَاءِ احْتِمَالِ عَدَمِهَا بِزَعْمِهِمْ أَيْ بِاعْتِبَارِ اقْتِدَائِهِمْ بِمَنْ عَدَاهُمْ وَإِنَّمَا عَوَّلُوا عَلَى التَّعَيُّنِ بِالزَّعْمِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْأَمْرِ مَنُوطًا بِظَنِّ الْمُبْطِلِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِالِاجْتِهَادِ إلَى جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَلَا مُبَالَاةَ بِوُقُوعِ مُبْطِلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي فِعْلِ الْمُكَلَّفِ صَوْنُهُ عَنْ الْإِبْطَالِ مَا أَمْكَنَ فَاضْطُرُّوا لِأَجْلِ ذَلِكَ إلَى اعْتِبَارِ فِعْلِهِ وَفِعْلُهُ يَسْتَلْزِمُ الِاعْتِرَافَ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْأَخِيرِ فَكَانَ مُؤَاخَذًا بِذَلِكَ اهـ. ح ل وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعَيُّنِ التَّحَقُّقَ بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ بَقَاءِ احْتِمَالِ الطَّهَارَةِ شَرْحُ م ر لِأَنَّا لَمَّا حَكَمْنَا بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ قَبْلَهَا تَعَيَّنَا لِلنَّجَاسَةِ لِتَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ اهـ. سم وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ لِتَعَيُّنِ إلَخْ أَنَّ الْمُؤْتَمِّينَ خَلْفَ إمَامِ الْمَغْرِبِ وَخَلْفَ إمَامِ الْعِشَاءِ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَنَّ الْمُقْتَدِينَ خَلْفَ إمَامِ الْمَغْرِبِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ إلَّا إعَادَةُ الْعِشَاءِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّ الْمُؤْتَمِّينَ فِيهِمَا جَمِيعُ الْمَأْمُومِينَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِشَاءِ وَيُرَادُ بِهِمْ إمَامُ الْعِشَاءِ فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَغْرِبِ فَقَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْمُؤْتَمِّينَ الْمُرَادُ بِالْمُؤْتَمِّينَ بِإِمَامِ الْمَغْرِبِ إمَامُ الْعِشَاءِ فَقَطْ لِيَصِحَّ كَلَامُهُ فَتَكُونَ أَلْ جِنْسِيَّةً فَافْهَمْ فَإِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُجْمَلَةٌ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا
. (قَوْلُهُ: وَلَا بِمُقْتَدٍ) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَوْ جَهِلَهُ حَتَّى لَوْ ظَنَّهُ غَيْرَ مَأْمُومٍ فَتَبَيَّنَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ كَافِرًا إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُتَلَبِّسُ بِالْقُدْوَةِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ كَأَنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقَامَ مَسْبُوقٌ فَاقْتَدَى بِهِ آخَرُ أَوْ مَسْبُوقُونَ فَاقْتَدَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَتَصِحُّ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكًا) أَيْ بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا فَإِنْ ظَنَّهُ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ عَمِلَ بِاجْتِهَادِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ مَجَالٌ وَلَا مَجَالَ لَهَا هُنَا لِأَنَّ مَدَارَ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَى النِّيَّةِ لَا غَيْرُ وَهِيَ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ لِلْقَرَائِنِ مَدْخَلًا فِي النِّيَّةِ بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْإِشْهَادُ بِالْكِنَايَةِ عِنْدَ تَوَفُّرِ الْقَرَائِنِ اهـ. ح ل وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ أَنَّهُ إمَامٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا لِعَدَمِ مُقْتَضِي بُطْلَانِهَا وَأَنَّهُ مَأْمُومٌ فَلَا وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِشَكِّهِ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ أَوْ مَتْبُوعٌ فَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا وَظَنَّ الْآخَرُ صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ دُونَ الْآخَرِ وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقَ الْأَصْحَابُ فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ، وَالشَّكِّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ) أَيْ يَلْحَقُ الْمَأْمُومُ سَهْوَ غَيْرِهِ وَهُوَ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ: وَمِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاسْتِقْلَالُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ: تَابِعٌ، وَقَوْلُهُ: وَحَمْلُ سَهْوِ غَيْرِهِ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ يَلْحَقُهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَجْتَمِعَانِ أَيْ التَّبَعِيَّةُ، وَالِاسْتِقْلَالُ أَوْ اللُّحُوقُ، وَالْحَمْلُ وَإِنَّمَا قَالَ وَمِنْ شَأْنِ إلَخْ لِإِدْخَالِ الْخَلِيفَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلشِّقِّ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ وَلِإِدْخَالِ الْمُحْدِثِ بِالنِّسْبَةِ لِلشِّقِّ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ سَهْوَ غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِمِنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ) مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ قَبْلَهُ ثُمَّ نَسِيَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا إعَادَةَ لِأَنَّ هَذَا الْإِمَامُ مُحْدِثٌ وَتَبَيُّنُ حَدَثِ الْإِمَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ اهـ. ع ش أَيْ فَيَكُونُ الِاقْتِدَاءُ صَحِيحًا وَقَوْلُهُ: وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ
كَمُتَيَمِّمٍ لِبَرْدٍ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ (وَصَحَّ) الِاقْتِدَاءُ (بِغَيْرِهِ كَمُسْتَحَاضَةٍ غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ) وَمُتَيَمِّمٍ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ وَمَاسِحِ خُفٍّ وَمُضْطَجِعٍ وَمُسْتَلْقٍ وَلَوْ مُومِيًا وَصَبِيٍّ وَلَوْ عَبْدًا وَسَلِسٍ وَمُسْتَجْمِرٍ. أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ غَيْرِهَا بِهَا وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهَا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ
. (وَلَا) يَصِحُّ (اقْتِدَاءُ غَيْرِ أُنْثَى) مِنْ ذَكَرٍ وَخُنْثَى (بِغَيْرِ ذَكَرٍ) مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى وَإِنْ جُهِلَ حَالُهُمَا لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» وَقِيسَ بِهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا، وَالْخُنْثَى الْمُقْتَدِي بِأُنْثَى يَجُوزُ كَوْنُهُ ذَكَرًا وَبِخُنْثَى يَجُوزُ كَوْنُهُ ذَكَرًا، وَالْإِمَامُ أُنْثَى فَعُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِخُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا لَمْ تَسْقُطْ الْإِعَادَةُ وَمِثْلُهَا لَوْ بَانَ خُنْثَى لِعَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَائِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إعَادَةٌ أَيْ وَلَوْ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ) أَيْ فِي إسْقَاطِ الْفَرْضِ وَإِلَّا فَهِيَ تُسْقِطُ الطَّلَبَ الْآنَ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُومِيًا) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْإِيمَاءِ الظَّاهِرِ أَمَّا مَنْ يُشِيرُ بِأَجْفَانِهِ أَوْ رَأْسِهِ إشَارَةً خَفِيَّةً أَوْ يُجْرِي الْأَرْكَانَ عَلَى قَلْبِهِ لِعَجْزٍ فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهِ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَشْعُرُ بِانْتِقَالِهِ كَذَا قَالَهُ ز ي وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَعْلَمُ بِانْتِقَالِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ: وَمَحَلُّ كَوْنِ الْخَوَارِقِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ وُقُوعِهَا أَمَّا بَعْدَ وُقُوعِهَا فَيُعْتَدُّ بِهَا فِي حَقِّ مَنْ قَامَتْ بِهِ فَمَنْ ذَهَبَ مِنْ مَحَلٍّ بَعِيدٍ إلَى عَرَفَةَ وَقْتَ الْوُقُوفِ فَأَدَّى أَعْمَالَ الْحَجِّ تَمَّ حَجُّهُ وَسَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ اهـ. بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَصَبِيٍّ) لَكِنَّ الْبَالِغَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ أَقْرَأَ وَأَفْقَهَ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْبَالِغِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَهُوَ أَحْرَصُ عَلَى الشُّرُوطِ وَلِلْخِلَافِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِالصَّبِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَرْمَاوِيُّ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَصَبِيٍّ أَيْ يَقْتَدِي بِهِ الْكَامِلُ الْحُرُّ (قَوْلُهُ: وَسَلَسٍ) أَيْ يَقْتَدِي بِهِ السَّلِيمُ وَمُسْتَجْمِرٍ أَيْ يَقْتَدِي بِهِ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ وَكَذَا الْمَسْتُورُ بِالْعَارِي، وَالصَّحِيحُ بِمَنْ بِهِ جُرْحٌ سَائِلٌ، وَالطَّاهِرُ بِمَنْ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهَا أَيْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر
. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ غَيْرِ أُنْثَى بِغَيْرِ ذَكَرٍ) حَاصِلُ الصُّوَرِ تِسْعٌ خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ وَهِيَ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةُ بِالْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِالْخُنْثَى، وَالْخُنْثَى بِالرَّجُلِ وَأَرْبَعَةٌ بَاطِلَةٌ وَهِيَ الرَّجُلِ بِامْرَأَةٍ وَبِخُنْثَى، وَالْخُنْثَى بِالْخُنْثَى وَبِالْمَرْأَةِ فَمَنْطُوقُ الْمَتْنِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُهُ خَمْسٌ وَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ أُنْثَى شَامِلٌ لِلذَّكَرِ، وَالْخُنْثَى وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ ذَكَرٍ شَامِلٌ لِلْأُنْثَى، وَالْخُنْثَى، وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ غَيْرِ أُنْثَى أَنَّ الْأُنْثَى يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا بِمِثْلِهَا وَبِالذَّكَرِ، وَالْخُنْثَى وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِغَيْرِ ذَكَرٍ صِحَّةُ اقْتِدَاءِ الذَّكَرِ، وَالْخُنْثَى بِالذَّكَرِ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَضَابِطُ الصَّحِيحِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مُسَاوِيًا لِلْمَأْمُومِ يَقِينًا وَأَزْيَدَ مِنْهُ وَضَابِطُ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَنْقَصَ مِنْ الْمَأْمُومِ وَلَوْ احْتِمَالًا قَالَ ح ل: وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَلَكِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أُنْثَى وَإِنْ كَانَ لَا يُوصَفُ بِالذُّكُورَةِ وَلَا بِالْأُنُوثَةِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ تَطَهَّرَ بِأَحَدِ الطَّهُورَيْنِ اكْتِفَاءً بِالطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ح ف وَبِالْجِنِّيِّ إنْ تَحَقَّقَتْ ذُكُورَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْقَمُولِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ اهـ.
قَالَ شَيْخُنَا ح ف: وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ تَحَقُّقُ الذُّكُورَةِ فِي الْجِنِّيِّ دُونَ الْمَلَكِ لِاشْتِمَالِ حَقِيقَةِ الْجِنِّيِّ عَلَى الذُّكُورَةِ، وَالْأُنُوثَةِ بِخِلَافِ الْمَلَكِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهَا الْخُنْثَى) الظَّاهِرُ أَنَّهَا غَيْرُ مَقِيسَةٍ بَلْ دَاخِلَةٌ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْمُرَادَ لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ وَلَوْ احْتِمَالًا رَجُلًا وَلَوْ احْتِمَالًا فَالْحَدِيثُ يَشْمَلُ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَةَ الْبَاطِلَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَالْخُنْثَى الْمُقْتَدِي بِأُنْثَى إلَخْ فَإِنَّ مُرَادَهُ إدْخَالُ الصُّورَتَيْنِ فِي الْحَدِيثِ اهـ. شَيْخُنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخُنْثَى لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي زَمَنِهِ عليه الصلاة والسلام فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي كَلَامِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَحْكَامُهُ ثَابِتَةً بِالْقِيَاسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أُخْبِرَ بِحُكْمِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُوجَدُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) أَيْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ ذَكَرٍ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمَا، وَالْأَوَّلُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ ذَكَرٍ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِغَيْرِ ذَكَرٍ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَدَى بِخُنْثَى) أَيْ وَظَنَّ ذُكُورَتَهُ عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ حَتَّى تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ أَوَّلًا ثُمَّ طَرَأَ التَّرَدُّدُ فِي خُنُوثَتِهِ فِي الْأَثْنَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لِلتَّرَدُّدِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: فَبَانَ ذَكَرًا أَيْ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ بَانَ إمَامُهُ أُنْثَى إلَخْ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْغَايَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ مِنْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا مَا لَوْ بَانَ خُنْثَى أَيْ وَظَنَّ ذُكُورَتَهُ عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ أَيْضًا وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَخُنْثَى وَلَمْ يَقُلْ وَإِنَّهُ لَوْ بَانَ إمَامُهُ خُنْثَى كَسَابِقِهِ أَوْ يَضُمَّهُ لِمَا قَبْلَهُ بِأَنْ يَقُولَ وَإِنَّهُ لَوْ بَانَ
بِهِ ظَاهِرًا لِلتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ وَأَنَّهُ لَوْ بَانَ إمَامُهُ أُنْثَى وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَمِثْلُهَا مَا لَوْ بَانَ خُنْثَى وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْأُنْثَى بِأُنْثَى وَبِخُنْثَى كَمَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ بِذَكَرٍ
(وَلَا) اقْتِدَاءُ (قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ) أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ أَوْ لَا عَلِمَ الْقَارِئُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْمَسْبُوقِ وَإِذَا لَمْ يُحْسِنْهَا لَمْ يَصْلُحْ لِلتَّحَمُّلِ فَعُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ بَانَ إمَامُهُ أُمِّيًّا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَالْأُمِّيُّ مَنْ (يُخِلُّ بِحَرْفٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
إمَامُهُ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِلتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِخُنْثَى وَعِنْدَهُ أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَانَ أَنَّهُ خُنْثَى ثُمَّ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إذْ لَا تَرَدُّدٌ حِينَ الْقُدْوَةِ كَمَا فِي الْبَرْمَاوِيِّ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ سم: حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَهُ خُنْثَى عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ عَلِمَ خُنُوثَتَهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنْ تَبَيَّنَ فِي الْحَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَدَّدْ عِنْدَ النِّيَّةِ وَقَدْ بَانَتْ الذُّكُورَةُ فِي الْحَالِ وَإِنْ مَضَى قَبْلَ التَّبَيُّنِ رُكْنٌ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَطَلَتْ وَإِنْ عَلِمَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ تَبْنِ ذُكُورَتُهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِنْ تَبَيَّنَتْ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ تَبَيَّنَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَلَا قَضَاءَ وَهَذَا الْحَاصِلُ عَرَضْته عَلَى شَيْخِنَا طب فَجَزَمَ بِهِ اهـ. ع ش إطْفِيحِيٌّ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف غَيْرَ أَنَّهُ اعْتَمَدَ فِيمَا إذَا بَانَ الْإِمَامُ خُنْثَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا تَبْطُلُ وَإِنْ ظَهَرَ عَقِبَهُ أَنَّهُ مُتَّضِحٌ بِالذُّكُورَةِ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الشَّكِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَوْ بَانَ إمَامُهُ أُنْثَى) أَيْ وَظَنَّ ذُكُورَتَهُ حَتَّى تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ أَيْ لِأَنَّ لَا يَخْفَى فَالْمُقْتَدِي بِهِ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْبَحْثِ وَبِهِ فَارَقَ مَنْ يُحْرِمُ قَبْلَ الْوَقْتِ جَاهِلًا فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا وَأَيْضًا فَالْمُبْطِلُ ثَمَّ إنَّمَا يُنَافِي الْفَرْضَ لَا النَّفَلَ الْمُطْلَقَ فَوَقَعَتْ لَهُ كَذَلِكَ لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ الْمُبْطِلِ هُنَا فَإِنَّهُ مُنَافٍ لِلنَّفْلِ أَيْضًا فَلَمْ يُمْكِنْ مَعَهُ تَصْحِيحُهَا حَتَّى تَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْأُنْثَى إلَخْ) مَفْهُومُ الْمَتْنِ
. (قَوْلُهُ: وَلَا اقْتِدَاءُ قَارِئٍ) أَيْ مُطْلَقًا وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الصِّحَّةِ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ وَيُفَارِقُهُ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهِ وَأَيَّدَ الْأَوَّلَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ الْأُمِّيَّةَ خَلَلٌ ذَاتِيٌّ فَأَشْبَهَتْ الْأُنُوثَةَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِأُمِّيٍّ) نِسْبَةً لِلْأُمِّ كَأَنَّهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي وَلَدَتْهُ عَلَيْهَا أُمُّهُ وَهُوَ لُغَةً اسْمٌ لِمَنْ لَا يَكْتُبُ وَلَا يَقْرَأُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِيمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا أَوْ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: عَلِمَ الْقَارِئُ أَوْ لَا) شَامِلٌ لِمَا إذَا تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ أُمِّيًّا أَوْ لَا فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ حِينَئِذٍ وَقَدْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُصَلِّي أَنْ يُحْسِنَ الْقِرَاءَةَ فَإِنْ أَسَرَّ فِي جَهْرِيَّةٍ تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ قَارِئٍ أَعَادَ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَارِئٌ وَلَوْ بِقَوْلِهِ نَسِيت الْجَهْرَ أَوْ أَسْرَرْت لِكَوْنِهِ جَائِزًا وَصَدَّقَهُ الْمَأْمُومُ وَلَمْ يُعِدْ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَالُهُ لَمْ يُعِدْ أَيْضًا، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُعِيدُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ) أَيْ عُرْضَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ عَلِمَ الْقَارِئُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: بِحَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ) خَرَجَ التَّشَهُّدُ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ فِيهِ بِالْأُمِّيِّ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَالْفَرْقُ يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ إلَخْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ بِالْمَعْنَى وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ اقْتِدَاءِ مَنْ يُحْسِنُ نَحْوَ التَّكْبِيرِ أَوْ التَّشَهُّدِ أَوْ السَّلَامِ بِالْعَرَبِيَّةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ لَا مَدْخَلَ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ فِيهَا فَلَمْ يُنْظَرْ لِعَجْزِهِ عَنْهَا اهـ.
لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْبَرْمَاوِيِّ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِبَعْضِ الشَّدَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ مُخِلٌّ أَيْضًا أَيْ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ وَلَا إمَامَتُهُ اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: بِحَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالتَّشَهُّدِ، وَالسَّلَامِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَا يُسَمَّى أُمِّيًّا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَعَلَيْهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا إمَامَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ شَرْطَ الْخَطِيبِ صِحَّةُ إمَامَتِهِ بِالْقَوْمِ فِي الْجُمُعَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِبَعْضِ الشَّدَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ مُخِلٌّ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةُ بِالْأُمِّيِّ فَهُوَ مُمْكِنٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ الْإِمَامِ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ سَرِيَّةً كَانَتْ الصَّلَاةُ أَوْ جَهْرِيَّةً؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْإِمَامِ الْجَهْرُ بِهِ فَشَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى فَإِنْ تَبَيَّنَ لِلْمُقْتَدِي ذَلِكَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ بَعْدَهُ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ اسْتَأْنَفَ وَكَذَا فِي أَثْنَائِهَا وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ وَأَمَّا الْإِخْلَالُ فِي التَّشَهُّدِ فَلَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْهُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ لِأَنَّهُ سِرِّيٌّ شَأْنُهُ أَنْ يَخْفَى وَإِنْ عَلِمَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ
كَتَخْفِيفِ مُشَدَّدٍ (مِنْ الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ لَا يُحْسِنَهُ، (كَأَرَتَّ) بِمُثَنَّاةٍ وَهُوَ مَنْ (يُدْغِمُ) بِإِبْدَالٍ (فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ الْإِدْغَامِ بِخِلَافِهِ بِلَا إبْدَالٍ كَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَوْ الْكَافِ مِنْ مَالِكِ، (وَأَلْثَغَ) بِمُثَلَّثَةٍ وَهُوَ مَنْ (يُبَدِّلُ حَرْفًا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ بَدَلَهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ السِّينِ فَيَقُولُ الْمُثْتَقِيمَ (فَإِنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ الْأُمِّيَّ (تَعَلُّمٌ) وَلَمْ يَتَعَلَّمْ (لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي اللَّاحِنِ الصَّادِقِ بِالْأُمِّيِّ (وَإِلَّا صَحَّتْ كَاقْتِدَائِهِ بِمِثْلِهِ) فِيمَا يُخِلُّ بِهِ كَأَرَتَّ بِأَرَتَّ وَأَلْثَغَ بِأَلْثَغَ فِي حَرْفٍ لَا فِي حَرْفَيْنِ وَلَا أَرَتَّ بِأَلْثَغَ وَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ وَكَذَا مَنْ يُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ إلَّا الذِّكْرَ وَلَوْ كَانَتْ لُثْغَتُهُ يَسِيرَةً بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَرْفِ غَيْرِ صَافٍ لَمْ يُؤَثِّرْ
. (وَكُرِهَ) الِاقْتِدَاءُ (بِنَحْوِ تَأْتَاءٍ) كَفَأْفَاءٍ وَوَأْوَاءٍ وَهُمْ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ، وَالْفَاءَ، وَالْوَاوَ وَجَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ مَعَ زِيَادَتِهِمْ لِعُذْرِهِمْ فِيهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ فِي أَثْنَائِهَا انْتَظَرَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى الصَّوَابِ فَذَاكَ وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ إذْ صَلَاتُهُ قَدْ تَمَّتْ فَلَا تَتَأَتَّى نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ إذَا لَمْ تُتَدَارَكْ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَنْوِي الْمُفَارَقَةَ فَتَأَمَّلْ ح ف (قَوْلُهُ: كَتَخْفِيفِ مُشَدَّدٍ) مِثَالٌ لِلْحَرْفِ الَّذِي يُخِلُّ بِهِ، وَقَوْلُهُ: كَأَرَتَّ مِثَالٌ لِلْأُمِّيِّ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يُحْسِنَهُ) صَادِقٌ بِأَنْ تَرَكَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ بَدَلٍ، وَقَوْلُهُ: كَأَرَتَّ الْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ وَبَقِيَ لَهَا مِنْ أَفْرَادِ الْأُمِّيِّ مَنْ يُخَفِّفُ الْمُشَدَّدَ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ وَقَوْلُهُ: فِي الْأَلْثَغِ مَنْ يُبْدِلُ حَرْفًا أَيْ مَعَ الْإِدْغَامِ أَوْ بِدُونِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَرَتِّ فَكُلُّ أَرَتَّ أَلْثَغُ وَلَا عَكْسَ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَلَا أَرَتُّ بِأَلْثَغَ وَعَكْسُهُ يُوهِمُ التَّغَايُرَ الْكُلِّيَّ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: بِأَلْثَغَ أَيْ غَيْرَ أَرَتَّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَكْسِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ بِإِبْدَالٍ فَالْأَرَتُّ يُبْدِلُ لَكِنْ مَعَ الْإِدْغَامِ، وَالْأَلْثَغُ يُبْدِلُ مَعَ إدْغَامٍ أَوْ لَا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ كُلُّ أَرَتَّ أَلْثَغُ وَلَا عَكْسُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا أَرَتُّ بِأَلْثَغَ وَعَكْسُهُ يَقْتَضِي مُغَايَرَتَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِلَا إبْدَالٍ) أَيْ فَلَا يُقَالُ لَهُ أَرَتُّ (قَوْلُهُ: كَتَشْدِيدِ اللَّامِ إلَخْ) فَإِنَّ التَّشْدِيدَ الْمَذْكُورَ يُقَالُ لَهُ إدْغَامٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الْإِدْغَامَ عِنْدَهُمْ إدْخَالُ حَرْفٍ فِي حَرْفٍ وَلَوْ بِلَا إبْدَالٍ وَأَمَّا الْإِدْغَامُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِبْدَالِ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ تَعَلُّمٌ) وَوَقْتُ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ مِنْ الْبُلُوغِ وَلَوْ بِالِاحْتِلَامِ لِلْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ وَإِلَّا فَمِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْإِفَاقَةِ، وَالْمُرَادُ بِإِمْكَانِ التَّعَلُّمِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوُصُولِ لِلْمُعَلِّمِ بِمَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي الْحَجِّ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَاقْتِدَائِهِ بِمِثْلِهِ) أَيْ فِي الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْبَدَلِ كَمَا لَوْ عَجَزَا عَنْ الرَّاءِ وَأَبْدَلَهَا أَحَدُهُمَا غَيْنًا، وَالْآخَرُ لَامًا بِخِلَافِ عَاجِزٍ عَنْ رَاءٍ بِعَاجِزٍ عَنْ سِينٍ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْبَدَلِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ اهـ. شَرْحُ م ر فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا فِي حَرْفَيْنِ مُرَادُهُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ م ر بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ عَاجِزٍ عَنْ رَاءٍ إلَخْ فَحِينَئِذٍ تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِنْ التَّسَاهُلِ إذْ قَوْلُهُ: فِي حَرْفٍ لَا فِي حَرْفَيْنِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يُخِلُّ بِهِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ فَتَقْتَضِي الْعِبَارَةُ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْحَرْفَيْنِ تَضُرُّ فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا إذَا عَجَزَ عَنْ حَرْفَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ كَسِينٍ وَرَاءٍ تَأَمَّلْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا فِي حَرْفَيْنِ أَيْ مُخْتَلِفَيْنِ وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ وَلَوْ كَانَ الْخَرَسُ أَصْلِيًّا لِجَوَازِ أَنْ يُحْسِنَ أَحَدُهُمَا مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ لَوْ كَانَا سَلِيمَيْنِ م ر وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى أَخْرَسُ بِمِثْلِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ خَرَسُهُمَا أَصْلِيًّا أَوْ خَرَسُ الْمَأْمُومِ أَصْلِيًّا، وَالْإِمَامِ عَارِضًا صَحَّ لِأَنَّهُ يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْمَأْمُومُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ خَرَسُهُمَا عَارِضًا أَوْ الْمَأْمُومِ عَارِضًا، وَالْإِمَامِ أَصْلِيًّا فَلَا يَصِحُّ وَنُقِلَ عَنْ س ل أَنَّهُ اعْتَمَدَ هَذَا التَّفْصِيلِ وَنُقِلَ عَنْ م ر الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَعَنْ حَجّ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: كَاقْتِدَاءِ مِثْلِهِ بِهِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا كَمَا قَالَهُ ق ل وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ مَقْلُوبَةٌ (قَوْلُهُ: فِي حَرْفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ مُتَمَاثِلَيْنِ فِي حَرْفٍ إلَخْ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا إلَخْ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ لُثْغَتُهُ يَسِيرَةً) بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَقَوْلُهُ: يَسِيرَةً أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ مَعَهَا إبْدَالٌ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ وَهَلْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِذَا قَرَّرَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِمَامَةِ وَقُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ هَلْ يَحْرُمُ وَيَصِحُّ كَتَقْرِيرِ الْفَاسِقِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ م ر أَوْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ حَرِّرْهُ بِرْمَاوِيٌّ
. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ إلَخْ) هَلْ وَلَوْ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ لَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ أَوْ لَا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ كَثْرَةِ الْمُكَرَّرِ وَعَدَمِهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ أَقُولُ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ كَثُرَ أَوْ قَلَّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَجَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُمْ لَوْ تَعَمَّدُوا ذَلِكَ ضَرَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَرْفِ لَا تَضُرُّ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ يُشَدِّدُ
وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ تَأْتَاءٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتِّمْتَامِ، وَالْفَأْفَاءِ (وَلَاحِنٍ) بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَضَمِّ هَاءِ لِلَّهِ (فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنًى فِي الْفَاتِحَةِ) كَأَنْعَمْتَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ (وَلَمْ يُحْسِنْهَا) أَيْ اللَّاحِنُ الْفَاتِحَةَ (فَكَأُمِّيٍّ) فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِ إنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ أَوَّلًا وَإِلَّا صَحَّتْ كَاقْتِدَائِهِ بِمِثْلِهِ فَإِنْ أَحْسَنَ اللَّاحِنُ الْفَاتِحَةَ وَتَعَمَّدَ اللَّحْنَ أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ وَلَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ عَلَى الصَّوَابِ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا وَلَا الِاقْتِدَاءُ بِهِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (أَوْ) فِي (غَيْرِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ كَجَرِّ اللَّامِ فِي قَوْلِ:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3](صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَقُدْوَةٌ بِهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (عَاجِزًا) عَنْ التَّعَلُّمِ (أَوْ جَاهِلًا) بِالتَّحْرِيمِ (أَوْ نَاسِيًا)
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُخَفَّفَ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ، وَفِيهِ زِيَادَةُ حَرْفٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي التَّشْدِيدِ زِيَادَةُ حَرْفٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزٍ بِخِلَافِهِ هُنَا وَكَلَامُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ كَالشَّارِحِ ح ل وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَرْفِ لَا تَضُرُّ إلَخْ وَأَيْضًا الزِّيَادَةُ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ لَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتِّمْتَامِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْأَصْلَ يُسَمِّي مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ بِالتِّمْتَامِ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الصِّحَاحِ مِنْ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ تَأْتَاءٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَكَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ م ر لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ أَنَّ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ يُقَالُ لَهُ تِمْتَامٌ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ أَخْصَرُ وَأَشْهَرُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف؛ وَلِأَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى التِّمْتَامِ، وَالْفَأْفَاءِ يُخْرِجُ غَيْرَهُمَا ع ش فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْلَى وَأَعَمُّ.
(قَوْلُهُ: وَلَاحِنٍ) مِنْ اللَّحْنِ بِالسُّكُونِ عَلَى الْأَفْصَحِ: الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْخَطَأُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ فِي الْآخِرِ وَبِالتَّحْرِيكِ الْفَطِنَةُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ، وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِالتَّحْرِيكِ، وَالسُّكُونِ يُطَلِّقُ عَلَى الْفَطِنَةِ وَعَلَى الْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ اهـ. ق ل وَقَوْلُهُ: بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى أَيْ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ أَوْ لَا عَلِمَ أَوْ لَا وَفِي ح ل قَوْلُهُ: وَلَاحِنٍ شَامِلٌ لِلْإِبْدَالِ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ أَطْلَقَ فِي هَذَا وَفَصَّلَ فِيمَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى بَيْنَ كَوْنِهِ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا اهـ. وَقَوْلُهُ: أَيْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنًى فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: كَضَمِّ هَاءِ لِلَّهِ) أَوْ لَامِهِ أَوْ كَسْرِ دَالِ الْحَمْدُ أَوْ نُونِ نَسْتَعِينُ أَوْ تَائِهِ أَوْ نُونِ نَعْبُدُ أَوْ فَتْحِ بَائِهِ أَوْ كَسْرِهَا أَوْ ضَمِّ صَادِ الصِّرَاطَ أَوْ هَاءِ عَلَيْهِمْ أَوْ رَاءِ الرَّحْمَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ أَيْ لِبَقَاءِ الْمَعْنَى، وَالْمُتَعَمِّدُ لِذَلِكَ آثِمٌ أَيْ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ عَلَى الصَّوَابِ وَقَوْلُ الْبَرْمَاوِيِّ أَوْ هَاءِ عَلَيْهِمْ عَدُّهُ مِنْ اللَّحْنِ لَحْنٌ لِأَنَّ ذَلِكَ قِرَاءَةٌ سَبُعِيَّةٌ مُتَوَاتِرَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَيَّرَ) أَيْ اللَّحْنُ الشَّامِلُ لِلْإِبْدَالِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاللَّحْنِ الْمُتَعَارَفَ عِنْدَ النُّحَاةِ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْسِنْهَا أَيْ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمَا يَلْحَنُ فِيهِ عَلَى الصَّوَابِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: كَأَنْعَمْتَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ) قَالَ شَيْخُنَا: وَضَمِّ وَكَسْرِ كَافِ إيَّاكَ وَإِبْدَالِ حَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ هَاءً وَإِبْدَالِ الْمُعْجَمَةِ فِي الَّذِينَ بِمُهْمَلَةٍ وَأَمَّا ضَمُّ صَادِ الصِّرَاطَ وَهَمْزَةِ اهْدِنَا فَكَاللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ تُسَمِّهِ النُّحَاةُ لَحْنًا لِأَنَّ اللَّحْنَ عِنْدَهُمْ مُخَالَفَةُ صَوَابِ الْإِعْرَابِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَكَأُمِّيٍّ) مُقْتَضَى كَوْنِ هَذَا كَالْأُمِّيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ عِنْدَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ أَوْ الْجَهْلِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَزَّلْ مَنْزِلَةَ الْأُمِّيِّ إلَّا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ فَيَنْبَغِي فِي حَالَةِ الْجَهْلِ الصِّحَّةُ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي السِّرِّيَّةِ دُونَ الْجَهْرِيَّةِ وَكَوْنُ الْفَاتِحَةِ مِنْ شَأْنِهَا أَنَّهَا لَا تَخْفَى فِيهِ نَظَرٌ اهـ. ح ل وَقَوْلُهُ: أَيْ ح ل لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مُطْلَقًا هُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عِنْدَ تَبَيُّنِ الْحَالِ وَأَمَّا فِي حَالِ التَّحَرُّمِ فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعِلْمِ، وَالْجَهْلِ جَارٍ فِيهِمَا أَيْ الْأُمِّيِّ، وَاللَّاحِنِ فَعِنْدَ الْعِلْمِ لَا يَصِحُّ وَعِنْدَ الْجَهْلِ يَصِحُّ ظَاهِرًا فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَتَبَيَّنَا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الشَّمْسُ ح ف (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْسَنَ اللَّاحِنُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِمَا يَلْحَنُ فِيهِ عَلَى الصَّوَابِ وَقَوْلُهُ: وَتَعَمَّدَ اللَّحْنَ أَيْ الْمُغَيِّرَ لِلْمَعْنَى أَيْ وَعَلِمَ كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ فِي الْأُولَى سَوَاءٌ أَعَادَ الْكَلِمَةَ الْأُولَى عَلَى الصَّوَابِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ بَطَلَتْ بِتَعَمُّدِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ سَبْقَ لِسَانِهِ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَرَكَعَ قَبْلَ إعَادَتِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَافْهَمْ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِحَالِ نَفْسِهِ بَعْدَ سَبْقِ لِسَانِهِ أَوْ جَاهِلًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا الِاقْتِدَاءُ بِهِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: قَضِيَّتُهُ الصِّحَّةُ عِنْدَ الْجَهْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْمَأْمُومِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ تَبَيُّنِ أَنَّهُ أُمِّيٌّ اهـ. (قَوْلُهُ: حَالَةَ كَوْنِهِ عَاجِزًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَحْوَالٌ مِنْ الْهَاءِ فِي صَلَاتِهِ وَمِنْ الْهَاءِ فِي قُدْوَةٍ بِهِ وَهِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَالْقُدْوَةِ بِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ صَنِيعِ الشَّارِحِ فِي بَيَانِ الْمَفْهُومِ وَيُزَادُ عَلَيْهَا فِي الْمَأْمُومِ جَهْلُهُ بِحَالِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَنَشَأَ قَرِيبًا مِنْ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَفِي شَرْحِ م ر أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ وَعُذِرَ بِهِ اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَاسِيًا
كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ لَحْنٌ؛ لِأَنَّ تَرْكَ السُّورَةِ جَائِزٌ لَكِنْ الْقُدْوَةُ بِهِ مَكْرُوهَةٌ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ قِيلَ لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِمَّا يَلْحَنُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ بِلَا ضَرُورَةٍ وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ أَمَّا الْقَادِرُ الْعَالِمُ الْعَامِدُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا الْقُدْوَةُ بِهِ لِلْعَالِمِ بِحَالِهِ وَقَوْلِي أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا مِنْ زِيَادَتِي. وَكَالْفَاتِحَةِ فِيمَا ذُكِرَ بَدَلُهَا
(وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ) بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ (كَافِرًا وَلَوْ مُخْفِيًا) كُفْرَهُ كَزِنْدِيقٍ (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ فِي ذَلِكَ وَلِنَقْصِ الْإِمَامِ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَبِنْ كُفْرُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فَقَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَوْنُهُ فِي الصَّلَاةِ) فِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ هُنَا لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْقُدْوَةَ بِهِ مَكْرُوهَةٌ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَكُرِهَ بِنَحْوِ تَأْتَاءٍ وَلَاحِنٍ فَإِنَّ عُمُومَ اللَّاحِنِ شَامِلٌ لِهَذَا هَكَذَا قَالَ الْإِطْفِيحِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَيَّدَهُ بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَهَذَا فِيمَا يُغَيِّرُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ قِيلَ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ الْبُطْلَانُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَيَحْرُمُ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ السُّورَةَ مَطْلُوبَةً فِي الْجُمْلَةِ كَذَا قَالَهُ ح ل وز ي وَقَوْلُهُمَا فَيَحْرُمُ إلَخْ يُقَالُ: كَيْفَ هَذَا؟ مَعَ أَنَّهُ عَاجِزٌ أَوْ جَاهِلٌ أَوْ نَاسٍ قَالَ ق ل: وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّحْنَ حَرَامٌ عَلَى الْعَالِمِ الْعَامِدِ الْقَادِرِ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّ مَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَالْقُدْوَةِ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا مَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَفِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ فِيهِمَا إلَّا إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا قَادِرًا وَأَمَّا فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنْ قَدَرَ وَأَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ ضَرَّ فِيهِمَا وَإِلَّا فَكَالْأُمِّيِّ اهـ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَبْطُلُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَضْعِيفُ ح ل لَهُ اهـ. ح ف
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ م ر بِأَنْ أَخْبَرَ عَنْ اسْتِمْرَارِ كُفْرِهِ الْأَصْلِيِّ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ لِأَنَّ قَصْدَهُ إبْطَالُ مَا سَبَقَ وَهُوَ الْإِسْلَامُ فَلَا يُقْبَلُ وَذَكَرَ السُّيُوطِيّ أَنَّ بَانَ مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ فَإِمَامُهُ اسْمُهَا وَكَافِرًا خَبَرُهَا هَكَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَالْأَوْلَى نَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ لَوْ بَانَ كُفْرُ إمَامِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَيَصِحُّ جَعْلُهُ حَالًا وَقَوْلُهُ: كَافِرًا أَيْ أَوْ خُنْثَى أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أُمِّيًّا أَوْ تَارِكًا الْفَاتِحَةَ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَوْ سَاجِدًا عَلَى كُمِّهِ الَّذِي يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ أَوْ تَارِكًا تَكْبِيرَاتِ الْإِحْرَامِ أَوْ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ أَوْ السُّتْرَةِ وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ أَوْ عَارِيًّا فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا تَخْفَى وَفَارَقَ تَبَيُّنَ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ فِي الْخُطْبَةِ وَكَانَ قَدْ خَطَبَ مِنْ قُعُودٍ حَيْثُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ بِأَنَّ الْقِيَامَ فِي الْخُطْبَةِ شَرْطٌ، وَفِي الصَّلَاةِ رُكْنٌ، وَالشَّرْطُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الرُّكْنِ.
فَإِنْ قُلْت يَرُدُّ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ السُّتْرَةُ فَإِنَّهَا شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ قِيَامِ الْخُطْبَةِ. أُجِيبَ بِأَنَّ السُّتْرَةَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ، وَالْقِيَامُ الْمَذْكُورُ شَرْطٌ لِمَا هُوَ مُنَزَّلَ مَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْخُطْبَةُ فَاغْتُفِرَ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ بَانَ وَمِنْ قَوْلِهِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ، وَالْمُرَادُ بَانَ بَعْدَ عَقْدِ الْقُدْوَةِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّبَيُّنُ بَعْدَ انْقِطَاعِهَا بِالسَّلَامِ مَثَلًا أَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْقُدْوَةِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تَنْفَعُهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ بَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَيَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا فَقَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ شَامِلٌ لِوُجُوبِ اسْتِئْنَافِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُخْفِيًا) هِيَ لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ: وَجَبَتْ إعَادَةٌ وَلَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا مُطْلَقًا كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ.
(قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ مُظْهِرًا وَقَوْلُهُ: وَلِنَقْصِ الْإِمَامِ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ مُخْفِيًا كُفْرَهُ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُصَلِّي أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا لِأَنَّ عَلَامَاتِ الْكُفْرِ لَا تَخْفَى ثُمَّ رَأَيْت فِي ق ل مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ إلَخْ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْأُمُورُ الَّتِي قَلَّ أَنْ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ يُنْسَبُ تَارِكُهَا إلَى التَّقْصِيرِ فِي عَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهَا أَوْ يُقَالُ هَذَا تَعْلِيلُ مَنْ يُوجِبُ الْبَحْثَ جَرَى عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ مَقْصُودًا عِنْدَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِنَقْصِ الْإِمَامِ) عُمُومُ نَقْصِ الْإِمَامِ يَشْمَلُ مَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ أُمِّيًّا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، وَالْمَأْمُومُ رَجُلًا أَوْ بَانَ مُحْدِثًا أَوْ ذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ فِيهِمَا، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ اقْتِصَارِهِ فِيمَا يَأْتِي عَلَى غَيْرِهِ هَكَذَا قَالَ ح ل وَأَجَابَ شَيْخُنَا ح ف بِأَنَّهُ جُزْءُ عِلَّةٍ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ الْأُولَى وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الْمُقَابِلِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَسْلَمَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ أَيْ تَجَدَّدَ إسْلَامُهُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَقَوْلُهُ: فَقَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ: تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يَبِنْ كُفْرُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ
لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت حَقِيقَةً أَوْ أَسْلَمْت ثُمَّ ارْتَدَدْت لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ كَافِرٌ بِذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ (لَا) إنْ بَانَ (ذَا حَدَثٍ) وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ (وَ) ذَا (نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ عَلَى الْمُقْتَدِي لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ مَا تَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمُقْتَدِي رَآهَا، وَالْخَفِيَّةُ بِخِلَافِهَا وَحَمَلَ فِي الْمَجْمُوعِ إطْلَاقَ مَنْ أَطْلَقَ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ فِي النَّجَاسَةِ عَلَى الظَّاهِرَةِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ عَدَمَ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيمَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَكَذَا فِيهَا إنْ زَادَ الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَعِينَ نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْحَدَثَ أَوْ النَّجَسَ ثُمَّ نَسِيَهُ وَلَمْ يَحْتَمِلْ التَّطَهُّرَ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَتَعْبِيرِي بِالْمُحْدِثِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجُنُبِ
(وَعَدْلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ قَبُولِ خَبَرِهِ إذَا كَانَ كَافِرًا أَصْلِيًّا أَوْ أَخْبَرَ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ فَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يُعَلَّلَ بِالتَّقْصِيرِ وَيُحْكَمَ بِرِدَّتِهِ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ.
(قَاعِدَةٌ) كُلُّ مَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ إذَا طَرَأَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ ظَهَرَ أَوْجَبَ الِاسْتِئْنَافَ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِمْرَارُ مَعَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَكُلُّ مَا لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ مِمَّا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ ابْتِدَاءً عِنْدَ الْعِلْمِ إذَا طَرَأَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ ظَهَرَ لَا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ فَيَجُوزُ الِاسْتِمْرَارُ مَعَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر مُلَخَّصًا وَبَعْضُهُ فِي ح ل (قَوْلُهُ: لَا إنْ بَانَ ذَا حَدَثٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحَدَثِ نَفْسِهِ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ اهـ. سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُ الْحَدَثِ مَا لَوْ بَانَ تَارِكًا لِلنِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ تَارِكًا لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَوْ لِلسَّلَامِ أَوْ لِلِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهَا كَالنَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ لِأَنَّهَا مِمَّا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا وَمِثْلُ تَبَيُّنِ حَدَثِهِ أَيْضًا مَا لَوْ بَانَ تَارِكًا لِلْفَاتِحَةِ فِي السِّرِّيَّةِ أَوْ لِلتَّشَهُّدِ مُطْلَقًا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى وَلَوْ أَحْرَمَ الْمَأْمُومُ بِإِحْرَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ ثَانِيًا بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ سِرًّا بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَوَّلًا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى وَلَا أَمَارَةَ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَيْ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَمَا لَوْ بَانَ إمَامُهَا مُحْدِثًا وَأَمَّا الْإِمَامُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ قَطْعَ الْأُولَى مَثَلًا بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِخُرُوجِهِ بِالثَّانِيَةِ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فُرَادَى لِعَدَمِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مِنْ الْقَوْمِ فَلَوْ حَضَرَ بَعْدَ نِيَّتِهِ مَنْ اقْتَدَى بِهِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ حَصَلَتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ فِي الْجُمُعَةِ لَا تَنْعَقِدُ لَهُ لِفَوَاتِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) أَيْ حُكْمِيَّةٍ، وَالتَّخَرُّقُ فِي سَاتِرِ الْعَوْرَةِ كَالنَّجَاسَةِ فِي تَفْصِيلِهَا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ) أَيْ وَلِانْتِفَاءِ نَقْصِ الْإِمَامِ أَيْضًا فَلَا تَكْفِي الْعِلَّةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْإِعَادَةِ عَلَّلَ بِهِمَا فَفِي عَدَمِهَا يَتَعَيَّنُ انْتِفَاؤُهُمَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ إلَخْ) التَّحْقِيقُ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ، وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ، وَالْخَفِيَّةُ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ، وَالْبَعِيدِ وَلَا بَيْنَ الْقَائِمِ، وَالْقَاعِدِ وَلَا بَيْنَ الْأَعْمَى، وَالْبَصِيرِ وَلَا بَيْنَ بَاطِنِ الثَّوْبِ وَظَاهِرِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَتَعْرِيفُ الشَّارِحِ لِكُلٍّ مِنْ الظَّاهِرَةِ، وَالْخَفِيَّةِ لَا يَأْبَى هَذَا الْمَعْنَى بَلْ هُوَ مُتَبَادَرٌ مِنْهُ.
(فَائِدَةٌ) يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ ظَاهِرَةً إخْبَارَ الْمَأْمُومِ بِذَلِكَ لِيُعِيدَ صَلَاتَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ رَأَى عَلَى ثَوْبِ مُصَلٍّ نَجَاسَةً وَجَبَ إخْبَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آثِمًا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمُقْتَدِي رَآهَا) أَيْ أَدْرَكَهَا بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ وَلَوْ بِالشَّمِّ لِيَشْمَلَ الْأَعْمَى وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ وُجُوبِهَا فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِيمَا إذَا بَانَ إمَامُهُ ذَا حَدَثٍ وَذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا ذَا حَدَثٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَقْصِيرَ وَلِهَذَا لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَطْهِيرَهُ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْتَمَلْ التَّطْهِيرُ) أَيْ عِنْدَ الْمَأْمُومِ بِأَنْ لَمْ يَفْتَرِقَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ. ع ش، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْتَرِقَا قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ تَفَرَّقَا زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ طُهْرُ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ سم وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْهِرَّةِ حَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِطَهَارَةِ فَمِهَا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ مَا وَلَغَتْ فِيهِ كَذَا قَالُوهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فَتَأَمَّلْ
. (قَوْلُهُ: وَعَدْلٌ) أَيْ عَدْلٌ فِي الرِّوَايَةِ وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ امْرَأَةً وَهُوَ مَنْ لَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ) مَحَلُّ كَوْنِ الْعَدْلِ أَوْلَى مِنْ الْفَاسِقِ مَا لَمْ يَكُنْ الْفَاسِقُ، وَالِيًا وَإِلَّا فَهُوَ مُقَدَّمٌ وَمَا لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا بِحَقٍّ وَإِلَّا فَهُوَ مُقَدَّمٌ أَيْضًا وَأَشَارَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَإِذَا اخْتَصَّ بِصِفَاتٍ أَيْ كَكَوْنِهِ أَقْرَأَ أَوْ أَفْقَهَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَخَرَجَ مَا لَوْ اخْتَصَّ بِمَكَانٍ وَمِنْ جُمْلَتِهِ الْوَالِي وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ إمَامًا رَاتِبًا وَإِلَّا فَهُوَ مُقَدَّمٌ أَيْضًا فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْوَالِي، وَالرَّاتِبِ
بَلْ يُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ وَإِنْ اخْتَصَّ بِصِفَاتٍ مُرَجِّحَةٍ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ أَنْ لَا يُحَافِظَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَيُكْرَهُ أَيْضًا الِائْتِمَامُ بِمُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ وَإمَامَةُ مَنْ يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ شَرْعًا لَا الِائْتِمَامُ بِهِ
(وَقُدِّمَ وَالٍ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ) الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى لِلْخَبَرِ الْآتِي وَلِأَنَّ تَقْدِيمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ (فَإِمَامٌ رَاتِبٌ) مِنْ زِيَادَتِي. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا نَعَمْ إنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالسَّاكِنِ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ إلَخْ) إضْرَابٌ إبْطَالِيٌّ عَمَّا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَعَدْلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ مِنْ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى وَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِالْفَاسِقِ، وَالْمُبْتَدِعِ لَمْ يُكْرَهْ الِائْتِمَامُ بِهِمَا وَقَالَ ح ل: قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ أَيْ كَمَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَيْضًا الِائْتِمَامُ بِمُبْتَدِعٍ) أَيْ كَمَا تُكْرَهُ الْإِمَامَةُ لَهُ ح ل، وَفِيهِ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ دَاخِلٌ فِي الْفَاسِقِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ انْتَفَى عَنْهُ الْفِسْقُ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا نُكَفِّرُهُ) أَيْ بِبِدْعَتِهِ خَرَجَ مَنْ نُكَفِّرهُ بِبِدْعَتِهِ كَالْمُجَسِّمَةِ وَمُنْكَرِي الْبَعْثِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَعْدُومِ أَوْ بِالْجُزْئِيَّاتِ لِإِنْكَارِهِمْ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِكُفْرِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمُجَسِّمَةِ عَدَمُ التَّكْفِيرِ. اهـ. ز ي أَيْ مَا لَمْ يُجَسِّمْ صَرِيحًا وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ جِسْمٌ كَالْأَجْسَامِ فَيَكْفُرُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَالْجِهَوِيُّ الْقَائِلُ: إنَّ اللَّهَ فِي جِهَةٍ لَا يَكْفُرُ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الْجِهَةِ الْجِسْمِيَّةُ؛ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبُ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ (قَوْلُهُ: وَإِمَامَةُ مَنْ يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ شَرْعًا) أَيْ لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ فِيهِ شَرْعًا كَوَالٍ ظَالِمٍ أَوْ لَا يَحْتَرِزُ عَنْ النَّجَاسَةِ أَوْ يَمْحَقُ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ أَوْ يَتَعَاطَى مَعِيشَةً مَذْمُومَةً أَوْ يُعَاشِرُ أَهْلَ الْفِسْقِ وَنَحْوَهُمْ أَوْ شَبْهَ ذَلِكَ نَصَبَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ كَرِهَهُ دُونَ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَكْثَرُ لَا لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا فَلَا كَرَاهَةَ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَرَاهَةِ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ بِصِفَةِ الْكَرَاهَةِ أَمْ لَا فَيُعْتَبَرُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِمَعْنًى يَفْسُقُ بِهِ كَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ كُرِهَ لَهُ الْإِمَامَةُ وَكُرِهَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَخْشَى مِنْ التَّرْكِ فِتْنَةً أَوْ ضَرَرًا اهـ. عَبْدُ الْبَرِّ.
(قَوْلُهُ: أَكْثَرُهُمْ) بِخِلَافِ نِصْفِهِمْ أَوْ أَقَلِّهِمْ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ ح ف فَإِنْ كَرِهَهُ كُلُّهُمْ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر قَالَ الْبَرْمَاوِيُّ: وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ الشَّخْصُ قَوْمًا فِيهِمْ أَبُوهُ وَأَخُوهُ الْأَكْبَرُ؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ رضي الله عنه كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ «وَلِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمَهُ، وَفِيهِمْ أَبُوهُ» اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا الِائْتِمَامُ بِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا
. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ، وَالٍ) وَلَوْ فَاسِقًا، وَالْمُرَادُ الْمُتَوَلِّي كَالْبَاشَا، وَالْقَاضِي وَنَائِبِهِ، وَالْبَاشَا مُقَدَّمٌ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ أَعَمُّ أَيْ إذَا كَانَتْ وِلَايَتُهُ شَامِلَةً لِلصَّلَاةِ كَمَا فِي ع ش وَقَرَّرَهُ ح ف، وَالْمُرَادُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ، وَالسَّاكِنِ بِحَقٍّ إذَا أَذِنَ بِالصَّلَاةِ فِي مَسْكَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْجَمَاعَةِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَزِدْ زَمَنُهَا عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ وَإِلَّا اُحْتِيجَ لِإِذْنٍ فِيهَا أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَيُقَدَّمُ الْوَالِي حَتَّى عَلَى الْإِمَامِ الرَّاتِبِ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْإِمَامَةَ لَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّمَ عَلَى الْمَالِكِ فَهَذَا أَوْلَى وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نَصْبُ الْفَاسِقِ إمَامًا فِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَلَيْسَ مِنْهَا أَنْ يُوقِعَ النَّاسَ فِي صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ نَصْبِ كُلِّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَنَاظِرُ الْمَسْجِدِ كَالْوَاقِفِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. شَرْحُ م ر، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ حَرُمَتْ التَّوْلِيَةُ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ التَّوْلِيَةُ اهـ. حَجّ.
وَيَحْرُمُ عَلَى أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَالْخَيْرِ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْفَاسِقِ، وَالْمُبْتَدِعِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَحْسِينِ الظَّنِّ بِهِمْ كَمَا فِي الْبَرْمَاوِيِّ وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْوَالِي فِي غَيْرِ إمَامَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَمَّا فِيهَا فَالْقَرِيبُ أَوْلَى مِنْهُ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَالْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَيْ الْقَرِيبَ الذَّكَرَ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَوْ امْرَأَةً مِنْ الْوَالِي، وَالْقَدِيمُ تَقْدِيمُ الْوَالِي ثُمَّ إمَامِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيِّ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَفَرَّقَ الْجَدِيدُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَدُعَاءُ الْقَرِيبِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ لِتَأَلُّمِهِ وَانْكِسَارِ قَلْبِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَالِي عَلَى الْوَلِيِّ قَطْعًا فَافْهَمْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ اهـ. (قَوْلُهُ: الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) وَمِنْ ذَلِكَ الْبَاشَا مَعَ قَاضِي الْعَسْكَرِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَإِمَامٌ رَاتِبٌ) وَلَوْ فَاسِقًا، وَالْإِمَامُ الرَّاتِبِ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ أَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ. شَرْحُ م ر
فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَالِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ
(وَ) قُدِّمَ (سَاكِنٌ) فِي مَكَان (بِحَقٍّ) وَلَوْ بِإِعَارَةٍ أَوْ إذْنٍ مِنْ سَيِّدِ الْعَبْدِ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ لِلْخَبَرِ الْآتِي فَيُقَدَّمُ مُكْتَرٍ عَلَى مُكْرٍ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (لَا عَلَى مُعِيرٍ) لِلسَّاكِنِ بَلْ يُقَدَّمُ الْمُعِيرُ عَلَيْهِ لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ، وَالْمَنْفَعَةَ (وَ) لَا عَلَى (سَيِّدٍ) أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى بَلْ يُقَدَّمُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ (غَيْرُ) سَيِّدٍ (مُكَاتِبٌ لَهُ) فَمُكَاتَبُهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِيمَا لَمْ يَسْتَعِرْهُ مِنْ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ (فَأَفْقَهُ) لِأَنَّ افْتِقَارَ الصَّلَاةِ لِلْفِقْهِ لَا يَنْحَصِرُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ (فَأَقْرَأُ) أَيْ أَكْثَرُ قُرْآنًا لِأَنَّهَا أَشَدُّ افْتِقَارًا إلَى الْقُرْآنِ مِنْ الْوَرَعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ، وَالْوَاقِفَ، وَالنَّاظِرَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ وَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَالِي) أَيْ، وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ الْأَوْجَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَنْ سِوَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِنْ الْوُلَاةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْإِمَامِ الرَّاتِبِ وَإِنْ وَلَّاهُ اهـ. ز ي قَالَ فِي الْقُوتِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي، وَالٍ وَقَاضٍ تَضَمَّنَتْ وِلَايَتُهُ الصَّلَاةَ أَمَّا وِلَايَةُ الْحَرْبِ، وَالشُّرْطَةِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ فَلَا وَهَذَا فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ بِأَنْ لَا يُصَلِّيَ فِيهِ كُلَّ وَقْتٍ إلَّا جَمَاعَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ يُقْفَلُ وَإِلَّا فَالرَّاتِبُ كَغَيْرِهِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ فَلَا تُكْرَهُ جَمَاعَةُ غَيْرِهِ لَا مَعَهُ وَلَا قَبْلَهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ سَاكِنٌ بِحَقٍّ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا اهـ. س ل قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكَيْنِ لِغَيْرِهِمَا فِي تَقْدِيمِهِ وَمَنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فَإِنْ حَضَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَتَقَدَّمْ غَيْرُهُمَا إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا أَحَدُهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ، وَالْحَاضِرُ مِنْهُمَا أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْجَمِيعِ كَأَنْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي السُّكْنَى، وَالْمُسْتَعِيرَانِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَالشَّرِيكَيْنِ فَإِنْ حَضَرَ الْأَرْبَعَةُ كَفَى إذْنُ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ ضَمُّ إذْنِ الْمُسْتَعِيرَيْنِ إلَيْهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَمَنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ صَلَّى كُلٌّ مُنْفَرِدًا وَلَا دَخْلَ لِلْقُرْعَةِ هُنَا إذْ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَكَالْمُشْتَرِكَيْنِ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمُشْتَرِكَانِ فِي إمَامَةِ مَسْجِدٍ فَلَيْسَ لِثَالِثٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ، وَالْقِيَاسُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ، وَالرِّضَا وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ مَفْضُولًا كَمَا فِي ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إذْنٍ مِنْ سَيِّدِ الْعَبْدِ) أَيْ أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى وَلَيْسَ هَذَا الْإِذْنُ إعَارَةً كَمَا يَدُلُّ لَهُ عَطْفُهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَقْتَضِي تَمْلِيكَ الِانْتِفَاعِ، وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بَلْ يُقَدَّمُ الْمُعِيرُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: لَوْ أَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ وَجَوَّزْنَاهُ لِلْعِلْمِ بِالرِّضَا بِهِ وَحَضَرَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِأَنَّ الثَّانِيَ فَرْعُهُ وَيُحْتَمَلُ اسْتِوَاؤُهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْإِعَارَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَعَارَهُ بِأَنْ اسْتَوَيَا فِيمَا يَظْهَرُ وَنَظَرَ فِيهِ ع ش عَلَى م ر فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ، وَالْمَنْفَعَةَ) لَوْ اقْتَصَرَ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَكَانَ أَفْيَدَ لِيَشْمَلَ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَمِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَمُكَاتَبُهُ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا قَالَهُ ز ي (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يَسْتَعِرْهُ مِنْ سَيِّدِهِ) بِأَنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُعَارًا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى قِنِّهِ الْمُبَعَّضِ فِيمَا يَمْلِكُهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ اهـ. ح ل وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا عَلَى مُعِيرٍ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَفِي قَوْلِهِ فِيمَا لَمْ يَسْتَعِرْهُ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ مَوْضِعَ الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا أَنَّ السَّيِّدَ أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِيهِ لِلْمُكَاتَبِ فِي السُّكْنَى فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَسْأَلَةِ حَتَّى يُخْرِجَهُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لُغَوِيٌّ مُنْقَطِعٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَأَفْقَهُ) أَيْ فِي بَابِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا الْفَاتِحَةَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَأِ وَإِنْ حَفِظَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ شَيْخُنَا: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَسْتَوِيَا بِأَنْ يَكُونَا فِي الْمَسْجِدِ، وَالرَّاتِبُ غَائِبٌ أَوْ فِي مَوَاتٍ أَوْ فِي مَسْكَنٍ لَهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ افْتِقَارَ الصَّلَاةِ لِلْفِقْهِ) تَعْلِيلٌ لِتَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ عَلَى الْأَقْرَإِ وَكَذَا بَاقِي التَّعَالِيلِ فَإِنَّهَا تَعَالِيلٌ لِتَقْدِيمِ الْمُقَدَّمِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ: لَا يَنْحَصِرُ أَيْ لِعَدَمِ انْحِصَارِ مَا يَطْرَأُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْحَوَادِثِ (قَوْلُهُ: فَأَقْرَأُ) أَيْ أَصَحُّ قِرَاءَةً فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَكْثَرُ قُرْآنًا هَذَا مُرَادُ الْمِنْهَاجِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ أَخَلَّ بِمَرْتَبَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ أَكْثَرُ قُرْآنًا) أَيْ أَكْثَرُ حِفْظًا بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي صِحَّةِ الْقِرَاءَةِ، وَالسَّلَامَةِ مِنْ اللَّحْنِ وَتَغْيِيرِ أَوْصَافِ الْحُرُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ أَوْلَى وَيُقَدَّمُ مَنْ تَمَيَّزَ بِقِرَاءَةٍ
(فَأَوْرَعُ) أَيْ أَكْثَرُ وَرَعًا وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ بِالْعِفَّةِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ (فَأَقْدَمُ هِجْرَةً) إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِلْخَبَرِ الْآتِي وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَنْ هَاجَرَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ وَهَذَا مَعَ تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ عَلَى الْأَوْرَعِ، وَالْأَوْرَعِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي.
وَهُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (فَأَسَنُّ) فِي الْإِسْلَامِ لَا بِكِبَرِ السِّنِّ (فَأَنْسَبُ) وَهُوَ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى قُرَيْشٍ أَوْ ذِي هِجْرَةٍ أَوْ أَقْدَمُهَا أَوْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ فِي ذَاتِهِ وَالثَّانِي فِي آبَائِهِ وَفَضِيلَةُ الذَّاتِ أَوْلَى وَرَوَى الشَّيْخَانِ «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرَ «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا» وَفِي رِوَايَةٍ «سِلْمًا وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «فِي بَيْتِهِ وَلَا سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَإِ عَلَى الْأَفْقَهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ السَّبْعِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: فَأَوْرَعُ) قَالُوا وَأَعْلَى الْوَرَعِ الزُّهْدُ وَهُوَ تَرْكُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ الْحَلَالِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ الزُّهْدَ مُغَايِرًا لِلْوَرَعِ وَقَدَّمَهُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَرَاتِبُ كَثِيرَةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَعْلَى فَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ حَيْثُ قَالَ أَيْ أَكْثَرُ وَرَعًا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ بِالْعِفَّةِ) أَيْ تَرْكُ الشُّبُهَاتِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ: وَحُسْنِ السِّيرَةِ أَيْ الذِّكْرِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الصَّلَاحِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْوَرَعَ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى
، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَأَمَّا الزُّهْدُ فَتَرْكُ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ أَيْ مِنْ الْحَلَالِ فَهُوَ أَعْلَى مِنْ الْوَرَعِ إذْ هُوَ تَرْكُ الْحَلَالِ الزَّائِدِ عَلَى الْحَاجَةِ، وَالْوَرَعُ تَرْكُ الشُّبُهَاتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْهُ يُفِيدُ أَنَّ الزُّهْدَ قَسِيمٌ لِلْوَرَعِ لَا قِسْمٌ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قِسْمٌ مِنْهُ.
، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَرَعَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ أَيْ وَرَعٌ مَعَ زُهْدٍ وَوَرَعٌ بِلَا زُهْدٍ اهـ. ح ل مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: فَأَقْدَمُ هِجْرَةً) اعْتَبَرُوا الْهِجْرَةَ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الصُّحْبَةَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُقَدِّمَةِ وَهَلْ يُقَدَّمُ مَنْ هَاجَرَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ هَاجَرَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: إلَى النَّبِيِّ) أَيْ فِي زَمَنِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَكَلَامُهُ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ الْمُهَاجِرُ عَلَى غَيْرِهِ اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَأَقْدَمُ هِجْرَةً وَقَوْلُهُ: إنَّ مَنْ هَاجَرَ مُقَدَّمٌ إلَخْ أَيْ وَقَدْ طُلِبَتْ مِنْهُ الْهِجْرَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يُقَدَّمُ مَنْ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى مَنْ نَشَأَ بِهَا وَلَا مَنْ هَاجَرَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ عَلَى مَنْ نَشَأَ بِهَا ح ل (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ) أَيْ كَأَنْ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ فَاجْتَمَعَ مَعَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ وَكَأَنْ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ عَادَ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَاجْتَمَعَ بِمُسْلِمٍ هُنَاكَ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَكَذَا مِنْ لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ الْهِجْرَةُ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ أَيْ فَيُقَدَّمُونَ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ التَّقْدِيمُ بِالْهِجْرَةِ وَبِأَقْدَمِهَا فَإِنَّ الْمِنْهَاجَ لَمْ يَذْكُرْ التَّقْدِيمَ بِالْهِجْرَةِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ تَقْدِيمَ الْأَوْرَعِ عَلَى مَنْ هَاجَرَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَأَسَنُّ فِي الْإِسْلَامِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ شَابٌّ أَسْلَمَ أَمْسِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ الْيَوْمَ كَمَا فِي ح ل وَيُقَدَّمُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ فِي ذَاتِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَنَقَلَهُ الْإِطْفِيحِيُّ، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: لَا بِكِبَرِ السِّنِّ) فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِسْلَامِ رُوعِيَ كِبَرُ السِّنِّ كَمَا عُلِمَ ح ل (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ) أَيْ كَذِي الْحِرْفَةِ الرَّفِيعَةِ فَيُقَدَّمُ وَلَدُهُ عَلَى وَلَدِ ذِي الْحِرْفَةِ الْوَضِيعَةِ لَا سَائِرِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى تَقْدِيمَ وَلَدِ السَّلِيمِ مِنْ الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ عَلَى وَلَدِ غَيْرِ السَّلِيمِ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْتِزَامِهِ بُعْدٌ اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَسَنُّ أَيْ وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْأَسَنُّ عَلَى الْأَنْسَبِ لِأَنَّ إلَخْ فَهَذَا التَّعْلِيلُ لِتَقَدُّمِ الْأَسَنِّ عَلَى الْأَنْسَبِ عَلَى خِلَافَ عَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ اتِّصَالِ كُلِّ عِلَّةٍ بِمَعْلُولِهَا وَانْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي ارْتِكَابِهِ خِلَافَهَا وَقَوْلُهُ: وَرَوَى الشَّيْخَانِ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ فَهُوَ دَلِيلٌ ثَانٍ لِهَذِهِ الدَّعْوَى وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَرَوَى مُسْلِمٌ إلَخْ فَهُوَ دَلِيلٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا فِيهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِيَؤُمَّكُمْ) يَجُوزُ فِي الْمِيمِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَانَ الضَّمُّ أَوْلَى لِلْإِتْبَاعِ وَقِيلَ الْفَتْحُ أَوْلَى لِلْخِفَّةِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً) قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: سَوَاءٌ خَبَرُ كَانَ، وَالضَّمِيرُ اسْمُهَا وَأُفْرِدَ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَالْمَصْدَرُ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113] ، وَالتَّقْدِيرُ مُسْتَوِينَ فَوَقَعَ الْمَصْدَرُ مَوْقِعَ اسْمِ الْفَاعِلِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ سِلْمًا أَيْ إسْلَامًا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: 208](قَوْلُهُ: فِي سُلْطَانِهِ) أَيْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَكْرِمَتِهِ) هِيَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ: الْفِرَاشُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبْسَطُ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَيَخْتَصُّ بِهِ كَذَا فِي تَعْلِيقِ السُّيُوطِيّ عَلَى مُسْلِمٍ وَقِيلَ مَا اتَّخَذَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْفِرَاشِ وَقِيلَ: الطَّعَامُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُمَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَإِ) أَيْ
كَمَا هُوَ وَجْهٌ. وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ كَانُوا يَتَفَقَّهُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يُوجَدُ قَارِئٌ إلَّا وَهُوَ فَقِيهٌ وَلِلنَّوَوِيِّ فِيهِ إشْكَالٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَفْقَهُ، وَالْأَقْرَأُ صَبِيًّا أَوْ مُسَافِرًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ وَلَدَ زِنًا فَضِدُّهُ أَوْلَى كَمَا أَشَرْت إلَى بَعْضِهِ فِيمَا مَرَّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ إلَى مَنْ هَاجَرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُنْتَسِبِ إلَى قُرَيْشٍ مَثَلًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
ظَاهِرُ الْخَبَرِ الثَّانِي وَهَذَا الْإِيرَادُ وَجَوَابُهُ الْمَذْكُورُ هُمَا بِعَيْنِهِمَا الْمَذْكُورَانِ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ وَلِلنَّوَوِيِّ فِيهِ إشْكَالٌ إلَخْ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهُ يُوهِمُ أَنَّ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ غَيْرُ مَا هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ) لَمْ يُنْتِجْ هَذَا الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ الْمُدَّعَى وَهُوَ تَقْدِيمُ الْأَفْقَهِ بِالصَّلَاةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْأَفْقَهُ اللَّازِمُ لِلْأَقْرَإِ أَفْقَهَ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِ مَا حَفِظَ مِنْ الْقُرْآنِ مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِهَا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: كَانُوا يَتَفَقَّهُونَ) أَيْ يَتَفَهَّمُونَ كُلَّ شَيْءٍ قَرَءُوهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالصَّلَاةِ وَكَوْنُهُمْ يَتَفَهَّمُونَ مَعْنَى الْآيَاتِ الْمَحْفُوظَةِ لَهُمْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى الْآيَاتِ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا فَلَمْ يُنْتِجْ الدَّلِيلُ الْمُدَّعَى، وَفِي ح ل قَوْلُهُ: يَتَفَهَّمُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ أَيْ يَعْرِفُونَ الْفِقْهَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْآيَاتِ فَالْفِقْهُ لَازِمٌ اهـ. فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ: وَلِلنَّوَوِيِّ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْجَوَابِ إشْكَالٌ، وَالْإِشْكَالُ أَنَّ قَوْلَهُ فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ عَلَى الْأَفْقَهِ أَيْ؛ لِأَنَّ عِلْمَ السُّنَّةِ هُوَ الْفِقْهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَإِ فِي الْخَبَرِ الْأَفْقَهُ لَكِنْ فِي الْقُرْآنِ فَمَتَى اسْتَوَوْا فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ اسْتَوَوْا فِي فِقْهِهِ فَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمْ بِفِقْهِ السُّنَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ يَحْفَظُ عَشْرَ آيَاتٍ وَآخَرُ يَحْفَظُ خَمْسَ آيَاتٍ وَلَكِنْ يَحْفَظُ مِنْ السُّنَّةِ مَا لَا يَحْفَظُهُ الْأَوَّلُ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ اهـ. ح ل فَلَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَإِ الْأَفْقَهِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَلَا نِزَاعَ فِيهِ وَوَجْهُ تَقْدِيمِ الْأَوْرَعِ عَلَى الْأَقْدَمِ هِجْرَةً مَنْ الْخَبَرِ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْأَعْلَمِ بِالسُّنَّةِ الْوَرَعُ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي فِي هَذَا، وَاَلَّذِي فِي الْأَقْرَإِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ أَخْذَ تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ الْغَيْرِ الْقَارِئِ فِي عَصْرِنَا عَلَى الْقَارِئِ الْغَيْرِ الْأَفْقَهِ مِنْ الْخَبَرِ وَانْظُرْ أَيْضًا أَخْذَ تَقْدِيمِ الْأَوْرَعِ الْغَيْرِ الْعَالِمِ بِالنِّسْبَةِ عَلَى الْأَقْدَمِ هِجْرَةً مِنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ذَكَرْتُهُ مَعَ جَوَابِهِ) أَيْ ذَكَرْتهمَا وَاضِحَيْنِ وَإِلَّا فَهُمَا عَيْنُ الْإِشْكَالِ، وَالْجَوَابُ اللَّذَيْنِ فِي الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) قَصَدَ بِذَلِكَ تَخْصِيصَ الْأَفْقَهِ، وَالْأَقْرَإِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرًا) أَيْ قَاصِرًا قَالَ شَيْخُنَا: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسَافِرُ السُّلْطَانَ أَوْ نَائِبَهُ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَ زِنًا) أَوْ مَجْهُولَ الْأَبِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَطْلَقَ جَمْعٌ كَرَاهَةَ إمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ وَهِيَ مُصَوَّرَةٌ بِكَوْنِ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَيْ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُسَاوِهِ الْمَأْمُومُ فَإِنْ سَاوَاهُ أَوْ وَجَدَهُ قَدْ أَحْرَمَ وَاقْتَدَى بِهِ فَلَا بَأْسَ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَرْت إلَى بَعْضِهِ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَصَّ بِصِفَاتٍ مُرَجَّحَةٍ أَوْ فِي قَوْلِهِ وَعَدْلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) مِنْ تَقْدِيمِ الْمُهَاجِرِ عَلَى الْمُنْتَسِبِ أَيْ فَوَلَدُ كُلٍّ فِي رُتْبَتِهِ، وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ ابْنِ الْأَفْقَهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَفْقَهَ عَلَى ابْنِ الْأَقْرَإِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. شَيْخُنَا وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَبِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ مُتَوَقِّفٌ عَلَى هَذِهِ الضَّمِيمَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ أَيْ فَوَلَدُ كُلٍّ فِي رُتْبَتِهِ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ إلَخْ شُبْهَتُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْهِجْرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّسَبِ وَيَرُدُّهُ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ تَصْرِيحُ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ فَضِيلَةَ وَلَدِ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ حَيِّزِ النَّسَبِ مَعَ تَصْرِيحِ الشَّيْخَيْنِ بِتَقْدِيمِ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهَا. الثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي وَلَدِ الْأَسَنِّ، وَالْأَوْرَعِ، وَالْأَقْرَأِ، وَالْأَفْقَهِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ مَعَ وَلَدِ الْقُرَشِيِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ ذَاهِبٌ إلَى ذَلِكَ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى تَقْدِيمِ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ عَمِيرَةُ انْتَهَتْ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُهَاجِرِ عَلَى الْمُنْتَسِبِ عُلِمَ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ إلَخْ وَعَلَى قِيَاسِهِ يَكُونُ الْمُنْتَسِبُ لِمَنْ يُقَدَّمُ مُقَدَّمًا عَلَى الْمُنْتَسِبِ لِمَنْ يُؤَخَّرُ فَابْنُ الْأَفْقَهِ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَقْرَإِ وَابْنُ الْأَقْرَإِ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَوْرَعِ وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت وَعَلَى قِيَاسِهِ أَيْضًا يُلْتَزَمُ تَقْدِيمُ وَلَدِ الْأَسَنِّ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْإِسْلَامِ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهِ وَتَقْدِيمُ وَلَدِ مَنْ ذُكِرَ عَلَى وَلَدِ قُرَشِيٍّ وَيَبْعُدُ الْتِزَامُ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ أَنَّهُ اعْتَرَضَ الشَّارِحَ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى تَقْدِيمِ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهَا وَأَقُولُ مُرَادُ الشَّيْخَيْنِ تَقْدِيمُ قُرَيْشِ عَلَى
(فَأَنْظَفُ ثَوْبًا وَبَدَنًا وَصَنْعَةً) عَنْ الْأَوْسَاخِ لِإِفْضَاءِ النَّظَافَةِ إلَى اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ (فَأَحْسَنُ صَوْتًا) لِمَيْلِ الْقُلُوبِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَاسْتِمَاعِ كَلَامِهِ (فَ) أَحْسَنُ (صُورَةً) لِمَيْلِ الْقَلْبِ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ كَذَا رَتَّبَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.
وَالْأَصْلُ عَطَفَ بِالْوَاوِ فَقَالَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَنَظَافَةُ الثَّوْبِ، وَالْبَدَنِ وَحُسْنُ الصَّوْتِ وَطِيبُ الصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا أَيْ كَحُسْنِ وَجْهٍ وَسَمْتٍ وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ ثُمَّ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ، وَالْبَدَنِ وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَحُسْنِ الصَّوْتِ ثُمَّ الْوَجْهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَارُ تَقْدِيمُ أَحْسَنِهِمْ ذِكْرًا ثُمَّ صَوْتًا ثُمَّ هَيْئَةً فَإِنْ تَسَاوَيَا وَتَشَاحَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا
(وَأَعْمَى كَبَصِيرٍ) لِتَعَارُضِ فَضِيلَتَيْهِمَا لِأَنَّ الْأَعْمَى أَخْشَعُ، وَالْبَصِيرَ أَحْفَظُ عَنْ النَّجَاسَةِ (وَعَبْدٌ فَقِيهٌ كَحُرٍّ غَيْرِ فَقِيهٍ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي. وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ عِنْدِي أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى انْتَهَى. فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْحُرُّ وَلَوْ ضَرِيرًا أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ وَلَوْ بَصِيرًا وَالْبَالِغُ وَلَوْ عَبْدًا أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ وَلَوْ حُرًّا أَوْ أَفْقَهَ
(وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ) لَا بِصِفَاتِ (تَقْدِيمٍ) لِمَنْ يَكُونُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
غَيْرِهَا مِنْ الْعَرَبِ، وَالْعَجَمِ لَا عَلَى الْأَفْقَهِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمَرَاتِبِ الَّتِي ذَكَرُوهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: فَأَنْظَفُ ثَوْبًا وَبَدَنًا إلَخْ) الْوَاوُ فِي هَذَا بِمَعْنَى الْفَاءِ كَمَا فِي عِبَارَةِ م ر وَلَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَنْظَفِ ثَوْبًا لِأَنَّ الثَّوْبَ أَكْثَرُ مُشَاهَدَةً مِنْ الْبَدَنِ فَالْقُلُوبُ إلَى صَاحِبِهِ أَمْيَلُ ثُمَّ الْأَنْظَفُ بَدَنًا لِأَنَّ الْبَدَنَ مُشَاهَدٌ حَالَ الصَّلَاةِ فَالْقُلُوبُ أَمْيَلُ إلَى صَاحِبِهِ مِنْ الْأَنْظَفِ صَنْعَةً اهـ. ح ل بِإِيضَاحٍ (قَوْلُهُ: وَصَنْعَةً) أَيْ كَسْبًا فَيُقَدَّمُ الزَّارِعُ، وَالتَّاجِرُ عَلَى غَيْرِهِمَا بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَنْ الْأَوْسَاخِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَنْظَفَ (قَوْلُهُ: فَأَحْسَنُ صَوْتًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سَرِيَّةً كَمَا قَالَهُ ع ش لَكِنَّ التَّعْلِيلَ قَاصِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ فِي الْجُمْلَةِ فَالْأَحْسَنُ صَوْتًا تَمِيلُ إلَيْهِ الْقُلُوبُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ وَلَوْ لِسَمَاعِهِ فِي نَحْوِ التَّكْبِيرِ (قَوْلُهُ: فَأَحْسَنُ صُورَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصُّورَةِ سَلَامَتُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ آفَةٍ تُنْقِصُهُ كَعَرَجٍ وَشَلَلٍ لِبَعْضِ أَعْضَائِهِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَسَمْتٍ) أَيْ شَكْلٍ، وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ بِحُسْنِ الذِّكْرِ) هَذِهِ الْمَرْتَبَةُ أَسْقَطَهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ عَقِبَ قَوْلِهِ فَأَنْسَبُ.
، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّفَاتِ أَرْبَعَةَ عَشْرَ الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَقْرَأُ ثُمَّ الْأَزْهَدُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ الْأَنْسَبُ ثُمَّ الْأَحْسَنُ ذِكْرًا ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا فَوَجْهًا فَبَدَنًا فَصَنْعَةً ثُمَّ الْأَحْسَنُ صَوْتًا فَصُورَةً اهـ. سُلْطَانٌ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَالْمُتَزَوِّجُ فَالْأَحْسَنُ زَوْجَةً (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ نَقْلُ هَذَا بَعْدَ كَلَامِ التَّحْقِيقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: فَائِدَتُهُ مَا فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالِاخْتِيَارِ وَهَذَا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ، وَالْمُخْتَارُ هُوَ مَا فِي الْغَيْرِ كَمَا قَالَ، وَالْمُخْتَارُ إلَخْ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ هَيْئَةً) الْهَيْئَةُ الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ الشَّخْصُ عَلَيْهَا مِنْ التَّأَنِّي، وَالْوَقَارِ اهـ. ع ش
. (قَوْلُهُ: وَأَعْمَى كَبَصِيرٍ) أَيْ بَعْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَوْلُهُ: وَالْبَصِيرُ أَحْفَظُ عَنْ النَّجَاسَةِ فَإِنْ كَانَ الْبَصِيرُ لَا يَتَحَاشَى عَنْ النَّجَاسَةِ قُدِّمَ الْأَعْمَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْأَعْمَى غَيْرَ خَاشِعٍ قُدِّمَ الْبَصِيرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعَبْدٌ فَقِيهٌ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْفِقْهِ الْمُعْتَبَرِ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: كَحُرٍّ غَيْرِ فَقِيهٍ أَيْ غَيْرِ أَفْقَهَ أَيْ لَا يَعْلَمُ غَيْرَ الْفِقْهِ الْمُعْتَبَرِ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَغَيْرُ الْفَقِيهِ أَصْلًا صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الدُّعَاءُ، وَالشَّفَاعَةُ، وَالْحُرُّ بِهِمَا أَلْيَقُ كَمَا فِي الْبَرْمَاوِيِّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِي) رَاجِعٌ لِلْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْأَصْلِ
. (قَوْلُهُ: وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ) وَهُوَ الْوَالِي، وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ، وَالسَّاكِنُ بِحَقٍّ أَيْ يُبَاحُ لِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ تَقْدِيمٌ لَا بِصِفَاتٍ فَلَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ اهـ. شَيْخنَا حِفْنِيٌّ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر أَنَّ التَّقْدِيمَ مَنْدُوبٌ إذَا كَانَ الْمُقَدَّمُ سَاكِنًا بِحَقٍّ وَكَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْإِمَامَةِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ التَّقْدِيمِ مِنْ السَّابِقِ الَّذِي هُوَ أَهْلٌ وَمِنْ الْوَالِي، وَالرَّاتِبِ وَلَعَلَّهُ مُرَادٌ شَيْخُنَا ح ف بِقَوْلِهِ أَيْ يُبَاحُ لَهُ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ كَالْكَافِرِ، وَالْمَرْأَةِ لِرِجَالٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ قَدَّمَهُ الْقَوْمُ بِالصِّفَةِ لَا يَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: كَالْكَافِرِ إلَخْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْكَافِرَ، وَالْمَرْأَةَ لَا يُقَالُ لَهُمَا مُقَدَّمَانِ لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ مَنْ يُسَوَّغُ لَهُ الصَّلَاةُ بِالْقَوْمِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَيْنِ يُقَالُ لَهُمَا مُقَدَّمَانِ عَلَى فَرْضِ زَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا قَالَهُ الشَّمْسُ الْحِفْنِيُّ.
(قَوْلُهُ: لَا بِصِفَاتٍ) أَيْ كَالْفِقْهِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ، وَالْوَرَعِ، وَالسِّنِّ، وَالنَّسَبِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ يَكُونُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَفْضُولًا وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لِجَمْعٍ لِيَتَقَدَّمْ وَاحِدٌ مِنْكُمْ فَهَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ أَوْ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمْ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا لِعُمُومِ الْإِذْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَظْهَرُ لِأَنَّ إذْنَهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقِّهِ وَحَيْثُ سَقَطَ حَقُّهُ كَانَ الْأَفْضَلُ أَوْلَى فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِوَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ فَلَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ غَرَضِ