المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ صلاة العيدين ركعتان - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٢

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌ الاستفتاحات الثابتة كلها سائغة

- ‌الاعتدال ركن في كل ركعة

- ‌ كراهة الجهر بالتشهدين

- ‌يدعو بعد كل مكتوبة، مخلصا في دعائه

- ‌تسن صلاته إلى سترة»

- ‌ يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب

- ‌باب سجود السهو

- ‌فصلفي الكلام على السجود للنقص

- ‌باب صلاة التطوعوأوقات النهي

- ‌ من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء

- ‌ يخير في دعاء القنوت بين فعله وتركه

- ‌التراويح) سنة مؤكدة

- ‌ سجود التلاوة

- ‌أوقات النهي

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌«من كان له إمام فقراءته له قراءة»

- ‌يحرم سبق الإمام عمدًا

- ‌يسن للإمام التخفيف مع الإتمام)

- ‌فصل في أحكام الإمامة

- ‌(الأولى بالإمامة

- ‌فصلفي أحكام الاقتداء

- ‌فصلفي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌فصلفي قصر المسافر الصلاة

- ‌ إباحة القصر لمن ضرب في الأرض

- ‌ القصر لا يحتاج إلى نية

- ‌فصل في الجمع

- ‌الجمع رخصة عارضة للحاجة

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌ طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه

- ‌لا يجوز الكلام والإمام يخطب)

- ‌ صلاة العيدين ركعتان

- ‌إذا سلم) من الصلاة (خطب خطبتين

- ‌تهنئة الناس بعضهم بعضا

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

الفصل: ‌ صلاة العيدين ركعتان

(ويصليها ركعتين قبل الخطبة)(1) لقول ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة، متفق عليه (2) فلو قدم الخطبة لم يعتد بها (3) .

(1) أجمع المسلمون على أن‌

‌ صلاة العيدين ركعتان

كغيرها، أركانًا وشروطًا ووجبات وسننًا ونقله الخلف عن السلف، وعلمه من ضروريات الدين، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين، لم يصل قبلها ولا بعدها، وقال عمر:«صلاة الفطر والأضحى ركعتان ركعتان، تمام غير قصر، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى» ، ورواه أحمد وغيره، وقال الشارح وغيره: بلا أذان ولا إقامة، لا نعلم فيه خلافًا يعتد به، لما روى مسلم عن جابر، صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد، غير مرة ولا مرتين، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة، وفي رواية: أن لا أذان للصلاة يوم الفطر، حين يخرج الإمام، ولا بعدما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء، ولهما عنه وابن عباس قالا:«لم يكن يؤذن يوم الفطر، ولا يوم الأضحى» قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم، أنه لا يؤذن لصلاة العيدين ولا لشيء من النوافل.

(2)

وقد استفاضت السنة بذلك، وعليه عامة أهل العلم، وقال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن صلاة العيدين قبل الخطبة، وقال الحافظ: الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه تقديم الصلاة، وعليه جماعة فقهاء الأمصار، وقد عده بعضهم إجماعًا، ولم يلتفت إلى خلاف بني أمية.

(3)

وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي، وقال المجد، هو قول أكثر العلماء وحكمة

التأخير هنا والله أعلم أن خطبة الجمعة شرط للصلاة، والشرط مقدم على المشروط بخلاف خطبة العيد، وأيضًا صلاة العيد فرض، وخطبتها سنة، والفرض أهم فلا يعتد بها قبل الصلاة وما نقل أن عثمان رضي الله عنه قدم الخطبة على الصلاة، أواخر خلافته، فقال الموفق وغيره: لا يصح.

ص: 504

(يكبر في الأولى بعد) تكبيرة (الإحرام والاستفتاح (1) وقبل التعوذ والقراءة ستًّا) زوائد (2)(وفي) الركعة (الثانية قبل القراءة خمسًا)(3) لما روى أحمد عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة، سبعًا في الأولى، وخمسا في الآخرة إسناده حسن (4) .

(1) تكبيرة الإحرام ركن، وفاقًا، لا تنعقد الصلاة بدونها، ثم يستفتح بعدها بما يستفتح به في الصلاة، لأن الاستفتاح لأول الصلاة.

(2)

أي على تكبيرة الإحرام، وفاقًا لمالك، ثم يتعوذ عقب التكبيرة السادسة لأن التعوذ للقراءة فيكون عندها، ولا يفصل بين التكبيرة والتعوذ بذكر، في كلا الركعتين، لأن الذكر إنما هو بين التكبيرتين كما يأتي، وليس بعد التكبيرة الأخيرة، سوى القراءة وكون التكبيرات الزوائد بعد الاستفتاح، وقبل التعوذ هو قول العلماء كافة إلا أبا حنيفة.

(3)

وفاقا لمالك، وعنه التكبيرات الزوائد سبع في الأولى، وخمس في الثانية وفاقا للشافعي، وحكاه الخطابي وغيره عن أكثر العلماء، من الصحابة والتابعين لحديث عمرو الآتي، وفيه سوى تكبيرة الصلاة، وعن جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله رواه أبو داود وغيره.

(4)

ورواه ابن ماجه، وصححه ابن المديني وغيره وفي رواية سبع في

الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما رواه أبو داود والدارقطني وصححه البخاري، وأحمد وقال: أنا أذهب إلى هذا، وللترمذي وحسنه عن كثير بن عبد الله، عن أبيه عن جده، في الأولى سبعًا، وفي الثانية خمسًا، وقال: هو أحسن شيء في هذا الباب، ولأبي داود عن عائشة نحوه، وقال البخاري: ليس في الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول: وقال شيخ الإسلام: صح عنه هذا وهذا ولم يصح عنه غير ذلك، وقال ابن عبد البر: روي عنه صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة حسان، أنه كبر سبعًا في الأولى، وخمسًا في الثانية، ولم يرو عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلافه، وهو أولى ما عمل به، وقال جابر مضت به السنة.

ص: 505

قال أحمد: اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير، وكله جائز (1) (يرفع يديه مع كل تكبيرة) (2) لقول وائل بن حجر: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع

(1) والمذهب هو الأشهر، فعن ابن عباس سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، ونحوه عن أبي هريرة وغيرهما، وعن عروة أن أبيًّا وزيدًا أمراه أن يكبر سبعًا وخمسًا، وهو مذهب الشافعي، وغيره من الأئمة، والفقهاء السبعة، وقال العراقي: هو قول أكثر أهل العلم، من الصحابة والتابعين والأئمة، وقال مالك، هو الأمر عندنا، وجاءت فيه الأحاديث المرفوعة، فهو سنة، قال الموفق: لا أعلم فيه خلافًا.

(2)

نص عليه، وهو مذهب جمهور العلماء، أبي حنيفة والشافعي، والأوزاعي وداود وابن المنذر وغيرهم، ورواية عن مالك، وروي عن عمر، وقياسًا على الصلاة قاله الشافعي وغيره، وروى الأثرم عن ابن عمر، أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة، في الجنازة وفي العيد، ولم يعرف له مخالف من الصحابة.

ص: 506

يديه مع التكبير، قال أحمد: فأرى أن يدخل فيه هذا كله (1) وعن عمر أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة، في الجنازة والعيد، وعن زيد كذلك رواهما الأثرم (2) .

(ويقول) بين كل تكبيرتين (الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً (3) وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا) (4) لقول عقبة بن عامر: سألت ابن مسعود

عما يقوله بعد تكبيرات العيد، قال: يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، رواه الأثرم وحرب واحتج به أحمد (5) .

(1) أي يدخل الرفع مع التكبير كله، لهذا الخبر وغيره، ووائل بن حجر هو ابن ربيعة بن وائل بن يعمر الحضرمي، كان أبوه من أقيال اليمن، ووفد هو على النبي صلى الله عليه وسلم وقال:«هذا سيد الأقيال» ، نزل الكوفة وعقبة وكان بقية أولاد الملوك بحضرموت.

(2)

ولأنه في حال القيام، فهي بمنزلة تكبيرة الاستفتاح.

(3)

وهذا من أبلغ الثناء على الله، والتقديس بما هو أهله، تعالى وتقدس، وبكرة عبارة عن أول النهار، وأصيلاً الوقت من بعد العصر إلى الغروب، وجمعه أصل وآصال وأصائل وأصلان.

(4)

هذا المذهب وفاقًا، للشافعي وغيره، أنه يستحب ذكر الله بين كل تكبيرتين.

(5)

وفيه: ثم يدعو ويكبر، وذكره ابن المنذر وغيره، ورواه البيهقي بإسناد

جيد عن ابن مسعود، قولاً وفعلاً، وقال حذيفة: صدق أبو عبد الرحمن، وقال شيخ الإسلام: يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بما شاء، روي نحو هذا العلماء عن عبد الله بن مسعود اهـ وجمهور العلماء يرون هذه التكبيرات متوالية متصلة، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، وعقبة ابن عامر هو ابن عبس بن عمرو الجهني، الصحابي المشهور، شهد الفتوح، وأمَّره معاوية على مصر، وتوفي في خلافته.

ص: 507

(وإن أحب قال غير ذلك) لأن الغرض الذكر بعد التكبير (1) وإذا شك في عدد، التكبير بنى على اليقين (2) وإذا نسي التكبير حتى قرأ سقط، لأنه سنة فات محلها (3) وإن أدرك الإمام راكعًا أحرم ثم ركع، ولا يشتغل بقضاء التكبير (4) .

(1) لا ذكر مخصوص، لعدم وروده، ولهذا نقل حرب أن الذكر غير موقت وقال شيخ الإسلام، بعد قوله يحمد الله إلخ وإن قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد اللهم اغفر لي وارحمني، كما جاء عن بعض السلف، كان حسنا، وكذا إن قال: الله أكبر كبيرًا، يعني ما تقدم، أو قال نحو ذلك، وليس في ذلك شيء موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه اهـ ولأنها تكبيرات حال القيام، فاستحب أن يتخللها ذكر، كتكبيرات الجنازة، وقال ابن القيم: كان يسكت بين كل تكبيرتين، سكتة يسيرة، ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات اهـ، ويضع يمينه على شماله بين كل تكبيرتين.

(2)

وهو الأقل، وتقدم أن البناء على غالب الظن، في غالب أمور الشرع.

(3)

وفاقًا، أشبه ما لو نسي الاستفتاح أو التعوذ، حتى شرع في القراءة وكذا إن نسي شيئًا منه، وكذا إن أدرك الإمام بعد التكبير الزائد، أو بعضه لم يأت به.

(4)

إجماعًا، كما أنه لا يشتغل بقراءة الفاتحة في الفريضة فهنا أولى.

ص: 508

وإن أدركه قائما بعد فراغه من التكبير لم يقضه (1) وكذا إن أدركه في أثنائه سقط ما فات (2)(ثم يقرأ جهرًا)(3) لقول ابن عمر: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء» رواه الدارقطني (4) .

(في الأولى بعد الفاتحة بسبح (5) وبالغاشية في الثانية) (6) لقول سمرة: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ « (سبح اسم ربك الأعلى) » و (هل أتاك حديث الغاشية) » رواه أحمد (7) .

(1) وفاقًا، لفوات محله.

(2)

وفاقًا لفوات محل ما فات منه.

(3)

فيهما إجماعًا، ونقله الخلف عن السلف، واستمر عمل المسلمين عليه، ويؤيده قولهم: كان يقرأ في الأولى بكذا، وفي الثانية بكذا، ولا ريب أنه يسن الجهر لذلك.

(4)

وسكت عليه شمس الحق، ويؤيده ما استفاض من غير وجه: كان يقرأ بـ (ق) وغيرها

(5)

لأن فيها حثًّا على الصدقة، والصلاة في قوله:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى *} وغير ذلك.

(6)

يعني بعد الفاتحة، للموالاة بين سبح وبينها، كما بين الجمعة والمنافقين وذكر الموفق وغيره أنه لا نزاع بين أهل العلم، في مشروعية قراءة الفاتحة، وسورة في كل ركعة، من صلاة العيد، قال ابن عبد البر والجمهور، بسبح وهل أتاك حديث الغاشية لتواتر الروايات بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(7)

ولابن ماجه من حديث ابن عباس والنعمان مثله وروي عن عمر وأنس

وغيرهما وهذا أشهر الروايات وعنه: الأولى بـ (ق) والثانية بـ (اقتربت) اختاره الآجري وغيره، لما في صحيح مسلم والسنن وغيرها، أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ (ق) و (اقتربت) لما اشتملتا عليه من الإخبار بابتداء الخلق والبعث والنشور، والمعاد، والقيام، والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب، والإخبار عن القرون الماضية، وإهلاك المكذبين، وتشبيه بروز الناس في العيد ببروزهم في البعث، وخروجهم من الأجداث، كأنهم جراد منتشر وغير ذلك من الحكم، وعنه لا توقيت، وفاقًا لأبي حنيفة ومالك، وقال شيخ الإسلام: مهما قرأ به جاز، كما تجوز القراءة في نحوها من الصلوات، لكن إن قرأ بـ (ق) و (اقتربت) أو نحو ذلك مما جاء في الأثر كان حسنًا، وكانت قراءته في المجامع الكبار بالسور المشتملة على التوحيد، والأمر والنهي، والمبدأ والمعاد، وقصص الأنبياء مع أممهم وما عامل الله به من كذبهم وكفر بهم وما حل بهم من الهلاك والشقاء، ومن آمن بهم وصدقهم، وما لهم من النجاة والعافية.

ص: 509