الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَ
صِفَةِ الرِّحْلَةِ
فِيهِ، حَيثُ يَبْتَدِئُ بحَدِيثِ أَهْلِ بلدِهِ فيَسْتوْعِبُهُ، ثمَّ يَرْحلُ فيُحَصِّلُ في الرِّحْلةِ مَا ليسَ عندَهُ، ويَكُونُ اعْتنَاؤهُ في أَسْفَارِهِ بتَكْثيرِ المَسْموعِ أَوْلَى مِنَ اعْتنَائِهِ بتَكْثيرِ الشُّيُوخِ.
وَ
صِفَةِ تَصْنِيفِهِ
، وَذَلكَ إِمَّا على المَسَانيدِ بأَنْ يَجْمَعَ مُسْنَدَ كُلِّ صَحابيٍّ عَلَى حِدَةٍ، فَإِنْ شَاءَ رَتَّبَهُ عَلَى سَوَابِقِهِمْ، وَإِنْ شَاءَ رتَّبَهُ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ، وهُوَ أَسْهَلُ تَناوُلًا.
أَوْ تَصْنيفِهِ عَلَى الأَبْوَابِ الفِقْهيَّةِ، أَوْ غَيْرِها بأَنْ يَجْمَعَ في كُلِّ بَابٍ ما ورَدَ فِيهِ ممَّا يَدلُّ عَلَى حُكْمِهِ إِثْباتًا أَو نَفْيًا، والأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ما صَحَّ أَو حَسُنَ، فَإِنْ جَمَعَ الجَميعَ، فَلْيُبَيِّنْ عِلَّةَ الضَّعْفِ.
أَوْ تَصْنيفِهِ عَلَى العِلَلِ، فيَذْكُرُ المَتْنَ وطُرُقَهُ، وبَيانَ اخْتلَافِ نَقَلَتِهِ،
قوله: «وصِفَةُ الرِّحْلَة» :
بكسر الراء، أي: الارتحال، وأما الرُحْلَة -بالضم- فهو: الشخص الذي يُرْتَحَل إليه.
وقوله: «تَصْنِيفَهُ» :
أي: الحديث مُطلقًا، وليس الضمير راجعًا للمُسْنَد كما هو ظاهره.
وقال (هـ)
(1)
:
اعلم أنَّ التصنيف مرتبة جليلة وفضيلة أيُّ فضيلة؛ إذ فيه دوام الذكر على الأبد، مع اكتساب المهارة بالوقوف على الغواميض والمشكلات، فهو من جملة أفعال البر وأعمال الخير، وربَّما وَجَبَ كما مَرَّ في كتابة العلم، ثُمَّ التأليف لكونه مطلَّق الضَّمِ؛ أعمُّ من التصنيف، وهو: جعل كل صِنْفٍ على حِدَةٍ، ومن الانتقاء [و]
(2)
هو: التقاطه ما يَحْتَاجه من الكتب، وأعم من التَّخريج وهو:
(1)
قضاء الوطر (3/ 1655).
(2)
زيادة من (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إخراج المحدِّث الأحاديث من بطون الكتب وسياقها من مروياته، أو من مرويات شيخه، أو أقرانه، وكثيرًا ما يُطْلَق كلٌّ منها على البقيَّة، قاله شيخ الإسلام.
قُلْتُ: المشهور بينهم أنَّ التأليف: جَمْعُ الشيئين مثلًا على وجه يكون بينهما فيه ألفة؛ فبَيْنَه وبَيْنَ التَّصنيف عمومٌ وخصوصٌ مُطْلَقٌ؛ تأمل.
[قوله]
(1)
: «فإِنْ شاءَ رتَّبَهُ على سوابِقِهِم» :
وحينئذٍ كيفيَّتان؛ لأنَّ المرتِّبين على قسمين، قِسمٌ يُرَتِّب على حروف المعجم كالطبراني في «مُعْجَمِه الكبير» ، وقِسْمٌ يُرَتِّب على السوابق، وهؤلاء [فريقان]
(2)
؛ أحدهما: يرَتِّب على القبائل؛ فيقدم بني هاشم ثُمَّ الأقرب فالأقرب إلى النبيِّ عليه الصلاة والسلام، والآخر: يرتب على السابِقَة؛ [فيقدِّم]
(3)
في الإسلام، فيقدِّم العشرة، ثُمَّ أهل بدر، ثُمَّ أهل الحديبية، ثُمَّ من أسلم وهاجر بين الحديبية والفتح، ثُمَّ من أسلم يوم الفتح، ثُمَّ الأصاغر سنًا كسائب بن يزيد وابن الطُّفيل، ثُمَّ النِّساء، ويبدأ منهن بأمهات المؤمنين.
قال الخطيب
(4)
قال ابن الصَّلاح
(5)
: «وهي أحْسَنُ، وإن كانت الأولى -يعني الترتيب على حروف المعجم- أسهل،» يعني ثُمَّ الثانية، قاله (هـ)
(6)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
الجامع (2/ 292).
(5)
مقدمة ابن الصلاح (ص 253).
(6)
قضاء الوطر (3/ 1656).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «على الأَبْوابِ الفِقهيَّةِ أَو غَيْرِهَا» : أي: غير الأبواب الفقهيَّة ككتاب الترغيب.
[قوله]
(2)
: «والأَوْلَى: أن يَقْتَصِرَ
…
إلخ
(3)
»: هذا قاصرٌ على ما صُنِّف على الأبواب، أمَّا ما صُنِّف على المسانيد فلا يَقْتَصر فيه على ما يُحْتَجُّ به، بل يَذْكُر ما كان من حديثِ كل صحابيٍّ أراد ذِكْرَ حديثه، [كان]
(4)
ممَّا يُحْتَجُّ به أم لا؛ ولذا سميت أحاديث المسانيد: «الدعوة الجفلاء» -بفتح الجيم والفاء مقصورة-، أي العامة
(5)
، كـ «مُسْنَد الطَّيَالِسِيِّ» و «مُسْنَد الإمام أحمد» ، لا كـ «مُسْنَد الدَّارِمِيِّ» ؛ فإنَّه مُصَنَّفٌ على الأبواب، إذا عُلِمَ هذا فمن أراد الاحتجاج بحديثٍ من السُّنن أو من المسانيد فإن كان متأهِّلًا لمعرفة ما يُحْتَجُّ به من غيره فلا يَحْتَجَّ به حتى ينظرَ في: اتِّصال إسناده وحال رواته، وإلَّا فإنْ وَجَدَ أحدا من الأئمة صحَّحه (أ/207) أو حَسَّنه فله تقليده، وإلا فلا يَحْتَجَّ به، كما قاله جماعة وتبعهم شيخ الإسلام وغيرُه عليه.
تنبيه
(6)
:
قوله: «بأَنْ يجْمَعَ مسنَدَ كلِّ صحابيٍّ على حِدَةٍ» : شاملٌ لِمَا اتَّحَد نوعه من الحديث ولِمَا اخْتَلَف، وقوله:«فإنْ شاء رَتَّبَه» ضميره للمُسْنَد.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
في (ب): [إلى آخره].
(4)
في (ب): [فإن].
(5)
الدعوة الجفلي: الدعوة العامة التي لا يخص بها جماعة دون جماعة، فان خص فهي النقرى. قال الأخفش: يقال: دُعِيَ فُلانٌ فِي النَّقَرَى لَا فِي الجَفَلَى والأَجْفَلَى: أي دعي في الخاصة لا في العامة. تاج العروس (28/ 214).
(6)
قضاء الوطر (3/ 1657).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «فَلْيُبَيِّنْ علَّةَ الضَّعْيفِ» : قال (ق)
(2)
قوله: «والأحْسَنُ أَنْ يرتِّبَها على الأبوابِ
…
إلخ» هذا يفيد أنَّ التَّصنيف على العِلَلِ: تارةً يكون مُرتَّبًا على الأبواب، وتارةً لا، والأحسن منه: ما كان مرتَّبًا على الأبواب، ولا يخفى أنَّ جَعْلَه قَسيما للتَّصنيف على الأبواب يقتضي أنَّ التصنيف على العِلَلِ لا يكون مرَتَّبا على الأبواب، وليس كذلك؛ فلو جُعِل قوله:«أو تصنيفه على الأبواب» شاملًا لِمَا إذا كان على العِلَلِ [أم]
(3)
لا، وجُعِل قوله:«أو على العِلَلِ» فيما إذا لم يكن على الأبواب؛ لسَلِمَ من هذا، بل لو جُعِل قوله:«على الأبواب» جاريًا فيما صُنِّف على المسانيد، أو على العِلَلِ، أو على الأطراف، [أو على]
(4)
غير ذلك لكان أحسن؛ لإفادته أنَّ تصنيفه على الأبواب يجري في الأقسام كلِّها، قاله (هـ/242)(ج)
(5)
.
وقال (هـ)
(6)
في قوله: «فَلْيُبيِّن عِلَّة الضعيف» ما نصه: «يعني من حيث ضعفُه، ولو قال: فليُبيِّن علَّة الضَّعْف؛ كان أولى» .
وقال (ق) في بيان ضَعْف الانقطاع والوَقْف ونحوهما، قال:«وقال بعضُ من يدعي عِلْم هذا الفنِّ: ويُبَوِّبُ عليها، وردَّ عليه بأنَّ هذا ليس من تقدير ما ذَكَر» انتهى، ولا شَكَّ في صحة الردِّ إنْ كان ذلك البعض حمل التَبيِين على التبويب، وإلَّا فلا نزاع في المعنى.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 159).
(3)
زيادة من (ب).
(4)
زيادة من (ب).
(5)
حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 591 - 592).
(6)
قضاء الوطر (3/ 1657).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «أوْ تَصْنِيفِه على العِلَلِ» :
قال (هـ)
(2)
: ربما يُوهِم أنَّ هذه طريقةٌ ثالثة في التصنيف غير الطريقتين السابقتين، وليس كذلك، بل هو راجع عندهم إليهما، نعم: جَمْعُه معلَّلًا مُسندًا، أو معللًا على الأبواب أعلى وأحسن من جَمْعِه على الطريقتين غير معلَّلٍ؛ لأنَّ معرفة العِلَلِ أجَلُّ أنواع الحديث، حتى قال ابن مَهْدِيٍّ
(3)
: «لأنَّ أَعرِف عِلَّة حديثٍ هو عندي أحب إليَّ من أن أكْتُبَ عشرين حديثًا ليس عندي» ، وممَّا يَرْمُز إلى ما قلناه قول الشارح:«والأحسنُ أنْ يرَتِّبها» أي: الأحاديث المعلَّلَة، «على الأبواب» أي: دون المسانيد وغيرها، وممَّا جُمِع على هذا الوجه «مسند الإمام يعقوب بن شَيْبَة» ، ولكنَّه لم يُكْمِلْه، والذي وُجِدَ منه: مسند العشرة، والعباس، وابن مسعود، وعمار، وعتبة بن غزوان، وبعض الموالي.
قال الأزهريُّ
(4)
: «وسمعتُ الشُّيوخ يقولون: إنَّه لم يَتِمَّ مُسْنَدٌ معلَّلٌ قطُّ» .
[قوله]
(5)
: «وبيانُ اخْتِلافِ نَقَلَتِهِ» :
يعني فيه، فربما يتَّضح بذلك إرسال ما ظاهره الاتِّصال، أو الوقف لِمَا ظاهره الرَّفع، أو قَطْعُ ما ظاهره الوَصْل
(6)
.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
قضاء الوطر (3/ 1658).
(3)
الجامع (2/ 295).
(4)
تاريخ بغداد (14/ 271).
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
(6)
قضاء الوطر (3/ 1658).