الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في الكلام على السجود للنقص
(1)
(ومن ترك ركنا) فإن كان التحريمة لم تنعقد صلاته (2) وإن كان غيرها (فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت) الركعة التي تركه منها (3) وقامت الركعة التي تليها مقامها (4) .
(1) أي: في الصلاة والشك في بعض صوره وغير ذلك، وهذا القسم الثاني مما يشرع له السجود.
(2)
وكذا النية على القول بركنيتها وغيرهما من الأركان، ويجب تداركه ولا يغني عنه سجود السهو، لتوقف وجوه الماهية عليه، وإنما يشرع السجود للسهو.
(3)
أي: وإن كان المتروك ركنا غير التحريمة كركوع أو سجود أو رفع من أحدهما، أو طمأنينة فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى، وعين القراءة دون القيام، لأن القيام مقصود لها لا لذاته، وإلا فهو سابق عليها، وبطلت أي لغت الركعة التي ترك الركن منها، ولم يحتسب بها من عدد الركعات نص عليه، لأنه ترك ركنا ولم يمكنه استدراكه لتلبسه بالركعة التي بعدها، ولو قال: لغت لكان أحسن، وليس المراد بقوله: بطلت، البطلان الحقيقي، لأن العبادة إذا حكم عليها بالبطلان حكم عليها كلها به، قال الشيخ: جاءت السنة بثوابه على ما فعله، وعقابه على ما تركه، ولو كان باطلاً كعدمه لم يجبر بالنوافل شيء، والباطل في عرف الفقهاء ضد الصحيح في عرفهم، وهو ما أبرأ الذمة لا بمعنى أنه لا يثاب عليها شيئا في الآخرة.
(4)
فتكون الثانية أولته والثالثة ثانية، والرابعة ثالثة، ويأتي بركعة، وكذا القول في الثانية، والثالثة، ولا يبطل ما مضى من الركعات قبل المتروك ركنها، حكاه المجد إجماعًا.
ويجزئه الاستفتاح الأول (1) فإن رجع إلى الأولى عالمًا عمدًا بطلت صلاته (2)(و) إن ذكر ما تركه (قبله) أي قبل الشروع في قراءة الأخرى (يعود وجوبا فيأتي به) أي بالمتروك (3)(وبما بعده)(4) لأن الركن لا يسقط بالسهو، وما بعده قد أتى به في غير محله (5) فإن لم يعد عمدًا بطلت صلاته (6) .
(1) نص عليه في رواية الأثرم.
(2)
أي: فإن رجع من ترك ركنًا إليه بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى، عالمًا بتحريم الرجوع، عامدًا بطلت صلاته لأن رجوعه بعد شروعه في مقصود القيام وهو القراءة إلغاء لكل من الركعتين، وإن رجع ناسيًا أو جاهلاً لم تبطل، ولم يعتد بما يفعله في الركعة التي تركه منها، لأنها فسدت بشروعه في قراءة غيرها، فلم تعد إلى الصحة بحال.
(3)
لكون القيام غير مقصود في نفسه، لأنه يلزم منه قدر القراءة الواجبة، وهي المقصودة، ولأنه ذكره في موضعه كما لو ترك سجدة من الركعة الأخيرة فذكرها قبل السلام، فإنه يأتي بها في الحال.
(4)
أي ويأتي بما بعد المتروك من الأركان والواجبات لوجوب الترتيب.
(5)
لأن محله بعد الركن المنسي، فلو ذكر الركوع وقد جلس عاد فأتى به وبما بعده، وإن سجد سجدة ثم قام، فإن جلس للفصل سجد الثانية ولم يجلس، وإلا جلس ثم سجد الثانية.
(6)
أي: فإن لم يعد إلى الركن المتروك من ذكره قبل شروعه في قراءة الأخرى عالما بالتحريم عمدًا بطلت صلاته، قال في الإنصاف، بلا خلاف أعلمه، لأنه ترك كرنًا يمكنه الإتيان به في محله عمدا.
وسهوًا بطلت الركعة، والتي تليها عوضها (1)(وإن علم) المتروك (بعد السلام فكترك ركعة كاملة)(2) فيأتي بركعة ويسجد للسهو ما لم يطل الفصل (3) ما لم يكن المتروك تشهد أخيرًا (4) أو سلاما فيأتي به ويسجد ويسلم (5) ومن ذكر ترك ركن وجهله أو محله عمل بالأحوط (6) وإن نسي التشهد الأول، وحده أو مع الجلوس له (7) .
(1) أي: وإن لم يعد سهوا أو جهلا بطلت الركعة المتروك ركنها بشروعه في قراءة ما بعدها، والتي تليها عوضها، وكذا الثانية كما تقدم، والجهل والنسيان في هذه المسألة والتي قبلها واحد، وهو أنه يعذر في كل منهما في عدم البطلان.
(2)
لأن الركعة التي لغت بتركه ركنها غير معتد بها، فوجودها كعدمها.
(3)
عرفًا وفاقًا، ولو انحرف عن القبلة، أو خرج من المسجد، نص عليه، وإن طال الفصل، أو أحدث أو تكلم بما يبطلها بطلت، لفوات الموالاة.
(4)
فيأتي به ويسجد ويسلم.
(5)
ولا يكون كترك ركعة.
(6)
أي: ومن ذكر أنه ترك ركنا وجهله هل هو ركوع أو سجود؟ فالأحوط أن يجعله ركوعا ليأتي به وبما بعده، أو محله، وهو ما إذا تيقن ترك ركن وجهل هل هو في الركعة الأولى أو الثانية؟ فالأحوط أن يجعله من الأولى ليلغيها وتقوم الثانية مقامها، وكذا كل ما تيقن إتمام صلاته، لئلا يخرج منها وهو شاك فيها، ولأبي داود «لا إغرار في صلاة» ، قال أحمد: لا يخرج منها إلا على يقين أنها تمت.
(7)
بأن جلس ولم يتشهد، أو لم يجلس ولم يتشهد سجد للسهو، لما في الصحيحين أنه قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم.
(ونهض) للقيام (لزمه الرجوع) إليه (1)(ما لم ينتصب قائما (2) فإن استتم قائما كره رجوعه) (3) لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس، فإن استتم قائما فلا يجلس، وليسجد سجدتين» رواه أبو داود وابن ماجه من حديث المغيرة بن شعبة (4) .
(1) أي: إلى التشهد والإتيان به جالسا، لتدارك الواجب، ويتابعه مأموم ولو اعتدل.
(2)
لأنه أخل بواجب وذكره قبل الشروع في ركن، فلزمه الإتيان به كما لو لم تفارق ركبتاه الأرض، قال في الإنصاف: لا أعلم فيه خلافا، فإن لم يرجع عالمًا تحريمه بطلت في ظاهر كلامهم، وإن فارقت أليتاه عقبيه لزمه السجود للسهو، وإلا فلا.
(3)
أي إذا بلغ حده الذي ينتهي إليه في القيام، بخلاف ما إذا لم يصل إلى ذلك لقلة ما فعله، وإنما جاز رجوعه لأنه لم يتلبس بركن مقصود في نفسه، ولهذا جاز تركه عند العجز عنه، بخلاف غيره من الأركان.
(4)
من حديث الجعفي، ورواه أحمد والترمذي وصححه عن زياد بن علاقة، قال: صلى بنا المغيرة فنهض في الركعتين.
فقلت: سبحان الله سبحان الله، ومضى، فلما أتى صلاته وسلم سجد سجدتي السهو، فلما انصرف قال: رأيت رسول الله عليه وسلم يصنع كما صنعت، وللحاكم نحوه من رواية سعد بن أبي وقاص ومن رواية عقبة بن عامر، وقال: هما صحيحان على شرط مسلم، قال أبو داود: وفعل سعد بن أبي وقاص مثل ما فعل المغيرة، وعمران بن حصين والضحاك بن قيس ومعاوية بن أبي سفيان، وابن عباس أفتى بذلك، وعمر بن عبد العزيز قال: وهذا فيمن قام من ثنتين يعني من غير تشهد وجلوس، وروى البيهقي وغيره عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم تحرك للقيام في الركعتين الأخيرتين من العصر فسبحوا به فقعد، ثم سجد للسهو، قال الحافظ: رجاله ثقات، وقال بعض أهل العلم: لا يسجد للحديث الصحيح «لا سهو في وثبه من الصلاة إلا قيام عن جلوس، أو جلوس عن قيام» ، وهو مذهب أبي حنيفة، وصححه النووي وغيره: وانتصب أي ارتفع ويقال إذا قام رافعًا رأسه.
(وإن لم ينتصب قائمًا لزمه الرجوع) مكرر مع قوله: لزمه الرجوع ما لم ينتصب قائمًا (1)(وإن شرع في القراءة حرم) عليه (الرجوع)(2) لأن القراءة ركن مقصود في نفسه بخلاف القيام (3) فإن رجع عالمًا عمدًا بطلت صلاته (4) .
(1) لأن المعنى واحد.
(2)
وفاقا لظاهر النهي، فإن في حديث المغيرة وغيره حجة قاطعة، مع أن من استتم قائما لا يجلس، لتلبسه بفرض فلا يقطعه، وكما لا يرجع إذا شرع في الركوع وكل ذكر واجب.
(3)
فليس مقصودا في نفسه بل لغيره، ومن لم يحسن من الذكر شيئا وقف بقدر الفاتحة.
(4)
لزيادته فعلاً من جنسها، عالماً بتحريمه ذاكرا، أنه في صلاة، رواية واحدة، قطع به الموفق وغيره، أشبه ما لو زاد ركوعًا، ولا يلزمه الرجوع إن سبحوا به بعد قيامه، وإن سبحوا به قبل قيامه ولم يرجع تشهدوا لأنسفهم، ولم يتابعوه لتركه واجبا وإن رجع قبل شروعه في القراءة لزمهم متابعته، ولو شرعوا فيها، لا إن رجع بعد لخطئه، وينوون مفارقته وجوبا، وإلا بأن تابعوه بطلت صلاتهم وصلاته، هذا إن كان عالما بأن نبهوه على عدم الرجوع بخلاف ما إذا جهل وجهلوا.
لا ناسيا أو جاهلا (1) ويلزم المأموم متابعته (2) وكذا كل واجب (3) فيرجع إلى تسبيح ركوع وسجود قبل اعتدال لا بعده (4)(وعليه السجود) أي سجود السهو للكل أي كل ما تقدم (5)(ومن شك في عدد الركعات) بأن تردد أصلى اثنتين أم ثلاثا مثلا؟ أخذ بالأقل لأنه المتيقن (6) .
(1) أي: لا إن رجع بعد شروعه في القراءة ناسيًا أو جاهلاً فلا تبطل، ولم يعتد بتلك الركعة التي رجع إليها لحديث «عفي عن أمتي الخطأ والنسيان» وجهله يكثر، ولا يمكن تكليف أحد تعلمه، ومتى علم صحة ذلك وهو في التشهد نهض ولم يتمه.
(2)
أي متابعة الإمام في قيامه إذا قام ناسيًا التشهد الأول ولم ينبه حتى شرع في القراءة أو بعد أن استتم لحديث «إنما جعل الإمام ليؤتم به» ، ولأنه عليه الصلاة والسلام لما قام من التشهد قام الناس معه، ولحديث المغيرة، وحديث ابن بحينة لما قام سبحوا به، فأشار إليهم أن قوموا، وفعله جماعة من الصحابة، ومتى مضى مصل في موضع يلزمه الرجوع، أو رجع في موضع يلزمه المضي، عالما بتحريمه بطلت، كترك الواجب عمدًا، وإن فعله يعتقد جوازه لم تبطل، كترك الواجب سهوا.
(3)
أي: وكترك تشهد أول ناسيًا ترك كل واجب سهوا.
(4)
أي لا يرجع إلى تسبيح ركوع وسجود بعد الاعتدال، لأن محل التسبيح ركن وقع مجزئًا صحيحًا، ولو رجع إليه كان زيادة في الصلاة، فإن رجع بعد اعتداله عالماً بالتحريم عمدًا بطلت صلاته، لا ناسيًا أو جاهلاً.
(5)
من الصور المذكورة لحديث المغيرة وغيره، فإن فيه حجة قاطعة على أن من قام من ثنتين ولم يجلس ولم يتشهد عليه أن يسجد سجدتي السهو، والسجود في هذه الصورة لا نزاع فيه.
(6)
إشارة إلى أنه لا اقتصار على ما مثل فلو تردد أصلي ثلاثا أم أربعا؟ أخذ
بالأقل وهو الثلاث ونحو ذلك وكذلك السجدات وفاقا لمالك والشافعي لحديث عبد الرحمن بن عوف، «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة أو اثنتين فليجعلهما واحدة، وإن لم يدر ثنتين أو ثلاثا؟ فليجعلهما ثنتين» الحديث رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه، ولحديث أبي سعيد قال:«إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن صلاته، وإذا كان صلى تمام الأربع كان ترغيما للشيطان» ، رواه مسلم،، ولأن الأصل عدم ما شك فيه.
وقال النووي: من شك ولم يترجح له أحد الطرفين بين على الأقل بالإجماع بخلاف من غلب على ظنه أنه صلى أربعا مثلا اهـ وعنه يبني على غالب ظنه، اختاره الخرقي والشيخ وغيرهما، وقال: على هذا غالب أمور الشرع، وهي المشهورة عن أحمد وروي عن علي وغيره، وهو مذهب أصحاب الرأي، لما في الصحيحين عن ابن مسعود «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم يسجد سجدتين» وللبخاري «بعد التسليم» وفي لفظ «فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب» ، وفي رواية فليتحر «أوفي الذي يرى أنه الصواب» رواه أبو داود، وقال أبو الفرج: التحري سائغ في الأقوال والأفعال اهـ ويحمل ما تقدم على استواء الأمرين، فإنه لا خلاف إذا في البناء على اليقين، والسجود للشك هو القسم الثالث مما يشرع له السجود في بعض صوره.
ولا فرق بين الإمام والمنفرد (1) ولا يرجع مأموم واحد إلى فعل إمامه (2) .
(1) وعنه يبني الإمام على غالب ظنه، إن كان المأموم أكثر من واحد، لأنه يبعد غلطه، إذ وراءه من ينبهه، فمتى سكتوا عنه علم أنه على الصواب، فهو أولى بالبناء على غالب ظنه من المنفرد.
(2)
لاحتمال السهو منه، بل يبني على اليقين كالمنفرد.
فإذا سلم إمامه أتى بما شك فيه وسجد وسلم (1) وإن شك هل دخل معه في الأولى أو في الثانية؟ جعله في الثانية، لأنه المتيقن (2) وإن شك من أدرك الإمام راكعا أرفع الإمام رأسه قبل إدراكه راكعا أم لا؟ لم يعتد بتلك الركعة، لأنه شاك في إدراكها (3) ويسجد للسهو (4)(وإن شك) المصلي (في ترك ركن فكتركه) أي فكما لو تركه، يأتي به وبما بعده (5) .
(1) أي أتى بما شك فيه مع إمامه ليخرج من الصلاة بيقين، وسجد للسهو وسلم، ليجبر ما فعله مع الشك، وإن كان معه غيره وشك رجع إلى فعل إمامه، لأنه يبعد خطأ اثنين وإصابة واحد، وهذا التفريع على المذهب، وتقدم أنه يبني على غالب ظنه، وقال في المبدع، وأما المأموم فيتبع إمامه مع عدم الجزم بخطئه. وإن جزم بخطئه لم يتبعه ولم يسلم قبله.
(2)
وتقدم أنه قول الجمهور، ويقضي ركعة إذا سلم إمامه احتياطا ويسجد للسهو.
(3)
فيأتي ببدلها لاحتمال رفعه من الركوع قبل إدراكه فيه محرما به بعده.
(4)
لخبر «إذ شك أحدكم في صلاته فليسجد سجدتين» الحديث متفق عليه وليجبر ما فعله مع الشك، فإن نقص في المعنى.
(5)
لأن الأصل عدمه، وليخرج منها بيقين، وقال ابن تميم وغيره، لو جهل عين الركن المتروك بنى على الأحوط، فإن شك في القراءة والركوع جعله قراءة وإن شك في الركوع والسجود جعله ركوعا، والوجه الثاني يتحرى ويعمل بغلبة الظن في ترك الركن كالركعة وتقدم.
إن لم يكن شرع في قراءة التي بعدها (1) فإن شرع في قراءتها صارت بدلا عنها (2)(ولا يسجد) للسهو (لشكه في ترك واجب) كتسبيح ركوع ونحوه (3)(أو) لشكه في (زيادة)(4) إلا إذا شك في الزيادة وقت فعلها (5) لأنه شك في سبب وجوب السجود والأصل عدمه (6) .
(1) يعني في قراءة الركعة التي بعدها.
(2)
ولغت التي قبلها.
(3)
كتسبيح سجود وقول رب اغفر لي، لأنه شك في سبب وجوب السجود للسهو والأصل عدمه.
(4)
بأن شك هل زاد ركوعا أو سجودا، أو شك في تشهده الأخير؟ هل صلى أربعا أو خمسا ونحوه؟، لأن الأصل عدم الزيادة، فلحق بالمعدوم يقينا، ولو أحرم بالعشاء ثم سلم من ركعتين يظنهما من التراويح، أو سلم من ركعتين من ظهر يظن أنها جمعة أو فجر فاتته ثم ذكر أعاد فرضه ولم يبن نص عليه، لأنه قطع نية الأولى باعتقاده أنه في أخرى، وعلمه لها ينافي الأولى، بخلاف ما لو ذكر قبل أن يعمل ما ينافيها، ومن سجد لشك ظنا أنه يسجد له ثم تبين له أنه لم يكن عليه سجود سجد وجوبا، لكونه زاد سجدتين غير مشروعتين، ومن عليه سجود ولم يعلم أيسجد له أم لا؟ لم يسجد له، لأنه لم يتحقق سببه، والأصل عدمه، ومن شك هل سجد لسهوه أو لا؟ سجد.
(5)
كأن ركع أو سجد فشك وهو في نفس الركوع أو السجود هل هو زائد أولا؟ فيسجد.
(6)
بخلاف ما لو كان قائما مثلا فشك هل زاد ركوعا أو سجودًا؟ فلا يسجد.
فإن شك في أثناء الركعة الأخيرة أهي رابعة أم خامسة؟ سجد، لأنه أدى جزءا من صلاته مترددا في كونه منها (1) وذلك يضعف النية (2) ومن شك في عدد الركعات، وبنى على اليقين، ثم زال شكه، وعلم أنه مصيب فيما فعله لم يسجد (3)(ولا سجود على مأموم) دخل مع الإمام من أول الصلاة (إلا تبعًا لإمامه) إن سهي على الإمام فيتابعه (4) وإن لم يتم ما عليه من تشهد ثم يتمه (5) .
(1) أو زائدًا عليها.
(2)
فاحتاج للجبر بالسجود، ومفهومه أنه إن شك في التشهد الأخير أهي رابعة أم خامسة؟ لم يجب عليه سجود.
(3)
إمامًا كان أو غيره لزوال موجب السجود، صححه في الإنصاف وغيره.
(4)
ولو لم يسه، حكاه ابن المنذر وغيره إجماعا في الصورتين، لحديث ابن عمر مرفوعا «ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه» رواه الدراقطني، وصح عنه عليه الصلاة والسلام «أنه لما سجد لترك التشهد الأول والسلام من نقصان، سجد الناس معه ولعموم «وإذا سجد فاسجدوا» فيسجد مأموم متابعة لإمامه.
(5)
بعد سلام إمامه، لحديث «وإذا سجد فاسجدوا» ولا يعيد السجود لأنه لم ينفرد عن إمامه، ولو كان المأموم مسبوقا وسها الإمام فيما لم يدركه المسبوق فيه فيسجد معه متابعة له وكذا لو أدركه فيما لم يعتد له به.
فإن قام بعد سلام إمامه رجع، فسجد معه (1) ما لم يستتم قائما فيكره له الرجوع (2) أو يشرع في القراءة فيحرم (3) ويسجد مسبوق سلم معه سهوا (4) ولسهوه مع إمامه (5) أو فيما انفرد به (6) وإن لم يسجد الإمام للسهو سجد مسبوق إذا فرغ (7) .
(1) أي: فإن قام المسبوق بعد سلام إمامه لقضاء ما سبق به ظانًّا عدم سهو إمامه فسجد إمامه، رجع المسبوق وجوبا فسجه معه.
(2)
كمن قام عن التشهد الأول.
(3)
لأنه تلبس بركن مقصود، فلا يرجع إلى واجب، كمن قام عن التشهد يحتذي فيه حذوه وإن أدرك الإمام في آخر سجدتي السهو سجدها معه، فإذا سلم أتى المسبوق بالثانية، ثم قصى ما فاته لعموم «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا» وإن أدركه بعد سجدتي السهو وقبل السلام لم يسجد لسهو إمامه وبعد السلام لا يدخل معه لأنه خرج من الصلاة.
(4)
بعد قضاء ما فاته لأنه صار منفردا.
(5)
أي: دون إمامه فيما أدركه معه، ولو فارقه لعذر، وهذا من عطف العام على الخاص، لأن سلامه معه من أفراد سهوه معه، وفائدة ذلك دفع إيهام أن ما كان معه يتحمله قال عثمان: سواء سجد مع الإمام لسهو الإمام أم لا، فإن سجود سهو المسبوق محله بعد سلام الإمام.
(6)
أي: المسبوق إذا سهي عليه فيما يقضيه بعد سلام إمامه، قال في المبدع: رواية واحدة، ولو كان سجد مع الإمام، لأنه لم يتحمله عنه الإمام فيلزمه السجود بعد قضاء ما فاته.
(7)
أي: من قضاء ما فاته، لأن محل سجود السهو آخر الصلاة، وإنما كان يسجد مع الإمام متابعة له.
وغيره بعد إياسه من سجوده (1)(وسجود السهو لما) أي لفعل شيء أو تركه (يبطل) الصلاة (عمده) أي تعمده (2) ومنه اللحن المحيل للمعنى سهوًا أو جهلاً (واجب)(3) لفعله عليه الصلاة والسلام وأمره به في غير حديث (4) والأمر للوجوب (5) .
(1) أي ويسجد غير مسبوق إذا أيس من سجود إمامه وفاقًا لمالك والشافعي، وهذا فيما إذا كان الإمام لا يرى وجوب سجود السهو، أو يراه وتركه سهوا، وإلا بطلت، على القول ببطلانها بترك سجود أفضليته قبل السلام.
(2)
واجب سواء تعمد نقصا كسلام وترك تسبيح ونحوه، أو تعمد زيادة كزيادة ركعة أو ركوع أو سجود ونحوه، أو أتى ببدل ركعة أو ركن شك فيه، لقوله عليه الصلاة والسلام «فليسجد سجدتين» ونحوه من الأحاديث الدالة على الأمر به، ولفعله عليه الصلاة والسلام مما تقدم وغيره، ولأنه جبران يقوم مقام ما يجب فعله أو تركه فكان واجبا.
(3)
لأن عمده يبطل الصلاة، فوجب السجود لسهوه، ولو أعاده صحيحا واختار المجد، لا يجب السجود للحن سهوًا أو جهلاً اهـ وإنما قال: منه لينبه على قوة الخلاف في ذلك.
(4)
منها حديث ابن مسعود وابي سعيد، ولوجوبها على الشاك بغير خلاف، وعنه غير واجب، قال الموفق: ولعل مبناها على أن الواجبات التي شرع السجود لجبرها غير واجبة، فيكون جبرها غير واجب، وفاقًا للشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم.
(5)
لأنه تجرد عن القرينة الصارفة له عما يقتضي خلاف ذلك، وعنه: يشترط السجود لصحة الصلاة قال الوزير: هو المشهور عن أحمد.
وما لا يبطل عمده كترك السنن (1) وزيادة قول مشروع غير السلام في غير موضعه (2) لا يجب له السجود بل يسن في الثاني (3)(وتبطل) الصلاة (بـ) تعمد (ترك سجود) سهو واجب (أفضليته قبل السلام فقط)(4) فلا تبطل بتعمد ترك سجود مسنون (5) ولا واجب محل أفضليته بعد السلام (6) وهو ما إذا سلم قبل إتمامها (7) .
(1) فلا يجب له السجود وتقدم ذكرها.
(2)
كقراءة في ركوع وسجود وتقدم، وأما السلام فيخرج به منها.
(3)
وهو الإتيان بالزيادة بالقول المشروع في غير موضعه غير السلام، وهذا بخلاف ما لو ترك القول المشروع، مثل الاستفتاح أو التعوذ، فلا يسن السجود لتركه بل يباح فقط.
(4)
أي: ندب كونه قبل السلام، فتبطل الصلاة بتعمد تركه، كتعمده ترك واجب من الصلاة، وفاقًا للشافعي، لا إن عزم على فعله بعد السلام فسلم ثم تركه فلا تبطل.
(5)
كترك مسنون، أو زيادة قول مشروع، ولا يكون سجود مسنون محله بعد السلام.
(6)
أي ولا تبطل أيضًا بتعمد ترك سجود سهو واجب محل أفضليته بعد السلام وفاقاً، لأنه خارج عنها فلم يؤثر في إبطالها وإن كان مشروعاً لها، كالأذان لكن يأثم بتعمد تركه ومثله لو أخر السجود الذي أفضليته قبل السلام إلى ما بعده فتركه فلا تبطل.
(7)
أي وسجود السهو الذي محل أفضليته بعد السلام هو ما إذا سلم عن نقص، أو بنى على غالب ظنه اختاره الشيخ.
لأنه خارج عنها، فلم يؤثر في إبطالها (1) وعلم من قوله: أفضليته، أن كونه قبل السلام أو بعده ندب، لورود الأحاديث بكلٍّ من الأمرين (2) .
(1) وظاهره ولو أقل من ركعة، كما هو ظاهر المنتهى وغيره، وقيده في الإقناع بما إذا سلم عن نقص ركعة، ونص عليه أحمد، وهو موجب الدليل فإنه إنما ورد في نقص ركعة أو ركعتين، كقصة ذي اليدين، وحديث عمران بن حصين، وكذا إذا شك في صلاته، لما في الصحيح «فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين بعد التسليم» ولمسلم «بعد السلام والكلام» ، ولأحمد:«فليسجد سجدتين بعد ما يسلم» وصححه ابن خزيمة.
(2)
قال القاضي وغيره: لا خلاف بين جميع أهل العلم في جواز الأمرين أي السجود قبل السلام أو بعده، وقال البيهقي: كذا ذكره بعض الشافعية والمالكية إجماعا، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد للسهو قبل السلام، وروينا أنه سجد بعد السلام، وأنه أمر بذلك، وكلاهما صحيح اهـ، وإنما الخلاف في الأولى والأفضل فلو سجد للكل قبله أو بعده جاز، وقال الشيخ: أظهر الأقوال وهو رواية عن أحمد الفرق بين الزيادة والنقص، وبين الشك مع التحري، والشك مع البناء على اليقين، فإذا كان السجود لنقص، كان قبل السلام لأنه جابر لتتم الصلاة به، وإن كان لزيادة كان بعد السلام، لأنه إرغام للشيطان لئلا يجمع بين زيادتين في الصلاة وكذلك إذا شك وتحرى فإنه أتم صلاته وإنما السجدتان إرغام للشيطان، فتكون بعده،
وكذلك إذا سلم وقد بقي عليه بعض صلاته ثم أكملها وقد أتمها، والسلام فيها زيادة، والسجود في ذلك ترغيم للشيطان وأما إذا شك ولم يبن له الراجح فيعمل هنا على اليقين، فإما أن يكون صلى خمسا أو أربعا فإن كان صلى خمسا، فالسجدتان يشفعان له صلاته، ليكون كأنه صلى ستا لا خمسًا
وهذا إنما يكون قبل السلام، فهذا القول الذي نصرناه يستعمل فيه جميع الأحاديث الواردة في ذلك.
وقال: وما شرع من السجود قبل السلام يجب فعله قبله، وما شرع بعده لا يفعل إلا بعده وجوبا، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد وغيره، وقال أحمد: أنا أقول كل سهو جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد فيه بعد السلام فإنه يسجد فيه بعد السلام، وسائر السهو يسجد فيه قبل السلام، ووجهه والله أعلم أنه من شأن الصلاة فيقضيه قبل السلام، إلا ما خصه الدليل، ويخير المأموم بين السلام معه بنية السجود بعد السلام، وبين الإقامة فإن سجد سجد معه، وإلا وحده، ومن سلم من المأمومين معه، ومن لم يسلم صلاة الكل صحيحة.
(وإن نسيه) أي نسي سجود السهو الذي محله قبل السلام وسلم ثم ذكر (سجد) وجوبًا (إن قرب زمنه)(1) وإن شرع في صلاة أخرى فإذا سلم (2) وإن طال الفصل عرفًا (3) أو أحدث أو خرج من المسجد لم يسجد (4) .
(1) عرفًا ولو انحرف عن القبلة، وتكلم لما تقدم ولما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم:«سجد بعد السلام والكلام» .
(2)
أي قضاه ما لم يطل الفصل عرفًا، لبقاء محله، وقيل بقدر ركعة طويلة، وظاهر كلام الخرقي ما دام في المسجد، واشترط الموفق وغيره لقضائه شرطين أن يكون في المسجد، وأن لا يطول الفصل.
(3)
لم يسجد لأنه لتكميل الصلاة، فلا يأتي به بعد طول، وصلاته صحيحة.
(4)
ولو لم يطل الفصل، لفوات شرط الصلاة بالحدث، ولأن المسجد محل الصلاة فاعتبرت فيه المدة، كخيار المجلس.
وصحت صلاته (1)(ومن سها) في صلاة (مرارا كفاه) لجميع سهوه (سجدتان)(2) ولو اختلف محل السجود (3) ويغلب ما قبل السلام لسبقه (4) وسجود السهو وما يقال فيه، وفي الرفع منه كسجود صلب الصلاة (5) .
(1) لأنه جابر للعبادة، كجبران الحج، فلم تبطل بفواته، وكسائر الواجبات إذا تركها سهوًا، وقال الوزير وغيره، اتفقوا أنه إذا تركه سهوا لم تبطل، وعنه يسجد مطلقاً، أي سواء قصر الفصل أو لا، خرج من المسجد أو لا، اختاره الشيخ وغيره، وجزم به ابن رزين لقصة ذي اليدين.
(2)
إذا لم يختلف محلهما باتفاق أهل العلم.
(3)
أشار إلى خلاف روي فيه عن الأوزاعي وابن أبي ليلى، وفيه وجه فيما إذا كان السهو من جنسين، تعدد السجود له، لأن كل سهو يقتضي سجودا واتفق الأئمة الأربعة على الاكتفاء بسجدتين، لأنه عليه الصلاة والسلام سها فسلم، وتكلم بعد سلامه، وسجد لهما سجودا واحد، ولقوله «وإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين» وقوله بعد السلام، «ولا يلزمه بعد السلام سجودان وكل ذلك يتناول السهو في موضعين فأكثر، وأما حديث «لكل سهو سجدتان» وإن كان فيه مقال فالسهو اسم جنس، ومعناه لكل صلاة فيها سهو سجدتان.
(4)
كأن حصل له سهوان مثلا، بأن زاد في صلاه من جنسها وسلم عن نقص، فيغلب سجودا أفضليته قبل السلام، وإن شك في محل سجوده سجد قبل السلام.
(5)
أي وسجود السهو قبل السلام أو بعده، وما يقال فيه من تكبير وتسبيح، وما يقال بعد رفعه من كـ (رب اغفر لي) ، بين السجدتين، كسجود صلب الصلاة لما
تقدم في حديث أبي هريرة «ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر» ، قال الشيخ: والتكبير لسجود السهو ثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول عامة أهل العلم اهـ ولأنه يطلق في الأخبار، فلو كان غير المعروف، بين وسجود صلب الصلاة هو سجود الصلاة، بخلاف سجود السهو وسجود التلاوة.
فإن سجد قبل السلام أتى به بعد فراغه من التشهد وسلم عقبه (1) وإن أتى به بعد السلام جلس بعده (2) مفترشًا في ثنائية ومتوركا في غيرها (3) وتشهد وجوبا التشهد الأخير، ثم سلم (4) لأنه في حكم المستقل في نفسه (5) .
(1) بلا تشهد إجماعا.
(2)
أي بعد سجود السهو.
(3)
كثلاثية ورباعية تبعا للأصل.
(4)
وفاقًا لمالك وأبي حنيفة، وروي عن ابن مسعود وغيره، لحديث عمران ابن حصين أنه صلى الله عليه وسلم سها فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم، رواه أبو داود والترمذي وحسنه، والقول الثاني يسلم ولا يتشهد، اختاره الشيخ، ومال إليه الموفق والشارح، وهو الذي عليه العمل، كسجوده قبل السلام، ذكره في الخلاف إجماعا، ولأن التشهد لم يذكر في الأحاديث الصحيحة، بل الأحاديث الصحيحة تدل على أنه لا يتشهد.
(5)
من وجه فاحتاج إلى التشهد، كما احتاج إلى السلام إلحاقًا له بما قبله.