الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ إِنْ كَانَتِ المُخَالفةُ بِإِبْدَالِهِ -أَيْ: الرَّاوي- ولا مُرَجِّحَ لإِحْدَى الرِّوَايَتَينِ على الأخرى، فهَذَا هو
المُضْطَرِبُ
، وهو يَقَعُ في الإِسنادِ غَالبًا، وقد يَقعُ في المَتْن.
[قوله]
(1)
: «أوْ بإبْدَالِه» : أي: الراوي، مقتضى كلامه حَصْرُ المُضْطَرِب في هذا، وليس كذلك؛ إذ منه ما رواه راوٍ واحدٌ بوجهين مختلفين، كما أشار له العراقيُّ بقوله:
مُضْطَرِبُ الحَديثِ ما قَدْ وَرَدَا
…
مُختَلِفًا مِن واحِدٍ فأَزْيَدَا
(2)
وقال (هـ)
(3)
: «قوله: «بإبداله» أي: الراوي، قال (ب): أي: بإبدال الشيخ المرويِّ عنه، كأنْ يروي اثنان حديثًا فيرويَه أحدهُما عن شيخ، والآخر عن آخر، ويتَّفِقان فيما بعد ذلك الشَّيخ» انتهى. وبه تعرِف أنَّه من إضافة المصدر إلى مفعوله مع حذف فاعله، نعم في قوله:«راويان» فيه نظر، يُعْلَمُ ممَّا ذَكَرْناه فيما بعده، كما هو في المعطوف عليه وهو:«زيادة راوٍ» كذلك.
[قوله]
(4)
: «ولا مُرَجِّح» : أي: فإنْ ترجَّحت إحدى الروايتين بمرجِّح لحِفْظ راويهما، أو كثرة صحبة
(5)
لمن روى عنه، أو غير ذلك من وجوه المرجِّحات؛ فالحُكْم للراجح ولا يكون الحديث مضطربًا، والرواية الأخرى شاذَّةٌ أو مُنْكَرَةٌ على ما مَرَّ.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
ألفية العراقي (ص 112).
(3)
قضاء الوطر (2/ 1113).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
في (هـ): [صحبه].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
واعلم أنَّ الاضطراب يوجِب الضَّعفَ في الحديث؛ لإشعاره
(1)
بعدم الضبط الذي هو شرط الصحة أو الحُسْن، كذا أطْلَقه النوويُّ كابن الصَّلاح، لكن قال المؤلِّف:«إنَّ الاضطراب قد يُجامِع (هـ/140) الصِّحة، وذلك بأنْ يقع الاختلاف في اسم رجلٍ واحد وأبيه ونسبه ونحو ذلك، ويكون ثقة؛ فيُحْكم للحديث بالصِّحة، ولا يضرُّ الاختلاف في ذلك مع تسميته مضطربًا، وفي الصحيحين أحاديثُ كثيرة بهذه المثابة» ، وسبقه لذلك الزركشيُّ في «مختصره» فقال:«قد يدخُل القَلْب كالشُّذوذ والاضطراب في قِسمَيِ الصحيح والحَسَن» ، قاله (ج)
(2)
.
[قوله]
(3)
بكسر الراء، وهو نوع من المعلَّلِ.
واعلم أنَّ المضطرِب: ما وقع فيه الاختلاف ولو من راوٍ واحد في متن، أو في سَندٍ، أو فيهما، اختلافًا لا يمكِن معه الجَمْعُ من غير مرجِّح.
فإنْ قُلْتَ: لأي شيءٍ اقتصر على إبدال الراوي؟ قُلْت: جريًا على الغالب، كما يُشير إليه بعده بقوله: «وقد يَقَعُ له في المَتْن
…
إلخ». واحترزوا بقولهم: «ولا مُرَجِّح» عمَّا لو ترجَّح أحدُ جانبي الاختلاف على الآخر بوجه من وجوه الترجيح؛ فلا اضطراب لا للراجحة ولا للمرجوحة، نعم المرجوحة تكون شاذَّةً أو منكرة على ما مَرَّ، ويكون الحُكْم للراجحة، كما أنَّه لا اضطراب إذا أمكن
(1)
في (هـ): [لإشعارة].
(2)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 326).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(أ/121) الجمع بين جانبي الاختلاف، بحيث يمكن أنْ يُعبِّر المتكلم بمجموع فعل الألفاظ عن معنًى واحد أو يكون لفظ منها دالًّا على معنًى غير المعنى الذي دَلَّ عليه الآخر بحيث لا مناقضة وإن لم يترجَّح شيء، ويُستفاد من ذكر هذا النَّوع في قسم المردود: أن الاضطراب الذي لا يمكِن معه الجمع يوجِب ضَعْفَ الحديث؛ لإشعارٍ بعدم ضبط رَاويه أو رُواته المشترَط في صحَّة الحديث وحُسْنِه
(1)
.
تنبيه:
أطْلَق النوويُّ
(2)
وابن الصَّلاح
(3)
القولَ بأنَّ الاضطراب يوجِب الضَّعف، وقال المؤلِّف: إنَّ الاضطراب يجامِع الصِّحة، وذلك بأنْ يَقَع الاختلاف في اسم
…
إلى آخِرِ ما مَرَّ.
[قوله]
(4)
: «وهو» :
أي: الاضطراب المفهوم من المضطرِب «يَقَعُ في الإسناد غالبًا» ، مثاله: سند حديث الخَطِّ المرويِّ بلفظ: «فإذا لم يجد عصًا ينصبها بين يديه فليَخُطَّ» ، فقد اختُلِف فيه على رواية إسماعيل بن أُمية، فإنَّه روي عنه عن أبي عمرو بن
(5)
محمد بن حُرَيث، عن جده حُرَيث، عن أبي هريرة، وروي عنه عن أبي عمرو بن محمد بن عمرو بن حُريث، عن جده حُريث بن سليم، عن أبي هريرة، وروي
(1)
قضاء الوطر (2/ 1114).
(2)
راجع: التقريب والتيسير، للنووي (ص 45)، ففيه تفصل.
(3)
راجع: مقدمة ابن الصلاح (ص 94)، ففيه تفصيل.
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
في (ب) و (هـ): [عن].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عنه عن محمد بن عمرو بن حُريث، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، وروي عنه غير ذلك؛ ومن ثَمَّ حَكَم غيرُ واحدٍ من الحفَّاظ باضطراب سنده، لكنَّ بعضهم صحَّحه ترجيحًا للرواية الأولى، بل قال الشارح:«هذه الروايات كلُّها قابلة لترجيح بعضها على بعض، والراجحة منها يمكِن التوفيق بينها وبين معارضتها» ، قال:«والحق أنَّ التمثيل إنَّما يليق بحديثٍ لولا الاضطرابُ لم يضعف، وهذا الحديث ليس كذلك؛ فإنَّه ضعيف بدونه؛ لأنَّ شيخ إسماعيل مجهول» .
[قوله]
(1)
مثاله: حديث فاطمة بنت قيس قالت: سألت، أو سئُل النبيُّ عليه الصلاة والسلام عن الزكاة، فقال:«إنَّ في المال لحقًّا سوى الزكاة» ، فرواه الترمذي
(2)
هكذا، ورواه ابن ماجَهْ
(3)
عنها بلفظ: «[ليس] في المال حقٌّ سوى الزكاة» ، «لكنَّ سند الترمذي ضعيف؛ فلا يصلح مثالًا لما مَرَّ، على أنَّه يمكِن الجَمْع بحَمْل الحقِّ في الأوَّل على المستحب، وفي الثاني على الواجب» انتهى كلام بعض تلامذة المؤلِّف، وفيه بحثٌ: فإنَّ في المال حقًّا واجبًا غير الزكاة: كالمواساة، ونفقة من تجب نفقته من رَقيقٍ ونحوه، فالأَوْلى قول من قال: ليس في عَين المال حق سوى الزكاة، فتأمل.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
الترمذي (659).
(3)
ابن ماجه (1879).
لَكنْ قلَّ أَنْ يَحْكُمَ المُحدِّثُ على الحديثِ بالاضطرابِ بالنِّسبةِ إلى الاختلافِ في المَتْنِ دونَ الإِسنادِ.
وقَدْ يَقَعُ الإِبدالُ عَمْدًا لمَن يُرادُ اخْتِبارُ حِفْظِهِ؛ امتحانًا مِن فاعِلِهِ، كما وقعَ للبُخاريِّ والعُقَيْليِّ وغيرِهِما، وشَرْطُهُ: أَلَّا يُستمرَّ عليهِ، بل ينتهي بانْتهاءِ الحاجةِ.
فلَوْ وَقَعَ الإِبدالُ عمدًا لَا لمَصْلحةٍ، بل للإِغرابِ مثلًا، فهو مِن أَقسامِ الموضوعِ، ولو وقعَ غَلَطًا، فهُو مِن المقلوبِ أو المُعَلَّلِ.
* أَوْ إِنْ كَانَتِ المُخالفةُ بتَغْييرِ حرفٍ أَو حُروفٍ مَعَ بَقاءِ صورةِ الخَطِّ في السِّياقِ.
[قوله]
(1)
: «لكِنْ قَلَّ
…
إلخ»:
«لأنَّ تلك وظيفة المجتهِد في الحُكْم» انتهى، وإيضاحه: أنَّ الفحص عن (هـ/141) أحكام المُتون وظيفةُ المجتهدين وهم قليل، بخلاف الأسانيد، ويمكِن أنْ يوجَّه أيضًا بما قال (ق)
(2)
[قوله]
(3)
: «وقد يَقَعُ الإِبْدَالُ عَمْدًا» :
ربما تشعر «قد» بقلَّة، ولعلَّ المراد بها النِّسبيَّة؛ فلا يعارضه قول العراقيِّ في هذا النَّوع من القَلْب:«وهذا يفعله أهل الحديث كثيرًا» ، قال:«وممَّن فعله: شعبة، وحماد بن سلمة» .
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 92).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «امْتِحانًا» :
إمَّا لحفظه، أو لأنْ يَقبلَ التَّلقين أم لا؟.
[قوله]
(2)
: «كما وَقَع للبُخاريِّ
…
إلخ»:
وذلك أنَّه لَما قدِم بغداد وسمع به أصحاب الحديث؛ اجتمعوا وعَمدوا إلى مئة حديث، فقَلَبوا مُتُونها وأسانيدها، وجعلوا مَتْن هذا الإسناد لإسنادٍ آخَرَ، وإسناد هذا المَتْن لمَتْنٍ آخَرَ، ودفعوها إلى عشَرة رجال، لكلِّ رجل منهم عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أنْ يُلْقوا تلك الأحاديث على البخاريِّ، وأخذوا موعدًا للمجلس، فلمَّا حضروا المجلس شَهِده جماعة من أهل الحديث من الغرباء من أهل خراسانَ وغيرهم، فلما اطمأن المجلس بأهله، انتَدَب إليه رجلٌ من العشرة فسأله عن حديثٍ من تلك الأحاديث؛ فقال البخاري: لا أعرفه، ولم يزل يُلقي عليه واحدًا بعد الآخر حتى فرغ من عَشَرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، ثُمَّ انتَدَب إليه: الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر كذلك، فلمَّا فرغوا وعَرَف ذلك؛ التفت إلى الأوَّل منهم فقال: أمَّا حديثُك الأول فسنده (أ/122) كذا، وحديثك الثاني سنده كذا، على الولاء حتى أتى على تمام العشَرة، فرَدَّ كلَّ مَتْنٍ إلى
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إسناده، وكلَّ إسنادٍ إلى مَتْنِه، وفعل بالآخرين كذلك؛ فأقرُّوا له بالحفظ والفضل
(1)
.
[قوله]
(2)
: «والعُقَيْليِّ» :
بضم العين وفتح القاف
(3)
.
[قوله]
(4)
: «وشَرْطُه» :
أي: وشرط جوازه المفهوم من المقام، «أنْ [لا]
(5)
يُسْتَمَرَّ» بالبناء للمفعول، أي: لا يداوم عليه «بل يُنتهَى» بالبناء للمفعول، والأصل: يُنتهى عنه، ويُحْتمل البناء للفاعل فيما أنْ لا يَسْتَمرَّ الفاعل له لغرضٍ صحيح عليه، بلْ ينتهي عنه بانتهاء الحاجة لا أزيد؛ لئلا يظن أنَّ المبدَّل عن صورته ورَدَ عنه صلى الله عليه وسلم كذلك.
[قوله]
(6)
: «فلو وَقَعَ الإبدالُ
…
إلخ»:
الظاهر أنَّه جواب سؤال مقدر ظاهر التقدير، وكذا قوله بعد: «ولو وَقَعَ غَلَطًا
…
إلخ».
(1)
الجرح والتعديل (7/ 191)، وتاريخ بغداد (2/ 4 - 34)، وتذكرة الحفاظ (2/ 555 - 557)، وطبقات الشافعية للسبكي (2/ 212 - 241).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
قضاء الوطر (2/ 1120).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
زيادة من (ب).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقوله: «بل لإِغْرَابٍ» :
أي: لقَصْد الإغراب بحيث يعده الناس غريبًا، أي: أمرًا مُستغرَبًا مستظرفًا نفيسًا عزيزًا؛ فيرغبون فيه، ويهْتَبلون بأخذه عند سماعه منه، فالمراد: الغرابة اللُّغويَّةُ لا العُرْفيَّة، وممَّن كان يفعله: حمَّاد بن عمرو النَّصيبيُّ، حيث روى الحديث المشهور بسُهيل بن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا:«إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدؤوهم بالسلام»
(1)
الحديثَ، عن الأعمش، عن أبي صالح ليُغْرب به، وهو لا يُعرف عن الأعمش كما صرح به أبو جعفر العُقَيْليُّ، وللخوف من ذلك كَرِه أهل الحديث تتبُّعَ الغرائب
(2)
.
وقوله: «فهو مِن المَقْلُوبِ أو المُعَلَّلِ» :
يَحْتمل هذا الترديد الشَّك، ويَحْتمل التنويع.
وفي كتابة: قوله: «ولو وَقَع غَلَطًا
…
إلخ» اعلم أنَّ العراقيَّ جَعَل من المقلوب: ما وقع فيه القَلْبُ عَمْدًا، وليس هذا بمُنافٍ لما هنا؛ وذلك لأنَّ حاصل ما يفيده كلام العراقيِّ: أنَّ القَلْب يكون عَمْدًا ويكون خَطأً، وهذا لا ينافي أنَّ ما هنا من القسم الثاني، ونص العراقيِّ: وَقَسَّموا المَقْلُوبَ
…
إلخ.
(1)
مسلم (2167).
(2)
قضاء الوطر (2/ 1121).
فَإِنْ كَانَ ذَلكَ بالنِّسبةِ إِلى النَّقْطِ؛ فالمُصَحَّفُ.
وَإِنْ كانَ بالنِّسبةِ إلى الشَّكْلِ؛ فالمُحَرَّفُ، ومَعْرفةُ هذا النَّوعِ مُهمَّةٌ.
وقَدْ صنَّف فِيهِ: العَسْكَريُّ، والدَّارَقُطنِيُّ، وغَيرُهما.
وأَكثرُ ما يقعُ في المُتُونِ، وقد يَقعُ في الأسماءِ الَّتي في الأسانيدِ.
[قوله]
(1)
: «فإنْ كان كذلك
…
إلخ»:
يعني التغْيِيرَ «بالنِّسبة إلى النَّقط» يُحْتمل فتح النون مع سكون القاف، مصدر نَقَطَ ينْقُطُ، مثل: كتب يكتب، ويُحْتمل ضم النون مع فتح القاف جمع نُقطة كنُكتة، وحاصله: أنَّ المُصَحَّف: ما غُيِّر نَقْطه، كان معه تغْيير هيئتة كتغْير «سِتًّا» من شوال:«شيئًا» ، وكـ «بَشير» مُكبرًا بِـ «بُشَير» مصغرًا، أو لا: كتغْيير «صانعًا» بِـ «ضائعًا» ، و «ندَر» ب «بذَر» .
وقوله: «وإنْ كان» :
أي
(2)
: التغْيير «بالنِّسبة إلى الشَّكل» يعني فقط، والمراد به هنا: الهيئيَّة اللاحقة للألفاظ، مثل تحريف:[«قُرس» بـ «فُرس»]
(3)
، و «عُود الخشب»
(4)
بـ «عَود الإبل» وهو مسنها
(5)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
النص للبقاعي كما في: قضاء الوطر (2/ 880).
(3)
وقع في قضاء الوطر (2/ 1125)[عُرُش بـ عَرش].
(4)
المقصود عُود البَكرة الذي يشد به الخطاف.
(5)
راجع: تاج العروس (35/ 391).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي كتابة: قوله: «بتغيير حروف» أي: بتغْيير له مُلابَسة وتعلُّق بالحروف، أعمُّ من أنْ يكون تغْيير ذواتها أو هيئاتها؛ فالإضافة لأدْنى مُلابَسة، وبه يظهر وَجه العبارة وإن استَتَر على بعضٍ.
وبعبارة: «وإنْ كانت المُخَالفَة
…
إلخ» اعترضه (ق)
(1)
فقال: «قُلْتُ: لا يظهر لهذا السياق كبيرُ معنًى، ويَخْرُج من الشَّرح نظرٌ في المتن؛ لأنَّ صريح الشَّرح: أنَّ ما وقع التغْيير فيه بالنِّسبة إلى حركة الحروف، وصريح المتن: أنْ يكون بتغيير الحروف، وليس كذلك؛ فالتاء تاء سواء كانت مضمومة أو مفتوحة أو مكسورة، وإذا كان المراد أعمَّ من تغيير الذات والهيئيَّة فما وَجْهُه؟» انتهى. وقد يُقال: في الكلام حذف مضاف، أي: بتغْيير هيئة حرف، وتُجعل الهيئيَّة شاملة للفظ والشكل، والمراد بذات الحَرف: صورته الخطيَّة، والمراد بتغْيير الحرف: ما يشمَل تغْيير ذاته وتغْيير هيئته. واحترز بقوله: «مع بقاء
…
إلخ» عمَّا يتبدل به صورة الخط بحيث لا يَشتبه، وإنْ أَطْلَق عليه المصنِّفون في هذا الفن اسمَ: التَّصْحيف، كقول ابنِ لَهِيعة في حديث زيد بن ثابت:«احتجم النبيُّ عليه الصلاة والسلام في المسجد» مكان: «احتجر» أي: اتخذه حُجرة من حصيرٍ ونحوه، بإبدال الراء ميمًا
(2)
.
(1)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 92).
(2)
قضاء الوطر (2/ 1127).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقوله: «فالمُصَحَّفُ» :
أي: فالواقع فيه ذاك المُصَحَّف بالنسبة إلى الشَّكل، مثاله: تصحيف بعضهم «العَنَزة» التي كان المصطفى يُصلي إليها، [وهي بالتحريك]
(1)
: رُمحٌ فوق العصى ودون الرُّمح بـ «العَنْزَة» بالسكون، بمعنى الأنثى من المَعْز.
وبعبارة: مثال المحرَّف قول الإسماعيليِّ في حديث عائشة: «قَرُّ الزُّجاجة» بالزاي، أي: المضمومة، وإنَّما هو الدَّجاجة بالدال المهملة. (أ/123)
[قوله]
(2)
: «ومَعْرِفَة هذا النَّوْعِ
…
إلخ»:
المراد بالنَّوع ما تغَيَّرتْ حروفه مع بقاء صورتها الخطية في السياق؛ فيشمل المُصَحَّفَ والمحرَّف.
تنبيه:
في خط المؤلِّف: «مهمة» ، ووقع عند بعضهم «مهم» ووَجْهُه: أنَّ المعرفة بمعنى الإدراك والعلم.
[قوله]
(3)
: «العَسْكَرِيُّ» :
هو أبو أحمدَ، نِسبة إلى العَسْكر، مدينة معروفة.
(1)
زيادة من (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «وأكثرُ ما يَقَع في المُتُون» :
كتصحيف الصوليِّ «ستًّا من شوال» : «شيئًا» ، في حديث:«من صام رمضان وأتبعه ستًّا» ، وكتصحيف محمد بن المثنَّى «تَيْعَر» بـ:«تَنْعِر» ، من حديث:«أو شاة تيعر»
(2)
، وكتصحيف وكيع في حديث معاوية: «لعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم[الذين]
(3)
يشققون الحطب»
(4)
بفتح الحاء المهملة، وإنَّما هو بالخاء المعجمة، وصحَّف بعضهم حديث «زُرْ غبا تزدد حُبًّا»
(5)
: «زَرْعُنَا تَردَدْ حِنَّا» » وفسَّره بأنَّ قومًا كانوا لا يؤدون زكاة زرعهم فصارت كلُّها حِنَّاءَ
(6)
.
[قوله]
(7)
: «وقد يَقَعُ
(8)
في الأسماء
…
إلخ»:
كتصحيف محمد بن جرير الطَّبَري «عتبة بن الندر» بالنون والدال المهملة بـ: «البذر» بالموحدة والذال المعجمة، وكتصحيف يحيى بن معين «العوام بن مراجم» بالميم والراء المهملة والجيم بـ:«مزاحم» بزاي وحاء مهملة.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
البخاري (2597)، ومسلم (1832).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
الطبراني في الكبير (848).
(5)
الحاكم (5477)، والطبراني في الكبير (3535) من مسند حبيب بن مسلمة رضي الله عنه.
(6)
بنصه من تدريب الراوي (2/ 650).
(7)
زيادة من: (أ) و (ب).
(8)
في (هـ): [تقع].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تنبيه
(1)
:
إنما يكثر التصحيف في المشتبه وما قاربه ومسمى اللفظ، ويقاربه تصحيف المعنى فقط مع بقاء اللفظ بحاله، كتصحيف أبي موسى محمد بن المُثنَّى العَنزيِّ -أحد مشايخ الأئمة الستة- «العَنَزة» -بفتحات-، بمعنى: الرمح القصير المركب في زُجٍّ من حديد، وهي التي كانت ترْكز بين يدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ليُصَليَ إليها بـ: القبيلة التي يُنسب إليها حيث قال يومًا: «نحن قوم لنا شرفٌ؛ نحن من «عَنَزَة» قد صلى النبيُّ إلينا» ذكره الدارقطنيُّ
(2)
.
وقد يقع التصحيف في اللفظ والمعنى جميعًا، نحو ما رواه الحاكم عن أعرابي: أنه زعم في حديث: «أنه صلى الله عليه وسلم[كان]
(3)
إذا صلى نُصبت بين يديه عَنَزَة» فصحَّفها
(4)
: «عنْزة» بإسكان النون، يريد بها الشَّاة، ثُمَّ رواه على وجهه فأخطأ في ذلك من وجهين. ومن التصحيف نوع يسمَّى: تصحيف السَّمْع، وضابطه: أنْ يكون الاسم واللقب أو الاسم واسم الأب على وزن اسمٍ آخَرَ ولقبِه أو اسمٍ آخر واسمٍ آخر، والحروف مختلِفة شكْلًا ونقطًا، فيشتبه ذلك على السَّمع، كأنْ
(1)
قضاء الوطر (2/ 1127).
(2)
ينظر: تدريب الراوي (2/ 650).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
في (هـ): [فضخفها].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يكون الحديث لعاصم الأحول فيجعله بعضهم عن واصل الأحدب ذكره الدارقطنيُّ، وكذا عكسه.
مثاله: ما ذكره النسائي
(1)
عن يزيد بن هارون، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود حديث:«أيُّ الذنب أعظم» الحديثَ، وذلك ذَكَره الخطيب في «المدرج»
(2)
: من طريق مهدي بن ميمون، عن عاصم الأحول، والصواب: واصل الأحدب مكان عاصم الأحول من طريق شعبة و مهدي وغيرهما
(3)
، كما هو مبسوط في محله؛ فما ذَكَره المؤلِّف ينطَبِق على تصحيف اللفظ فقط، أو اللفظ والمعنى، كما ينطَبِق على تصحيف السَّمع أيضًا، وعلى ما يقع في المُشتبه وما يقع في غيره «كاحتجم» في «احتجَر» ، ولا ينطبق على تصحيف المعنى فقط، ثُمَّ إنَّ ما قابَل تصحيف السَّمع من المُشتبه يسمَّى عندهم بتصحيف البصر؛ لالتباس حروفه على البصر.
(1)
النسائي (4015)، وراجع: علل الدارقطني (5/ 220).
(2)
الفصل للوصل المدرج في النقل (2/ 836)، (2/ 833).
(3)
الفصل للوصل المدرج في النقل (2/ 836).
ولا يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَغْييرِ صورَةِ المَتْنِ مُطلقًا، ولا الاختصارُ منه بالنَّقْصِ، ولا إِبْدالُ اللَّفْظِ المُرادِفِ باللَّفْظِ المُرادِفِ لهُ؛ إِلَّا لِعَالِمٍ بمَدْلولاتِ الألْفاظِ، وبِما يُحيلُ المَعاني على الصَّحيحِ في المسأَلَتَيْنِ:
[قوله]
(1)
: «ولا يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَغْييرِ صورَةِ المَتْنِ» :
المراد بـ «صورة المتن» هو لفظ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقوله وهيئته التركيبيَّة؛ بدليل ما بعده.
وقوله: «مُطْلَقًا» :
قال (ق)
(2)
: «أي: سواء كان في المفردات أو في المركبات» انتهى. قُلْتُ: هو بيانٌ قاصِر، والأوْلى أنَّ تفصيل هذا الإطلاق يُعْلَم من تفصيل مقابل الأكثرين في المسألتين الآتيين، نعم: استُفيد منه ما يَدْفع حَيْرة كبيرة، وهو بيان أنَّ الإطلاق في الشَّرح في مقابلة التقْييد الواقع فيه لا الواقع في المتن، وإلَّا تناقض الكلام؛ فإنَّ النَّقص والإبدال بالمرادف تغْييرٌ لصورة المَتْن، وقد حُكِم بمَنْع تعَمُّدِ تغْييرها مُطْلَقًا، فتدبَّره.
وقوله: «المُرَادِفِ» :
لا يريد به خصوص المترادفين صناعةً بل لغةً؛ فيصدُق بإبدال أحد المتساويين بالآخر؛ ولذا عبَّر المَحَلِّيُّ بالمساوي في المراد منه وفهمه، [قاله]
(3)
(هـ)
(4)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 93).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
قضاء الوطر (2/ 1119).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي كتابة: اعلمْ أنَّ هذه الجملة أعني قوله: «ولا يجوز
…
إلخ» مُشتمِلة [على]
(1)
مسألتين: (أ/124) الأولى: رواية الحديث بالمعنى ولو بلفظ مرادف في قوله بعد: «ولا إبدال اللفظ
…
إلخ» من تتمة هذا، أو كان حقُّه أنْ يقدَّمه على قوله: «ولا الاختصارُ منه بالنَّقْصِ
…
إلخ».
والثانية: ذِكْرُ بعض الحديث وحَذْف بعضه، أي: يَذْكُر بعض اللفظ ويحذِف بعضه من غَير أنْ يحصل فيه تغْير بذلك، وأشار لهذه بقوله:«ولا الاختصارُ منه بالنَّقْصِ» .
[قوله]
(2)
: «ولا إِبْدالُ اللَّفْظِ» من تتمة المسألة الأولى وهي روايته بالمعنى؛ ففي كلامه تشتت، فقوله:«ولا يَجُوزُ تَغْييرُ صورَةِ المَتْنِ مُطْلَقًا» أي: بأنْ يرويَه بالمعنى بلفظٍ غَيرِ مرادفٍ للفظه ومعناه مُطْلَقًا، سواء كان في المفردات أو المركبات، وسواء كان التغْيير في جميع لفظه أو بعضه، ومقتضى كلام الشارح جَعل الإطلاق شاملًا لما ذُكِر، ولمن يستحضِر لفظ الحديث، أو يستحضِر معناه فقط، وسواء كان من يستحضر معناه فقط حَفِظ لفظه قبل ذلك ونسيه أو لم يَنْسَهُ. وإنَّما قُيِّد بقولنا: غير مرادِف؛ لأنَّه يَذْكره بعدُ بقوله: «ولا إِبْدالُ اللَّفْظِ المُرادِفِ باللَّفْظِ المُرادِفِ لهُ» .
وقوله: «إلَّا لعالِمٍ» راجع للثلاثة، ومفهومه جواز ذلك للعالم، أمَّا في رواية الحديث بالمعنى فهو (هـ/144) قول الأكثر، وأمَّا في مسألة النَّقص فهو القول الصَّحيح.
وفي كتابة قوله: «لا يجوز تعمُّد تغْيير المَتْن بالنَّقص والمرادِف إلا لعالمٍ بما يُحِيل المعاني» هكذا المَتْن فتتعلَّق بالسببيَّة في قوله: «بالنَّقص» وما عطف عليه
(1)
زيادة من (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بـ «التغْيير» بيانًا لنوعيه، ولمَّا زاد الشارح لفظ الاختصار تعلق المتعاطفان به ففسَد المعنى؛ لعدم شموله للتغْيير بمرادِفٍ لا ينشأ منه اختصار، اللهمَّ إلَّا أنْ يُجْعل قوله: «[ولا الاختصار ولا الإبدال]
(1)
» بتقدير مضاف، أي: ولا تعمُّد الاختصار ولا تعمُّد الإبدال، مع «ولا الاختصار ولا الإبدال» معطوفين
(2)
على «تعمُّد التغْيير» عطف مفصَّل على مجمل
(3)
، [و]
(4)
لا يخفى ما فيه من التَّعَسُّف. ثُمَّ إنَّه يعتبر في الرواية بالمعنى: تساويهما في فَهْم المعنى من كلٍّ في الجلاء والخفاء؛ فلا يُبدَل لفظٌ ظاهر الدلالة على ذلك المعنى بأخفى منه، ولا العكس؛ لأنَّه ينشأ تقديم ما رُتبته التأخر أو العكس؛ لوجوب تقديم جَليِّ الخبرِ من المتعارضين على مخالِفه، قاله الجلال المَحلِّي. ثُمَّ إنَّ الخلاف في الرواية بالمعنى يُستثنى منه مسائلُ اتُّفِقَ على المَنْع فيها:
«أحدها: ما تُعبِّد بلفظه من الأذكار؛ كالأذان وتكبير الصلاة.
ثانيها: ما هو من جوامع الكلم نحو: «
…
الخَراج بالضَّمان»
(5)
، و «فِعْلُ العَجْماء جُبَارٌ»
(6)
(7)
.
(1)
زيادة من (ب).
(2)
في (أ) و (هـ): [الطوفين].
(3)
في ب: [محمل].
(4)
زيادة من (ب).
(5)
أحمد (24224)، وأبو داود (3508)، والترمذي (1285)، والنسائي (4490)، وابن ماجه (2243) من مسند عائشة رضي الله عنها.
(6)
البخاري (1499) من مسند أبي هريرة رضي الله عنه.
(7)
الحاكم (2345)، والدارقطني (3079) من مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأحمد (2865)، وابن ماجه (2340) من مسند عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثالثة: المتشابِه لا يجوز روايته بالمعنى، بل يُنْقل بلفظه؛ ليقع الإيمان بلفظه من غير تأويل أو به، على خلاف في ذلك» انتهى.
وفي عبارة: «ومحلُّ الخلاف في غير ما تُعبِّد بألفاظه من الأحاديث، أمَّا هو فلا يُروى بالمعنى كالأذان والتشهد والتعليم» قاله المحلِّي، وقياسه: ألفاظ الأذكار الواردة عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام من تسبيح وغيره، وينبغي أنَّ أعدادَها من هذا القبيل أيضًا، ولعلَّه مَدْرَك من مَنَع الزيادة والنقصان فيها؛ ولذا مَنَع رواية القرآن بالمعنى أنَّه متعبَّدٌ بألفاظه إجماعًا.
وفي كتابة: قوله: «إلَّا لعالمٍ» راجعٌ للحُكمين السابقين، و «اللام» بعد «إلَّا» مُنبِّهة على جَعلها ملاحظة مع المستثنى منه، أي: لا يجوز شيء من الأمرين المذكورين لأحدٍ إلا لعالمٍ
…
إلخ.
فإنْ قُلْتَ: العِلْمُ بمدلولات الألفاظ لا حاجة لذِكْره بل ما اقتصر عليه في المَتْن كافٍ، قُلْتُ: لمَّا عَبَّر به وبعضهم بما في المَتْن جمع المؤلِّف بين العبارتين متنًا وشرحًا، وإنْ أغنى أحدُهما عن الآخر، وجَعَل العطف تفسيريًّا أو قريبًا منه؛ لئلا يُتوهَّم التخالُفُ كما لا يَخْفى، والحقُّ ترادف العلم والمعرفة، فالعالم والعارف كذلك.
[قوله]
(1)
: «في المسألتين» :
أي: مسألةِ الاقتصار على بعض الحديث، ومسألةِ الرواية بالمعنى، المشار إلى أُولاهما بقوله:«بالنَّقص» ، وإلى ثانيهما بقوله:«والمرادِف» .
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).