الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَو سوءِ حِفْظِهِ، وهِيَ عبارةٌ عن أَلَّا يكونَ غَلَطُهُ أَقلَّ مِن إِصابتِهِ.
فالقِسْمُ الأوَّلُ -وهُوَ الطَّعْنُ بكَذِبِ الرَّاوي في الحَدِيثِ النَّبويِّ- هو
المَوضوعُ
، والحُكْمُ عليهِ بالوَضْعِ إِنَّما هُو بطريقِ الظَّنِّ الغالِبِ لا بالقَطْعِ؛ إِذ قَدْ يَصْدُقُ الكَذوبُ، لكنَّ لأهلِ العلمِ بالحديثِ مَلَكَةً قويَّةً يُميِّزون بها بين ذَلكَ، وإِنَّما يَقُومُ بذَلكَ منهُم مَنْ يكونُ اطِّلاعُهُ تامًّا، وذِهْنُهُ ثاقِبًا، وفَهمُهُ قَويًّا، ومَعرِفتُهُ بالقَرَائنِ الدَّالَّةِ على ذَلكَ مُتَمَكِّنَةً.
[قوله]
(1)
: «وهي عِبارَة» :
الضمير الراجع للمذكر وهو «سوء الحفظ» رعاية لمطابقة الخبر الذي هو «عبارة» ، كما هو الراجح في كلِّ ضمير وقع مبتدأً بين مَرجع مذكر وخبر مؤنث وعكسه، نعمْ قوله: «عمن
…
إلخ» تقديره عن حال من: «يكون
…
إلخ»، أو
(2)
سوءَ
(3)
الحفظ ليس هو «من يكون» بل حاله، وقوله: «وهي عبارة
…
إلخ» مخالِف لما يأتي في تفسير السَّبب المباشر من تفصيل ذلك، فإنَّه قال:«والمراد به: مَنْ لم يَتَرجَّح جانب إصابته على جانب خطئه» ، فلو قال هنا: وهي عبارة عمن لا يكون غلطه أقلَّ من إصابته؛ لوافق ذلك، وتقع هذه العبارة في بعض النسخ الجيدة.
[قوله]
(4)
: «وهُو الطَّعْنُ» :
لا يخفاك ما فيه من المسامحة، فإنَّ القِسم الأوَّل هو الموضوع، وهو المطعون
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [أن].
(3)
في (ب): [اذ].
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في راويه [بالكذب]
(1)
، فلعلَّ الطعن بمعنى المطعون فيه، غايته: أنَّه أقام الظاهر وهو قوله: «في الحديث» مُقامَ المضْمر، أو يُقال: في الكلام مضافٌ مقدَّر، أي: ذو الطعن
…
إلخ، والموضوع من: وَضَع الشيء إذا [حَطَّه]
(2)
؛ سُمِّي بذلك لانحطاط رتبته دائمًا بحيث لا ينجبِر أصلًا، وظاهر كلام المؤلِّف أنَّه لا واسطة بين الموضوع والمتروك، وقد جعل الذهبي بين الموضوع والضعيف نوعًا سماه: المطروح، قال:«وهو ما نزل عن رتبة الضعيف وارتقى عن رتبة الموضوع» ، ومثَّل له: «بحديث عَمرو بن [شَمِر]
(3)
، عن جابر الجُعْفيِّ، عن الحارث، عن عليٍّ، وبحديث جُوَيْبِر، عن الضَّحَّاك، عن ابن عباس» انتهى
(4)
، قُلْتُ: وجزم المؤلِّف في غير هذا التعليق بأنَّه من أفراد المتروك، قاله (هـ)
(5)
.
وفي كتابة: قوله: «الموضوع» إمَّا من الوَضْع بمعنى الإلصاق؛ لأنَّه أُلصِق به صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، أو بمعنى الحط والإسقاط؛ لأنَّه وُضِع عليه صلى الله عليه وسلم ما هو ساقط عنه وهو من كلام غَيْره.
[قوله]
(6)
: «بِطَرِيقِ الظَّنِّ» :
الإضافة فيه بيانيَّة، «لا» بطريق هو «القطع» ، وقوله: «إذ
…
إلخ» علة للنفي،
(1)
في (هـ): [المعطوف في رواية بالكذب].
(2)
في (هـ): [خلطه].
(3)
في (ب) و (هـ): [مثمر].
(4)
الموقظة (ص 35).
(5)
قضاء الوطر (2/ 1025).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و [الظاهر]
(1)
أنَّ قوله: «لكن لأهل العلم
…
إلخ» والله أعلم، أنَّ هذه المَلَكة هي المرادة بقول الربيع بن خُثَيم: إنَّ للحديث [ضوءًا]
(2)
كضوء النهار تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكره
(3)
، ويقول ابن الجَزريِّ: اعلم أنَّ الحديث المنكر يقْشَعِر له جلدُ طالب العلم، وينفر منه قلبه في الغالب، لا ما يعطيه ظاهر الكلاميين
(4)
.
[قوله]
(5)
: «[يُمَيِّزُونَ]
(6)
بها ذلك»:
أي: الوضع أو الموضوع، «وإنما يَقُوم بذلك» أي: بالتمْيِيز المذكور، «منهم» أي: مِنْ أهل العِلْم بالحديث.
[قوله]
(7)
: «مَنْ يَكُونُ
…
إلخ»:
المراد: من يكون حائزًا لهذه الأوصاف، وهم الجهابذة الذين عنَاهُم ابن المُبارك لمَّا قيل له: هذه الأحاديث الموضوعة كيف تعرف؟ فقال: تَعَيَّنَت لها الجهابذة؛ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] {الحجر: 9} .
[قوله]
(8)
: «على ذلك» : أي: الوضع.
(1)
في (هـ): [فالظاهر].
(2)
في (أ): [ضواء].
(3)
الكامل في ضعفاء الرجال (1/ 135).
(4)
ينظر: فتح المغيث (1/ 331)، من كلام ابن الجزري.
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
في (هـ): [ميزون].
(7)
زيادة من: (أ) و (ب).
(8)
زيادة من: (أ) و (ب).
وقَدْ يُعْرَفُ الوَضعُ بإِقرارِ واضِعِهِ، قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ رحمه الله:«لَكنْ لا يُقْطَعُ بذَلكَ؛ لاحتمالِ أَنْ يكونَ كَذَبَ في ذلك الإِقرارِ» . اهـ
وفَهِمَ منهُ بعضُهم أَنَّهُ لا يُعْمَلُ بذلك الإِقرارِ أَصلًا، وليسَ ذلكَ مُرَادَهُ، وإِنَّما نفى القَطْعَ بذلك، ولا يلزَمُ مِن نَفْيِ القَطْعِ نفيُ الحُكْمِ؛ لأنَّ الحُكْمَ يَقعُ بالظَّنِّ الغَالِبِ، وهُوَ هُنا كَذلكَ، ولَوْلَا ذلك لَمَا ساغَ قتْلُ المُقرِّ بالقتلِ، ولا رَجْمُ المُعْتَرِفِ بالزِّنا؛ لاحتمالِ أَنْ يكونا كاذِبَيْن فيما اعْتَرَفا به!
وَمِنَ القَرائنِ الَّتي يُدْرَكُ بها الوَضْعُ: ما يُؤْخَذُ مِن حالِ الرَّاوي؛ كما وقَعَ لِمَأْمونِ بنِ أَحمدَ أَنَّه ذُكِرَ بحضرَتِهِ الخلافُ في كونِ الحسنِ سَمِعَ مِن أَبي هُريرةَ أَوْ لَا؟ فَسَاقَ في الحالِ إِسنادًا إِلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أَنَّهُ قالَ: سَمِعَ الحسنُ مِن أَبي هُريرة.
[قوله]
(1)
: «ويُعْرَفُ الوضعُ بإِقرارِ واضِعِه» :
ويُنزل منزلته أنْ يُحدِّث (أ/110) عن شيخ ويُسأل عن مولده؛ فيذكرَ تاريخًا [يُعلم]
(2)
منه موتُ ذلك الشيخ قبْلَه، ولا يُعرف ذلك الحديث إلَّا عنده، وهذا يقتضي أنَّه إذا كان الحديث عند غير من حدث عند أنَّه لا يكون ذلك من الموضوع، وذلك لأنَّ الخطأ وقع في نسبة أَخْذِ الحديث لغير من أُخِذَ عنه.
[قوله]
(3)
جعل كلام ابن دَقِيق العِيد بيانًا للمراد والواقع لا إشكالًا له. (هـ/128)
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «وفَهِمَ منهُ بَعْضُهُمْ» : وهو الذَّهبيُّ
(2)
«أنَّه لا يُعمَل بذلك الإقرار أصلًا» [فقضيته]
(3)
أنَّه فَهِم أنَّه أَلْغى الإقرار وأبقى الحديث على العمل به والحُجِّيَّة، وفيه نظرٌ، والظاهر أنَّه إنَّما فَهِم أنَّ الحديث لا يؤخذ به من جهة هذا الراوي ولا من جهة أخرى، قال بعض تلامذة المؤلِّف: وهذا كلُّه مع التجرد عن القرائن، أمَّا إن انضم إلى ذلك قرائنُ تدُلُّ على ما أقرَّ به؛ قُطِع بوضعه
…
إلخ، وهو حَسَنٌ.
[قوله]
(4)
: «نَفْيُ الحُكْمِ» : المراد به: الحُكْم بوضع الحديث الذي أقرَّ راويه بوضعه، والحكم عليه بذلك يلزمه ردُّه وعدم العمل بمقتضاه؛ لأنَّ الحُكْم بذلك يقع بالظنِّ الغالب.
وقوله: «وهُو» : أي: الحُكْم بوضعه، «هنا» أي: فيما أقرَّ الواضع بوضعه، «كذلك» أي: ثابت بالظنِّ الغالب.
[قوله]
(5)
: «وَلَوْلَا ذلك» : أي: اعتبارُ الظنِّ الغالب.
[قوله]
(6)
: «لَمَا ساغ
…
إلخ»: قد يُنازع في التَّنظير؛ بأنَّ المقر على نفسه بالقتل لا يَحْمله على ذلك غير الاعتراف بمطابقة الواقع؛ إذ النُّفوس مَطْبوعة
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
الموقظة (ص 37).
(3)
في (ب) و (هـ): [قضيته].
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
على حبِّ الحياة لا الرغبة فيما عند الله، بخِلاف المُقرِّ بالكذب في الحديث؛ إذْ ربما اسْتبْهَل الأدب في جانب حرمان المسلمين من العمل بمقتضاه، وربما يجري مثله في التنظير لرجم المعترف بالزنا واحتمال بَذْلِ نفْسِه [لثلم]
(1)
عِرض من ادَّعى الزنا بها بعيدٌ، ويجابُ: بأنَّه ليس من باب إثبات الحكم بالقياس، وإنَّما هو من باب التمثيل والتنظير للاستئناس.
[قوله]
(2)
: «لاحْتِمَالِ
…
إلخ»:
أنت خبيرٌ بأنَّ الاحتمال هنا ليس معناه إلَّا التجويز العقلي، لا ما يَحْصُل عن ظنٍّ لأمرٍ اقتضاه، ومثله لا يعارِض [الظاهر]
(3)
.
[قوله]
(4)
«أَنَّهُ قال: سَمِعَ الحَسَنُ
…
إلخ»:
من الظاهر الذي لا يخفى فتح همزة «أنَّه» على أنَّها بدل من: «ما وَقَع لمأمون» ، أو خبر لمبتدأ محذوف أي: مضمونه أنَّه قال:
…
إلخ، ولو قال: فساق إسنادًا إلى أنْ قال: سَمِع الحَسَن عن أبي هريرة أن رسول الله قال:
…
إلخ، كان أوضحَ؛ لأنَّ كلامه يوهم أن النبيَّ قال: سَمِع الحسن من أبي هريرة، وهو لا يصحُّ فتدبَّرْه.
(1)
في (أ): [لسلم].
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (ب) و (هـ): [للظاهر].
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
وكَمَا وقعَ لِغياثِ بنِ إِبراهيمَ حيثُ دخَلَ على المَهْدي، فَوجَدَهُ يلعبُ بالحَمَام، فَساقَ في الحالِ إِسنادًا إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه قَالَ:«لَا سَبَقَ إِلَّا في نَصْلٍ، أَو خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ، أَو جَنَاحٍ» ، فَزَادَ في الحديثِ:«أَو جَنَاحٍ» ، فَعَرَفَ المهديُّ أَنَّه كذبَ لأجلِهِ، فأَمرَ بذَبْحِ الحَمَامِ.
وَمِنها مَا يُؤخَذُ مِن حالِ المَرويِّ؛ كأَنْ يكونَ مُناقِضًا لنَصِّ القُرآنِ، أَو السُّنَّةِ المُتواتِرَةِ، أَو الإِجماعِ القطعيِّ، أَو صَريحِ العَقْلِ، حيثُ لا يَقْبَلُ شَيءٌ مِن ذلك التَّأْويلَ.
ثمَّ المَرويُّ تارةً يَخْتَرِعُهُ الواضِعُ، وتارةً يأْخُذُ مِن كلامِ غيرِهِ كبَعْضِ السَّلفِ الصَّالحِ، أَو قُدماءِ الحُكماءِ، أَو الإِسرائيليَّاتِ، أَو يَأْخُذُ حَديثًا ضَعيفَ الإِسنادِ، فيُرَكِّبُ لَهُ إِسنادًا صحيحًا ليَرُوجَ.
[قوله]
(1)
: «فَأَمَرَ بِذَبْحِ الحَمَامِ» :
تتمة:
أنَّه لما عُوتب في ذلك قال: إنَّما حَمَلته على ذلك. والسَّبَقُ -مُحرَّكُ الموحدة-: المال الذي يقع المسابقة عليه.
[قوله]
(2)
: «كأنْ يَكُونَ
…
إلخ»: الظاهر أنَّه مثال.
[قوله]
(3)
: «المتواترةِ» :
خَرَج بها الآحاد؛ إذ مخالفتها لا تدلُّ على الوضع، ولو لم يمكن تأويل كما مَرَّ.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «القَطْعِيِّ» :
وهو ما اتَّفَق المُعْتَبَرون على أنَّه إجماعٌ، بأنْ صرَّح كلٌّ من المجمعين بالحُكْم الذي أجمعوا عليه من غير أن يشك منهم أحدٌ؛ لإحالة العادة خطأهم جملة.
[قوله]
(2)
مراده به: القياسُ الجليُّ، وهو على الراجح: ما قُطع فيه [بنفي]
(3)
الفارق والغاية، أو كان تأثير الفارق فيه ضعيفًا، فالأوَّل كقياس الأمَة على العبد في تقويم حصَّة الشريك على شريكه المُعتِق الموسِر وعتقُها عليه، والثاني كقياس العَمَى على العَوَر في المنع من التضحية، والثابت بحديث السنن الأربعة:«أربعةٌ لا تجوزُ في الأضاحي العَوراء البيِّن عورها»
(4)
الحديث.
[قوله]
(5)
: «حَيْثُ لا يَقْبَلُ شيءٌ مِنْ ذلك» :
اسم الإشارة راجع للمذكورات كلِّها لتأويلها بالمذكور أو المتقدم، واحترز بذلك عمَّا إذا ناقض ما ذُكِر مناقضة ظاهرة تقبل التأويل، فإن أمكن الجمع فإن تلك المناقضة كالعدم؛ فلا يكون دليلًا على الوَضْع.
[قوله]
(6)
«ثُمَّ المَرويُّ» :
بطريق الوضع، فهو شروع في تقسيم الموضوع، ولو عبَّر به لكان أَولى.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (هـ): [ينفي].
(4)
أحمد (18510)، وأبو داود (2802)، والترمذي (1571)، والنسائي (4369)، وابن ماجه (3144).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «وتارةً يأْخُذُ كَلَامَ غيرِهِ» :
أنت خبيرٌ بأنَّ هذه الجملة غير صالحة لأنْ تكون خبرًا عن المروي مع عطفها على خبره، فلو قال: ثُمَّ المروي إمَّا من كلام الواضع وإمَّا من كلام غيره؛ لكان (هـ/129) أظهر ولجرى على القواعد النَّحْويَّة.
[قوله]
(2)
: «كبَعْضِ السَّلفِ الصَّالحِ» :
كحديث: «حُبُّ الدنيا أسُّ كلِّ خطيئةٍ»
(3)
فإنَّه من كلام مالكِ (أ/111) بن دينار، كما رواه ابن أبي الدنيا في «المكائد»
(4)
، أو كلام عيسى ابن مريم عليه السلام
(5)
ورواه البَيْهقيُّ في كتاب «الزهد»
(6)
انتهى، وعليه فهو مثال لما هو من الإسرائيليَّات.
[قوله]
(7)
: «أو الحُكَمَاءِ» :
كحديث: «المَعدة بيت الداء» و «الحِمْية رأس الدَّواء» ، فإنَّه من كلام الحارث بن كِلدة طبيب العرب، وذكر في «شرح النظم» أنَّ هذا من الإسرائيليَّات
(8)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
حلية الأولياء (6/ 388)، الزهد لابن أبي الدنيا (ص 27).
(4)
ينظر: شرح التبصرة والتذكرة ألفية العراقي (1/ 315).
(5)
المجالسة وجواهر العلم (3/ 356)، حلية الأولياء (6/ 388).
(6)
الزهد الكبير للبيهقي (ص 134).
(7)
زيادة من: (أ) و (ب).
(8)
ينظر: فتح المغيث (1/ 326).
وَالحَامِلُ للواضِعِ على الوَضْعِ:
* إِمَّا عَدَمُ الدِّينِ؛ كالزَّنادقةِ.
* أَو غَلَبَةُ الجَهلِ؛ كبعضِ المتعبِّدينَ.
* أَو فَرْطُ العَصبيَّةِ؛ كبعضِ المُقلِّدينَ.
* أَو اتِّباعُ هَوى بعضِ الرُّؤساءِ.
* أَو الإِغرابُ لقصدِ الاشتِهارِ!
وكُلُّ ذلك حَرامٌ بإِجماعِ مَن يُعْتَدُّ بهِ، إِلَّا أَنَّ بعضَ الكَرَّاميَّةِ وبعضَ المُتصوِّفةِ نُقِلَ عنهُم إِباحَةُ الوَضْعِ في التَّرغيبِ والتَّرهيبِ، وهُوَ خطأٌ مِن فاعلِهِ، نشَأَ عَن جَهْلٍ؛ لأنَّ التَّرغيبَ والتَّرهيبَ مِن جُملةِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ.
[قوله]
(1)
«والحَامِل لِلْوَاضِع
…
إلخ»:
هذا شروعٌ في تقسيم السَّبب الحامل على الوَضع
(2)
.
قوله: «كالزَّنادقة» :
بفتح الزاي، جمع زِنديق -بكسرها-، وهو من لا يؤمِن بالآخرة أو بالربوبيَّة، أو من يُبْطن الكفر ويُظهر الإسلام، منهم: عبد الكريم بن أبي العوجاء، الذي أمَرَ بضرب عنقه: محمدُ بن سُليمان بن عليٍّ، ومثلهم: بيان، الذي قتله: خالد القَسري، وحَرَّقه بالنار، وقد روى العُقيليِّ
(3)
بسنده إلى حماد بن زيد قال: «وَضَعَتِ الزنادقةُ أربعةَ عَشَرَ ألْفَ حديثٍ» .
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (2/ 1041).
(3)
الضعفاء (1/ 14).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «أَو غَلَبَةُ الجَهْلِ؛ كبَعْضِ المُتَعَبِّدِينَ» :
فإنَّهم لتَمَكُن الجهل منهم يعترفون بوضع أحاديث تتضمن الترغيب في بعض أنواع الخير، وهؤلاء أشدُّ الأنواع ضررًا في الدين؛ لأنَّ النَّاس يَظُنون بهم خيرًا فيَقْبَلون روايتهم، وهم لاعتقادهم بأنَّ ذلك قُرْبة لا يرجعون.
[قوله]
(2)
: «أَو فَرْطُ العَصَبِيَّةِ» :
أي: زيادة التعصب.
وقوله: «كبَعْضِ المُقَلِّدِينَ» :
تمثيل لتعصب أو زيادته؛ فيدخُل في ذلك من يَتَعَصَّب لِما أفتى به إذا أُلْجِئ إلى إقامة دليلٍ عليه، كما نُقِل عن أبي الخطاب بن دِحية.
[قوله]
(3)
: «أَو اتِّباعُ هَوَى كبعضِ الرُّؤساءِ» :
كما مَرَّ مِنْ فعل غِياث بن إبراهيم مع المهديِّ.
[قوله]
(4)
: «أَو الإِغرابُ لقصدِ الاشتِهارِ» :
بالغين المعجمة، وذلك بأن يكون الحديث مشهورًا براوٍ فيَجعل مكانه راويًا آخَرَ في طبقته؛ ليصيرَ بذلك غريبًا مرغوبًا فيه، كحديثٍ مشهورٍ بسالم فيَجعل مكانه نافعًا، كحديثٍ مشهورٍ بمالك فيجعل مكانه عبيد الله بن عمر، ونحو ذلك، وممن كان يفعله من الوَّضاعين: حماد بن عمرو النَّصِيبي،
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإسماعيل بن أبي حيَّة، وبهلول بن عبيد الكندي، ومثاله حديثٌ رواه عمرو بن خالد الحراني، عن حماد بن عمرو النصيبي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا:«إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدؤوهم بالسلام»
(1)
، فهذا حديثٌ مقلوبٌ، قَلَبَه: حمادُ بن عَمرو، أحد المتروكين؛ فجعله عن الأعمش، وإنما هو معروف بـ: سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة كما رواه مسلم في صحيحه
(2)
.
ولهذا يَكرهُ أهل الحديث تتبُّعَ الغرائب؛ فإنَّه قَلَّ ما يَصلُح منها كما هو مقرَّر في محله، وهذه المسألة أحد أنواع المقلوب، واحترز بـ «قَصْدِ الاشتهار» عما إذا فعل ذلك بقَصْد الامتحان؛ فإنَّه جائزٌ، كما يأتي لنا بيانُه كما قاله (هـ)
(3)
.
[قوله]
(4)
: «حَرَامٌ» :
يُسْتَثْنى: النَّوع الذي للإغراب إذا قُصِد به الامتحان، كما يُسْتَثنى: قَلْبُ مَتْنٍ لسند غيره
(5)
فإنَّه حرام كما يأتي.
[قوله]
(6)
: «إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ
…
إلخ»:
استثناء منقطع؛ إذ ما بعده ليس داخلًا فيما قبله؛ لأنَّ الكَرَّاميَّة ومَن معهم لا عِبرةَ بهم.
(1)
أحمد (10797)، والبخاري في الأدب المفرد (1111)، و البيهقي في سنن الكبرى (18725).
(2)
مسلم (4030).
(3)
قضاء الوطر (2/ 880).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
زاد في (ب)[لقَصْد الامتحان].
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تنبيه:
الكرَّاميَّة -بتشديد المهملة- نسبة إلى أبي عبد الله محمد بن كرام السجستاني العابد المتكلم، وبالتشديد قيَّده ابن ماكولا
(1)
والسمعانيُّ
(2)
وغير واحد، قال الذَّهبيُّ
(3)
وقال ابن الصَّلاح: «إنَّه لا يُعدَل عنه» .
قال الذَّهبيُّ
(4)
: «وقد أنكر ذلك مُتَكَلِّمُهم محمد بن الهيصم وغيره من الكرَّاميَّة؛ فحكى فيه ابن الهيصم وجهين:
أحدهما: كَرَام -بالتخفيف و [الفتح]
(5)
-، وذكر أنَّه المعروف في ألسنة مشايخهم، وزعم أنَّه بمعنى كرام أو بمعنى كرامة. (هـ/130)
والثاني: أنَّه كِرام -بالكسر على لفظ جمع كريم-، وحكى هذا عن أهل سجستان وأطال في ذلك».
قال الذَّهبيُّ
(6)
: «ابن كرام ساقط الحديث على بدعته» .
وقال ابن حِبَّان
(7)
(1)
الإكمال (7/ 164).
(2)
الأنساب (11/ 60).
(3)
ميزان الاعتدال (4/ 21).
(4)
ميزان الاعتدال (4/ 22).
(5)
في (ب) و (هـ): [فتح].
(6)
ميزان الاعتدال (4/ 21).
(7)
المجروحين (2/ 301).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال أبو العباس السراج
(1)
: «شَهِدت البخاريَّ ودُفع إليه كتابٌ من ابن كرام يسأله عن أحاديث منها: الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا: «الإيمان لا يَزيدُ ولا ينقص» ؛ فكتب أبو عبد الله على ظهر كتابه: مَنْ حَدَّث بهذا استوجَب الضرب الشَّديد والحَبْس (أ/112) الطويل».
وقال ابن حزم
(2)
: «قال ابن كرام: الإيمان قولٌ باللسان، وإن اعتقد الكفرَ بقلبه فهو مؤمن» .
قال الذَّهبيُّ
(3)
: «قُلْتُ: هذا منافق محض الدَّرك الأسفل من النار قطعًا، فأيُّ شيء ينفع ابن كرام أن يسمِّيه مؤمنًا؟!» .
ومن بدع الكرامية قولهم في المعبود سبحانه وتعالى: إنه جسم لا كالأجسام، وقد سجن بنَيْسابُورَ لأجْل بدعته ثمانية أعوام.
واعلم أنَّهم احتجوا على ما ذهبوا إليه: بأنَّ الكذب في الترغيب والترهيب للنبيِّ عليه الصلاة والسلام
(4)
؛ لكونه مقويًّا لشريعته لا عليه، والكذب عليه إنَّما هو كأنْ يقال له: سَاحر أو مجنون أو نحو ذلك، وتمسكوا في ذلك بظاهر خبر:«من كَذَب عليّ متعمِّدًا ليُضِلَّ به الناسَ فليتبَوَّأْ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
(5)
، وتمسُّكهم مردودٌ؛
(1)
الأباطيل والمناكير (1/ 19 - 20).
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (2/ 89).
(3)
ميزان الاعتدال (4/ 21).
(4)
في (هـ): عليه السلام.
(5)
البزار في البحر الزخار (1876)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (418).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لأنَّ ذلك كذِبٌ عليه في وَضْع الأحكام على ما أشار إليه الشارح بقوله: «لأن الترغيب
…
إلخ»، وبيانُه: أنَّ الثواب والعقاب حُكْمان من أحكام الشرع، فإنَّ الثَّواب إنَّما يترتب على واجب أو مستحب، والعقاب إنَّما يترتب على الحرام؛ فهذه ثلاثة أحكام من الخمسة، ويتضمن ذلك: الإخبار عن الله تعالى بالوعد على ذلك العمل بالثواب والعقاب، وذلك باطل، ولأنَّ لفظة:«لِيُضِلَّ به النَّاسَ» اتفق الأئمة على ضَعفها، وبتقدير قَبولها فـ «اللام» ليست للتعليل ليكون لها مفهوم وخبر، بل للعاقبة كما في قوله تعالى:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا] {القصص: 8} ؛ لأنَّهم لم يلتقطوه لذلك، أو للتأكيد كما في قوله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ] {الأنعام: 144} ، إذ افتراؤه الكذب على الله تعالى محرَّمٌ مُطْلَقًا، سواءٌ قُصِد به الإضلال أو لا.
وفي عبارة: وليست «اللام» فيه للعلة، بل للصيرورة، كما فسِّر قوله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ] {الأنعام: 144} ، والمعنى: أنَّ مآل أمره إلى الضلال؛ إذ هو من تخصيص بعض أفراد العامِّ بالذِّكْر؛ فلا مفهوم له، كقوله تعالى:{لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً] {آل عمران: 130} ، و {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ] {الأنعام: 151}، أي: فَقْرٍ، فإنَّ: قَتْلَ الأولاد، ومضاعَفة الربا، والإضلال في هذه الآيات إنَّما هو لتأكيد الأمر فيها، لا لاختصاص الحُكْمِ بها.