الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلمَّا أَنْ كانَ هَذَا المُخْتَصرُ شَامِلًا لجَميعِ أَنواعِ عُلُومِ الحَدِيثِ اسْتَطْرَدْتُ مِنْهُ إِلى
تَعريفِ الصَّحابيِّ
مَنْ ما هو، فقُلْتُ: وهُوَ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ تَعالى عليهِ وآلهِ وسلَّمَ- مُؤْمِنًا بهِ، وماتَ عَلى الإِسلامِ، ولو تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ فِي الأَصَحِّ.
والمُرَادُ باللِّقاءِ: ما هُوَ أَعمُّ مِن المُجالَسَةِ والمُمَاشاةِ، ووُصُولِ أَحدِهِما إِلى الآخَرِ وإِنْ لم يُكَالِمْهُ، وتدخُلُ فيهِ رُؤيَةُ أَحدِهما الآخَرَ؛ سواءٌ كانَ ذَلكَ بنفسِه أَو بغَيْرِهِ.
والتَّعْبيرُ بـ «اللُّقِيِّ» أَوْلَى مِن قولِ بَعْضِهم: الصَّحابيُّ مَنْ رأَى النَّبيَّ صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم؛ لأنَّهُ يخرُجُ حِينَئذٍ ابنُ أُمِّ مَكْتومٍ ونَحوُهُ مِن العُمْيانِ، وهُمْ صَحَابةٌ بلا تَرَدُّدٍ، واللُّقيُّ في هذا التَّعريفِ كالجِنْسِ.
[قوله]
(1)
إسقاط «أنْ» صواب؛ لأنَّ «لَمَّا» مختصَّةٌ بالجملة الفعليَّة الماضية حقيقةً أو حُكْمًا، و «أَنْ» موجِبَةٌ للتأويل بالاسم المنافي للفعل، وأمَّا {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ] {يوسف: 96} الآيةَ، فـ «أنْ» فيها زائدة، وزيادتها
(2)
مقصورة على السَّمَاع. والمراد بـ «المُخْتَصر» هنا المَتْن.
وقوله: «شامِلًا لجَمِيعِ
…
إلخ»:
أنت خبيرٌ بأنَّ المخْتَصَر بعد اتصافه بالشُّمول لجميع أنواع الحديث بالفعل لا يتأتَّى أنْ يُزادَ فيه ما ذُكِر؛ لأنَّه من جملة مباحثه، ولأجل هذا الاعتراض
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (أ): [وزياتها].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال (ب)
(1)
اعتذارًا: «أي: أريد لأنْ يكون شاملًا» انتهى؛ لأنَّ الاستطراد فرع إرادة المؤلِّف أن يكون المختَصَر شاملًا لا فرع [شموله]
(2)
بالفِعْل.
[قوله]
(3)
: «عُلُومِ الحَدِيثِ» :
جَمْع: عِلْم، لا بمعنى المَلَكَة، ولا بمعنى الإدراك، بل بمعنى القضية المعلومة على تجوُّزٍ ظاهرٍ، ولك أنْ تقول: حيث كان التجوُّز فلا فرق بين هذا المعنى ولا بين غيره
(4)
.
وفي كتابة: «شاملًا لأنواع عُلُوم الحديثِ» أي: الغالب منها.
وقوله: «اسْتَطْرَدْتُ مِنْهُ» :
أي: انْتَقَلْتُ من الإسناد إلى تعريف الصحابيِّ؛ لأنَّ المناسب لِمَا يشتمل على جميع أنواع علوم الحديث أنْ يُذْكَر ما له تعلُّق به.
وفي كتابة: إنَّما كان استطرادًا؛ لأنَّه ذَكَره أثناء ما هو بصدَدِه من تفضيل أحوال (هـ/173) الإسناد بطريق الاعتراض بين المتعاطفين، ولم يَفْعل له ترجمة على حِدَةٍ كما فَعَل القوم، ولا تنافي في ذِكْرِه استطرادًا بهذا المعنى كونه نوعًا من أنواع الحديث، وبه يَنْدَفع اعتراض (ب).
(1)
قضاء الوطر (3/ 1299).
(2)
في (أ): [سموله].
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
قضاء الوطر (3/ 1299).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال (هـ)
(1)
:
«اعْلَم أن الاستطراد عند القوم: ذِكْر الشيء في غير مَوْضِعه لمُنَاسَبَة. وقوله: «منه» إن كان ضميره للمُخْتَصر؛ فـ «من» بمعنى «في» ، أو المراد: من بعض مَباحِثه، أو من مَباحِثه مَبْحَثُ الصحابيِّ، وإن كان ضميره لجميع فلا وَجْه له إلَّا بتَكَلُّف لا يتضح، وهو: تضمين «استطردت» معنى انتقلت، وإن كان ضميره للإسناد فقريب، لكنَّه لا يخلو من غُموض؛ فالأظهر أنَّ ضمير «منه» راجع لنوع الموقوف المتضمن له جميع أنواع الحديث وإن لم يَسْلَم من عناية» انتهى.
و «الصحابيّ» نِسبة إلى الصحابة بالمعنى المصدريِّ، ويطلق على الأصحاب أيضًا، قاله الجوهريُّ، وهو لغةً: من صَحِب غيرَه ما يُطْلَقُ عليه اسم الصُّحْبَة وإنْ قَلَّتْ، واصطلاحًا ما أشار إليه بقوله: «هو (أ/149) مَنْ لَقِيَ النبيَّ عليه الصلاة والسلام مُؤْمِنًا
…
إلخ» إذا كان لفظ «مَنْ» مدلوله من يعقل؛ تناول التعريف: الإنس والجنَّ، وبه صرح بعضهم في نحو: جِنِّ نَصِيبين، وربما يَدْخُل المعنى: المَلَك.
وفي «الإصابة» للمؤلِّف: وهل يَدْخُل الملائكة في حَدِّ الصحابة؟ مَحِل نظرٍ، وقد قال بعضهم: إنَّ ذلك يبنى على أنَّه: هل كان مبعوثًا لهم أيضًا أم لا؟ وفي بناء هذه المسألة على هذا الأصل نظرٌ لا يخفى. وقوله: «مُؤْمِنًا» حال من فاعل «لَقِي» ولو قدمه على المفعول ليتَّصل الحال بصاحبه؛ كان أولى، وكان ينبغي أنْ يقول: حيًّا، أو قبل وفاته؛ ليَخْرج من رآه بعد وفاته؛ لأنَّ الصحبة إنَّما تثبت
(1)
المرجع السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لرؤية ذاته الشريفة جسدًا ورُوحًا إنْ قلنا أنَّ المرئي بعد الوفاة هو مِثَال، وإنْ قُلْنا المرئي الذات الشريفة؛ فشَرْط الصُّحبة أنْ يراه وهو في عالم المُلك، وهذه رؤية وهو في عالم الملكوت وهي لا تُثْبِت الصُّحبة، وكذا من رآه فيما بين الموت والدفن كأبي ذؤيب؛ فإنَّ الإخبار الذي هو معنى النبوة انقطع ولا يُعَدُّ لُقِيًّا.
[قوله]
(1)
: «ويَدْخُل فِيهِ» :
أي: في اللقاء، «رؤية أحدهما» أي: النبيِّ أو المُلاقي «الآخر» سواء كان ذلك اللُّقيُّ المذكور حَصَل بواسطة نَفْس المُلاقي واستقلاله بالمشي فيه كالرجال والنساء، أو حَصَل بواسطة غيره كالأطفال الذين حُمِلوا إلى النبيِّ عليه الصلاة والسلام ولو للتَّحْنيك مثلًا، أو بشرط التَّمْيِيز على الخلاف.
قال (ب): «تقْيِيد المسألة بالرؤية لا بُدَّ أنْ يكون أهل العُرْفِ يسمُّونه لِقاءً»
انتهى؛ فَظَهر من مجموع الكلام: أنَّه لا يُشترط اتحاد المكان؛ إذ قد تَحْصُل الرؤية مع بُعْد المكان جدًّا على ما يُصَرِّح به، وفيه نظر ظاهر، كما ظهر من إطلاقه: أنَّه لا يُعتبر عِلْم أحدهما الآخر حال الاجتماع كما في الجيوش والجموع العظيمة في حجة الوداع وغزوة تبوك، ويقرِّبه قول من لا يشترط التمْيِيز في الأطفال، ويُبْعِده قول من اشترطه بالنظر إلى علم المُلاقي، ولا يخفى اختلاف العُرْف
…
إلخ.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي كتابة «ويَدْخُل فيه» أي: في اللقاء، «رؤية أحدهما الآخر» لكن سيأتي أنَّ من رآه النبيُّ [ولم ير هو النبيَّ]
(1)
لا يكون صحابيًّا، انظره عند قوله: «لكن
…
إلخ».
[وقوله: «سواء كان»: أي: سواء]
(2)
كان اللقاء «بنَفْسه أو بغيره» كالصبي الذي يُحْمَل إليه، ولا يصحُّ عود الإشارة للرؤية؛ لأنَّ قوله:«أو بغيره» لا يجري في الممشاة ولا في الرؤية؛ لأنَّها إنَّما تكون من الرأي، وقول المُحَشِّي:«سواء كان ذلك أي الرؤية بنفسه أو بغيره» ليس على ما ينبغي، تأمَّل.
[قوله]
(3)
: «أولى مِنْ قَوْل بَعْضِهم» :
هو أبو عمرو بن الصَّلاح.
وقوله: «لأنَّه» :
أي: [لأنَّ]
(4)
قَيْد الرؤية الذي ذكره (هـ/174) في التعريف يخرج اعتباره «ابن أم مكتوم
…
إلخ»، واحترزنا بالاعتبار عمَّا إذا جعل النَّحو بيان الواقع، فإنَّه لا يقتضي إخراجًا. وقد يُقال: المراد بالرؤية ما هو أعمُّ من الرؤية ولو بالقوة، أو بالفعل، فالأعمى في قوة من يرى بالفعل لولا المانع، ولا يخفى أنَّ أَخْذَ المجاز في التعريف غير مضرٍّ حيث كان مشهورًا كما هنا.
(1)
زيادة من (ب).
(2)
زيادة من (ب).
(3)
زيادة من: (أ) و (ب).
(4)
زيادة من (ب).
وَ في قَوْلِي: «مُؤْمنًا» ؛ كالفَصْلِ، يُخْرِجُ مَن حَصَلَ لهُ اللِّقاءُ المَذْكورُ، لَكنْ في حالِ كونِهِ كافرًا.
وَقَوْلي: «بِهِ» فصلٌ ثَانٍ يُخْرِجُ مَنْ لَقِيَهُ مُؤمِنًا، لكنْ بغَيْرِهِ مِن الأنبياءِ عليهم الصلاة والسلام.
لَكنْ: هَلْ يُخْرِجُ مَنْ لَقِيَهُ مُؤْمِنًا بأَنَّهُ سَيُبْعَثُ ولَمْ يُدْرِكِ البِعْثَةَ فِيهِ نَظرٌ!
وقَوْلي: «ومَاتَ على الإِسْلَامِ» ؛ فَصْلٌ ثَالِثٌ يُخْرِجُ مَنِ ارتَدَّ بعدَ أَنْ لَقِيَه مُؤمِنًا بهِ، ومَاتَ على الرِّدَّةِ؛ كعُبَيْدِ اللهِ بنِ جَحْشٍ، وَابْنِ خَطَلٍ.
وقوله: «كافرًا» :
أي: ثُمَّ أسْلَم ولم يَجْتَمع به عليه الصلاة والسلام بعد إسلامه.
[قوله]
(1)
: «وقولي: «به» فصلٌ ثانٍ
…
إلخ»:
فيه بحث؛ لأنَّه [إن كان]
(2)
المراد بقوله: مؤمنًا بغيره أنَّه يؤمِن بأنَّ ذلك الغير نبيٌّ ولم يؤمِن بما جاء به كأهل الكتاب فهذا لا يُقال له مؤمنٌ؛ فلم يَدْخُل في الجنس فيُحْتاجَ إلى إخراجه بفَصْلٍ، وإنَّما هو لبيان متعلَّق الإيمان، وإنْ كان المراد: مؤمنًا بما جاء به غيره من الأنبياء؛ فذلك مؤمِنٌ به إنْ كان لقاؤه بعد البَعثة، وإنْ كان قبلها فهو مؤمِنٌ بأنَّه سيُبْعث؛ فلا يَصِحُّ أيضًا أنْ يكون فصلًا لما ذكره في قوله: لكن
…
إلخ.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كما أشار إليه (ق)
(1)
، زاد (هـ)
(2)
قُلْت: ما ذكره [لم يظهر]
(3)
لنا، [ولكنَّا]
(4)
نختار الثاني.
[قوله]
(5)
: «فذلك مُؤْمِنٌ به
…
إلخ»:
ممنوع؛ لاحتمال ألَّا يكون بَلَغَه لا إجمالًا ولا تفصيلًا أنَّ نبيَّه أخْبَره بأنَّه مُكلَّفٌ باتباعه إنْ أدْرَكه صلى الله عليه وسلم، وبتقديره فقد لا يَثْبُت عنده بأول الملاقاة أنَّه هو؛ فلا يؤمِن به، وقد يموت قبل أنْ يتقرَّر عنده بعثَته ونبوته، وأمَّا مَنْ رآه قبل البعثة وهو مؤمن بغيره وبما جاء به وكان مؤمنًا بأنَّه عليه الصلاة والسلام سيُبْعَث فليس بمؤمِنٍ به شرعًا؛ لعَدَم موجِب صِدْقِه وثبوت نبوته حتى يحكم له بالصحبة، فيجب الاحتراز عنه؛ إذ هو مؤمن شرعًا بغيره، فقد وَرَدَ الشَّرع بالاعتداد بإيمان مَنْ لم يغيِّر ولم يُبَدِّل من الأمم المتأخرة عن أنبيائها (أ/150) الذين ماتوا قبل بعثته عليه الصلاة والسلام، كقُسِّ بن ساعدةَ الإيادي، وزيد بن عَمرو بن نُفَيلٍ، وبَحِيرَى الراهب، ووَرَقَة بن نَوفَلٍ على قول، وقيل: إنَّه لم يَمُتْ إلَّا بعد البعثة والإرسال، وعليه فهو صحابيٌّ، كخديجة رضي الله عنها.
(1)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 111 - 112).
(2)
قضاء الوطر (3/ 1309).
(3)
في قضاء الوطر [طالما ظهر].
(4)
في قضاء الوطر [وكنا].
(5)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «فيه نَظَرٌ» :
وجه النظر
(2)
: أنَّه لم يكن قبل البعثة مُتَّصِفٌ بالنُّبوَّة ظاهرًا، ولكنَّه مُتَّصِفٌ بها في عِلْم الله؛ فبالاعتبار الأوَّل لا يَصْدُق على مَن لَقِيَه قبل النُّبوَّة أنَّه لَقِيَ النبيَّ، وبالاعتبار الثاني يَصْدُق، وهذا مثل بَحِيرَى الراهب، وزيد بن عمرو بن نُفَيلٍ، لكنْ لا يخفى أنَّ الإيمان: التصديقُ بما عُلِم مجيءُ الرسول به ضرورةً، وحينئذ فلا يَنْطَبِقُ على ما ذُكِرَ أنَّه مؤمِنٌ، قاله (ج)
(3)
.
[قوله]
(4)
عُبَيد بالتصغير، «وابن خَطَلٍ» أي: وعبد الله بن خَطَلٍ. ودَخَلَ بالكاف: رَبيعَةُ بن أُمَيَّة بن خَلَفٍ؛ فإنَّه لَقِيَه مؤمِنًا به، ورَوَى عنه، واستمر إلى [خلافة]
(5)
عُمَر وارتَدَّ ومات على ذلك.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
بمعناه للبقاعي كما في قضاء الوطر (3/ 1310).
(3)
يراجع: حاشية الأجهوري على شرح نخبة الفكر (ص 392).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
(5)
في (هـ): [خلافه].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[قوله]
(1)
: «في حَيَاتِه» :
كعبد الله بن أبي سَرْحٍ؛ لأنَّه أسلَم ثُمَّ ارتَدَّ في حياته عليه الصلاة والسلام
(2)
[ولَقِيه مُسْلِمًا بعد مراجعته الإسلام في حَيَاته عليه السلام
(3)
.
وقوله: «أو بَعْدَهُ» :
عطف على «حَيَاته» أي: ورجع إلى الإسلام بعد موت النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وبهذا التقرير سقط ما يقال: الأولى «أم» بعدها؛ لمطابقة حَيَاته، وذلك [كجعدة]
(4)
بن هُبَيْرَة
(5)
، والأشعث بن قَيْس.
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): عليه السلام.
(3)
زيادة من (ب).
(4)
في مطبوع قضاء الوطر (3/ 1313)[قرة]، وهو خطأ.
(5)
قال ابن عبد البر: وخبر مالك أن الذي أجارته أم هانئ ولد هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم واحدا كان أو اثنين لأن في حديث أبي النضر ما يدل على أنه كان واحدا وفي حديث المقبري اثنين وهبيرة بن أبي وهب زوجها وولده حمو لها وقد قيل إن الذي أجارته يومئذ وأراد علي قتله الحرث بن هشام وعبد الله بن أبي هبيرة وكلاهما من بني مخزوم وقيل فيه غير ذلك وأما قول من قال إنه جعدة بن هبيرة أو أن أحدهما جعدة بن هبيرة فما أدري ما هو لأن جعدة بن هبيرة ابنها لا حموها ولم تكن تحتاج إلى إجارة ابنها ولا كانت مثل تلك المخاطبة تجري بينها وبين أخيها علي في ابنها والله أعلم ولم يذكر أهل النسب فيما علمت لهبيرة ابنا يكنى جعدة من غير أم هانئ ولا ذكروا له بنين من غير أم هانئ والله أعلم. التمهيد (21/ 189).
وَقَوْلي: «ولَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ» ، أَيْ: بَيْنَ لُقِيِّهِ لَهُ مُؤمِنًا بهِ، وَبينَ موتِهِ على الإِسْلَامِ؛ فإِنَّ اسمَ الصُّحبةِ بَاقٍ لهُ؛ سَواءٌ أَرجَعَ إِلى الإسلامِ في حياتِهِ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أَو بَعْدَه، وَ سواءٌ أَلَقِيَهُ ثانيًا أَمْ لا.
وقَوْلي: «فِي الأصحِّ» ؛ إِشارةٌ إِلى الخِلافِ في المسأَلَةِ.
ويَدلُّ على رُجْحانِ الأوَّلِ: قِصَّةُ الأشْعَثِ بنِ قيسٍ؛ فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنِ ارتَدَّ، وَأُتِيَ بِهِ إِلَى أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَسيرًا، فَعادَ إِلى الإسلامِ، فقَبِلَ منهُ ذَلكَ، وزَوَّجَهُ أُخْتَهُ، ولم يَتخلَّفْ أَحدٌ عنْ ذِكْرِهِ في الصَّحابةِ، ولا عَنْ تخريجِ أحاديثِهِ في المَسَانيدِ وغَيْرِها.
وقوله: «سواءٌ لَقِيَهُ ثانيًا أم لا» :
هذا على مذهب الشافعيِّ لا على مذهب مالكٍ كما هو معلوم.
[قوله]
(1)
: «إِشَارَةٌ إلى الخِلَاف في المَسْأَلَة» :
يعني مسألة الارتداد.
[قوله]
(2)
: «أُخْتُه» :
فاعل «زَوَّجَه» : أبي بكر رضي الله عنه، وإليه يعود ضمير «أُخْتِهِ» واسمها: أمُّ فَرْوَة. (هـ/175)
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
تَنْبيهَانِ:
أَحَدُهما: لَا خَفاءَ برُجْحانِ رُتْبةِ مَنْ لازَمَه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وَقاتَلَ مَعَهُ، أَو قُتِلَ تَحْتَ رايتِهِ، على مَن لم يُلازِمْهُ، أَو لم يَحْضُرْ مَعهُ مَشْهدًا، وعَلَى مَن كلَّمَهُ يَسيرًا، أَو مَاشَاهُ قَليلًا، أَوْ رَآهُ على بُعْدٍ، أَو في حَالِ الطُّفولَةِ، وإِن كَانَ شَرفُ الصُّحْبَةِ حَاصِلًا للجَميعِ.
وَمَنْ ليسَ لَهُ مِنهُمْ سَماعٌ منهُ، فحديثُهُ مُرْسَلٌ من حيثُ الرِّوايةُ.
وهُمْ معَ ذَلكَ مَعْدُودونَ في الصَّحابةِ؛ لما نَالوهُ مِن شرفِ الرُّؤيةِ.
و ثَانِيهما: يُعْرَفُ كونُهُ صَحابيًّا بالتَّواتُرِ، أَو الاستفاضَةِ، أَو الشُّهْرةِ، أَو بإِخبارِ بعضِ الصَّحابةِ، أَو بعضِ ثِقَاتِ التَّابِعينَ، أَو بإِخبارِهِ عَنْ نَفْسِهِ بأَنَّهُ صَحابيٌّ إِذا كانَ دَعْواهُ ذَلكَ تدخُلُ تحتَ الإِمكانِ!
وَقَد استَشْكَلَ هذا الأخيرَ جَماعَةٌ مِن حيثُ إِنَّ دَعْواهُ ذلك نظيرُ دَعْوى مَن قَالَ: أَنا عَدْلٌ!
ويَحْتاجُ إِلى تأَمُّلٍ!
[قوله]
(1)
: «مُرْسَلٌ مِنْ حيثُ الرِّوَايَةُ
(2)
»:
أي: لا مِنْ حيثُ عَدَمُ الاحتجاج به؛ لضَعْف احتمال روايته عن التابعين، وإنْ كان الاحتمال في رواية من له سماعٌ أضعفُ، قال المؤلِّف:«وهذا يُلْغَزُ به فيُقال: صحابيٌّ حديثه مُرْسَلٌ بالاتفاق» أي: لا يَطْرُقه الاحتمال الذي في مراسيل
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
في (هـ): [الرواة].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصحابة أنَّها مرفوعة حقيقة كما عليه الأكثر.
وقال (هـ)
(1)
: «قوله: «مرسَلٌ منْ حيثُ الروايةُ» وأمَّا مِنْ حيث الحجيَّةُ فهو حجَّة، ولو على قول من لا يَحْتَجُّ بالمرسَل؛ لأنَّ مرسَل الصحابيِّ حجَّةٌ، قال المؤلِّف:«وهو مَقْبولٌ بلا خِلاف» ، والفَرْق بينه وبين التابعيِّ حيث اخْتُلِف فيه مع اشتراكهما في احتمال الرواية عن التابعين: أنَّ احتمال رواية الصحابيِّ عن التابعيِّ بعيدةٌ، بخلاف احتمال رواية التابعيِّ عن التابعيِّ؛ فإنَّها ليست بعيدة، قال المؤلِّف:(ويلغز به فيقال حديث مرسل يحتج به بالاتفاق)» انتهى.
كما نقل (ق)
(2)
: وعبارة ابن الشحرور
(3)
قال المؤلِّف أبقاه الله: وهذا يلغز فيقال: صحابيٌّ حديثه مرسَل بالاتفاق، ولا يطرقه الاختلاف الذي في مراسيل الصحابة.
[قوله]
(4)
: «بالتَّواتُرِ» : كما في صُحبة الخلفاء الأربعة.
وقوله: «أو الشُّهْرَة» :
بعد قوله: «أو الاسْتِفاضَة» ؛ يُشْعِر بتغايرهما، وهو رأي بعضهم، قيل: وعليه؛ فالاستِفاضَة: دَوَرانُ الخبر على ألسنة جَمْعٍ كثير لم يَبْلُغ حدَّ التواتر، والشُّهرة: دوران الخبر على ألسنة ثلاثة أو أربعة فأكثر ما لم يَبْلُغ عددَ التواتر،
(1)
قضاء الوطر (3/ 1314).
(2)
حاشية ابن قطلوبغا على شرح نخبة الفكر (ص 112.)
(3)
لعله: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن محَاسِن الشَّمْس البعلي الْمُؤَدب. راجع: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، للسخاوي (9/ 4).
(4)
زيادة من: (أ) و (ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فمثال الأول: أبو سعيدٍ الخُدْرِيُّ، ومثال الثاني: عُكَّاشةُ بن مِحْصَنٍ، وضِمَام بن ثَعْلَبة، والراجح عندهم كما صرح به شيخ الإسلام الأنصاريُّ: أنَّهما سواء، وأنَّ الشُّهْرة تسمى: استفاضة، ومثَّلها بما مَرَّ ذكرهما.
[قوله]
(1)
: «أو بأَخْبار بعضِ الصَّحابةِ أو بعضِ ثِقَاتِ التَّابعينَ» :
أي: عن غيره، وصرح مع التابعين بقَيْدِ الثِّقَة دُونَ الصَّحَابة؛ لاختلاف الأصل في الفريقين كما لا يخفى، ولا فَرْق بين الإخبار الصريح الضِّمنيِّ أو، كـ: فلانٌ صحابيٌّ، أو كُنْتُ وهو عند النبيِّ عليه الصلاة والسلام وقد عُلِم تقدُّم إسلامه.
[قوله]
(2)
: «أو بإخْبَاره عن نَفْسِه بأنَّه صَحَابيٌّ» :
لا بُدَّ في قَبول هذا عند المحدِّثين من قيدين؛ أحدهما: ثبوت عدالته قبل
دعواه ذلك، وثانيهما أشار إليه بقوله:«إذا كان دَعْوَاه ذلك تَدْخُل تحت الإمْكان» ، وأولى منه قول العراقيِّ:«ولا بُدَّ مِنْ أنْ يكون ما ادعاه ممَّا يقتضيه الظاهر، أمَّا لو ادعى بعد مُضيِّ مئة سنة من حين وفاته عليه الصلاة والسلام فإنَّه لا يُقْبَل وإنْ ثَبَتَتْ عدالته قبل ذلك، كرَتَن الهنديِّ الدجَّال الكذاب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الخبر الصحيح: «أرأيْتَكم ليلتَكم هذه فإنَّه على رأس مئة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليومَ عليها أحدٌ»
(3)
(أ/151) قاله في سنة وفاته قبل
(1)
زيادة من: (أ) و (ب).
(2)
زيادة من: (أ) و (ب).
(3)
مسلم (2537).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
موته بشهر»، وقد اشترط الأصوليون في قَبُول ذلك زيادة على ما مَرَّ: معرفة معاصرته للنبيِّ عليه الصلاة والسلام.
تنبيه:
علَّلَ هذا الحكم بأنَّ عدالته تمنعه من الكذب في ذلك، وعلَّلَه بعضهم بأنَّ مقامه يمْنَعُه الكذب، والظاهر الثاني؛ إذ لمقام الصحبة من التَّحري ومجانَبة الهوى ما ليس لغيره، فكيف وقد انضم له عدالته ونزاهته، وما ذَكَرَه المؤلِّف من قَبُول دعوى الصحابيِّ الصُّحبة لنَفْسِه بالشَّرْط المذكور هو مذهب القاضي وطائفة، وهو الأصحُّ، واختاره ابن السُّبْكِيِّ
(1)
، وقيل: لا يُقْبَل قوله بذلك؛ لكونه مُتَّهَمًا بدعوى رُتْبَةٍ يثبتها لنفسه، وهذا معنى قوله: «وقد [اسْتَشْكَلَ]
(2)
هذا الأَخِيرَ جَمَاعَةٌ
…
إلخ». وقوله: «ويَحْتَاج» أي: الجواب عنه إلى تأمُّل، يُعْلَم
(3)
وجه التأمُّل ممَّا أشرنا إليه بقولنا: «والظاهر
…
إلخ»، مع (هـ/176) أنَّ الشَّهادة أضيق من الراوية؛ حيث يُغْتَفَرُ في الرواية ما لا يُغْتَفَرُ فيها؛ مِنْ رِقِّ الراوي وأنوثته.
وفي كتابة: قوله: «وقد اسْتَشْكَل
…
إلخ» لا يُقال بأنَّ الصحابة كلهم عدول لا يحتاج إلى البحث عن عدالتهم في رواية ولا شهادة بخلاف غيرهم؛ لأنَّا نقول: هذا فيمن ثَبَتَ اتصافه بالصحبة، وما هنا ليس كذلك.
(1)
الإبهاج في شرح المنهاج (2/ 331).
(2)
في (هـ): [أسكل]، وهو تصحيف.
(3)
في (هـ): [بعلم].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تنبيه
(1)
:
قال أبو زُرْعَة الرَّازِيُّ
(2)
: «قُبِضَ الرسول عن مئة ألف وأربعةٍ وعشرين ألف صحابيٍّ روى عنه أو سمع منه» .
وممَّن اعتَبَر رواية الجنِّ: المؤلِّف؛ حيث قال في «الإصابة»
(3)
: «ويَدْخُل في قولنا: مؤمنًا به كلُّ مُكَلَّفٍ من الإنس والجنِّ» ؛ فحينئذٍ يتعيَّن ذِكْرُ من حُفِظَ ذِكْرُه من الجنِّ الذين آمنوا بالشروط المذكورة، ثُمَّ يتردَّد النَّظر في دخول طريق ثُبُوتِ صُحْبَةِ الجنِّ في أيِّ هذه الطرق، ولا يَظْهَر أنَّه يَشْمَلُه إلَّا الأخير، وحينئذٍ يُنْظَرُ إشكال ثُبُوت الصُّحبة للجنِّ؛ لأنَّ الاطلاع على عدالتهم مُتَعَسِّرٌ أو مُتَعَذِّرٌ إلَّا بإخبارِ معصومٍ، أو كَشْفٍ من معاني الغيوب، وقد أخرج أبو نعيمٍ بسنده حديث:«المؤمن أخو المؤمن»
(4)
، ودليله لا يُحْفَظُ إلَّا من حديث جِنِّيٍّ قال عن نفسه: إنَّه بقية النَّفر الذين رأوا رسول الله، وأخرج ابن أبي الدنيا بسنده حديث:«يا معشر الركب: إني سمعت الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحِبَّ للمسلمين ما يحبُّ لنفسه، ويكره للمسلمين ما يكره لنفسه، فسيروا إلى أَكَمَة كذا تجدوا الماء عن يسارها»
(5)
عن جِنِّيٍّ.
وقال الطبراني: حدَّثنا عثمان بن صالح، حدَّثني عمرو الجنِّيُّ، قال: كنت عند
(1)
في (هـ): [تنبه].
(2)
أبو نعيم في المستخرج (3295).
(3)
الإصابة (1/ 158)
(4)
أبو نعيم في المستخرج (3295)
(5)
هواتف الجنان لابن أبي الدنيا (101).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النبيِّ عليه الصلاة والسلام: «فقرأ سورة النجم، فسجد وسجدت معه»
(1)
. وقال ابن عَدِيٍّ في الكامل: حدَّثنا عثمان بن صالح، قال: رأيت عمرو بن طَلق الجِنِّيَّ فقُلْت له: رأيتَ رسول الله؟ فقال: «نعم، وبايعته وأسلمت وصليت خلفه الصبح، فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين»
(2)
، قال الشارح في «الإصابة»
(3)
: عثمان بن صالح مات سنة تسع عشرة ومائتين، فإنْ كان الجنِّيُّ الذي حدَّثه بذلك صَدَقَ؛ فيُحْمَل الحديث الذي في الصحيح الدالُّ على أنَّ: رأس مئة سنة من العام الذي مات فيه [النبيُّ]
(4)
عليه الصلاة والسلام لا يَبْقَى على وجه الأرض أحدٌ ممن كان عليها حين المقالة المذكورة على الإنسان بخلاف الجِنِّ، قال الجلال: «وقوله -الحافظ ابن حجر- في حديث عثمان [بن صالح]
(5)
: «فإنْ كان الجنِّيُّ الذي حدَّثه بذلك صَدَقَ» يدلُّ على أنَّه يُتَوَقَّف في رواية الجنِّ؛ لأنَّ شرط الراوي: العدالة والضبط، وكذا مدعي الصُّحبة شرطه: العدالة، والجنُّ لا نَعْلَم عدالتهم، مع أنَّه وَرَدَ الإنذار بخروج الشياطين يحدِّثون النَّاس» انتهى، قاله (هـ)
(6)
مع اختصار.
(1)
الطبراني في الكبير (95).
(2)
الإصابة في تمييز الصحابة (4/ 504).
(3)
الإصابة في تمييز الصحابة (4/ 504).
(4)
زيادة من (ب).
(5)
زيادة من (ب): وعثمان بن صالح هو المصري، من أصحاب عبد الله بن وهب، ومن شيوخ البخاري، وهو من طبقة تبع أتباع التابعين. وسئل أبو زرعة الرازي عن بعض ما رواه عن عبد الله بن لهيعة، وفيه المنكر؟ فقال:«لم يكن عندي عثمان ممن يكذب، ولكنه كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ، أملى عليهم ما لم يسمعوا، فبلوا به» . وراجع: سؤالات البرذعي (2/ 417 - 418).
(6)
قضاء الوطر (3/ 1327).