الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنَ المُهِمِّ أَيضًا: مَعْرِفَةُ
آدَابِ الشَّيْخِ وَالطَّالِبِ
، ويَشْتَرِكَانِ في:
تَصْحِيحِ النِّيَّةِ، والتَّطْهيرِ مِنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيا، وتَحْسينِ الخُلُقِ.
ويَنْفَرِدُ الشَّيخُ بأَنْ:
* يُسْمَعَ إِذَا احْتيجَ إِلَيْهِ.
* وَلَا يُحدِّثُ ببَلَدٍ فِيهِ مَن هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، بَلْ يُرْشدُ إِليهِ.
* وَلَا يَتْرُكُ إِسْمَاعَ أَحَدٍ لِنيَّةٍ فَاسدَةٍ.
* وَأَنْ يَتَطهَّرَ، ويَجْلِسَ بوَقَارٍ.
* وَلَا يُحَدِّثُ قَائمًا، ولَا عَجِلًا، ولَا في الطَّريقِ إِلَّا إِنِ اضْطُرَّ إِلى ذَلكَ.
* وأَنْ يُمْسِكَ عَنِ التَّحْدِيثِ إِذا خَشِيَ التَّغَيُّرَ، أَو النِّسيانَ لمَرَضٍ أَو هَرَمٍ.
[قوله]
(1)
: «آدابِ» :
جمع أَدَبٍ، وهو: ما يُحَسِّن هيئة صاحبه شرعًا مع الله ورسوله، وما يَرْجِع إلى شيءٍ من ذلك.
[قوله]
(2)
: «وَيَشْتَرِكانِ
…
إلخ»:
حاصل كلامه: أنْ قسَّم آداب طلبِ الحديث إلى ثلاثة أقسام؛ قِسْمٌ مشترك فيه بَيْنَ الطالب والشيخ، وقِسْمٌ يَخْتَصُّ به الشيخ وقسم يختص به الطالب، وممَّا يشتركان فيه أيضًا: أن لا يقوما ولا أحدُهما من مجلس الحديث لقادمٍ، وكذلك
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التطيُّب [والتَّطَهُّر]
(1)
والتَعهُّد ولبْس أحسن الثياب اللائقة، نعم: ذلك في حق الشيخ آكد، وعليه يُحْمَل كلام الشارح أولًا وثانيًا، ومن آدابهما: العملُ بما وَرَدَ من أحاديث الفضائل التي ليس في مذهبهما ما يصدُّ عنها، وممَّا يختصُّ بالشيخ: أن يَحْرِص على [شرح الحديث، وزَجْر من يَرْفع صوته على حديث النبيِّ عليه السلام
(2)
، وأنْ يجلِس متوجهًا إلى القبلة إنْ أمكن من غير مشقة، وأنْ يُقْبِل على جميع الطلبة سواء، وإنْ أقرأ بنفسه رتَّل الحديث ولا يسرُده سردًا يمنع بعض السامعين إدراكه أو بعضه، وأن لا يُطَوِّل مَجْلِس السَّمَاع إلَّا أنْ يعلم رغبة السامعين وأنَّهم لا يسأمون بِطُوله، وأنْ يحمد الله ويصلي ويسلم على النبيّ عليه الصلاة والسلام، وأنْ يَدْعُوَ الله بما يليق بالحال في ابتداء المجلس وفي خَتْمِه جميعًا.
[قوله]
(3)
: «والتَّطَهُّرَ من أَعْرَاضِ الدُّنْيَا» :
والظاهر أنَّ الطهارة هنا لُغويَّةٌ، وأنَّ العطف فيه مِنْ عَطْف الخاصِّ على العامِّ وإنْ صحَّ أنْ يكون تفسيريًّا، واختلَفَت النُّسخ في «أعراض» في إعجام أوله وإهماله، مع الاتِّفاق على إعجام آخره، وكلٌّ صحيحٌ، و «الدُّنيا» بضم الدال على الأفصح، وبالقصر بلا تنوين للتأنيث والعلمية، وحكى كسر الدال مع تنوينها، وسميت بذلك لدُنُّوها وسَبْقِها على الآخرة، ووجه كون العطف تفسيريًّا: أنَّهم
(1)
زيادة من (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يفسرون إخلاص النية بقولهم: «بحيث لا يَشُوبُك فيه غَرَضٌ دنيويٌّ» .
[قوله]
(1)
: «وتَحْسِينِ الحَالِ» :
كذا في الأصل، وهو يشمل نظافة الثوب وقصَّ الشارب وغير ذلك، ولا يتكرَّر مع قوله بعد:«وأن يَتَطَهَّر» ؛ لأنَّ ذاك أخصُّ من هذا فهو تفصيل له، وفي بعض النُّسخ:«وتحسين الخلق» وهو مُحْتَمِلٌ أنْ يكون بفتح الخاء وسكون اللام، وأن يكون بضم الخاء وضم اللام، وهذا أهمُّ، والأول أعمُّ.
[قوله]
(2)
: «وَيَنْفَرِدُ الشَّيْخُ» :
أي: من فيه أهليَّة المَشيخَةِ؛ فيشْمَلُ من لم يتقدَّم له مشيخةٌ على أحدٍ، ويجوز في «يُسْمِع» أنْ يكون من باب الإفعال وأن يكون من باب التفعيل.
[قوله]
(3)
ظرفٌ لـ «يُسْمِعَ» ، أي: ويجب عليه أنْ يُسْمِع في أيِّ وَقْتٍ احتيج إلي ما عنده من العلم وجوبًا عَينيًّا في العَينيِّ وكِفائيًّا في الكفائيِّ، مع كونه متأهِّلًا للتَّسميع والإسماع.
[قوله]
(4)
: «ولا يُحَدِّثُ
…
إلخ»:
هذا مذهب يحيى بن مَعِينٍ؛ فإنَّه قال
(5)
: «الذي يحدِّث ببلدٍ وفيها أولى
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
الجامع، للخطيب (1/ 319).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(هـ/232) بالتَّحديث منه أحمق، وأنا إذا حدَّثت ببلدٍ فيها مِثْل أبي مِسْهَرٍ فيجب لِلِحْيَتِي أنْ تُحْلَق».
إلَّا أنَّ العراقيَّ
(1)
حَكَمَ فيه بالكراهة فقط، وإذا كُرِهَ التَّحديث ببلدٍ فيه أولى منه؛ كُرِه له التَّحديث بحضرة الأَحَقِّ والأعْلَمِ، وقَدْ كان إبراهيمُ النَّخَعِيُّ إذا اجتمع مع الشَّعْبِيِّ لم يَتكلَّم إبراهيم بشيءٍ
(2)
.
[قوله]
(3)
: «ولا [يَتْرُكَ]
(4)
سَمَاعَ أَحَدٍ لِنِيَّةٍ فَاسِدَةٍ»:
أصله: لفساد نيَّته، أي: ذلك الأحد، أي: لا يَتْرُكُ إسماع (أ/199) أحدٍ يَعْرِف منه فساد القَصْد وعَدَم الإخلاص بقرائن قامت عِنْده على ذلك؛ فلعلَّه تنْصَلَح بعد ذلك نيَّته.
[قوله]
(5)
: «قَائِمًا» :
هو حال من فاعل «يُحَدِّث» بدليل عطف «عَجِلًا» عليه، ولو كان مفعولًا لـ «يحدِّث» لَمَا صَحَّ؛ إذ ليس من الآداب السَّمَاع قائمًا إلَّا لضرورة، ولا يشْكِل عليه قولُ البخاريِّ
(6)
: «باب من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا» ؛ لأنَّها تَحْتَمِل أن
(1)
شرح التبصر (2/ 287).
(2)
الجامع، للخطيب (1/ 320).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
في (هـ): [ينزل].
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
البخاري (1/ 293).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تكون قضية عينٍ، فإن سُلِّم أنِّ الأصل عَدَمُ الخصوصيَّة؛ قُلْنا: يُحْتَمل أنَّه هناك عذرٌ يمنع من الجلوس، وإنْ سُلِّم لبيان الجواز والكلام إنما هو في بيان الأولى، فإن قُلْتَ: هل صَرَّح أحدٌ بأنَّ من الآداب جلوس السامع والسائل؟ قُلْتُ: نعم كاد خَدَمَةُ البخاريِّ يُطْبِقون عليه في ترجمة
(1)
: «من بَرَكَ على ركبَتَيه عند الإمام أو المحدِّث» ، وعلى حالته قائمًا يكون عَجِلًا كذلك، ويُرْشِد له: أنَّهم علَّلُوه بأنَّه ربما أَخَلَّ بالفَهْمِ وأدَّى إلى الهَذْرَمة المنهيِّ عنها، ولو تُحْمَل على أنَّ المراد: النهي عن تحديث شخصٍ مُسْتَعْجِلٍ لأنَّ عجلته تُخِلُّ بفَهْمِه مراد الشيخ؛ ما بَعُدَ، لكن لم أره لهم، وإنْ أمكَن إدراجه في عموم كلامهم.
[قوله]
(2)
لا خصوصيَّة له، بل جميع الأماكن التي ليست مَحِلًا للإجلال والتعظيم كذلك، مثل: الأسواق والحمَّامَات والفنادق وأفواه الحَوانِيت، وقد نَقَل ابن المُنِير عن مالكٍ كراهة الكلام في العلم والسؤال عن الحديث في الطريق إلَّا لضرورة، كنازِلَة يَخْشى فواتها إن لم يسأل عنها، ولا يعارضُه سؤالهم النبيَّ عليه الصلاة والسلام وهو على راحلته بمِنًى؛ لأنَّها مَحِل عبادة أو للحاجة إلى ذلك خَشيَة الفَوَاتِ.
(1)
البخاري (1/ 247).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
ظاهره: أنَّه لا ضابط لمَنْعِ الهَرِمِ والمريض من التَّحديث إلَّا خشية ما ذُكِر، وهو قول ابن الصَّلاح
(2)
وقال: «والنَّاس في السِّنِّ الذي يَحْصُل به الهَرَمُ متفاوتون بِحَسَب اختلاف أحوالهم» خلافًا لابن خَلِّادٍ
(3)
حيث قال: «إذا تناهى العمُر بالمحدِّث فأحِبُّ أنْ يُمْسِك في الثمانين؛ فإنَّه حدُّ الهَرَم، والتَّسبيح وتلاوة القرآن أولى بأبناء الثمانين» ، وبالخشية المذكورة خَرَج من لم يُخْشَ عليه ذلك، كأنس بن مالكٍ ومالك بن أنسٍ حدَّثا بعد الثمانين، والبَغَوِيَّ وجماعة حدَّثوا بعد المائة، ولهذا استُحِبَّ للأعمى أنْ يُمْسِكَ عن التَّحديث إنْ خاف أنْ يَدْخُل عليه في حديثٍ ما ليس منه.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
مقدمة ابن الصلاح (ص 338).
(3)
المحدث الفاصل (ص 354).
* وإِذَا اتَّخَذَ مَجْلِسَ الإِمْلَاءِ أَنْ يَكُونَ لهُ مُسْتَملٍ يَقِظٌ.
وَيَنْفَرِدُ الطَّالِبُ بِأَنْ:
* يُوقِّرَ الشَّيخَ، وَلا يُضْجِرَهُ.
* وَيُرشِدَ غَيْرَهُ لِمَا سَمِعَهُ.
* ولَا يَدَعَ الاسْتفَادَةَ لِحَيَاءٍ أَو تَكبُّرٍ.
* ويَكْتُبَ ما سَمِعَهُ تَامًّا.
[قوله]
(1)
: «وإذا اتَّخذَ مَجْلِسَ الإِمْلاءِ
…
إلخ»:
اعلم أنَّه يُستَحَبُّ للمتأهِّل أنْ يَعْقِد للإملاء مجلسًا؛ لأنَّه أرفع أنواع السَّمَاع كما مَرَّ في مَحِله، فمن فوائده: اعتناء الراوي بطرق الحديث وشواهده ومتابعاته، وإذا كَثُرَت الجُّموع [للسَّماع]
(2)
أو للإملاء اتَّخَذَ وجوبًا مُستَمْلِيًا؛ لئلَّا يُكْتَب عنه ويحْفَظَ خَلاف ما يقوله، ولو تعدَّدَ
(3)
المُستمْلِي بحسَب الحاجة اتَّخَذَه متعدِّدًا؛ فيُبلغ الناس أو يُفْهِمهم مالم يسمعوا أو لم يفهموا، ويستَحَبُّ أن يبدأ بقراءة القرآن من المُستملي أو من غيره، ثُمَّ يُبَسْمِل المُستملي ويحمد الله ويصلي ويسلم على الرسول، ثُمَّ يدعو للشيخ ولمشايخه، ثُمَّ يقول له: ما ذَكَرتَ، أو من حدَّثك بما ذَكَرتَ من الحديث حَسْب ما تدعوا الحاجة إلى السؤال عنه، ثُمَّ يُتَرْجِم الشَّيْخ شيوخه (هـ/233) ويدعو لهم، ثُمَّ يميِّزهم بما يُعرفون به من: اسم وكنية، أو لقبٍ، أو نَسَبٍ، أو حِرْفَةٍ، ويَذْكُر حديث عِدَّةٍ منهم، ويقدِّم أوْلاهم، وينتقي للإملاء الحديث الذي يكون أعمَّ فائدة وأنفع عائدة كالأحاديث الفقهيَّة، ثُمَّ يُبَيِّنُ ما فيه من فائدةٍ أو غريبٍ، ولا يَزيدُ في النَّقل
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
في (ب): [تعددت].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عن كلِّ شيخٍ على حديثٍ طلباً لإحياء ذِكْرِهم، وأنْ يكون ذلك الحديث عالي الإسناد قصير اللفظ، وأنْ يَجْتَنِب إيراد الحديث المُشكِل في المجالس العامة؛ لئلَّا يُفتَتَن بها العوام القاصرة الأفهام، ولا بأس أن يُنشد الشَّيخُ المُملي ما يَرِق به القلوب من الأناشيد مع الحكايات اللطيفة والنوادر الظريفة، لا بُدَّ للإملاء من العَرْضِ والمقابَلة خوف: طغيان القلم، أو زيغ الأفهام وزلل اللسان، ولو يُخرِّج للرواة مجالس الإملاء قبل إملائهم شيخٌ حافظٌ [مُتقنٌ]
(1)
من حفَّاظ [وقتهم؛ كان أحسن وأهون، وقد كان جماعة من الحفاظ]
(2)
يُعِدُّون لذلك.
تنبيه
(3)
:
لا يخفاك أنَّ تقدير كلامه: وينفرد الشَّيخ إذا اتخذ مجلس الإملاء بأنْ يكون له مستملٍ
…
إلخ، غير أن فيه طيَّ كثيرٍ يُعْلَم مما نَشَرنَاه بأوضح إشارة.
[قوله]
(4)
: «يَقِظٌ» :
بالرفع نعت لـ «مُستَمْلٍ» ، أي: متيقِّظٌ ليس ببَلِيدٍ ولا بمغَفَّل، كمستملي يزيد بن هارون؛ حيث قال له يزيد: حدَّثنا عِدَّةٌ، فقال: عِدَّةُ ابن من؟ فقال له يزيد: عِدَّةُ بن فَقَدْتُكَ
(5)
.
ويُستحَبُّ أنْ يكون المُستملي جَهْوَري الصوت، مُحَصِّلًا للعِلْمِ، جالسًا بمرتَفَعٍ، أو قائمًا على قدميه كابن عُلَيَّه بمجلس مالك رحمه الله، وكآدم ابن أبي
(1)
زيادة من (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
قضاء الوطر (3/ 1614).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
الجامع، للخطيب (2/ 66).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إياسٍ بمجلس شُعبة تعظيمًا للحديث، ولأنَّ (أ/200) ذلك أبْلَغُ في الإسماع للسامعين، ويتعدَّد المستملي بِحَسَب الحاجَة، وقد سُمِع لأبى مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ في رحبة غَسَّان سبعةٌ مُستَمْلين يُبَلِّغ كلٌّ منهم صاحبه الذي يليه، ووجِدَ في مجلسه ممَّن في يده مِحْبَرة: مائة ألف غير النَّظارة، وهو منسوب للكَجِّ وهو الجِصُّ
(1)
.
قوله: «ولا [يُضْجِرَهُ]
(2)
»:
ليس العطف فيه تفسيريًّا على الظاهر، بل من عطف الخاصِّ على العامِّ؛ تنبيهًا على أنَّ هذه الخَصْلة ممَّا يُبَادِرُ لارتكابه كثيرٌ من [الناس]
(3)
رغبة في زيادة السَّمَاع لمسيس الحاجة له، وظاهره أنَّ إضجار الشيخ بأيّ وجهٍ منهي عنه، وهو أولى من تقْيِيده بالتطويل وإن كان جَرْيًا على الغالب.
[قوله]
(4)
: «ويُرْشِدُ غَيْرَهُ
…
إلخ»:
ولا يَكْتُمه عن غيره؛ لأنَّ كَتْمَه لُؤْمٌ من فاعله، ويُخْشَى عليه عَدَم الانتفاع به، وعن يحيى بن مَعِينٍ
(5)
: «من بَخِلَ بالحديث وكتَمَه على النَّاس لم يُفلِح» .
[قوله]
(6)
: «ولا يَدَعَ الاسْتِفَادَةَ
…
إلخ»:
ولا فرق بين العِلْم والحديث، قال مجاهِدٌ:«ولا يَنَال العِلْم مُستَحْيٍ ولا مُتكبرٌ»
(7)
، وعن عمرو وابنه رضي الله عنهما:«من رَقَّ وجْهُه رَقَّ عِلْمُه»
(8)
، وهذا لاينافي كون الحياء
(1)
الجامع (1/ 55).
(2)
في (هـ): [يضره].
(3)
في (ب): [النار].
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
الجامع، للخطيب (1/ 240).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
(7)
البخاري (1/ 38).
(8)
الآداب الشرعية (1/ 225)، المجموع، للنووي (1/ 68).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
من الإيمان؛ لأنَّ ذلك الحياءُ الشَّرعيُّ، وهو: خُلُقٌ يَبْعَث على تَرْك القبيح ويَمْنَع من التقصير في حقِّ ذي حقٍّ، ويقع من الأكابر على وجه الإجلال والاحترام، وهو محمودٌ، والذي هنا ليس بشرع، بل انكسارٌ واستكانةٌ وانقباضٌ عن الشيء قبيحًا كان أو غيره، كما في حَياء الصِّبْيَان من أمور ليست بقبيحة.
قوله: «ويَكْتُبَ ما سَمِعَهُ» :
مراده [به]
(1)
: ما يَعُمُّ الحديث [وغيره، عاليًا كان أو نازلًا، فإن الفائدة]
(2)
ضالَّة المؤمن حيث ما وجدها التَقَطَها، وهكذا كانت سيرة السلف الصالح، فكم منهم من كبيرٍ يروي عن صغيرٍ، بل عن [أضعف]
(3)
منه، والأصل قراءة السيد العظيم عليه الصلاة والسلام سورة «لم يكن» على أُبَيِّ بن كعب، فَعَلَه ليتأسَّى به غيره.
وقال وكيع
(4)
: «لا يكون الرجل عالمًا حتى يأخذ عمَّن [هو]
(5)
فوقه، وعمَّن هو دُوْنَه، وعَمَّن هو مِثْله»، ولتكُن همَّةُ الطالب تحصيل الفائدة لا تحصيل الشيوخ مع العُدُول عنها. (هـ/234)
[قوله]
(6)
: «تَامًّا» :
معناه: أنَّ [الطالب]
(7)
إذا شَرَعَ في سماع كتابٍ أو جُزْءٍ ينبغي له إكمالُه وتَتْمِيمُه، ولا يَحْسُن مِنهُ أنْ يَنْتَخِبَ منه ما ينتقيه ويختاره؛ لأنَّه قد يحتاج بعد
(1)
زيادة من (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
في (ب): [أصغر].
(4)
الجامع، للخطيب (2/ 218).
(5)
زيادة من (ب).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
(7)
في (هـ): [المطالب].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذلك إلى رواية شيءٍ منه فلا يَجِدْه فيما انتخبه منه؛ فينْدَمَ، وقد قال ابن المُبارَك
(1)
: «ما انتخَبْتُ على عالمٍ قطُّ إلَّا نَدِمْتُ» ، وعنه:«ما جاء من مُنْتَخِبٍ خيرٌ قطُّ» ، وعن ابن مَعِينٍ
(2)
: «سينْدَمُ المنتَخِبُ في الحديث حيث لا ينفَعه النَّدمُ» ، وفي رواية مِسْعَرٍ
(3)
ونحوه: «صاحب الانتخاب يَنْدَم، وصاحب النَّسخ لا يَنْدَم» ، وهذا كلُّه مالم يضق الوقت عن تتميم سماع ما ذكروا، وإلَّا انتخبه بنفسه إنْ كان عارفًا بجودة الانتخاب، وإلَّا استعان على ذلك بحافظٍ عارفٍ [كما]
(4)
كان يفْعَلُه أبو زُرْعَةَ الرَّازيُّ، والنَّسائيُّ، وغيرهما ممَّن كان ينتخب على الشُّيوخ، والطلبة تَسْمَعُ وتكْتُبُ بانتخابهم، وإذا انتَخَب بنفسه أو بغيره عَلَّم بإزاء ما ينتَخِبُه بحاشية الأصل اليُمنى علامةً ولا حَجْر فيها، ومنهم من يَجْعلها على أول الأسانيد، وهي: ما خُطَّ بالحمرة، أو صورة همزتين، أو صادا أو طاء مهملتان ممدودتان بحبر في الحاشية اليمنى، وممَّن كان يفعله: الدَّارَقُطنيُّ، وأبو الفضل علي الفَلَكِيِّ، وعلي بن أحمد النَّعِيمِيُّ.
وفي عبارة: وعَلَّم المنتخبون في الأصل المنتخب منه ما انتخبوه؛ لأجْل تَيَسُّر معارضة ما انتخبوه، أو لإمساك الشيخ أصله بيده، أو للتحديث منه، أو لكتابة به فرع آخر منه.
(1)
الجامع، للخطيب (2/ 187).
(2)
الجامع، للخطيب (2/ 187).
(3)
المرجع السابق.
(4)
في (ب): [لما].
* ويَعْتَنِيَ بالتَّقْيِيدِ والضَّبْطِ.
* ويُذَاكِرَ بمَحْفوظِهِ ليَرْسَخَ في ذِهْنِهِ.
وَمِنَ المُهِمِّ أَيضًا: مَعْرِفةُ سِنِّ التَّحَمُّلِ والأَدَاءِ، والأَصحُّ اعْتبَارُ سِنِّ التَّحمُّلِ بالتَّمْييزِ، هَذَا في السَّمَاعِ.
وقَدْ جَرَتْ عَادةُ المُحدِّثينَ بإِحْضَارِهِمُ الأَطْفالَ في مَجالِسَ الحَدِيثِ، ويَكْتُبونَ لهُمْ أَنَّهم حَضَروا.
ولَابدَّ لهم في مِثْلِ ذَلكَ مِنْ إِجَازةِ المُسْمِعِ.
والأَصحُّ في سِنِّ الطَّالِبِ بنفسِهِ أَنْ يتأَهَّلَ لذَلكَ.
[قوله]
(1)
: «ويَعْتَنِي
…
إلخ»:
يعني أنَّ الطالب ينبغي له أنْ لا يَقْتَصِر على مجرد السَّمَاع من غير فَهْمٍ ولا ضبطٍ، بل ينبغي أنْ يعتني بالضبط والفَهْمِ، ومعرفة عِلَلِه وأحكامه؛ لئلَّا يكون كما قاله ابن الصَّلاح
(2)
: «بأنَّ من اتْعَبَ نَفْسه من غير أن يَحْصُل على طائلٍ ولا تَحَصَّل بذلك في عِدَاد أهل الحديث» .
وعن أبي عاصمٍ النَبِيلِ
(3)
: «الرئاسة في الحديث بلا دراية رئاسة نَزْلَةٍ» .
(4)
.
قال: «ولو لم يكن في الاقتصار على سَمَاع الحديث تجليده الصُّحف دون تمْيِيزٍ بمعرفة صحيحة من سقيمه، والوقوف على اختلاف وجوهه، والتصرف
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
تتمة كلامه: «بل لَمْ يَردْ عَلَى أنْ صارَ مِنَ المتشبِهينَ المنقوصينَ المُتَحَلّينَ بما هُمْ منهُ عاطِلونَ» . مقدمة ابن الصلاح (ص 358).
(3)
الجامع للخطيب (2/ 181).
(4)
المرجع السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[في]
(1)
أنواع علومه إلَّا (أ/201) تَلْقيب المعتزلة القدريَّة من سَلَكَ تلك الطريقة: الحَشَويَّة؛ لوجَبَ على الطالب الأنَفَةُ لنَفْسِه، ودَفْع ذلك عنه وعن أبناء جِنْسِه».
قوله: «ويُذَاِكِرَ بِمَحْفُوظِهِ» :
عَطفٌ على «يَعْتَنِيَ» ، أي:[و]
(2)
بعد أن يعتني بالضبط والتقْيِّد التابِعَين للحفظ غالبًا؛ فينبغي له أنْ يُذَاكِر بمحفوظه الطلبة الإخوان والرؤساء والأعيان، ثُمَّ مع نَفْسِه [أن لا يجمع] فيهم الزمان وأذهبتهم صروف الحَدَثان، بأنْ يكرِّرَه على قَلْبه؛ لأنَّ المذاكرة تعين عل على ثبوت المحفوظ، فعن الخليل بن أحمد قال:«ذَاكِر بعِلْمِك تَذْكُر ما عِنْدك، وتستفِد ما ليس عندك» .
قوله: «والأصحُّ: اعْتِبَارُ سِنِّ التَّحَمُّلِ
…
إلخ»:
لمَّا كان ضبط السَّمَاع يَختَلِف باختلاف الأشخاص، ولا يَنحَصِر في زَمَنٍ مخصوصٍ على الأرجح؛ لم يُعْتَبَر فيه قَدْرٌ من الزمان مُعَيَّنٌ كما قاله ابن الصَّلاح
(3)
، لكنَّه قال: «وينبغي بعد أنْ صار المَلْحُوظ إنَّما هو إبقاء سلسلة الإسناد: أنَّ سمَاع الصغير يُعْتَبَر في أول زمانٍ يصحُّ [سماعه]
(4)
»، ثُمَّ جملة الأقوال في وقت سماعه: أربعة؛ فالجمهور على أنَّه خمس سنين، قال ابن الصَّلاح
(5)
: «وعليه اسْتَقَرَّ عمل أهل الحديث المتأخِّرين، ويكْتُبون لابن خمسِ سنين فأكثر: سَمِعَ، ولمن لم يبلغها: حَضَرَ أو أُحْضِرَ، واحتجوا على ذلك بقول
(1)
زيادة من (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
مقدمة ابن الصلاح (ص 130).
(4)
زيادة من (ب).
(5)
المرجع السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
محمود بن الرَّبيع كما رواه البخاريُّ
(1)
: «عَقَلْتُ من النبيِّ عليه الصلاة والسلام مَجَّةً مجَّها في وجهي من دلوٍ وأنا ابن خمس سنين» ، وقد كان عليه الصلاة والسلام فَعَل ذلك معه مُلاعَبَةً وتَبَرُّكًا»، ويُرَدُّ بأنَّه:(هـ/235) لا يَلْزَم من تمْيِيز محمودٍ في خمس سنين أن يميِّز غيره فيها أو أن لا يميِّز، وإنما يَلْزَم أن لا يفعل مثل ذلك من سِنَّه أقل من ذلك، كما لا يَلْزَم من عَقْلِ المَجَّة لظهورها أن يَعْقِل غيرها ممَّا سمعه، وقيل: أربع سنين، وقيل: خمس عشرة سنة لا دُونَها؛ لأنَّه عليه الصلاة والسلام ردَّ البراء وابن عمر يومَ بدر لصِغَرِهِمَا عن هذا السِّنِّ، قال أحمد بن حنبل: وهو غَلَطٌ، وما تَمَسَّك به في القتال لا في السَّمَاع؛ إذ يكفي فيه العقل والضبط، ولو كان الأمر كما قاله لَمَا صحَّ وكيعٌ وابن عُيَيْنَه وغيرهما ممَّن سَمِع في هذا السِّنِّ، فأنْتَ تراه بعد ردِّ هذا القول اعتبره بالعقل والضبط، ومن هنا اعتبر الشَّارح وغيره من المتأخِّرين صِحَّة السَّمَاع بالتمْيِيز، وهو فَهْمُ الخطاب وردُّ الجواب كان [من]
(2)
أهل [سنِّ]
(3)
أربع سنين أو أكثر منها، فإنْ لم يكن كذلك لم يصحَّ سماعه وإنْ زاد على الخَمْسِ.
واعلم أنَّ جماعةً منعوا صحَّةَ سَمَاع الصَّبِيِّ؛ لأنَّه مَظِنَّة عَدَمِ ضبطه، ورُدَّ عليهم بإجماع الأئمة على قَبول حديث جماعة من صغار الصحابة، تحمَّلوه في صِغَرِهم ثُمَّ أدَّوه في كِبَرهم بعد بلوغهم، كالحُسين والحَسن وعبد الله بن الزبير والنعمان بن بَشير وعبد الله بن عباس، مع إطباق أهل العِلْم على إحضار صبيانهم مجالسَ الحديث، ثُمَّ الاعتداد بما أدَّوه [ممَّا سمعوه]
(4)
أو حضروه بعد البلوغ.
(1)
البخاري (77).
(2)
في (ب): [ابن].
(3)
زيادة من (ب).
(4)
زيادة من (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «وقد جَرَتْ عادَةُ المَحَدِّثِينَ» :
يعني: ولو لم يكونوا مميِّزين، كما أفاده قوله:«هذا» أي: اعتبار التمْيِيز إنَّما هو «في السَّمَاع» ، ثُمَّ قابله بما «جَرَتْ به عَادةُ المُحَدِّثين» .
قال موسى بن هارون الحمَّال
(2)
: «ويُكْتَبُ لمن فرَّق الحمار والبقرة: «سامع» أو «سَمِع» ، ومن لم يفرِّق بينهما يُكْتَبُ له:«حاضرٌ» ، أو «حَضَر» أو «أُحضِر» ، وقد سمَّع ابن المقرئ لابن أربع سنين».
[قوله]
(3)
: «والأصحُّ في سِنِّ
…
إلخ»:
يعني: أنَّ ما مَرَّ فيما إذا أُحْضِر للسماع كالأطفال الذين يُحضِرونَهم المجالس، وأمَّا إذا طَلَب بنَفْسه ففي حدِّ استحباب ابتدائه خِلافٌ؛ فعِنْدَ الكوفيين والزبير
(4)
: إذا بَلَغ عشرين سنة؛ لأنَّها مُجْتَمَع العَقْل، وعِنْدَ البَصْرِيِّين: إذا بَلَغ عشر سنين، وعِنْدَ أهل الشام: إذا بلغ ثلاثين، ورابع الأقوال وهو الحقُّ: عَدَمُ تخصيصه بسِنٍّ مخصوصٌ، بل ينبغي تقْيِيد استحباب سماعه إيَّاه بالتأهُّل للفَهْم، واستحباب كتابته إيَّاه بالتأهُّل للضَّبْطِ
(5)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
الجامع، للخطيب (1/ 228).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
هو الزبير بن أحمد بن سليمان الأسدي (317 هـ)، تاريخ بغداد (8/ 471).
(5)
ينظر: الكفاية، للخطيب (1/ 200).
ويَصِحُّ تَحمُّلُ الكافِرِ أَيضًا إِذَا أَدَّاهُ بعدَ إِسْلامِهِ.
وكَذَا الفَاسِقِ مِنْ بَابِ أَوْلَى إِذا أَدَّاهُ بعدَ توبتِهِ، وَثُبوتِ عَدالَتِهِ.
وَأَمَّا الأدَاءُ؛ فَقَدْ تَقدَّمَ أَنَّه لا اخْتصَاصَ له بِزَمنٍ مُعيَّنٍ، بل يُقيَّدُ بالاحْتيَاجِ والتأَهُّلِ لذَلكَ.
وَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلافِ الأَشْخَاصِ.
وقَالَ ابْنُ خُلَّادٍ: إِذَا بلَغَ الخَمْسينَ، ولَا يُنْكَرُ عندَ الأَرْبَعينَ.
وتُعُقِّبَ عليه بمَنْ حَدَّثَ قَبْلَها؛ كَمَالِكٍ.
[قوله]
(1)
: «ويَصِحُّ تَحَمُّل الكَافِر
…
إلخ»:
(2)
، قال:«وذلك أول ما وَقَرَ الإيمان في قلبي» ، ثُمَّ أدَّى ذلك بعد إسلامه فقُبِل وحُمِلَ عنه، وقوله:«وكذا الفاسق» هو أحْرى بالنِّسبة للكافر، وقوله:«إذا أدَّاه بَعْد تَوْبَتِه» كان اللائق أنْ يقول في الصبي أيضًا: إذا أدّاه بَعْد بُلوغه.
[قوله]
(3)
: «لا اخْتِصَاصَ له بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ» :
ظاهره يَشْمَل الصغير المميِّز، وقد جرى خِلافٌ في قَبُول (هـ/202) أدائه، وفي «جَمْع الجوامع»:«أنَّ الأصحَّ لا يُقْبَل؛ لأنَّه لا يحترز عن الكذب فلا يُوثَق به، وقيل: يُقْبَل، وقيل: يُقْبَل إنْ عُلِم منه التحرُّز من الكذب، فإنْ تحمَّل الصبيُّ فبَلَغَ فأدِّى ما تحمَّله قُبل عِنْدَ الجمهور؛ لانتفاء المحذور السابق، وقيل: لا يُقْبَل؛ لأنَّ الصِغَر مَظِنَّة عَدِم الضَّبط» .
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
البخاري (765)، ومسلم (463).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «بلْ يُقَيَّد بالاحتياج والتأهُّل» :
لفظة «التأهُّل» قال (ق)
(2)
: «زيادة على ما صحَّحه الشيخ مُحْيِّ الدين النَّوويُّ في «التقريب والتيسير»
(3)
حيث قال: إنَّه متى احْتيج إلى ما عِنْدَه جَلَس له» انتهى.
قُلْتُ: لا يُتَصَوَّر من أحدٍ عدم اشْتِراطِ التأهُّل.
[قوله]
(4)
: «وَهُو مُخْتَلِفٌ» :
أي: والتأهل لذلك مُخْتَلِفٌ باختلاف الأشخاص.
[قوله]
(5)
بفتح الخاء وتشديد اللام، هو الرَّامَهُرْمُزِيُّ.
[قوله]
(6)
: «وتُعُقِّبَ بِمَنْ حَدَّثَ قَبْلَها
…
إلخ»:
كمالكٍ فإنَّه حدَّثَ وجَلَس للنَّاس وهو ابن نَيِّفٍ وعشرين (هـ/236) سنة، وقيل: ابن سبع عشرة /سنة، والنَّاس متوافرون وشيوخه أحياء، وعمر بن عبد العزيز قَبْلَه أُخِذ عنه عِلْمٌ جَمٌّ وهو قَبْل الأربعين، وبَعْدَه الإمام الشافعي أُخِذ عنه في حداثته، وحدَّث محمد بن بَشَّارٍ بُندار وهو ابن ثمان عشرة سنة، ويُجَابُ عن التعقُّب بأنَّ مراده: من حدَّ بِزَمَنٍ لا يحدِّث قَبْلَه ما لم يكن هناك أمرٌ يقتضي التحديث، كأنْ لم يكن هناك غيره، أو صنف كتابا فيريد إسماعه، أو أنْ يكون بارعًا.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية قطلوبغا (ص 157).
(3)
تدريب الراوي (2/ 597).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال (هـ)
(1)
في قوله: «وتُعِقِّب
…
إلخ»: «المتعَقِّب عليه ذلك هو القاضي عِياضٌ حيث قال: «إنَّ ما استحسنه ابن خَلَّاد ممَّا لا يقوم به حجَّةٌ بما قاله هناك» ، [قال]
(2)
: «وكم من السلف المتقدِّمين فمن بعدهم من المحدِّثين من لم ينته إلى هذا السِّن وقد نَشَر من العِلْم والحديث ما لا يحصى، هذا عمر بن عبد العزيز توفي ولم يُكْمل الأربعين، وسعيد بن جبير لم يَبْلَغ الخمسين، وكذا إبراهيم النَّخْعِيُّ، وهذا مالكٌ جلس للناس وهو ابن نَيِّفٍ وعشرين سنة، وقيل: ابن سبع عشرة سنة والنَّاس متوافرون وشيوخه: ربيعة وابن شهاب وابن هُرمُز وابن المُنْكَدِر وغَيْرُهم أحياء، وقد سمع ابن شِهاب حديث الفُرَيْعَةَ أخت أبي سعيد الخُدْرِيِّ، وكذلك الشافعيُّ قد أُخِذَ عنه العِلْمُ في حدِّ الحداثة وانتصب لذلك في آخرين من الأئمة المتقدمين والمتأخرين» ، وقضية كلام الشارح تسليم التَّعَقُّب، وهو غير واردٍ كما يؤخذ من كلام ابن الصَّلاح؛ فإنَّه حَمَل كلام ابن خَلَّاد على من تَصَدَّى للحديث ابتداءً من نَفْسه من غير بَراعة في العِلْم لعَجَلَةٍ له قَبْل السِّنِّ الذي ذَكَرَه، فهذا إنَّما ينبغي له ذلك بعد استيفاء السِّنِّ المذكور فإنَّه مَظِنَّةٌ للاحتياج إلى ما عَنْدَه، لا كمالكٍ والشافعيِّ وسائر من ذكرهم القاضي عِياضٌ ممَّن حدَّث قبل ذلك السِّنِّ؛ لأنَّ الظاهر أنَّ ذلك لبَرَاعَةٍ منه في العِلْم تقدَّمت ظهر لهم معها الاحتياج إليهم؛ فحدَّثوا قَبْل ذلك، ولأنَّهم سئلوا ذلك إمَّا بصريح السؤال، أو بقرينة الحال» انتهى.
(1)
قضاء الوطر (3/ 1631).
(2)
زيادة من (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خاتمة:
لَمَا كان الغَرَض في الصَّدْر الأول: معرفةُ [التعديل]
(1)
والتجريح، والتفاوت في الحفظ والإتقان ليُتَوصَّل بذلك إلى التصحيح والتحسين والتضعيف؛ شدَّدوا باشتراط العدالة، وعدم الغَفْلةِ، وحفظ الكتاب أو الصَّدْر، وعِلْم ما بين الألفاظ من التَّفَاوت إنْ روى بالمعنى، والإسلام، والعقل، والبلوغ، والسلامة من الفِسْق وخارم المروءة، وعَدَم الجَهْل القادح، وفي فِسْق الاعتقاد خِلافٌ الأصحُّ عَدَمُ قَدْحِه بِشَرْطِه السَّابق، وأن لا يُجَرَّب في تَعَمُّد كَذِبٍ ولو في الحديث، وعدم ثبوت تَضْعِيفه، وأن لا يروي بأجْرَةٍ إلَّا لحاجة، وعدم التساهل في الحَمْل: كالنَّوم والأكل والتحدُّث حال السَّمَاع والإسماع، وأنْ لا يَقْبَل التَّلْقِين، وأنْ لا يُوصَف بكثرة المُنْكَرات، وأنْ لا يُعْرَف بالسَّهو، وأنْ لا يَرْوِي من غير أصلٍ، أو من أصل غير صحيحٍ، وأنْ لا يُصِرَّ على غَلَطِه بعد بيانه، ولَمَّا كان الغَرَضُ عند المتأخرين: الاقتصار على مُجَرَّد وجود سلسلة السَّنَد التي اخْتُصَّت بها هذه الأمة -شرَّفَها الله تعالى-؛ اكتفوا بـ: العاقل، المسلم، البالغ، المستور الذي لم يكن ظاهر الفِسْق، وأن يَثْبُت ما رواه بخطِّ مُؤْتَمَنٍ ولو القارئ، وأنْ يروي من أصلٍ موافِقٍ لأصل شيخه ولو بواسطة، وقد تضَمَّن الأصل غالب هذه الشروط كما عُرِفَ من المباحث السابقة.
(1)
في (ب): [التعليل].