المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الاستفتاحات الثابتة كلها سائغة - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٢

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌ الاستفتاحات الثابتة كلها سائغة

- ‌الاعتدال ركن في كل ركعة

- ‌ كراهة الجهر بالتشهدين

- ‌يدعو بعد كل مكتوبة، مخلصا في دعائه

- ‌تسن صلاته إلى سترة»

- ‌ يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب

- ‌باب سجود السهو

- ‌فصلفي الكلام على السجود للنقص

- ‌باب صلاة التطوعوأوقات النهي

- ‌ من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء

- ‌ يخير في دعاء القنوت بين فعله وتركه

- ‌التراويح) سنة مؤكدة

- ‌ سجود التلاوة

- ‌أوقات النهي

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌«من كان له إمام فقراءته له قراءة»

- ‌يحرم سبق الإمام عمدًا

- ‌يسن للإمام التخفيف مع الإتمام)

- ‌فصل في أحكام الإمامة

- ‌(الأولى بالإمامة

- ‌فصلفي أحكام الاقتداء

- ‌فصلفي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌فصلفي قصر المسافر الصلاة

- ‌ إباحة القصر لمن ضرب في الأرض

- ‌ القصر لا يحتاج إلى نية

- ‌فصل في الجمع

- ‌الجمع رخصة عارضة للحاجة

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌ طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه

- ‌لا يجوز الكلام والإمام يخطب)

- ‌ صلاة العيدين ركعتان

- ‌إذا سلم) من الصلاة (خطب خطبتين

- ‌تهنئة الناس بعضهم بعضا

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

الفصل: ‌ الاستفتاحات الثابتة كلها سائغة

(ولا إله غيرك) أي لا إله يستحق أن يعبد غيرك (1) كان عليه الصلاة والسلام يستفتح بذلك، رواه أحمد وغيره (2) .

(1) فإن الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد، وكونه يستحق أن يعبد هو بما اتصف به من الصفات، التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب المخضوع له غاية الخضوع.

(2)

قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم، قال أحمد: وأنا أذهب إليه، وفي صحيح مسلم أن عمر كان يجهر بهؤلاء الكلمات، يعلمهن الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة الأكابر، ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولها في الفريضة، ما فعل ذلك عمر، وأقره المسلمون، وروي عن أبي بكر وابن مسعود، قال المجد: واختيار هؤلاء وجهر عمر به يدل على أنه الأفضل، وأنه الذي كان يداوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم غالبا، وقال الضحاك والربيع وابن زيد في قوله تعالى:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} أي إلى الصلاة سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ولاشتماله على أفضل الكلام بعد كتاب الله، ولأنه أخلص في الثناء على الله، وغيره من الاستفتاحات وإن كانت أصح منه، فإنما هي متضمنة للدعاء، والثناء أفضل من الدعاء، وعامتها في قيام الليل، وقال أحمد: إنما هي عندي في التطوع، ولأنه إنشاء للثناء على الرب، متضمن للإخبار عن صفات كماله، ونعوت جلاله، وغير ذلك مما يرجع الأخذ به، ويجوز الاستفتاح بكل ما ورد، قال الشيخ:

‌ الاستفتاحات الثابتة كلها سائغة

باتفاق المسلمين، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يداوم على استفتاح واحد قطعا، والأفضل أن يأتي بالعبادات المتنوعة على وجوه متنوعة بكل نوع منها أحيانا، كالاستفتاحات ولأحمد رحمه الله أصل مستمر في جميع صفات العبادات قوليها وفعليها، يستحسن كل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من غير كراهة لشيء منه، ولا يستحب أن يجمع بينها بل هذا تارة، وهذا تارة، وصوبه في الإنصاف.

ص: 23

(ثم يستعيذ) ندبا (1) فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (2)(ثم يبسمل) ندبا فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم (3) .

(1) وهو سنة عند عامة السلف للآيات والأخبار، وأوجبة عطاء، والثوري، لقوله تعالى {فَاسْتَعِذْ} ولمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، ولأنها تدرأ شر الشيطان، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، واستحبه جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وحكى الإجماع عليه ابن جرير وغيره.

(2)

أي ألجأ إلى الله وأعتصم به من الشيطان الرجيم المطرود المبعد عن رحمة الله، لا يضرني في ديني ولا في دنياي، والشيطان اسم لكل متمرد عات من الجن والإنس من: شطن أي بعد لبعده من الخير، وقيل من شاط يشيط، إذا هلك واحترق، وإذا أطلق: إبليس، والرجيم بمعنى المرجوم، أي المطرود المبعد، وقيل: بمعنى راجم أي يرجم غيره بالإغواء، وتقدم نحوه، والتعوذ بهذا اللفظ مجمع عليه، لقوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} أي إذا أردت القراءة فإنك إذا استعذت بالله فقد أويت إلى ركنه الشديد، واعتصمت بحوله وقوته من عدوك الذي يريد أن يقطعك عن ربك، ويباعدك من قربه، فإن حقيقتها الهرب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه، فإنه يحول بين المرء وبين ما يريده من إقباله على صلاته، وإخلاصه فيها، حتى يذكره ما لم يكن يذكره من قبل، ومن لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم، واستعانة بالله، واعتراف له بالقدرة، وللعبد بالعجز عن مقاومة هذا العدو الذي يريده وهو لا يراه، بالذي يرى الشيطان، ولا يراه الشيطان، وكيفما تعوذ من الوارد فحسن، واختار الشيخ التعوذ أول كل قراءة.

(3)

إجماعا قبل الفاتحة، إلا ما روي عن مالك مع أنه وافق في السورة، حتى قيل بوجوبها، كما هو مذهب الشافعي، ورواية عن أحمد، فتأكد الندب.

ص: 24

وهي قرآن، آية منه، نزلت فصلا بين السور (1) غير براءة فيكره ابتداؤها بها (2) ويكون الاستفتاح والتعوذ بالبسملة (سرا)(3) ويخير في غير صلاة في الجهر بالبسملة (4)(وليست) البسملة (من الفاتحة)(5) .

(1) وقبل الفاتحة على الأصح، واحتج أحمد بأن الصحابة أجمعوا على هذا في المصحف، وهي بعض آية في النمل.

(2)

لأنها مع الأنفال كالسورة الواحدة، قرنت قصتها بقصتها، ولم يذكر بينهما بسملة باتفاق الناس، ولنزولها بالسيف.

(3)

أما الاستفتاح والتعوذ فسرا إجماعا، وليسا واجبين، ويسقطان بفوات محلهما، وكذا البسملة، وأما كون البسملة سرا، فلحديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون الصلاة بـ {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي الذي يسمع منهم لا يجهرون بالبسملة، فلا يسن الجهر بها قال الترمذي: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، قال الشيخ: ويستحب الجهر بها للتأليف، واختار أنه يجهر بها وبالتعوذ والفاتحة في الجنازة ونحوها تعليما للسنة، وذكر أن المداومة على الجهر بذلك بدعة مخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأحاديث المصرحة في الجهر بها كلها موضوعة، وذكر الطحاوي أن ترك الجهر بالبسملة في الصلاة تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، وذكر ابن القيم أن الجهر بها تفرد به نعيم من بين أصحاب أبي هريرة، وهم ثمان مائة ما بين صاحب وتابع.

(4)

قال القاضي وغيره: كالقراءة.

(5)

على الأصح، وجزم به غير واحد، وذكره القاضي إجماعا سابقا.

وقال الشيخ: البسملة آية من كتاب الله في أول كل سورة سوى براءة وليست

من السور على المنصوص عن أحمد، وهو أوسط الأقوال وأعدلها، وبه تجتمع الأدلة.

ص: 25

وتستحب عند فعل كل مهم (1)(ثم يقرأ الفاتحة) تامة بتشديداتها (2) وهي ركن في كل ركعة (3) وهي أفضل سورة (4) وآية الكرسي أعظم آية (5) وسميت فاتحة لأنه يفتتح بقراءتها الصلاة، وبكتابتها في المصاحف (6) .

(1) فتذكر في ابتداء جميع الأفعال، وعند دخول المنزل والخروج منه للبركة، وهي تطرد الشيطان، ومستحبة تبعا لا استقلالا.

قال أحمد: لا تكتب أمام الشعر ولا معه.

قال الشيخ: وتكتب أوائل الكتب، كما كتبها سليمان ونبينا عليهما السلام اهـ وتقدم ما تجب فيه وتسن وتكره وتحرم.

(2)

وجوبا مع القدرة على غير مأموم.

(3)

وفاقا لمالك والشافعي، لحديث أبي قتادة، كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الأخريين بأم الكتاب، ولقوله صلوا كما رأيتموني أصلي ولحديث «لا صلاة لمن يقرأ بفاتحة الكتاب» ، متفق عليها.

ولمسلم «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج» .

(4)

قاله الشيخ وغيره، لقوله عليه الصلاة والسلام أعظم سورة في القرآن {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وهي السبع المثاني والقرآن العظيم، الذي أوتيته رواه البخاري.

(5)

لقوله عليه الصلاة والسلام آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله رواه مسلم وغيره، وللترمذي وغيره إنها سيدة أي القرآن قال الشيخ: كما نطقت به النصوص.

(6)

وفاتحة الشيء أوله الذي يفتتح به، وتسمى الحمد والسبع المثاني، وأم

الكتاب وأم القرآن، لأن المقصود منه تقرير الإلهيات، والمعاد والنبوات، وإثبات القضاء والقدرة لله تعالى، والفاتحة مشتملة على ذلك، قال الحسن: أودع فيها معاني القرآن، كما أودع فيه معاني الكتب السابقة، وقاله ابن كثير وغيره: اشتملت على حمد الله والثناء عليه، وذكر المعاد وإرشاد العباد إلى سؤاله، والتضرع إليه، والتبرئ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده، وإلى سؤاله الهداية إلى الصراط المستقيم، والتثبيت عليه حتى يفضي بهم إلى جواز الصراط يوم القيامة المفضي إلى جنات النعيم، في جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وعلى الترغيب في الأعمال الصالحة، والتحذير من مسالك الباطل، لئلا يحشروا مع سالكيها، وهم المغضوب عليهم والضالون اهـ وجمعت معانيها في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ففيها سر الخلق، وأمر الدنيا والآخرة، ومن فاز بمعانيها فقد فاز من كماله بأوفر نصيب.

ص: 26

وفيها إحدى عشرة تشديدة (1) ويقرؤها مرتبة متوالية (2)(فإن قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين وطال) عرفا أعادها (3) .

(1) بغير خلاف، وهي في الله، ورب، والرحمن، والرحيم، والدين، وإياك، وإياك والصراط والذين، وفي الضالين اثنتان.

(2)

أي يجعل كل آية وكلمة في مرتبتها، على نظمها المعروف، ويتابع بينها، لأنه مناط الإعجاز، ولا يفصل بين شيء منها وما بعده بأكثر من سكتة التنفس أو التأمل.

(3)

أي قطع الفاتحة غير مأموم بذكر أو دعاء أو قرآن كثير لا لتنبيه، أو قطعها بسكوت غير مشروعين، أي الذكر والسكوت، وطال القطع بالذكر أو السكوت غير المشروعين عرفا، أعاد الفاتحة لقطعه موالاتها، قال الكسائي: الذكر باللسان بالكسر ضد الإنصات، وبالضم بالقلب ضد النسيان.

ص: 27

فإن كان مشروعا كسؤال الرحمة عند تلاوة آية رحمة (1) ، وكالسكوت لاستماع قراءة إمامه (2) وكسجود للتلاوة مع إمامه، لم يبطل ما مضى من قراءتها مطلقًا (3)(أو ترك منها تشديدة أو حرفا (4) أو ترتيبا لزم غير مأموم إعادتها) أي إعادة الفاتحة فيستأنفها إن تعمد (5) .

(1) والتعوذ عند آية عذاب لم يبطل ما مضى من قراءتها، لوروده ويأتي.

(2)

بعد شروعه في قراءة الفاتحة، لم يعد ما قرأ منها، لأنه سكوت مشروع، لقوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وقوله عليه الصلاة والسلام: وإذا قرأ فأنصتوا

(3)

أي طال أو لم يطل، تعمد القطع أو لا، لأنه ليس بإعراض، وإن كان سهوا عفي عنه، قال ابن تميم: أو سكت سكوتا كثيرا نسيانا، أو نوما، أو انتقل إلى غيرها فطال، بنى على ما قرأ منها.

(4)

أي من الفاتحة، وقد فات محله وبعد عنه، وبحيث يخل بالموالاة استأنفها فإن كان قريبا فأعاد الكلمة أجزأ، كمن نطق بالكلمة على غير الصواب، فيأتي بها على وجه الصواب، والحرف المشدد أقيم مقام حرفين، لا إن لينها لأنه لا يحيل المعنى.

(5)

أي يبتدئها إن تعمد ترك حرف أو تشديدة أوترتيب وهو جعل كل شيء في مرتبته، فإذا قدم بعضها على بعض لم يسم قارئا لها عرفا، ولا يعتد بما قرأ منها، ومفهومه أنه إذ لم يتعمد لم يستأنف، وفيه احتمال يجب تمييزه، وهو أنه إن كان من جهة قطع الموالاة لم يستأنف وبنى، وإن كان ترك تشديدة أو حرفا فعلى ما تقدم، وإن فاتت الموالاة استأنف، وإلا أعاد الكلمة، والمراد في ذلك الإمام والمنفرد، وأما المأموم فلا يلزمه ويأتي.

ص: 28

ويستحب أن يقرأها مرتلة (1) معربة (2) يقف عند كل آية، كقراءته عليه الصلاة والسلام (3) ويكره الإفراط في التشديد والمد (4) .

(1) لقوله {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً *} والترتيل التمهيل والترسل والتبيين في القرآن من غير بغي، قال أحمد: يعجبني من قراءة القرآن السهلة، وقال في قوله: زينوا القرآن بأصواتكم قال: يحسنه بصوته من غير تكلف، وقال الشيخ: هو التحسين والترنم بخشوع وحضور قلب وتفكر وتفهم، ينفذ اللفظ إلى الأسماع، والمعاني إلى القلوب، لا صرف الهمة إلى ما حجب به أكثر الناس بالوسوسة في خروج الحروف إلخ، ويأتي.

(2)

بتخفيف الراء، فلا يسكن الكاف من مالك، والنون من الذين ونحو ذلك محسنة مفصحة غير ملحون فيها، لقوله: زينوا أصواتكم بالقرآن، وقوله: ما أذن الله لشيء كما أذن لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن يجهر به، ما أذن أي استمع وفي لفظ حسن الترنم بالقرآن، وهي آكد.

(3)

وإن كانت متعلقة بما بعدها، فإن قراءته صلى الله عليه وسلم كانت مدا يقف عند كل آية ويمد بها صوته، قالت أم سلمة: كان يقطع قراءته آية آية، قال الشيخ: ووقوف القارئ على رءوس الآيات سنة، وإن كان الآية الثانية متعلقة بالأولى، تعلق الصفة بالموصوف، أو غير ذلك، والقراءة القليلة بتفكر أفضل من الكثيرة بلا تفكر، وهو المنصوص عن الصحابة صريحا.

(4)

الإفراط الإسراف ومجاوزة الحد، فيكره في التشديد، بحيث يزيد على حرف ساكن، وفي المد لأنه ربما جعل الحركات حرفا، ويمكن حروف المد واللين، ما لم يخرج إلى التمطيط والفرق بين الإفراط والتفريط أن الإفراط يستعمل في مجاوزة الحد من جانب الزيادة والكمال، والتفريط يستعمل في مجاوزة الحد من جانب النقصان والتقصير، فإذا فرغ قال: آمين إجماعا.

ص: 29

(ويجهر الكل) أي المنفرد والإمام والمأموم معًا (1)(بآمين في) الصلاة (الجهرية)(2) بعد سكتة لطيفة (3) ليعلم أنها ليست من القرآن، وإنما هي طابع الدعاء (4) .

(1) أي جميعا، وحكي وجوبه على المأموم، والجمهور أنه مسنون، وقال الشافعي: يجهر به الإمام، وفي المأموم قولان، وعن مالك بالعكس، ويقال: جهر بالقراءة وأجهر بها إذا أعلنها، و (معًا) تستعمل مفردة غير مضافة منونة، وتكون حالا وتستعمل للاثنين والجماعة.

(2)

المغرب والعشاء والفجر والجمعة والعيد والاستسقاء والكسوف، لحديث أبي هريرة إذا أمن الإمام فأمنوا يعني: إذا شرع في التأمين فأمنوا، أو إذا أراد التأمين ليتوافق تأمين المأموم والإمام معًا، فالجمهور على «المقارنة فإنه من وافق تأمنيه تأمين الملائكة غفر له» ، متفق عليه، يعني ممن يشهد تلك الصلاة منهم، قيل: في الزمان، وقيل: في الإجابة، وقيل: في الإخلاص وقوله: إذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا آمين، أي حتى يقع تأمينكم وتأمينه معا، ولحديث أبي وائل: كان يقول: آمين يمد بها صوته، رواه أحمد وغيره، وقال الحافظ وابن القيم وغيرهما: سنده صحيح، ولحديث أبي هريرة: حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج المسجد، صححه البيهقي والحاكم، قال الشافعي: ولم يزل أهل العلم عليه، ولأنه دعاء بالاستجابة فسن الجهر به لجمهور به، ويجهر بها غير مصل إن جهر بالقراءة، وآمين بفتح الهمزة مع المد، ويجوز القصر والإمالة وهي اسم فعل موضوع لاستجابة الدعاء مبينة على الفتح عند الدرج، وتسكن عند الوقوف، لأنه كالأصوات.

(3)

أي صغيرة ولطف الشيء صغر ودق، ضد ضخم.

(4)

أي ليست من الفاتحة إجماعًا، وإنما هي تأمين على الدعاء، وطابع بفتح

الباء، والكسر فيه لغة، أي ختم على الدعاء، كخاتم الكتاب الذي يصونه ويمنع من فساده، وإظهار ما فيه، فالمعنى أن الإتيان بالتأمين طابع يكون كالخاتم لهذا الدعاء.

ص: 30

ومعناه: اللهم استجب (1) ويحرم تشديد ميمها (2) فإن تركه إمام أو أسره، أتى به مأموم جهرا (3) ويلزم الجاهل تعلم الفاتحة (4) .

(1) أي لنا قاله الأكثر، أي اللهم استجب لنا ما سألناك من الهداية إلى الصراط المستقيم إلى آخره، وقال ابن عباس: معناه كذلك فليكن يعني الدعاء، وروي عنه مرفوعا قال: رب افعل.

(2)

لأن معناه قاصدين وتبطل به مطلقا.

(3)

أي فإن ترك التأمين إمام عمدا أو سهوا، أو أسره أتى به مأموم جهرا، ليذكر الناسي ولأن جهر المأموم سنة فلا يسقط بترك الإمام له، ولا يتوقف على تأمينه لعموم قوله: إذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا آمين، ويؤمن من لم يسمع قراءة الإمام، ولو كان مشغولا بقراءة الفاتحة، ولا تسقط الموالاة لأنه مأمور بها وقيل: لا يسن تأمين المأموم إلا أن سمع قراءة إمامه كالتأمين على الدعاء، ويؤيد القول الأول كونه معلوما، وقوله:«إذا أمن فأمنوا» لكل من سمعه من مصل وغيره، وفي شرح المحرر وغيره، لو ترك التأمين حتى اشتغل بغيره لم يعد إليه لأنه سنة فات محلها.

(4)

لأنها واجبة في الصلاة إن أمكنه كشرطها وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإن لم يفعل مع القدرة لم تصح صلاة إمام ومنفرد، وإن ضاق الوقت، أو عجز سقط الوجوب، ويحرم أن يترجم عنه بلغة أخرى، لقوله:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} وقوله: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ} قال أحمد وغيره: القرآن معجزة بنفسه، أي باللفظ والمعنى، إلا إذا احتاج إلى تفهيمه فيحسن قاله الشيخ وغيره، وقال:

أما القرآن فلا يقرأ بغير العربية سواء قدر عليها أو لم يقدر، عند الجمهور وهو الصواب الذي لا ريب فيه، ولا يدعى الله ويذكر بغير العربية، واللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون اهـ فإن عجز عن تعلمها لزمه قراءة قدرها من أي سورة شاء، فإن لم يعرف إلا آية كررها بقدر الفاتحة، فإن عجز لزمه قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولحديث إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وهلله وكبره، رواه أبو داود والترمذي، فإن لم يعرف شيئًا وقف بقدر الفاتحة وفاقا، وهل يلزم الحفظ عن ظهر قلب، أم تكفي قراءتها في المصحف؟ استظهر ابن نصر الله الثاني، وإنما يلزم التعلم المذكور إذا أراد أن يصلي إماما أو منفردا، وكذا قراءة الواجب من نحو صحيفة.

ص: 31

والذكر الواجب (1) ومن صلى وتلقف القراءة من غيره صحت (2)(ثم يقرأ بعدها) أي بعد الفاتحة (سورة) ندبا كاملة (3) .

(1) أي يلزم الجاهل تعلم الذكر الواجب في الصلاة كتسبيح ركوع وسجود وتشهد.

(2)

مع التوالي لإتيانه بفرضها، وتلقف الشيء تناوله بسرعة، ومنه: تلقفه من فيه: إذا حفظه والمعنى أخذها من لفظ غيره بسرعة، فإن لم يكن بسرعة بل مع تفريق طويل لم يعتد بها، وقال الشيخ: لو قال مع إمامه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} كره، وإن قاله وهو يسمع بطلت في وجه.

(3)

لحديث أبي قتادة وأبي برزة وغيرهما، ونقل نقلا متواترا، وأمر به معاذا، وليست واجبة فلو اقتصر على الفاتحة أجزأته الصلاة وفاقا، حكاه جمع، والسورة قيل من الإبانة والارتفاع، فكأن القارئ ينتقل بها من منزلة إلى منزلة، وقيل: لشرفها وارتفاعها، كسور البلد، وقيل: لكونها قطعة من القرآن، وجزءا منه، وقيل لتمامها وكمالها، أو من الجمع والإحاطة لآياتها.

ص: 32

فيستفتحها ببسم الله الرحمن الرحيم (1) وتجوز آية إلا أن أحمد استحب كونها طويلة كآية الدين والكرسي (2) ونص على جواز تفريق السورة في ركعتين، لفعله عليه الصلاة والسلام (3) ولا يعتد بالسورة قبل الفاتحة (4) ويكره الاقتصار على الفاتحة في الصلاة (5) .

(1) أي يستفتح السورة التي يقرؤها بعد الفاتحة بالبسملة كالفاتحة، وكذا خارج الصلاة إجماعا.

(2)

آية الدين قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} الآية، وآية الكرسي (اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) سميت بذلك لذكر الكرسي فيها فتجوز قراءة آية نحو هاتين الآيتين، لحديث: كان يقرأ في ركعتي الفجر بقوله: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ} وقوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآية، رواه مسلم وغيره، ولأنا تشبه بعض السور القصار، ولا يجوز آية لا تتعلق بحكم نحو {ثُمَّ نَظَرَ} و {مُدْهَامَّتَانِ} .

(3)

فإنه كان يقرأ السورة كاملة، وربما قرأ السورة في الركعتين، كما في حديث عائشة: أنه كان يقرأ البقرة في الركعتين، وثبتت قراءته الأعراف في ركعتين، والطور والمرسلات وغيرها، وكذا تكرار سورة في ركعتين، وجمع سورتين في ركعة، وكذا قراءة خواتيم السور، إلحاقا لها بالأوائل لأن كلاًّ منهما بعض سورة، وقال قتادة: كلٌّ كتابُ الله، ونص الشيء رفعه، فكأنه مرفوع إلى الإمام أحمد، يقال: نصصت الحديث إلى فلان، رفعته.

(4)

قاله القاضي عياض وغيره.

(5)

فرضًا كانت أو نفلا، لأنه خلاف السنة، ولا تفسد به الصلاة.

ص: 33

والقراءة بكل القرآن في فرض، لعدم نقله، وللإطالة (1)(و) تكون السورة (في) صلاة (الصبح من طوال المفصل) بكسر الطاء (2) وأوله (ق)(3) ولا يكره لعذر كمرض وسفر من قصاره (4) ولا يكره بطواله (5)(و) تكون السورة (في) صلاة (المغرب من قصاره)(6) .

(1) لا كله في الفرائض على ترتيب السور، وعلم منه أنه لا تكره بكله في نفل، كما نقل عن بعض السلف أنه كان يقرأ القرآن في ركعتين وفي ركعة.

(2)

لا غير ويقال: طياله جمع طويل وطويلة، وأما بضمها فالرجل الطويل وبفتحها المدة، والمفصل اسم مفعول من: فصلت الشيء جعلته فصولا متمايزة ومنه سمي حزب المفصل، لفصل بعضه عن بعض، أو لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة، أو لإحكامه، وقلة المنسوخ فيه، وهو الحزب السابع من القرآن.

(3)

أي أول المفصل سورة {ق} لما روى أبو داود عن أوس قال: سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاثًا وخمسًا، وسبعًا، وتسعًا، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل واحد، فمن (ق) إلى (عم) أوله، وأوساطه منها إلى (الضحى) والقصار إلى الآخر.

(4)

أي قصار المفصل، وكغلبة نعاس، ولزوم غريم، وخوف، لما روى أبو داود وغيره أنه قرأ بـ (إذا زلزلت) وبالمعوذتين، وإلا يكن عذر كره بقصاره في صلاة فجر نص عليه، لمخالفته السنة، وقصار بكسر القاف، جمع قصيرة، ككرام وكريمة.

(5)

بل يسن كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وهذه الكلمة مثبتة في بعض النسخ.

(6)

أي قصار المفصل في الغالب، لحديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة

قال: ما رأيت أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان، لإمام كان بالمدينة، قال سليمان. فصليت خلفه فكان يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف الأخريين، ويخفف العصر، ويقرأ في الأوليين من المغرب بقصار المفصل، ويقرأ في الأوليين من العشاء من وسط المفصل، ويقرأ في الغداة بطوال المفصل. رواه أحمد والترمذي وقال الحافظ إسناده صحيح.

ص: 34

ولا يكره بطواله (1)(و) تكون السورة (في الباقي) من الصلوات كالظهرين والعشاء (من أوساطه)(2) .

(1) أي طوال المفصل إن لم يكن عذرًا يقتضي التخفيف، بل يسن، لأنه ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قرأ في المغرب بالأعراف، وقرأ بالطور، وقرأ بالمرسلات فهديه أن لا يقتصر على قصاره، والمداومة عليه خلاف السنة، وهو فعل مروان، وأنكره عليه زيد بن ثابت، ولو كانت المواظبة على القراءة بقصار المفصل في المغرب محض السنة لما حسن من هذه الصحابي الجليل إنكارها، ولو كان الأمر كذلك، لما سكت مروان في مقام الإنكار عليه، والحق أن القراءة في المغرب بطوال المفصل، وقصاره، وسائر السور سنة، قال ابن عبد البر: روي أنه قال فيها بـ (المص) وبالصافات، والدخان، وسبح، والتين، وبالمرسلات، وكان يقرأ فيها بقصار المفصل، قال: وكلها آثار صحاح ومشهورة.

(2)

جمع وسط بتحريك السين، بين القصار والطوال، والوسط اسم لما بين طرفي الشيء، وتقدم أنه من (عم) إلى (الضحى) وفي صحيح مسلم من حديث جابر: كان يقرأ في الظهر بـ (والليل إذا يغشى) وفي العصر نحو ذلك، وفي الصبح أطول من ذلك، وقصة معاذ في العشاء «يكفيك أن تقرأ بـ {الشمس وضحاها} و (الضحى) (والليل إذا يغشى) و (سبح اسم ربك الأعلى) »

ولأبي داود عن جابر: يقرأ في الظهر والعصر بـ {والسَّمَاءِ ذَاتِ

الْبُرُوجِ} (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) وشبهها وإن قرأ على خلاف ذلك

في بعض الأوقات فحسن، كما ورد قال أبو سعيد: كانت صلاة الظهر

تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته ثم يأتي أهله فيتوضأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، مما يطيلها، رواه مسلم، وكان يقرأ فيها تارة بقدر {الم تنزيل} وتارة بـ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} و (سبح) ونحوهما والعصر على النصف من ذلك، والعشاء قرأ فيها بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} ووقت لمعاذ فيها ما تقدم وقال الشيخ: ويستحب إطالة الركعة الأولى من كل صلاة على الثانية، ويستحب أن يمد في الأوليين، ويحذف في الآخريين، لما رواه سعد بن أبي وقاص مرفوعا وعامة فقهاء الحديث على هذا اهـ فقوله: من أوساطه، فيه إجمال فليس على حد سواء، قال الشارح: وأكثر أهل العلم يرون أنه لا تسن الزيادة على فاتحة الكتاب في غير الأوليين من كل صلاة، قال ابن سيرين: لا أعلم أنهم يختلفون في أنه يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الآخريين بفاتحة الكتاب روي عن ابن مسعود وغيره، وهو قول مالك وأصحاب الرأي، وأحد قولي الشافعي، لحديث أبي قتادة: وفي الآخريين بأم الكتاب.

ص: 35

ويحرم تنكيس الكلمات (1) وتبطل به (2) ويكره تنكيس السور والآيات (3) .

(1) إجماعا للإخلال بنظمه.

(2)

وفاقًا، لأنه يصير بإخلال نظمه كلاما أجنبيًّا يبطل الصلاة عمده وسهوه.

(3)

أما السور فقيل يكره وذلك كأن يقرأ {أَلَمْ نَشْرَحْ} ثم بعدها {الضحى} في ركعة أو ركعتين، لماروي عن ابن مسعود فيمن يقرأ القرآن منكسا، قال: ذلك منكوس القلب، وعنه: لا يكره اختاره غير واحد لقراءته عليه الصلاة والسلام النساء قبل آل عمران، واحتج أحمد بأن النبي صلى الله عليه وسلم تعلمه على ذلك ولأن ترتيبها بالاجتهاد في قول جمهور العلماء، فيجوز قراءة هذه قبل هذه، وكذا في الكتابة، ولهذا تنوعت

مصاحف الصحابة، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان صار

هذا مما سنه الخلفاء الراشدون ودلت السنة على أن لهم سنة يجب

اتباعها وأما تنكيس الآيات فقال الشيخ وغيره: يحرم لأن الآيات قد وضعها صلى الله عليه وسلم ولما فيه من مخالفة النص، وتغيير المعنى، وقال: ترتيب الآيات واجب، لأن ترتيبها بالنص إجماعا، وفي الفروع، ودليل الكراهة فقط غير ظاهر، والاحتجاج بتعليمه فيه نظر، فإن كان للحاجة، لأن القرآن كان ينزل بحسب الوقائع.

ص: 36

ولا تكره ملازمة سورة، مع اعتقاد جواز غيرها (1)(ولا تصح) الصلاة (بقراءة خارجة عن مصحف عثمان) بن عفان رضي الله عنه (2) .

(1) ومع اعتقاد صحة الصلاة بغيرها، يعني بعد الفاتحة في الأوليين، لما في الصحيح أن رجلا من الأنصار كان يؤمهم فكان يقرأ قبل كل سورة {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ثم يقرأ سورة أخرى معها، وفي لفظ يختم بها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملك على لزوم هذه السورة، فقال: إني أحبها، فقال:«حبك إياها أدخلك الجنة» ، فإن لم يعتقد جواز غيرها، أو صحة الصلاة بغيرها حرم اعتقاده لفساده.

(2)

أي وتحرم، لعدم تواتره، ولا يثبت كونه قرآنا، وإن ثبتت فمنسوخة بالعرضة الآخرة، وهي قراءة زيد وغيره، وهي التي أمر الخلفاء بكتابتها، وإرسالها إلى الأمصار، وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة رضي الله عنهم، وعنه: يصح إذا صح سنده، لصلاة الصحابة بعضهم خلف بعض، اختاره ابن الجوزي والشيخ وغيرهما، وقال: هي أنصهما، وصوبه في تصحيح الفروع، قال الشيخ: وقول أئمة السلف وغيرهم، مصحف عثمان أحد الحروف السبعة، وتتعلق به الأحكام، فإن الذي عليه السلف أن كل قراءة، وافقت العربية أو أحد المصاحف العثمانية وصح إسنادها فهي قراءة صحيحة، لا يجوز ردها، بل هي من الأحرف السبعة، ولا نزاع أن الحروف السبعة التي أنزل عليها لا تتضمن تناقض

المعنى، والأحرف السبعة ليست هي قراءات السبعة، وإنما أرادوا جمع قراءات سبعة مشاهير، ليكون موافقا لعدد الحروف التي أنزل عليها، لا أنها الحروف السبعة أو أن هؤلاء لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم، وقال: لم يتنازع علماء المسلمين في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين، بل من ثبت عنده قراءة الأعمش أو يعقوب فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين، ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة، كثبوت هذه السبعة، يقرؤنه في الصلاة وخارجها، وذلك متفق عليه بين العلماء، وقال: يجوز أن يقرأ بعض القرآن بحرف أبي عمرو، وبعضه بحرف نافع، وسواء كان ذلك في ركعة أو ركعتين، وسواء كان خارج الصلاة أو داخلها، وقال: لا نعلم أحدا من المسلمين منع من القراءة الزائدة على السبع، ولكن من لم يكن عالماً، أو لم يثبت عنده ليس له أن يقرأ بما لا يعلم، ولا ينكر على من علم ما لا يعلمه اهـ.

وعثمان رضي الله عنه هو ثالث الخلفاء الراشدين، ذو النورين ابن عفان من بني عبد شمس بن عبد مناف، ولد في السادسة بعد الفيل، ومن أشهر فضائله جمع المصحف، ومن فضائله أنه أول من هاجر إلى الحبشة، وبايع عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجه رقية، ثم أم كلثوم، بويع بالخلافة سنة أربع وعشرين وقتل سنة خمس وثلاثين.

ص: 37

كقراءة ابن مسعود: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)(1) وتصح بما وافق مصحف عثمان وصح سنده (2) .

(1) يعني لعدم تواترها، قال الشيخ: وهو قول أكثر العلماء، وابن مسعود هو عبد الله بن مسعود بن غافل، بن حبيب بن قارب بن مخزوم الهذلي، أحد السابقين، صاحب نعلي النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه:«من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» مات رضي الله عنه بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين.

(2)

وفاقا، لأن الصحابة كانوا يصلون بقراءتهم في عصره عليه الصلاة والسلام وبعده كانت صلاتهم صحيحة بلا شك، والمذهب: تكره قراءة تخالف عرف البلد الذي يصلي فيه، وظاهره ولو كانت موافقة للمصحف العثماني.

ص: 38

وإن لم يكن من العشرة (1) وتتعلق به الأحكام (2) وإن كان في القراءة زيادة حرف فهي أولى، لأجل العشر حسنات (3)(ثم) بعد فراغه من قراءة السورة (يركع مكبرا)(4) .

(1) أو لم يكن في مصحف غيره من الصحابة، كسورة المعوذتين، وزيادة بعض الكلمات والعشرة هم قراء الإسلام المشهورون، أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ونافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم بالمدينة، وبمكة عبد الله بن كثير ومن الشام عبد الله بن عامر، ومن البصرة أبو عمرو، ويعقوب بن إسحاق، ومن الكوفة عاصم بن أبي النجود، وحمزة بن حبيب، وعلي بن حمزة الكسائي، وخلف بن هشام البزار، وكره أحمد قراءة حمزة والكسائي، والإدغام الكبير لأبي عمرو، واختار قراءة نافع ثم عاصم، وقال: قراءة ابن العلاء لغة قريش والفصحاء من الصحابة.

(2)

وتقدم أنه لا يجوز ردها.

(3)

يعني لمن قرأ حرفا من القرآن، والحرف بعشر حسنات، صححه الترمذي وقال صلى الله عليه وسلم:«لا أقول الم حرف ولكن، ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» قال الشيخ: المراد بالحرف الكلمة، والحرف يطلق على حروف الهجاء والمعاني والكلمة والجملة المفيدة.

(4)

أي: ثم بعد فراغه من القراءة يسن له أن يثبت قائما، ويسكت سكتة لطيفة حتى يرجع إليه نفسه، قبل أن يركع، ولا يصل قراءته بتكبير الركوع، لما ثبت في السنن وغيرها أنه صلى الله عليه وسلم كان يسكت سكتتين، إذا افتتح الصلاة، وإذا فرغ من القراءة كلها، قال أحمد: ولم يكن صلى الله عليه وسلم يصل قراءته بتكبير الركوع، ثم بعد ذلك يركع مكبرا، والركوع فرض بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} وهو في اللغة الإنحناء يقال: ركع الشيخ إذا انحنى من الكبر، ويأتي وأجمعوا على وجوب الركوع على القادر عليه.

ص: 39

لقول أبي هريرة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر إذا قام إلى الصلاة ثم يكبر حين يركع، متفق عليه (1) (رافعا يديه) مع ابتداء الركوع (2) لقول ابن عمر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعدما يرفع رأسه، متفق عليه (3)(ويضعهما) أي يديه (على ركبتيه (4) .

(1) ولحديث ابن مسعود: يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود، صححه الترمذي ونحوه في الصحيحين وغيرهما، وعليه عامة الصحابة والتابعين، ما عدا الرفع من الركوع، قال البغوي: اتفقت الأمة على هذه التكبيرات، وقال ابن عباس: في رجل كبر في الظهر اثنتين وعشرين تكبيرة، تلك صلاة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم رواه البخاري.

(2)

رفع يديه قول أكثر الصحابة، ومذهب مالك والشافعي وأهل الحديث للأخبار وكونه مع ابتداء الركوع تقدم.

(3)

أي: يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه إذا أراد أن يركع ثم يكبر، وتقدم أنه كالمتواتر الذي لا يتطرق إليه شك، وعمل به السلف وأنكروا على من تركه، والشاهد منه قوله، وإذا أراد أن يركع.

(4)

ندبًا إجماعًا، لما في الصحيح، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ولحديث أبي حميد وغيره، فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، صححه الترمذي وحديث أبي رافع، وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك رواه أبو داود وغيره

وقال عمر: الركب سنة لكم فخذوا بالركب، وأحاديث وضع اليدين على الركب في الركوع بلغت حد التواتر، وذلك ما لم يكن عذر، فإن كانتا عليلتين لا يمكنه وضعهما انحنى ولم يضعهما، وإن كانت إحداهما عليلة وضع الأخرى، والركبة موصل ما بين أسافل أطراف الفخذ وأعالي الساق، جمعها ركب.

ص: 40

مفرجتي الأصابع) استحبابا (1) ويكره التطبيق، بأن يجعل إحدى كفيه على الأخرى، ثم يحطهما بين ركبتيه إذا ركع (2) وهذا كان أول الإسلام ثم نسخ (3) ويكون المصلي (مستويا ظهره)(4) .

(1) لما في الصحيح: وفرج بين أصابعه، أي فرق بينهما، وركع أبو مسعود فجافى يديه ووضع يديه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود وغيره، وإسناده ثقات.

(2)

التطبيق هو الإلصاق بين باطني الكفين، وأصل الطبق الشيء على مقدار الشيء مطبقا له من جميع جوانبه، وطابق بين الشيئين جعلهما على حذو واحد وألزقهما.

(3)

إجماعا، قال مصعب بن سعد: صليت إلى جنب أبي، فطبقت كفي، ووضعتهما بين فخذي، فنهاني عن ذلك، وقال: كنا نفعل ذلك، فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب، رواه البخاري، وفيه عن عشرة من الصحابة، وقال الترمذي: التطبيق منسوخ عند أهل العلم، لا اختلاف بينهم، إلا ما روي عن ابن مسعود وبعض أصحابه، فلعله لم يبلغهم النهي.

(4)

حال ركوعه إجماعا، لحديث وابصة وغيره، وفي الصحيح، ثم هصر ظهره، يعني غير مقوس، وفي رواية له: ثم حني ظهره، وهو بمعناه.

ص: 41

ويجعل رأسه حياله، فلا يرفعه ولا يخفضه (1) روى ابن ماجه عن وابصة بن معبد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وإذا ركع سوى ظهره، حتى لو صب عليه الماء لاستقر (2) ويجافي مرفقيه عن جنبيه (3) والمجزئ الانحناء، بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه إن كان وسطا في الخلقة (4) .

(1) أي عن محاذاة ظهره، بل يجعله إزاء ظهره، وقبالته لما في الصحيحين: وإذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك.

(2)

أي ثبت وسكن على ظهره في قعر عظم الصلب، ويقع ذلك القعر عند استوائه، ولو كان مائلا إلى أحد الجوانب لخرج الماء من تلك الجانب، وسوى الشيء تسوية جعله سويا، وضعه مستويا، وفي السنن فإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك، ووابصة بن معبد هو ابن عقبة بن الحارث بن مالك الأسدي، وفد سنة تسع، وسكن الكوفة، ثم تحول إلى الرقة، ومات بها رضي الله عنه.

(3)

ندبا إجماعا لحديث أبي حميد ووتر يديه فجافاهما عن جنبيه صححه الترمذي، وحديث أبي سعيد: فجافى يديه عن جنبيه، ومعنى يجافي يباعد من الجفاء وهو البعد عن الشيء، يقال: جفاه إذا أبعد عنه، وأجفاه إذا أبعده، فمجافاة المرفقين عن الجنبين مباعدتهما.

(4)

لأن معتدل الخلق لا يسمى راكعا بدون ذلك، وقال المجد: ضابطه أن يكون انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى القيام المعتدل اهـ، وأجمعوا على مشروعية الانحناء حتى تبلغ كفاه ركبتيه، وقال الشيخ: الركوع في لغة العرب لا يكون إلا إذا سكن حين انحنائه وأما مجرد الخفض فلا يسمى ركوعا، ومن سماه ركوعا فقد غلط على اللغة، قال: وهذا مما لا سبيل إليه، ولا دليل عليه، وإذا حصل الشك لم يكن ممتثلا بالاتفاق، والوسط من كل شيء أعدله.

ص: 42

أو قدره من غيره (1) ومن قاعدة مقابلة وجهه ما وراء ركبتيه من الأرض أدنى مقابلة (2) وتتمتها الكمال (3)(ويقول) راكعا (سبحان ربي العظيم)(4) لأنه عليه الصلاة والسلام كان يقولها في ركوعه، رواه مسلم وغيره (5) .

(1) أي والمجزئ في الركوع قدر الانحناء من غير الوسط، كطويل اليدين أو قصيرهما بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه لو كان وسطا.

(2)

أي والمجزئ في الركوع من قاعد مقابلة وجهه ما أمام ركبتيه أقل مقابلة، لأنه ما دام قاعدا معتدلا لا ينظر ما قدام ركبتيه من الأرض، فإذا انحنى بحيث يرى ما قدام ركبتيه منها أجزأ ذلك في الركوع، وقوله: ما وراء، كقوله:{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} أي أمامهم، والأولى أن يقول: قدام ركبتيه، لأنه المعروف.

(3)

أي تتمة مقابلة ما قدام ركبتيه من الأرض الكمال في ركوع قاعد، ولو انحنى لتناول شيء، ولم يخطر بباله الركوع لم يجزئه عنه، لعدم النية، ولو أراد الركوع فسقط إلى الأرض قام فركع، ليحصل ركوعه عن قيام.

(4)

أي يقول حال ركوعه في فرض أو نفل: سبحان ربي العظيم، لحديث عقبة: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ *} قال: اجعلوها في ركوعكم رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.

(5)

فرواه الخمسة وصححه الترمذي من حديث حذيفة، أنه كان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم، فدل على مشروعية التسبيح في الركوع، وهو مفسر لحديث عقبة، وأجمعوا على سنيته وذهب أحمد وجمهور أهل الحديث إلى وجوبه للأمر به، وقال النووي وغيره: تسبيح الركوع والسجود وسؤال المغفرة والتكبيرات غير تكبيرة الإحرام كله سنة، ليس بواجب، فلو تركه لم يأثم وصلاته صحيحة، سواء تركه عمدا أو سهوا، لكن يكره تركه عمدا، وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد، وقال أبو حامد: هو قول العلماء عامة، لحديث المسيء والأحاديث الواردة في الأذكار محمولة على الاستحباب جمعا بين الأخبار.

ص: 43

والاقتصار عليها أفضل (1) والواجب مرة (2) وأدنى الكمال ثلاث (3) وأعلاه للإمام عشر (4) .

(1) أي من غير زيادة وبحمده وكرهه مالك، لقوله:«أما الركوع فعظموا فيه الرب» وعن أحمد: الأفضل وبحمده، واختاره المجد وغيره، ولا يعارض ما ذكر من إثبات الدعاء في الركوع، لأن التعظيم لا ينافي الدعاء، ولأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي، وربما قال: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت، وعليك توكلت، أنت ربي خشع قلبي وسمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب العالمين، سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، فيحمل على الجواز أو على الأولوية.

(2)

لأنه عليه الصلاة والسلام لم يذكر عددا، وإذا رفع واعتدل وذكر أنه لم يسبح لم يعد إلى الركوع.

(3)

يعني فأكثر وفاقا، وفي الإنصاف: بلا نزاع أعلمه في تسبيحي الركوع والسجود اهـ لقوله: إذا ركع أحدكم فليقل: سبحان ربي العظيم، ثلاث مرات وذلك أدناه، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وهو مرسل، فإن عوانا لم يدرك ابن مسعود، ولكنه من أهل بيته، قال الشيخ: فلهذا تمسك الفقهاء به لما له من الشواهد، وقال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم يستحبون أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات، والكمال التمام، وكمل من باب نصر تمت أجزاؤه وكملت محاسنه.

(4)

لما روي عن أنس أن عمر بن عبد العزيز، رحمه الله كان يصلي كصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحزروا ذلك بعشر.

ص: 44

قال أحمد: جاء عن الحسن، التسبيح التام سبع، والوسط خمس، وأدناه ثلاث (1)(ثم يرفع رأسه ويديه) لحديث ابن عمر السابق (2) .

(1) وقال بعض الأصحاب وغيرهم والشيخ: لا دليل على تقييد الكمال بعدد معلوم، بل ينبغي الاستكثار من التسبيح على مقدار تطويل الصلاة، لحديث البراء وغيره، من غير تقييد بعدد، والمنفرد يزيد في التسبيح ما أراد، وكلما زاد كان أولى، والأحاديث الصحيحة في تطويله عليه الصلاة والسلام ناطقة بذلك، وكذا الإمام ينبغي له الاستكثار إذا كان المأمومون يؤثرون ذلك، وقال القاضي والسامري وغيرهما في المنفرد، ما لا يخرجه إلى السهو، والإمام ما لا يشق على المأمومين، ورجح الشيخ وغيره في المنفرد بحسب صلاته إن أطال أطال، وإن قصر قصر لقوله: فكان قيامه فقعوده إلى قوله: قريبا من السواء، وهو ظاهر الدلالة.

(2)

المتفق عليه: وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، أي رفع يديه إلى حذو منكبيه، رافعا لهما مع رفع رأسه، فرضا كانت الصلاة أو نفلا، صلى قائما أو قاعدا، وعليه أكثر الأصحاب، واختاره وصححه غير واحد، وكذا المأموم لا تختلف الرواية في أنه يبتدئ الرفع عند رفع رأسه، لما تقدم من الأخبار، وقال ابن القيم، روي رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين صحابيا، واتفق على روايتهما العشرة، ولم يثبت عنه خلاف ذلك، وقال شيخ الإسلام، رفع الأيدي عند الركوع والرفع بمثل رفعهما عند الاستفتاح مشروع باتفاق المسلمين اهـ فرفع اليدين في مواضعه من تمام الصلاة، من رفع أتم الصلاة ممن لم يرفع، وأما وجوب رفع رأسه فبإجماع المسلمين، لهذا الخبر وغيره، وفي حديث المسيء ثم ارفع حتى تعتدل قائما، متفق عليه، ولغيره من الأحاديث قال الشارح وغيره، وإذا رفع رأسه وشك هل ركع أو لا؟ أو هل أتى بقدر الإجزاء أو لا؟ لزمه أن يعود فيركع، لأن الأصل عدم ما شك فيه، إلا أن يكون وسواسا فلا يلتفت إليه، وكذا حكم سائر الأركان.

ص: 45