الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ف
إذا سلم) من الصلاة (خطب خطبتين
كخطبتي الجمعة) في أحكامها حتى في الكلام (1) .
(1) يعني حال الخطبة من أنه يحرم، كما يحرم في الجمعة، إلا للإمام أو من يكلمه نص عليه، وصححه في تصحيح الفروع وغيره، قال النووي: المعتمد فيه القياس على الجمعة، وقال الزركشي: السنة أن يخطب خطبتين، يجلس بينهما، لما روى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: السنة أن يخطب الإمام في العيدين
خطبتين، يفصل بينهما بجلوس، رواه الشافعي، ولابن ماجه عن جابر، خطب قائما ثم قعد قعدة، ثم قام، وفي الصحيح وغيره: بدأ بالصلاة ثم قام متوكئًا
على بلال فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، الحديث ولمسلم: ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم ويندب جلوسه إذا صعد
المنبر، نص عليه، ليستريح ويتراد إليه نفسه، ويتأهب الناس للاستماع كما تقدم في خطبة الجمعة، وقيل: لا لأن يوم الجمعة للأذان، ولا أذان هنا.
إلا في التكبير مع الخاطب (1)(يستفتح الأولى بتسع تكبيرات) قائمًا نسقًا (2)(والثانية بسبع) تكبيرات كذلك (3) لما روي سعد، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: يكبر الإمام يوم العيد، قبل أن يخطب، تسع تكبيرات، وفي الثانية سبع تكبيرات (4)(يحثهم في) خطبة (الفطر على الصدقة)(5) .
(1) فيكبر معه، صرح به الموفق، وغير واحد.
(2)
وفاقا، والقيام فيهما سنة، فلو خطب قاعدًا أو على راحلة فلا بأس، لأنهما نافلة، أشبهت صلاة التطوع، وروي عن عثمان وعلي والمغيرة أنهم خطبوا على رواحلهم، وقائمًا حال من يستفتح، ونسقًا، أي متتابعات من غير ذكر بينهن يقال: نسقت الدر نسقا، من باب قتل، نظمته ونسقت الكلام عطفت بعضه على بعض، وكلام نسق، على نظام واحد استعارة من الدر.
(3)
ويكون قائمًا حال تكبيره، كسائر أذكار الخطبة.
(4)
قال أحمد: قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، إنه من السنة، وذكره البغوي وغيره عنه، واختار شيخ الإسلام وغيره: يفتتحها بالحمد، لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه افتتح خطبة بغيره، وقال:«كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم» ، وقال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير، وإنما روى ابن ماجه في سننه عن سعد، أنه كان يكثر التكبير أضعاف الخطبة، ويكثر التكبير في خطبتي العيدين، وصوبه شيخ الإسلام.
(5)
أي يحرضهم عليها، وينشطهم على فعلها.
لقوله عليه السلام «أغنوهم بها عن السؤال في هذا اليوم» (1)(ويبين لهم ما يخرجون) جنسًا وقدرًا، والوجوب والوقت (2)(ويرغبهم في) خطبة (الأضحى في الأضحية ويبين لهم حكمها)(3) لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في خطبة الأضحى كثيرًا من أحكامها، من رواية أبي سعيد والبراء وجابر وغيرهم (4)(والتكبيرات الزوائد) سنة (5) .
(1) أي يوم عيد الفطر، وهو المقصود من شرعها، رواه الدارقطني، وغيره.
(2)
فـ جنس كبّر وتمر وقدرًا، صاع ويأتي ويبين لهم من تجب عليه، وهو كل مسلم فضل له عن قوته ما يجب عليه، ومن تدفع إليه، من الفقراء وغيرهم، ويبين لهم وقت الوجوب، والإخراج ونحو ذلك.
(3)
أي ما يجزئ في الأضحية، وما لا يجزئ، وما الأفضل، ووقت الذبح وما يخرجه من الأضحية ويبين لهم فضلها.
(4)
فحديث أبي سعيد في الصحيحين: يعظهم ويوصيهم ويأمرهم وكذا حديث البراء «من صلى صلاتنا ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له» ، وذكر قصة شاة أبي بردة بن نيار، وحديث جابر: خطب الناس وفيه: ثم أتى النساء فوعظهن، وغير ذلك من الأحاديث وعن زيد بن أرقم: قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: «سنة أبيكم إبراهيم» قالوا: فما لنا فيها؟ قال: «بكل شعرة حسنة» ، قال الحاكم: صحيح الإسناد.
(5)
وفاقا: لا تبطل الصلاة بتركها عمدا ولا سهوا، قال الشارح: بغير خلاف علمناه.
(والذكر بينها) أي بين التكبيرات سنة (1) ولا يسن بعد التكبيرة الأخيرة في الركعتين (2)(والخطبتان سنة)(3) لما روى عطاء عن عبد الله بن السائب قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة، قال:«إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب» رواه ابن ماجه، وإسناده ثقات (4) ولو وجبت لوجب حضورها واستماعها (5) والسنة لمن حضر العيد من النساء حضور الخطبة (6) .
(1) وفاقا، لأنه ذكر مشروع بين التحريمة والقراءة، أشبه دعاء الاستفتاح فلا سجود لتركه.
(2)
لعدم وروده، ولأنه إنما يليها القراءة.
(3)
لا يجب حضورهما ولا استماعهما قال غير واحد: اتفق الموجبون لصلاة العيد وغيرهم على عدم وجوب خطبته، ولا نعلم قائلا بوجوبها، قال الموفق: إنما أخرت الخطبة عن الصلاة والله أعلم، لأنها لما لم تكن واجبة جعلت في وقت يتمكن من أراد تركها من تركها.
(4)
ورواه أبو داود والنسائي، وقالا: مرسل، وقال ابن معين: غلط، الفضل ابن موسى في إسناده، وإنما هو عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(5)
كخطبة الجمعة، فإنها واجبة إجماعًا وأما خطبة العيد فغير واجبة إجماعًا، وقال ابن مفلح: عدم الوجوب محمول على كمال الإنصات، وإلا فتركه بالكلية، والتشاغل باللغو غير جائز وفاقًا.
(6)
لعموم «ليشهدن الخير ودعوة المسلمين» وأن نخرج فيهما الحيض والعتق.
وأن يفردن بموعظة، إذا لم يسمعن خطبة الرجال (1) (ويكره التنفل) وقضاء فائتة (قبل الصلاة) أي صلاة العيد (وبعدها في موضعها) قبل مفارقته (2) لقول ابن عباس: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد، فصلى ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما، متفق عليه (3)(ويسن لمن فاتته) صلاة العيد (4) .
(1) لأنه عليه الصلاة والسلام حيث رأى أنه لم يسمع النساء، أتاهن فوعظهن وحثهن على الصدقة، فدل على استحبابه في حقهن، لفعله المتفق عليه، من حديث جابر وغيره، وفيه: فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكرهن وفي الصحيح فلما فرغ نزل، فأتى النساء، الحديث وكان عمر يخرج من استطاع من أهله في العيدين ويفردن بضم أوله وفتح ثالثه.
(2)
أي موضع الصلاة، لئلا يتوهم أن لها راتبة قبلها أو بعدها، نص عليه، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، واتباعًا للسنة، وجماعة الصحابة، إمامًا كان أو مأمومًا في صحراء أو في مسجد.
(3)
وقال أحمد: أهل المدينة لا يتطوعون قبلها ولا بعدها وقال الزهري: لم أسمع أحدًا من علمائنا يذكر أن أحَدا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها، ولئلا يقتدى بالمتنفل قبلها أو بعدها، أو قاضي الفائتة، وكان ابن مسعود وحذيفة ينهيان الناس عن الصلاة قبلها، فإن خرج فصلى في منزله، أو عاد للمصلى فصلى فيه فلا بأس، لما روى أحمد وغيره أنه صلى الله عليه وسلم إذا رجع إلى منزله صلى ركعتين.
(4)
قضاؤها على صفتها، بأن يصليها ركعتين بتكبيراتها الزوائد استحبابا لأن القضاء يحكي الأداء، لكن لا يخطب، وإنما صح قضاؤها وحده، لأن الأولى يسقط بها الفرض، فسومح فيها ما لا يتسامح في الجمعة من استحباب كونها على صفة الأولى.
(أو) فاته (بعضها (1) قضاؤها) في يومها، قبل الزوال، أو بعده (على صفتها) لفعل أنس (2) وكسائر الصلوات (3)(ويسن التكبير المطلق) أي الذي لم يقيد بأدبار الصلوات (4) وإظهاره وجهر غير أنثى به (5) .
(1) أي بعض صلاة العيد، سن له قضاؤه على صفته بلا نزاع، قاله الزركشي وغيره، لعموم «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» فإذا فاتته ركعة مع الإمام أضاف إليها أخرى، وكبر خمسًا، على أن ما أدرك أول صلاته وتقدم وإن أدرك أقل، أتمها على صفتها، بتكبيراتها الزوائد، وإن أدركه بعد التكبير الزائد، أو بعضه أو ذكره قبل الركوع لم يأت به، وإن أدركه في الخطبة جلس فسمعها ثم صلاها متى شاء.
(2)
وهو أنه رضي الله عنه إذا لم يشهدها مع الإمام في البصرة، جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه، فصلى بهم ركعتين، يكبر فيهما ولحديث «من فاتته صلاة العيد فليصل أخرى» رواه الأثرم.
(3)
أي وكما تقضي سائر الصلوات ولو كان منفردا لأنها صارت تطوعا لا اجتماع فيها.
(4)
أي المكتوبات ويأتي، والتقييد التعيين، خلاف الإطلاق.
(5)
أي ويسن إظهار التكبير المطلق، في حق كل من كان من أهل الصلاة، من مميز وبالغ، حر أو عبد، مسافر أو مقيم، ذكر أو أنثى من أهل القرى والأمصار، حكاه النووي وغيره إجماعا، ويسن جهر الكل به، غير أنثى فتخفيه لعموم قوله:{وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحيض «وليكبرن مع الناس» .
(في ليلتي العيدين)(1) في البيوت والأسواق، والمساجد وغيرها (2) ويجهر به في الخروج إلى المصلى، إلى فراغ الإمام من خطبته (3)(و) التكبير (في) عيد (فطر آكد) لقوله تعالى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ} (4) .
(1) قال شيخ الإسلام: مشروع في عيد الأضحى بالاتفاق، وكذلك هو مشروع في عيد الفطر، عند مالك والشافعي وأحمد، وذكره الطحاوي مذهبَا لأبي حنيفة، وقال داود هو واجب في عيد الفطر لظاهر الآية.
(2)
في كل موضع يجوز فيه ذكر الله، قال أحمد: كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعا، ويتأكد في ليلتي العيدين، وفي الخروج إليهما لاتفاق الآثار عليه.
(3)
لما أخرجه الدارقطني وغيره، عن ابن عمر، أنه كان إذا غدا يوم الفطر، ويوم الأضحى يجهر بالتكبير، حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام وقال ابن أبي موسى: يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهرًا حتى يأتي الإمام المصلى، فيكبر الناس بتكبير الإمام في خطبته، وينصتون فيما سوى ذلك، وعليه عمل الناس، وفي الصحيح: كنا نؤمر بإخراج الحيض، فيكبرن بتكبيرهم ولمسلم: يكبرن مع الناس، وهو مستحب عند العلماء كافة لما فيه من إظهار شعائر الإسلام، وتذكير الغير، وقال شيخ الإسلام: ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد، وهذا باتفاق الأئمة اهـ ثم إذا فرغت الخطبة يقطع التكبير المطلق، لانتهاء وقته.
(4)
أي (تكملوا) عدة رمضان (ولتكبروا الله) عند كماله على ما هداكم#
قال الشيخ: والتكبير فيه أوكد، من حيث أن الله أمر به، وهو في النحر أوكد واختاره ونصره بأدلة منها أن يشرع أدبار الصلوات، وأنه متفق عليه، وأنه يجتمع فيه المكان والزمان، وأن عيد النحر أفضل من عيد الفطر، ولا يكبر فيه أدبار الصلوات، وغير ذلك وما جاء من أن الله أمر به، لا يقتضي أوكديته على عيد النحر.
(و) يسن التكبير المطلق أيضا (في كل عشر ذي الحجة)(1) ولو لم ير بهيمة الأنعام (2)(و) يسن التكبير (المقيد عقب كل فريضة في جماعة) في الأضحى (3) لأن ابن عمر كان لا يكبر إذا صلى وحده (4) .
(1) من ابتداء العشر، إلى فراغ الخطبة، قال البخاري: وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر، يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما والعشر هي الأيام المعلومات، والأيام المعدودات أيام التشريق، وهي ثلاث بعد يوم النحر وتأتي، ويستحب الاجتهاد في عمل الخير أيام العشر، من الذكر والصيام والصدقة وسائر أعمال البر، للأخبار.
(2)
وقال الموفق والشارح: ويستحب إذا رآها.
(3)
خاصة، لا في الفطر، قال الزركشي، بالإجماع الثابت بنقل الخلف عن السلف، ومفهومه لا يكبر عقب النوافل، وهو المذهب وفاقا، ومسافر ومميز كمقيم وبالغ في التكبير، عقب المكتوبة جماعة، للعمومات ويكره الفصل بينه وبين الفريضة، صرح به ابن نصر الله.
(4)
قيل لأحمد: تذهب إلى فعل ابن عمر، أنه لا يكبر إذا صلى وحده؟ قال: نعم، وقال: هو أعلى شيء في الباب، وقال الشارح: ولنا أن قول ابن مسعود، وفعل ابن عمر، ولا مخالف لهما.
وقال ابن مسعود: إنما التكبير على من صلى في جماعة رواه ابن المنذر (1) فيلتفت الإمام إلى المأمومين، ثم يكبر، لفعله عليه السلام (2)«من صلاة الفجر يوم عرفة» (3) روي عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم (4) .
(1) ورواه غيره من أهل الحديث وقال الموفق: ولنا أنه قول ابن مسعود: وفعل ابن عمر: ولا مخالف لهما في الصحابة فكان إجماعًا ولأنه ذكر مختص بوقت العيد، فأشبه الخطبة، وعنه: يكبر نظرا لإطلاق الآية والأحاديث وهو مذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء.
(2)
رواه الدارقطني وابن أبي شيبة، وغيرهما، من حديث جابر، أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة، يقول:«الله أكبر» ، إلخ من حديث علي وعمار، من صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر، آخر أيام التشريق.
(3)
إلى عصر آخر أيام التشريق، إن كان محلا، قال جمع، وعليه عمل الناس في الأمصار، وسنة ماضية، نقلها أهل العلم، وأجمعوا عليها، واستمر عملهم عليها، وعرفات المشعر المعروف، اسم بلفظ الجمع فلا يجمع.
(4)
رواها ابن أبي شيبة وغيره، والحاكم عن علي وعمار مرفوعًا، والدارقطني عن جابر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في صلاة الفجر يوم عرفة، إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، حين يسلم من المكتوبات، وفي لفظ: كان إذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه فيقول: «مكانكم» ويقول: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» ، فإن قيل: مداره على جابر بن زيد الجعفي وهو ضعيف قيل: روى عنه شعبة والثوري ووثقاه، وناهيك بهما، وقال أحمد: لم يتكلم في جابر في حديثه، إنما تكلم فيه لرأيه على أنه ليس في المسألة حديث مرفوع أقوى إسنادا منه ليترك من أجله وقيل له بأي حديث تذهب في ذلك؟ قال: بالإجماع عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود، ولأن الله تعالى يقول:{وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} وهي أيام التشريق، فيتعين الذكر في جميعها.
وقال النووي: هو الراجح، وعليه العمل في الأمصار، وقال شيخ الإسلام: أصح الأقوال في التكبير، الذي عليه جمهور السلف والفقهاء، من الصحابة والأئمة، أن يكبر من فجر يوم عرفة، إلى آخر أيام التشريق، عقب كل صلاة، لما في السنن «يوم عرفة ويوم النحر، وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب، وذكر لله» ، ولما رواه الدارقطني عن جابر، ولأنه إجماع من أكابر الصحابة وقال ابن كثير وغيره: هو أشهر الأقوال الذي عليه العمل.
(وللمحرم من صلاة الظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق)(1) لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية (2) .
(1) سواء كان محرما أو محلا، وكون المحرم يكبر من صلاة الظهر يوم النحر، لأن التلبية تقطع برمي جمرة العقبة، ووقته المسنون ضحى يوم العيد، فكان المحرم فيه كالمحل فلو رمى جمرة العقبة قبل الفجر فكذلك حملا على الغالب، يؤيده أنه لو أخر الرمي حتى صلى الظهر، اجتمع في حقه التكبير والتلبية، فيبدأ بالتكبير لأن مثله مشروع في الصلاة، فهو بها أشبه، ويؤخذ منه تقديمه على الاستغفار والتهليل والتسبيح، وهو الذي عليه عمل الناس، وتكبير المحل، عقب ثلاث وعشرين فريضة، والمحرم عقب سبع عشرة، وأيام التشريق حادي عشر، وثاني عشر، وثالث عشر ذي الحجة سميت بذلك من تشريق اللحم، أي تقديده، أو من قولهم: أشرق ثبير، أو لأن الهدي لا يذبح حتى تشرق الشمس، والمغيا لا يدخل في الغاية إلا في ثلاث، المرفقين والكعبين في الغسل، وعصر آخر أيام التشريق في التكبير المقيد.
(2)
وأول صلاة بعد قطع التلبية الظهر، ولو رمى قبل الفجر كبر عقبه.
والجهر به مسنون إلا للمرأة (1) وتأتي به كالذكر عقب الصلاة، قدمه في المبدع (2) وإذا فاتته صلاة من عامة فقضاها فيها (3) جماعة كبر لبقاء وقت التكبير (4)(وإن نسيه) أي التكبير (قضاه) مكانه (5) فإن قام أو ذهب عاد فجلس (6)(ما لم يحدث، أو يخرج من المسجد) أو يطل الفصل لأنه سنة فات محلها (7) .
(1) فتخفيه لئلا يسمعها الرجال.
(2)
يعني إذا صلت في جماعة مع رجال، ولا تجهر به مطلقا قال البخاري: كان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق، مع الرجال في المسجد.
(3)
أي في هذه الأيام التي يسن فيها التكبير.
(4)
يعني إذا قضى فريضة، في أيام التكبير المقيد، من صلاة عامة الذي هو إذ ذاك فيه، فإنه يسن التكبير إذا صلاها جماعة، لأنها فريضة، فعلت في تلك الأيام، وصوب في تصحيح الفروع أنه تبع للصلاة في حكم المقضي، أي فليكبر.
(5)
ولو بعد كلامه، ما لم يطل الفصل عرفًا.
(6)
أي فإن قام من مكانه الذي صلى فيه، أو ذهب عنه، ناسيًا أو عامدًا عاد إليه، فجلس ثم كبر، لأن فعله جالسًا في مصلاه سنة، فلا تترك مع إمكانها وإن قضاه ماشيًا فلا بأس.
(7)
أما الحدث فإنه مبطل للصلاة، والذكر تابع لها، وقال الموفق وغيره: الأولى أن يكبر، لأنه ذكر منفرد، فلا تشترط له الطهارة اهـ وأما الخروج من المسجد فلأن المسجد مختص بالصلاة، وقال الشافعي: يكبر، واختاره الموفق والشيخ، ولأنه ذكر بعد الصلاة فاستحب وإن خرج كالدعاء وأما طول الفصل فيفوت به محله، أشبه سجود السهو فلا يقضيه إذا.
ويكبر المأموم إذا نسيه الإمام (1) والمسبوق إذا قضى، كالذكر والدعاء (2)(ولا يسن) التكبير (عقب صلاة عيد) لأن الأثر إنما جاء في المكتوبات (3) ولا عقب نافلة، ولا فريضة صلاها منفردا لما تقدم (4)(وصفته) أي التكبير (شفعًا (5) الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد) (6) لأنه عليه السلام كان يقول كذلك رواه الدراقطني (7) .
(1) ليحوز الفضيلة كالتأمين.
(2)
أي يأتي بالتكبير كما يأتي بالذكر والدعاء لأنه ذكر مسنون بعد الصلاة فاستوى فيه المسبوق وغيره كالذكر قال الشارح وغيره: هو قول أكثر أهل العلم.
(3)
قاله أبو الخطاب، والوجه الثاني: يكبر قال القاضي: هو ظاهر كلام أحمد، واختاره أبو بكر والموفق والشارح، لأنها صلاة مفروضة في جماعة وأخص بالعيد فكانت أحق بتكبيره.
(4)
يعني من قول ابن مسعود، وكذا من فعل ابن عمر، وأقوال الأئمة في النافلة، وأعاده لما استثنى الماتن صلاة العيد، رفعا للإيهام.
(5)
أي لا وترا، بل يقرن التكبيرة بأخرى، و (شفع العدد) يشفعه صيره شفعًا، أي أضاف إلى الواحد ثانيًا.
(6)
لما تقدم، وقال الشيخ: صفة التكبير المنقول عن أكثر الصحابة، وقد روي مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر إلخ وتقدم.
(7)
عن جابر: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح، من غداة عرفة، أقبل على أصحابه فيقول «مكانكم» فيقول:«الله أكبر» وتقدم.