الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ لَا يُسمَّى الرَّاوِي اخْتِصَارًا مِن الرَّاوي عنهُ؛ كقَوْلِهِ: أَخْبَرَني فُلَانٌ، أَوْ شيخٌ، أَو رجلٌ، أَو بعضُهم، أَو ابنُ فلانٍ.
ويُستَدَلُّ على معرفَةِ اسمِ
المُبْهَمِ
بوُرُودِه مِن طريقٍ أُخرى مسمًّى فيها.
وَصَنَّفوا فِيهِ: «المُبْهَمات» .
[قوله]
(1)
: «أو لا يُسمَّى» :
الظاهر -بحسَب المَتْن قبل وجود الشرح- أنَّه عطف على قوله: «فلا يَكثُر الآخْذُ عنه» ؛ فهو قسيمٌ له، وكلاهما قِسم من كون الراوي مُقِلًّا، وهو القِسم الثاني من قِسمَيِ الجهالة، وقد يُتَوهَّم عطفه على «قد يكون مقلًّا» وليس بشيءٍ؛ لأنَّه يؤدي إلى أنَّ للجهالة ثلاثة أسباب -القسمة الأولية-، وليس كذلك عند المؤلِّف، وعلى الأول يتوجَّه أنَّ قَسيم الشيء لا بُّد أنْ يكون مباينًا له، وليس كذلك هنا؛ لأنَّ عدم كثرة الأخذ عنه تجامِع عدم تسميته، وقد يجاب بأنَّ: اشتراط تباين الأقسامِ إنَّما هو عند الحكماء، وأما الأدباء ومن يجري مجراهم من أرباب الفنون فيصح عندهم في المتغايرَين بوجْهٍ مّا -كالعموم والخصوص- أن يُجعل أحدهما قَسيمًا للآخر، و [لا]
(2)
شكَّ أنَّهما هنا كذلك؛ إذ يجتمعان
(3)
فيمن قلَّ الأخذ عنه ولم يُسمَّ فهو مبهَم ووُحْدان، وينفرِد الثاني فيمن كَثُر الأخذ عنه ولم يُسمَّ فهو مبهَم فقط، وينفرِد الأول فيمن روى عنه واحدٌ وسُمِّي، وهذا التقرير هو المأخوذ من كلام المؤلِّف وظواهر كلامهم، وبه يسقط دعوى أن صواب قوله:«ولو سُمِّي» إسقاط «لو» وأن يقول: وسمي، وأمَّا بحسب الشَّرح
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
في (ب): [يحتمل].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فيظهر أنَّه عطفٌ على «سُمِّي» لكن بقَيد وَحدة الراوي عنه كما قررناه، وحينئذ إتيانه معه بـ «لو» لا يوجِب تَكرارًا في الكلام كما لا يخفى، وبعضهم جعل «لو» بمعنى «أو»؛ فقال: أي منها، أي: الوحدان ألَّا يسمى
…
إلخ، وهو مجازفة بلا شُبهة.
تنبيه
(1)
:
لو قال الشارح بعد قوله: «أو لا يُسمَّى» أي: المروي عنه اختصارًا من الراوي عنه؛ لكان أبعَدَ من (هـ/149) الالتباس؛ إذ المبهَم هو الشيخ المروي عنه وإن كان راويًا في نفس الأمر عن غيره أيضًا، والمختصر هو الراوي عنه كما لا يَخْفى.
[قوله]
(2)
: «فُلانٌ» :
المراد به هذا اللفظ، يعني أنه ذَكر كناية العلَم دونه.
[قوله]
(3)
أي: في بعض الأحيان فإنَّه يكون اختصارًا بالنسبة لمن اسمه عبد الرحمن لا لمن اسمه زيد، وانظر من شاركه غيره في اسمه ولم يتميَّز ممن شاركه، هل هو من الجهالة -وهو الظاهر- أم لا؟
في كتابةٍ: قوله: «أو ابن فلان» ، نحو: ابن مِرْبَع الأنصاريِّ، وهو بكسر الميم وسكون الراء وفتح الموحَّدة وبمهملة، هو: زيد أو عبد الله أو يزيد
(4)
.
هذا الذي ذكره من الإبهام في الإسناد واقتَصَر عليه؛ لأنَّ كلامه في المردود.
(1)
قضاء الوطر (2/ 1166).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
ينظر: غوامض الأسماء المبهمة، لابن بشكوال (2/ 601).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومن هذا القبيل نحو: عمُّ فلان كزياد بن عِلاقة عن عمِّه، هو: قُطْبَة بن مالك
(1)
.
وكرافع بن خَديجٍ بن رافع عن بعض عمومته، هو: ظَهير بن رافع
(2)
.
ومنه أيضًا نحو: حُصين بن مِحْصَنٍ عن عمَّة له، هي: أسماء
(3)
.
ومنهم المبهَم في المُتُون نحو: زوجته كخبر: جاءت امرأة رِفاعة القُرَظِيِّ، هي: تَمِيمَة بنت وهب -بالتكبير، وقيل: تُمَيمَة -بالتصغير-
(4)
.
ومنه أيضًا: زوج فلان كخبر سُبَيْعةَ أم سليم: «أنَّها ولَدَت بعد وفاة زوجها بليالٍ»
(5)
، هو: سعد بن خَوْلَة.
ومنه أيضًا نحو: ابن أمه كخبر أم هانئٍ أنَّها قالت: «زعم ابن أمي أنَّه قاتلٌ رجُلًا أجَرْتُه» الحديثَ
(6)
، هو أخوها: علي بن أبي طالب.
ونحو ابن أم مَكْتوم، هو: عبد الله بن زائدة أو عمرو بن قيس.
والحاصل: أنَّ المبهَم هو من (أ/129) لم يُسمَّ، سواء كان في الحديث أو في رُواته، كما عرف من الأمثلة [التي ذكرت]
(7)
.
(1)
الترمذي (306).
(2)
البخاري (233)، ومسلم (114).
(3)
النسائي في الكبرى (8946).
(4)
البخاري (5260)، ومسلم (1433).
(5)
البخاري (4909)، ومسلم (75).
(6)
مسلم (56).
(7)
زيادة من قضاء الوطر (2/ 1168).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تنبيه:
إنَّما اقتَصَر الشارح على المبهَم من الرواة دون المبهَم في الحديث؛ لأنَّ كلامه في المردود من الحديث فقط، وليس منه إلَّا ما أُبهِم أحد رواته، وأمَّا الحديث الذي فيه مبهَم غير راوٍ فقد لا يكون مردودًا، وفائدة مَعْرِفة هذا النَّوع: زوال الجهالة، لا سِيَّما الجهالة التي يُرَدُّ معها الحديثُ حيث يكون الإبهام في الإسناد.
[قوله]
(1)
: «وصنَّفوا فيه: المُبْهَمَاتُ» :
كلام المؤلِّف في الإبهام في السَّنَد؛ إذ هو الذي يحصل به القَدْح، وإنْ كان الإبهام يكون في المَتْن أيضًا ولكنَّه ليس بقادح، كحديث: «دخل رجُل من باب الصفا والنبيُّ يخطب
…
إلخ». والضمير في قوله: «فيه» لمن أُبهِم، قاله (ج)
(2)
.
وقال (هـ)
(3)
: «قال (ق)
(4)
: أي: في فنِّ من أُبهِم» انتهى، وكأنَّه جواب عن الاعتراض على المؤلِّف بأنَّ كلامه يوهِم أنَّ التصنيف في المبهَم من الرواة فقط، وليس كذلك، بل هو في المبهَمَات مُطْلَقًا، كانوا في السَّنَد أو في الحديث على ما ظهر؛ لكن ممَّا مَرَّ من الأمثلة وتلخيص الجواب: أنَّ الضمير راجع للمُقَيَّد دون قَيْده.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 361).
(3)
قضاء الوطر (2/ 1170).
(4)
حاشية ابن قطلوبغا (ص 96).
ولَا يُقْبَلُ حَديثُ المُبْهَمِ ما لم يُسَمَّ؛ لأنَّ شَرْطَ قَبولِ الخَبَرِ: عَدالَةُ راويهِ، ومَن أُبْهِمَ اسمُهُ لا تُعْرَفُ عَيْنُهُ، فكيفَ تُعْرَفُ عَدالَتُهُ؟!
وكَذَا لا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، وَ لو أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْديلِ؛ كأَنْ يقولَ الرَّاوي عنهُ: أَخْبَرَني الثِّقةُ؛ لأنَّهُ قد يكونُ ثقةً عندَه، مَجْروحًا عندَ غيرِهِ، وهَذَا عَلى الأصَحِّ في المسأَلةِ.
[قوله]
(1)
: «ولا يُقْبَلُ حَدِيثُ المُبْهَمُ ما لم يُسَمَّ» :
ينبغي أنْ يكون قوله: «ما لم يُسَمَّ» خبرًا لمبتدأ محذوف، أي: وهو ما لم يسم، إذ ما سُمِّي يخرج عن كونه مبهمًا، وليس المراد: أنَّ المبهَم تارةً يقع فيه التسمية وتارةً لا.
وقال (هـ)
(2)
: «ما» مصدريَّة ظرفيَّة، أي: مدة عَدَم تسميته في السَّنَد، وفي مفهومه تفصيل، وهو أنَّه: أنَّ ما سُمِّي ووُجدت فيه شرائطُ القَبول قُبِل، وإلا فلا، إذا عرَفت هذا فالاعتراض عليه بأنَّ قضيته: أنَّه لو سُمِّي كان مقبولًا وخرج عن الإبهام، غير متوجِّه. وقوله:«عدالة رواته» ضُبِط بالإفراد والجمع، يعني: أو تعدُّد الطرق الجائزة على ما مَرَّ في الحَسَنِ لغيره؛ فليتأمل.
[قوله]
(3)
: «فَكَيْفَ عَدَالَتُه؟» :
أي: فكيف يُعْرَف مع جَهْلِ عَينِه عدالتُه؟ هذا عجبٌ؛ فالاستفهام للتعجب مثل: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ] {البقرة: 28} .
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (2/ 1173).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «وكذا لا يُقْبَلُ خَبَرُه» :
أي: المُبْهَمِ. (هـ/150)
[قوله]
(2)
: «ولو أُبْهِمَ» :
بالبناء للمفعول، و «بِلفظِ التَّعديل» من إضافة الدالِّ للمدلول، أي: باللفظ الدالِّ على التعديل.
تنبيه
(3)
:
التعديل المبهَم مقبولٌ، وهو أنْ يُسمَّى الراوي ويوصف بالعدالة من غير تعْيين لأسبابها، وتعديل المبهَم مردودٌ، وهو أنْ يوصَف من لم يُسمَّ بالعدالة، وكلام المؤلِّف إنما هو في الثاني دُونَ الأول.
واعلم أنَّ التجريح المبْهَم غير مقبول، والفَرْقُ بَيْنَه وبَيْن التعديل المبهَم أنَّ: أسباب العدالة كثيرة، فلو كلَّفْنا المعدِّل بيانها شَقَّ عليه ذلك، والجَرْح يكفي في ثبوته خَصْلَة من خصال القَدْحِ، وهي لا يَشُقُّ ذِكْرُها، وأيضًا: ربما جَرَح الجارح بما لا يكون عند غيره قادحًا؛ لاختلاف النَّاس في أسبابه، فقد قيل لشعبة بن الحجاج: لمَ تركت حديث فلانٍ؟ فقال: رأيتُه يركُضُ على بِرْذَون. وهذا لا يضرُّ ما لم يكُن بموضعٍ لا يليق فيه، وتدارُ على وجهٍ لا يليق به، ولا ضرورة تدعو إليه. ولو روى الثقة عن إنسانٍ سمَّاه لم تكن تعديلًا له، خلافًا لزاعمه، ولو كان لا يروي إلَّا عن ثقة كالشيخين
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
قضاء الوطر (2/ 1175).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلافًا لابن الجَوزيِّ في هذا، بخلاف ما لو قال: كل من أروي عنه وأسمِّيه فهذا عدْل، وكما لا يُقْبَلُ الجَرْح إلَّا مُفَسَّرًا لا يُقبل أيضًا تضعيف الحديث إلا كذلك.
[قوله]
(1)
: «كأَنْ يَقُولَ الرَّاوي عنهُ: أَخْبَرَني الثِّقُةُ» :
أو العدْلُ أو من لا أتَّهِم، بل قال الخطيب
(2)
: لو قال الراوي: جميع أشياخي ثقاتٌ مَن سمَّيتُ منهم ومن لم أُسَمِّ، ثُمَّ روى عمَّن لم يسمِّه منهم؛ رُدَّت روايته عنه للعلَّة التي قالها الشارح، أما لو قال: كلُّ من أروي لكم عنه وأسمِّيه فهو عدْلٌ مرْضيٌ؛ كان تعديلًا منه لكلِّ من روى عنه وسمَّاه، كما جَزَم به الخطيب.
[قوله]
(3)
: «لأنَّهُ قد يَكونُ ثِقةً عَنْدَهُ» :
لا يقال: يلْزَم من هذا تقديمُ الجَرْح المتوهَّم على التعديل الثابت، وهو خِلافُ النظر؛ لأنَّا نقول: ليس هذا تعديل ثابت لإبهام [المعدِّل]
(4)
فتعديله كَلَا تعديل؛ فليس هذا من تقديم الجرْح في شيء، بل الردُّ هنا لعَدَم ثبوت العدالة لا لثبوت الجَرْح.
[قوله]
(5)
: «على الأصَحِّ» :
هو قول أبي بكرٍ الخطيبِ
(6)
، وأبي نصر ابن الصباغ، وأبي بكرٍ الصَّيرفيِّ، واختاره ابن الجزريِّ
(7)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
الكفاية (1/ 298).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (هـ): [المعول].
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
الكفاية (1/ 298).
(7)
ينظر: البحر المحيط (4/ 291).