الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو بين يديه قريبا في ثلاثة أذرع فأقل من قدميه، إن لم تكن سترة (1) وخص الأسود بذلك لأنه شيطان (2) فقط أي: لا امرأة وحمار وشيطان وغيرها (3) .
(1) أي فتبطل لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل مؤخرة الرحل، فإن لم يكن فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود» ، ورواه مسلم وغيره، وللبخاري أنه صلى في الكعبة بينه وبين الجدار نحو من ثلاثة أذرع، وكلما دنا فهو أفضل، ولأنه أصون لصلاته، والذراع يذكر ويؤنث، وهو في اللغة من طرف المرفق إلى طرف الأصابع.
(2)
أي: الكلب الأسود شيطان في الكلاب، وشيطان كل شيء مارده.
(3)
كبغل وسنور، فلا تبطل بمروره قدامه، وقال الشيخ: مذهب أحمد أنه
يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب
الأسود البهيم، واختاره هو والمجد والشارح والناظم وغيرهم، قال الشيخ: والصواب أن مرور المرأة والكلب الأسود والحمار بين يدي المصلي دون سترة يقطع الصلاة، وقال ابن القيم: صح عنه صلى الله عليه وسلم من طرق أنه يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، فثبت ذلك عنه من رواية أبي ذر وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن مغفل، ومعارض هذه الأحاديث قسمان صحيح غير صريح، وصريح غير صحيح، فلا يترك لمعارض هذا شأنه اهـ.
وذهب مالك والشافعي، وحكاه النووي عن جمهور العلماء من السلف والخلف أنه لا يبطل الصلاة مرور شيء، ولم يأمر أحدا بإعادة صلاته من أجل ذلك، وتأولوا أن المراد نقص الصلاة بشغل القلب بهذه الأشياء، قالوا: وصح عن عمر: لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي، وأوردوا أحاديث وكلها ضعيفة كما قال ابن القيم، ولا تبطل بالوقوف قدامة، ولا الجلوس، كما لا تكره إلى بعير، وظهر رجل ونحوه، ذكره المجد واختاره الشيخ وغيره.
وسترة الإمام سترة للمأموم (1)(وله) أي للمصلي (التعوذ عند آية وعيد (2) والسؤال) أي سؤال الرحمة (عند آية رحمة)(3) .
(1) أي اتخاذ الإمام سترة كافٍ ومغنٍ عن اتخاذ المأموم سترة، بمعنى أنها لا تبطل من المأموم، وأن الغرض الذي تفيده سترة الإمام من عدم البطلان بمرور الكلب الأسود البهيم حاصل للمأموم أيضا، فلا يؤثر في بطلان صلاة المأموم إلا ما أثر في صلاة الإمام، لأن سترة الإمام سترة للمأموم حقيقة، بدليل أنه لا تبطل صلاة المأموم بمرور كلب أسود بينه وبين إمامه، ثم الظاهر كما أفاده عثمان أن سترة الإمام تقوم مقام سترة المأموم في الأمور الثلاثة التي تفيدها السترة، وهي: عدم البطلان بمرور الكلب الأسود، وعدم استحباب رد المصلي للمار، وعدم الإثم على المار بينه وبينه، وهو ظاهر الأخبار، فلا يطلب في حقهم اتخاذ سترة، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى سترة دون أصحابه، واتفقوا أنهم مصلون إلى سترة، فلا يضرهم مرور شيء بين أيديهم، ولحديث ابن عباس وعمرو بن شعيب وغيرهما والمراد بالمأموم من اقتدى به، سواء كان وراءه أو بجانبه أو قدامه حيث صحت لكن قال الناظم: لم أر أحدًا تعرض لجواز مرور الإنسان بين يدي المأمومين فيحتمل جوازه، واعتباره بسترة الإمام له حكمًا، لكن قال ابن عبد البر، لا خلاف بين العلماء أن المأموم لا يضره من مر بين يديه اهـ، ويحتمل اختصاص ذلك بعدم الإبطال، لما فيه من المشقة، ولمسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا «إنما الإمام جنة» ، قال القاضي: أي يمنع من نقص صلاة المأموم، لأنه يجوز المرور قدام المأمور.
(2)
أي للمصلي أن يستعيذ بالله عند قراءة أو سماع آية وعيد.
(3)
وله نحوهما كالتسبيح عند آية فيها تسبيح.
ولو في فرض (1) لما روى مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، إلى أن قال: إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ (2) قال أحمد: إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} في الصلاة وغيرها قال: سبحانك فبلى، في فرض ونفل (3) .
(1) لأنه دعاء بخير، فاستوى فيه الفرض والنفل، وهو مذهب جمهور العلماء من السلف ومن بعدهم، حكاه غير واحد.
(2)
وروى أحمد وأبو داود والنسائي نحوه من غير وجه، قال النووي: وفيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها، يعني فرضها ونفلها للأخبار.
(3)
ورواه أبو داود مرفوعا، قال الشيخ: ويقول في الصلاة كل ذكر ودعاء وجد سببه في الصلاة، وما فيه دعاء يحصل للتالي والمستمع، لما روى الحاكم وغيره عن أبي ذر مرفوعا «إن الله ختم سورة البقرة بآيتين هما صلاة وقرآن ودعاء» .
فصل (1)
(أركانها) أي أركان الصلاة أربعة عشر (2) جمع ركن وهو جانب الشيء الأقوى (3) وهو ما كان فيها (4) ولا يسقط عمدا ولا سهوا (5) .
(1) أي: هذا فصل نذكر فيها ما تنقسم إليه أفعال الصلاة وأقوالها، وأنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أركان، وهي ما لا يسقط عمدًا ولا سهوًا، وواجبات وهي ما تبطل بتركه عمدًا ويسقط سهوًا، ويسجد له، وسميت بذلك اصطلاحًا، والثالث سنن وهي ما لا تبطل به مطلقا، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة كاملة بجميع أركانها وواجباتها وسننها، وقال:«صلوا كما رأيتموني أصلي» ، ولم يأمرهم بسوى ما رأوا، وإنما يحتاج إلى هذا التفريق لتتبين الأركان والواجبات من غيرها، لأجل الإخلال، وما يجزئ سجود السهو عنه، وما لا يجزئ وقد تقدم ذكرها في مواضعها، وإنما مراده هنا حصرها وضبطها بالعدد.
(2)
بالاستقراء، وعدها في الإقناع والمنتهى والمقنع والوجيز وغيرها اثنى عشر، وأجمع العلماء على أن للصلاة أركانا، وهي الداخلة فيها، والمتفق عليه منها سبعة.
(3)
الذي لا يقوم ولا يتم إلا به، سميت بذلك تشبيها لها بأركان البيت الذي لا يقوم إلا بها، لأن الصلاة لا تتم إلا بها، فإن أركان الشيء أجزاؤه في الوجود التي لا يحصل إلا بحصولها، وهي داخلة في حقيقته.
(4)
احترازا عن الشروط، وفي الاصطلاح، عبارة عن جزء الماهية، وهي الصورة.
(5)
خرج بالعمد السنن، وبالسهو الواجبات، فمرادهم هنا وفي الحج ما يبطل العبادة عمده وسهوه، كما هو موضح.
وسماها بعضهم فروضًا، والخلف لفظي (1) (القيام) في فرض لقادر (2) لقوله تعالى:{وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} (3) وحده ما لم يصر راكعًا (4)(والتحريمة) أي تكبيرة الإحرام لحديث تحريمها التكبير (5)(و) قراءة (الفاتحة)(6) لحديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب» (7) .
(1) أي الخلاف بين من يقول إنها أركان، لفظي إذ المآل واحد.
(2)
أي: على القيام فيه، وهو الركن الأول، وخص بالفرض، لحديث عائشة مرفوعا، كان يصلي ليلا طويلا قاعدًا، رواه مسلم، ولغيره من الأحاديث، ولو وقف غير معذور على إحدى رجليه كره، وأجزأته في ظاهر كلام الأكثر.
(3)
وحديث عمران مرفوعا: «صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا» رواه البخاري، سوى خائف به، وعريان ولمداواة وقصر سقف، وخلف إمام الحي العاجز عن القيام بشرطه.
(4)
أي حد القيام أن لا يصير إلى الركوع المجزئ ولا يضر خفض رأسه على هيئة الإطراق، قال في الإقناع، والركن منه الانتصاب بقدر تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة في الركعة الأولى، وفيما بعدها بقدر قراءة الفاتحة، وما قام مقام القيام، وهو القعود ونحوه للعاجز والمتنفل، فهو ركن في حقه.
(5)
وتقدم ولما في الصحيح «ثم استقبل القبلة وكبر» ، وللجماعة «إذا قمت إلى الصلاة فكبر» ، ولأحمد «وإذا قال إمامكم، الله أكبر، فقولوا: الله أكبر» ، ولم ينقل أنه افتتح الصلاة بغير التكبير.
(6)
أي: ركن في كل ركعة في حق الإمام.
(7)
رواه إسماعيل الشالنجي، وهو في الصحيحين وغيرهما بدون لفظة «في
كل ركعة» وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرؤها في كل ركعة وأمر المسيء بذلك.
ويتحملها الإمام عن المأموم ويأتي (1)(والركوع) إجماعًا في كل ركعة (2)(والاعتدال عنه)(3) لأنه صلى الله عليه وسلم دوام على فعله (4) وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (5) ولو طوله لم تبطل كالجلوس بين السجدتين (6) .
(1) يعني: في باب صلاة الجماعة سواء كانت صحيحة صلاة الإمام أو لا، وهو ظاهر للخبر، ولا تأثير لبطلان صلاة الإمام في هذه الحالة، قال ابن القيم: فإن قيل كيف يتحمل الجنب القراءة عن المأموم؟ قيل لما كان معذورا بنسيانه حدثه نزل في حق المأموم منزلة الطاهر، فلا يعيد المأموم.
(2)
لقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} وحديث المسيء قال: «فإذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» ، رواه الجماعة، فدل على أن المسميات في هذا الحديث لا تسقط بحال، فإنها لو سقطت لسقطت عن الأعرابي الجاهل بها.
(3)
أي: عن الركوع، وهو الركن الخامس، وفاقا للشافعي.
(4)
نقله الخلف عن السلف، نقلاً متواترًا لا نزاع فيه، فدل على آكديته.
(5)
ولما تقدم من حديث المسيء وغيره، وأجمع المسلمون على وجوبه.
(6)
أي: لا تبطل الصلاة إذا طول الاعتدال ولو قرب قيامه، كما لا تبطل فيما إذا طول الجلوس، وكان أحمد يطيل الاعتدال والجلوس، لحديث البراء المتفق عليه وغيره.
ويدخل في الاعتدال الرفع (1) والمراد إلا ما بعد الركوع الأول والاعتدال عنه في صلاة الكسوف (2)(والسجود) إجماعًا (3)(على الأعضاء السبعة) لما تقدم (4)(والاعتدال عنه) أي: الرفع منه (5) ويغني عنه قوله (والجلوس بين السجدتين)(6) لقول عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قاعدًا، رواه مسلم (7)(والطمأنينة في) الأفعال (الكل) المذكورة لما سبق (8) .
(1) أي: هما ركن واحد، إذا الاعتدال يستلزم الرفع، وهكذا فعل أكثر الأصحاب وفرق في الفروع والمنتهى وغيرهما بينهما، فعدوا كلا منهما ركنًا، لتحقق الخلاف في كل منهما.
(2)
أي: ركوعًا ورفعًا منه بعد ركوع أول في كسوف في كل ركعة فالركوع الأول والرفع منه ركن وما بعده ليس بركن.
(3)
في كل ركعة مرتين لقوله تعالى: {وَاسْجُدُوا} ولحديث المسيء في صلاته وغيره.
(4)
أي: في صفة الصلاة من الأدلة على ركنيته.
(5)
ركن وهو السابع.
(6)
أي يغني عن ذكر الاعتدال قوله: والجلوس بين السجدتين، كما أغني عن ذكر الرفع من الركوع ذكر الاعتدال عنه، فتكون ثلاثة عشر ركنا.
(7)
ولحديث المسيء وغيره.
(8)
من أمره عليه الصلاة والسلام المسيء عند ذكر كل فعل منها بالطمأنينة، وقوله:«صل فإنك لم تصل» ، فتوقفت صحة صلاته عليه لدخوله فيه وقوله
«لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود» ولإخباره أن النقر من صفات المنافقين، وقد أخبر الله أنه لا يقبل عملهم، ففي صحيح مسلم أنه قال:«تلك صلاة المنافق ثلاثا» ، «يمهل حتى إذا كانت الشمس بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا» ، ورأى حذيفة رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده، فقال: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدًا صلى الله عليه وسلم رواه البخاري فهي ركن بلا نزاع، قال شيخ الإسلام، فمن ترك الطمأنينة فقد أخبر الله ورسوله أنه لم يصل، وقد أمر الله ورسوله بالإعادة اهـ وظاهره أنها ركن واحد في الكل.
وهي السكون وإن قل (1)(والتشهد الأخير وجلسته)(2) لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قعد أحدكم في صلاته فليقل: التحيات لله» الخبر متفق عليه (3) .
(1) أي: والطمأنينة وهي بضم الطاء، السكون بقدر الذكر الواجب قال الجوهري: اطمأن الرجل اطمئنانًا وطمأنينة سكن، وقال غير واحد، ضابطها أن يسكن وتستقر اعضاؤه، ولعل المصنف استغنى عن ذكر وجوب الطمأنينة بقدر الإتيان بالذكر الواجب، لأنه يعلم مما تقدم، وهو إنما عرفها بالمعنى اللغوي، لا بحسب الحكم الشرعي، وهو أن تكون بقدر الذكر الواجب ليتمكن من الإتيان به، وهذا متعين لا يجوز غيره، وحكاه الوزير وغيره عن أكثر العلماء.
(2)
أي: ركن من أركان الصلاة الأربعة عشر هذا المذهب وقول عمر وابنه وغيرهما.
(3)
ولحديث ابن مسعود: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد، الحديث وقول عمر: لا تجزئ صلاة إلا بتشهد، رواه سعيد وغيره، والجلوس له وهو من لازمه وثبت أنه صلى الله عليه وسلم واظب عليه ولم ينقل أنه أخل به مرة واحدة وقال:«صلوا كما رأيتموني أصلي» .
(والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه) أي في التشهد الأخير (1) لحديث كعب السابق (2)(والترتيب) بين الأركان (3) لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصليها مرتبة (4) وعلمها المسيء في صلاته مرتبة بثم (5)(والتسليم) لحديث وختامها التسليم (6) .
(1) بعده والركن منه «اللهم صل على محمد» لظاهر الآية وما بعده سنة.
(2)
وهو قوله: «قولوا اللهم صل على محمد» ، إلخ، وعنه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه سنة، وهو قول أكثر الفقهاء.
(3)
أي ترتيب الأركان على ما ذكر هنا، أو ما ذكر في الصلاة، فاللام فيه للعهد.
(4)
بلا خلاف وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» .
(5)
المقتضية للترتيب، ولأنها عبادة تبطل بالحدث، فكان الترتيب فيها ركنًا كغيرها، وقال المجد وغيره، الترتيب صفة معتبرة للأركان، لا تقوم إلا به، ولا يلزم من ذلك أن يكون ركنا زائدا، وقال في مجمع البحرين، لا تعد الطمأنينة لأنها صفة الركن، وهيئته ولعل الخلاف لفظي.
(6)
ولحديث «وانقضاؤها التسليم» ، ولقوله صلى الله عليه وسلم «وتحليلها التسليم» ، وقالت عائشة، كان يختم صلاته بالتسليم، وثبت ذلك من غير وجه، وعبارة الإقناع والمنتهى، والتسليمتان، ومذهب أحمد وغيره وجوب التسليمة الثانية، وتقدم ثبوتهما بالسنة، وقال أحمد: التسليمتان أصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنهما نطق مشروع في أحد طرفيها، فكان ركنا كالطرف الآخر.
وقال النووي وغيره: وجوب السلام هو مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم.
وقال أيضا: السلام للتحلل من الصلاة ركن من أركانها وفرض من فروضها لا تصح إلا به، هذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير الخلف
والسلف والأحاديث الصحيحة المشهور مصرحة بذلك وظاهر الفروع وغيره أن النفل كالفرض واختار جمع تجزئ واحدة في النفل، وفي الشرح، لا خلاف أنه يخرج من النفل بتسليمة واحدة.
(وواجباتها) أي الصلاة ثمانية (1)(التكبير غير التحريمة) فهي ركن كما تقدم (2) وغير تكبيرة المسبوق إذا أدرك إمامه راكعًا فسنة ويأتي (3)(والتسميع) أي قول الإمام والمنفرد في الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده (4)(والتحميد) أي قول: ربنا ولك الحمد، لإمام ومأموم ومنفرد، لفعله صلى الله عليه وسلم وقوله:«صلوا كما رأيتموني أصلي» (5) ومحل ما يؤتى به من ذلك للانتقال بين ابتداء وانتهاء (6) .
(1) وهذا هو القسم الثاني من أفعال الصلاة وأقوالها، وتقدم أنه ما تبطل بتركه عمدًا، ويسقط سهوًا، وكذا جهلاً ويجزئه السجود.
(2)
يعني في هذا الفصل، وكذا أول الباب لأنه عليه الصلاة والسلام كان يكبر كذلك ولحديث «إذا كبر فكبروا» وغير ذلك، فجميع تكبيرات الانتقالات واجب، سوى ما ذكر، واتفقت الأمة على مشروعيتها.
(3)
أي في باب صلاة الجماعة، وذلك للاجتزاء عنها بتكبيرة الإحرام.
(4)
لحديث «إذا قال الإمام» ، سمع الله لمن حمده: فقولوا ربنا ولك الحمد، مع ما تقدم.
(5)
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم فيجب لذلك.
(6)
أي محل ما يؤتى به من تكبير وتسميع لإمام ومنفرد، وتحميد للكل ونحو
ذلك للانتقال من فعل منها إلى آخر، بين ابتداء وانتهاء، لأنه مشروع له فاختص به، فإن كمله في جزء منه أجزأ لأنه لم يخرج به عن محله، قال في الإنصاف: بلا نزاع.
فلو شرع فيه قبله (1)، أو كملة بعده لم يجزئه (2) (وتسبيحتا الركوع والسجود) أي قول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى، في السجود (3) (وسؤال المغفرة) أي قول: رب اغفر لي. بين السجدتين (مرة مرة (4) ويسن) قول ذلك (ثلاثًا)(5) .
(1) أي شرع في المذكور قبل شروعه في الانتقال، بأن كبر لسجود قبل هويه إليه، أو سمع قبل رفعه من ركوع، ونحو ذلك لم يجزئه.
(2)
أي: كمله قبل انتهائه، وكان أتم تكبير الركوع فيه، لم يجزئه لأنه في غير محله، وكذا لو شرع في تسبيح ركوع أو سجود قبله أو كمله بعده، وكذا سؤال المغفرة، وكتكميله واجب قراءة راكعًا، وكتشهده قبل قعود للتشهد الأول أو الأخير، قال المجد: هذا قياس المذهب، والقول الثاني يجزئه لمشقة تكرره، ولأن التحرز منه يعسر، والسهو به يكثر، ومع البطلان به والسجود له مشقة، ومال إليه ابن رجب وغيره، وصححه في حواشي المقنع، وصوبه في تصحيح الفروع، واستظهره ابن تميم وغيره.
(3)
واجبان من واجبات الصلاة، وهما الرابع والخامس، وتقدمت الأدلة على ذلك.
(4)
للإمام والمأموم والمنفرد، لثبوته عنه عليه الصلاة والسلام وقوله:«صلوا كما رأيتموني أصلي» وعنه سنة وفاقًا.
(5)
وفاقًا. وقالوا: أدنى الكمال ثلاث كتسبيح ركوع وسجود، وتقدم.
(و) من الواجبات (التشهد الأول وجلسته)(1) للأمر به في حديث ابن عباس (2) ويسقط عمن قام إمامه سهوا لوجوب متابعته (3) والمجزئ منه: التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أو عبده ورسوله (4) وفي التشهد الأخير ذلك مع: اللهم صل على محمد، بعده (5) .
(1) وهما السابع والثامن.
(2)
ولفعله عليه الصلاة والسلام، ومداومته على ذلك، وقوله «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، ولأنه عليه الصلاة والسلام سجد لتركه، وهذا هو الأصل المعتمد عليه في سائر الواجبات، لسقوطها بالسهو، وانجبارها بالسجود، والمذهب وجوبه قياسا على التشهد وعنه سنة وفاقا، وقال ابن حامد: هو قول عامة الفقهاء.
(3)
إجماعا ولحديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه» .
(4)
فمن ترك حرفا من ذلك عمدا لم تصح صلاته للاتفاق عليه، في كل الأحاديث ونظره في الشرح والإقناع وشيخنا وغيرهم، وهو ظاهر لعدم وروده بهذا اللفظ.
(5)
أي والمجزئ في التشهد الأخير ما ذكره من لفظ التحيات، مع قول: اللهم صل على محمد: بعد التشهد، وهذا من المفردات ونظره الشارح وغيره أيضا، وقال: لا يجوز أن يسقط ما في بعض الأحاديث، إلا أن يأتي بما في غيره من الأحاديث قال في الإنصاف وغيره: وفيه وجه لا يجزئ من التشهد ما لم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن حامد: رأيت جماعة من أصحابنا يقولون: لو ترك حرفا منه أعاد.
(وما عدا الشرائط والأركان والواجبات المذكورة) مما تقدم في صفة الصلاة (سنة (1) فمن ترك شرطا لغير عذر) ولو سهوا بطلت صلاته (2) وإن كان لعذر، كمن عدم الماء والتراب أو السترة أو حبس بنجسة صحت صلاته كما تقدم (3)(غير النية فإنها لا تسقط بحال) لأن محلها القلب فلا عجز عنها (4)(أو تعمد) المصلي (ترك ركن أو واجب بطلت صلاته)(5) .
(1) سواء كان ما عدا ذلك قوليا أو فعليا أو هيئات، والصلاة لها مكملات سوى الأركان والفرائض، والمخل بها متطرق إلى الإخلال بهما، لحديث:«من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه» .
وقال بعض أهل العلم: الإخلال بالمندوب مطلقا يشبه الإخلال بالركن من أركان الواجب، لأنه قد صار ذلك المندوب بمجموعه واجبا في ذلك الواجب، ولذلك لو اقتصر المصلي على ما هو فرض في الصلاة كانت إلى اللعب أقرب.
(2)
لأن الشرط الشرعي هو ما يتوقف عليه صحة مشروطه، فمتى أخل به لغير عذر لم تنعقد صلاته، لفقد شرطها، ولو كان التارك للشرط ناسيا له، أو جاهلا به، لأنه صلى الله عليه وسلم نفى الصلاة مع الجهل، وأمره بالإعادة ولم يجعله عذرا، وإذا انتفى مع الجهل فمع العمد أولى.
(3)
في التيمم وستر العورة وغيرهما، وإنما أراد جمعها ملخصة في موضع واحد.
(4)
قال الشيخ: بل لو كلف العباد أن يعملوا عملا بغير نية كلفوا ما لا يطيقون، فإن كل أحد إذا أراد أن يعمل عملا لا بد أن ينويه، إذا علمه ضرورة، وإنما يتصور عدم النية إذا لم يعلم ما يريد.
(5)
كأن يسجد قبل ركوعه، أو يقوم قبل تشهده، لتلاعبه، ولا يجبر بسجود السهو كما يأتي والباطل والفاسد مترادفان لمسمى واحد، وهو ما لم يكن صحيحًا
قال الشيخ وغيره: بمعنى وجب القضاء، لا بمعنى أنه لا يثاب عليها شيئا في الآخرة، وقال في {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} الإبطال هو بطلان الثواب، ولا يسلم بطلان جميعه، بل قد يثاب على ما فعله فلا يكون مبطلا لعمله.
ولو تركه لشك في وجوبه (1) وإن ترك الركن سهوا فيأتي (2) وإن ترك الواجب سهوا أو جهلا سجد له وجوبا (3) وإن اعتقد الفرض سنة أو بالعكس لم يضره (4) كما لو اعتقد أن بعض أفعالها فرض، وبعضها نفل، وجهل الفرض من السنة، أو اعتقد الجميع فرضا (5) والخشوع فيها سنة (6) .
(1) بأن تردد أواجب أو لا؟ لم يسقط وجوبه، ولزمته الإعادة لأنه ترك ما يحرم تركه عمدا، ولم يسقط فرضه للشك في صحته، ولأنه لما تردد في وجوبه كان الواجب عليه فعله احتياطا للعبادة، بخلاف من ترك واجبا جاهلا حكمه بحيث لم يخطر بباله وجوبه فإن حكمه حكم تاركه سهوا.
(2)
أي في باب سجود السهو مفصلا، وفي بعض النسخ زيادة به فالمراد يأتي بالركن ولا ينجبر بسجود السهو وهو أولى لأنه فصل هنا بعض التفصيل.
(3)
لأنه ترك واجبا يحرم تركه، وتقدم الأصل في وجوب السجود له، ولا يمتنع أن يكون للعبادة واجب يجبر إذا تركه وإن كانت لا تصح إلا به كالحج.
(4)
أي ذلك الاعتقاد ومثله نحو وضوء.
(5)
صحت صلاته إجماعا قاله في المبدع، أو لم يعتقد شيئا، أو لم يعرف الشرط من الركن، وأدى الصلاة على وجهها، فهي صحيحة، اكتفاء بعلمه أن ذلك كله من الصلاة.
(6)
الخشوع في الصلاة سنة، ذكره الموفق والشيخ وغيرهما وقيل واجب
فيها أو في بعضها، قال الشيخ لقوله:{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ} وقوله {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} والخشوع الخضوع والإخبات، وهو معنى يقوم بالقلب يظهر منه سكون الأطراف وأساسه حضور القلب
بين يدي الرب جل وعلا، والثواب مشروط بحضوره، وحضوره فراغه عن غير ما هو ملابس له، وهو هنا العلم بالفعل والقول الصادرين عن المصلي كما تقدم.
ومن علم بطلان صلاته ومضى فيها أدب (1)(بخلاف الباقي) بعد الشروط والأركان والواجبات فلا تبطل صلاة من ترك سنة ولو عمدا (2) .
(وما عدا ذلك) أي أركان الصلاة وواجباتها (سنن أقوال)(3) كالاستفتاح والتعوذ (4) والبسملة (5) وآمين، والسورة (6) .
(1) تعزيرا لعصيانه وتلاعبه، فإنه يحرم المضي فيها مع المنافي، كما يحرم الدخول فيها مع وجود المبطل.
(2)
بخلاف الأركان والواجبات.
(3)
والسنن هي القسم الثالث من أقوال الصلاة وأفعالها، وحكي وهيئاتها وهي ما كان فيها، ولا تبطل بتركها، ولو عمدا، والسنن ضربان، الأول سنن الأقوال، ولا يجب السجود لها قولا واحدا، وعد منها عشر سنن وغيره أكثر ففي الإقناع سبع عشرة، وتأتي وعد منها الجهر والإخفات تبعا للمقنع ونوقش فيها وحكاه الوزير اتفاقا.
(4)
أي بالله من الشيطان الرجيم قبل القراءة في الأولى.
(5)
أي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، في أول الفاتحة وأول كل سورة.
(6)
أي قول آمين بعد الفاتحة، وعنه واجبة للأمر بها وقراءة سورة في فجر
وجمعة وعيد وتطوع، وأولتي مغرب ورباعية، وأما ثالثة مغرب وثالثة ورابعة ظهر وعصر وعشاء فبالفاتحة فقط، وتقدم، واتفق الأئمة على أنه لا يسن.
وملء السماء إلى آخره بعد التحميد (1) وما زاد على المرة في تسبيح الركوع والسجود وسؤال المغفرة (2) والتعوذ في التشهد الأخير (3) وقنوت الوتر (4)(و) سنن أفعال (5) كرفع اليدين في مواضعه (6) ووضع اليمين على الشمال تحت سرته (7) والنظر إلى موضع سجوده (8) .
(1) للإمام والمأموم والمنفرد.
(2)
يعني بين السجدتين.
(3)
أي قول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، إلى آخره والدعاء في التشهد الأخير، لحديث ثم ليتخير من الدعاء وقول: وبارك، إلى آخره بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله.
(4)
لما يأتي في بابه.
(5)
لا تبطل الصلاة بتركها بلا نزاع، وهي الضرب الثاني من السنن، وعدها في الكافي اثنتين وعشرين، وفي الإقناع نحو الأربعين، وتأتي وفي الهداية أن الهيئات خمس وعشرون، وفي المستوعب وغيره خمس وأربعون، وقالوا سميت هيئة لأنها صفة في غيرها فهي صور الأفعال وحالاتها.
(6)
وهي عند تكبيرة الإحرام، وعند الهوي إلى الركوع، وعند الرفع منه، وإذا قام من الركعتين.
(7)
أو على صدره بعد تكبيرة الإحرام، في سائر حالات القيام.
(8)
إلا لعذر، ومراقبة إمام، وكصلاة خوف، ونحوه، وتفريقه بين قدميه
يسيرا في قيامه، وقيل يكون بين قدميه قدر شبر في ركوعه وسجوده، ومراوحته بينهما، وهو مذهب مالك والشافعي، وابن المنذر وغيرهم.
ووضع اليدين على الركبتين في الركوع (1) والتجافي فيه وفي السجود (2) ومد الظهر معتدلا (3) وغير ذلك مما مر مفصلاً (4) .
(1) مفرجتي الأصابع.
(2)
أي مجافاة عضديه عن جنبيه في الركوع، ومجافاة بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه في السجود.
(3)
وجعل رأسه حياله، فلا يخفضه ولا يرفعه، واعتماده على ضبعيه وساعديه.
(4)
بأدلته في مواضعه، ومنه البداءة بوضع ركبتيه قبل يديه في سجوده وتمكين كل من جبهته وأنفه وكل بقية أعضاء السجود من الأرض في سجوده، والتفريق بين ركبتيه، وإقامة قدميه، وجعل بطون أصابعهما على الأرض مفرقة فيه، وفي الجلوس بين السجدتين وفي التشهد، ووضع يديه حذو منكبيه مبسوطة، وتوجيه أصابع يديه مضمومة نحو القبلة، ومباشرة المصلي بيديه وجبهته وعدمها بركبتيه، ورفع يديه أولا في القيام من سجوده، وقيامه في الركعة على صدور قدميه، معتمدا على ركبتيه، والافتراش في الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول والتورك في الثاني، ووضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع، مستقبلا بها القبلة بين السجدتين، وكذا في التشهدين، إلا أنه يقبض فيهما من اليمنى الخنصر والبنصر ويحلق إبهامها مع الوسطى، ويشير بسبابتها، والتفاته يمينا وشمالا في تسليمه، وتفضيل اليمين على الشمال في الالتفات ونية الخروج من الصلاة وتقدمت أدلة ذلك في مواضعها.
ومنه الجهر والإخفات والترتيل والإطالة والتقصير في مواضعها (1) و (لا يشرع) أي لا يجب ولا يسن (السجود لتركه) لعدم إمكان التحرز من تركه (2)(وإن سجد) لتركه سهوا (فلا بأس) أي فهو مباح (3) .
(1) أي ومن سنن الأفعال الجهر في مواضعه، بنحو تكبير وتسميع وقراءة في جهرية لإمام، والإخفات بنحو تشهد، وتسبيح ركوع وسجود، وسؤال مغفرة، وتحميد وقراءة في غير محل جهر، وكذا بنحو تكبير وتسليم، وتسميع لغير إمام، إلا المأموم لحاجة، ومنه ترتيل قراءة، وإطالة في الركعة الأولى، وتخفيف صلاة إمام والتقصير في الركعة الثانية، إلا في الوجه الثاني من صلاة الخوف، والضمير في مواضعها راجع إلى جميع المذكورات وهذا مجمع عليه في الجملة بنقل الخلف عن السلف، وإن كان قد يستغني بما ذكرنا، لسبقه في مواضعه، فمن حيث أنه لم يستغن بما ذكر لسبقه ذكرنا ما أهمله تنبيها عليه.
(2)
ولأن السجود زيادة في الصلاة، فلا يشرع إلا بتوقيف.
(3)
نصا لعموم حديث ثوبان وغيره.