المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ سجود التلاوة - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٢

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌ الاستفتاحات الثابتة كلها سائغة

- ‌الاعتدال ركن في كل ركعة

- ‌ كراهة الجهر بالتشهدين

- ‌يدعو بعد كل مكتوبة، مخلصا في دعائه

- ‌تسن صلاته إلى سترة»

- ‌ يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب

- ‌باب سجود السهو

- ‌فصلفي الكلام على السجود للنقص

- ‌باب صلاة التطوعوأوقات النهي

- ‌ من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء

- ‌ يخير في دعاء القنوت بين فعله وتركه

- ‌التراويح) سنة مؤكدة

- ‌ سجود التلاوة

- ‌أوقات النهي

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌«من كان له إمام فقراءته له قراءة»

- ‌يحرم سبق الإمام عمدًا

- ‌يسن للإمام التخفيف مع الإتمام)

- ‌فصل في أحكام الإمامة

- ‌(الأولى بالإمامة

- ‌فصلفي أحكام الاقتداء

- ‌فصلفي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌فصلفي قصر المسافر الصلاة

- ‌ إباحة القصر لمن ضرب في الأرض

- ‌ القصر لا يحتاج إلى نية

- ‌فصل في الجمع

- ‌الجمع رخصة عارضة للحاجة

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌ طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه

- ‌لا يجوز الكلام والإمام يخطب)

- ‌ صلاة العيدين ركعتان

- ‌إذا سلم) من الصلاة (خطب خطبتين

- ‌تهنئة الناس بعضهم بعضا

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

الفصل: ‌ سجود التلاوة

فيشترط له ما يشترط لصلاة النافلة، من ستر العورة، واستقبال القبلة، والنية وغير ذلك (1) ويسن‌

‌ سجود التلاوة

(للقارئ والمستمع)(2) .

(1) كطهارة بدنه ومصلاه، قال في المبدع: في قول أكثر أهل العلم، وقال في الفروع: وهما كنافلة فيما يعتبر لها وفاقا، واحتج الأصحاب بأنه صلاة فيدخل في العموم، وخالف شيخنا اهـ.

قال الشيخ: ولا يشرع فيه تحريم ولا تحليل، هذا هو السنة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعليها عامة السلف، وعلى هذا فليس هو بصلاة، فلا يشترط له شروط الصلاة، بل يجوز وإن كان على غير طهارة، كما كان ابن عمر يسجد على غير طهارة، واختاره البخاري، لكن السجود بشروط الصلاة أفضل، ولا ينبغي أن يخل بذلك إلا لعذر فالسجود بلا طهارة خير من الإخلال به، وقال ابن جرير: ليس بركعة ولا ركعتين، فيجوز بلا وضوء، وللجنب والحائض، وإلى غير القبلة كسائر الذكر، ولم يأت بإيجابه لغير الصلاة قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قياس.

وقال ابن القيم: القول الثاني لا يشترط وهو قول كثير من السلف، حكاه ابن بطال، وقالوا: ليس باشتراط الطهارة له كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح اهـ، وكذا قال غير واحد، ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئا، وليس بصلاة من كل وجه، وأحاديث الوضوء مختصة بالصلاة وكان يسجد مع النبي صلى الله عليه وسلم من حضره، ولم ينقل أنه أمر أحدا منهم بالوضوء، وليس فيها أيضا ما يدل على طهارة المصلي، وأما ستر العورة والاستقبال مع الإمكان فقيل: إنه معتبر اتفاقا.

(2)

له جميع آية السجدة، والمستمع هو الذي يقصد الاستماع للقراءة في الصلاة أو غيرها بلا نزاع، وأجمع العلماء على مشروعيته وقال النووي أجمع العلماء

على إثبات سجود التلاوة، وهو عند الجمهور سنة، وعند أبي حنيفة واجب، قال ابن القيم: ومواضع السجدات أخبار وأوامر، خبر من الله عن سجود مخلوقاته له عموما أو خصوصا، فسن للتالي والسامع أن يتشبه بهم عند تلاوة آية السجدة أو سماعها وآيات الأوامر بطريق الأولى، وعن أبي هريرة مرفوعا:«إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» رواه مسلم وابن ماجه وفي الحديث «ما من عبد يسجد سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها سيئة» .

ص: 233

لقول ابن عمر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة، فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا موضعا لجبهته متفق عليه (1) وقال عمر: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء، رواه البخاري (2) .

(1) وفيه: دلالة على مشروعية سجود المستمع، قال ابن بطال: أجمعوا على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد.

(2)

وفيه أنه قرأ على المنبر سورة النحل، فنزل وسجد وسجدوا معه، وقرأ بها جمعة أخرى، وقال: أيها الناس إنا لم نؤمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، وقرئ على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم ولم يسجد، متفق عليه، قال الحافظ: وأولى الاحتمالات أنه لبيان الجواز، وعن أحمد أن السجود على القارئ والمستمع واجب في الصلاة وغيرها، وفاقا لأبي حنيفة واختاره الشيخ وغيره، وقال: وهو مذهب طائفة من العلماء اهـ، وقول من أوجبه قوي في الدليل، وقال غير واحد: خبر عمر في هذا الموطن العظيم، والمجمع العميم، دليل ظاهر في إجماعهم على أنه ليس بواجب، ولأن الأصل عدم الوجوب حتى يثبت دليل صحيح صريح في الأمر به.

ص: 234

ويسجد في طواف مع قصر فصل (1) ويتيمم محدث بشرطه (2) ويسجد مع قصره (3) وإذا نسي سجدة لم يعد الآية لأجله (4) ولا يسجد لهذا السهو (5) ويكرر السجود بتكرار التلاوة (6) كركعتي الطواف (7) قال في الفروع: وكذا يتوجه في تحية المسجد، إن تكرر دخوله اهـ، ومراده غير قيم المسجد (8) .

(1) أي بين القراءة والسجود، والاستماع والسجود، فإن طال الفصل كأن توضأ لم يسجد لفوات محله.

(2)

وهو تعذر الماء لعدم أو ضرر.

(3)

أي الفصل بين السجود وسببه، بخلاف ما لو توضأ لطول الفصل.

(4)

لفوات محله.

(5)

لئلا يلزم تفضيل الفرع على الأصل.

(6)

لأنها سببه فتكرر بتكرارها ويحتمل أن يقال: إن أعادها لحاجة كتكرير الحفظ أو الاعتبار أو لاستنباط حكم منها، أو لفهم معناها، ونحو ذلك لم يكرر السجود، وإن سمع سجدتين معا سجد سجدتين لوجود المقتضى والقاعدة: تكفي واحدة، وخرج ابن رجب الاكتفاء بواحدة، كما خرج الأصحاب الاكتفاء بسجدة الصلاة عن سجدة التلاوة بل هنا أولى.

(7)

فإنها تتكرر بتكرره.

(8)

قال في تصحيح الفروع: وتشبه أيضا إجابة المؤذن ثانيًا وثالثا، إذا سمعه مرة بعد أخرى، وكان مشروعا، فإن صاحب القواعد الأصولية قاله تبعا للمصنف وظاهر كلام الأصحاب، يستحب ذلك، واختاره الشيخ تقي الدين، وأما قيم المسجد فلا يكررها.

ص: 235

(دون السامع) الذي لم يقصد الاستماع (1) لما روي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه مر بقارئ يقرأ سجدة، ليسجد معه عثمان، فلم يسجد، وقال: إنما السجدة على من استمع (2) ولأنه لا يشارك القارئ في الأجر، فلم يشاركه في السجود (3)(وإن لم يسجد القارئ)(4) أو كان لا يصلح إماما للمستمع (لم يسجد)(5) لأنه صلى الله عليه وسلم أتى إلى نفر من أصحابه، فقرأ رجل منهم سجدة، ثم نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«إنك كنت إمامنا، ولو سجدت سجدنا» رواه الشافعي في مسنده مرسلا (6) .

(1) أي لا يسن السجود للسامع الذي لم يقصد الاستماع نص عليه، وفاقا لمالك والشافعي.

(2)

رواه البخاري، وله نحوه عن عمران بن حصين، وللبيهقي نحوه عن ابن عباس، وقال ابن مسعود وعمر: إنا ما جلسنا لها، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، رضي الله عنهم.

(3)

وقيل: يسن إلا أنه دون تأكدها للمستمع وفاقا لأبي حنيفة والشافعي، لأنه صح أنه كان يقرأ في غير صلاة ومسجد، ويسجدون معه، حتى ما يجد بعضهم موضعا لجبهته ولقوله: وسجد من كان معه.

(4)

لم يسجد المستمع، وقيل: يسجد غير مصل، قدمه في الوسيلة، وفاقا للشافعي، وهو رواية عن مالك.

(5)

يعني المستمع، وقيل: يسجد وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي

(6)

ورواه ابن أبي شيبة وغيره، وعلقه البخاري، وقال: قال ابن مسعود لتميم بن حذلم: اسجد فإنك إمامنا.

ص: 236

ولا يسجد المستمع قدام القارئ (1) ولا عن يساره مع خلو يمينه (2) ولا رجل لتلاوة امرأة (3) ويسجد لتلاوة أمي وصبي (4)(وهو) أي سجود التلاوة (أربع عشرة سجدة)(5) .

(1) وهو الصحيح من المذهب وقيل يسجد قدامه.

(2)

ومثله خلو خلفه، وقيل: يسجد عن يساره، فإنهما ليسا شرطا، ولأن القراءة والقيام ليسا من فروضه، قال في الإنصاف، بلا خلاف، ولا يسجد قبل القارئ، لكن يجوز رفعه قبله في غير الصلاة، صوبه في الإنصاف، لأنه ليس إماما له حقيقة، بل بمنزلة الإمام.

(3)

وكذا خنثى لأن القارئ لا يصلح أن يكون إماما له في هذه الأحوال، وقيل: بلى، واستظهره في التنقيح، كسجوده لتلاوة أمي وزمن، لأن ذلك ليس بواجب عليه، ولا يشترط فيه كل حالة تشترط في الإمامة.

(4)

أي يسجد مستمع من رجل وامرأة وخنثى، لتلاوة أمي وزمن ومميز وفاقا، لأن قراءة الفاتحة والقيام ليسا ركنا في السجود، ولصحة إمامتهم في النفل، وانظر ما هنا مع قوله قبله: أو كان لا يصلح إلخ إلا أن يقال هنا بمثله.

(5)

أي وعدد سجدات التلاوة أربع عشرة وكلها مجمع عليها، ما عدا ثانية الحج، والمفصل، وقال الحافظ أجمعوا على أنه يسجد في عشرة مواضع وهي متوالية إلا ثانية (الحج) و (ص) عن عمرو بن العاص قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان، رواه أبو داود والحاكم وسنده حسن والمفصل ثابت في الصحيح، وهو مذهب جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

ص: 237

في الأعراف والرعد والنحل والإسراء ومريم (1) و (في الحج منها اثنتان)(2) والفرقان والنمل والم تنزيل (3) وحم السجدة (4) والنجم، والانشقاق، واقرأ باسم ربك (5) .

(1) في آخر الأعراف سجدة، وفي الرعد عند قوله:{بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} وفي النحل عند {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وفي الإسراء: {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} وفي مريم {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} .

(2)

عند قوله: {إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} والثانية: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} لخبر عقبة في الحج سجدتان؟ قال: «نعم، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وفيه ابن لهيعة، واحتج به أحمد، وتقدم حديث عمرو، وروى الحاكم وغيره عن عمر وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى أنهم سجدوهما في الحج.

(3)

السجدة، ففي الفرقان عند قوله:{وَزَادَهُمْ نُفُورًا} وفي النمل {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} والم عند قوله: {وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} .

(4)

أي حم التي فيها السجدة عند {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} وفاقا لأبي حنيفة والشافعي، وقيل عند:{تَعْبُدُونَ} وفاقا لمالك وعنه يخير.

(5)

في آخر النجم، وفي الانشقاق عند قوله:{لا يَسْجُدُونَ} وفي آخر {اقْرَأْ} ففي النجم سجد صلى الله عليه وسلم وسجد معه المسلمون والمشركون، رواه البخاري وسجد في الانشقاق، واقرأ رواه مسلم، وفيهما عن أبي هريرة أنه سجد خلف النبي صلى الله عليه وسلم في:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} قال الطحاوي: تواترت الآثار عنه صلى الله عليه وسلم بالسجود في المفصل، وأحاديث أبي هريرة متأخرة على خبر ابن عباس.

ص: 238

وسجدة ص سجدة شكر (1) ولا يجزئ ركوع، ولا سجود الصلاة عن سجدة التلاوة (2)(و) إذا أراد السجود فإنه (يكبر) تكبيرتين، تكبيرة (إذا سجد)(3) .

(1) وليست من عزائم السجود، وفاقا للشافعي، لما في الصحيح عن ابن عباس قال: ص ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها، أي ليست مما ورد فيها أمر ولا تحريض ولا حث، وإنما ورد بصيغة الإخبار وللنسائي: سجدها داود توبة، ونسجدها شكرا، فينبغي أن يسجدها خارج الصلاة لا فيها، فإن فعل عالما بطلت على الصحيح من المذهب وقيل: لا تبطل بها صلاة وفاقا للشافعي، لأنها تتعلق بالتلاوة، فهي كسائر سجدات التلاوة ويعضده ما رواه أبو داود بسند صحيح، أنه خطب فمر بالسجدة فتهيئوا فقال:«إنما هي توبة نبي ولكن قد استعددتم للسجود» ، فنزل وسجد، وعنه: سجدة تلاوة، وفاقا لأبي حنيفة ومالك قال في الفروع، وهو الأظهر لأن سببها من الصلاة، والسجود فيها عند قوله: وأناب وفاقا، فإن قيل: ما وجه تخصيص داود مع وقوع نظيره لآدم وأيوب وغيرهما؟ قيل: لإنه لم يحك عن غيره أنه لقي مما ارتكبه من الخوف والبكاء حتى نبت العشب من دموعه، والقلق المزعج ما لقيه، فجوزي دوام الشكر من العالم إلى يوم القيامة.

(2)

وفاقا لمالك والشافعي، وجمهور السلف والخلف، لأن الركوع ليس فيه من الخضوع ما في السجود وهو ما استمر عمل النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده عليه وتقدم أن الأصحاب خرجوا الاكتفاء بسجدة الصلاة عن سجدة التلاوة، فالله أعلم، وفي المغني والشرح: إذا كانت آخر السورة سجد ثم قام فقرأ شيئا ثم ركع، وإن أحب قام ثم ركع من غير قراءة.

(3)

وفاقا: لحديث ابن عمر: كان عليه الصلاة والسلام يقرأ علينا القرآن

فإذا مر بالسجدة كبر وسجد، وسجدنا معه، رواه أبو داود، ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، كما يقول في سجود صلب الصلاة، وإن زاد غيرها مما ورد فحسن، ومنه: سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته اللهم اكتب لي بها أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعله لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، فالأول رواه الخمسة وصححه الترمذي، والثاني رواه الترمذي وغيره، ونحوه: لمسلم لكن في الصلاة، والتكبيرة الأولى والسجود ركنان، وتسبيح السجود واجب.

ص: 239

(و) تكبيرة (إذا رفع) سواء كان في الصلاة أو خارجها (1)(ويجلس) إن لم يكن في الصلاة (2)(ويسلم) وجوبا، وتجزئ واحدة (3)(ولا يتشهد) كصلاة الجنازة (4) ويرفع يديه إذا سجد ندبا ولو في صلاة (5) .

(1) وقال ابن القيم: لم يذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر للرفع من هذا السجود ولذلك لم يذكره الخرقي، ومتقدموا الأصحاب.

(2)

قال في الإقناع: ولعل جلوسه ندب، تبعا للفروع والمبدع.

(3)

تقدم أنه لم ينقل فيها سلام، وهو المنصوص عن الشافعي، ولا تقاس على الصلاة من كل وجه، قال الشيخ، ولا يشرع فيه تحريم ولا تحليل، هذا هو السنة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعليها عامة السلف، قال أحمد: أما التسليم فلا أدري ما هو، قال ابن القيم: وهذا هو الصواب الذي لا ينبغي غيره، ولا نقل فيه تشهد ولا سلام ولا جلوس ألبتة.

(4)

وفاقا، وعليه الجمهور من السلف والخلف.

(5)

أي ويرفع يديه إذا سجد وفاقا، ولو كان في الصلاة ندبا، ولو إشارة إلى خلاف أبي حنيفة ومالك، وقال الشارح وغيره: قياس المذهب لا يرفعهما

لقول ابن عمر: وكان لا يفعل ذلك في السجود، وقال ابن نصر الله هذا أصح وهو المتعين صرح به الشارح وابن القيم لعموم: ولا يفعل ذلك في السجود.

ص: 240

وسجود عن قيام أفضل (1)(ويكره للإمام قراءة) آية (سجدة في صلاة سرو) كره (سجوده) أي سجود الإمام للتلاوة (فيها) أي في صلاة سرية كالظهر (2) لأنه إذا قرأها إما أن يسجد لها أو لا (3) فإن لم يسجد لها كان تاركا للسنة (4) .

(1) تشبيها له بصلاة النفل، قال الشيخ: بل سجود التلاوة قائما أفضل منه قاعدا، كما ذكره من ذكره من العلماء، من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما وكما نقل عن عائشة رضي الله عنها، بل وكذلك سجود الشكر، كما روي أبو داود في سننه، عن النبي صلى الله عليه وسلم من سجوده للشكر قائما، وهذا ظاهر في الاعتبار، فإن صلاة القائم أفضل من صلاة القاعد اهـ ولقوله:{يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا *} وقوله: {خَرُّوا سُجَّدًا} والخرور لا يكون إلا من علو، قال الشيخ: ومن نهى عنه خشية الرياء فنهيه مردود عليه، وإفساده في ترك إظهار المشروع أعظم من الإفساد في إظهار رياء، ولأن الإنكار إنما يقع على الفساد في إظهار ذلك رئاء الناس، وعلى ما أنكرته الشريعة وتسويغ مثل هذا النهي يفضي إلى أن أهل الفساد ينكرون على أهل الدين، إذا رأوا من يظهر أمرا مشروعًا.

(2)

وروى أحمد وأبو داود وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في الظهر، فقيل: لا يكره، قال ابن تميم، اختاره الشيخ، ولفظه: واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم أولى ونص عليه أحمد وغيره.

(3)

أي يسجد لتلاوته السجدة، أو لا يسجد، ولا بد من أحد الحالتين.

(4)

المجمع عليها في الجملة.

ص: 241

وإن سجد لها أوجب الإبهام والتخليط على المأموم (1)(ويلزم المأموم متابعته في غيرها) أي: غير الصلاة السرية (2) ولو مع ما يمنع السماع كبعد وطرش (3) ويخير في السرية (4) .

(ويستحب) في غير الصلاة (سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم) مطلقًا (5) .

(1) فكان ترك السبب المفضي إلى ذلك أولى «والإبهام» بالموحدة مصدر، أُبْهِمَ الأمر اشتبه فلم يدر كيف يؤتى له، وبالمثناة مصدر أوهم وأوهمه إيهامه أوقعه في الوهم، «والتخليط» مصدر، خلط الشيء بغيره أدخل أجزاءه بعضها في بعض وتقدم.

(2)

أي يلزم المأموم متابعة إمامه إذا سجد سجود التلاوة في غير الصلاة السرية وفاقًا لحديث «إنما جعل الإمام ليؤتم به» .

(3)

لأنه محل الإنصات في الجملة.

(4)

أي يخير المأموم في متابعة الإمام في الصلاة السرية أو عدم المتابعة وقيل: يلزمه متابعة الإمام وفاقًا لأبي حنيفة، ورواية عن مالك، وقال عليه الصلاة والسلام «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» ، وكصلاة جهر، قال في الفروع: في الأصح، ويكره اختصار آيات السجود اتفاقا، وكره حذفها حتى لا يسجد لها لأن كلا منهما لم ينقل عن السلف، بل نقلت كراهته.

(5)

أي سواء كانت خاصة أو عامة، دينية أو دنيوية، ظاهرة أو باطنة كتجدد ولد، أو مال أو جاه أو نصرة على عدو، أو غير ذلك من سائر النعم، أو اندفاع النقم، ونعمة الله على العبد ما أعطاه له مما لا يتمنى غيره أن يعطيه إياه، وفي الكليات: النعمة -في أصل وضعها- الحالة التي يستلذها الإنسان، والنقم كعنب جمع نقمة، اسم من الانتقام وهي المكافأة بالعقوبة، وظاهره لا يسجد لدوامها لأنه لا ينقطع، فلو شرع له السجود لاستغراق به عمره، وشكرها بالعبادات والطاعات والمتجددة شرع سجود الشكر لشكر الله عليها، وخضوعًا له وذلاًّ في مقابلة فرحة النعمة، وانبساط النفس لها، وقال الحجاوي: له مفهومان أحدهما صحيح، وهو أنه سواء كان في أمر الناس أو أمر يخصه، والآخر أنه سواء كان ظاهرا أو باطنا فإن النعم غير الظاهرة كثيرة في كل وقت، من صرف البلايا والآفات والتمتع بالصحة، والسمع والبصر، وغير ذلك فلا يسجد له.

ص: 242

لما روى أبو بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجدًا، رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم (1)(وتبطل به) أي بسجود الشكر (صلاة غير جاهل وناس)(2) .

(1) وحسنه الترمذي، وقال: العمل عليه عند أكثر العلماء، وسجد عليه الصلاة والسلام حين قال له جبرئيل، يقول الله تعالى «من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه» ، رواه أحمد، وسجد حين شفع في أمته فأجيب رواه أبو داود، وسجد حين جاءه كتاب من اليمن بإسلام همدان، رواه البيهقي وسجد الصديق حين جاءه قتل مسيلمة وعلي حين رأى ذا الثدية، وكعب حين بشر بتوبة الله عليه، وغيرهم وقد تواتر فعله صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه بعده وقال ابن القيم: لو لم تأت النصوص بالسجود عند تجدد النعم، لكان هو محض القياس، ومقتضى عبودية الرغبة، كما أن السجود عند الآيات مقتضى عبودية الرهبة.

(2)

وفاقًا، كما لو زاد فيها سجودًا، وأما الجاهل والناسي فيسجد له، كما تقدم فيمن زاد فعلا من جنس الصلاة.

ص: 243