المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) في صلاة الجماعة - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ١

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطْبَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ الْأَحْدَاثِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ الْغُسْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌(فَرْعٌ) دُخَانُ النَّجَاسَةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ

- ‌(فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ وَلَوْ حَامِلًا لَا مَعَ طَلْقٍ دَمًا)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌[بَابٌ الْأَذَان]

- ‌[بَابٌ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَابٌ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي) مُقْتَضَى (سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌(بَابٌ) فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌(بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ)

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

- ‌(فَصْلٌ: فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَمَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي اللِّبَاسِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(بَابٌ) فِي صَلَاةِ كُسُوفَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌(بَابٌ) فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) .فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ

الفصل: ‌(باب) في صلاة الجماعة

فِي تَهَجُّدِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا، وَيَتَأَكَّدُ إكْثَارُ الدُّعَاءِ، وَالِاسْتِغْفَارُ فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ اللَّيْلِ، وَفِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ آكَدُ، وَعِنْدَ السَّحَرِ أَفْضَلُ.

. (وَ) كُرِهَ (قِيَامٌ بِلَيْلٍ يَضُرُّ) كَقِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا قَالَ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ فَقُلْتُ: بَلَى قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ صُمْ، وَأَفْطِرْ، وَقُمْ، وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِك عَلَيْكَ حَقًّا إلَى آخِرِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ أَمَّا قِيَامٌ لَا يَضُرُّ، وَلَوْ فِي لَيَالٍ كَامِلَةٍ فَلَا يُكْرَهُ فَقَدْ «كَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْلَ» ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا (وَ) كُرِهَ (تَخْصِيصُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ بِقِيَامٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي»

(بَابٌ) فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ، أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِ، وَمَحَلُّ التَّوَسُّطِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ أَجْنَبِيٌّ، وَذَكَرْنَا ثَمَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ سَمَاعَ مَنْ يَلِيهِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ، وَأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: أَنْ يَجْهَرَ تَارَةً، وَيُسِرَّ أُخْرَى، اهـ. ح ل

. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ قِيَامٌ) أَيْ: سَهَرٌ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: يَضُرُّ) أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْفِعْلِ، اهـ. ح ف أَيْ إنْ كَانَ كُلَّ اللَّيْلِ، وَبِالْفِعْلِ إنْ كَانَ بَعْضَ اللَّيْلِ، فَفَرَّقَ بَيْنَ قِيَامِ الْكُلِّ فَيُكْرَهُ مُطْلَقًا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الضَّرَرُ، وَقِيَامُ الْبَعْضِ، فَيُكْرَهُ إنْ ضَرَّ بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ح ل وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: دَائِمًا) أَيْ: فَيُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ فَرُبَّمَا يُفَوِّتُ بِهِ مَصَالِحَ النَّهَارِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْرَاكٍ، وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ بِاللَّيْلِ مَا فَاتَهُ بِالنَّهَارِ. (قَوْلُهُ: أَلَمْ أُخْبَرْ) اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ بِمَا بَعْدَ النَّفْيِ عَلَى حَدِّ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] أَيْ أَتُقِرُّ بِأَنِّي أُخْبِرْتُ، وَقَوْلُهُ: وَأُفْطِرُ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ، وَلِزَوْرِك عَلَيْك حَقًّا، وَالْمُرَادُ بِالزَّوْرِ الزَّائِرُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الضَّيْفِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَيْ: مُتَأَكَّدٌ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: إحْيَاءُ اللَّيْلِ) أَيْ: بِصَلَاةٍ وَالْمُرَادُ إحْيَاؤُهُ كُلَّهُ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.

(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا) ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَامَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ يَضُرُّهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلِهَذَا عَدَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَخْصِيصُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قِيلَ: حِكْمَةُ ذَلِكَ ضَعْفُهُ عَنْ وَظَائِفِ يَوْمِهَا. فَإِنْ قِيلَ: يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ، إذَا وَصَلَهَا بِلَيْلَةٍ قَبْلَهَا، أَوْ بَعْدَهَا. قُلْتُ: الِاعْتِيَادُ يَنْتَفِي مَعَهُ الضَّعْفُ عَنْ فِعْلِ وَظَائِفِهَا، وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَخَلَّفُ فِي الِاسْتِدَامَةِ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ: الِاعْتِيَادُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِوَصْلِهَا بِمَا قَبْلَهَا، لَا بِمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الِاعْتِيَادُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا، اهـ. ح ف (تَنْبِيهٌ)

أَفْهَمَ كَلَامُهُمْ عَدَمَ كَرَاهَةِ إحْيَائِهَا مَضْمُومَةً لِمَا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي صَوْمِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَتَخْصِيصُهُمْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِذَلِكَ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ تَخْصِيصِ غَيْرِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيهِ وَقْفَةٌ، اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِقِيَامٍ) أَيْ: بِصَلَاةٍ فَهُوَ غَيْرُ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السَّهَرُ وَأَمَّا إحْيَاؤُهَا بِالذِّكْرِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ فَمُسْتَحَبٌّ، اهـ. ح ف وَإِطْفِيحِيٌّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

(بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِي شُرُوطِهَا وَآدَابِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَمُسْقِطَاتِهَا، وَحَقِيقَةُ الْجَمَاعَةِ الِارْتِبَاطُ الْحَاصِلُ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ فَالْجَمَاعَةُ بَحْثٌ شَرْعِيٌّ مَأْخَذُهُ التَّوْقِيفُ، وَأَمَّا الْجَمْعُ فَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ بَحْثٌ لُغَوِيٌّ مَأْخَذُهُ اللِّسَانُ فَافْتَرَقَا وَشُرِعَتْ بِالْمَدِينَةِ دُونَ مَكَّةَ لِقَهْرِ الصَّحَابَةِ بِهَا كَمَا فِي الْعَنَانِيِّ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا قِيَامُ نِظَامِ الْأُلْفَةِ بَيْنَ الْمُصَلِّينَ وَلِذَا شُرِعَتْ الْمَسَاجِدُ فِي الْمَحَالِّ لِيَحْصُلَ التَّعَاهُدُ بِاللِّقَاءِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْجِيرَانِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ الْجَاهِلُ مِنْ الْعَالِمِ مَا يَجْهَلُهُ مِنْ أَحْكَامِهَا وَلِأَنَّ مَرَاتِبَ النَّاسِ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْعِبَادَةِ فَتَعُودُ بَرَكَةُ الْكَامِلِ عَلَى النَّاقِصِ فَتَكْمُلُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَكَذَا الْجُمُعَةُ، وَالْعِيدَانِ وَالْكُسُوفَانِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ، وَالْوِتْرُ اهـ. مُنَاوِيٌّ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا أَيْ بَابُ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ الْفَرْضُ فَقَوْلُهُ: صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ تَقْدِيرُهُ جَمَاعَةُ الصَّلَاةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَالْمَوْصُوفُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ جَمَاعَةُ الصَّلَاةِ لَا نَفْسُ الصَّلَاةِ إذْ هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ الْمُرَادُ الصَّلَاةُ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ اهـ. وَتَحْصُلُ الْجَمَاعَةُ لِلْمَأْمُومِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ لِأَنَّ الْغَرَضَ حُصُولُ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ بِوَاسِطَةِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ الِاقْتِدَاءَ لِأَنَّ صَلَاتَهُ حِينَئِذٍ وَقَعَتْ جَمَاعَةً اهـ. سم ع ش عَلَى م ر وَأَفْضَلُ الْجَمَاعَاتِ مَا فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ صُبْحِهَا ثُمَّ صُبْحِ غَيْرِهَا ثُمَّ الْعِشَاءِ ثُمَّ الْعَصْرِ وَلَوْ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فِي الظُّهْرِ ثُمَّ فِي الْمَغْرِبِ كَذَا عَنْ شَيْخِنَا م ر وَجَعَلَ سم فَضْلَ الْجَمَاعَاتِ تَابِعًا لِفَضْلِ

ص: 287

وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَ (صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِخَبَرِ «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الْجَمَاعَةُ» وَفِي رِوَايَةٍ «الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» أَيْ غَلَبَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَمَا قِيلَ إنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «وَلَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» .

ــ

[حاشية البجيرمي]

الصَّلَوَاتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى تَفْضِيلُ جَمَاعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى غَيْرِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ) أَيْ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ» أَوْ مِنْ قَوْلِهِ " مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الْجَمَاعَةُ " إلَخْ اهـ. ح ل بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ لَا فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مُهِمٍّ يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ الْمُكَلَّفِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ فَخَرَجَ فَرْضُ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ حَيْثُ قَصَدَ حُصُولَهُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ وَلَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِقِيَامِ غَيْرِهِ بِهِ عَنْهُ وَلَا فَرْقَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دِينِيًّا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ دُنْيَوِيًّا كَالْحِرَفِ، وَالصَّنَائِعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ يَأْثَمُونَ بِتَرْكِهِ وَلَكِنْ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَقَالَ الشَّيْخُ الرَّازِيّ: هُوَ عَلَى بَعْضٍ مُبْهَمٌ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ بِحُصُولِهِ مِنْ الْبَعْضِ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104] وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَحَدُ أَقْوَالٍ وَقِيلَ فَرْضُ عَيْنٍ وَقِيلَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَقِيلَ سُنَّةُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ) مِنْ زَائِدَةٌ وَثَلَاثَةٌ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: فِي قَرْيَةٍ صِفَةٌ أَيْ كَائِنُونَ فِي قَرْيَةٍ وَقَوْلُهُ: لَا تُقَامُ فِيهِمْ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ وَقَوْلُهُ: إلَّا اسْتَحْوَذَ هُوَ الْخَبَرُ وَانْظُرْ وَجْهَ دَلَالَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَوْنِ الْجَمَاعَةِ فَرْضَ كِفَايَةٍ. لَا يُقَالُ تُؤْخَذُ الدَّلَالَةُ مِنْ آخِرِ الْحَدِيثِ أَعْنِي قَوْلَهُ فَعَلَيْك بِالْجَمَاعَةِ إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا كَوْنُهَا فَرْضَ عَيْنٍ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت ح ل قَالَ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُقَامُ فِيهِمْ وَلَمْ يَقُلْ لَا يُقِيمُونَ الْجَمَاعَةَ اهـ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ لَمْ يَقُلْ لَا يُقِيمُونَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ سُقُوطِ الْحَرَجِ بِغَيْرِ فِعْلِ الثَّلَاثَةِ كَاثْنَيْنِ مِنْهُمْ اهـ. وَعِبَارَةُ الْبَرْمَاوِيِّ كَأَنَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اسْتِحْوَاذَ الشَّيْطَانِ أَيْ غَلَبَتَهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْبُعْدُ عَنْ الرَّحْمَةِ فَفِي الْحَدِيثِ الْوَعِيدُ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ اسْتِحْوَاذَ الشَّيْطَانِ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا عَيْنٍ لِقَوْلِهِ فِيهِمْ وَلَمْ يَقُلْ يُقِيمُونَ كَمَا أَفَادَهُ ح ل اهـ. (قَوْلُهُ: فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَدْوٍ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وم ر وَلَا بَدْوٍ وَلَعَلَّ فِي الْحَدِيثِ رِوَايَتَيْنِ اهـ.

وَفِي الْمُخْتَارِ الْبَدْوُ، وَالْبَادِيَةُ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَدَوِيٌّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ الصَّلَاةُ) أَيْ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ غَلَى الْمُقَيَّدِ فَالْمُرَادُ بِهَا الصَّلَاةُ جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ) تَتِمَّةُ الْحَدِيثِ «فَعَلَيْك بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنْ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ» أَيْ الْبَعِيدَةَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ يَأْكُلُ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْغَنَمِ حَالٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: أُجِيبَ عَنْهُ إلَخْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَوَابَ لَيْسَ عَنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ دَلِيلِهِ فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ فِي قَوْلِهِ أُجِيبَ عَنْهُ أَيْ عَنْ دَلِيلِهِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَلَقَدْ هَمَمْت) كَانَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ ثُمَّ نَزَلَ وَحْيٌ بِخِلَافِهِ أَيْ نَزَلَ وَحْيٌ نَاسِخٌ لِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَحْيَ بَيَّنَ خَطَأَهُ فِي اجْتِهَادِهِ كَمَا قِيلَ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ لَا يَكُونُ إلَّا حَقًّا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر أَوْ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْعَذَابِ بِالنَّارِ أَوْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْهَمِّ الْفِعْلُ فَالْقَصْدُ مِنْهُ الزَّجْرُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ التَّعْذِيبُ بِالنَّارِ لَا يَجُوزُ، وَفِيهِ أَنَّهُ عليه السلام لَا يَهُمُّ عَلَى مَعْصِيَةٍ (قَوْلُهُ فَتُقَامَ) مِنْ الْإِقَامَةِ وَهِيَ الْكَلِمَاتُ الْمَخْصُوصَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَنْطَلِقَ بِالنَّصْبِ (قَوْلُهُ: حِزَمٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَرُوِيَ بِكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ فِيهِمَا جَمْعُ حِزْمَةٍ أَيْ جُمْلَةٌ مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: فَأُحَرِّقَ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَيُرْوَى فَأُحْرِقَ بِإِسْكَانِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَهُمَا لُغَتَانِ أَحْرَقْت وَحَرَّقْت، وَالتَّشْدِيدُ أَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى الْمَالِ بَلْ الْمُرَادُ تَحْرِيقُ الْمَقْصُودِينَ، وَالْبُيُوتُ تَبَعٌ لِلْقَاطِنِينَ بِهَا، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ «فَأُحَرِّقَ بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا» اهـ. فَتْحُ الْبَارِي عَلَى الْبُخَارِيِّ

ص: 288

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ وَرَدَ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ فَثَبَتَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ (لِرِجَالٍ أَحْرَارٍ مُقِيمِينَ لَا عُرَاةٍ فِي أَدَاءِ مَكْتُوبَةٍ لَا جُمُعَةٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ، وَالْخَنَاثَى وَمَنْ فِيهِمْ رِقٌّ، وَالْمُسَافِرِينَ وَلَا الْعُرَاةِ وَلَا فِي الْمَقْضِيَّةِ وَالنَّافِلَةِ، وَالْمَنْذُورَةِ بَلْ وَلَا تُسَنُّ فِي الْمَنْذُورَةِ وَلَا فِي مَقْضِيَّةٍ خَلْفَ مُؤَدَّاةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ لَيْسَتْ مِنْ نَوْعِهَا، وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَالْجَمَاعَةُ فِيهَا فَرْضُ عَيْنٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهَا وَوَصْفُ الرِّجَالِ بِمَا ذُكِرَ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْأَدَاءِ مِنْ زِيَادَتِي. وَتَعْبِيرِي بِالْمَكْتُوبَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفَرَائِضِ وَفَرْضُهَا كِفَايَةٌ يَكُونُ (بِحَيْثُ يَظْهَرُ شِعَارُهَا بِمَحَلِّ إقَامَتِهَا) فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ يَكْفِي إقَامَتُهَا فِي مَحَلٍّ وَفِي الْكَبِيرَةِ، وَالْبَلَدِ تُقَامُ فِي مَحَالَّ يَظْهَرُ بِهَا الشِّعَارُ فَلَوْ أَطْبَقُوا عَلَى إقَامَتِهَا فِي الْبُيُوتِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا الشِّعَارُ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَوْلُهُ بِالنَّارِ تَأْكِيدٌ كَرَأَيْتُ بِعَيْنِي وَسَمِعْت بِأُذُنِي (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ السِّيَاقِ) يُرِيدُ صَدْرَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَالصُّبْحِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت» إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُصَلُّونَ أَيْ أَصْلًا فَالتَّحْرِيقُ إنَّمَا هُوَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِالْكُلِّيَّةِ لَا جَمَاعَةً فَسَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِهَا عَيْنًا، وَفِيهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْلَمُ أَنْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِمْ فَكَيْفَ يَأْمُرُهُمْ بِهَا وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مُعْرِضًا عَنْ الْمُنَافِقِينَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا ظَاهِرًا اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ بِهَذَا الْجَوَابِ مَعَ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: لِرِجَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِفَرْضٍ الْمُتَقَدِّمِ وَهَلَّا قَالَ: عَلَى رِجَالٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107] ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّجَالِ هُنَا مَا يُقَابِلُ الصِّبْيَانَ وَهْم الْبَالِغُونَ قَالَ شَيْخُنَا ع ش وَانْظُرْ مَا حِكْمَةُ عَدَمِ إخْرَاجِ الشَّارِحِ لَهُمْ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ وَكَذَا الْمَجَانِينُ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الرِّجَالِ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ وَلَعَلَّهُ لِمُنَابَذَتِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَهِيَ لِغَيْرِهِمْ سُنَّةٌ إذْ لَوْ خَرَجَ مَنْ ذُكِرَ فِي الْمُحْتَرَزِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ سُنَّةً لِلصِّبْيَانِ، وَالْمَجَانِينِ وَلَيْسَ مُرَادًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَا خِطَابَ يَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ وَمَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ أَنَّهَا سُنَّةٌ لِلْمُمَيِّزِ مُرَادُهُ بِهِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ السُّنَّةِ لَا أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ مِنْهُ فَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْإِخْرَاجِ عَلَى النِّسَاءِ، وَالْخَنَاثَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَحْرَارٍ) أَيْ وَغَيْرِ مَعْذُورِينَ بِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ وَغَيْرِ أُجَرَاءَ اهـ. ز ي وح ل أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ كَانَتْ حِينَئِذٍ فَرْضَ عَيْنٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لَا عُرَاةٍ) عَبَّرَ بِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ مَسْتُورِينَ لَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ السَّتْرِ لَا يَسْتَدْعِي وُجُوبَ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونُوا مَسْتُورِينَ بِنَحْوِ طِينٍ وَهُوَ لَا يَسْتَدْعِي وُجُوبَ الْجَمَاعَةِ بَلْ مِثْلُ ذَلِكَ عُذْرٌ فِي سُقُوطِ الْجَمَاعَةِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: فِي أَدَاءِ مَكْتُوبَةٍ) لَمْ يَقُلْ عَلَى الْأَعْيَانِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْجِنَازَةِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي الْجِنَازَةِ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ. اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ: لَا جُمُعَةٍ) أَيْ فَهِيَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهَلْ هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ سُنَّةٌ يَظْهَرُ الثَّانِي فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ فَالْقُيُودُ سَبْعَةٌ بَلْ تِسْعَةٌ بِالْقَيْدَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الزِّيَادِيُّ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِ مَعْذُورِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا فِي الْمَقْضِيَّةِ) وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ م ر وَقَرَّرَهُ ح ف وَهُوَ بَعِيدٌ مَعَ عَدَمِ سَنِّهَا وَعِبَارَةُ ح ل أَوْ خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ وَمَعَ كَوْنِهَا لَا تُسَنُّ فِي ذَلِكَ أَيْ مَا عَدَا الْمَنْذُورَةَ إذَا فَعَلَهَا أُثِيبَ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ:، وَالنَّافِلَةِ، وَالْمَنْذُورَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَكْتُوبَةٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَكْتُوبَةُ أَصَالَةً فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِ الْمَنْذُورَةِ بِتَقْيِيدِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: بَلْ لَا تُسَنُّ فِي الْمَنْذُورَةِ) أَيْ إذَا كَانَتْ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ لَيْسَتْ مِنْ نَوْعِهَا) بِأَنْ كَانَا ظُهْرًا وَعَصْرًا مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَوْعِهَا فَالْجَمَاعَةُ فِيهَا سُنَّةٌ كَمَا فِي شَرْحِ م ر بِأَنْ اتَّفَقَا فِي عَيْنِ الْمَقْضِيَّةِ كَظُهْرَيْنِ أَوْ عَصْرَيْنِ وَلَوْ مِنْ يَوْمَيْنِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ: لَيْسَتْ مِنْ نَوْعِهَا رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْبَهْجَةِ وَعِبَارَتُهَا وَلَا تُسَنُّ فِي مَقْضِيَّةٍ خَلْفَ مَقْضِيَّةٍ لَيْسَتْ مِنْ نَوْعِهَا اهـ. وَتَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا فِي ع ش (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفَرَائِضِ) أَيْ لِشُمُولِهِ الْمَنْذُورَةَ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَفَرْضُهَا كِفَايَةٌ) أَيْ امْتِثَالُ فَرْضِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: يَكُونُ بِحَيْثُ) أَيْ بِحَالَةٍ هِيَ ظُهُورُ الشِّعَارِ فَإِضَافَتُهَا لِمَا بَعْدَهَا بَيَانِيَّةٌ وَقَدَّرَ الشَّارِحُ يَكُونُ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِحَيْثُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ع ش (قَوْلُهُ يَظْهَرُ شِعَارُهَا) فِي كُلُّ مُؤَدَّاةٍ مِنْ الْخَمْسِ مِمَّنْ ذُكِرَ أَيْ مِنْ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ إلَخْ فَلَا تَسْقُطُ بِفِعْلِ الصِّبْيَانِ، وَالْأَرِقَّاءِ، وَالنِّسَاءِ وَلَوْ خَلْفَ رَجُلٍ وَيَظْهَرُ حُصُولُهَا بِنَحْوِ الْعَرَايَا؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِنْسِ الْمُخَاطَبِينَ بِخِلَافِ النِّسَاءِ، وَالشِّعَارُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ لُغَةً الْعَلَامَةُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَجَلُّ عَلَامَاتِ الْإِيمَانِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَظُهُورُهَا بِظُهُورِ أَجَلِّ صِفَاتِ الْإِيمَانِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ اهـ. حَجّ شَوْبَرِيٌّ فَإِضَافَةُ الشِّعَارِ إلَى ضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ مِنْ إضَافَةِ

ص: 289

وَقَوْلِي بِمَحَلِّ إقَامَتِهَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْقَرْيَةِ (فَإِنْ امْتَنَعُوا) كُلُّهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا عَلَى مَا ذُكِرَ (قُوتِلُوا) أَيْ قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ عَلَيْهَا كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ (وَهِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (لِغَيْرِهِمْ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَذْكُورِينَ (سُنَّةٌ) لَكِنَّهَا إنَّمَا تُسَنُّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ لِلْعُرَاةِ بِشَرْطِ كَوْنِهِمْ عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَإِلَّا فَهِيَ وَالِانْفِرَادُ فِي حَقِّهِمْ سَوَاءٌ

(وَ) الْجَمَاعَةُ وَإِنْ قَلَّتْ (بِمَسْجِدٍ لِذَكَرٍ) وَلَوْ صَبِيًّا (أَفْضَلُ) مِنْهَا فِي غَيْرِهِ كَالْبَيْتِ وَلِغَيْرِ الذَّكَرِ مِنْ أُنْثَى، وَخُنْثَى فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ قَالَ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ»

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَوْصُوفِ لِصِفَتِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشِّعَارِ نَفْسُ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا شِعَارُ الْإِيمَانِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ الْمَوْصُوفُ بِالْجَمَاعَةِ وَيُمْكِنُ جَعْلُ الْإِضَافَةِ بَيَانِيَّةً أَيْ بِحَيْثُ يَظْهَرُ شِعَارٌ هُوَ هِيَ أَيْ هُوَ نَفْسُ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهَا شِعَارٌ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ شِعَارًا لِلْإِيمَانِ، وَالشِّعَارُ عَلَى هَذَا مُفْرَدٌ وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: جَمْعُ شَعِيرَةٍ وَهِيَ الْعَلَامَةُ كَفَتْحِ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا وَضَابِطُ ظُهُورِ الشِّعَارِ أَنْ لَا تَشُقَّ الْجَمَاعَةُ عَلَى طَالِبِهَا وَلَا يَحْتَشِمُ أَيْ لَا يَسْتَحْيِ كَبِيرٌ وَلَا صَغِيرٌ مِنْ دُخُولِ مَحَالِّهَا فَإِنْ أُقِيمَتْ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَى الْبَعِيدِ عَنْهُ حُضُورُهُ أَوْ أُقِيمَتْ فِي الْبُيُوتِ بِحَيْثُ يَحْتَشِمُ مِنْ دُخُولِهَا لَمْ يَحْصُلْ ظُهُورُ الشِّعَارِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَهَذَا أَوْضَحُ مِمَّا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ حَجّ، وَالزِّيَادِيُّ صَرَّحَ بِأَنَّ الشِّعَارَ جَمْعٌ كَشَيْخِنَا ح ف وَجَعَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ مُفْرَدًا؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ الشِّعَارَ بِالْعَلَامَةِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ وُجِدَ فِي اللُّغَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْإِفْرَادِ، وَالْجَمْعِ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الشِّعَارُ عَلَامَةُ الْقَوْمِ فِي الْحَرْبِ وَهُوَ مَا يُنَادُونَ بِهِ لِيَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا اهـ. (قَوْلُهُ بِمَحَلِّ إقَامَتِهَا) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ خِطَّةَ أَبْنِيَةِ أَوْطَانِ الْمُجْمِعِينَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ قِيَاسًا عَلَيْهَا بِجَامِعِ اتِّحَادِهِمَا فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَكْفِي إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي مَحَلٍّ خَارِجٍ عَنْ ذَلِكَ وَأَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ وُجُوبُهَا عَلَى الْمُقِيمِينَ بِبَادِيَةٍ وَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا بِمَحَلٍّ أَوْ مَحَالَّ مَنْسُوبَةٍ لِلْبَلَدِ عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ أَنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْبَلَدِ أَظْهَرُوا فِيهَا شِعَارَ الْجَمَاعَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي أَهْلِ الْخِيَامِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعُوا قُوتِلُوا) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ سُنَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر ثُمَّ قَالَ: وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَاجِئَهُمْ بِالْقِتَالِ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ بَلْ حَتَّى يَأْمُرَهُمْ فَيَمْتَنِعُوا مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ أَيْ فَهُوَ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ فَلَا يَتْبَعْ مُدْبِرَهُمْ وَلَا يُثْخِنْ جَرِيحَهُمْ وَوَجْهُ الْإِشْعَارِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْقِتَالَ لِامْتِنَاعِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ الْمَذْكُورُ بِأَنْ امْتَنَعُوا أَصْلًا أَوْ أَقَامُوا لَا بِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ أَوْ بِمَحَلِّهَا وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا الشِّعَارُ اهـ. عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) أَيْ لَا الْآحَادُ اهـ. قُوتٌ اهـ. سم

(قَوْلُهُ: وَهِيَ لِغَيْرِهِمْ سُنَّةٌ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ هُنَا هُوَ النِّسَاءُ، وَالْخَنَاثَى، وَالْأَرِقَّاءُ، وَالْمُسَافِرُونَ، وَالْعُرَاةُ بِشَرْطِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ سم: اُعْتُمِدَ م ر أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ فِي الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَ زَمَنُهَا عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ زَادَ عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ زَادَ زَمَنُهَا عَلَى زَمَنِ الِانْفِرَادِ احْتَاجَ وَإِلَّا فَلَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانُوا بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْت) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ مَدَارُ الْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى الْكَثْرَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا) أَيْ غَيْرَ أَمْرَدَ جَمِيلٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَدَ كَالْأُنْثَى عَلَى مَا يَأْتِي وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الِافْتِتَانَ بِالْأَمْرَدِ أَغْلَبُ مِنْهُ بِالْمَرْأَةِ لِمُخَالَطَةِ الْأَمْرَدِ لِلرِّجَالِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ كَالْبَيْتِ) أَيْ وَإِنْ كَثُرَتْ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ قَالَ س ل: وَلَا يُنَازَعُ بِالْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ وَهِيَ هُنَا كَثْرَةُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا لِأَنَّ مَحَلَّهَا مَا لَمْ تُشَارِكْهَا الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ وَهُنَا أَصْلُ الْجَمَاعَةِ وُجِدَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَامْتَازَتْ هَذِهِ بِالْمَسْجِدِ اهـ. وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ أَنَّ صَلَاتَهُ فِي الْمَسْجِدِ لَوْ كَانَتْ تُفَوِّتُ الْجَمَاعَةَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ كَزَوْجَتِهِ كَانَتْ صَلَاتُهُ بِبَيْتِهِ أَفْضَلَ مِنْ صَلَاتِهِ بِالْمَسْجِدِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ جَمْعُ الْمَسْجِدِ وَقَلَّ جَمْعُ الْبَيْتِ لِأَنَّ حُصُولَهَا لَهُمْ بِسَبَبِهِ رُبَّمَا عَادَلَ فَضِيلَتَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمُسَاعَدَةِ الْمَجْرُورِ مِنْ الصَّفِّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ فِي بَيْتِهِ خَبَرُهُ أَيْ الْأَفْضَلُ مِنْهَا كَائِنٌ فِي بَيْتِهِ وَهَذَا عَامٌّ فِيمَا إذَا كَانَتْ فُرَادَى أَوْ جَمَاعَةً فَفِيهِ الْمُدَّعَى وَزِيَادَةٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ» الْحَدِيثَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف أَيْ أَفْضَلُ جَمَاعَةٍ صَلَاةُ الْمَرْءِ إلَخْ فَيَكُونُ مُطَابِقًا لِلْمُدَّعَى (قَوْلُهُ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ) وَإِلَّا نَفْلًا تُشْرَعُ فِيهِ

ص: 290

أَيْ فَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ وَقَالَ «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقِيسَ بِالنِّسَاءِ الْخَنَاثَى بِأَنْ يَؤُمَّهُمْ ذَكَرٌ فَتَعْبِيرِي بِذَكَرٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِغَيْرِ الْمَرْأَةِ وَإِمَامَةُ الرَّجُلِ ثُمَّ الْخُنْثَى لِلنِّسَاءٍ أَفْضَلُ مِنْ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ لَهُنَّ وَيُكْرَهُ حُضُورُهُنَّ الْمَسْجِدَ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ إنْ كُنَّ مُشْتَهَيَاتٍ خَوْفَ الْفِتْنَةِ (وَكَذَا مَا كَثُرَ جَمْعُهُ) مِنْ مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرِهَا أَفْضَلُ لِلْمُصَلِّي وَإِنْ بَعُدَ مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم صَلَاةُ «الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ نَعَمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا وَإِنْ قَلَّتْ بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إنَّ الِانْفِرَادَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا (إلَّا لِنَحْوِ بِدْعَةِ إمَامِهِ) كَفِسْقِهِ وَاعْتِقَادِهِ عَدَمَ وُجُوبِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ كَحَنَفِيٍّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْجَمَاعَةُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ فُرَادَى وَجَمَاعَةٌ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الشَّرَفِ، وَالطَّهَارَةِ وَإِظْهَارِ الشِّعَارِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِالْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِهِ وَهُوَ وَجِيهٌ وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ) فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَتْ خَيْرًا لَهُنَّ فَمَا وَجْهُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِهِنَّ الْمُسْتَلْزِمِ لِذَلِكَ الْخَيْرِ. قُلْت أَمَّا النَّهْيُ فَهُوَ لِلتَّنْزِيهِ ثُمَّ الْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَهَيَاتِ إذَا كُنَّ مُبْتَذَلَاتٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُنَّ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِنَّ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ مَنْعِهِنَّ لِأَنَّ فِي الْمَسْجِدِ لَهُنَّ خَيْرًا فَبُيُوتُهُنَّ مَعَ ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُنَّ أَيْ أَشَدُّ خَيْرًا لِأَنَّهَا أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ الَّتِي قَدْ تَحْصُلُ عِنْدَ الْخُرُوجِ اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ وَإِمَامَةُ الرَّجُلِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ الْمُرَادُ الْبَالِغُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الِاقْتِدَاءَ بِالصَّبِيِّ حَرِّرْ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ حُضُورُهُنَّ الْمَسْجِدَ) أَيْ مَحَلَّ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِ الرِّجَالِ فَذِكْرُ الْمَسْجِدِ، وَالرِّجَالِ لِلْغَالِبِ وَيَحْرُمُ الْحُضُورُ لِذَاتِ الْحَلِيلِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِذْنُ لَهَا مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ بِهَا أَوْ لَهَا وَيُسَنُّ الْحُضُورُ لِلْعَجَائِزِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَالْعِيدِ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ لَهُنَّ أَفْضَلَ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْبَيْتِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وق ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُكْرَهُ لَهَا أَيْ لِلْمَرْأَةِ حُضُورُ جَمَاعَةِ الْمَسَاجِدِ إنْ كَانَتْ مُشْتَهَاةً وَلَوْ فِي ثِيَابِ بِذْلَةٍ أَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ وَبِهَا شَيْءٌ مِنْ الزِّينَةِ أَوْ الرِّيحِ الطَّيِّبِ وَلِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مَنْعُهُنَّ حِينَئِذٍ كَمَا لَهُ مَنْعُ مَنْ تَنَاوَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ أَوْ حَلِيلٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ هُمَا فِي أَمَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ وَمَعَ خَشْيَةِ فِتْنَةٍ مِنْهَا أَوْ عَلَيْهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا مَا كَثُرَ جَمْعُهُ) بِأَنْ كَانَ الْجَمْعُ بِأَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ أَوْ كَانَ الْجَمْعُ بِأَحَدِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي غَيْرُ الْمَسْجِدِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا قَلَّ جَمْعُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ مِمَّا كَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ خِلَافًا لِلْعُبَابِ فَقَوْلُهُ مِنْ مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرِهَا أَيْ الْمَسْجِدِ مَعَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ الْمَسْجِدِ مَعَ غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا الْمَسْجِدُ مَعَ غَيْرِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَالْجَمَاعَةُ وَإِنْ قَلَّتْ بِمَسْجِدٍ إلَخْ اهـ. ح ل.

(فَرْعٌ) الْإِمَامُ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ الْمَأْمُومِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ تَعَارَضَ كَوْنُهُ إمَامًا لِجَمْعٍ قَلِيلٍ وَكَوْنُهُ مَأْمُومًا مَعَ جَمْعٍ كَثِيرٍ فَهَلْ الْفَضْلُ سَوَاءٌ وَتُجْبِرُ الْكَثْرَةُ فَضْلَ الْإِمَامَةِ أَيْ فَيُصَلِّي إمَامًا أَوْ تُرَجَّحُ الْكَثْرَةُ أَيْ فَيُصَلِّي مَأْمُومًا يُحَرَّرْ اهـ كَاتِبُهُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ع ش عَلَى م ر: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْإِمَامَةِ مِنْ تَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ حَاصِلَةٌ بِغَيْرِهِ فَالْمَنْفَعَةُ فِي قُدْوَتِهِ عَائِدَةٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ أَزْكَى) أَيْ أَكْثَرَ ثَوَابًا أَيْ وَإِنْ كَانَ لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ خَشَعَ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ دُونَ مَا إذَا صَلَّى مَعَ غَيْرِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ اهـ. ح ل

لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالْخُشُوعَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَحَبُّ) خَبَرُ مَا كَانَ وَدَخَلَتْ الْفَاءُ فِي خَبَرِهَا لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الشَّرْطِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي) : هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَفْتَى م ر بِأَنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّ الِانْفِرَادَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي الْأَقْصَى وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ فَضِيلَةُ الذَّاتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الْمَكَانِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فَضِيلَةُ الْمَكَانِ مُضَاعَفَةً وَتَوَقَّفَ ز ي كسم فِي الثَّانِي قَالَ شَيْخُنَا: وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَالْجَمَاعَةُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: إلَّا لِنَحْوِ بِدْعَةِ إمَامِهِ) أَيْ الَّتِي لَا يَكْفُرُ بِهَا كَالْمُجَسِّمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ كَفَرَ بِهَا كَمُنْكِرِي الْبَعْثِ، وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْجُزَيْئَاتِ فَوَاضِحٌ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَقَوْلُهُ إلَّا لِنَحْوِ بِدْعَةٍ إلَخْ اللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَا كَثُرَ جَمْعُهُ أَفْضَلُ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا مَعَ بِدْعَةِ إمَامِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ اهـ. ح ل مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ كَفِسْقِهِ) أَيْ الْمُحَقَّقِ أَوْ الْمُتَّهَمِ بِهِ ح ف (قَوْلُهُ وَاعْتِقَادِهِ إلَخْ)

ص: 291

(أَوْ تَعَطَّلَ مَسْجِدٌ) قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِيهِ (لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامَهُ أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرَةِ فِي ذَلِكَ لِيُؤْمَنَ النَّقْصُ فِي الْأُولَى وَتَكْثُرَ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ فِي الثَّانِيَةِ بَلْ الِانْفِرَادُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي. وَإِطْلَاقِي لِلْمَسْجِدِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ لَهُ بِالْقَرِيبِ إذْ الْبَعِيدُ مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ لَا يُقَالُ لَيْسَ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ لِلْقَرِيبِ حَقَّ الْجِوَارِ وَلِكَوْنِهِ مَدْعُوًّا مِنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْبَعِيدَ مَدْعُوٌّ مِنْهُ أَيْضًا، وَبِكَثْرَةِ الْأَجْرِ فِيهِ بِكَثْرَةِ الْخُطَا الدَّالِّ عَلَيْهَا الْأَخْبَارُ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ:«أَعْظَمُ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ أَجْرًا أَبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشًى»

(وَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ تَحَرُّمٍ) مَعَ الْإِمَامِ (بِحُضُورِهِ لَهُ) أَيْ بِحُضُورِ الْمَأْمُومِ التَّحَرُّمَ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي. (وَاشْتِغَالِهِ بِهِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) بِخِلَافِ الْغَائِبِ عَنْهُ وَكَذَا الْمُتَرَاخِي عَنْهُ إنْ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ وَسْوَسَةٌ خَفِيفَةٌ

(وَ) تُدْرَكُ فَضِيلَةُ (جَمَاعَةٍ مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ الْإِمَامُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ كَحَنَفِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَتَى بِهَا لِقَصْدِهِ بِهَا النَّفْلِيَّةَ وَهُوَ مُبْطِلٌ عِنْدَنَا وَلِهَذَا مَنَعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُطْلَقًا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَتَجْوِيزُ الْأَكْثَرِ لَهُ لِمُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ وَاكْتِفَاءً بِوُجُودِ صُورَتِهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاءٌ بِمُخَالِفٍ وَتَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَاتُ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَلَا نَظَرَ لِإِدَامَةِ تَعْطِيلِهَا لِسُقُوطِ فَرْضِهَا حِينَئِذٍ وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيُّ وَقَالَ الْكَمَالُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ لَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ عَدَمِ حُصُولِهَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ اهـ. شَرْحُ م ر

وَقَوْلُهُ خَلْفَ هَؤُلَاءِ أَيْ الْمُعْتَزِلِيِّ، وَالرَّافِضِيُّ، وَالْقَدَرِيِّ، وَالْفَاسِقِ، وَالْمُتَّهَمِ بِذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ) أَيْ إذَا سَمِعَ أَذَانَهُ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِتَعَطُّلِهِ اهـ. ح ل

قَالَ عَمِيرَةُ: لَوْ كَانَ بِجِوَارِهِ مَسْجِدَانِ وَاسْتَوَيَا فِي الْجَمَاعَةِ رَاعَى الْأَقْرَبَ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الْعَكْسَ لِكَثْرَةِ الْخُطَا أَوْ التَّسَاوِي لِلتَّعَارُضِ وَهُوَ أَنَّ لِلْقَرِيبِ حَقَّ الْجِوَارِ، وَالْبَعِيدُ فِيهِ أَجْرٌ بِكَثْرَةِ الْخُطَا.

(فَرْعٌ) إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ فِي مَسْجِدٍ فَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ يُصَلِّي مَعَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَحْدَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ الصَّلَاةَ، وَالْإِمَامَةَ فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَسْقُطْ الْآخَرُ بِخِلَافِ مَنْ عَلَيْهِ التَّدْرِيسُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّعْلِيمُ وَلَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَعَلَيْهِ أَمْرَانِ نَقَلَهُ سم عَنْ م ر اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَا فِي وُسْعِهِ اهـ. ح ف، وَالْخَطِيبُ كَالْمُدَرِّسِ وَمِثْلُهُ الطَّلَبَةُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّمَ بِدُونِ مُعَلِّمٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: إلَّا لِنَحْوِ بِدْعَةِ إمَامِهِ إلَخْ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ تَعَطُّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِطْلَاقِي لِلْمَسْجِدِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ لِغَيْبَتِهِ أَيْ فَمَتَى كَانَ يَلْزَمُ عَلَى الذَّهَابِ لِكَثِيرِ الْجَمْعِ تَعْطِيلُ قَلِيلِ الْجَمْعِ صَلَّى فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ بَعِيدًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَكْثُرُ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مَدْعُوًّا مِنْهُ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ سَمِعَ أَذَانَهُ وَقَوْلُهُ بِكَثْرَةِ الْخُطَا بِكَسْرِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا جَمْعُ خُطْوَةٍ بِالْفَتْحِ، وَالضَّمِّ أَيْضًا

. (قَوْلُهُ وَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ تَحَرُّمٍ إلَخْ) وَهِيَ غَيْرُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَهِيَ فَضِيلَةٌ أُخْرَى زَائِدَةٌ وَيُقَدَّمُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ عَلَى فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ وَعَلَى إدْرَاكِ غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ كَمَا فِي ق ل

(قَوْلُهُ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) هَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّحَرُّمِ وَقِيلَ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ قِيَامِهِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ وَإِلَّا بِأَنْ حَضَرَهُ وَأَخَّرَ فَاتَتْهُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا وَإِنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ كَمَا حَكَاهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَسِيطِ وَأَقَرَّهُ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَسْوَسَةٌ خَفِيفَةٌ) وَهِيَ الَّتِي لَا يُؤَدِّي الِاشْتِغَالُ بِهَا إلَى فَوَاتِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ م ر اهـ. ع ش وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر: وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا مَا لَا يَطُولُ بِهَا زَمَانٌ عُرْفًا حَتَّى لَوْ أَدَّى إلَى فَوَاتِ الْقِيَامِ أَوْ مُعْظَمِهِ فَاتَتْ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ اهـ. بِالْحَرْفِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَيْ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ زَمَنُهَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ وَلَوْ طَوِيلًا وَقَصِيرًا مِنْ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ وَإِلَّا كَانَتْ ظَاهِرَةً كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى التَّخَلُّفِ عَنْ الْإِمَامِ وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ فِي الْمَشْيِ لَمْ يُسْرِعْ، بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ فَإِنَّهُ يُسْرِعُ وُجُوبًا كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ انْتَهَتْ.

وَقَوْلُهُ بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ أَيْ، وَفِي فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ قَصَدَ امْتِثَالَ الشَّارِعِ بِالتَّأَنِّي أَنْ يُثِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ قَدْرَ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ أَوْ فَوْقَهَا كَمَا فِي ع ش عَلَيْهِ. .

(قَوْلُهُ وَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فَيُدْرِك الْعَدَدَ كُلَّهُ الْخَمْسَ وَالْعِشْرِينَ أَوْ السَّبْعَ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ اقْتَدَى فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَقَوْلُهُ لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ أَدْرَكَهَا أَيْ كَيْفًا لَا كَمًّا اهـ. أَفَادَهُ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ يَشْرَعْ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ جَمَاعَةً وَلَا فُرَادَى عِنْدَ شَيْخِنَا ز ي

ص: 292

التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ لِإِدْرَاكِهِ رُكْنًا مَعَهُ لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ أَدْرَكَهَا مِنْ أَوَّلِهَا وَمُقْتَضَى ذَلِكَ إدْرَاكُ فَضِيلَتِهَا وَإِنْ فَارَقَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ

(وَسُنَّ تَخْفِيفُ إمَامٍ) لِلصَّلَاةِ بِأَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِيَ الْأَكْمَلَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي. (مَعَ فِعْلِ أَبْعَاضٍ وَهَيْئَاتٍ) أَيْ السُّنَنُ غَيْرُ الْأَبْعَاضِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ» (وَكُرِهَ) لَهُ (تَطْوِيلٌ) وَإِنْ قَصَدَ لُحُوقَ غَيْرِهِ لِتَضَرُّرِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ وَلِمُخَالَفَتِهِ الْخَبَرَ السَّابِقَ (لَا إنْ رَضُوا) بِتَطْوِيلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِمْ (مَحْصُورِينَ) فَلَا يُكْرَهُ التَّطْوِيلُ بَلْ يُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ نَعَمْ لَوْ كَانُوا أَرِقَّاءَ أَوْ أُجَرَاءَ أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ وَأَذِنَ لَهُمْ السَّادَةُ، وَالْمُسْتَأْجَرُونَ فِي حُضُورِ الْجَمَاعَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهُمْ بِالتَّطْوِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ فِيهِ مِنْ أَرْبَابِ الْحُقُوقِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر وَإِنْ كَانَ شَرْحُهُ لَا يُفِيدُهُ وَعِنْدَ خ ط تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ فُرَادَى لِأَنَّهُ بِالشُّرُوعِ فِي السَّلَامِ اخْتَلَّتْ الْقُدْرَةُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْقُدْرَةِ بُطْلَانَ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعِنْدَ حَجّ تَنْعَقِدُ جَمَاعَةً اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَجَمَاعَةً مَا لَمْ يُسَلِّمْ أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لَا تُدْرَكَ إلَّا بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ) وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقُعُودُ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ وَقَدْ فَاتَتْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ فَإِذَا كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فَوْرًا إذَا عَلِمَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ) فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ قَعَدَ الْمَأْمُومُ فَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَامِدًا عَالِمًا بَلْ اسْتَمَرَّ قَائِمًا إلَى أَنْ سَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا التَّخَلُّفُ بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ وَمَا لَوْ جَلَسَ بَعْدَ الْهُوِيِّ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُعْتَقِدًا إدْرَاكَ الْإِمَامِ فَتَبَيَّنَ سَبْقُ الْإِمَامِ لَهُ بِالسَّلَامِ، ثُمَّ عَادَ الْإِمَامُ عَنْ قُرْبٍ لِنَحْوِ سَهْوٍ فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُ الْقُدْوَةِ اهـ. بُرُلُّسِيٌّ وَشَوْبَرِيٌّ.

وَقَوْلُهُ بِقَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُغْتَفِرُ قَدْرُ الطُّمَأْنِينَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لِإِدْرَاكِهِ رُكْنًا مَعَهُ) فِيهِ أَنَّهُ أَدْرَكَ رُكْنَيْنِ وَهُمَا النِّيَّةُ، وَالتَّكْبِيرَةُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرُّكْنِ الْجِنْسُ أَوْ أَنَّ النِّيَّةَ لَمَّا كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلتَّكْبِيرِ عَدَّهُمَا رُكْنًا اط ف (قَوْلُهُ لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ أَدْرَكَهَا مِنْ أَوَّلِهَا) ؛ وَلِهَذَا لَوْ رَجَا جَمَاعَةً يُدْرِكُهَا مِنْ أَوَّلِهَا نُدِبَ انْتِظَارُهَا مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ أَوْ اخْتِيَارٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ حَالًّا وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رُكْنًا اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَخْفِيفُ إمَامٍ) بِأَنْ يَفْعَلَ الْأَبْعَاضَ وَيَتْرُكَ شَيْئًا مِنْ الْهَيْئَاتِ اهـ. ح ف

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَقَلِّ) كَتَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ) أَيْ بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْكَمَالِ اهـ. شَرْحُ م ر وَمِنْهُ الدُّعَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَيَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمَحْصُورِينَ لِقِلَّتِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَيْهِ نَعَمْ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] وَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُمَا مُطْلَقًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَوْلُ م ر بِأَدْنَى الْكَمَالِ أَيْ مِنْ الْهَيْئَاتِ كَثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ أَمَّا الْأَبْعَاضُ فَلَا يُنْقِصُ مِنْهَا شَيْئًا كَمَا قَالَهُ ع ش فَقَوْلُهُ: مَعَ فِعْلِ أَبْعَاضٍ وَهَيْئَاتٍ أَيْ بَعْضِ الْهَيْئَاتِ وَهُوَ أَدْنَى الْكَمَالِ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَحَبُّ لِلْمُنْفَرِدِ) أَيْ مَعَ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَقِصَارِهِ وَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اهـ. مَحَلِّيٌّ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَلْيُخَفِّفْ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ وَالسَّقِيمُ) يَجُوزُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّقِيمِ مَنْ بِهِ مَرَضٌ عُرْفًا وَبِالضَّعِيفِ مَنْ بِهِ ضَعْفُ بِنْيَةٍ كَنَحَافَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَيْسَ فِيهِ مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْمُتَعَارَفَةِ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ لَهُ تَطْوِيلٌ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ أَحَسَّ بِدَاخِلٍ وَحَيْثُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ كُرِهَتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَلَوْ كَانَ إمَامًا رَاتِبًا فَالصَّلَاةُ خَلْفَ الْمُسْتَعْجِلِ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ حَيْثُ أَتَى بِأَدْنَى الْكَمَالِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ إنْ طَوَّلَ ح ل وع ش وَعِبَارَةُ الْبَرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَطْوِيلٌ أَيْ وَلَوْ لِيَلْحَقَهُ آخَرُونَ لَمْ يُحِسَّ بِهِمْ هَذَا مُرَادُهُ فَلَا يَكُونُ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا كُرِهَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَحَسَّ بِدَاخِلٍ وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْخِلَافُ فِيهِ دُونَ مَا هُنَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ لُحُوقَ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَمْ يُحِسَّ بِهِ أَمَّا إذَا أَحَسَّ بِهِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا إنْ رَضُوا) أَيْ لَفْظًا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ حَجّ لَكِنْ بَحَثَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ الِاكْتِفَاءَ بِالسُّكُوتِ مَعَ عِلْمِهِ بِالرِّضَا فَانْظُرْهُ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَوْلَوِيَّةِ عِبَارَتِهِ هُنَا شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ لَكِنْ بَحَثَ شَيْخُنَا إلَخْ اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: مَحْصُورِينَ) أَيْ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِمْ حَقٌّ لَازِمٌ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ نَعَمْ لَوْ رَضُوا إلَّا وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ فَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ إنْ قَلَّ حُضُورُهُ خَفَّفَ وَإِنْ كَثُرَ حُضُورُهُ طَوَّلَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ وَخَالَفَهُمَا السُّبْكِيُّ اهـ. ز ي قَالَ ق ل: وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِينَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورِينَ بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ: كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ)

(فَائِدَةٌ) حَيْثُ قَالُوا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ مَثَلًا فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَإِنَّمَا لِلْأَذْرَعِيِّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَحَيْثُ قَالُوا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ

ص: 293

(وَلَوْ أَحَسَّ) الْإِمَامُ (فِي رُكُوعٍ) غَيْرِ ثَانٍ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ (أَوْ) فِي (تَشَهُّدٍ آخِرَ بِدَاخِلِ) مَحَلِّ الصَّلَاةِ يُقْتَدَى بِهِ (سُنَّ انْتِظَارُهُ لِلَّهِ) تَعَالَى إعَانَةً لَهُ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ (إنْ لَمْ يُبَالِغْ) فِي انْتِظَارهِ (وَلَمْ يُمَيِّزْ) بَيْنَ الدَّاخِلِينَ بِانْتِظَارِ بَعْضِهِمْ لِمُلَازَمَةٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا دُونَ بَعْضٍ بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى وَاسْتُثْنِيَ مِنْ سَنِّ الِانْتِظَارِ مَا إذَا كَانَ الدَّاخِلُ يَعْتَادُ الْبُطْءَ وَتَأْخِيرَ التَّحَرُّمِ إلَى الرُّكُوعِ وَمَا إذَا خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِالِانْتِظَارِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَثَلًا فَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ز ي عَنْ مَشَايِخِهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَحَسَّ الْإِمَامُ إلَخْ) هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَفِي لُغَةٍ غَرِيبَةٍ بِلَا هَمْزٍ، وَاللُّغَتَانِ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَسَّ بِمَعْنَى أَدْرَكَ فَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] الْآيَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِهَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ تَطْوِيلٌ أَيْ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا رِضَاهُمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا إنْ أَحَسَّ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ تَطْوِيلٌ لَكِنْ لَمَّا كَانَ لَهُ قُيُودٌ جَعَلَهُ مُسْتَأْنَفًا وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْإِمَامِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَلَا يُكْرَهُ التَّطْوِيلُ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا بَلْ يَنْتَظِرُهُ وَلَوْ مَعَ التَّطْوِيلِ لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ الْمُعَلَّلِ بِهَا لِكَرَاهَةِ التَّطْوِيلِ كَمَا فِي ع ش.

(قَوْلُهُ: فِي رُكُوعٍ أَوْ تَشَهُّدٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ شُرُوطَ سَنِّ الِانْتِظَارِ تِسْعَةٌ خَمْسَةٌ فِي الْمَتْنِ وَأَنْ يَظُنَّ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ ذَلِكَ الدَّاخِلُ وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ يَقْتَدِي بِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاخِلُ يَعْتَادُ الْبُطْءَ أَوْ تَأْخِيرَ التَّحَرُّمِ وَأَنْ لَا يَخْشَى خُرُوجَ الْوَقْتِ بِالِانْتِظَارِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاخِلُ لَا يَعْتَقِدُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ أَوْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ بِإِدْرَاكِ مَا ذُكِرَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَاسْتَثْنَى إلَخْ وَيُزَادُ عَاشِرٌ وَهُوَ أَنْ يَظُنَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ ثَانٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ يُصَلِّي الْكُسُوفَ بِرُكُوعَيْنِ وَإِلَّا سُنَّ انْتِظَارُهُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: غَيْرِ ثَانٍ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِمَنْ يُرِيدُ صَلَاةَ الْكُسُوفِ أَيْضًا أَمَّا غَيْرُهُ فَيُسَنُّ انْتِظَارُهُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ رَكْعَةٌ (قَوْلُهُ: بِدَاخِلٍ) أَيْ مُتَلَبِّسٍ بِالدُّخُولِ وَشَارِعٍ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ: مَحَلَّ الصَّلَاةِ أَيْ وَإِنْ اتَّسَعَ جِدًّا أَيْ إذَا كَانَ مَسْجِدًا أَوْ بِنَاءً وَإِنْ كَانَ فَضَاءً فَبِأَنْ يَقْرُبَ مِنْ الصَّفِّ الْأَخِيرِ عُرْفًا إنْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: سُنَّ انْتِظَارُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُونَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ أَوْ مَحْصُورِينَ لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِلَّهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِانْتِظَارِ إلَّا إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ أَوْ الْفَضِيلَةِ اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ: إعَانَةً لَهُ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ) أَيْ فَضْلِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ غَيْرَ مُغْنِيَةٍ عَنْ الْقَضَاءِ وَانْظُرْ مَا صُورَةُ الِانْتِظَارِ لِلَّهِ مَعَ التَّمْيِيزِ لِأَنَّهُ مَتَى مَيَّزَ لَمْ يَكُنْ الِانْتِظَارُ لِلَّهِ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الِانْتِظَارَ لِغَيْرِ اللَّهِ هُوَ التَّمْيِيزُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. ح ل.

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الِانْتِظَارِ لِلَّهِ لَكِنَّهُ انْتَظَرَ زَيْدًا مَثَلًا لِخِصَالِهِ الْحَمِيدَةِ وَلَمْ يَنْتَظِرْ عَمْرًا لِفَقْدِ تِلْكَ الْخِصَالِ فِيهِ فَالِانْتِظَارُ لِلَّهِ وُجِدَ مَعَ التَّمْيِيزِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَصَدَّقُ لِلَّهِ وَيُعْطِي زَيْدًا لِكَوْنِهِ فَقِيرًا وَلَمْ يُعْطِ عَمْرًا لِكَوْنِهِ غَنِيًّا فَقَدْ وُجِدَ هُنَا التَّمْيِيزُ مَعَ كَوْنِ التَّصَدُّقِ لِلَّهِ كَذَا حَقَّقَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُبَالِغْ فِي انْتِظَارِهِ) فَلَوْ انْتَظَرَ وَاحِدًا بِلَا مُبَالَغَةٍ فَجَاءَ آخَرُ وَانْتَظَرَهُ كَذَلِكَ أَيْ بِلَا مُبَالَغَةٍ وَكَانَ مَجْمُوعُ الِانْتِظَارَيْنِ فِيهِ مُبَالَغَةً؛ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ بِلَا شَكٍّ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَسَوَاءٌ كَانَ دُخُولُ الْآخَرِ فِي الرُّكُوعِ الَّذِي انْتَظَرَ فِيهِ الْأَوَّلَ أَوْ فِي رُكُوعٍ آخَرَ اهـ. حَجّ بِالْمَعْنَى وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْآخَرَ إذَا دَخَلَ فِي التَّشَهُّدِ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ دِينٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا ع ش (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرَ التَّحَرُّمِ) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَمَا إذَا خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) فِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ الْمَدِّ بَلْ نَدْبِهِ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا نَعَمْ إنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الِانْتِظَارِ فِي الْجُمُعَةِ اُتُّجِهَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِظَارُ فِيهَا إنْ أَدَّى إلَى إخْرَاجِهَا عَنْ الْوَقْتِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِحُرْمَةِ مَدِّهَا قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ وَجَعَلَ حَجّ كَشَيْخِنَا غَيْرَ الْجُمُعَةِ كَالْجُمُعَةِ إذَا كَانَ شَرَعَ فِيهَا فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ خَشْيَةَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِسَبَبِ الِانْتِظَارِ فَالْوَقْتُ يَسَعُ بِدُونِهِ تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ عَمَّا كَانَ يُمْكِنُهُ إيقَاعُهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ فِيهِ أَوْ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْأَدَائِيِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَمَا إذَا خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَيْ وَكَانَ قَدْ دَخَلَ فِيهَا فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا وَإِلَّا سُنَّ لَهُ الِانْتِظَارُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَذَا قَيَّدَ بِهِ حَجّ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ م ر أَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْوَقْتِ بِانْتِظَارِهِ حَرُمَ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِي غَيْرِهَا حَيْثُ امْتَنَعَ الْمَدُّ بِأَنْ

ص: 294

وَمَا إذَا كَانَ الدَّاخِلُ لَا يَعْتَقِدُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ أَوْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ بِإِدْرَاكِ مَا ذُكِرَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الِانْتِظَارُ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْآخِرِ أَوْ فِيهِمَا وَأَحَسَّ بِخَارِجٍ عَنْ مَحَلِّ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ انْتِظَارُهُ لِلَّهِ كَالتَّوَدُّدِ إلَيْهِمْ وَاسْتِمَالَةِ قُلُوبِهِمْ أَوْ بَالَغَ فِي الِانْتِظَارِ أَوْ مَيَّزَ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ (كُرِهَ) بَلْ قَالَ الْفُورَانِيُّ إنَّهُ يَحْرُمُ إنْ كَانَ لِلتَّوَدُّدِ لِعَدَمِ فَائِدَةِ الِانْتِظَارِ فِي الْأُولَى وَتَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِ وَضَرَرِ الْحَاضِرِينَ فِي الْبَاقِي وَقَوْلِي لِلَّهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِي. وَبِهَا صَرَّحَ صَاحِبُ الرَّوْضِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ. قُلْت الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُهُ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمَا الْمَأْخُوذِ مِنْ طَرِيقَةٍ ذَكَرَهَا فِيهَا قَبْلُ وَبَدَأَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهِيَ أَنَّ فِي الِانْتِظَارِ قَوْلَيْنِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يُكْرَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

شَرَعَ فِيهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَمَا إذَا كَانَ الدَّاخِلُ لَا يَعْتَقِدُ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ لَوْ انْتَظَرَهُ فِي الرُّكُوعِ لَأَحْرَمَ مِنْ الرُّكُوعِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ. اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ) كَالْحَنَفِيِّ وَقَوْلُهُ أَوْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ كَالْمَالِكِيِّ اهـ. اط ف (قَوْلُهُ بِإِدْرَاكِ مَا ذُكِرَ) أَيْ إدْرَاكِ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ وَإِدْرَاكِ التَّشَهُّدِ فِي الْفَضِيلَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِمَا وَأَحَسَّ بِخَارِجٍ) أَيْ يُرِيدُ الدُّخُولَ، وَالِاقْتِدَاءَ بِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ إلَى الْآنَ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا اسْتَشْكَلَ بِهِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْ كَانَتْ التَّطْوِيلَ انْتَقَضَ بِخَارِجٍ قَرِيبٍ مَعَ صِغَرِ الْمَسْجِدِ وَدَاخِلٍ بَعِيدٍ مَعَ سَعَتِهِ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَاسْتِمَالَةِ) أَيْ طَلَبِ إمَالَةِ قُلُوبِهِمْ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ: يَحْرُمُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِلتَّوَدُّدِ) أَيْ لَا لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ وَإِلَّا كُرِهَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِانْتِظَارَ غَيْرُ التَّطْوِيلِ فَلَا يُنَافِي سَنَّ التَّطْوِيلِ بِرِضَا الْمَحْصُورِينَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ فَالِانْتِظَارُ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا أَيْ رَضِيَ الْمَحْصُورُونَ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يُطِلْهُ لِلْحَدِّ الْمَذْكُورِ ح ل (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ فَائِدَةِ الِانْتِظَارِ فِي الْأُولَى) نَعَمْ إنْ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ رَكَعَ قَبْلَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ أَحْرَمَ هَاوِيًا سُنَّ انْتِظَارُهُ قَائِمًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بِذَلِكَ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ مَثَلًا عَلَى مَا قَبْلَهَا ع ش عَلَى م ر وَقَدْ يُسَنُّ الِانْتِظَارُ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ كَمَا فِي الْمُوَافِقِ الْمُتَخَلِّفِ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَيَنْتَظِرُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ لِفَوَاتِ رَكْعَتِهِ بِقِيَامِهِ مِنْهَا قَبْلَ رُكُوعِهِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَضَرَرِ الْحَاضِرِينَ فِي الْبَاقِي) وَهُوَ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَيُحَرَّرُ وَجْهُهُ فَإِنَّ الِانْتِظَارَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلِلَّهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِينَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَكَيْفَ يَتَضَرَّرُونَ فِيمَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ اللَّهِ دُونَ مَا إذَا كَانَ لِلَّهِ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ قَصْدَهُ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت لِبَعْضِهِمْ مَا نَصُّهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُطَوِّلُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ ثَوَابٍ يَعُودُ عَلَيْهِمْ فَيَتَضَرَّرُونَ أَيْ فِي الْوَاقِعِ بِخِلَافِهِ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ فَيَعُودُ لَهُمْ الثَّوَابُ مِنْ فِعْلِ الْإِمَامِ مَا يُسَنُّ فِي حَقِّهِ فَيُبَارَكُ فِي صَلَاتِهِمْ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ لَوْ اطَّلَعُوا عَلَى قَصْدِهِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ وَلَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةُ انْتِظَارِهِ فِي الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ فِي غَيْرِهِمَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ اهـ. ح ل أَيْ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِهِمَا أَوْ فِيهِمَا بِدُونِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: الْمَأْخُوذُ) صِفَةٌ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَجَعْلُهُ صِفَةً لِلتَّصْرِيحِ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا فِيهَا) أَيْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ الطَّرِيقَةَ فِي الرَّوْضَةِ، وَالطَّرِيقَةُ حِكَايَةُ أَقْوَالِ الْأَصْحَابِ وَقَوْلُهُ: قَبْلُ أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ قُلْت إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَبَدَأَ بِهَا فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَنَّ فِي الِانْتِظَارِ قَوْلَيْنِ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُكْرَهُ أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ فَعِنْدَ انْتِفَائِهَا يُكْرَهُ بِالْأَوْلَى اهـ. ح ل.

وَهَذَا مَحَلُّ أَخْذِ الْكَرَاهَةِ فَأَخَذَ الْمُصَنِّفُ الْكَرَاهَةَ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَأَخَذَ الِاسْتِحْبَابَ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْآتِيَةِ الَّتِي هِيَ لِلنَّوَوِيِّ فَيَكُونُ كَلَامُهُ مُلَفَّقًا مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ ع ن وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَلْفِيقَ فِي الْمَتْنِ بَلْ الِاسْتِحْبَابُ مَأْخُوذٌ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْأُولَى أَيْضًا وَرُدَّ بِأَنَّ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى الَّتِي نَقَلَهَا الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ مُلَفَّقَةٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقَتَيْنِ وَهُمَا الِاسْتِحْبَابُ وَعَدَمُهُ عِنْدَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ، وَالْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا عِنْدَ تَوَفُّرِهَا أَيْضًا فَالِاسْتِحْبَابُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأُولَى، وَالْكَرَاهَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُلَفَّقَةً لِأَنَّ مُقَابِلَ الِاسْتِحْبَابِ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا الْكَرَاهَةُ فَلَا يُقَابَلُ بِهَا قَالَ ع ن: وَحَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ فِي الدَّرْسِ أَنَّ فِي الِانْتِظَارِ عِنْدَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ قَوْلَيْنِ اخْتَلَفَ الشَّيْخَانِ فِي مَحَلِّهِمَا فَقَالَ الرَّافِعِيُّ: هُمَا فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُمَا فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ أَمَّا عِنْدَ تَخَلُّفِ الشُّرُوطِ فَيُكْرَهُ جَزْمًا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ وَيُبَاحُ عَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ فَالطَّرِيقَةُ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا الْمَنْهَجُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الرَّوْضَةِ عَلَى هَذَا مُلَفَّقَةٌ مِنْ طَرِيقَتَيْنِ اهـ.

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ فِي الِانْتِظَارِ أَرْبَعَةَ طُرُقٍ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ طَرِيقَةٌ

ص: 295

لَا مِنْ الطَّرِيقَةِ النَّافِيَةِ لِلْكَرَاهَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُقَالُ إذَا فُقِدَتْ الشُّرُوطُ كَانَ الِانْتِظَارُ مُبَاحًا كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ وَضَابِطُ الْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ أَنْ يُطَوِّلَ تَطْوِيلًا لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ فِيهِ

(وَسُنَّ إعَادَتُهَا) أَيْ الْمَكْتُوبَةِ مَرَّةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَائِلَةٌ بِالِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ وَطَرِيقَةٌ قَائِلَةٌ بِالْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا وَطَرِيقَةٌ قَائِلَةٌ بِالْإِبَاحَةِ وَعَدَمِهَا وَطَرِيقَةٌ قَائِلَةٌ بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ فَالطَّرِيقَةُ الْقَائِلَةُ بِالِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ يَكُونُ الِانْتِظَارُ عِنْدَ عَدَمِهَا خِلَافَ الْأَوْلَى أَوْ مُبَاحًا، وَالطَّرِيقَةُ الْقَائِلَةُ بِالْإِبَاحَةِ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ يَكُونُ الِانْتِظَارُ عِنْدَ عَدَمِهَا مَكْرُوهًا، وَالطَّرِيقَةُ الْقَائِلَةُ بِالْكَرَاهَةِ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِهَا مَكْرُوهًا بِالْأَوْلَى أَوْ حَرَامًا، وَالطَّرِيقَةُ الْقَائِلَةُ بِالْبُطْلَانِ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِهَا مُبْطِلًا بِالْأَوْلَى وَيَلْزَمُهُ الْحُرْمَةُ، وَهَذَا حَاصِلُ كَلَامِ م ر وع ش، وَالْأَخِيرَةُ غَرِيبَةٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: لَا مِنْ الطَّرِيقَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ طَرِيقَةٍ ذَكَرَهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: الْمُثْبِتَةِ لِلْخِلَافِ أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ وُجُودِهَا ثُمَّ قِيلَ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُقَالُ) تَفْرِيعٌ عَلَى النَّفْيِ أَعْنِي قَوْلَهُ لَا مِنْ الطَّرِيقَةِ أَيْ لَوْ أَخَذَ مِنْهَا لَقِيلَ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الْإِبَاحَةُ عِنْدَ عَدَمِهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِبَاحَةِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ الْقَائِلِ بِهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) هُوَ الْإِبَاحَةُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ.

(قَوْلُهُ: كَانَ الِانْتِظَارُ مُبَاحًا) أَيْ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ شَيْخُهُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ) أَيْ عَلَى الْقِيَامِ، وَالرُّكُوعِ، وَالِاعْتِدَالِ، وَالسُّجُودِ إلَى آخِرِ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: لَظَهَرَ أَثَرُهُ فِيهِ) كَأَنْ يُعَدَّ الْقِيَامُ طَوِيلًا فِي عُرْفِ النَّاسِ، وَالرُّكُوعُ طَوِيلًا فِي عُرْفِهِمْ

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ إعَادَتُهَا) أَيْ بِشُرُوطٍ كَوْنُ الْإِعَادَةِ مَرَّةً وَإِدْرَاكُ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَكَوْنُهَا جَمَاعَةً مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا بِأَنْ يُدْرِكَ رُكُوعَ الْأُولَى وَإِنْ تَبَاطَأَ قَصْدًا إذْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ فَيَنْوِيهَا الْإِمَامُ الْمُعِيدُ مَعَ التَّحَرُّمِ وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ عَقِبَهُ فَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَكَذَا الْمَأْمُومُ الْمُعِيدُ يَنْوِيهَا عِنْدَ تَحَرُّمِهِ وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِ الْأُولَى لِأَنَّهُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَمَتَى تَبَاطَأَ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ تَرَاخَى سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَكَوْنُ الْأُولَى صَحِيحَةً وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْ الْقَضَاءِ مَا عَدَا فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَكَوْنُهَا مِنْ قِيَامٍ وَأَنْ يَرَى الْمُقْتَدِي جَوَازَ الْإِعَادَةِ فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ شَافِعِيًّا مُعِيدًا، وَالْمَأْمُومُ مَالِكِيًّا أَوْ حَنَفِيًّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ مَنْ خَلْفَهُ لَا يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ فَكَأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَدَى شَافِعِيٌّ مُعِيدٌ بِمَالِكِيٍّ أَوْ حَنَفِيٍّ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ لَا بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَكَوْنُهَا مَكْتُوبَةً أَوْ نَافِلَةً تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ دَائِمًا وَحُصُولُ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ عِنْدَ التَّحَرُّمِ.

فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ لَمْ تَصِحَّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ فِي الصَّفِّ ثُمَّ انْفَرَدَ عَنْهُ فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَأَنْ لَا تَكُونَ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ وَأَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ مَطْلُوبَةً فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَارِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ مِنْهُ شَرْحُ م ر وَأَنْ لَا تَكُونَ إعَادَتُهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فَإِذَا مَسَحَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ رَأْسِهِ أَوْ صَلَّى فِي الْحَمَّامِ أَوْ بَعْدَ سَيَلَانِ الدَّمِ مِنْ بَدَنِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْأُولَى وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِي الثَّانِيَةِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الثَّالِثَةِ فَتُسَنُّ الْإِعَادَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ وُضُوئِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَهَذِهِ لَيْسَتْ الْإِعَادَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُرَادَةَ هُنَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف، وَفِي الْحَقِيقَةِ هَذَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ أَعْنِي قَوْلَهُ وَأَنْ لَا تَكُونَ إعَادَتُهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ شَرْطٌ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ وُجُوبُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمُعَادَةِ لَا فِي أَصْلِ صِحَّةِ الْمُعَادَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَكْتُوبَةِ) أَيْ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَوْ مَغْرِبًا عَلَى الْجَدِيدِ فَخَرَجَ الْمَنْذُورَةُ أَيْ الَّتِي لَا تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا فَلَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ فِيهَا وَلَا تَنْعَقِدُ إذَا أُعِيدَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الْعِيدِ فَتُعَادُ لِسَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا قَبْلَ النَّذْرِ وَخَرَجَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهَا فَإِنْ أُعِيدَتْ انْعَقَدَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَقَوْلُهُمْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَا يَنْتَفِلُ بِهَا أَيْ لَا يُؤْتَى بِهَا عَلَى جِهَةِ التَّنَفُّلِ أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مَيِّتٍ اهـ. ح ل بِزِيَادَةٍ وَعِبَارَةُ م ر.

وَخَرَجَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِلُ بِهَا فَإِنْ أَعَادَهَا وَلَوْ

ص: 296

وَلَوْ صُلِّيَتْ جَمَاعَةً قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ نَفْلٍ تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ بِحُصُولِ الْفَضِيلَةِ (مَعَ غَيْرٍ) وَلَوْ وَاحِدًا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (فِي الْوَقْتِ)«قَالَ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ لِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ وَقَالَا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَسَوَاءٌ فِيمَا إذَا صُلِّيَتْ الْأُولَى جَمَاعَةً اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ أَمْ زَادَتْ إحْدَاهُمَا بِفَضِيلَةٍ كَكَوْنِ الْإِمَامِ أَوْرَعَ أَوْ الْجَمْعِ أَكْثَرَ أَوْ الْمَكَانِ أَشْرَفَ وَقَوْلِي مَعَ غَيْرٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ جَمَاعَةٍ وَتَكُونُ إعَادَتُهَا (بِنِيَّةِ فَرْضٍ) وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً لَا إعَادَتَهَا فَرْضًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَرَّاتٍ كَثِيرَةً صَحَّتْ وَوَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَهَذِهِ خَرَجَتْ عَنْ سَنَنِ الْقِيَاسِ أَيْ لِأَجْلِ إكْرَامِ الْمَيِّتِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا اهـ. وَسَنَنُ الْقِيَاسِ هُوَ أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ ع ش عَلَى م ر وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَتُسَنُّ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ تَعَدُّدِهَا أَوْ عِنْدَ انْتِقَالِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى رَآهُمْ يُصَلُّونَهَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ وَهَلْ يُحْسَبُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي الثَّانِيَةِ اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ أَوْ لِوُقُوعِهَا نَافِلَةً فِيهِ نَظَرٌ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ كَمَا قَالَهُ ع ش وَنَقَلَهُ الْبَرْمَاوِيُّ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِثْلُهُ وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ مَعْذُورٌ ثُمَّ وَجَدَ مَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ سُنَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ مَعَهُمْ اهـ اط ف وم ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ صُلِّيَتْ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَوْ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ) أَيْ دَائِمًا وَأَبَدًا فَخَرَجَ الْوِتْرُ فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ بَلْ لَا يَصِحُّ وَخَرَجَ مَا لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَالرَّوَاتِبِ وَصَلَاةِ الضُّحَى إذَا فُعِلَ جَمَاعَةً فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ وَهَلْ تَنْعَقِدُ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ كَمَا فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) بِأَنْ يُدْرِكَ فِي وَقْتِهَا رَكْعَةً فَالْمُرَادُ وَقْتُ الْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ م ر وَلَوْ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) دَلَّ بِتَرْكِهِ الِاسْتِفْصَالَ مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً وَمُنْفَرِدًا وَلَا بَيْنَ اخْتِصَاصِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ بِفَضِيلَةٍ أَوْ لَا اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحِ) أَيْ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ الرَّدُّ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِالِاسْتِحْبَابِ فِيمَا عَدَا الصُّبْحَ، وَالْعَصْرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ) أَيْ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ فَأَطْلَقَ الْمَحَلَّ وَأَرَادَ الْحَالَّ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) أَخَذَهُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتُمَا وَتَرَكَ اسْتِفْصَالَهُ فِيهِ اهـ. ح ل؛ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ (قَوْلُهُ: اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْهَمْزِ مَعَ الْقَطْعِ فَتَكُونُ الْهَمْزَةُ هَمْزَةَ التَّسْوِيَةِ وَهَمْزَةُ الْوَصْلِ مَحْذُوفَةٌ بِإِسْقَاطِهِ مَعَ الْوَصْلِ فَيَكُونُ الْمَحْذُوفُ هَمْزَةَ التَّسْوِيَةِ، وَالْأَصْلُ اسْتَوَتْ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ فَرْضٍ) وَيَجِبُ الْقِيَامُ فِيهَا وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الْفَرْضِ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ إعَادَتَهَا لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضِهِ وَلَا تَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْفَرْضِ وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِعَادَةِ إيجَادُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى وَكَتَبَ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ كَذَا قَالَهُ ح ل وَفِي سم قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ فَرْضٍ إلَى قَوْلِهِ حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً قَدْ يُقَالُ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا يَمْنَعُ مِنْ احْتِمَالِ كَوْنِهَا نَفْلًا مُبْتَدَأً فَلَا حَاجَةَ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ اُحْتُمِلَ كَوْنُهَا مَعَ وَصْفِ الظُّهْرِيَّةِ مَثَلًا نَفْلًا مَطْلُوبًا فِي نَفْسِهِ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ إعَادَةً لِلْأَوَّلِ بِأَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ قَدْ طُلِبَ ظُهْرَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ وَعَدَمِ ارْتِبَاطِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ أَحَدُهُمَا فَرْضٌ، وَالْآخَرُ نَفْلٌ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْوِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ يَنْوِي الْفَرْضَ مَعَ أَنَّهَا تَقَعُ نَفْلًا. فَأَجَابَ بِجَوَابَيْنِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ وَأَجَابَ حَجّ بِجَوَابٍ ثَالِثٍ وَهُوَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ عَلَى صُورَةِ الْفَرْضِ وَجَبَ فِيهَا نِيَّتُهُ فَيَكُونُ الْمَنْوِيُّ الْفَرْضَ الصُّورِيَّ أَفَادَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ) اعْتَرَضَ عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْمَفْرُوضَةَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ صِفَةٌ لِلصَّلَاةِ الْأُولَى، وَالْمُدَّعَى أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ تَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ يَحْتَاجُ إلَى مُقَدِّمَةٍ أُخْرَى بِأَنْ يُقَالَ، وَالْإِعَادَةُ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى وَصِفَتُهُ الْأُولَى وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فَتَكُونُ وَاجِبَةً فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: الْمَفْرُوضَةِ أَيْ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يُغَايِرُ الْجَوَابَ الثَّانِيَ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا تَكُونَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ اتِّصَافٌ بِالْفَرْضِيَّةِ وَقَوْلُهُ: لَا إعَادَتَهَا فَرْضًا أَيْ حَالَ كَوْنِهَا فَرْضًا أَيْ مُتَّصِفَةً بِالْفَرْضِيَّةِ حَالَ إعَادَتِهَا أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُعَادَةٌ وَقَوْلُهُ: مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَيْ مِنْ

ص: 297

أَوْ أَنَّهُ يَنْوِي مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا الْفَرْضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ هَذَا وَقَدْ اخْتَارَ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ مَثَلًا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرَضِ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَالْفَرْضُ الْأُولَى) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَسُقُوطِ الْخِطَابِ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْقُطُ بِهَا فَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ إذَا نَوَى بِهَا الْفَرْضَ

(وَرُخِّصَ تَرْكِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَيْثُ هُوَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ حَالَةِ الْفَاعِلِ وَلِذَلِكَ قَالَ: لَا الْفَرْضُ عَلَيْهِ أَيْ فِي حَالَةِ الْإِعَادَةِ وَقَوْلُهُ: وَقَدْ اخْتَارَ الْإِمَامُ إلَخْ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ يَنْوِي مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ إلَخْ)، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُلَاحِظَ مَا ذُكِرَ فِي نِيَّتِهِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَنْوِيَ حَقِيقَةَ الْفَرْضِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ كَمَا قَالَهُ ح ل قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُ الْأُولَى لَمْ تُجْزِهِ الثَّانِيَةُ عَنْهَا وَتَقَعُ نَفْلًا مُطْلَقًا وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ بِالِاكْتِفَاءِ حَمَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ بِأَنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا وَقَالَ شَيْخُنَا بِالِاكْتِفَاءِ إنْ أَطْلَقَ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَهُوَ وَجِيهٌ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَنْهَجِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً أَيْ نَفْلًا يُسَمَّى ظُهْرًا مَثَلًا لَوْ فُرِضَ وُجُودُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ) أَيْ فَإِذَا نَوَى الْفَرْضِيَّةَ يَنْوِي مَا هُوَ الْفَرْضُ عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا الْفَرْضُ عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ التَّشْبِيهِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِلُزُومِهَا لَهُ كَمَا هُوَ عِنْدَ الشَّارِحِ أَوْ بِعَدَمِهِ مَعَ جَوَازِهَا كَمَا عِنْدَ م ر اهـ. ع ش، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا قَالَهُ م ر قَالَ ع ن: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صَلَاتِهِ وَبَيْنَ الْمُعَادَةِ بِأَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا خِلَافٌ وَلَا كَذَلِكَ صَلَاةُ الصَّبِيِّ اهـ. بَلْ يَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ لع ش عَلَى م ر فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِوُقُوعِ صَلَاتِهِ نَفْلًا أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْت أُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا نَفْلًا الصِّحَّةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَاحَظَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرْضِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْضُ الْأُولَى) وَقِيلَ فَرْضُ الْمُنْفَرِدِ الثَّانِيَةُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ. ع ش.

وَهَذَا مُشْكِلٌ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَائِلَ بِهِ قَدْ يُرِيدُ بِالنَّافِلَةِ فِي الْحَدِيثِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَى الْأُولَى انْتَهَى شَيْخُنَا بَابِلِيٌّ وا ط ف وح ف وَأَجَابَ الْبَرْمَاوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّافِلَةِ الْمَطْلُوبَةُ فَتَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ، وَالْمَنْدُوبِ لِأَنَّ النَّفَلَ مَطْلُوبٌ وَقِيلَ الْفَرْضُ كِلَاهُمَا وَقِيلَ أَفْضَلُهُمَا وَقِيلَ وَاحِدَةٌ لَا بِعَيْنِهَا فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ: فَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ إعَادَةً اصْطِلَاحِيَّةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بَلْ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَالْإِعَادَةُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا قِيلَ لِخَلَلٍ وَقِيلَ لِعُذْرٍ اهـ.

وَمِنْ الْعُذْرِ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ ثَانِيًا لِلْمُعِيدِ وَقَوْلُهُ: إذَا نَوَى بِهَا الْفَرْضَ أَيْ وَقَدْ نَسِيَ الْأُولَى عِنْدَ إحْرَامِهِ بِالثَّانِيَةِ أَوْ تَبَيَّنَ لَهُ خَلَلُ الْأُولَى قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالثَّانِيَةِ لِجَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ حِينَئِذٍ فَالنِّيَّةُ هُنَا غَيْرُهَا فِي قَوْلِهِ بِنِيَّةِ فَرْضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ لِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا نِيَّةُ الْفَرْضِ الْحَقِيقِيِّ أَيْ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ، وَالنِّيَّةُ هُنَاكَ نِيَّةُ الْفَرْضِ الصُّورِيِّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ح ل لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ إذَا نَوَى بِهَا الْفَرْضَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّتِهِ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا

. (قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ تَرْكُهَا) أَيْ فَتَسْقُطُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَالْكَرَاهَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَيَنْتَفِي الْإِثْمُ عَمَّنْ تَوَقَّفَ حُصُولُ الشِّعَارِ عَلَيْهِ وَقِيلَ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ دُونَ فَضْلِ مَنْ فَعَلَهَا أَيْ حَيْثُ قَصَدَ فِعْلَهَا لَوْلَا الْعُذْرُ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي اعْتِمَادَهُ وَنَقَلَ شَيْخُنَا م ر أَنَّ بَعْضَهُمْ حَمَلَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ حُصُولِ فَضْلِهَا عَلَى مَنْ تَعَاطَى سَبَبَ الْعُذْرِ كَأَكْلِ الْبَصَلِ وَوَضْعِ الْخُبْزِ فِي التَّنُّورِ، وَالْقَوْلُ بِحُصُولِ فَضْلِهَا عَلَى غَيْرِهِ كَالْمَطَرِ، وَالْمَرَضِ قَالَ: وَهُوَ جَمْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَتُهَا وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا مُنْفَرِدٌ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ لَا تَجِبُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ لِقِيَامِ الْعُذْرِ اهـ. ح ل. وَالرُّخْصَةُ بِسُكُونِ الْخَاءِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا لُغَةً التَّيْسِيرُ، وَالتَّسْهِيلُ وَاصْطِلَاحًا الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ الْأَصْلِيِّ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ أَنَّ تَعْرِيفَ الرُّخْصَةِ هُوَ الِانْتِقَالُ مِنْ صُعُوبَةٍ إلَى سُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ فَعَدَمُ الْإِثْمِ أَوْ اللَّوْمِ هُنَا حُكْمٌ سَهْلٌ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ عَدَمُ ظُهُورِ الشِّعَارِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الْإِثْمُ أَوْ اللَّوْمُ اهـ.

وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَالْحُكْمُ وَإِنْ تَغَيَّرَ مِنْ صُعُوبَةٍ إلَى سُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فَرُخْصَةٌ وَإِلَّا فَعَزِيمَةٌ اهـ

ص: 298

(بِعُذْرٍ) عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ» ، وَالْعُذْرُ (كَمَشَقَّةِ مَطَرٍ) بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِبَلِّهِ الثَّوْبَ (وَشِدَّةِ رِيحٍ بِلَيْلٍ) لِعِظَمِ مَشَقَّتِهَا فِيهِ دُونَ النَّهَارِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ الصُّبْحِ بِاللَّيْلِ فِي ذَلِكَ (وَ) شِدَّةِ (وَحْلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِلتَّلْوِيثِ بِالْمَشْيِ فِيهِ (وَ) شِدَّةِ (حَرٍّ وَ) شِدَّةِ (بَرْدٍ) بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِمَا (وَ) شِدَّةِ (جُوعٍ وَ) شِدَّةِ (عَطَشٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَبِحَضْرَةِ طَعَامٍ يَتُوقُ إلَيْهِ) مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ يُذْهِبَانِ الْخُشُوعَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» وَشِدَّةُ الْجُوعِ أَوْ الْعَطَشِ تُغْنِي عَنْ التَّوَقَانِ كَعَكْسِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ وَغَيْرِهِمَا لِتَلَازُمِهِمَا إذْ مَعْنَى التَّوَقَانِ الِاشْتِيَاقُ الْمُسَاوِي لِشِدَّةِ مَا ذُكِرَ لَا الشَّوْقُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَقَوْلُ الشَّيْخِ الْعَزِيزِيِّ الِانْتِقَالُ إلَخْ فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ مِنْ أَقْسَامِ الْحُكْمِ، وَالِانْتِقَالُ لَيْسَ حُكْمًا بَلْ هِيَ الْحُكْمُ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِعُذْرِ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ) الْعُمُومُ، وَالْخُصُوصُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَشْخَاصِ لَا لِلْأَزْمِنَةِ فَالْعَامُّ هُوَ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ دُونَ الْآخَرِ كَالْمَطَرِ، وَالْخَاصُّ بِخِلَافِهِ كَالْجُوعِ إذْ قَدْ يَجُوعُ شَخْصٌ وَيَشْبَعُ غَيْرُهُ اهـ. ع ن وَذَكَرَ لِلْعَامِّ أَمْثِلَةً خَمْسَةً وَلِلْخَاصِّ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ إلَخْ) لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلصَّلَاةِ فُرَادَى وَجَمَاعَةً فَفِيهِ الْمُدَّعَى وَزِيَادَةٌ نَعَمْ النِّدَاءُ تَحْصُلُ عِنْدَهُ الْجَمَاعَةُ غَالِبًا وَقَوْلُهُ: أَيْ كَامِلَةً صِفَةٌ لِاسْمِ لَا أَوْ لَهَا مَعَ اسْمِهَا فَهُوَ مَنْصُوبٌ أَوْ مَرْفُوعٌ وَلَهُ هُوَ الْخَبَرُ (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ عُذْرٍ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَلِبَلِّهِ الثَّوْبَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَلَّهُ لِبُعْدِ مَنْزِلِهِ لَا لِشِدَّتِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَمْنَعُ بَلَلَهُ كَلِبَادٍ لَمْ يَنْتَفِ بِهِ كَوْنُهُ عُذْرًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ مَعَ ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ رِيحٍ بِلَيْلٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَارِدَةً وَإِنْ قَيَّدَ فِي التَّحْرِيرِ بِكَوْنِهَا بَارِدَةً، وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ (قَوْلُهُ:، وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ الصُّبْحِ بِاللَّيْلِ) لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ الْمَغْرِبِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لِلتَّلْوِيثِ بِالْمَشْيِ فِيهِ) أَيْ تَلْوِيثِ نَحْوِ مَلْبُوسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا نَحْوِ أَسْفَلِ الرِّجْلِ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر لِأَنَّ كُلَّ وَحْلٍ يُلَوِّثُ أَسْفَلَ الرِّجْلِ وَلَوْ خَفِيفًا فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ بِالشِّدَّةِ ضَائِعًا وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: لِلتَّلْوِيثِ إشَارَةٌ لِضَابِطِ الشِّدَّةِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ سم (قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ حَرٍّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الظُّهْرِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ وَتَقْيِيدُهُ بِوَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ الْمُتَقَدِّمَةَ خِلَافًا لِجَمْعٍ تَوَهَّمُوا اتِّحَادَهُمَا، وَالْمُرَادُ شِدَّةُ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الْمُفْرِطَةِ فِي الْحَرَارَةِ أَوْ الْبُرُودَةِ أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِيهَا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا إلَّا إذَا كَانَ خَارِجًا عَمَّا أَلِفُوهُ وَعَدَّهُمَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ الْعُذْرِ الْخَاصِّ قَالَ حَجّ: وَصَوَّبَ عَدَّ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَهُمَا مِنْ الْعَامِّ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الشِّدَّةَ قَدْ تَخْتَصُّ بِالْمُصَلِّي بِاعْتِبَارِ طَبْعِهِ فَيَصِحُّ عَدُّهُمَا مِنْ الْخَاصِّ أَيْضًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا فَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا ضَعِيفُ الْخِلْقَةِ دُونَ قَوِيِّهَا، وَالثَّانِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا قَوِيُّهَا فَيُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُهَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ طَعَامٍ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا فَلَوْ كَانَ حَرَامًا حَرُمَ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهُ فَلَا يَكُونُ حُضُورُهُ عُذْرًا وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَتَرَقَّبُ حَلَالًا فَلَوْ لَمْ يَتَرَقَّبْهُ كَانَ كَالْمُضْطَرِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ مَشْرُوبٌ أَطْلَقَ عَلَى الْمَاءِ طَعَامًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] وَلِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِكَوْنِهِ مَطْعُومًا كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الرِّبَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ يُذْهِبَانِ الْخُشُوعَ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنَاسِبُ إلَّا كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ فِيمَا بَعْدُ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ فَإِذَا لَمْ تُطْلَبْ مَعَهُ الصَّلَاةُ فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ أَثْبَتَ الْمُدَّعَى بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَهُوَ سَائِغٌ تَأَمَّلْ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمِمَّا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ مَا لَوْ تَاقَتْ نَفْسُهُ لِلْجِمَاعِ بِحَيْثُ يَذْهَبُ خُشُوعُهُ لَوْ صَلَّى بِدُونِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَابْدَءُوا بِالْعِشَاءِ) أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ الصَّلَاةُ أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ ع ش: لَمْ يَقُلْ بِهِ لِأَنَّهُ أَوْضَحُ فِي مَقَامِ التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَشِدَّةُ الْجُوعِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَلَامُهُ مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِ) صِفَةٌ لِلتَّوَقَانِ لَا لِلْعَكْسِ لِأَنَّ الْعَكْسَ وَهُوَ إغْنَاءُ التَّوَقَانِ عَنْ شِدَّةِ مَا ذُكِرَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْمُهَذَّبِ كَمَا حَقَّقَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لَا الشَّوْقُ) الَّذِي فِي الْمُخْتَارِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّوْقِ، وَالِاشْتِيَاقِ قَالَ: الشَّوْقُ، وَالِاشْتِيَاقُ نِزَاعُ النَّفْسِ إلَى الشَّيْءِ أَيْ مَيْلُهَا إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النِّزَاعَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ فَهُوَ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالِاشْتِيَاقِ أَقْوَى مِنْهُ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالشَّوْقِ وَعَلَيْهِ فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ الْمَعْنَى لَا الْمُرَادُ مِنْهُمَا، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَخَرَجَ بِالِاشْتِيَاقِ الشَّوْقُ وَهُوَ الْمَيْلُ إلَى الْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ فَلَيْسَ عُذْرًا اهـ وَعِبَارَةُ ح ل.

قَوْلُهُ:

ص: 299

وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الطَّعَامِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ غَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَلِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ نَعَمْ مَا قَرُبَ حُضُورُهُ فِي مَعْنَى الْحَاضِرِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ ذُكِرَ فَيَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَيَأْكُلُ لُقَمًا يَكْسِرُ بِهَا حِدَّةَ الْجُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالسَّوِيقِ وَاللَّبَنِ (وَمَشَقَّةِ مَرَضٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنْ يَشُقَّ الْخُرُوجُ مَعَهُ كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ وَتَقْيِيدُ الْمَطَرِ، وَالْمَرَضِ بِالْمَشَقَّةِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَمُدَافَعَةُ حَدَثٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ فَيَبْدَأُ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ آخِرَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَإِذَا لَمْ تُطْلَبْ مَعَهُ الصَّلَاةُ فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى (وَخَوْفٍ عَلَى مَعْصُومٍ) مِنْ نَفْسٍ أَوْ عِرْضٍ أَوْ حَقٍّ لَهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ بِخِلَافِ خَوْفٍ مِمَّنْ يُطَالِبُ بِحَقٍّ هُوَ ظَالِمٌ فِي مَنْعِهِ بَلْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَةُ الْحَقِّ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَخَوْفِ ظَالِمٍ عَلَى نَفْسٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا الشَّوْقُ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ أَنَّ التَّوَقَانَ يَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ، وَالْمَشَارِبِ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا عِنْدَ حُضُورِهَا بِلَا جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ فَقَدْ رَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ مُفَارَقَةَ الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ لِلتَّوَقَانِ لِأَنَّ التَّوَقَانَ إلَى الشَّيْءِ الِاشْتِيَاقُ إلَيْهِ لَا الشَّوْقُ فَشَهْوَةُ النَّفْسِ بِدُونِ الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ لَا تُسَمَّى تَوَقَانًا وَإِنَّمَا تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) هُوَ إذْهَابُ الْخُشُوعِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُمَا يُذْهِبَانِ الْخُشُوعَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحَاضِرِ فَلَا تَكُونُ الشِّدَّةُ عُذْرًا نَعَمْ إلَخْ وَقِيلَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ) أَيْ قَوْلُهُ: مَا قَرُبَ حُضُورُهُ كَالْحَاضِرِ مُرَادُ مَنْ ذَكَرَ أَيْ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ أَيْ بِقَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَعِبَارَةُ م ر، وَالْمَأْكُولُ، وَالْمَشْرُوبُ حَاضِرٌ أَوْ قَرُبَ حُضُورُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ اهـ فَانْظُرْ مَا بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ مِنْ التَّنَافِي وَلَعَلَّ لِابْنِ الرِّفْعَةِ عِبَارَتَيْنِ أَوْ أَنَّ م ر عَبَّرَ عَنْ مُرَادِهِ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ أَيْ بِالْفِعْلِ بَلْ الشَّرْطُ حُضُورُهُ أَوْ قُرْبُ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: يَكْسِرُ بِهَا حِدَّةَ الْجُوعِ) أَيْ إنْ قَنَعَتْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ وَلَمْ تَتَطَلَّعْ لِلْأَكْلِ وَإِلَّا فَيَشْبَعَ الشِّبَعَ الشَّرْعِيَّ اهـ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يُؤْتَى) أَيْ يُسْتَوْفَى وَيُتَنَاوَلُ مُرَّةً وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ: كَالسَّوِيقِ هُوَ شَعِيرٌ أَوْ قَمْحٌ يُقْلَى ثُمَّ يُطْحَنُ ثُمَّ يُضَمُّ إلَيْهِ نَحْوُ سَمْنٍ أَوْ لَبَنٍ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَمَشَقَّةِ مَرَضٍ) أَيْ بِحَيْثُ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرْضِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) وَمَحَلُّ كَوْنِهَا عُذْرًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ، وَالتَّطَهُّرُ قَبْلَ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَيَبْدَأُ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ) مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ فَإِنْ خَشِيَ بِتَخَلُّفِهِ لِمَا ذُكِرَ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَخْشَ مِنْ كَتْمِ حَدَثِهِ وَنَحْوِهِ ضَرَرًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ صَلَّى وُجُوبًا مَعَ مُدَافَعَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فَيَبْدَأُ إلَخْ أَيْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعُ الْفَرْضِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَإِلَّا وَجَبَ قَطْعُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَخَوْفٍ عَلَى مَعْصُومٍ) خَرَجَ بِهِ نَفْسُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَأَمْوَالُهُمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَرْضٍ) كَالْخَوْفِ مِمَّنْ يَقْذِفُهُ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَقٍّ لَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ الَّذِي تُطْلَبُ مِنْهُ الْجَمَاعَةُ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمَعْصُومِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْحَقِّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ رُجُوعِهِ لِلثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهُ أَفْيَدُ قَالَ ح ل: وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ فِي الْأَوْجَهِ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ كَلَامَهُ فِي بَابِ الصِّيَالِ مِنْ وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ وِفَاقًا لِلْغَزَالِيِّ اهـ. ح ل وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِاَلَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَحْقُونِ الدَّمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَحَرْبِيٍّ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَظَهَرَ أَنَّ كَلَامَ م ر فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ لَا يَكُونُ مُرَخَّصًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَشْمَاوِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ: مُرَادُ م ر بِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ نَحْوُ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَالْأَمَانَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خَوْفِهِ مِمَّنْ يُطَالِبُهُ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَخَوْفِ ظَالِمٍ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ أَيْ خَوْفٍ مِنْ ظَالِمٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ حَقٍّ لَهُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَخَوْفِ ظَالِمٍ) أَيْ مِنْ ظَالِمٍ لِأَنَّ الظَّالِمَ لَيْسَ بِقَيْدٍ إذْ الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ الْخُبْزِ فِي التَّنُّورِ عُذْرٌ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ م ر مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ

ص: 300

أَوْ مَالٍ (وَ) خَوْفٍ (مِنْ) مُلَازَمَةِ أَوْ حَبْسِ (غَرِيمٍ لَهُ وَبِهِ) أَيْ بِالْخَائِفِ (إعْسَارٌ يَعْسُرُ) عَلَيْهِ (إثْبَاتُهُ) بِخِلَافِ الْمُوسِرِ بِمَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ، وَالْمُعْسِرِ الْقَادِرِ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَلِفٍ. وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَالدَّائِنِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَوْلِي يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ مِنْ زِيَادَتِي. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ (وَ) خَوْفٍ مِنْ (عُقُوبَةٍ) كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَتَعْزِيرٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ (يَرْجُو) الْخَائِفُ (الْعَفْوَ) عَنْهَا (بِغَيْبَتِهِ) مُدَّةَ رَجَائِهِ الْعَفْوَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ الْعَفْوَ كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَشُرْبٍ وَزِنًا إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ أَوْ كَانَ لَا يَرْجُو الْعَفْوَ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ الْغَيْبَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ فَإِنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ. وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالْغَيْبَةُ طَرِيقَةٌ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى (وَ) خَوْفِ مَنْ (تَخَلَّفَ عَنْ رُفْقَةٍ) تَرْحَلُ لِمَشَقَّةِ التَّخَلُّفِ عَنْهُمْ (وَفَقْدِ لِبَاسٍ لَائِقٍ) بِهِ وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ أَمَّا إذَا وَجَدَ لَائِقًا بِهِ وَلَوْ سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَعُرْيٍ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ مَنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ يُعْذَرُ إذَا لَمْ يَعْتَدْ ذَلِكَ (وَأَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (تَعْسُرُ إزَالَتُهُ) كَبَصَلٍ وَثُومٍ نِيءٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا نَعَمْ إنْ خَافَ تَلَفَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ حِينَئِذٍ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ م ر وَكَذَا فِي أَكْلِ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ حُضُورِهِ الْجُمُعَةَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ مَعَ رِيحٍ مُنْتِنٍ لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ السَّعْيُ فِي إزَالَتِهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا وَتَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ مَحَلٍّ عَمَّهُمْ عُذْرٌ كَمَطَرٍ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ النَّفْسَ، وَالْمَالَ لَيْسَا بِقَيْدٍ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: غَرِيمٍ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْغَرَامِ أَيْ الدَّوَامِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65] شَوْبَرِيٌّ أَيْ دَائِمًا (قَوْلُهُ: الْقَادِرُ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ حِينَئِذٍ نَعَمْ لَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِعِوَضٍ يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْإِثْبَاتِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَعُقُوبَةٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَرِيمٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْصُومٍ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَسْلِيطُ عَلَى عَلَيْهِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْعُقُوبَةَ إنْ كَانَتْ تَعْزِيرًا جَازَتْ الْغَيْبَةُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ حَدًّا فَإِنْ كَانَتْ لِآدَمِيٍّ فَكَذَلِكَ أَوْ لِلَّهِ فَإِنْ بَلَغَتْ الْإِمَامَ امْتَنَعَتْ وَإِلَّا جَازَتْ كَمَا أَفَادَهُ الشَّبْشِيرِيُّ.

(قَوْلُهُ: كَقَوَدٍ) فَلَوْ كَانَ الْقِصَاصُ لِصَبِيٍّ فَإِنْ قَرُبَ بُلُوغُهُ كَانَتْ الْغَيْبَةُ عُذْرًا إذَا رَجَا الْعَفْوَ وَإِنْ بَعُدَ بُلُوغُهُ فَلَا تَكُونُ عُذْرًا لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَيُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ سِنِينَ كَمَا فِي م ر وز ي (قَوْلُهُ: يَرْجُو الْعَفْوَ) وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ وَهَذِهِ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ الْخَائِفِ الْمَفْهُومِ مِنْ خَوْفٍ أَوْ مِنْ فَاعِلِهِ الْمُقَدَّرِ أَيْ خَوْفِ شَخْصٍ وَقَوْلُهُ: مُدَّةَ رَجَائِهِ أَيْ مُدَّةً يَسْكُنُ فِيهَا غَضَبُ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ طَالَتْ ح ل وَهُوَ ظَرْفٌ لِلْغَيْبَةِ أَوْ لِرُخِّصَ (قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ) أَيْ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: مَنْدُوبٌ إلَيْهِ) أَيْ مَدْعُوٌّ إلَيْهِ مِنْ الشَّارِعِ أَيْ طَلَبَهُ الشَّارِعُ (قَوْلُهُ: وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى) أَيْ مِنْ الْجَوَابِ لِأَنَّ الْقَوَدَ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَالْخُرُوجُ وَاجِبٌ مِنْهُ فَوْرًا بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَيْ فَفِيهِ تَرْكُ وَاجِبٍ وَهُوَ التَّوْبَةُ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ وَهُوَ الْعَفْوُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: سَهَّلَ هَذَا نَدْبُ الْعَفْوِ الَّذِي طَرِيقُهُ الْغَيْبَةُ وَنَظِيرُ هَذَا مَا قَالُوا فِي الْغَصْبِ مِنْ جَوَازِ تَأْخِيرِ رَدِّ الْمَغْصُوبِ لِلْإِشْهَادِ اهـ. حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَعَ إيضَاحٍ (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ التَّخَلُّفِ) أَيْ بِاسْتِيحَاشِهِ وَإِنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ لِلتَّنَزُّهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ ح ف خِلَافًا لِزَيِّ (قَوْلُهُ: لَائِقٍ بِهِ) أَيْ بِأَنْ اعْتَادَهُ بِحَيْثُ لَا تَخْتَلُّ مُرُوءَتُهُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ مَرْكُوبٍ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ الْمَشْيُ كَالْعَجْزِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ بِهِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ أُدْمًا غَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ بِأَكْلِهِ إسْقَاطَ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ اهـ. ع ن قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمِنْ الرِّيحِ الْكَرِيهِ رِيحُ الدُّخَانِ الْمَشْهُورِ الْآنَ (قَوْلُهُ: تَعْسُرُ إزَالَتُهُ) أَيْ بِغَسْلٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَهُلَتْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَعْذُورِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مَعَ الرِّيحِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ صَرَّحَ بِحُرْمَتِهِ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى وَهُوَ التَّأَذِّي وَلَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَسْجِدِ خَالِيًا أَوْ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَبَصَلٍ) أَيْ نِيءٍ فَحُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَثُومٍ نِيءٍ) وَمِثْلُهُ مَطْبُوخٌ بَقِيَ لَهُ رِيحٌ يُؤْذِي وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْغَالِبِ اهـ. حَجّ ع ن قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: نَاءَ الطَّعَامُ يَنِيءُ نِيئًا مِنْ بَابِ بَاعَ فَهُوَ نِيءٌ إذَا لَمْ يَنْضَجْ اهـ. فَهُوَ اسْمٌ جَامِدٌ أَوْ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِثْلُ نِيعٍ (قَوْلُهُ: مَنْ أَكَلَ بَصَلًا إلَخْ) وَأَكْلُهُ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا فِي حَقِّنَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَوَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَلَهُ مَطْبُوخًا كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وق ل (قَوْلُهُ: أَوْ ثُومًا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالْوَاوِ اهـ. مُنَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: أَوْ كُرَّاثًا بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْرُبْنَ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ مِنْ قَرُبَ يَقْرُبُ بِضَمِّهَا فِيهِمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى الْحَدِيثِ

ص: 301